نقوس المهدي
كاتب
يلاحظ في هذه السنوات الأخيرة أن كل بلد في المغرب بدأ علماؤه يبحثون عن تاريخه الفكري الذي يتجلى من خلال ما أنتجه رجالات ذلك البلد من آثار في مختلف الميادين: الفقهية والأدبية والشعرية، وعلم القرآن والتجويد، وأدب التصوف، والفتاوى الشرعية، وغير ذلك من ألوان المعرفة الإنسانية والحضارية والفكرية، مع إظهار قيمة ذلك الإنتاج في عصر أولئك الرجال، ومدى إمكان الاستفادة منه في عصرنا الحاضر، ذلك التراث الذي يمثل حضارتنا المغربية الأصيلة أحسن تمثيل وأصدقه، والذي لو نفض عنه الغبار، وأخرجته المطابع، لأضيف إلى تاريخ المغرب الفكري صفحات مشرفة أخرى لازالت مطمورة في غياهب رفوف الخزانات العامة والخاصة.
والتي تشتمل على نفائس المخطوطات والذخائر الفكرية والإنتاجات الأدبية الرفيعة.
ثم أن المدن الكبرى ذات المجد العريق كفاس ومراكش مثلا تجتذب علماء المدن الصغرى، بحيث كلما نبغ شاعر أو كاتب أو شخصية مشاركة في كثير ممن العلوم إلى وتنتقل تلك الشخصية المرموقة إلى أحد المراكز الثقافية الكبرى. ذلك أن رجال الحكم في هذه المراكز العلمية كانوا أحيانا يعملون على استقطاب أعلام الفكر والأدب والدين ليكونوا بجانبهم، لأنهم يعتبرونهم زينة مجالسهم، وواسطة عقدهم لا يستغنون عنهم بحال.
هذه الظاهرة تنطبق على كثير من رجالات تازة الذين انتقلوا منها للأسباب السالفة الذكر، ولأسباب أخرى، واستقروا بفاس وغيرها. بحيث نشاطهم الأدبي والعلمي والدبلوماسي خارج بلادهم تازة.
• وذلك كابن البقال التازي الفقيه الفيلسوف دفين باب الفتوح.
• وكإبراهيم التسولي التازي الملقب بابن أبي يحيى السفير المغربي لدى أبي الحسن المريني، والذي توفي بفاس أو تازة.
• وكالشاعر أحمد بن شعيب الجزنائي التازي الذي اتخذه أبو الحسن المريني كاتبا في ديوان إنشائه، والذي مات غريقا بشاطئ تونس.
• وكالشعر الصوفي إبراهيم التازي دفين وهراس.
• والشيخ أحمد زروق دفين مصراتة بليبيا.
• ومثل الفقيه النوازلي أبي الحسن على ابن عبد السلام التسولي، شارح التحفة، ودفين فاس.
• وكيحيى بن الحسن التسولي التازي المعروف بابن أبي دلامة، كاتب العلامة مع ثلاثة ملوك مرينيين، وصاحب العلامة أو كاتب العلامة هو الذي يتولى التوقيع باسم السلطان، ويضع شارته على المخاطبات والمراسيم الملكية؛ وكانت هذه الوظيفة من أهم الوظائف الإدارية في القصور المغربية.
• وغير هؤلاء من رجال الفقه والتصوف الذين عاشوا خارج مدينتهم تازة.
وليس قصدي من هذا المقال عرض حياتهم أو إبراز إنتاجهم، وإنما قصدي هو التعرض لمكانة تازة العلمية، وذلك من خلال النصوص التاريخية، والإنتاجات الأدبية، والفقهية والصوفية.
ولعله من المفيد أن أنقل للقارئ بعض الفقرات مما قاله البحاثة المغربي الدكتور عبد الهادي التازي في مقاله القيم الذي نشره بمجلة "دعوة الحق" عدد: 241 محرم 1405 – أكتوبر 1984 حول تاريخ مدينة تازة قال:
"لقد توجه إليها بنو مرين بنفس العناية والحماس الذي توجهوا به إلى عاصمتهم فاس، بل إنهم اتخذوا من تازة مدرسة لفلذات أكبادهم، وقاعدة للأمراء وكبار رجال الدولة...لقد بلغت تازة في العهد المريني ما لم تبلغه معظم المدن في المغرب الأقصى..." ثم يقول:
"ولم تكن المدينة (محطة إعلام وأخبار) فقط، ولكنها مركز إشعاع ثقافي وعلمي وحضاري. وفي الحوالات الوقفية انعكاس لأخبار تازة ونشاطها العلمي والثقافي في المعامل والمصانع التي كانت تحتضنها، من دباغة وصباغة وسبك النحاس والزجاج والورق، ونحن نعلم عن المثل المغربي السائر الذي يضرب (بصابون تازة) والذي يعبر عن جانب من جوانب اهتمامات المدينة، بمعنى صناعة الصابون التي تعتبر من أبرز الدلالات الحضارية...كراسي العلم، الخزانات العملية، المدارس الطلابية، أحاديث الناس بعضهم بعضا كانت تعكس هي الأخرى درجة ثقافة الناس...
لقد كانت تازة بذلك في صدور القواعد الثقافية الكبرى للمغرب، مثل: فاس وسبتة ومراكش وسلا ومكناس...بل كما رأيناه مثلا بالنسبة للقاضي عياض الذي اضطهده الموحدون والذي وجدنا خزانة المسجد الأعظم تنشأ برسم حفظ كتابه "الشفا".
ثم يختم الدكتور عبد الهادي التازي مقاله بهذه الكلمات:
"إن تازة لا تعد فقط إسما لمدينة بل تعد على رباط جهاد تحطمت على أبواه سائر المناورات، علما لمركز علم، ساهم في صنع رجال الفكر، رمزا لمدرسة صنعت السياسيين والدبلوماسيين، علما لتاريخ حافل بالمواقف الشريفة التي اتخذها في سبيل الحفاظ على وحدة المغرب، ليس فقط وحدة ترابه الذي نمشي عليه، ولكن وحدة ترابه الروحي المتجلي في وحدة المذهب والعقيدة" هـ.
بالإضافة إلى هذه النصوص، هناك نصوص تاريخية أخرى تثبت أن المجتمع التازي كان مجتمع العلماء والفقهاء والقضاة والمفتين والشعراء والمقرئين والمتصوفة الكبار، كما أنها كانت متأثرة جدا بالجو العلمي الطافح الذي كان يسود مدينة فاس، وكان بعض فقهاء المدينتين يتبادلون الفتاوى، وقد ذكر بعض هذه النوازل الفقيه العلامة الونشريسي في كتابه الجامع "المعيار.." المطبوع.
يقول محمد بن شعيب المجاصي وهو أديب مقرئ؛ تعلم برباط تازة على ابن بري التازي، في شرحه على "الدرر اللوامع في أصل مقرإ الإمام نافع"، وهذا الشرح مخطوط عندي " وطلبني إلى هذا الشرح بعض الطلبة ممن هو أهل بالقراءات، وممن أثق به بعد أن استخرت الله في ذلك سنين" ثم يقول في نفس الشرح:
"وأخذنا هذه القراءة، واتصلنا بها من وجوه وعن شيوخ عديدة: منهم الشيخ المحدث المقرئ سيدي أبو عبد الله المالقي وكان بمدينة تازة حرسها الله، قرأت عليه لنافع عرضتين: ختمة لورش، وختمة لقالون، مستظهرا لذلك، وكتب لي بذلك إجازة".
وبالإضافة إلى شيوخه الذين أخذ عنهم بفاس، أخذ أيضا بتازة عن أبي عبد الله محمد بن الحسن بن أحمد بن أبي بكر التسولي اللنتي. يقول المجاصي: "قرأت عليه ختمة من طريق أبي العباس أحمد بن يزيد الحلواني، وكتب لي بذلك إجازة".
ويذكر المجاصي في آخر شرحه على "الدرر..." إنه ألف شرحه هذا بمحضر جماعة ممن الطلبة ممن يفهم الرواية وأقول: من له سؤال يسأله؟ ومن عنده اعتراض يعترضه؟ فإني راجع إلى الحق حيثما تبين من كبير أو صغير، ثم بعد ذلك أكرر النظر مع ما وقع من الكلام والبحث، ثم أضعه في الكراس".
ويقول الوزير الإسحاقي في رحلته الحجازية وهو يتحدث عن تازة في مخطوط بالخزانة الحسنة رقم: 11867، وكانت الرحلة سنة 1143هـ:
"وزرناها فإذا هي مدينة آخذة من الحضارة بطرف وحصن حصين من المعاقل التي تعقل بها أثر الحسن القديم، وبها جامع كأحسن ما أنت راء من الجوامع سعة وحصانة وبناء متقنا محكم الشكل...وتلاحقه مدرسة عجيبة مكتوب على بابها:
لعمرك ما مثلي بشرق ومغرب = يفوق المباني حسن منظري الحسن
بناني لدرس العلم مبتغيا بــه = ثوابا من الله، الأمير أبو الحـسن
أقول: هذه المدرسة التي أشار إليها الإسحاقي هي المدرسة المشهورة عندنا بتازة بمدرسة "المشور"، وقد أدخلت عليها إصلاحات هامة، وأثناء الإصلاح أعيد نقش البيتين المذكورين سابقا على الخشب فوق بابها كما كانا منقوشين من قبل، وقد وجد المشرفون على الإصلاح صعوبة كبيرة في قراءة البيتين المنقوشين على الخشب القديم. ويقول الأستاذ محمد المنوني البحاثة المغربي في كتابه "ورقات عن الحضارة المغربية في عهد بني مرين" ص: 200:
"استعادت الثقافة المغربية نشاطها في ظل العصر المريني الأول، وبلغت مراكزها في المدن خاصة، ثلاثة عشر، تستوعب مختلف جهات المغرب، فكان في المناطق المرتفعة، مكناس وفاس وتازة، وعلى حوض المتوسط وما إليه: مدن بادس وسبتة وطنجة. وبعد القصر الكبير، تأتي المدن المطلة على المحيط: سلا والدارالبيضاء وأزمور وآسفي، وفي الجنوب: مراكش وأغمات".
