نقوس المهدي
كاتب
تخبرنا عائلة اوبيي[2] أنه يمكن العثور على قصة بياض الثلج في جميع مناطق العالم بتنويعاتٍ طفيفةٍ، "من ايرلندا إلى آسيا الصغرى، وفي أجزاء عديدة من شمال وغرب أفريقية"[3]. نحن نتعامل إذًا مع حكاية تعني الكثير للعديد من البشر، وتستمر في الإدهاش كأسطورة.
أشعر بالتواضع إذ أستمر في التيقن من كون حكايات بسيطة كبياض الثلج لا تزال تعني الكثير لنا مما يبقى مدفونًا عميقًا في بساطتها. أنا مهيأ لأن أستنتج أن بعض الحكايات الشعبية تتاخم الأسطورة، بمعنى أني كلما قرأت أكثر عن علم الأسطورة كلما استنتجت أكثر أن هذه الحكايات تمتلك مفاتيح الأسطورة الكلاسيكية.
إذا كان هذا صحيحًا، ربما يتوجب إذًا أن نمنح أهمية أكبر لهذه الحكايات البسيطة. ربما "لُفِّقت" فقط لتظهر لنا شيئًا عن أنفسنا، وربما تكون هذه الحكايات البسيطة، مثلما اعتبرها كارل غوستاف يونغ، "التعابير اللاواعية لذواتنا..."[4]
تكمن مشكلتي مع "الأسطورة الكلاسيكية" في كونها كانت تُصدَّق ذات مرة على أنها حقيقة، وكانت ديانة الأمس، بينما لم يؤمَن بحكايات الجنيات أبدًا على هذا النحو. ولكن حكايات كهذه تعتبر "حقيقية" في عين الطفل مع ذلك. أكان إنسان القرون الوسطى أكثر "طفولية"، بدائيًا، وأقل تميزًا في إيمانه عن الإنسان المعاصر، وهل منح المصداقية لحكايات الجنيات مثلما نمنحها الآن للدين؟
أودّ أن أؤمن بأن المجتمع قد تطور بحيث يميز بشكل أفضل قليلاً بين حقيقة الـ "ربما" وخيالية الـ "ماذا إذًا..؟". مهما كان الموقف الذي يأخذه المرء من الدين، الأسطورة أو الحكاية الشعبية تتقاسم كلها غرضًا مشتركًا هو نقل المعنى؛ فقد تخطت الحكاية والأسطورة امتحان الزمن، إذ كلتاهما تتضمنان نموذجًا أساسيًا يخاطب حالتنا الراهنة. وعلى هذا الأساس، أقترح أن نأخذ الحكاية الشعبية على محمل الجد، وأن نحاول أن نكتشف ماهية هذا النموذج. ولكن مهما كان تناولي للقصة شاملاً سيبقى المعنى الأعمق دومًا، أو بصياغة يونغ: "النماذج البدئية هي العناصر الخالدة للاوعي، ولكنها تغير شكلها باستمرار"[5]. هذا "العنصر الخالد" للاوعي هو المفتاح، محفوظًا في أسطورة، ليساعدنا في فهم النموذج، خرائط اللاوعي الموجودة داخلنا جميعًا. فماذا إذا استطعنا قراءة هذه الخريطة؟ قد يكون ممكنًا أن "نخطط" أو "نحدّد" مراحل الحياة في الشخص، موضوع التحليل، وبذاك نساند العلاج النفسي.
لكي أبدأ تحليلي لحكاية بياض الثلج، سأفترض أنّ القصة إجمالاً تصف حالة النفس الأنثوية غير الناضجة. مثلاً، ثمة ثلاثة نساء في القصة: الأولى، الأم الحنون، تموت سريعًا تاركةً بطلتنا بياض الثلج دون أمٍ نفسية. ولذا يمكن أن تعتبر كل الصور في القصة، أو يمكن أن تصبح، مظاهرَ للأنثوي أو الـ "أنثوية anima"، بصرف النظر عن الجنس[6].
سأستخدم كل الشخصيات الواردة في الحكاية لأمثِّل عُقَدًا منفصلة نشترك فيها جميعًا لكنها لا تزال محفوظة في ذهن واحد، أو لأصوغها بطريقة أخرى، سآخذ كل شخصية في الحكاية لتمثل جوانب مختلفة من "الذات".
هذه القصة للفتيات الصغيرات أساسًا، ولذا ربما أكون في خطر التعرّض لانتقادات تتّهم بالميل إلى تفوّق جنس على آخر، ولكني أتمنى أن أوضّح أنّه يمكن العثور على مجازات غير ناضجة كهذه في نفس الرجل، أو في النفس الذكورية animus 7، مما قد يُعثر عليه أيضًا في حكايات من قبيل جاك وحبة الفاصوليا. تخبرنا هذه القصص، في الحقيقة، كيف نوضّح ونوحّد الجوانب المتصارعة من ذواتنا مثلما تكشف خريطتنا اللاواعية الشخصية. في بداية القصة تكون بياض الثلج، أو الروح الأنثوية، بعيدة عن الاكتمال، إذ إنها بريئة وغير ناضجة وتفتقر إلى شخصية الأم الراعية ضمنًا. سوف أستمر في متابعة هذا المسار من التفكير عبر بقية هذه المقالة، إذ يوجد الكثير مما نكسبه من القيام بهذا. وسأستخدم مصطلحي أنيما وأنيموس بدلاً من "فتى، رجل" أو" فتاة وامرأة".
تذكير موجز بالقصة:
جلست ملكة شابة تحيك بجانب نافذة في أواسط الشتاء، مستخدمة إطار تطريز أسود. فوخزت إصبعها، وبرؤيتها للدم الأحمر تمنّت أن يكون الطفل في جوفها ذا بشرة بيضاء كالثلج، بخدود حمراء كالدم وشعر وعينين سوداوين كالإطار الأسود. بالنتيجة أنجبت ابنة تحمل الهبات التي تمنّتها الملكة، لكن الملكة نفسها ماتت أثناء الولادة؛ فتزوج الملك بعد سنة، وكانت ملكته الجديدة بارعة الجمال، ولكنها كانت مختالة متكبرة، اعتمدت على مرآة سحرية لتؤكد لها تفوقها في الجمال.
حين كانت بياض الثلج في عمر السبعة أعوام، قالت المرآة السحرية للملكة إنّ ابنة زوجها فاقتها حُسنًا؛ فاستشاطت الملكة غضبًا، وأرسلت صيادًا برفقة بياض الثلج إلى الغابة ليقتلها. لكنّ الصياد لم يستطع أن يجبر نفسه على تنفيذ أمر الملكة، لذا ترك الفتاة في الغابة. عن طريق المصادفة، عثرت بياض الثلج على كوخ الأقزام السبعة، حيث اسُتقبلت بحفاوة مقابل اعتنائها بالمنزل. وقرر الأقزام الاعتناء بها بعد أن سمعوا قصتها. ولحمايتها، أخبروها بألا تدخل أحدًا المنزل حين يكونون خارجًا يعملون، يحفرون باحثين عن معادن ثمينة في الجبال المجاورة. مضى كل شيء على ما يرام حتى اكتشفت زوجة الأب بوساطة مرآتها السحرية أن بياض الثلج لا تزال على قيد الحياة، ولا تزال تتفوق عليها في الجمال. قامت زوجة الأب بثلاث زيارات لمحاولة قتلها (بعد أن حاولت ذلك مستخدمة الصياد) وبدتْ وكأنها نجحت في المحاولة الرابعة عندما ناولت بياض الثلج تفاحة مسمومة عبر النافذة. ولما عاد الأقزام إلى البيت وجدوا جسد بياض الثلج عديم الحياة؛ فوضعوها في تابوت زجاجي حيث بقيت جميلة مثلما كانت دومًا. بعد مدة، مرّ أمير على صهوة فرسه، فوقع في حب بياض الثلج، وأقنع الأقزام بأن يعطوه الجسد والتابوت. وحين حملها إلى فرسه، سقطت قطعة التفاحة المسمومة من فمها، وعادت إلى الحياة.
أخذ الأمير بياض الثلج معه إلى القلعة حيث تزوجا وسط فرح غامر. وقتلت زوجة الأب، الملكة، نفسها في نوبة غضب في العرس.
ما الذي يحدث لبياض الثلج بالمعايير السيكولوجية؟
استخدم العنوان البديل "ندفة الثلج" في نسخة الأوبيي، وتبدأ بأم ندفة الثلج الملكة وهي...
جلست تعمل عند النافذة، التي كان إطارها مصنوعًا من خشب أبنوس أسود رائع. وبينما كانت تتطلع إلى الثلج وخزت إصبعها، وسقطت ثلاث قطرات من الدم عليه. ثم حدقت متفكرة في القطرات الحمراء التي نَقَّطت الثلج الأبيض..،[8]
ممتعة هي المقارنة مع قصة الأخوين غريم هنا. إنها تثلج حقًا في هذه النسخة من الحكاية حين جلست أم بياض الثلج
قرب النافذة تحيك. إبرة حياكتها كانت مصنوعة من أبنوس أسود، وبينما كانت تعمل، وكان الثلج يتألق، وخزت إصبعها، وسقطت ثلاث قطرات من الدم على الثلج. بدت البقع الحمراء جميلة في بياض الثلج لدرجة أن الملكة فكرت في نفسها...[9]
تأمل الملكة الصامت هذا، وهي تنظر إلى دمها المتجمد، والشكل الذي تركه على الثلج، أيقظ فيها توقًا عميقًا إلى طفلها المتوقع. يعتبر يونغ هذا الشكل من التأمل سمة ذكورية في داخل الأنثى. يَستخدم الـ"أنيموس" الصورة الصامتة غالبًا ليوضح المعنى للمرأة. ويُقدِّم نفسه "كرسام.. أو كعامل سينما.. أو كصاحب معرض صور.."[10]. الموضوع السابق مثال جيد لتجربة كهذه، أو كما سيقول يونغ "الصورة والمعنى متماثلان، حين تأخذ الأولى شكلاً، يصبح الأخير واضحًا".[11]
يمكن العثور على نماذج بدائية أخرى في هذه القصة[12]. الـ"الطفل البدائي والطبيعة الأم"[13] وُصفا بشكل ملائم في المقطع الأول الذي رسمت ألوانه السوداء والحمراء في بداية القصة. لاحقًا فقط، حين تنكشف القصة، تصبحُ واضحةً الحاجةُ إلى ".. توسيع اللاوعي الأنثوي إلى الأعلى وإلى الأسفل..."[14]. بفعل هذا، تنكشف الخاصية شبه البرعمية للعذراء، وربما تمضي الجذور أعمق. الأكثر دلالة ربما هو رمز تجاوز الفكرة السابقة: فسيفساء لبعض من وعود المستقبل تتخطى حياة الأم. لاحظ كيف "حدّقت" أم بياض الثلج "متفكّرة" في الصورة، وكيف تضع ذريتها المستقبلية في تركيبتها بتصوير خصال طفلها المستقبلي. ضمن فكرة واحدة نستطيع أن نجد فعلاً تخيليًا أنثويًا صافيًا مثلما نجد "مسحةَ يونغ الذكورية"[15] لأم تتخيل طبيعة ابنتها قبل أن تولد.
