ر
رضا البطاوى
التاريخ يعيد نفسه فى رواية يحيى حقى صح النوم
حكاية أو بالتعبير الشائع رواية يحيى حقى صح النوم هى حكاية شعوبنا الضعيفة التى بدأت تثور فى هذه الحكاية التى تنقسم لنصفين :
الأول يتحدث عن الأمس وهو سرد لمصائب تحدث فى القرية التى تمثل الوطن بدأها الرجل بتفسير أهل القرية لابعاد محطة السكة الحديد عن البلد وقيام كل واحد منهم باستحسان إبعاد المحطة عن القرية لسبب أو أكثر فى نفسه ثم ثنى بذكر صاحب الحان أو الخمارة التى هى أس الفساد فى البلد حيث تبعد أصحاب المشاكل عن حل مشاكلهم بأنفسهم ثم ثلث بذكر القصاب وهو الجزار بلغتنا الحالية وحكايته مع العاهرة التى تزوجها وتركها تخونه المرة تلو الأخرى دون أن يحل مشكلته معها ثم جاء ذكر القزم المترف الذى يعيش عالة على أموال زوجه رابعا ثم خمس بذكر زوج العرجاء وحكاية زواجهما المبنية على الرضا بالواقع وجاء ذكر الفتى الفنان سادسا الذى يكره التجارة مهنة والده ويريد أن يكون ملحنا ثم جاء ذكره كراوية فى فترة تريث سابعا ثم كان ما قبل الخاتمة وصول الأستاذ وهو خلاصة الحكاية التى تبين لنا وجهة نظر يحيى حقى فى إصلاح أحوال البلاد وهى نفس الأوضاع الحالية فالأستاذ يمثل لنا المصلح الاجتماعى فقد شخص أساس داء المجتمع فقال :
"هذا الأساس هو ما قد قر فى أنفس أهلها من شعور الضعة والهوان والتسليم والسكوت على الظلم وإيثار الراحة والسلامة ولو كان فيهما الذل على الجهاد ولو كان فيه بعض الفداء والنكوص عن المطالبة بالحق وإهمال أداء الواجب "ص91و92
إذا سبب المصائب التى تحيق بالمجتمع هو رضا المظلومين وسكوتهم على الظالمين
وأما الحل الذى اقترحه الأستاذ لنفسه لانقاذ المجتمع فهو :
"سأعمل جاهدا على بث شعور العزة والكرامة فى قلوب أهلنا واقناعهم بأن خلاصهم فى الشجاعة فى المطالبة بالحق وأداء الواجب على حد سواء " ص92
وهذا هو الحل الذى حدث فى الثورات الحالية شجاعة الثوار فى المطالبة بالحق مع أداء واجباتهم
وأما تفاصيل الحل فقد ذكرها يحيى حقى من خلال كتابة الأستاذ لمشاكل القرية واحدة واحدة وذكر الحل فبدأ الرجل بمشكلة الفلاحين مع الإيجار وأقترح أن يكون الإيجار عادلا لا يظلم الفلاح ولا المالك وبدأ الأستاذ بنفسه من خلال تأجير أرضه للفلاحين بإيجار عادل وثنى بذكر محطة السكة الحديد وسعى لاقامة المحطة بنفسه وثلث بذكر ضرورة إغلاق الحان أو الخمارة فهو بؤرة الفساد فى البلدة كما قال "ثم ينبغى إغلاق الحان لأنه بؤرة فساد ومدعاة لانصراف الرجال عن بيوتهم فهو يجمع الضال والعابث على الخائب والسارح "ص93
ثم ذكر الأستاذ حلول المشاكل الأخرى الواحدة تلو الأخرى فى قوله :
"وينبغى أن يعمل كل عاطل وأن يسدد كل مدين دينه وأن يتوب كل زوج فاسق وكل ولد عاق وأن يصان شرف كل رجل ولو رغم أنفه لئلا يكون قدوة سيئة لغيره "ص93
وبين الرجل وسائله لعمل الثورة أو القرية المثالية فبدأ بالحسنى وهى الكلام الحسن فإذا لم ينفع الكلام الحسن فالبقوة على أن يقوم بعض أهل القرية بدورهم فى تعديل كل خطأ فى أى مكان وهو قوله :
"وقد اعتزمت أنا وأصدقائى أن نحمل الناس على سلوك هذا الطريق بالحسنى أول الأمر وإلا فالبزجر والشدة وستطوع منا جماعة لمراقبة الناس فى المتاجر والأسواق بل فى بيوتهم إذ ينبغى لكل معوج أن يستقيم "ص92