ومن بين المدن المنوه بها تأتي ثلاثة في الطليعة فاس...ثم سبتة مركز الدراسات اللسانية، وثالثا، مدينة مراكش مدينة الرياضيات وما إليها".
"وتأتي بعد هذه القواعد مدينة تازة حيث الموارد العربية ناهضة، والمعارف الأخرى متدارسة".
وهناك نص آخر ورد ي كتاب "أزهار الرياض" ج 3 ص: 32-33 جدير بأن نتوقف عنده قليلا لنستشف من سطوره القليلة بعض المعطيات العلمي التي تفيدنا في موضوعنا، ولنستنتج منه بعض ملامح الجو العلمي الذي كان يسود مدينة تازة آنذاك، وهذا النص وإن كان موجزا، إلا أنك عندما تتأمله، وتستنطق عباراته المجملة – تخرج ( ولا شك – بفكرة واضحة، وهي أن المجتمع التازي – وقتذاك – كان مجتمع أهل اللسان، وفرسان المعارف، قال مؤلف "أزهار الرياض":
"إعلم أرشدك الله، أن الشيخ أبا الحسن كان إمام وقته في فقه المدونة، وهو المستقل برياستها بعد شيخه الفقيه راشد...ولم ينظر في الفقه حتى أتقن علم الفرائض وفنون البلاغة، وتلقى ذلك من أربابه، وارتحل وانتقل إلى تازة فلازم أهل اللسان وفرسان المعارف وقتا طويلا، ثم اعتكف على قراءة "التهذيب"، ولازم الفقيه راشدا واقتصر عليه.."
والذي يهمنا من هذا النص هو قوله بالخصوص: "وانتقل إلى تازة، فلازم أهل اللسان وفرسان المعارف وقتا طويلا، ثم اعتكف قراءة (التهذيب)، أي تهذيب البراذعي القيرواني.
والذين كتبوا عن أبي الحسن الصغير الفقيه المالكي الحافظ يذكرون أنه تولى قضاء مدينة تازة أولا أيام أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق المريني الذي تولى سنة 656 هـ، ثم تولى بعد ذلك قضاء مدينة فاس. وفي هذه المدينة العلمية قضى معظم حياته في التدريس والفتوى رغم اشتغاله بمهمة القضاء.
وعلى هذا فليس من المستبعد – وحالة أبي الحسن هذه – أن يكون قد ساهم في الحركة الفكرية التي كانت سائدة آنذاك في تازة بالتدريس فيها رغم اشتغاله بالقضاء، إلا أن النص يقول: "وانتقل إلى تازة فلازم أهل اللسان وفرسان المعارف وقتا طويلا..." هكذا بالفاء التي تفيد التعقيب، فمن هم أهل اللسان وفرسان المعارف الذين لازمهم أبو الحسن الصغير وقتا طويلا؟ لا شك أنهم من أهل تازة، لأن النص يقول بعد هذا: "ثم اعتكف على قراءة "التهذيب" هكذا ثم، التي تفيد التراخي. ومن المعلوم المشهور أن قراءة كتاب "التهذيب" حفزا وفهما إنما كانت بعد رجوعه إلى فاس التي توفي بها سنة 719 هـ.
ووجود خزانة كبيرة بالمسجد الأعظم بهذه المدينة العريقة، على أي شيء يدل؟ لا يدل على أنه كانت هناك حركة فكرية، لأن هذا المسجد كان بمثابة جامعة القرويين يؤمه الطلاب من ونواحي تازة للتزود من المعرفة.
يقول بعض الأساتذة المهتمين بتاريخ تازة: إنه – حسب الإحصاءات الموجودة في الحوالة الحبسية – كان بخزانة المسجد أكثر من عشرة آلاف مجلد في قصر بني مرين، أقول لم يبق من هذه المجلدات إلى ما يقرب من سبعمائة مخطوط !
وحينما ترجم العلامة المرحوم سيدي عبد الله كنون لشخصية ابن بري التازي في جريدة "الميثاق" عدد": 236 قال عن تازة ما يلي:
"وكان الوسط العلمي في تازة إبان الملك مزدهرا بسبب عناية الدولة الجديدة – وهي دولة المرينيين – بهذه المدينة، لأنها كانت من أوائل المدن التي دخلت في طاعتهم، وصارت بعد ذلك هي وناحيتها منطلقهم إلى الغرب، وقد جددوا معالمها، وأنشأوا فيها مساجد ومدارس لطلبة العلم، ورتبوا المدرسين حتى أصبحت ثالثة مدن المغرب الكبرى كما يقول الحسن الوزان، وهي من قبل كانت دار علم ظهر منها العلماء والأدباء والمتصوفة الكبار. وقد اكتمل مجدها بإمام القراء المغاربة ومعتمدهم، أعني: مترجمنا هذا".
وحينما عرف ابن بري – كما في "المعيار" آبابن البقال التازي قال:
إنه قرأ أولا بتازة، وأخذ بها علم العدد والفرائض على أبي عبد الله العباس بن مهدي، كما أخذ علم النحو والكلام على أبي عبد الله الترحالي، ثم استوطن مدينة فاس، وتوفي بها".
وقال محمد الشرقي الإسحاقي في رحلته الحجازية: "وزرنا بتازة من الصالحين المشهورين: سيدي محمد بن، وسيدي عزوز، وسيدي ابن بري التسولي النسب التازي الدار، نشأ بتازة بزقاق الزفانين منها، واجتهد كثيرا في الذكر والبحث والمطالعة، وكان من طلبة تازة وعدولها، وانتقل إلى فاس كاتبا سنة 724هـ.
ويقول ابن بري التازي: "إنه قرأ القرآن كله برواية نافع من طريق ورش وقالون على نحو ما نظمه في رجزه على ابن حمدون المتوفى بتازة..." وهو مدفون معه في ضريحه، وإلى هذا يشير في رجزه:
حسبما قرأت بالجميــع = على ابن حمدون أبي الربيـع
المقرئ المحقق الفصيـح = ذي السند المقدم الصحيــح
وأبو مهدي عيسى بن عبد الله الترجالي كان من تلاميذ ابن بري البارزين، وطلبة تازة المتفوقين، ثم ولى قضاء تازة، وأصبح من شيوخها المرموقين، وقد وجدت له فتوى في "المعيار" للونشريسي تتضمن أنه حكم على رجل من أهل تازة في قضية ما...ثم عرض نص حكمه على فقهاء فاس بسبب تشكي الأب من الحكم في قضية ابنته، وفي آخر الفتوى قال الرجالي: "فبعث عقد الحكم اليزناسني – نفعه الله – فكتب بيده تحت سجل الحكم: إنه صحيح جار على الكتاب والسنة، وطالعه الفقيه السطي وغيره من الفقهاء، ووقع فيه مجلس بحضرة المولى نصهر الله، حضره الفقيه أبو سالم ابن أبي يحيى قبل مضيه إلى الحج، وأعلم المولى أن ذلك الرجل يعرف حاله، وانفصلت القضية...ثم يقول الترجالي:
"وكان وقف على ذلك الحكم بالأمر العلي فقهاء تازة: أبو عبد الله بن عطية مع عبد الله بن عمر المفتي وعبد الرحمان بن أبي زيد الوادي، وغيرهم، فلم يجدوا بابا للفسخ". هذا، وقد ذكر مؤلف كتاب "المعيار" بعض الفتاوى الفقهية لهذا القاضي التازي. وبالإضافة إلى هؤلاء الفقهاء التازيين هناك فقيه تازي آخر ضرب في ميدان الفتوى بسهم وافر.
وساهم في الحركة الفكرية بتازة مساهمة كبيرة، هذا الفقهي هو أبو عبد الله محمد بن عبد المومن التازي، فقد وصفه العلامة الونشريسي في "المعيار" بقوله: "وسئل فقيه تازة ومفتيها أبو عبد الله محمد بن عبد المومن، وأثبت نص السؤال مع الفتوى، ومرة حلاه بقوله: "وأجاب الفقيه القاضي المدرس المفتي القدوة أبو عبد الله محمد بن عبد المومن رضي الله عنه ونفع به بما نصه. وثالثا ذكره حينما وقعت نازلة بحضرة فاس، وسئل عنها – كما يقول الونشريسي – أعيان أئمتها، وأئمة تلمسان من أهل هذا الشأن، وأثبت نص السؤال، وكان أول المفتين الذين ذكرهم "المعيار"، في هذه النازلة الفقيه أبو عبد الله محمد بن عبد المومن التازي، وأثبت فتواه التي كانت سنة 782هـ.
وعقب على هذه الفتوى بالصحة كل من العالمين الفقيهين الجليلين: إبراهيم اليزناسني، وعبد الرحيم اليزناسني، الفقيهين المفتيين الشهيرين بفاس.
وما ذكرته من فتاوى القاضي الترجالي، ومحمد بن عبد المومن، إلا مظهر واحد من مظاهر الاحتكاك والتبادل العلمي بين فقهاء تازة وفاس.
ولم تقتصر علاقة تازة العلمية على فاس فقط، بل كانت هناك علاقة علمية مع تلمسان، فقد ورد في كتاب "المعيار" ما أتى:
"وسئل الشيخ أوب عبد الله سيدي حمد بن أحمد مرزوق من بلد تازة محروسة بالله عن مسألة تتعلق برجل؟؟بس على أولاده أملاكا، ثم على أولادهم وأولاد أولادهم الذكور جون الإناث...إلخ، فأجاب رحمه اله بما نصه، وأثبت الجواب الذي كان بتاريخ جمادى الأولي 809 هـ.
وكذا العلاقات العلمية المتبادلة التي كانت بين ابن يجبش التاريخي الشاعر الصوفي، وبين الشيخ الإمام السنوسي، لقد مدح ابن يجبش بقصيدة شعرية ؟؟رح العقدية الصغرى التي ألفها الإمام السنوسي الذي كان قد وجه هذا الشرح إلى ابن يجبش الذي قرظ بقصيدة شعرية أخرى إحدى مؤلفات الشيخ السنوسي في حديث.
