عبدالباقي قربوعة
عبد الباقي قربوعه روائي وقاص جزائري.
الغروب يستدرج الشمس المتعبة للاستراحة.. الليل يراكم الظلام ببطء، والنجوم تطل باستحياء يخجلها أن تحل محل الاستدارة التي كانت مشرقة.. القمر يخبئ أكثر من نصفه لليالي الآتية.. أصحاب الواجهات في الشارع الرئيسي يسارعون لإظهار براعاتهم في اللعب بالأضواء الملونة..!
- كم الساعة ؟
تسأله وتنظر إلى وسطه تحدق في شيء يشبه الجيب! تسأل رجالا كثرا ولا تكتفي، أكيد لا يهمها الماضي ولا الحاضر من الزمن.!
- كم الساعة من فضلك؟
- الساعة تشير إلى السابعة.
رد الثالث بالسابعة والربع، والرابع بالسابعة والعشرين.. والعاشر بالثامنة.!
- أوف لا يفهمون.!!
تسير كما لو أنها على خشبة عرض الأزياء.. الحمرة ممتدة من قدميها حتى شعرها، استحوذت على كامل جسدها، مؤخرتها في سروال الجينز فاصلة مهمة فهي التي استوقفت المارة حتى تفضح الفقرة الذهبية لهذا النص العابر، فتنة مستيقظة على آخرها.. البريق في وجهها زاد الليلة ضياء، شفتاها تختلجان من الرغبة، تعتصران بالسكر كفصي بطيخ غائصين في الحمرة.!! تضاعفت الإنارة.. علت أغاني الرّاي من كل دكان عميق، تلتفت حيث الشارع على اليمين، تغير الحقيبة الصغيرة إلى كتفها الآخر، تسير.. تحرك وسطها وكقائدة أوركسترا بالضبط، تقود حواس المحملقين في سيمفونية عظيمة من الإثارة والشهوة.!! أفواه المارة وأفواه الباعة مفتوحة كالمغارات المهجورة، حتى الذباب أخذ راحته في التسكع فيها.!
يهوي ذاك الطويل بعنف يكاد يرشف بأنفه كل عطرها، أثار غضبها فاهتزت بكل بروزاتها.!
- تنقصك تربية.!
قالت هذا لأنه لا يملك ثمن صفقة هذا العطر الذي كلفها الكثير.!
- أيتها النتنة.!
مضت وتركته يموء كقط جائع.!
خلفه غرق أصحابه في ضحك مميت، وعادوا ليتعاونوا على غير البر والتقوى، يجمعون السجائر وعلب الكبريت وكثيرا من الحلوى، ثم راحوا يعيدون استقامة الطاولة التي أسقطها وهو ينهب بأنفه عطرها الفاخر.
شدّ كل واحد ظهره على الحائط المثقل بصور زعماء الانتخابات الفارطة، اعتدلوا جميعا حين رأوها راجعة كومة نار هائجة.!
اصطفوا جميعا فمنهم من يحك قفاه، ومن يضع يده على خده، ومن يلوك أظافره بأسنانه.. ومنهم من حجز يده بين فخذيه يستثمر ما يمكن أن يلتقطه بنظره البعيد الثاقب.! تقترب شيئا فشيئا.. تلتفت إلى كل اتجاه.. تراود السيارات الفخمة والجيوب العميقة المبطنة.. تقترب أكثر.. صارت الصورة واضحة الآن.!
- الآن اقتنع الجميع بأن البلدية تؤدي واجبها في إنارة الشوارع كما ينبغي.!
راح يرقص برجل واحدة:
- تحي البلدية، تحي البلدية.!
أحد المارة يسحب سيجارة من العلبة على يساره:
- أعطني الولاّعة من فضلك.
صاحب الطاولة وهو شاهق حد الخشوع:
- أين أثر الوَلاّعة من هذه القنبلة القادمة؟ سنحترق جميعا حتى صور الزعماء اللاّصقة على الجدار خلفنا.!
ضحك الزبون واصطف معهم، دقائق وركبت متن سيارة فاخرة، المشاهدون تحت الحائط انفلت الريق من أفواههم وتنهد ذلك الطويل تنهد اليتم.!
- آه أخذها الكلب.!
من كان يضع يده بين فخذيه يكلم صاحبه وهو يلهث كما لو أنه كان يجري:
- لقد فتحت بصري بقوة الماسح الالكتروني وأكملت واجبي.!
فصرخ في وجهه:
- أبعد عرقك عني فرائحتها لا تزال في أنفي.!
