نقوس المهدي
كاتب
كانت هناك عدة تماثيل منحوتة على الحجر موضوعة على مسافات متساوية على طول سياج الكاتدرائية القديمة، بعض التماثيل تمثل صور ملوك ورجال دين، كل تلك التماثيل تقريباً ذات إيحاء يدلّ على التقى والورع. لكن أحد التماثيل، على الجهة الشمالية الباردة من المبنى، لم يكن على رأسه تاج أو هالة نور ووجهه متجهّم ومكتئب، لابد أن يكون شيطاناً، هذا ما ردّدته الحمامات الجاثمة على حافة السياج، لكن غراب برج الكنيسة قال لها إنه روح مفقودة. في أحد أيام الخريف، كان هناك طير جميل الصوت يرفرف على سطح الكاتدرائية قادماً من الحقول الجرداء باحثاً عن مكان يحطّ فيه في الشتاء.
حاول الطير أن يُريح قدميه على تمثال الملاك المجنّح، لكن الحمامات طردته أينما حلّ، كما أن ضوضاء العصافير أبعدته عن حافة السياج. التجأ الطير إلى تمثال الروح المفقودة الذي لا تلجأ إليه الحمامات لأنه مائل كثيراً عن العمود. كما أنه موجود في الظل. لم تكن يدا التمثال معقودة بشكل يدل على الورع كما في التماثيل الأخرى، لكنهما كانتا مفتولتين كناية عن التحدي. في كل مساء يلجأ الطير إلى زاويته المقابلة لصدر التمثال، وعيناه المظلمتان تحرسان الطير. أخذ الطير الوحيد يحب حاميه الوحيد، ومن وقت لآخر يحطّ الطائر على دعامة أخرى مطلقاً العنان لصوته الشجي وكأنه يعبّر عن شكره لهذا المأوى.
قد تكون الريح أو الطقس هي التي أعطت وجه التمثال تلك التقاطيع. التي بدأ يفقد تدريجياً شيئاً من حدتها وبؤسها. في كل يوم وخلال ساعات النهار الطويلة المملة، يُغني الطائر لحارسه الوحيد، وفي المساء عندما يقرع الناقوس، تخرج الخفافيش الرمادية الكبيرة من مخابئها، ويعود الطائر الصغير مغرداً ببضع تغريدات ويأوي إلى الذراعين. كانت تلك أياماً سعيدة للتمثال المظلم. وناقوس يقرع ناقلاً رسالته "ما بعد الفرح.. حزن"، لاحظ الأهالي طائراً رمادياً يحوم حول فناء الكاتدرائية، أعجبهم تغريده.
قالوا "يا للأسف"، "كل هذا الصوت والغناء الجميل سيضيع على الحاجز". إنهم بؤساء ويفهمون مبادئ الاقتصاد السياسي. لهذا أمسكوا بالطائر ووضعوه في قفص صغير عند الباب. افتُقد في ذلك المساء الطائر المغرّد من مكانه المعهود، ويعرف التمثال المظلم مرارة الوحدة. ربما يكون صديقه الصغير قد قتله قط متربّص، أو بالحجارة. ربما... ربما طار إلى مكان آخر. عند حلول الصباح، تردّد إلى مسامعه، في ظل ضوضاء الكاتدرائية، رسالة صديقه في القفص. اندهشت الحمامات للصمت المفاجئ عند الظهيرة، كانت العصافير تغسل نفسها عند نوافير المياه في الشارع، صعدت أغنية الطائر إلى الأعلى.. أغنية تدل على الجوع، والحنين واليأس، كانت صرخة لم يستجب لها.
لاحظت الحمامات أن التمثال مال إلى الأمام أكثر من قبل وخرج عن العمود. في أحد الأيام لم تسمع أغنية الطائر، كان يوماً من أبرد أيام الشتاء، الحمامات والعصافير تترقب من على سطح الكاتدرائية إلى فتات الطعام التي تقتات عليه في الأوقات العصيبة. قالت إحدى الحمامات "هل رمى الناس أي فتات؟" أجابتها "طائر صغير ميت فقط" كانت هناك جلبة في المساء على سطح الكاتدرائية، وصوت سقوط مبنى. قال غراب الناقوس إن الصقيع أثر على البناء. تبيّن في الصباح أن تمثال الروح المفقودة سقط من على مكانه وتحوّل إلى أشلاء. هدلت حمامة وقالت "هذا ما توقعناه تماماً" وتطلعت الحمامات لوهلة على الركام" سيكون لدينا ملاك جميل هناك "دقت الأجراس معلنة" "ما بعد الفرحة... حزن".