يُقدَّم لنا "رمز" الطفلة عبر عنصر "الثلج" على الأرض، ويُعرف البروفيسور كيريني الرمز على هذا النحو:
كصورة يقدمها العالم نفسه. يخبرنا العالم، عبر صورة الطفل البدائي، عن طفولته الخاصة، وعن كل ما يعنيه شروق الشمس، وولادة طفل للعالم[16].
يشير مرة أخرى لاحقًا إلى الطفل البدائي الذي...
... يتضمن أصلاً الوالد والمولود. نفس الفكرة، منظورة كقدر المرأة، تمثلت لدى الإغريق. وقد عُبر عن الميزة شبه البرعمية لها في الاسم الذي منح غالبا لتشخيصها: كور، التي هي ببساطة الإلهة "العذراء"[17].
تلامس قصتنا البسيطة مجازًا عميقًا في مقطعها الافتتاحي.
بالطبع ما يتبع هو ولادة عذراء ذات سمة شبه برعمية، وكل ما ينبع من هذا الوصف، الذي صاغه يونغ وكيريني حول علم الأسطورة، قابل للتطبيق على بياض الثلج. هذه نماذج عتيقة بالتأكيد.
تتضمن الملاحظات الأخرى لما سبق، تكرار ظهور الرقم ثلاثة: ثلاث قطرات من الدم؛ تشكل "الإبرة السوداء"، "الدم" و"الثلج" ثلاث صور؛ مانحة ابنتها ثلاث صفات: شعرًا أسودَ وعينين سوداوين، بشرةً بيضاءَ وخدودًا حمرًا؛ ورموز الوحدة "الثلاثة" في "العذراء"، "الأم" و"الطفل" متضمنة دورة موت العذراء حين تكون متوحِّدة مع الرجل، مانحة الولادة وبعث الحياة من جديد. يبدو الرقم ثلاثة رمزًا مميزًا. وحين نصل إلى الرقم أربعة تكتمل العملية. الأم، الابنة، الظل (زوجة الأب الشريرة) وأخيرًا الأمير، هم مثال واحد للرباعية. إنه العنصر الرابع، ما يبدو أنه يتدخل قادمًا من لا مكان ليكمل القصة، حيث يتبدّى الذكوري "أنيموس" في أميرها. ولكن، قبل أن نقفز إلى نهاية القصة، على بطلتنا أن تجتاز مرحلة تحولها الأخيرة. فبحسب الخط الدرامي، مع المحاولة الرابعة لقتل بياض الثلج، يفترض أنّ زوجة الأب قد نجحت. ربما هي منتهية، مكتملة، مثلما كانت، في محاولتها الرابعة.
اختبار تطور الذكوري والأنثوي:
ثمة عشر رجال في قصة بياض الثلج، يمثل تسعة منهم رموزًا أبوية ضعيفة أو غير كافية لبياض الثلج. يمكن أن ينقسم هؤلاء الرجال العشرة إلى أربع مراحل تطور للذكوري ضمن تطور الأنثى في سعيها لأن تصبح امرأة ناضجة تمامًا في آخر الحكاية. لكن، قبل تطور الأنا، لا يبدو جنس الطفل هامًا، كما أشار البروفيسور كيريني
... لم يكن دور الطفل منحصرًا لا ضمن "الجنس" الذكري ولا الأنثوي[18].
يتضمن تجاوز القوى النفسية اللاواعية لدى الطفل ارتقاءه من صبي إلى رجل أو، في هذه الحالة، ارتقاء "العذراء" إلى "أم". إنه تَحَوُّل.
أحد تجليات فكرة البرعم التي صَورت استمرارية الحياة في وحدة العذراء، الأم، والطفل، الكائن الذي يموت، يمنح الولادة، ويعود للحياة مجددًا[19]،
(على الذكر أيضًا أن يواجه جانبه الظليل في حالة مشابهة. عدمُ التقبُّل أو عدمُ التوحُّد مع الظل، يُنتج انعدام النمو. لم يكبر بيتر بان أبدًا، ولكنه، لذلك، لم يمتلك ظلاً أبدًا. في الممارسة الطبية كمعالج، اطلب من المريض أن يستكشف موقفه من الظل في داخله. أتذكر جاك، في جاك وحبة الفاصوليا. كان ظله العملاقَ الذي سيلتقيه فيما بعد).
المرحلة الأولى:
يبدأ التماثل بالظهور حين نقرأ كيف ماتت الملكة أثناء ولادة طفلتها، وكيف أن زوجها "الملك اتَّخذ لنفسه زوجة أخرى" بعد موتها[20]. هذه هي الإشارة الوحيدة لوالد بياض الثلج. إنه أب متخاذل لأنه يفشل كليًا في حماية طفلته من الأيدي الأثيمة لزوجته الجديدة. يشترك هذا الرمز الأبوي المتخاذل مع حكايات سندريلا وربما ليلى والذئب التي لا يبدو أنها تمتلك أبًا على الإطلاق. العامل المشترك بين هذه الحكايات هو أنه لا يمكن إكمال الجانب السلبي من الذكر (الأب المهمل) وقد يؤدي هذا إلى رفض الذكر؟ لأن...
هذه العذراوات محكومات دومًا بالموت، لأن الهيمنة الكلية للروح الأنثوية تعيق عملية البلوغ النفسي، أي "نضج الشخصية"[21].
عادة يكون "للغائب"، أو الذي يشار إليه أقل من غيره، مساهمة عظيمة في حياة الشخص. تنطلق بطلتنا دون رمز أبوي تقريبًا (أو أنيموس)، وفي هذه المرحلة الأم ميتة. هذه الحالة النفسية تراجيدية، إذ إنها تفتقر إلى صورة الأم الحنون، والأب الذي لا يستطيع أن يدافع عنها، وإنّ صيغة "لا يفعل شيئًا" هي الصيغة الأكثر تعبيرًا عن العنف لأن فعلَ عدمِ القيام بشيء يمنع شفاءها الخاص. إنه لا يقدم أية اقتراحات، إرشادًا أو حتى محاولة السيطرة على القوى الهائجة داخلها متمثلة بزوجة الأب الشريرة. كما لا يفعل شيئًا حيال النقيض الهائج. والتوازن المضاد للذكر (أنيموس) الضعيف هو..
الظل الأنثوي السلبي المتضخم الذي هو لا واعٍ كليًا، ويبدو ذا حكمة مميزة خاصة به[22].
.. في هيئة زوجة الأب.
تبدو القصة كلها وكأنها تدور حول عثور بياض الثلج أخيرًا على أميرها، الرمز الذكوري العاشر، قبل أن تصبح قادرة على مواجهة وترويض الغضب الذي في داخلها. رغم أن الأنا هي ".. تراكم هائل لصور عمليات الماضي.." داخل بياض الثلج، إلا أنها طفولية في التطور، وهائلة[23]. هذه الحالة الأولية للشخص تتضمن كل ما هو ضروري للتطور إلى شخص بالغ، ولكنها تعاني من فشل التلاؤم، فعَوضت بـ".. نكوصٍ ارتكاسيٍّ.. أقدمَ.. لصورةِ الأب الذهنية المثالية.."[24]. كما نكتشف أنّ ثمّة نمو للأنثى البدائية في هيئة زوجة الأب الملكة الشريرة. لذا ليس مدهشًا أنّ هذا "الظل" المهيمن[25] يحاول أن يزيح الأنا، خاصة إذا كان الظل نفسه متزوجًا بذكر (أنيموس) بهذا الضعف. بياض الثلج في مأزق، ونستطيع أن نستنتج أنّ "الانتحار الجزئي" الحتمي هو سبيل الظل إلى تقييد وجود بياض الثلج: بطلتنا[26]. ولو كانت مريضةً في هذه المرحلة من التطور، لَبدت هستيرية، لديها رعبٌ تجاه الحرية، وفي نفس الوقت اتكاليةٌ على كل من هو في محيطها؛ لربما وصفت مشاعرها بكونها شبيهة تمامًا بأن تكون في مكان مظلم، مختبئة من المسؤولية، ومن خطر العالم الخارجي.
بدأت الأنا بتطورها الخاص عندما كانت بياض الثلج في عمر السابعة، وحينها رأينا الرعب الذي عبّرت عنه زوجة الأب الملكية. قد يتزود هذا الرعب بالغيرة، بالافتقار إلى حب طفل خاص، فيصبح حينها حاقدًا وقاتلاً ".. كانت مستعدة أن تقتلع قلبها من جسدها"[27].