وهو هنا يرسم لنا طريق ما بعد الثورة الذى ما زالت الثورات تتخبط فيه حيث طبقت الثورات الكلام الحسن فى حمل الناس على السلوك القويم ولم تطبق حتى الآن طريق الشدة والزجر
ويحيى حقى هنا يظهر فى هذا الجزء كمصلح اجتماعى كلامه كله مبنى على أسس إسلامية لا يقدمها فجة ظاهرة ولكن كل كلامه مستمد من روح الإسلام وهذا الفصل من الحكاية يكاد يكون فيه يحيى حقى هو أبو الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد فى الفكر -وإن كان هذا مستبعدا -من حيث استئصال الفساد
فى الجزء الثانى من الحكاية اليوم يقدم لنا نتائج ثورة الأستاذ وأصحابه وأولها بناء محطة السكة الحديد فى البلد الذى استوجب وجوب وجود مهن جديدة فى البلدة كناظر المحطة وصراف التذاكر وعامل النظافة واستوجب مجلس لإدارة القرية هو المجلس القروى الذى يرأسه الأستاذ
وكأن الرجل يقول لكل أصحاب الثورات الثورة تلغى النظم القديمة وتأتى بأخرى جديدة للإصلاح
وثانيها وجود نقطة مطافىء كان همها الأول اطفاء الحرائق ورفع مخلفات البيوت التى تهدمها زلزلة القطار للجدران وتشعلها شراراته وكأن يحيى حقى يقول لنا أن التقدم ما لم يكن مدروسا فإن له ضحايا فالقطار رمز التقدم هنا تسبب فى هدم البيوت القديمة وكان أهل البيوت القديمة هم ضحاياه وقد قال رجل المطافىء:
"لقد تهدم أكثر من عشرين منزلا هذا إلى جانب الحرائق التى دمرت أجران التبن من شرر القطار"ص105
وهو يدعو الثوار هنا إلى التريث فى عمل المشاريع الجديدة حتى لا يكون هناك ضحايا من الشعب
ونلاحظ أن الرجل كأنه يعيش معنا حاليا فى الثورات وسط المطالب الفئوية برفع أجور بعض الفئات من خلال قوله على لسان جندى المطافىء:
"تصور المجلس القروى يساوينا فى الكادر مع عمال النظافة فأين الإنحناء لجمع القمامة من الدخول فى اللهب والأسقف والجدران تنهدم هل هذا عدل " ص107
ومن خلال قول عامل النظافة :
"كم يبلغ مرتب العامل مثلى فى هذا البلد وكم ساعة يشتغل "ص101
ثالث النتائج هو أن التقدم يستوجب تغيير بعض الناس لمهنها فسائق العربة بالحصان الذى كان ينقل الناس من المحطة القديمة خارج القرية للقرية لم يعد له فرصة لممارسة العمل بعد وجود المحطة داخل البلدة فما كان من الراوى إلا طلب منه أن يغير مهنته إذا لم يرد أن يقيم معه ليعوله وأما صاحب الحان أو الخمارة فقد غير المهنة لأن المجلس القروى قفل الحان وساعده على التغيير السريع موت تربى القرية فعمل مكانه
والرجل هنا يبين لنا أن التغيير الثورى ينبغى أن يراعى أن أصحاب المهن الفاسدة وأسرهم ينبغى لهم مورد رزق أخر غير المهن التى تفسد الأخلاق والصحة والرجل عاب على المجلس القروى على لسان سائق العربة إنه لم يفكر فى مورد رزق أخر للرجل بعد أن فقد عمله ببناء المحطة فقال على لسان سائق العربة :
"يا أخى أتطلب منى فى مثل هذا العمر أن أتبدل "ص111 وعلى لسانه كراوية :
"إننى سأكلم لك المجلس القروى "ص112
رابع النتائج أن يغير بعض الناس أخلاقهم وأعمالهم لتناسب المرحلة الجديدة فالقزم الذى كان يعيش عالة على مال زوجته أصبح يعنى بأرضها وتاب عن شرب الخمر بعد أن قفل المجلس القروى الحان واستغنى عن الخدم والحشم هو زوجه التى كانت تحسن للمحتاجين بالمال وأصبحت تعمل داخل بيتها.