حاول الطير أن يُريح قدميه على تمثال الملاك المجنّح، لكن الحمامات طردته أينما حلّ، كما أن ضوضاء العصافير أبعدته عن حافة السياج. التجأ الطير إلى تمثال الروح المفقودة الذي لا تلجأ إليه الحمامات لأنه مائل كثيراً عن العمود. كما أنه موجود في الظل. لم تكن يدا التمثال معقودة بشكل يدل على الورع كما في التماثيل الأخرى، لكنهما كانتا مفتولتين كناية عن التحدي. في كل مساء يلجأ الطير إلى زاويته المقابلة لصدر التمثال، وعيناه المظلمتان تحرسان الطير. أخذ الطير الوحيد يحب حاميه الوحيد، ومن وقت لآخر يحطّ الطائر على دعامة أخرى مطلقاً العنان لصوته الشجي وكأنه يعبّر عن شكره لهذا المأوى.
قد تكون الريح أو الطقس هي التي أعطت وجه التمثال تلك التقاطيع. التي بدأ يفقد تدريجياً شيئاً من حدتها وبؤسها. في كل يوم وخلال ساعات النهار الطويلة المملة، يُغني الطائر لحارسه الوحيد، وفي المساء عندما يقرع الناقوس، تخرج الخفافيش الرمادية الكبيرة من مخابئها، ويعود الطائر الصغير مغرداً ببضع تغريدات ويأوي إلى الذراعين. كانت تلك أياماً سعيدة للتمثال المظلم. وناقوس يقرع ناقلاً رسالته "ما بعد الفرح.. حزن"، لاحظ الأهالي طائراً رمادياً يحوم حول فناء الكاتدرائية، أعجبهم تغريده.
قالوا "يا للأسف"، "كل هذا الصوت والغناء الجميل سيضيع على الحاجز". إنهم بؤساء ويفهمون مبادئ الاقتصاد السياسي. لهذا أمسكوا بالطائر ووضعوه في قفص صغير عند الباب. افتُقد في ذلك المساء الطائر المغرّد من مكانه المعهود، ويعرف التمثال المظلم مرارة الوحدة. ربما يكون صديقه الصغير قد قتله قط متربّص، أو بالحجارة. ربما... ربما طار إلى مكان آخر. عند حلول الصباح، تردّد إلى مسامعه، في ظل ضوضاء الكاتدرائية، رسالة صديقه في القفص. اندهشت الحمامات للصمت المفاجئ عند الظهيرة، كانت العصافير تغسل نفسها عند نوافير المياه في الشارع، صعدت أغنية الطائر إلى الأعلى.. أغنية تدل على الجوع، والحنين واليأس، كانت صرخة لم يستجب لها.
لاحظت الحمامات أن التمثال مال إلى الأمام أكثر من قبل وخرج عن العمود. في أحد الأيام لم تسمع أغنية الطائر، كان يوماً من أبرد أيام الشتاء، الحمامات والعصافير تترقب من على سطح الكاتدرائية إلى فتات الطعام التي تقتات عليه في الأوقات العصيبة. قالت إحدى الحمامات "هل رمى الناس أي فتات؟" أجابتها "طائر صغير ميت فقط" كانت هناك جلبة في المساء على سطح الكاتدرائية، وصوت سقوط مبنى. قال غراب الناقوس إن الصقيع أثر على البناء. تبيّن في الصباح أن تمثال الروح المفقودة سقط من على مكانه وتحوّل إلى أشلاء. هدلت حمامة وقالت "هذا ما توقعناه تماماً" وتطلعت الحمامات لوهلة على الركام" سيكون لدينا ملاك جميل هناك "دقت الأجراس معلنة" "ما بعد الفرحة... حزن".