المرحلة الثانية:
تتضمن هذه المرحلة أول وميض وعي من جانب بياض الثلج. إنها تُعتبر تهديدًا لرمز الظل في نفسها- زوجة الأب الشريرة. وكذا تظهر الحالة الأولى من الوعي الذكوري- رجل الغابة الذي لن يؤذيها، ولكنه لن يحميها أيضًا. هذه مرحلة انتقالية بالنسبة لبياض الثلج، حين تجد نفسها تتجول في براري الغابة وقد تخلى عنها البالغون.
الظل الباطني، ملكتنا المغتصبة الجديدة، تسعى جاهدة لتدمير بياض الثلج، وقد استأجرت خدمات الصياد كقاتل. هنا، يدخل الرمز الذكوري الثاني. إنه ليس عنيفًا كالأول في كونه يفعل شيئًا ويرفض أن يؤذيها، ولكنه أيضًا يخفق في حمايتها، تاركًا إياها تمضي إلى خطر مجهول في الغابة. على الأقل يخدع رمز الظل (الملكة المغتصبة) ويقتلع قلب غزال كبرهان على قتلها.
الأنا في هذه المرحلة تحت تأثير قوى مجهولة باطنية، وهي مقيدة في الحرية ".. مستبعدة عن الحياة العادية"[28] حيث تستمر في "الاختباء في الغابة".
كل القوة الذكورية للأب في بياض الثلج كانت منوَّمة بخصال الجمال الذي يقنِّع كل المحتوى الشرير الذي لم يحوِ أيَّ دفء مشاعر. أُخبرنا أنّ الملكة الظل ".. لم تحتمل أن يفوقها أحد جمالاً"[29]. وبالطبع كان لديها المرأة السحرية؛ كانت سحرية لأن الانعكاس نظر إلى المرآة، ورأى نفسه الحقيقية تعيد النظر إليه من داخل المرآة. هذا بالطبع رمز أحد جوانب الجمال الأنثوي. يقول يونغ إنّ لدى نساء كهؤلاء
... قدرة فنية في الوهم كموهبة أنثوية خالصة... لكن يبدو أنه إذا كانت المرأة راضية بأن تكون سيدة بيت، فستكون دون خصوصية أنثوية.
ستكون فارغة، وتتألق كوعاء مرحِّب بنتوء الذكر[30].
أخبرت المرآة الملكة بأنها لم تعد الأفضل. الإحساس الأول ".. كانت الملكة مرتعبة"[31]. شعور بالتشويق على الأغلب، إذا ما اعتبرنا أن الجمال المنافس فقط هو على الرهان. لكنّ جمالها يتعلق بالسيطرة أيضًا لأنها إن كَفت عن تنويم زوجها فـ"سيرى حقيقتها"، وستخسر كل شيء.
المرحلة الثالثة:
بالتأكيد ثمة نضج أكبر في باطن الأنثوي والذكوري في هذه المرحلة. هنا حيث تلتقي بياض الثلج الرجل العادي، الأغلبية العظمى من الرجال- سبعتهم! إنه، (الأقزام)، يعمل طوال اليوم ويتوقع من الآخرين القيام بالمثل. هكذا تدخل بياض الثلج في اتّفاق مؤقت قائم على مساعدة متبادلة: هي تقوم بأعمال المنزل مقابل بقائها، وهم يقومون بالعمل الضروري. الظلّ أيضًا يتنكر في هذه المرحلة، إذ يعي الأنا المزهرةَ بياضَ الثلج. ولكن الأقزام ليسوا كبارًا كفاية، فقد كانوا بنصف حجم الرجل، وأخفقوا في حماية وديعتهم الأنثى، وتركوا بياض الثلج دون حراسة حتى بعد محاولات قتلها المتكررة. بالمثل، كانت الأنثى خرقاء بما يكفي حين تطيع الإرشادات "بألا تفتح الباب"، ولكنها تفتح النافذة عوضًا، لأنهم لم يخبروها قط ألا تفعل ذلك. تقابل الذكر (أنيموس) في هيئة العديد "المتماثل والمتعدد"[32]. "يمثل الذكر أيضا رموزًا مساندة" مثلما أثبتت الأقزام، وهكذا بدأت طريقُ الأنا إلى الشفاء[33].
رغم أن بياض الثلج مكروبةٌ بوضوح في هذه الحالة، إلا أنها غير قادرة على التواصل مع مشاعرها. والانقسام الذي بنفسها يتضح أخيرًا. اكتشاف الحقد الذي أظهرته أمها السلبية في باطنها، يُرى فعلاً. كل هذا مؤلمة مشاهدته للبشر في الحياة الواقعية أيضًا، وبطلتنا بالكاد تبدأ في رؤيته. تحتاج الأنا الخاضعة إلى أن تجد نفسها. وفي هذه الأثناء، ثمة حاجة لأن تكبر الأنا "بأن تصبح أكثر امتيازًا"، وإنْ كانت هذه العملية تأخذ وقتًا.
إذا فكرتم بالأمر، فإنّ الظل (الملكة الشريرة) ليس الوريث الشرعي للنفس. إنه يغتصب الأنا، وبفعله هذا، هو مهيأ لأنْ يقوم بانتحار جزئي. يتضمن منهج الملكة الشريرة فكرة أنه
.. لا يوجد فقدان واقعي للحقيقة، وإنما تزييف له[34].
لاحظوا كيف أنّ الظل الأنثوي يحتوي الجزء "البرَّاق" من الليبيدو. إنه يفتن الذكوري، ويقوده إلى اهتمام ضئيل بالغاية الأكمل التي يجب أن تتضمن الحاجة إلى تكوين علاقة حميمة أو تناسل. لكن مسعى الأنا، في قصتنا، يلجأ إلى الاختباء، وهناك تنمو ببطء حالَّة محلَّ الساذج تمامًا: الذكر (الأب المهمل)، صحبة الأقزام المتشابهين ولكن المتعاونين. (قد يلعب المعالج النفسي دور الأقزام مستخرجًا الكنوز من اللاوعي، ويلعب الشخص موضوع التحليل دور الأنا "الملجأ"، أو المكان الآمن المؤقت).
عند العمل مع امرأة تسعى إلى التلاؤم، تتضمن مهمة المعالج النفسي مساعدتها في "الإبقاء على كل شيء مرتبًا ونظيفًا ومنظمًا..."[35]، ومساعدتها في أن ترى "بشكل مباشر أن كل شيء لم يكن على ما يرام..."[36]. يتضمن هذا التعليق الأخير نظرة إلى "الجانب الاجتماعي" أيضًا لمرضانا.
يشير عدد المرات التي يكون لدى الفتاة فيها والد "بالاسم فقط" في حكايات الجنيات إلى تماثل.
لا يمكن أن يتجنب المعالج النفسي التأثرَ حين يدرك كم هي متماثلةٌ صور اللاوعي، رغم غناها السطحي[37].
(لاحقًا فقط، في فيلم والت ديزني بياض الثلج والأقزام السبعة، الذي أنتج عام 1938، منح الأقزام، على الإطلاق، سمة شخصية).
بالنسبة لنمو بياض الثلج الشخصي، اعتمد ارتقاؤها على عملية تقوية الأب المذكر غير الكافي، عبر مساعدة الأقزام.
هكذا يكدح الأقزام المبدعون سرًا، رغم أن القضيب يعمل في العتمة، إلا أنه ينجب شيئًا حيًا، المفتاح الذي سيفتح الباب الغامض المحظور، والذي خلفه تَنتظر أشياءٌ رائعةٌ أنْ تُكتشف[38]. ينقبون الأرض أو اللاوعي ليجدوا أحجارًا ثمينة ومعادن. في هذه الأثناء يقوم الظل المتنكر بثلاث محاولات أخرى، بعد فشل محاولته الأولى، لتدمير الأنا. تنجح الرابعة، كما تعتقد.
طُردت بياض الثلج، سُلبت منها حقوقها، أُسيء فهمها أو أَخفقت في فهمها، ومع ذلك أظهرت القليل من المشاعر. صحيح أنها شكرت الصياد الذي أُمر بقتلها "... بلطف بالغ"[39] لإبقائه على حياتها. التعبير النادر الثاني عن المشاعر كان حين كانت في الغابة حيث تقول الحكاية إنها أصبحت
... خائفةً مروَّعة، ولم تعرف ماذا تصنع. ركضت قدر ما استطاعت حتى تقرّحت قدماها، وقبيل المساء رأت، ببهجة غامرة، بيتًا صغيرًا جميلاً[40].
أعتقد أنّ المرء حين يعاني من مشكلة كهذه، يشعر بوضاعته، مهجورًا من قبل الجميع، باحثًا عن المساعدة. كم من المرات نتعجب، نحن المعالجون النفسانيون، مما مرّ به مرضانا؟ تظهر لي غالبًا مشاعرُ كآبةٍ ولكن في ذات الوقت صلابةٌ. هذه الميزة الأخيرة ستحملهم عبر التحليل ليتوصلوا إلى التكيّف، كما لو أن المرونة، أو القدرة على المعاناة، معادلة للمهمة التي يجب التغلب عليها.