وثوراتنا لم تفعل شىء لتغير من هؤلاء الأغنياء المبذرين فما زالت الخمارات والملاهى مفتوحة وما زال الزنى موجود ومباح بحكم القانون .
خامس النتائج البحث عن أمناء للمال يقومون بترتيب عمل مالية البلد وهذا هو ما تحدث عنه حقى من خلال كلامه عن زوج العرجاء الذى استأمنه المجلس على مالية البلد من خلال مسكه للمخازن .
سادس النتائج محاربة الرذيلة فبعض أهل البلد حاربوا الرذيلة من خلال شكواهم للمجلس القروى فى زوجة القصاب وخيانتها له فحقق فى الواقعة تحقيقا وهميا وكانت النهاية هى هروب الزوجة الخائنة مع صبى الطحان ولجوء القصاب للدروشة بالمداومة على الصلاة فى المسجد وإطالتها للهرب مما يقوله الناس عنه وراحة لنفسه كما يقول.
وحقى يريد من خلال هذا الجزء يريد أن يقول أن المجتمع ومؤسساته مسئولون عن أخلاق الناس ومحاسبتهم عليها من خلال طرحه لمشكلة زنى الزوجة وخيانتها وهو ما لم يقم به المجلس القروى كما ينبغى .
سابع النتائج أن الفنون ينبغى ألا تكون مهن احترافية يسترزق منها وإنما هوايات لاصلاح وإسعاد المجتمع لأنها تحطم أصحابها فى النهاية وحقى يقدم لنا الفتى الفنان فى هذا الجزء وقد رجع عن فكرة احتراف التلحين لأن حياة الفنانين كما قال الفتى :"ولو سرت فى هذا الدرب إلى غايته للحقت بزمرة الموسيقيين الذين تنتهى حياتهم بالانتحار أو الجنون " وعمل الفتى بمهنة أبيه فى دكان الحبوب ولكنه كما قال ظل غاويا أو هاويا للموسيقى ويبين لنا حقى أن الجمهور لا يهمه الفنان وإنما يهمه إنتاجه وهو قوله "فجمهور الفنان لا يعنى إلا بإنتاجه يطلب المزيد والمزيد منه ولا يهمه هل تحطمت نفسه أم لم تتحطم "
إذا الرجل يقول لنا أن الفنون بصورتها الاحترافية هى تدمير لحياة الفنانين ولذا ينبغى أن تظل هوايات هادفة للخير وهو محق فى قوله فالفنانين يستهلكون أنفسهم ويستعينون على الأداء الإحترافى بعمل الموبقات كشرب الخمر وتناول المخدرات والزنى والتقاليع الجديدة المحرمة ظنا منهم أن ذلك يساعدهم على تجديد الإنتاج.
ويختم الرجل حكايته بلقاء الأستاذ ويقدم النصح له خاصة فى حكاية البعد عن سماع كلام المنافقين ويخص الرجل بالذكر الواعظ الذى مدح الأستاذ بنفس الكلام الذى كان يمدح به العمدة الظالم السابق فيتقبل الرجل النصيحة قائلا:
"أتحسبنى مغفلا أتظن أنى آكل من هذا الهراء نعم أعلم أن الواعظ قال مثل هذا الكلام لمن سبقنى وليس هو وحده بل كثيرون "ص146
وحقى هنا يبين لنا أن أسوأ المنافقين هم من يدعون العلم بالإسلام حتى يحصلوا المال فهم أول من ينخر فى أساس المجتمع ويدعو لظلم الحكام مبررين هذا الظلم بأكاذيب بعيدة عن الدين ينسبونها للدين
وفى هذا الجزء يتحدث الراوى والأستاذ عن صفات الحاكم العادل وما ينبغى عليه عمله وما يعترضه من صعاب .
يحيى حقى فى كتابه هذا قدم لنا وجهة نظره فى إصلاح المجتمع وفى صفات الحاكم وفى كيفية التغيير المنشود وقد أفلح فى كثير مما قاله .
الرجل حقق فى هذه الحكاية مبدأ التعبير عن أحكام الإسلام ولكن دونما إشارة صريحة لأى من هذه الأحكام فلم يذكر آية أو حديث فى تلك الحكاية وإنما عالج من خلالها كثير من مشاكل الأمة .