ابتعد الجميع عن الجدار عندما أقبل عمال النظافة ليزيلوا صور المرشحين القدامى تحضيرا للانتخابات القادمة. ثم أخبروهم أن صاحب السيارة الفخمة الذي أخذ العطر بشحمه ولحمه هو زعيم انتهت عهدته في التو، فراح أحد المحرومين يجزم أنه سيبيع مل ممتلكاته ويترشح للعهدة القادمة.
- كم الساعة ؟
تسأله وتنظر إلى وسطه تحدق في شيء يشبه الجيب! تسأل رجالا كثرا ولا تكتفي، أكيد لا يهمها الماضي ولا الحاضر من الزمن.!
- كم الساعة من فضلك؟
- الساعة تشير إلى السابعة.
رد الثالث بالسابعة والربع، والرابع بالسابعة والعشرين.. والعاشر بالثامنة.!
- أوف لا يفهمون.!!
تسير كما لو أنها على خشبة عرض الأزياء.. الحمرة ممتدة من قدميها حتى شعرها، استحوذت على كامل جسدها، مؤخرتها في سروال الجينز فاصلة مهمة فهي التي استوقفت المارة حتى تفضح الفقرة الذهبية لهذا النص العابر، فتنة مستيقظة على آخرها.. البريق في وجهها زاد الليلة ضياء، شفتاها تختلجان من الرغبة، تعتصران بالسكر كفصي بطيخ غائصين في الحمرة.!! تضاعفت الإنارة.. علت أغاني الرّاي من كل دكان عميق، تلتفت حيث الشارع على اليمين، تغير الحقيبة الصغيرة إلى كتفها الآخر، تسير.. تحرك وسطها وكقائدة أوركسترا بالضبط، تقود حواس المحملقين في سيمفونية عظيمة من الإثارة والشهوة.!! أفواه المارة وأفواه الباعة مفتوحة كالمغارات المهجورة، حتى الذباب أخذ راحته في التسكع فيها.!
يهوي ذاك الطويل بعنف يكاد يرشف بأنفه كل عطرها، أثار غضبها فاهتزت بكل بروزاتها.!
- تنقصك تربية.!
قالت هذا لأنه لا يملك ثمن صفقة هذا العطر الذي كلفها الكثير.!
- أيتها النتنة.!
مضت وتركته يموء كقط جائع.!
خلفه غرق أصحابه في ضحك مميت، وعادوا ليتعاونوا على غير البر والتقوى، يجمعون السجائر وعلب الكبريت وكثيرا من الحلوى، ثم راحوا يعيدون استقامة الطاولة التي أسقطها وهو ينهب بأنفه عطرها الفاخر.
شدّ كل واحد ظهره على الحائط المثقل بصور زعماء الانتخابات الفارطة، اعتدلوا جميعا حين رأوها راجعة كومة نار هائجة.!
اصطفوا جميعا فمنهم من يحك قفاه، ومن يضع يده على خده، ومن يلوك أظافره بأسنانه.. ومنهم من حجز يده بين فخذيه يستثمر ما يمكن أن يلتقطه بنظره البعيد الثاقب.! تقترب شيئا فشيئا.. تلتفت إلى كل اتجاه.. تراود السيارات الفخمة والجيوب العميقة المبطنة.. تقترب أكثر.. صارت الصورة واضحة الآن.!
- الآن اقتنع الجميع بأن البلدية تؤدي واجبها في إنارة الشوارع كما ينبغي.!
راح يرقص برجل واحدة:
- تحي البلدية، تحي البلدية.!
أحد المارة يسحب سيجارة من العلبة على يساره:
- أعطني الولاّعة من فضلك.
صاحب الطاولة وهو شاهق حد الخشوع:
- أين أثر الوَلاّعة من هذه القنبلة القادمة؟ سنحترق جميعا حتى صور الزعماء اللاّصقة على الجدار خلفنا.!
ضحك الزبون واصطف معهم، دقائق وركبت متن سيارة فاخرة، المشاهدون تحت الحائط انفلت الريق من أفواههم وتنهد ذلك الطويل تنهد اليتم.!
- آه أخذها الكلب.!
من كان يضع يده بين فخذيه يكلم صاحبه وهو يلهث كما لو أنه كان يجري:
- لقد فتحت بصري بقوة الماسح الالكتروني وأكملت واجبي.!
فصرخ في وجهه:
- أبعد عرقك عني فرائحتها لا تزال في أنفي.!
ابتعد الجميع عن الجدار عندما أقبل عمال النظافة ليزيلوا صور المرشحين القدامى تحضيرا للانتخابات القادمة. ثم أخبروهم أن صاحب السيارة الفخمة الذي أخذ العطر بشحمه ولحمه هو زعيم انتهت عهدته في التو، فراح أحد المحرومين يجزم أنه سيبيع مل ممتلكاته ويترشح للعهدة القادمة.