حكايةُ الجنيات تدور حول تطور شابٍ مماثلةٌ، ولكنه "يمضي قدمًا" لملاقاة ظله، بينما المرأة تبقى في المنزل ويزورها ظلها. ففي حين تنكّر جاك في حكاية جاك وحبة الفاصوليا ثلاث مرات في مقاربته لـ "عقدة الظل"، كان لديه رداء جاهز يخفيه، وشيء يصبغ به بشرته، وقد اعتقدَ أن لا أحد سيستطيع التعرف عليه[41]، يكون الأمر معاكسًا تمامًا مع الأنثى، إذ إن الظل، زوجة الأب الملكة، تتنكّر ثلاث مرات "متنكرةً كبائعةٍ متجولةٍ عجوز..."[42] ، وفي المرة الثانية قامت الملكة الشريرة "بارتداء ما يخفيها أيضًا ولكن بشكل مختلف تمامًا عما ارتدته سابقًا..."[43]. يظنّ المرء أنّ بياض الثلج ستتعرّفها هذه المرة، ولكن لا! فقد تنكّرت الملكة، في زيارتها الثالثة والأخيرة، "في ثوب زوجة فلاح"[44]. أنذهل غالبًا حين أعمل مع بعض النسوة من كونهن لا يدركن أنّ ما يحدث في حياتهن "ليس صحيحًا". أصبحن يتقبلن اللامقبول. يبدو أنّه ثمة ضرورة لمساعدة الأنا في التعرّف إلى الفعل الخطأ وعلى "النمو" وقَبلَها على "تَقبِّل" الظل. إثارةُ حوار مع الجانب المظلم أساسيةٌ في مهمة التفاوض مع الظل هذه. ويتضمن هذا العمل أيضًا معاينة "الموقف" المأخوذ من الظل. وأجد أنه يمكن استخدام تقنية "وظيفة التجاوز" اليونغية[45] هنا بشكل ممتاز.
المرحلة الرابعة:
يأتي الأمير إلى عالمها فقط حين تكون لاواعية، قبل أن تطالب بحقها كأميرة. أيُّ حظ كان لديها، ممددةً هناك ميتةً حين صادف أن جاء الأمير، أو كما قال يونغ
... أيوجد وسيطٌ عصبي آخر، منفصلٌ عن المخ، يستطيع أن يفكر ويدرك، أم أن العمليات النفسية التي تحدث فينا خلال فقدان الوعي هي ظواهر موازية...[46]
النموذج الشائع الآخر في حكايات الجنيات هو فكرة الاختباء أو حالة السبات عند البطلة والتي تبلغ نوعًا خاصًا من النوم، وتتسبب (في حالتنا هذه) في توقف الملكة الشريرة أيضًا عن تدبير المكائد. لدى الأنا الآن فرصة لتصبح قادرة على التحرر، أي العودة إلى الحياة، وفي ذات الوقت السعي إلى الوحدة مع المذكر (وصول الأمير). موحَّدين في الزواج، يعودان ليعيدا المغتصَبة إلى مكانها الملائم.
المبادئ العامة للعذرية:
يبدو أنّ ثمة ستُّ مظاهر رئيسية في المبادئ العامة للحياة يمكن العثور عليها في أسطورة العذراء[47]. كم من هذه المظاهر توجد في حكايات الجنيات؟ سأستعرضُ مقارنةً موجزة بين ما استنتجَه البروفسوران وما تبين في حكايتنا:
المظهر الأول هو "... أن تكون مطاردة..."[48]. كانت بياض الثلج مطاردة بالتأكيد من قبل زوجة الأب الملكة: "... ومضت في طريقها عبر التلال إلى المكان حيث أقام الأقزام"[49].
المظهر الثاني هو "... أن تكون مسلوبة..."[50]. كان إرث بياض الثلج مسلوبًا؛ إذ كانت الأميرة والوريثة الشرعية للمملكة كلها. وقد سلبتها زوجة الأب حقوقها، ولكانت سلبتها حياتها أيضًا.
المظهر الثالث المتعلق بأسطورة العذراء يتعلق بكونها "... مغتصبة ..."[51]. لا يمكن السماح بكوارث كهذه في قصص الأطفال، لكن بياض الثلج تعرضت لسوء المعاملة جسديًا حين كانت عرضة لزوجة الأب الشريرة التي وضعت رباطًا حريريًا كَمِشَدٍّ حول خصرها و
... شدت الرباط بإحكام، لدرجة أن انقطع نفس ندفة الثلج وسقطت وكأنها ميتة[52].
ثم، كانت الطفلة عرضة لمشط مسموم و
... وقفت أمام المرأة لتسرح لها شعرها، ولكن حالما لامس المشط جذور الشعر حتى أخذ السم مفعوله[53].
أخيرًا، بعد أن أخفقت في شد البشرة البيضاء بإحكام، ونبش الشعر الأسود الأبنوسي، سمّمتها بتفاحة وضعت بين تلك الشفاه الوردية الحمراء. كل هذا لا يرتقي إلى الاغتصاب، ولكنه يصل بالتأكيد إلى سوء معاملة خطير.
المظهر الرابع بحسب يونغ هو أن العذراء "... تخفق في الفهم"[54]. فعلت بياض الثلج ذلك مرات كثيرة حتى بدا أنها ما فهمت ولو لمرة. أُمرت "... بألا تفتح الباب مهما كان السبب..."[55]، وهو ما لم تفعله عمليًا، لكنها صرخت، عوضًا عن ذلك، بزوجة الفلاح المتنكرة: "لا أجرؤ أن أدخلك، فقد منعني الأقزام السبعة عن ذلك". "و لكن ما من ضرر فيَّ - قالت زوجة الفلاح- ابقِ وسأريك تفاحاتي"[56]. كيف بإمكان شخص أن يكون أعمى هكذا؟ لكن بياض الثلج ليست بريئة جدًا رغم ذلك، إنها تلعب دورًا في كل هذا برغبتها في الحلو واللذيذ المعروض. أَظهرَ هذا سذاجةً أيضًا، مما يمنحها كلَّ الطقوس اللازمة للعبور لتصبح مؤهَّلة لهذا النموذج البدئي الموجود في الميثيولوجيا. حين أتعامل مع أناس يعانون من هذا الانقسام الداخلي ألعب كثيرًا على قدرات الظل على المعرفة، على كونه ذكيًا، على امتلاكه الحكمة، كأحد الأسباب لضرورة تقبل الظل. على كل حال، تبدو بياض الثلج بريئة في هذه المرحلة لدرجة أن الاقتراب من محاولة تقديم الظل لها سيكون كارثيًا. يجب أن تموت، وبذلك تتحول وتصبح امرأة أولاً.
بعد أن عانت من ألم وحقد كهذين، يتوجب على بطلتنا العذبة أن تمر في وقت ما بالمظهر الخامس "... أن تسخط"[57]. لا يوجد تلميح في قصتنا إلى أن بياض الثلج نفسها تغضب أو تحزن فعليًا، لكن الظل يفعل. ويحدث هذا فقط حين يوطِّد الأمير أو الأنيموس نفسه في النفس الأنثوية.
لأول مرة "تُستدعى" زوجة الأب الشريرة "فعليًا" من قبل الأنا، أي تنضم إلى ما تقوم به بياض الثلج، حيث يتمّ التعرف إلى الظل. هذه آخر عملية حيث تدعو الأنا الظل ليتكيف مع الأنا (وليس العكس). وبفعل هذا، يُسمح للظل أن يعبر عن السخط والأسى.
المبدأ السادس هو أن "... تأسى"[58]، وهو اكتمال التحول.
سأترك المجال للقصة هنا لتحكم وتخبرنا حكايتها.
حدث الآن أن دُعيت زوجة أب بياض الثلج، بين ضيوف آخرين، إلى حفلة العرس. وقبل أن تغادر بيتها وقفت أمام المرآة السحرية بكامل زينتها البهية لتُعجب بمظهرها الخاص، ولكنها لم تستطع أن تمنع نفسها عن قول:
"أيتها المرآة، أيتها المرآة على الجدار
أأنا الأجمل؟"
حينها، ويا لدهشتها، أجابت المرآة:
"أيتها الملكة الجميلة، أنت الأجمل هنا،
ولكن في القصر، الآن،
ستظهر العروس جمالاً
يفوق جمالك بألف مرة.
حينها أطلقت المرأة الشريرة لعنة، وكانت خائفة فزعة لدرجة أنها لم تعرف ماذا تفعل. لذا أعلنت في البداية أنها لن تذهب إلى العرس أبدًا، ولكنها شعرت بأنها لن ترتاح حتى ترى العروس، لذا قررت الذهاب. ولكم كانت دهشتها وغيظها عظيمين حين تعرّفت في العروس الشابة بياض الثلج نفسها، وقد كبرت شابة فاتنة، وقد ارتدت بفخامة أرديةً ملكيةً! كان سخطها ورعبها عظيمين لدرجة أنها وقفت ساكنة وما استطاعت الحراك لدقائق، ثم قصدت أخيرًا صالة الرقص لكن الحذاء الذي احتذته كان كقيد حديدي مليء بجمر من النار، وكان عليها أن ترقص به، وهكذا، بالحذاء الأحمر المتقد، تابعت الرقص حتى سقطت ميتة على الأرض، مثالاً حزينًا للحسد والغيرة[59].
يتضمن تأويل رقص "العقدة" حتى الموت غيظًا وغضبًا، دون أذى، موت العذراء[60]. هذا مبرر آخر لوجوب موت العذراء في القصة، لتشير إلى لا مزيد من براءتها. لغاية، يقام عرسها في ذات الوقت، مما يدل على توحيد الأنثوي مع الذكوري. هذا رمز العنصر الرابع أو المرحلة الرابعة[6]: الاكتمال.
حاولتُ أن أُظهر أن حكايات الجنيات تحمل الكثير من السمات التي تنسب عادة إلى الأسطورة الكلاسيكية. ولكون الأمر هكذا، أقترح أنها تحتاج إلى أن تؤخذ على محمل الجد كمجسِّدة لنماذج اللاوعي البدئية الأصيلة في النفس.
يطرح روبرت غريفز وجود إشارات قليلة إلى القتل الطقوسي للنساء في الأسطورة الأوروبية[62]. ويعتبر الحكايات الشعبية الألمانية "الحسناء النائمة" و"بياض الثلج" استثناءات. حيث يقول إن دلالتها تتضمن أيضًا أهمية الرقم 13، في حالة الحسناء النائمة ممثلاً الشهرَ الثالث عشر كشهرٍ للموت، بينما يَلعن الضيفُ الثالث عشر الأميرةَ.