حكاية أو بالتعبير الشائع رواية يحيى حقى صح النوم هى حكاية شعوبنا الضعيفة التى بدأت تثور فى هذه الحكاية التى تنقسم لنصفين :
الأول يتحدث عن الأمس وهو سرد لمصائب تحدث فى القرية التى تمثل الوطن بدأها الرجل بتفسير أهل القرية لابعاد محطة السكة الحديد عن البلد وقيام كل واحد منهم باستحسان إبعاد المحطة عن القرية لسبب أو أكثر فى نفسه ثم ثنى بذكر صاحب الحان أو الخمارة التى هى أس الفساد فى البلد حيث تبعد أصحاب المشاكل عن حل مشاكلهم بأنفسهم ثم ثلث بذكر القصاب وهو الجزار بلغتنا الحالية وحكايته مع العاهرة التى تزوجها وتركها تخونه المرة تلو الأخرى دون أن يحل مشكلته معها ثم جاء ذكر القزم المترف الذى يعيش عالة على أموال زوجه رابعا ثم خمس بذكر زوج العرجاء وحكاية زواجهما المبنية على الرضا بالواقع وجاء ذكر الفتى الفنان سادسا الذى يكره التجارة مهنة والده ويريد أن يكون ملحنا ثم جاء ذكره كراوية فى فترة تريث سابعا ثم كان ما قبل الخاتمة وصول الأستاذ وهو خلاصة الحكاية التى تبين لنا وجهة نظر يحيى حقى فى إصلاح أحوال البلاد وهى نفس الأوضاع الحالية فالأستاذ يمثل لنا المصلح الاجتماعى فقد شخص أساس داء المجتمع فقال :
"هذا الأساس هو ما قد قر فى أنفس أهلها من شعور الضعة والهوان والتسليم والسكوت على الظلم وإيثار الراحة والسلامة ولو كان فيهما الذل على الجهاد ولو كان فيه بعض الفداء والنكوص عن المطالبة بالحق وإهمال أداء الواجب "ص91و92
إذا سبب المصائب التى تحيق بالمجتمع هو رضا المظلومين وسكوتهم على الظالمين
وأما الحل الذى اقترحه الأستاذ لنفسه لانقاذ المجتمع فهو :
"سأعمل جاهدا على بث شعور العزة والكرامة فى قلوب أهلنا واقناعهم بأن خلاصهم فى الشجاعة فى المطالبة بالحق وأداء الواجب على حد سواء " ص92
وهذا هو الحل الذى حدث فى الثورات الحالية شجاعة الثوار فى المطالبة بالحق مع أداء واجباتهم
وأما تفاصيل الحل فقد ذكرها يحيى حقى من خلال كتابة الأستاذ لمشاكل القرية واحدة واحدة وذكر الحل فبدأ الرجل بمشكلة الفلاحين مع الإيجار وأقترح أن يكون الإيجار عادلا لا يظلم الفلاح ولا المالك وبدأ الأستاذ بنفسه من خلال تأجير أرضه للفلاحين بإيجار عادل وثنى بذكر محطة السكة الحديد وسعى لاقامة المحطة بنفسه وثلث بذكر ضرورة إغلاق الحان أو الخمارة فهو بؤرة الفساد فى البلدة كما قال "ثم ينبغى إغلاق الحان لأنه بؤرة فساد ومدعاة لانصراف الرجال عن بيوتهم فهو يجمع الضال والعابث على الخائب والسارح "ص93
ثم ذكر الأستاذ حلول المشاكل الأخرى الواحدة تلو الأخرى فى قوله :
"وينبغى أن يعمل كل عاطل وأن يسدد كل مدين دينه وأن يتوب كل زوج فاسق وكل ولد عاق وأن يصان شرف كل رجل ولو رغم أنفه لئلا يكون قدوة سيئة لغيره "ص93
وبين الرجل وسائله لعمل الثورة أو القرية المثالية فبدأ بالحسنى وهى الكلام الحسن فإذا لم ينفع الكلام الحسن فالبقوة على أن يقوم بعض أهل القرية بدورهم فى تعديل كل خطأ فى أى مكان وهو قوله :
"وقد اعتزمت أنا وأصدقائى أن نحمل الناس على سلوك هذا الطريق بالحسنى أول الأمر وإلا فالبزجر والشدة وستطوع منا جماعة لمراقبة الناس فى المتاجر والأسواق بل فى بيوتهم إذ ينبغى لكل معوج أن يستقيم "ص92