وإذن فلا غرابة إذا قال الحسن الوزان الذي زار مدينة تازة في العهد الوطاسي بأنها: "تحتل الدرجة الثالثة في المملكة من حيث المكانة والحضارة، ففيها جامع أكبر من جامع فاس، وسكانها الشجعان الكرماء...من بينهم عدد كبير من العلماء الأخيار والأثرياء، لأن أراضيها تنتج أحيانا ثلاثين ضعف ما يبذر فيها".
"ومن عادة ملوك فاس لهذا العهد أنهم يقطعون لهذه المدينة لثاني أبنائهم. ومن الواجب، والحق يقال، أن تكون حاضرة المملكة لطيب هوائها صيفا وشتاء، وكان ملوك بني مرين يقيمون بها الصيف كله، لا لهذا السبب فحسب، ولكن لحراسة البلاد وحمايتها من أعراب الصحراء الذين يأتون كل سنة ليمتاروا ويحملوا تمور سجلماسة قصد استبدالها بالحبوب، ويكسب أخل المدينة ربحا وافرا من الحبوب التي يبيعونها للأغراب بثمن مرتفع، وباختصار فإن تازة محظوظة جدا سوا فيما يخص المدينة ذاتها أو السكان...".
والجدير بالذكر أن تازة كانت في بعض العصور ملتقى العلماء والأدباء والرحالة والفقهاء ورجال التصوف والتاريخ، فقد زارها:
1- لسان الدين ابن الخطيب المتوفى سنة 776هـ،
2- كما زارها الفقيه الإمام بحجة القاضي أبو عبد الله محمد بن أحمد المقرئ التلمساني حيث قال: "وكنت لقيت بتازة الفقيه أبا عبد الله بن عطية، والأستاذ أبا عبد الله المجاصي، والأستاذ أبا السحن الجيار وغيرهم".
3- ومن الشخصيات العلمية التي زارت تازة الشيخ الإمام العلامة أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أحمد الأبلي التلمساني، حيث التقى بابن بري والترجالي، وجرت بينهم مساجلات أدبي..
4- وزارها الرحالة ابن بطوطة الذي كان على قيد الحياة عام: 770 هـ.
5- والشيخ حسن بن على بن عمر القسطنطيني المعروف بابن الفكون، وهو من شعراء المغرب الأوسط، له قصيدة شعرية ضمنها رحلته من فسطنطينية إلى مراكش من جملة ما قال فيها:
ولما جئت وجدة همت وجدا = بمخنث المعاطــف معنوي
وحل رشا الرباط رشا رباطي = وتيمـني بطــرف بابلــي
ويعني الشاعر بالرباط رباط تازة، وكانت المدينة نفسها تدعى رباط تازة، وكثيرا ما تلتبس على الكتاب برباط الفتح الذي تأسس بعدها بعدة قرون.
6- بالإضافة إلى ابن الحسن الوزان المتوفى بتونس سنة 960 والذي زار تازة في العهد الوطاسي.
هذه نصوص تاريخية ناطقة بمكانة تازة العلمية.
أما إذا رجعنا إلى الإنتاجات الأدبية بما فيها الشعر والنظم فإننا نجد أن تازة وإقليمها أنجبا عددا من الأعلام في هذين الميدانين في مختلف العصور:
1- فهذا عيسى بن عمران التسولي التازي قاضي الجماعة المتوفى بمراكش 578 هـ، وجدت له قصيدة ومقطوعة تبلغان 35 بيتا.
2- وهذا أحمد بن شعيب الجزنائي التازي المتوفى سنة 749 هـ، وجدت له سبع قصائد تبلغ 107 أبياتا.
3- وكذا إبراهيم التازي الشاعر الصوفي دفين وهران والمتوفى سنة 866 هـ وجدت به تسع قصائد يبلغ عدد أبياتها 213 بيتا.
4- وهذا ابن يجبش التازي الشاعر الصوفي دفين تازة والمتوفى سنة 920 هـ، عثرت له لحد الآن 24 قصيدة، يبلغ عدد أبياتها أكثر من 500 بيت.
5- وهذا أحمد الحبيب اليعقوبي الرشيدي الشاعر الصوفي دفين رشيدة، والمتوفى بها سنة 1243هـ، عثرت له على ثمان قصائد تبلغ 225 بيتا.
6- وكذا أبو العباس أحمد بن فتوح التازي الشاعر الصوفي الذي كان حيا أواسط القرن الثاني عشر، وله علاقة وثيقة بالزاوية الشرقاوية، عثرت له في الخزانة الحسنية على خمس قصائد تبلغ 240 بيتا.
هذا بالنسبة للشعر أما بالنسبة للنظم، فإننا نجد:
• منظومة في غريب القرآن، ولازالت?
ابن بطوطة في الخزانة العامة، تبلغ أبياتها 60 بيتا، وهي من نظم محمد بن شعيب المجاصي، أحد تلامذة ابن بري التازي.
• منظومة أخرى للشيخ احمد زروق، توفى بليبيا سنة 899 هـ، تبلغ ستمائة بيت في بيان عيوب النفس، وطرق إدراجها وهي مخطوطة في خزانة تطوان.
• منظومة ثالثة للأستاذ أبي عبد الله أحمد بن منصور العامري التازي، المتوفى بالمشرق عام 1170 هـ، وتبلغ ؟؟؟ بيتا، يتعلق موضوعها ببيان مراحل الطريق التي يقطعها الحاج منذ خروجه من تازة إلى وصوله للحرمين الشريفين.
• منظومة رابعة لابن بري التازي، المسماة: "الدرر اللوامع في أصل مقرأ ؟؟؟"، يبلغ عدد أبياتها،/ 274 بيتا وهي ؟؟علق بالقراءات وقواعد التجويد.
• نظم على لسان "بهرام" لعلي بن عبد السلام التسولي، شارح تحفة ابن عاصم ؟؟؟غ 31 بيتا.
• وللفقيه العلامة سيدي محمد الخصاصي التازي قصيدة شعرية تبلغ بيتا، يمدح بها أخاه أحمد المتوفى سنة ؟؟؟13 هـ.
وتكون هذه المجموعة من الشعر ؟؟نظم لحد الآن أكثر من ثلاثة آلاف بيت.
وبالنسبة للإنتاج الفقهي، فإني قسمته إلى قسمين:
- قسم خاص بالفتاوى الشرعية،
- وقسم خاص بالمؤلفات الفقهية.
فبالنسبة للقسم الأول، فإن ما استطعت أن أجرده وأجمعه من كتاب "المعيار..." وكتاب "النوازل" للعملي، بالإضافة إلى كتاب "النوازل" المطبوع بالطباعة الحجية الفاسية لمحمد بن الحسن المجاصي نزيل مكناس بلغ ثلاثا وستين ومائة فتوى لفقهاء تازيين، وهذا بقطع النظر عن النوازل المخطوطة في الخزانة الحسنية رقم: 12574 والتي تبلغ ست مجلدات وهو للنوازل حامل لواء المذهب المالكي أبي الحسن على بن عبد السلام التسولي، نزيل فاس، والمتوفى بها عام 1258هـ، ولم أنقل منها أية فتوى، ولذا لا أتحدث في هذا المقال إلا عن الفتاوى التي تحت يدي.
وإلى القارئ اسم الفقيه التازي المفتي مع بيان عدد فتاويه:
1- الفقيه محمد بن سليمان السطي الأوربي نسبة إلى أوربة إحدى قبائل تازة، وكان مدرسا بحضرة أبي الحسن المريني بفاس، والمتوفى غريقا بشاطئ تونس عام 749 هـ، وقد وجدت له في كتاب "المعيار" ثمان فتاوى في قضايا مختلفة.
2- ابن البقال التازي، دفين باب الفتوح بفاس والمتوفى بها عام: 725 هـ، وجدت له في "المعيار" 29 جوابا عن 29 سؤالا كان قد وجهها إليه ابن العشاب من مدينة تازة.
3- أبو مهدي عيسى الترجالي قاضي تازة، وجدت له في "المعيار" 3 فتاوى.
4- محمد بن عبد المومن التازي، وجدت له في "المعيار" كذلك إحدى عشرة فتوى.
5- عمر بن عبد الرحمان الجزنائي نسبة إلى جزناية، القبيلة الأمازيغية النازلة شمال مدينة تازة، وكان حيا عام 900 هـ، وجدت له في كتاب "النوازل" للفقيه العلمي (الجزء الأول). فتوى طويلة حول مسألة "الوزيعة" وفتوى أخرى طويلة في "المعيار" (الجزء الأول) حول ما جرى عليه العامة من ستر الموتى بالحرير.
وقد ورد كلام طويل لهذا الفقيه في كتاب "أزهار الرياض" ج4/ص:1183، انتقد فيه بعض الأبيات للقاضي عياض في تشوقه إلى المدينة المنورة؛ إلا أن مؤلف "أزهار الرياض" قال: "إنه وقف لبعض المتأخرين من أهل فاس (ولم يذكر اسمه) على تأليف بديع يتعلق بهذا الموضوع، وقد رد فيه على عمر الجزنائي، وسمى مؤلفه: "الإعلام للقريب والنائي في بيان خطأ عمر الجزنائي".
وقد نقل المقري هذا التأليف الذي استغرق الرد عليه من صفحة: 183 إلى صفحة: 239 من "الأزهار"، وأن هذه المناقشة وقعت في ربيع الأول عام 908هـ.
6- الفقيه خلف الله بن يحيى المجاصي، نزيل فاس، والمتوفى بها عام 732 هـ، والمجاصي نسبة إلى "مجاصة" إحدى قبائل تازة الواقعة بأهل بودريس، وقد انتسب إليها كثير من الفقهاء والمقرئين، وقد وجدت له في "المعيار" ثلاثة من الفتاوى.
7- الفقيه النوازلي محمد بن الحسن المجاصي، نزيل مكناس، والمتوفى بها عام: 1103 هـ، له كتاب "نوازل المجاصي" في جزء يشتمل على 136 صفحة، عدا الكلمة الختامية والفهرس، وعلى 93 فتوى.
وقد وجدت هذه "النوازل" في مكتبة المرحوم العلامة سيدي عبد الله كنون بطنجة وقد قدمها إلى مصورة كمساعدة ثقافية منه نور الله ضريحه.
وقد قرظ هذه الفتاوى عبد المالك التاجموعتي السجلماسي فقال:
"طالعني الأخ في الله العلامة المهام قاضي الإسلام أبو عبد الله سيدي محمد
* البهجة على شرح التحفة" وهو مطبوع في جزأين.