يقول غريفز في شرحه لقصة بياض الثلج إنها كانت إلهة خالدة بوضوح، وإنّ "هذه الميتات هي ميتات زائفة فقط". كما يشدّد على "الدراما الفصلية... حين تَقبل عروسه أن تفتح عينيها نصف المغمضتين وتبتسم"[63]. لذا لا يرفض غريفز الارتقاء بالحكاية الشعبية إلى مصاف الأسطورة الكلاسيكية.
فقط لأكمل تشبيهي بين الحكاية الشعبية والأسطورة، قبل أن أجمع استنتاجاتي معًا، يضيف يونغ حينها أن العذراء سوف "... تستعيد كل شيء، وتولد ثانية"[64] لتأخذ مكان الأم، ولتكون قادرة على الارتداد إذ أنها هي نفسها كانت متصورة من قبل أمها، وهكذا، تمتد جيئة وذهابًا في الزمن. رأينا أنه على الرغم من كون الأنثى (أنيما) مفرَدةً في الذكر، إلا أنها تمتلك خصائص ايجابية وسلبية. بشكل مباين، الذكر (أنيموس) في الأنثى متعدد، ممثلاً بالرجال العشرة. لاحظ التطور:
كان الأول والدها الذي لم يفعل شيئًا.
الرجل الثاني لن يؤذي بياض الثلج، ولكن سيقوم بالقليل لمساعدتها أيضًا، ويدعها تمضي في الغابة، إلا أنها تحدثت إليه متوسلة أن يطلقها.
النمط الثالث من الرجال هو السيد - الأغلبية!، الأقزام السبعة الذين كانوا أفضل بكثير: فقد استضافوها، وقدموا لها الملجأ والنصيحة، واعتنوا بها حين هوجمت. وهي ردّت لهم الجميل (لاحظوا أنّ هذا أول فعل تواصل مع الذكر من قبلها) عبر الاعتناء ببيتهم، حيث دخلت في اتفاق وعقد.
لكن الأقزام لم يبقوا ليحموها حين كانت هناك محاولة قتل، بل تركوها لرغباتها الخاصة. ولذا؛ فاعتناء الأقزام بعهدتهم الأنثى لم يكن كاملاً. لم يكن ثمة رجل واحد كامل بينهم.
الأخير، الرابع، كان الأمير. الصورة الذكورية العاشرة التي تمثل رمز كمال الاتحاد مع الأنثوي. بعد كل شيء، بياض الثلج هي حكاية للفتيات أساسًا، للإناث، وهي عن تطور النفس الأنثوية، لكن الحكاية كلها تتعلق بالرجال مثلما بالنساء، كما آمل أني أظهرت.
أتذكر رواية: حين قرر يونغ في حالة مستعصية أن يطلب من مريضته العصابية بيأس أن "تسكت" فقط! لذا عقدت مقارنة: أن قطعة التفاحة في حلق بياض الثلج قامت بفعلها، فقد "أسكتتها". أي إنّ الأنا أوقفت جانبها: الظل من خلق فوضى أكثر. كان يجب إسكات المظهر السلبي من الأنثى قبل أن يستطيع الأمير الوصول. ولكن، ماذا لو قابل الأمير زوجة الأب الشريرة أولاً؟ لكان هذا قاد إلى حكاية جديدة تمامًا، ولكن عبر "الصمت المضبوط" مُنح الأمير فعليًا الحيزَ لأن يفتتن بعروسه المستقبلية، وهكذا استقر.
بالنتيجة:
حاولت أن أؤسس نماذج معينة من الذات في حكايات الجنيات بالتمعن في فكرة أن الحكاية قد تؤول كمظهر للتطور النفسي. كما حاولت أن أحبك العملية التي على بطلتنا اجتيازها في سبيل أن تجد الكمال، كمعونة لفهمنا.
لذا:
في بداية قصتنا، كانت بياض الثلج غير متميزة وفي حالة سبات. يمكن أن يقال أن أناسًا كهؤلاء هم في حالة صدمة، فوضى، غير عارفين إلى أين يمضون، ويبقون مقيمين في نمط حياة من الوحدة والخوف. حين يكون ثمة درجة من التميز، يتهدد الظل. يعمّ خوف حول إمكانية أخذ ما هو بحقّ خاصتهم، حرية أن تتحول، حرية أن تعانق نقيضها الخاص. بدل التفكر في هذه الحرية سيخلق فرد كهذا فوضى، وقد يصل به الأمر أن يتمنى الموت. في هذه المرحلة الأولية، تعيش الأنا لترضي الآخرين. لم تكن بطلتنا قادرة على البحث عما هو مفيد عن اللاوعي، وكانت لديها فكرة ضئيلة عن جانبها المظلم. نستطيع أن نرى من القصة السابقة أن الناس في هذه الحالة يفتقرون إلى القوة. سينسب الشخص، في حالة البراءة، إلى الآخرين كل ما يحدث له، ولن يتحمل المسؤولية بنفسه، لأنه غير قادر على تقبل جانبه المظلم. بعد حوادث عديدة تقع نتيجة سلوكهم المدمر الخاص، لا يزالون غير قادرين على النظر إلى "النصف الغاضب" في باطنهم، بل يختارون أن يبقوا بعيدين عن الحياة. وإنّ تصريحات مثل "لا أستطيع" تشكل جزءًا من لعبة السُّلطة التي يلعبها الظل، مما يمنعهم من رؤية جزئهم الخاص في هذا الدمار. في هذه النقطة، ثمة عملية حوار بين النفس والعقدة، وببطء تستطيع بطلتنا (الأنا) أن تبدأ بتقبل أخطائها الخاصة.
ثمة مخاطر كثيرة في هذه المرحلة، حين تجمع الأنا المعرفة من أعماق اللاوعي. تستمر هذه المرحلة حتى تتبدى المرحلة الأخيرة من الصراع، حيث الأنا في اضطراب خطير. يصبح القلق لا يطاق: الخيارات صارمة، إما أن تصبح سباتية أكثر أو أن تجد طريقًا لتمضي بكليتها صوب الحياة. ولكي تكمل بطلتنا تكيفها عليها أن تَدْعُ الظلَّ إلى المشاركة.
على المرء أن يتعلم "أن يُسكت" التذمر اللانهائي للظل، وأن يشهد سخطه الخاص، ويجد طريقة للتعبير عنه دون أذى، أي أن يراقب غضبه "يرقص، دون أذى، حتى الموت" أفضل من أن يصبح ضحية مرة أخرى. عندها يستطيع الشخص أن يقرر إيقاف الأفعال عديمة الجدوى والمؤذية السابقة ويتعهد حياته الخاصة، أو كما في الحكاية، يحكم مملكته الخاصة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
- هانز كريستيان أندرسون، القصص الكاملة المصورة لهانز كريستيان أندرسون، 1983، كانسيلور للنشر، لندن.
- كارل غوستاف يونغ، الأعمال المختارة، الجزء الثامن. "بنية وآليات النفس" 1960، روتليدج، لندن.
- كارل غوستاف يونغ، الأعمال المختارة، الجزء السادس، "الأنماط النفسية" 1971. روتليدج، لندن.
- كارل غوستاف يونغ، الأعمال المختارة، الجزء التاسع p+ 11. "آيون" 1981. روتليدج، لندن.
- كارل غوستاف يونغ، الأعمال المختارة، الجزء السادس عشر. "سيكولوجيا التحول" 1983. ارك بيبرباك، لندن.
- كارل غوستاف يونغ، الأعمال المختارة، الجزء الثاني عشر، "السيكولوجيا والخيمياء" 1993، روتليدج، لندن.
- كارل غوستاف يونغ، الأعمال المختارة، الجزء الخامس، "رموز التحول" 1995. روتليدج، لندن.
- كارل غوستاف يونغ وكيريني، مقالات حول علم الأساطير، 1993. منشورات جامعة برنستون، الولايات المتحدة الأمريكية.
- اوبيي. بيتر وايونا، حكايات الجنيات الكلاسيكية، 1980. غرانادا، اوكسفورد.
- روبرت غريفز، الإلهة البيضاء، 1999. فيبر وفيبر. 2005
[1] معالج نفسي.
[2] بيتر وأيونا اوبيي، حكايات الجنيات الكلاسيكية.
[3]اوبيي واوبيي 1980: 227
[]يونغ وكيريني 1989: 162
[5]نفس المصدر: 98.
[6]يونغ 1960: 345
[7]نفس المصدر
[8]اوبيي واوبيي 1974: 230
[9]غريم 1984: 188
[10]يونغ 1960: 171
[11]نفس المصدر: 204
[12]يونغ 1981: 21
[13]يونغ وكبريني 1989: 158
[14]نفس المصدر: 162
[15]نفس المصدر
[16]يونغ وكيريني 1989: 45
[17]يونغ وكيريني 1989: 105
[18]يونغ وكيريني 1989: 147
[19]يونغ وكيريني 1989: 148
[20]الأخوان غريم 1984: 188
[21]يونغ وكيريني 1989: 172
[22]يونغ 1981: 133 ف
[23]يونغ:1960: 323: 36
[24]يونغ 1995: 140
[25]نفس المصدر: 208
[26]يونغ وكيريني 1989: 110
[27]الأخوان غريم 1984: 189
[28]يونغ 1960: 311
[29]الأخوان غريم 1984: 188
[30]يونغ وكيريني 1989: 172- 173
[31]غريم 1984: 189
[32]يونغ 1981: 16 ف
[33]يونغ 1960: 347
[34]يونغ 1995: 140
[35]غريم: 1984: 191
[36]اوبيي واوبيي 1974: 232
[37]يونغ 1995: 175
[38]يونغ 1995: 124
[39]الأخوان غريم 1984: 189
[40]الأخوان غريم 1984: 189
[41]اوبيي واوبيي 1974: 221
[42]اوبيي واوبيي 1974: 232
[43]نفس المصدر: 234
[44]نفس المصدر: 234
[45]يونغ 1960: 67-91
[46]نفس المصدر: 509
[47]يونغ وكيريني 1989: 137
[48]يونغ وكيريني 1989: 137
[49]اوبيي واوبيي 1974 :232
[50]يونغ وكيريني 1989: 137
[51]يونغ وكيريني 1989: 137
[52]الأخوان غريم 1984: 192
[53]الأخوان غريم 1984: 193-194
[54]يونغ وكيريني 1989: 137
[55]الأخوان غريم 1984: 194
[56]نفس المصدر: 194
[57]يونغ وكيريني 1989: 137
[58]نفس المصدر
[59]الأخوان غريم 1984: 198
[60]يونغ 1960: 98 و369
[61]انظر فوق
[62]غريفز 1999: 411
[63]نفس المصدر: 412
[64]نفس المصدر: 137
.