وهو هنا يرسم لنا طريق ما بعد الثورة الذى ما زالت الثورات تتخبط فيه حيث طبقت الثورات الكلام الحسن فى حمل الناس على السلوك القويم ولم تطبق حتى الآن طريق الشدة والزجر
ويحيى حقى هنا يظهر فى هذا الجزء كمصلح اجتماعى كلامه كله مبنى على أسس إسلامية لا يقدمها فجة ظاهرة ولكن كل كلامه مستمد من روح الإسلام وهذا الفصل من الحكاية يكاد يكون فيه يحيى حقى هو أبو الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد فى الفكر -وإن كان هذا مستبعدا -من حيث استئصال الفساد
فى الجزء الثانى من الحكاية اليوم يقدم لنا نتائج ثورة الأستاذ وأصحابه وأولها بناء محطة السكة الحديد فى البلد الذى استوجب وجوب وجود مهن جديدة فى البلدة كناظر المحطة وصراف التذاكر وعامل النظافة واستوجب مجلس لإدارة القرية هو المجلس القروى الذى يرأسه الأستاذ
وكأن الرجل يقول لكل أصحاب الثورات الثورة تلغى النظم القديمة وتأتى بأخرى جديدة للإصلاح
وثانيها وجود نقطة مطافىء كان همها الأول اطفاء الحرائق ورفع مخلفات البيوت التى تهدمها زلزلة القطار للجدران وتشعلها شراراته وكأن يحيى حقى يقول لنا أن التقدم ما لم يكن مدروسا فإن له ضحايا فالقطار رمز التقدم هنا تسبب فى هدم البيوت القديمة وكان أهل البيوت القديمة هم ضحاياه وقد قال رجل المطافىء:
"لقد تهدم أكثر من عشرين منزلا هذا إلى جانب الحرائق التى دمرت أجران التبن من شرر القطار"ص105
وهو يدعو الثوار هنا إلى التريث فى عمل المشاريع الجديدة حتى لا يكون هناك ضحايا من الشعب
ونلاحظ أن الرجل كأنه يعيش معنا حاليا فى الثورات وسط المطالب الفئوية برفع أجور بعض الفئات من خلال قوله على لسان جندى المطافىء:
"تصور المجلس القروى يساوينا فى الكادر مع عمال النظافة فأين الإنحناء لجمع القمامة من الدخول فى اللهب والأسقف والجدران تنهدم هل هذا عدل " ص107
ومن خلال قول عامل النظافة :
"كم يبلغ مرتب العامل مثلى فى هذا البلد وكم ساعة يشتغل "ص101
ثالث النتائج هو أن التقدم يستوجب تغيير بعض الناس لمهنها فسائق العربة بالحصان الذى كان ينقل الناس من المحطة القديمة خارج القرية للقرية لم يعد له فرصة لممارسة العمل بعد وجود المحطة داخل البلدة فما كان من الراوى إلا طلب منه أن يغير مهنته إذا لم يرد أن يقيم معه ليعوله وأما صاحب الحان أو الخمارة فقد غير المهنة لأن المجلس القروى قفل الحان وساعده على التغيير السريع موت تربى القرية فعمل مكانه
والرجل هنا يبين لنا أن التغيير الثورى ينبغى أن يراعى أن أصحاب المهن الفاسدة وأسرهم ينبغى لهم مورد رزق أخر غير المهن التى تفسد الأخلاق والصحة والرجل عاب على المجلس القروى على لسان سائق العربة إنه لم يفكر فى مورد رزق أخر للرجل بعد أن فقد عمله ببناء المحطة فقال على لسان سائق العربة :
"يا أخى أتطلب منى فى مثل هذا العمر أن أتبدل "ص111 وعلى لسانه كراوية :
"إننى سأكلم لك المجلس القروى "ص112
رابع النتائج أن يغير بعض الناس أخلاقهم وأعمالهم لتناسب المرحلة الجديدة فالقزم الذى كان يعيش عالة على مال زوجته أصبح يعنى بأرضها وتاب عن شرب الخمر بعد أن قفل المجلس القروى الحان واستغنى عن الخدم والحشم هو زوجه التى كانت تحسن للمحتاجين بالمال وأصبحت تعمل داخل بيتها.