* شرح أو حاشية على لامية الزقاق، ويوجد هذا الشرح مخطوطا بمكتبة المرحوم العلامة سيدي عبد الله كنون الحسني تحت رقم 6503.
تكملة شرح "الشامل" لفقيه بهرام، ويوجد مخطوطا في أربعة أجزاء بخزانة القرويين تحت رقم: 460، وقد أتمه بأمر من مولاي سليمان، فقد شرحه بعض العلماء، ومات إتمامه، وأراد مولاي سليمان إتمامه على منوال صاحبه فقيل للسلطان: هذا هو الذي يتممه على نحو ما أردت، فلما أكلمه ورآه السلطان قدس الله ضريحه، أعجبه هذا الصنيع وأحسن إليه.
ورد هذا الكلام في كتاب مخطوط بالخزانة الحسنية، وهو "نزهة الأبصار والاستبصار" للمشرقي حينما تحدث عن ترجمة قصيرة للفقيه التسولي ويحمل المخطوط رقم: 1655. يقول الأستاذ المرحوم العابد الفاسي في الجزء الأول من مخطوطات خزانة القرويين: إن الفقيه التسولي أتم شرح "الشامل" في أربعة أجزاء، وأن المؤلف تعرض في آخره إلى قضية حانوت بسوق السباط حبسها السلطان مولاي سليمان على من يدرس "الشامل" لبهرام، وكان الشارح يتصرف في خراجها مدة، ثم بيعت أيام الفتنة 1236 هـ، وقدم الشيخ التسولي لأمير وقته قصيدة تائية في الموضوع، منكرا بيعها من الوجهة الشرعية، وطالبا رجوعها لأصلها من التحبيس، وعقب القصيدة وثيقة استرعائية بتحبيس الحانوت المذكورة بعام 1248هـ، ثم علامة عدلين. وقد أثبثت هذه القصيدة في بحث قصير تحدثت فيه عن فقهاء، تازة الشعراء والناظمين.
* تقييد على قول المختصر وخصصت نية الحالف ذ، ويجد مصورا عندي
* بالإضافة إلى مؤلف آخر وهو "مناقب وكرامات مولاي العربي بن الشيخ الطيب الوزاني، وهو مخطوط بخزانة القرويين رقم 2436.
* "البسيط" فقد جاء في "مذكرات من التراث المغربي" المجلد الخامس ص: 26 -27 ما يأتي تحت عنوان: "محاولات الإصلاح في بداية القرن العشرين" للكاتب أحمد الكوهن المغيلي:
"كان أبو الحسن على بن عبد السلام التسولي المسمى مديدش قاضيا وأستاذا في القرويين سنة 1242 هـ، واهتم هو أيضا بالجهاد وبتنظيم الجيش، وساق أهم ما جاء في كتاب "البسيط" إلا أنه لم يذكر أين يوجد هذا الكتاب؟ وهل هو مطبوع أو مخطوط؟
2- كما ترك الفقيه أحمد البويعقوبي التازي الشهير بالملوي أحد تلامذة الشيخ الإمام الفقيه سيدي محمد التاودي بنسودة المري – الأندلسي أصلا، الفاسي منشأ ودارا – مؤلفات في الفقه في:
* "تحفة القضاة ببعض مسائل الرعاة"، ويوجد هذا الكتاب مخطوطا عندي، كما يوجد مخطوطا بخزانة تطوان رقم 489 ضمن مجموع ص: 61.
* "التحرير بمسائل التصيير".
ويوجد هذا الكتاب مخطوطا عندي، كما يوجد مخطوطا بالخوانة الحسنية رقم: 5171، وبخزانة تطوان رقم: 105، ومطبوعا طباعة حجرية بمكتبة المرحوم العلام عبد الله كنون رقم 6514.
* "مناسك الحج"، وهو مخطوط بالخزانة الحسنية رقم: 228/2ن وبخزانة تطوان رقن 520
* "رسالة في الزكاة"، وهو مخطوط بخزانة تطوان 520 ضمن مجموع، توفي عام: 1196 هـ.
يقول الأستاذ أبو بكر البوخصيبي في كتابه "أضواء على ابن يجبش التازي" ص: 51. "إن أحمد الملوي هذا هو نزيل ضفة وادي ملوية ودفينها فيما بين بركين واوطاط"، إلا أنني وجدت في مخطوط بخزانة تطوان، رقم: 520 ضمن مجموع ص: 244 ما يأتي، وقد قرأت ذلك بصعوبة:
"وجه سؤال عن مسالتين بخط الطلبة وجواب عنهما...بخط شيخنا المرحوم بفضل الله تعالى الفقيه المحقق المدرس المفتي البركة سيدي أحمد الشهير بالملوي البويعقوبي، رحمه الله تعالى ونفعنا ببركاته آمين".
"وقبره – رحمه الله عليه – قرب باب ضريح الإمام العالم البركة الصلاح سيدي على بن بري – نفع الله به – من المقبرة القديمة من مدينة تازة، وبين قبر الفقيه سيدي أحمد المذكور، وباب الروضة المذكورة نحو ذراع" هـ.
ويوجد هذا القبر حقيقة كما ورد في المخطوط السالف الذكر.
3- ومن فقهاء ناحية تازة الذين تركوا آثارا فقهية الشيخ أحمد زروق البرنوسي الأصل، فقد ترك:
* شرحا على رسالة أبي زيد القيرواني في جزأين كبيرين وهو مطبوع.
* كتابا في الفقه والتصوف.
* وشرحا على المختصر.
* إفادة الوالدين لبعض مسائل الدين".
ذكر هذه المؤلفات الثلاثة الأخيرة البحاثة المغربي الأستاذ عبد العزيز بن
عبد الله في كتابه القيم: "الموسوعة المغربية للأعلام البشرية والحضارية" ج 3 ص: 90.
4- الفقيه التازي الرابع هو عبد الله بان حم، الذي تولى قضاء تازة وناجيتها عام: 1229 هـ، ولم يشغله القضاء عن التأليف، بل كان إلى جانبه مؤلفا، حيث ألف في الفقه تأليفا سماه: "القانون المعتبر في تقرير كلام المختصر" وهو يشتمل على جزأين...
5- ومن علماء وفقهاء القرن الثالث عشر الهجري أبو عبد الله سيدي محمد الخصاصي، الذي كان رابعا في ميدان الفقه والفرائض وعل الحساب والفلك، وقد ألف تآليف في هذه الفنون منها:
*" العطر المطيب في استخراج الأوقات من الربع المجيب".
*" تحفة الألباب في استخراج الأوقات بعلم الحساب".
*"فتح الأقفال في تصريف الجامعات مع أئمة المثقال".
وقد نظم فيه منظومة قال في مطلعها:
حمدا لمن وثنا الكتــابا = وبين الفروض والحسابا
في قوله سبحانه تعالى = يوصيكم الله على ما قالا
وتشتمل على 37 بيتا.
6- الفقيه أبو الحسن علي بن عيسى التازي، ورد ذكره في مخطوط بالخزانة الحسنية رقم: 188/1، جاء في أوله ما يأتي:
"قال السيخ الفقيه العالم أبو الحسن على ابن الشيخ الفقيه أبي الحسن على بن عيسى، التازي الدار، الأوربي النسب، رحمه الله تعالى، وعفا عنه يمنه وفضله وجوده وكرمه".
"الحمد لله حق حمده، والصلاة على أفضل خلقه، وعلى آله الطيبين، وبعد"
فهذا كتاب أتعرض فيه لشرح ألفاظ قصيدة أبي الحسن على بن عطية الونشريسي الأوربي رحمه الله ورضى عنه، وأنبه على جليها وخفيها على حسب ما يعطيه صاحب العطية، ومن الله أسأل المعونة على حصول المراد، وإياه أسأل التوفيق والسداد..."
وفي "درة الحجال" ج 2 ص: 442، أن هذا الفقيه توفي بمكناسة عام: 781 هـ.
7- وتجدر الإشارة هنا إلى المؤلفات التي خلفها الفقيه المقر العروضي الفرضي النحوي الأديب أبو الحسن على بن محمد الشهير بابن بري، التازي الدار، التسولي النجار، والتي تبلغ اثني عشر مؤلفا في علم القراءات والتجويد والفقه والتوثيق والنحو والفرائض والعروض والأدب وهي:
* المنظومة الشهير المسماة: "الدرر اللوامع في أصل مقرإ الإمام نافع" والتي تشتمل على 274 بيتا وعليها شروح عديدة، أكثرها مخطوط.
* تأليف في القراءة.
* واختصر الشريسي على المقامات.
* والقانون في رواية ورش وقالون.
* وتأليف في الوثائق.
* ذكر هذه المؤلفات الأربعة الأخيرة الوزير الإسحاقي في رحلته الحجازية المخطوطة بخزانة القرويين رقم 1258 ص: 29 حينما تحدث عن زيارته لتازة، ولأوليائها الصالحين.
*" الكافي في علم العروض والقوافي"
*" اقتطاف الزهر واجتناء الثمر" اختصر فيه "زهر الآداب" للحصري القيرواني. ويوجد هذا المؤلف مصورا في حوزتي.
*"اختصر شرح الإيضاح في النحو لأبي الربيع السبتي.
* شرح وثائق الغرناطي.
* شرح عروض ابن السقاط.
يقول ابن القاضي في شرحه "الفجر الساطع..." على "الدرر اللوامع" لابن بري: إنه رأى لابن بري شرح عوض ابن السقاط، كما قال في نفس الشرح، وبلغني أنه ابتدأ وضع:
* شرح على تهذيب البراذعي، وفي شرح آخر للدرر، إلى أنه لم يكمله.
* شرح قصيدة في الفرائض، ويوجد هذا الشرح مخطوطا في الخزانة الحمزاوية بالجنوب المغربي، ذكر هذا الأستاذ البحاثة السيد محمد المنوني في مجلة "تطوان" عدد: 8 سنة، 1963 حينما تحدث عن ذخائر الخزانة الحمزاوية؟
هذه نظرة إجمالية عما خلفه بعض إعلام تازة من آثار فكرية في مجال الفقه والقراءة والشعر والنظم والفتاوى، دون التعرض لما خلفه متصوفتها من إنتاج في ميدان التصوف، ذلك الإنتاج المتفرق في مختلف الخزانات المغربية الخاصة والعامة.