أشعر بالتواضع إذ أستمر في التيقن من كون حكايات بسيطة كبياض الثلج لا تزال تعني الكثير لنا مما يبقى مدفونًا عميقًا في بساطتها. أنا مهيأ لأن أستنتج أن بعض الحكايات الشعبية تتاخم الأسطورة، بمعنى أني كلما قرأت أكثر عن علم الأسطورة كلما استنتجت أكثر أن هذه الحكايات تمتلك مفاتيح الأسطورة الكلاسيكية.
إذا كان هذا صحيحًا، ربما يتوجب إذًا أن نمنح أهمية أكبر لهذه الحكايات البسيطة. ربما "لُفِّقت" فقط لتظهر لنا شيئًا عن أنفسنا، وربما تكون هذه الحكايات البسيطة، مثلما اعتبرها كارل غوستاف يونغ، "التعابير اللاواعية لذواتنا..."[4]
تكمن مشكلتي مع "الأسطورة الكلاسيكية" في كونها كانت تُصدَّق ذات مرة على أنها حقيقة، وكانت ديانة الأمس، بينما لم يؤمَن بحكايات الجنيات أبدًا على هذا النحو. ولكن حكايات كهذه تعتبر "حقيقية" في عين الطفل مع ذلك. أكان إنسان القرون الوسطى أكثر "طفولية"، بدائيًا، وأقل تميزًا في إيمانه عن الإنسان المعاصر، وهل منح المصداقية لحكايات الجنيات مثلما نمنحها الآن للدين؟
أودّ أن أؤمن بأن المجتمع قد تطور بحيث يميز بشكل أفضل قليلاً بين حقيقة الـ "ربما" وخيالية الـ "ماذا إذًا..؟". مهما كان الموقف الذي يأخذه المرء من الدين، الأسطورة أو الحكاية الشعبية تتقاسم كلها غرضًا مشتركًا هو نقل المعنى؛ فقد تخطت الحكاية والأسطورة امتحان الزمن، إذ كلتاهما تتضمنان نموذجًا أساسيًا يخاطب حالتنا الراهنة. وعلى هذا الأساس، أقترح أن نأخذ الحكاية الشعبية على محمل الجد، وأن نحاول أن نكتشف ماهية هذا النموذج. ولكن مهما كان تناولي للقصة شاملاً سيبقى المعنى الأعمق دومًا، أو بصياغة يونغ: "النماذج البدئية هي العناصر الخالدة للاوعي، ولكنها تغير شكلها باستمرار"[5]. هذا "العنصر الخالد" للاوعي هو المفتاح، محفوظًا في أسطورة، ليساعدنا في فهم النموذج، خرائط اللاوعي الموجودة داخلنا جميعًا. فماذا إذا استطعنا قراءة هذه الخريطة؟ قد يكون ممكنًا أن "نخطط" أو "نحدّد" مراحل الحياة في الشخص، موضوع التحليل، وبذاك نساند العلاج النفسي.
لكي أبدأ تحليلي لحكاية بياض الثلج، سأفترض أنّ القصة إجمالاً تصف حالة النفس الأنثوية غير الناضجة. مثلاً، ثمة ثلاثة نساء في القصة: الأولى، الأم الحنون، تموت سريعًا تاركةً بطلتنا بياض الثلج دون أمٍ نفسية. ولذا يمكن أن تعتبر كل الصور في القصة، أو يمكن أن تصبح، مظاهرَ للأنثوي أو الـ "أنثوية anima"، بصرف النظر عن الجنس[6].
سأستخدم كل الشخصيات الواردة في الحكاية لأمثِّل عُقَدًا منفصلة نشترك فيها جميعًا لكنها لا تزال محفوظة في ذهن واحد، أو لأصوغها بطريقة أخرى، سآخذ كل شخصية في الحكاية لتمثل جوانب مختلفة من "الذات".
هذه القصة للفتيات الصغيرات أساسًا، ولذا ربما أكون في خطر التعرّض لانتقادات تتّهم بالميل إلى تفوّق جنس على آخر، ولكني أتمنى أن أوضّح أنّه يمكن العثور على مجازات غير ناضجة كهذه في نفس الرجل، أو في النفس الذكورية animus 7، مما قد يُعثر عليه أيضًا في حكايات من قبيل جاك وحبة الفاصوليا. تخبرنا هذه القصص، في الحقيقة، كيف نوضّح ونوحّد الجوانب المتصارعة من ذواتنا مثلما تكشف خريطتنا اللاواعية الشخصية. في بداية القصة تكون بياض الثلج، أو الروح الأنثوية، بعيدة عن الاكتمال، إذ إنها بريئة وغير ناضجة وتفتقر إلى شخصية الأم الراعية ضمنًا. سوف أستمر في متابعة هذا المسار من التفكير عبر بقية هذه المقالة، إذ يوجد الكثير مما نكسبه من القيام بهذا. وسأستخدم مصطلحي أنيما وأنيموس بدلاً من "فتى، رجل" أو" فتاة وامرأة".
تذكير موجز بالقصة:
جلست ملكة شابة تحيك بجانب نافذة في أواسط الشتاء، مستخدمة إطار تطريز أسود. فوخزت إصبعها، وبرؤيتها للدم الأحمر تمنّت أن يكون الطفل في جوفها ذا بشرة بيضاء كالثلج، بخدود حمراء كالدم وشعر وعينين سوداوين كالإطار الأسود. بالنتيجة أنجبت ابنة تحمل الهبات التي تمنّتها الملكة، لكن الملكة نفسها ماتت أثناء الولادة؛ فتزوج الملك بعد سنة، وكانت ملكته الجديدة بارعة الجمال، ولكنها كانت مختالة متكبرة، اعتمدت على مرآة سحرية لتؤكد لها تفوقها في الجمال.
حين كانت بياض الثلج في عمر السبعة أعوام، قالت المرآة السحرية للملكة إنّ ابنة زوجها فاقتها حُسنًا؛ فاستشاطت الملكة غضبًا، وأرسلت صيادًا برفقة بياض الثلج إلى الغابة ليقتلها. لكنّ الصياد لم يستطع أن يجبر نفسه على تنفيذ أمر الملكة، لذا ترك الفتاة في الغابة. عن طريق المصادفة، عثرت بياض الثلج على كوخ الأقزام السبعة، حيث اسُتقبلت بحفاوة مقابل اعتنائها بالمنزل. وقرر الأقزام الاعتناء بها بعد أن سمعوا قصتها. ولحمايتها، أخبروها بألا تدخل أحدًا المنزل حين يكونون خارجًا يعملون، يحفرون باحثين عن معادن ثمينة في الجبال المجاورة. مضى كل شيء على ما يرام حتى اكتشفت زوجة الأب بوساطة مرآتها السحرية أن بياض الثلج لا تزال على قيد الحياة، ولا تزال تتفوق عليها في الجمال. قامت زوجة الأب بثلاث زيارات لمحاولة قتلها (بعد أن حاولت ذلك مستخدمة الصياد) وبدتْ وكأنها نجحت في المحاولة الرابعة عندما ناولت بياض الثلج تفاحة مسمومة عبر النافذة. ولما عاد الأقزام إلى البيت وجدوا جسد بياض الثلج عديم الحياة؛ فوضعوها في تابوت زجاجي حيث بقيت جميلة مثلما كانت دومًا. بعد مدة، مرّ أمير على صهوة فرسه، فوقع في حب بياض الثلج، وأقنع الأقزام بأن يعطوه الجسد والتابوت. وحين حملها إلى فرسه، سقطت قطعة التفاحة المسمومة من فمها، وعادت إلى الحياة.
أخذ الأمير بياض الثلج معه إلى القلعة حيث تزوجا وسط فرح غامر. وقتلت زوجة الأب، الملكة، نفسها في نوبة غضب في العرس.
ما الذي يحدث لبياض الثلج بالمعايير السيكولوجية؟
استخدم العنوان البديل "ندفة الثلج" في نسخة الأوبيي، وتبدأ بأم ندفة الثلج الملكة وهي...