وثوراتنا لم تفعل شىء لتغير من هؤلاء الأغنياء المبذرين فما زالت الخمارات والملاهى مفتوحة وما زال الزنى موجود ومباح بحكم القانون .
خامس النتائج البحث عن أمناء للمال يقومون بترتيب عمل مالية البلد وهذا هو ما تحدث عنه حقى من خلال كلامه عن زوج العرجاء الذى استأمنه المجلس على مالية البلد من خلال مسكه للمخازن .
سادس النتائج محاربة الرذيلة فبعض أهل البلد حاربوا الرذيلة من خلال شكواهم للمجلس القروى فى زوجة القصاب وخيانتها له فحقق فى الواقعة تحقيقا وهميا وكانت النهاية هى هروب الزوجة الخائنة مع صبى الطحان ولجوء القصاب للدروشة بالمداومة على الصلاة فى المسجد وإطالتها للهرب مما يقوله الناس عنه وراحة لنفسه كما يقول.
وحقى يريد من خلال هذا الجزء يريد أن يقول أن المجتمع ومؤسساته مسئولون عن أخلاق الناس ومحاسبتهم عليها من خلال طرحه لمشكلة زنى الزوجة وخيانتها وهو ما لم يقم به المجلس القروى كما ينبغى .
سابع النتائج أن الفنون ينبغى ألا تكون مهن احترافية يسترزق منها وإنما هوايات لاصلاح وإسعاد المجتمع لأنها تحطم أصحابها فى النهاية وحقى يقدم لنا الفتى الفنان فى هذا الجزء وقد رجع عن فكرة احتراف التلحين لأن حياة الفنانين كما قال الفتى :"ولو سرت فى هذا الدرب إلى غايته للحقت بزمرة الموسيقيين الذين تنتهى حياتهم بالانتحار أو الجنون " وعمل الفتى بمهنة أبيه فى دكان الحبوب ولكنه كما قال ظل غاويا أو هاويا للموسيقى ويبين لنا حقى أن الجمهور لا يهمه الفنان وإنما يهمه إنتاجه وهو قوله "فجمهور الفنان لا يعنى إلا بإنتاجه يطلب المزيد والمزيد منه ولا يهمه هل تحطمت نفسه أم لم تتحطم "
إذا الرجل يقول لنا أن الفنون بصورتها الاحترافية هى تدمير لحياة الفنانين ولذا ينبغى أن تظل هوايات هادفة للخير وهو محق فى قوله فالفنانين يستهلكون أنفسهم ويستعينون على الأداء الإحترافى بعمل الموبقات كشرب الخمر وتناول المخدرات والزنى والتقاليع الجديدة المحرمة ظنا منهم أن ذلك يساعدهم على تجديد الإنتاج.
ويختم الرجل حكايته بلقاء الأستاذ ويقدم النصح له خاصة فى حكاية البعد عن سماع كلام المنافقين ويخص الرجل بالذكر الواعظ الذى مدح الأستاذ بنفس الكلام الذى كان يمدح به العمدة الظالم السابق فيتقبل الرجل النصيحة قائلا:
"أتحسبنى مغفلا أتظن أنى آكل من هذا الهراء نعم أعلم أن الواعظ قال مثل هذا الكلام لمن سبقنى وليس هو وحده بل كثيرون "ص146
وحقى هنا يبين لنا أن أسوأ المنافقين هم من يدعون العلم بالإسلام حتى يحصلوا المال فهم أول من ينخر فى أساس المجتمع ويدعو لظلم الحكام مبررين هذا الظلم بأكاذيب بعيدة عن الدين ينسبونها للدين
وفى هذا الجزء يتحدث الراوى والأستاذ عن صفات الحاكم العادل وما ينبغى عليه عمله وما يعترضه من صعاب .
يحيى حقى فى كتابه هذا قدم لنا وجهة نظره فى إصلاح المجتمع وفى صفات الحاكم وفى كيفية التغيير المنشود وقد أفلح فى كثير مما قاله .
الرجل حقق فى هذه الحكاية مبدأ التعبير عن أحكام الإسلام ولكن دونما إشارة صريحة لأى من هذه الأحكام فلم يذكر آية أو حديث فى تلك الحكاية وإنما عالج من خلالها كثير من مشاكل الأمة .