وهذه النصوص التي عرضناها تدل على مكانة تازة العلمية، وهي غنية عن كل تعليق.
* دعوة الحق -العدد 286 صفر-ربيع 1-ربيع 2/ شتنبر-أكتوبر-نونبر 1991
والتي تشتمل على نفائس المخطوطات والذخائر الفكرية والإنتاجات الأدبية الرفيعة.
ثم أن المدن الكبرى ذات المجد العريق كفاس ومراكش مثلا تجتذب علماء المدن الصغرى، بحيث كلما نبغ شاعر أو كاتب أو شخصية مشاركة في كثير ممن العلوم إلى وتنتقل تلك الشخصية المرموقة إلى أحد المراكز الثقافية الكبرى. ذلك أن رجال الحكم في هذه المراكز العلمية كانوا أحيانا يعملون على استقطاب أعلام الفكر والأدب والدين ليكونوا بجانبهم، لأنهم يعتبرونهم زينة مجالسهم، وواسطة عقدهم لا يستغنون عنهم بحال.
هذه الظاهرة تنطبق على كثير من رجالات تازة الذين انتقلوا منها للأسباب السالفة الذكر، ولأسباب أخرى، واستقروا بفاس وغيرها. بحيث نشاطهم الأدبي والعلمي والدبلوماسي خارج بلادهم تازة.
• وذلك كابن البقال التازي الفقيه الفيلسوف دفين باب الفتوح.
• وكإبراهيم التسولي التازي الملقب بابن أبي يحيى السفير المغربي لدى أبي الحسن المريني، والذي توفي بفاس أو تازة.
• وكالشاعر أحمد بن شعيب الجزنائي التازي الذي اتخذه أبو الحسن المريني كاتبا في ديوان إنشائه، والذي مات غريقا بشاطئ تونس.
• وكالشعر الصوفي إبراهيم التازي دفين وهراس.
• والشيخ أحمد زروق دفين مصراتة بليبيا.
• ومثل الفقيه النوازلي أبي الحسن على ابن عبد السلام التسولي، شارح التحفة، ودفين فاس.
• وكيحيى بن الحسن التسولي التازي المعروف بابن أبي دلامة، كاتب العلامة مع ثلاثة ملوك مرينيين، وصاحب العلامة أو كاتب العلامة هو الذي يتولى التوقيع باسم السلطان، ويضع شارته على المخاطبات والمراسيم الملكية؛ وكانت هذه الوظيفة من أهم الوظائف الإدارية في القصور المغربية.
• وغير هؤلاء من رجال الفقه والتصوف الذين عاشوا خارج مدينتهم تازة.
وليس قصدي من هذا المقال عرض حياتهم أو إبراز إنتاجهم، وإنما قصدي هو التعرض لمكانة تازة العلمية، وذلك من خلال النصوص التاريخية، والإنتاجات الأدبية، والفقهية والصوفية.
ولعله من المفيد أن أنقل للقارئ بعض الفقرات مما قاله البحاثة المغربي الدكتور عبد الهادي التازي في مقاله القيم الذي نشره بمجلة "دعوة الحق" عدد: 241 محرم 1405 – أكتوبر 1984 حول تاريخ مدينة تازة قال:
"لقد توجه إليها بنو مرين بنفس العناية والحماس الذي توجهوا به إلى عاصمتهم فاس، بل إنهم اتخذوا من تازة مدرسة لفلذات أكبادهم، وقاعدة للأمراء وكبار رجال الدولة...لقد بلغت تازة في العهد المريني ما لم تبلغه معظم المدن في المغرب الأقصى..." ثم يقول:
"ولم تكن المدينة (محطة إعلام وأخبار) فقط، ولكنها مركز إشعاع ثقافي وعلمي وحضاري. وفي الحوالات الوقفية انعكاس لأخبار تازة ونشاطها العلمي والثقافي في المعامل والمصانع التي كانت تحتضنها، من دباغة وصباغة وسبك النحاس والزجاج والورق، ونحن نعلم عن المثل المغربي السائر الذي يضرب (بصابون تازة) والذي يعبر عن جانب من جوانب اهتمامات المدينة، بمعنى صناعة الصابون التي تعتبر من أبرز الدلالات الحضارية...كراسي العلم، الخزانات العملية، المدارس الطلابية، أحاديث الناس بعضهم بعضا كانت تعكس هي الأخرى درجة ثقافة الناس...
لقد كانت تازة بذلك في صدور القواعد الثقافية الكبرى للمغرب، مثل: فاس وسبتة ومراكش وسلا ومكناس...بل كما رأيناه مثلا بالنسبة للقاضي عياض الذي اضطهده الموحدون والذي وجدنا خزانة المسجد الأعظم تنشأ برسم حفظ كتابه "الشفا".
ثم يختم الدكتور عبد الهادي التازي مقاله بهذه الكلمات:
"إن تازة لا تعد فقط إسما لمدينة بل تعد على رباط جهاد تحطمت على أبواه سائر المناورات، علما لمركز علم، ساهم في صنع رجال الفكر، رمزا لمدرسة صنعت السياسيين والدبلوماسيين، علما لتاريخ حافل بالمواقف الشريفة التي اتخذها في سبيل الحفاظ على وحدة المغرب، ليس فقط وحدة ترابه الذي نمشي عليه، ولكن وحدة ترابه الروحي المتجلي في وحدة المذهب والعقيدة" هـ.
بالإضافة إلى هذه النصوص، هناك نصوص تاريخية أخرى تثبت أن المجتمع التازي كان مجتمع العلماء والفقهاء والقضاة والمفتين والشعراء والمقرئين والمتصوفة الكبار، كما أنها كانت متأثرة جدا بالجو العلمي الطافح الذي كان يسود مدينة فاس، وكان بعض فقهاء المدينتين يتبادلون الفتاوى، وقد ذكر بعض هذه النوازل الفقيه العلامة الونشريسي في كتابه الجامع "المعيار.." المطبوع.
يقول محمد بن شعيب المجاصي وهو أديب مقرئ؛ تعلم برباط تازة على ابن بري التازي، في شرحه على "الدرر اللوامع في أصل مقرإ الإمام نافع"، وهذا الشرح مخطوط عندي " وطلبني إلى هذا الشرح بعض الطلبة ممن هو أهل بالقراءات، وممن أثق به بعد أن استخرت الله في ذلك سنين" ثم يقول في نفس الشرح:
"وأخذنا هذه القراءة، واتصلنا بها من وجوه وعن شيوخ عديدة: منهم الشيخ المحدث المقرئ سيدي أبو عبد الله المالقي وكان بمدينة تازة حرسها الله، قرأت عليه لنافع عرضتين: ختمة لورش، وختمة لقالون، مستظهرا لذلك، وكتب لي بذلك إجازة".
وبالإضافة إلى شيوخه الذين أخذ عنهم بفاس، أخذ أيضا بتازة عن أبي عبد الله محمد بن الحسن بن أحمد بن أبي بكر التسولي اللنتي. يقول المجاصي: "قرأت عليه ختمة من طريق أبي العباس أحمد بن يزيد الحلواني، وكتب لي بذلك إجازة".
ويذكر المجاصي في آخر شرحه على "الدرر..." إنه ألف شرحه هذا بمحضر جماعة ممن الطلبة ممن يفهم الرواية وأقول: من له سؤال يسأله؟ ومن عنده اعتراض يعترضه؟ فإني راجع إلى الحق حيثما تبين من كبير أو صغير، ثم بعد ذلك أكرر النظر مع ما وقع من الكلام والبحث، ثم أضعه في الكراس".
ويقول الوزير الإسحاقي في رحلته الحجازية وهو يتحدث عن تازة في مخطوط بالخزانة الحسنة رقم: 11867، وكانت الرحلة سنة 1143هـ:
"وزرناها فإذا هي مدينة آخذة من الحضارة بطرف وحصن حصين من المعاقل التي تعقل بها أثر الحسن القديم، وبها جامع كأحسن ما أنت راء من الجوامع سعة وحصانة وبناء متقنا محكم الشكل...وتلاحقه مدرسة عجيبة مكتوب على بابها:
لعمرك ما مثلي بشرق ومغرب = يفوق المباني حسن منظري الحسن
بناني لدرس العلم مبتغيا بــه = ثوابا من الله، الأمير أبو الحـسن
أقول: هذه المدرسة التي أشار إليها الإسحاقي هي المدرسة المشهورة عندنا بتازة بمدرسة "المشور"، وقد أدخلت عليها إصلاحات هامة، وأثناء الإصلاح أعيد نقش البيتين المذكورين سابقا على الخشب فوق بابها كما كانا منقوشين من قبل، وقد وجد المشرفون على الإصلاح صعوبة كبيرة في قراءة البيتين المنقوشين على الخشب القديم. ويقول الأستاذ محمد المنوني البحاثة المغربي في كتابه "ورقات عن الحضارة المغربية في عهد بني مرين" ص: 200:
"استعادت الثقافة المغربية نشاطها في ظل العصر المريني الأول، وبلغت مراكزها في المدن خاصة، ثلاثة عشر، تستوعب مختلف جهات المغرب، فكان في المناطق المرتفعة، مكناس وفاس وتازة، وعلى حوض المتوسط وما إليه: مدن بادس وسبتة وطنجة. وبعد القصر الكبير، تأتي المدن المطلة على المحيط: سلا والدارالبيضاء وأزمور وآسفي، وفي الجنوب: مراكش وأغمات".
ومن بين المدن المنوه بها تأتي ثلاثة في الطليعة فاس...ثم سبتة مركز الدراسات اللسانية، وثالثا، مدينة مراكش مدينة الرياضيات وما إليها".
"وتأتي بعد هذه القواعد مدينة تازة حيث الموارد العربية ناهضة، والمعارف الأخرى متدارسة".