جلست تعمل عند النافذة، التي كان إطارها مصنوعًا من خشب أبنوس أسود رائع. وبينما كانت تتطلع إلى الثلج وخزت إصبعها، وسقطت ثلاث قطرات من الدم عليه. ثم حدقت متفكرة في القطرات الحمراء التي نَقَّطت الثلج الأبيض..،[8]
ممتعة هي المقارنة مع قصة الأخوين غريم هنا. إنها تثلج حقًا في هذه النسخة من الحكاية حين جلست أم بياض الثلج
قرب النافذة تحيك. إبرة حياكتها كانت مصنوعة من أبنوس أسود، وبينما كانت تعمل، وكان الثلج يتألق، وخزت إصبعها، وسقطت ثلاث قطرات من الدم على الثلج. بدت البقع الحمراء جميلة في بياض الثلج لدرجة أن الملكة فكرت في نفسها...[9]
تأمل الملكة الصامت هذا، وهي تنظر إلى دمها المتجمد، والشكل الذي تركه على الثلج، أيقظ فيها توقًا عميقًا إلى طفلها المتوقع. يعتبر يونغ هذا الشكل من التأمل سمة ذكورية في داخل الأنثى. يَستخدم الـ"أنيموس" الصورة الصامتة غالبًا ليوضح المعنى للمرأة. ويُقدِّم نفسه "كرسام.. أو كعامل سينما.. أو كصاحب معرض صور.."[10]. الموضوع السابق مثال جيد لتجربة كهذه، أو كما سيقول يونغ "الصورة والمعنى متماثلان، حين تأخذ الأولى شكلاً، يصبح الأخير واضحًا".[11]
يمكن العثور على نماذج بدائية أخرى في هذه القصة[12]. الـ"الطفل البدائي والطبيعة الأم"[13] وُصفا بشكل ملائم في المقطع الأول الذي رسمت ألوانه السوداء والحمراء في بداية القصة. لاحقًا فقط، حين تنكشف القصة، تصبحُ واضحةً الحاجةُ إلى ".. توسيع اللاوعي الأنثوي إلى الأعلى وإلى الأسفل..."[14]. بفعل هذا، تنكشف الخاصية شبه البرعمية للعذراء، وربما تمضي الجذور أعمق. الأكثر دلالة ربما هو رمز تجاوز الفكرة السابقة: فسيفساء لبعض من وعود المستقبل تتخطى حياة الأم. لاحظ كيف "حدّقت" أم بياض الثلج "متفكّرة" في الصورة، وكيف تضع ذريتها المستقبلية في تركيبتها بتصوير خصال طفلها المستقبلي. ضمن فكرة واحدة نستطيع أن نجد فعلاً تخيليًا أنثويًا صافيًا مثلما نجد "مسحةَ يونغ الذكورية"[15] لأم تتخيل طبيعة ابنتها قبل أن تولد.
يُقدَّم لنا "رمز" الطفلة عبر عنصر "الثلج" على الأرض، ويُعرف البروفيسور كيريني الرمز على هذا النحو:
كصورة يقدمها العالم نفسه. يخبرنا العالم، عبر صورة الطفل البدائي، عن طفولته الخاصة، وعن كل ما يعنيه شروق الشمس، وولادة طفل للعالم[16].
يشير مرة أخرى لاحقًا إلى الطفل البدائي الذي...
... يتضمن أصلاً الوالد والمولود. نفس الفكرة، منظورة كقدر المرأة، تمثلت لدى الإغريق. وقد عُبر عن الميزة شبه البرعمية لها في الاسم الذي منح غالبا لتشخيصها: كور، التي هي ببساطة الإلهة "العذراء"[17].
تلامس قصتنا البسيطة مجازًا عميقًا في مقطعها الافتتاحي.
بالطبع ما يتبع هو ولادة عذراء ذات سمة شبه برعمية، وكل ما ينبع من هذا الوصف، الذي صاغه يونغ وكيريني حول علم الأسطورة، قابل للتطبيق على بياض الثلج. هذه نماذج عتيقة بالتأكيد.
تتضمن الملاحظات الأخرى لما سبق، تكرار ظهور الرقم ثلاثة: ثلاث قطرات من الدم؛ تشكل "الإبرة السوداء"، "الدم" و"الثلج" ثلاث صور؛ مانحة ابنتها ثلاث صفات: شعرًا أسودَ وعينين سوداوين، بشرةً بيضاءَ وخدودًا حمرًا؛ ورموز الوحدة "الثلاثة" في "العذراء"، "الأم" و"الطفل" متضمنة دورة موت العذراء حين تكون متوحِّدة مع الرجل، مانحة الولادة وبعث الحياة من جديد. يبدو الرقم ثلاثة رمزًا مميزًا. وحين نصل إلى الرقم أربعة تكتمل العملية. الأم، الابنة، الظل (زوجة الأب الشريرة) وأخيرًا الأمير، هم مثال واحد للرباعية. إنه العنصر الرابع، ما يبدو أنه يتدخل قادمًا من لا مكان ليكمل القصة، حيث يتبدّى الذكوري "أنيموس" في أميرها. ولكن، قبل أن نقفز إلى نهاية القصة، على بطلتنا أن تجتاز مرحلة تحولها الأخيرة. فبحسب الخط الدرامي، مع المحاولة الرابعة لقتل بياض الثلج، يفترض أنّ زوجة الأب قد نجحت. ربما هي منتهية، مكتملة، مثلما كانت، في محاولتها الرابعة.
اختبار تطور الذكوري والأنثوي:
ثمة عشر رجال في قصة بياض الثلج، يمثل تسعة منهم رموزًا أبوية ضعيفة أو غير كافية لبياض الثلج. يمكن أن ينقسم هؤلاء الرجال العشرة إلى أربع مراحل تطور للذكوري ضمن تطور الأنثى في سعيها لأن تصبح امرأة ناضجة تمامًا في آخر الحكاية. لكن، قبل تطور الأنا، لا يبدو جنس الطفل هامًا، كما أشار البروفيسور كيريني
... لم يكن دور الطفل منحصرًا لا ضمن "الجنس" الذكري ولا الأنثوي[18].
يتضمن تجاوز القوى النفسية اللاواعية لدى الطفل ارتقاءه من صبي إلى رجل أو، في هذه الحالة، ارتقاء "العذراء" إلى "أم". إنه تَحَوُّل.
أحد تجليات فكرة البرعم التي صَورت استمرارية الحياة في وحدة العذراء، الأم، والطفل، الكائن الذي يموت، يمنح الولادة، ويعود للحياة مجددًا[19]،
(على الذكر أيضًا أن يواجه جانبه الظليل في حالة مشابهة. عدمُ التقبُّل أو عدمُ التوحُّد مع الظل، يُنتج انعدام النمو. لم يكبر بيتر بان أبدًا، ولكنه، لذلك، لم يمتلك ظلاً أبدًا. في الممارسة الطبية كمعالج، اطلب من المريض أن يستكشف موقفه من الظل في داخله. أتذكر جاك، في جاك وحبة الفاصوليا. كان ظله العملاقَ الذي سيلتقيه فيما بعد).
المرحلة الأولى:
يبدأ التماثل بالظهور حين نقرأ كيف ماتت الملكة أثناء ولادة طفلتها، وكيف أن زوجها "الملك اتَّخذ لنفسه زوجة أخرى" بعد موتها[20]. هذه هي الإشارة الوحيدة لوالد بياض الثلج. إنه أب متخاذل لأنه يفشل كليًا في حماية طفلته من الأيدي الأثيمة لزوجته الجديدة. يشترك هذا الرمز الأبوي المتخاذل مع حكايات سندريلا وربما ليلى والذئب التي لا يبدو أنها تمتلك أبًا على الإطلاق. العامل المشترك بين هذه الحكايات هو أنه لا يمكن إكمال الجانب السلبي من الذكر (الأب المهمل) وقد يؤدي هذا إلى رفض الذكر؟ لأن...
هذه العذراوات محكومات دومًا بالموت، لأن الهيمنة الكلية للروح الأنثوية تعيق عملية البلوغ النفسي، أي "نضج الشخصية"[21].
عادة يكون "للغائب"، أو الذي يشار إليه أقل من غيره، مساهمة عظيمة في حياة الشخص. تنطلق بطلتنا دون رمز أبوي تقريبًا (أو أنيموس)، وفي هذه المرحلة الأم ميتة. هذه الحالة النفسية تراجيدية، إذ إنها تفتقر إلى صورة الأم الحنون، والأب الذي لا يستطيع أن يدافع عنها، وإنّ صيغة "لا يفعل شيئًا" هي الصيغة الأكثر تعبيرًا عن العنف لأن فعلَ عدمِ القيام بشيء يمنع شفاءها الخاص. إنه لا يقدم أية اقتراحات، إرشادًا أو حتى محاولة السيطرة على القوى الهائجة داخلها متمثلة بزوجة الأب الشريرة. كما لا يفعل شيئًا حيال النقيض الهائج. والتوازن المضاد للذكر (أنيموس) الضعيف هو..
الظل الأنثوي السلبي المتضخم الذي هو لا واعٍ كليًا، ويبدو ذا حكمة مميزة خاصة به[22].
.. في هيئة زوجة الأب.
تبدو القصة كلها وكأنها تدور حول عثور بياض الثلج أخيرًا على أميرها، الرمز الذكوري العاشر، قبل أن تصبح قادرة على مواجهة وترويض الغضب الذي في داخلها. رغم أن الأنا هي ".. تراكم هائل لصور عمليات الماضي.." داخل بياض الثلج، إلا أنها طفولية في التطور، وهائلة[23]. هذه الحالة الأولية للشخص تتضمن كل ما هو ضروري للتطور إلى شخص بالغ، ولكنها تعاني من فشل التلاؤم، فعَوضت بـ".. نكوصٍ ارتكاسيٍّ.. أقدمَ.. لصورةِ الأب الذهنية المثالية.."[24]. كما نكتشف أنّ ثمّة نمو للأنثى البدائية في هيئة زوجة الأب الملكة الشريرة. لذا ليس مدهشًا أنّ هذا "الظل" المهيمن[25] يحاول أن يزيح الأنا، خاصة إذا كان الظل نفسه متزوجًا بذكر (أنيموس) بهذا الضعف. بياض الثلج في مأزق، ونستطيع أن نستنتج أنّ "الانتحار الجزئي" الحتمي هو سبيل الظل إلى تقييد وجود بياض الثلج: بطلتنا[26]. ولو كانت مريضةً في هذه المرحلة من التطور، لَبدت هستيرية، لديها رعبٌ تجاه الحرية، وفي نفس الوقت اتكاليةٌ على كل من هو في محيطها؛ لربما وصفت مشاعرها بكونها شبيهة تمامًا بأن تكون في مكان مظلم، مختبئة من المسؤولية، ومن خطر العالم الخارجي.
بدأت الأنا بتطورها الخاص عندما كانت بياض الثلج في عمر السابعة، وحينها رأينا الرعب الذي عبّرت عنه زوجة الأب الملكية. قد يتزود هذا الرعب بالغيرة، بالافتقار إلى حب طفل خاص، فيصبح حينها حاقدًا وقاتلاً ".. كانت مستعدة أن تقتلع قلبها من جسدها"[27].