وهناك نص آخر ورد ي كتاب "أزهار الرياض" ج 3 ص: 32-33 جدير بأن نتوقف عنده قليلا لنستشف من سطوره القليلة بعض المعطيات العلمي التي تفيدنا في موضوعنا، ولنستنتج منه بعض ملامح الجو العلمي الذي كان يسود مدينة تازة آنذاك، وهذا النص وإن كان موجزا، إلا أنك عندما تتأمله، وتستنطق عباراته المجملة – تخرج ( ولا شك – بفكرة واضحة، وهي أن المجتمع التازي – وقتذاك – كان مجتمع أهل اللسان، وفرسان المعارف، قال مؤلف "أزهار الرياض":
"إعلم أرشدك الله، أن الشيخ أبا الحسن كان إمام وقته في فقه المدونة، وهو المستقل برياستها بعد شيخه الفقيه راشد...ولم ينظر في الفقه حتى أتقن علم الفرائض وفنون البلاغة، وتلقى ذلك من أربابه، وارتحل وانتقل إلى تازة فلازم أهل اللسان وفرسان المعارف وقتا طويلا، ثم اعتكف على قراءة "التهذيب"، ولازم الفقيه راشدا واقتصر عليه.."
والذي يهمنا من هذا النص هو قوله بالخصوص: "وانتقل إلى تازة، فلازم أهل اللسان وفرسان المعارف وقتا طويلا، ثم اعتكف قراءة (التهذيب)، أي تهذيب البراذعي القيرواني.
والذين كتبوا عن أبي الحسن الصغير الفقيه المالكي الحافظ يذكرون أنه تولى قضاء مدينة تازة أولا أيام أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق المريني الذي تولى سنة 656 هـ، ثم تولى بعد ذلك قضاء مدينة فاس. وفي هذه المدينة العلمية قضى معظم حياته في التدريس والفتوى رغم اشتغاله بمهمة القضاء.
وعلى هذا فليس من المستبعد – وحالة أبي الحسن هذه – أن يكون قد ساهم في الحركة الفكرية التي كانت سائدة آنذاك في تازة بالتدريس فيها رغم اشتغاله بالقضاء، إلا أن النص يقول: "وانتقل إلى تازة فلازم أهل اللسان وفرسان المعارف وقتا طويلا..." هكذا بالفاء التي تفيد التعقيب، فمن هم أهل اللسان وفرسان المعارف الذين لازمهم أبو الحسن الصغير وقتا طويلا؟ لا شك أنهم من أهل تازة، لأن النص يقول بعد هذا: "ثم اعتكف على قراءة "التهذيب" هكذا ثم، التي تفيد التراخي. ومن المعلوم المشهور أن قراءة كتاب "التهذيب" حفزا وفهما إنما كانت بعد رجوعه إلى فاس التي توفي بها سنة 719 هـ.
ووجود خزانة كبيرة بالمسجد الأعظم بهذه المدينة العريقة، على أي شيء يدل؟ لا يدل على أنه كانت هناك حركة فكرية، لأن هذا المسجد كان بمثابة جامعة القرويين يؤمه الطلاب من ونواحي تازة للتزود من المعرفة.
يقول بعض الأساتذة المهتمين بتاريخ تازة: إنه – حسب الإحصاءات الموجودة في الحوالة الحبسية – كان بخزانة المسجد أكثر من عشرة آلاف مجلد في قصر بني مرين، أقول لم يبق من هذه المجلدات إلى ما يقرب من سبعمائة مخطوط !
وحينما ترجم العلامة المرحوم سيدي عبد الله كنون لشخصية ابن بري التازي في جريدة "الميثاق" عدد": 236 قال عن تازة ما يلي:
"وكان الوسط العلمي في تازة إبان الملك مزدهرا بسبب عناية الدولة الجديدة – وهي دولة المرينيين – بهذه المدينة، لأنها كانت من أوائل المدن التي دخلت في طاعتهم، وصارت بعد ذلك هي وناحيتها منطلقهم إلى الغرب، وقد جددوا معالمها، وأنشأوا فيها مساجد ومدارس لطلبة العلم، ورتبوا المدرسين حتى أصبحت ثالثة مدن المغرب الكبرى كما يقول الحسن الوزان، وهي من قبل كانت دار علم ظهر منها العلماء والأدباء والمتصوفة الكبار. وقد اكتمل مجدها بإمام القراء المغاربة ومعتمدهم، أعني: مترجمنا هذا".
وحينما عرف ابن بري – كما في "المعيار" آبابن البقال التازي قال:
إنه قرأ أولا بتازة، وأخذ بها علم العدد والفرائض على أبي عبد الله العباس بن مهدي، كما أخذ علم النحو والكلام على أبي عبد الله الترحالي، ثم استوطن مدينة فاس، وتوفي بها".
وقال محمد الشرقي الإسحاقي في رحلته الحجازية: "وزرنا بتازة من الصالحين المشهورين: سيدي محمد بن، وسيدي عزوز، وسيدي ابن بري التسولي النسب التازي الدار، نشأ بتازة بزقاق الزفانين منها، واجتهد كثيرا في الذكر والبحث والمطالعة، وكان من طلبة تازة وعدولها، وانتقل إلى فاس كاتبا سنة 724هـ.
ويقول ابن بري التازي: "إنه قرأ القرآن كله برواية نافع من طريق ورش وقالون على نحو ما نظمه في رجزه على ابن حمدون المتوفى بتازة..." وهو مدفون معه في ضريحه، وإلى هذا يشير في رجزه:
حسبما قرأت بالجميــع = على ابن حمدون أبي الربيـع
المقرئ المحقق الفصيـح = ذي السند المقدم الصحيــح
وأبو مهدي عيسى بن عبد الله الترجالي كان من تلاميذ ابن بري البارزين، وطلبة تازة المتفوقين، ثم ولى قضاء تازة، وأصبح من شيوخها المرموقين، وقد وجدت له فتوى في "المعيار" للونشريسي تتضمن أنه حكم على رجل من أهل تازة في قضية ما...ثم عرض نص حكمه على فقهاء فاس بسبب تشكي الأب من الحكم في قضية ابنته، وفي آخر الفتوى قال الرجالي: "فبعث عقد الحكم اليزناسني – نفعه الله – فكتب بيده تحت سجل الحكم: إنه صحيح جار على الكتاب والسنة، وطالعه الفقيه السطي وغيره من الفقهاء، ووقع فيه مجلس بحضرة المولى نصهر الله، حضره الفقيه أبو سالم ابن أبي يحيى قبل مضيه إلى الحج، وأعلم المولى أن ذلك الرجل يعرف حاله، وانفصلت القضية...ثم يقول الترجالي:
"وكان وقف على ذلك الحكم بالأمر العلي فقهاء تازة: أبو عبد الله بن عطية مع عبد الله بن عمر المفتي وعبد الرحمان بن أبي زيد الوادي، وغيرهم، فلم يجدوا بابا للفسخ". هذا، وقد ذكر مؤلف كتاب "المعيار" بعض الفتاوى الفقهية لهذا القاضي التازي. وبالإضافة إلى هؤلاء الفقهاء التازيين هناك فقيه تازي آخر ضرب في ميدان الفتوى بسهم وافر.
وساهم في الحركة الفكرية بتازة مساهمة كبيرة، هذا الفقهي هو أبو عبد الله محمد بن عبد المومن التازي، فقد وصفه العلامة الونشريسي في "المعيار" بقوله: "وسئل فقيه تازة ومفتيها أبو عبد الله محمد بن عبد المومن، وأثبت نص السؤال مع الفتوى، ومرة حلاه بقوله: "وأجاب الفقيه القاضي المدرس المفتي القدوة أبو عبد الله محمد بن عبد المومن رضي الله عنه ونفع به بما نصه. وثالثا ذكره حينما وقعت نازلة بحضرة فاس، وسئل عنها – كما يقول الونشريسي – أعيان أئمتها، وأئمة تلمسان من أهل هذا الشأن، وأثبت نص السؤال، وكان أول المفتين الذين ذكرهم "المعيار"، في هذه النازلة الفقيه أبو عبد الله محمد بن عبد المومن التازي، وأثبت فتواه التي كانت سنة 782هـ.
وعقب على هذه الفتوى بالصحة كل من العالمين الفقيهين الجليلين: إبراهيم اليزناسني، وعبد الرحيم اليزناسني، الفقيهين المفتيين الشهيرين بفاس.
وما ذكرته من فتاوى القاضي الترجالي، ومحمد بن عبد المومن، إلا مظهر واحد من مظاهر الاحتكاك والتبادل العلمي بين فقهاء تازة وفاس.
ولم تقتصر علاقة تازة العلمية على فاس فقط، بل كانت هناك علاقة علمية مع تلمسان، فقد ورد في كتاب "المعيار" ما أتى:
"وسئل الشيخ أوب عبد الله سيدي حمد بن أحمد مرزوق من بلد تازة محروسة بالله عن مسألة تتعلق برجل؟؟بس على أولاده أملاكا، ثم على أولادهم وأولاد أولادهم الذكور جون الإناث...إلخ، فأجاب رحمه اله بما نصه، وأثبت الجواب الذي كان بتاريخ جمادى الأولي 809 هـ.
وكذا العلاقات العلمية المتبادلة التي كانت بين ابن يجبش التاريخي الشاعر الصوفي، وبين الشيخ الإمام السنوسي، لقد مدح ابن يجبش بقصيدة شعرية ؟؟رح العقدية الصغرى التي ألفها الإمام السنوسي الذي كان قد وجه هذا الشرح إلى ابن يجبش الذي قرظ بقصيدة شعرية أخرى إحدى مؤلفات الشيخ السنوسي في حديث.
وإذن فلا غرابة إذا قال الحسن الوزان الذي زار مدينة تازة في العهد الوطاسي بأنها: "تحتل الدرجة الثالثة في المملكة من حيث المكانة والحضارة، ففيها جامع أكبر من جامع فاس، وسكانها الشجعان الكرماء...من بينهم عدد كبير من العلماء الأخيار والأثرياء، لأن أراضيها تنتج أحيانا ثلاثين ضعف ما يبذر فيها".
"ومن عادة ملوك فاس لهذا العهد أنهم يقطعون لهذه المدينة لثاني أبنائهم. ومن الواجب، والحق يقال، أن تكون حاضرة المملكة لطيب هوائها صيفا وشتاء، وكان ملوك بني مرين يقيمون بها الصيف كله، لا لهذا السبب فحسب، ولكن لحراسة البلاد وحمايتها من أعراب الصحراء الذين يأتون كل سنة ليمتاروا ويحملوا تمور سجلماسة قصد استبدالها بالحبوب، ويكسب أخل المدينة ربحا وافرا من الحبوب التي يبيعونها للأغراب بثمن مرتفع، وباختصار فإن تازة محظوظة جدا سوا فيما يخص المدينة ذاتها أو السكان...".
والجدير بالذكر أن تازة كانت في بعض العصور ملتقى العلماء والأدباء والرحالة والفقهاء ورجال التصوف والتاريخ، فقد زارها:
1- لسان الدين ابن الخطيب المتوفى سنة 776هـ،
2- كما زارها الفقيه الإمام بحجة القاضي أبو عبد الله محمد بن أحمد المقرئ التلمساني حيث قال: "وكنت لقيت بتازة الفقيه أبا عبد الله بن عطية، والأستاذ أبا عبد الله المجاصي، والأستاذ أبا السحن الجيار وغيرهم".
3- ومن الشخصيات العلمية التي زارت تازة الشيخ الإمام العلامة أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أحمد الأبلي التلمساني، حيث التقى بابن بري والترجالي، وجرت بينهم مساجلات أدبي..
4- وزارها الرحالة ابن بطوطة الذي كان على قيد الحياة عام: 770 هـ.
5- والشيخ حسن بن على بن عمر القسطنطيني المعروف بابن الفكون، وهو من شعراء المغرب الأوسط، له قصيدة شعرية ضمنها رحلته من فسطنطينية إلى مراكش من جملة ما قال فيها:
ولما جئت وجدة همت وجدا = بمخنث المعاطــف معنوي
وحل رشا الرباط رشا رباطي = وتيمـني بطــرف بابلــي
ويعني الشاعر بالرباط رباط تازة، وكانت المدينة نفسها تدعى رباط تازة، وكثيرا ما تلتبس على الكتاب برباط الفتح الذي تأسس بعدها بعدة قرون.
6- بالإضافة إلى ابن الحسن الوزان المتوفى بتونس سنة 960 والذي زار تازة في العهد الوطاسي.
هذه نصوص تاريخية ناطقة بمكانة تازة العلمية.
أما إذا رجعنا إلى الإنتاجات الأدبية بما فيها الشعر والنظم فإننا نجد أن تازة وإقليمها أنجبا عددا من الأعلام في هذين الميدانين في مختلف العصور:
1- فهذا عيسى بن عمران التسولي التازي قاضي الجماعة المتوفى بمراكش 578 هـ، وجدت له قصيدة ومقطوعة تبلغان 35 بيتا.
2- وهذا أحمد بن شعيب الجزنائي التازي المتوفى سنة 749 هـ، وجدت له سبع قصائد تبلغ 107 أبياتا.
3- وكذا إبراهيم التازي الشاعر الصوفي دفين وهران والمتوفى سنة 866 هـ وجدت به تسع قصائد يبلغ عدد أبياتها 213 بيتا.
4- وهذا ابن يجبش التازي الشاعر الصوفي دفين تازة والمتوفى سنة 920 هـ، عثرت له لحد الآن 24 قصيدة، يبلغ عدد أبياتها أكثر من 500 بيت.
5- وهذا أحمد الحبيب اليعقوبي الرشيدي الشاعر الصوفي دفين رشيدة، والمتوفى بها سنة 1243هـ، عثرت له على ثمان قصائد تبلغ 225 بيتا.
6- وكذا أبو العباس أحمد بن فتوح التازي الشاعر الصوفي الذي كان حيا أواسط القرن الثاني عشر، وله علاقة وثيقة بالزاوية الشرقاوية، عثرت له في الخزانة الحسنية على خمس قصائد تبلغ 240 بيتا.
هذا بالنسبة للشعر أما بالنسبة للنظم، فإننا نجد:
• منظومة في غريب القرآن، ولازالت?
ابن بطوطة في الخزانة العامة، تبلغ أبياتها 60 بيتا، وهي من نظم محمد بن شعيب المجاصي، أحد تلامذة ابن بري التازي.
• منظومة أخرى للشيخ احمد زروق، توفى بليبيا سنة 899 هـ، تبلغ ستمائة بيت في بيان عيوب النفس، وطرق إدراجها وهي مخطوطة في خزانة تطوان.
• منظومة ثالثة للأستاذ أبي عبد الله أحمد بن منصور العامري التازي، المتوفى بالمشرق عام 1170 هـ، وتبلغ ؟؟؟ بيتا، يتعلق موضوعها ببيان مراحل الطريق التي يقطعها الحاج منذ خروجه من تازة إلى وصوله للحرمين الشريفين.
• منظومة رابعة لابن بري التازي، المسماة: "الدرر اللوامع في أصل مقرأ ؟؟؟"، يبلغ عدد أبياتها،/ 274 بيتا وهي ؟؟علق بالقراءات وقواعد التجويد.
• نظم على لسان "بهرام" لعلي بن عبد السلام التسولي، شارح تحفة ابن عاصم ؟؟؟غ 31 بيتا.
• وللفقيه العلامة سيدي محمد الخصاصي التازي قصيدة شعرية تبلغ بيتا، يمدح بها أخاه أحمد المتوفى سنة ؟؟؟13 هـ.
وتكون هذه المجموعة من الشعر ؟؟نظم لحد الآن أكثر من ثلاثة آلاف بيت.
وبالنسبة للإنتاج الفقهي، فإني قسمته إلى قسمين:
- قسم خاص بالفتاوى الشرعية،
- وقسم خاص بالمؤلفات الفقهية.
فبالنسبة للقسم الأول، فإن ما استطعت أن أجرده وأجمعه من كتاب "المعيار..." وكتاب "النوازل" للعملي، بالإضافة إلى كتاب "النوازل" المطبوع بالطباعة الحجية الفاسية لمحمد بن الحسن المجاصي نزيل مكناس بلغ ثلاثا وستين ومائة فتوى لفقهاء تازيين، وهذا بقطع النظر عن النوازل المخطوطة في الخزانة الحسنية رقم: 12574 والتي تبلغ ست مجلدات وهو للنوازل حامل لواء المذهب المالكي أبي الحسن على بن عبد السلام التسولي، نزيل فاس، والمتوفى بها عام 1258هـ، ولم أنقل منها أية فتوى، ولذا لا أتحدث في هذا المقال إلا عن الفتاوى التي تحت يدي.
وإلى القارئ اسم الفقيه التازي المفتي مع بيان عدد فتاويه:
1- الفقيه محمد بن سليمان السطي الأوربي نسبة إلى أوربة إحدى قبائل تازة، وكان مدرسا بحضرة أبي الحسن المريني بفاس، والمتوفى غريقا بشاطئ تونس عام 749 هـ، وقد وجدت له في كتاب "المعيار" ثمان فتاوى في قضايا مختلفة.
2- ابن البقال التازي، دفين باب الفتوح بفاس والمتوفى بها عام: 725 هـ، وجدت له في "المعيار" 29 جوابا عن 29 سؤالا كان قد وجهها إليه ابن العشاب من مدينة تازة.
3- أبو مهدي عيسى الترجالي قاضي تازة، وجدت له في "المعيار" 3 فتاوى.
4- محمد بن عبد المومن التازي، وجدت له في "المعيار" كذلك إحدى عشرة فتوى.
5- عمر بن عبد الرحمان الجزنائي نسبة إلى جزناية، القبيلة الأمازيغية النازلة شمال مدينة تازة، وكان حيا عام 900 هـ، وجدت له في كتاب "النوازل" للفقيه العلمي (الجزء الأول). فتوى طويلة حول مسألة "الوزيعة" وفتوى أخرى طويلة في "المعيار" (الجزء الأول) حول ما جرى عليه العامة من ستر الموتى بالحرير.
وقد ورد كلام طويل لهذا الفقيه في كتاب "أزهار الرياض" ج4/ص:1183، انتقد فيه بعض الأبيات للقاضي عياض في تشوقه إلى المدينة المنورة؛ إلا أن مؤلف "أزهار الرياض" قال: "إنه وقف لبعض المتأخرين من أهل فاس (ولم يذكر اسمه) على تأليف بديع يتعلق بهذا الموضوع، وقد رد فيه على عمر الجزنائي، وسمى مؤلفه: "الإعلام للقريب والنائي في بيان خطأ عمر الجزنائي".
وقد نقل المقري هذا التأليف الذي استغرق الرد عليه من صفحة: 183 إلى صفحة: 239 من "الأزهار"، وأن هذه المناقشة وقعت في ربيع الأول عام 908هـ.
6- الفقيه خلف الله بن يحيى المجاصي، نزيل فاس، والمتوفى بها عام 732 هـ، والمجاصي نسبة إلى "مجاصة" إحدى قبائل تازة الواقعة بأهل بودريس، وقد انتسب إليها كثير من الفقهاء والمقرئين، وقد وجدت له في "المعيار" ثلاثة من الفتاوى.
7- الفقيه النوازلي محمد بن الحسن المجاصي، نزيل مكناس، والمتوفى بها عام: 1103 هـ، له كتاب "نوازل المجاصي" في جزء يشتمل على 136 صفحة، عدا الكلمة الختامية والفهرس، وعلى 93 فتوى.
وقد وجدت هذه "النوازل" في مكتبة المرحوم العلامة سيدي عبد الله كنون بطنجة وقد قدمها إلى مصورة كمساعدة ثقافية منه نور الله ضريحه.
وقد قرظ هذه الفتاوى عبد المالك التاجموعتي السجلماسي فقال:
"طالعني الأخ في الله العلامة المهام قاضي الإسلام أبو عبد الله سيدي محمد
* البهجة على شرح التحفة" وهو مطبوع في جزأين.
* شرح أو حاشية على لامية الزقاق، ويوجد هذا الشرح مخطوطا بمكتبة المرحوم العلامة سيدي عبد الله كنون الحسني تحت رقم 6503.
تكملة شرح "الشامل" لفقيه بهرام، ويوجد مخطوطا في أربعة أجزاء بخزانة القرويين تحت رقم: 460، وقد أتمه بأمر من مولاي سليمان، فقد شرحه بعض العلماء، ومات إتمامه، وأراد مولاي سليمان إتمامه على منوال صاحبه فقيل للسلطان: هذا هو الذي يتممه على نحو ما أردت، فلما أكلمه ورآه السلطان قدس الله ضريحه، أعجبه هذا الصنيع وأحسن إليه.
ورد هذا الكلام في كتاب مخطوط بالخزانة الحسنية، وهو "نزهة الأبصار والاستبصار" للمشرقي حينما تحدث عن ترجمة قصيرة للفقيه التسولي ويحمل المخطوط رقم: 1655. يقول الأستاذ المرحوم العابد الفاسي في الجزء الأول من مخطوطات خزانة القرويين: إن الفقيه التسولي أتم شرح "الشامل" في أربعة أجزاء، وأن المؤلف تعرض في آخره إلى قضية حانوت بسوق السباط حبسها السلطان مولاي سليمان على من يدرس "الشامل" لبهرام، وكان الشارح يتصرف في خراجها مدة، ثم بيعت أيام الفتنة 1236 هـ، وقدم الشيخ التسولي لأمير وقته قصيدة تائية في الموضوع، منكرا بيعها من الوجهة الشرعية، وطالبا رجوعها لأصلها من التحبيس، وعقب القصيدة وثيقة استرعائية بتحبيس الحانوت المذكورة بعام 1248هـ، ثم علامة عدلين. وقد أثبثت هذه القصيدة في بحث قصير تحدثت فيه عن فقهاء، تازة الشعراء والناظمين.
* تقييد على قول المختصر وخصصت نية الحالف ذ، ويجد مصورا عندي
* بالإضافة إلى مؤلف آخر وهو "مناقب وكرامات مولاي العربي بن الشيخ الطيب الوزاني، وهو مخطوط بخزانة القرويين رقم 2436.
* "البسيط" فقد جاء في "مذكرات من التراث المغربي" المجلد الخامس ص: 26 -27 ما يأتي تحت عنوان: "محاولات الإصلاح في بداية القرن العشرين" للكاتب أحمد الكوهن المغيلي:
"كان أبو الحسن على بن عبد السلام التسولي المسمى مديدش قاضيا وأستاذا في القرويين سنة 1242 هـ، واهتم هو أيضا بالجهاد وبتنظيم الجيش، وساق أهم ما جاء في كتاب "البسيط" إلا أنه لم يذكر أين يوجد هذا الكتاب؟ وهل هو مطبوع أو مخطوط؟
2- كما ترك الفقيه أحمد البويعقوبي التازي الشهير بالملوي أحد تلامذة الشيخ الإمام الفقيه سيدي محمد التاودي بنسودة المري – الأندلسي أصلا، الفاسي منشأ ودارا – مؤلفات في الفقه في:
* "تحفة القضاة ببعض مسائل الرعاة"، ويوجد هذا الكتاب مخطوطا عندي، كما يوجد مخطوطا بخزانة تطوان رقم 489 ضمن مجموع ص: 61.
* "التحرير بمسائل التصيير".
ويوجد هذا الكتاب مخطوطا عندي، كما يوجد مخطوطا بالخوانة الحسنية رقم: 5171، وبخزانة تطوان رقم: 105، ومطبوعا طباعة حجرية بمكتبة المرحوم العلام عبد الله كنون رقم 6514.
* "مناسك الحج"، وهو مخطوط بالخزانة الحسنية رقم: 228/2ن وبخزانة تطوان رقن 520
* "رسالة في الزكاة"، وهو مخطوط بخزانة تطوان 520 ضمن مجموع، توفي عام: 1196 هـ.
يقول الأستاذ أبو بكر البوخصيبي في كتابه "أضواء على ابن يجبش التازي" ص: 51. "إن أحمد الملوي هذا هو نزيل ضفة وادي ملوية ودفينها فيما بين بركين واوطاط"، إلا أنني وجدت في مخطوط بخزانة تطوان، رقم: 520 ضمن مجموع ص: 244 ما يأتي، وقد قرأت ذلك بصعوبة:
"وجه سؤال عن مسالتين بخط الطلبة وجواب عنهما...بخط شيخنا المرحوم بفضل الله تعالى الفقيه المحقق المدرس المفتي البركة سيدي أحمد الشهير بالملوي البويعقوبي، رحمه الله تعالى ونفعنا ببركاته آمين".
"وقبره – رحمه الله عليه – قرب باب ضريح الإمام العالم البركة الصلاح سيدي على بن بري – نفع الله به – من المقبرة القديمة من مدينة تازة، وبين قبر الفقيه سيدي أحمد المذكور، وباب الروضة المذكورة نحو ذراع" هـ.
ويوجد هذا القبر حقيقة كما ورد في المخطوط السالف الذكر.
3- ومن فقهاء ناحية تازة الذين تركوا آثارا فقهية الشيخ أحمد زروق البرنوسي الأصل، فقد ترك:
* شرحا على رسالة أبي زيد القيرواني في جزأين كبيرين وهو مطبوع.
* كتابا في الفقه والتصوف.
* وشرحا على المختصر.
* إفادة الوالدين لبعض مسائل الدين".
ذكر هذه المؤلفات الثلاثة الأخيرة البحاثة المغربي الأستاذ عبد العزيز بن
عبد الله في كتابه القيم: "الموسوعة المغربية للأعلام البشرية والحضارية" ج 3 ص: 90.
4- الفقيه التازي الرابع هو عبد الله بان حم، الذي تولى قضاء تازة وناجيتها عام: 1229 هـ، ولم يشغله القضاء عن التأليف، بل كان إلى جانبه مؤلفا، حيث ألف في الفقه تأليفا سماه: "القانون المعتبر في تقرير كلام المختصر" وهو يشتمل على جزأين...
5- ومن علماء وفقهاء القرن الثالث عشر الهجري أبو عبد الله سيدي محمد الخصاصي، الذي كان رابعا في ميدان الفقه والفرائض وعل الحساب والفلك، وقد ألف تآليف في هذه الفنون منها:
*" العطر المطيب في استخراج الأوقات من الربع المجيب".
*" تحفة الألباب في استخراج الأوقات بعلم الحساب".
*"فتح الأقفال في تصريف الجامعات مع أئمة المثقال".
وقد نظم فيه منظومة قال في مطلعها:
حمدا لمن وثنا الكتــابا = وبين الفروض والحسابا
في قوله سبحانه تعالى = يوصيكم الله على ما قالا
وتشتمل على 37 بيتا.
6- الفقيه أبو الحسن علي بن عيسى التازي، ورد ذكره في مخطوط بالخزانة الحسنية رقم: 188/1، جاء في أوله ما يأتي:
"قال السيخ الفقيه العالم أبو الحسن على ابن الشيخ الفقيه أبي الحسن على بن عيسى، التازي الدار، الأوربي النسب، رحمه الله تعالى، وعفا عنه يمنه وفضله وجوده وكرمه".
"الحمد لله حق حمده، والصلاة على أفضل خلقه، وعلى آله الطيبين، وبعد"
فهذا كتاب أتعرض فيه لشرح ألفاظ قصيدة أبي الحسن على بن عطية الونشريسي الأوربي رحمه الله ورضى عنه، وأنبه على جليها وخفيها على حسب ما يعطيه صاحب العطية، ومن الله أسأل المعونة على حصول المراد، وإياه أسأل التوفيق والسداد..."
وفي "درة الحجال" ج 2 ص: 442، أن هذا الفقيه توفي بمكناسة عام: 781 هـ.
7- وتجدر الإشارة هنا إلى المؤلفات التي خلفها الفقيه المقر العروضي الفرضي النحوي الأديب أبو الحسن على بن محمد الشهير بابن بري، التازي الدار، التسولي النجار، والتي تبلغ اثني عشر مؤلفا في علم القراءات والتجويد والفقه والتوثيق والنحو والفرائض والعروض والأدب وهي:
* المنظومة الشهير المسماة: "الدرر اللوامع في أصل مقرإ الإمام نافع" والتي تشتمل على 274 بيتا وعليها شروح عديدة، أكثرها مخطوط.
* تأليف في القراءة.
* واختصر الشريسي على المقامات.
* والقانون في رواية ورش وقالون.
* وتأليف في الوثائق.
* ذكر هذه المؤلفات الأربعة الأخيرة الوزير الإسحاقي في رحلته الحجازية المخطوطة بخزانة القرويين رقم 1258 ص: 29 حينما تحدث عن زيارته لتازة، ولأوليائها الصالحين.
*" الكافي في علم العروض والقوافي"
*" اقتطاف الزهر واجتناء الثمر" اختصر فيه "زهر الآداب" للحصري القيرواني. ويوجد هذا المؤلف مصورا في حوزتي.
*"اختصر شرح الإيضاح في النحو لأبي الربيع السبتي.
* شرح وثائق الغرناطي.
* شرح عروض ابن السقاط.
يقول ابن القاضي في شرحه "الفجر الساطع..." على "الدرر اللوامع" لابن بري: إنه رأى لابن بري شرح عوض ابن السقاط، كما قال في نفس الشرح، وبلغني أنه ابتدأ وضع:
* شرح على تهذيب البراذعي، وفي شرح آخر للدرر، إلى أنه لم يكمله.
* شرح قصيدة في الفرائض، ويوجد هذا الشرح مخطوطا في الخزانة الحمزاوية بالجنوب المغربي، ذكر هذا الأستاذ البحاثة السيد محمد المنوني في مجلة "تطوان" عدد: 8 سنة، 1963 حينما تحدث عن ذخائر الخزانة الحمزاوية؟
هذه نظرة إجمالية عما خلفه بعض إعلام تازة من آثار فكرية في مجال الفقه والقراءة والشعر والنظم والفتاوى، دون التعرض لما خلفه متصوفتها من إنتاج في ميدان التصوف، ذلك الإنتاج المتفرق في مختلف الخزانات المغربية الخاصة والعامة.
وهذه النصوص التي عرضناها تدل على مكانة تازة العلمية، وهي غنية عن كل تعليق.
* دعوة الحق -العدد 286 صفر-ربيع 1-ربيع 2/ شتنبر-أكتوبر-نونبر 1991