المرحلة الثانية:
تتضمن هذه المرحلة أول وميض وعي من جانب بياض الثلج. إنها تُعتبر تهديدًا لرمز الظل في نفسها- زوجة الأب الشريرة. وكذا تظهر الحالة الأولى من الوعي الذكوري- رجل الغابة الذي لن يؤذيها، ولكنه لن يحميها أيضًا. هذه مرحلة انتقالية بالنسبة لبياض الثلج، حين تجد نفسها تتجول في براري الغابة وقد تخلى عنها البالغون.
الظل الباطني، ملكتنا المغتصبة الجديدة، تسعى جاهدة لتدمير بياض الثلج، وقد استأجرت خدمات الصياد كقاتل. هنا، يدخل الرمز الذكوري الثاني. إنه ليس عنيفًا كالأول في كونه يفعل شيئًا ويرفض أن يؤذيها، ولكنه أيضًا يخفق في حمايتها، تاركًا إياها تمضي إلى خطر مجهول في الغابة. على الأقل يخدع رمز الظل (الملكة المغتصبة) ويقتلع قلب غزال كبرهان على قتلها.
الأنا في هذه المرحلة تحت تأثير قوى مجهولة باطنية، وهي مقيدة في الحرية ".. مستبعدة عن الحياة العادية"[28] حيث تستمر في "الاختباء في الغابة".
كل القوة الذكورية للأب في بياض الثلج كانت منوَّمة بخصال الجمال الذي يقنِّع كل المحتوى الشرير الذي لم يحوِ أيَّ دفء مشاعر. أُخبرنا أنّ الملكة الظل ".. لم تحتمل أن يفوقها أحد جمالاً"[29]. وبالطبع كان لديها المرأة السحرية؛ كانت سحرية لأن الانعكاس نظر إلى المرآة، ورأى نفسه الحقيقية تعيد النظر إليه من داخل المرآة. هذا بالطبع رمز أحد جوانب الجمال الأنثوي. يقول يونغ إنّ لدى نساء كهؤلاء
... قدرة فنية في الوهم كموهبة أنثوية خالصة... لكن يبدو أنه إذا كانت المرأة راضية بأن تكون سيدة بيت، فستكون دون خصوصية أنثوية.
ستكون فارغة، وتتألق كوعاء مرحِّب بنتوء الذكر[30].
أخبرت المرآة الملكة بأنها لم تعد الأفضل. الإحساس الأول ".. كانت الملكة مرتعبة"[31]. شعور بالتشويق على الأغلب، إذا ما اعتبرنا أن الجمال المنافس فقط هو على الرهان. لكنّ جمالها يتعلق بالسيطرة أيضًا لأنها إن كَفت عن تنويم زوجها فـ"سيرى حقيقتها"، وستخسر كل شيء.
المرحلة الثالثة:
بالتأكيد ثمة نضج أكبر في باطن الأنثوي والذكوري في هذه المرحلة. هنا حيث تلتقي بياض الثلج الرجل العادي، الأغلبية العظمى من الرجال- سبعتهم! إنه، (الأقزام)، يعمل طوال اليوم ويتوقع من الآخرين القيام بالمثل. هكذا تدخل بياض الثلج في اتّفاق مؤقت قائم على مساعدة متبادلة: هي تقوم بأعمال المنزل مقابل بقائها، وهم يقومون بالعمل الضروري. الظلّ أيضًا يتنكر في هذه المرحلة، إذ يعي الأنا المزهرةَ بياضَ الثلج. ولكن الأقزام ليسوا كبارًا كفاية، فقد كانوا بنصف حجم الرجل، وأخفقوا في حماية وديعتهم الأنثى، وتركوا بياض الثلج دون حراسة حتى بعد محاولات قتلها المتكررة. بالمثل، كانت الأنثى خرقاء بما يكفي حين تطيع الإرشادات "بألا تفتح الباب"، ولكنها تفتح النافذة عوضًا، لأنهم لم يخبروها قط ألا تفعل ذلك. تقابل الذكر (أنيموس) في هيئة العديد "المتماثل والمتعدد"[32]. "يمثل الذكر أيضا رموزًا مساندة" مثلما أثبتت الأقزام، وهكذا بدأت طريقُ الأنا إلى الشفاء[33].
رغم أن بياض الثلج مكروبةٌ بوضوح في هذه الحالة، إلا أنها غير قادرة على التواصل مع مشاعرها. والانقسام الذي بنفسها يتضح أخيرًا. اكتشاف الحقد الذي أظهرته أمها السلبية في باطنها، يُرى فعلاً. كل هذا مؤلمة مشاهدته للبشر في الحياة الواقعية أيضًا، وبطلتنا بالكاد تبدأ في رؤيته. تحتاج الأنا الخاضعة إلى أن تجد نفسها. وفي هذه الأثناء، ثمة حاجة لأن تكبر الأنا "بأن تصبح أكثر امتيازًا"، وإنْ كانت هذه العملية تأخذ وقتًا.
إذا فكرتم بالأمر، فإنّ الظل (الملكة الشريرة) ليس الوريث الشرعي للنفس. إنه يغتصب الأنا، وبفعله هذا، هو مهيأ لأنْ يقوم بانتحار جزئي. يتضمن منهج الملكة الشريرة فكرة أنه
.. لا يوجد فقدان واقعي للحقيقة، وإنما تزييف له[34].
لاحظوا كيف أنّ الظل الأنثوي يحتوي الجزء "البرَّاق" من الليبيدو. إنه يفتن الذكوري، ويقوده إلى اهتمام ضئيل بالغاية الأكمل التي يجب أن تتضمن الحاجة إلى تكوين علاقة حميمة أو تناسل. لكن مسعى الأنا، في قصتنا، يلجأ إلى الاختباء، وهناك تنمو ببطء حالَّة محلَّ الساذج تمامًا: الذكر (الأب المهمل)، صحبة الأقزام المتشابهين ولكن المتعاونين. (قد يلعب المعالج النفسي دور الأقزام مستخرجًا الكنوز من اللاوعي، ويلعب الشخص موضوع التحليل دور الأنا "الملجأ"، أو المكان الآمن المؤقت).
عند العمل مع امرأة تسعى إلى التلاؤم، تتضمن مهمة المعالج النفسي مساعدتها في "الإبقاء على كل شيء مرتبًا ونظيفًا ومنظمًا..."[35]، ومساعدتها في أن ترى "بشكل مباشر أن كل شيء لم يكن على ما يرام..."[36]. يتضمن هذا التعليق الأخير نظرة إلى "الجانب الاجتماعي" أيضًا لمرضانا.
يشير عدد المرات التي يكون لدى الفتاة فيها والد "بالاسم فقط" في حكايات الجنيات إلى تماثل.
لا يمكن أن يتجنب المعالج النفسي التأثرَ حين يدرك كم هي متماثلةٌ صور اللاوعي، رغم غناها السطحي[37].
(لاحقًا فقط، في فيلم والت ديزني بياض الثلج والأقزام السبعة، الذي أنتج عام 1938، منح الأقزام، على الإطلاق، سمة شخصية).
بالنسبة لنمو بياض الثلج الشخصي، اعتمد ارتقاؤها على عملية تقوية الأب المذكر غير الكافي، عبر مساعدة الأقزام.
هكذا يكدح الأقزام المبدعون سرًا، رغم أن القضيب يعمل في العتمة، إلا أنه ينجب شيئًا حيًا، المفتاح الذي سيفتح الباب الغامض المحظور، والذي خلفه تَنتظر أشياءٌ رائعةٌ أنْ تُكتشف[38]. ينقبون الأرض أو اللاوعي ليجدوا أحجارًا ثمينة ومعادن. في هذه الأثناء يقوم الظل المتنكر بثلاث محاولات أخرى، بعد فشل محاولته الأولى، لتدمير الأنا. تنجح الرابعة، كما تعتقد.
طُردت بياض الثلج، سُلبت منها حقوقها، أُسيء فهمها أو أَخفقت في فهمها، ومع ذلك أظهرت القليل من المشاعر. صحيح أنها شكرت الصياد الذي أُمر بقتلها "... بلطف بالغ"[39] لإبقائه على حياتها. التعبير النادر الثاني عن المشاعر كان حين كانت في الغابة حيث تقول الحكاية إنها أصبحت
... خائفةً مروَّعة، ولم تعرف ماذا تصنع. ركضت قدر ما استطاعت حتى تقرّحت قدماها، وقبيل المساء رأت، ببهجة غامرة، بيتًا صغيرًا جميلاً[40].
أعتقد أنّ المرء حين يعاني من مشكلة كهذه، يشعر بوضاعته، مهجورًا من قبل الجميع، باحثًا عن المساعدة. كم من المرات نتعجب، نحن المعالجون النفسانيون، مما مرّ به مرضانا؟ تظهر لي غالبًا مشاعرُ كآبةٍ ولكن في ذات الوقت صلابةٌ. هذه الميزة الأخيرة ستحملهم عبر التحليل ليتوصلوا إلى التكيّف، كما لو أن المرونة، أو القدرة على المعاناة، معادلة للمهمة التي يجب التغلب عليها.
حكايةُ الجنيات تدور حول تطور شابٍ مماثلةٌ، ولكنه "يمضي قدمًا" لملاقاة ظله، بينما المرأة تبقى في المنزل ويزورها ظلها. ففي حين تنكّر جاك في حكاية جاك وحبة الفاصوليا ثلاث مرات في مقاربته لـ "عقدة الظل"، كان لديه رداء جاهز يخفيه، وشيء يصبغ به بشرته، وقد اعتقدَ أن لا أحد سيستطيع التعرف عليه[41]، يكون الأمر معاكسًا تمامًا مع الأنثى، إذ إن الظل، زوجة الأب الملكة، تتنكّر ثلاث مرات "متنكرةً كبائعةٍ متجولةٍ عجوز..."[42] ، وفي المرة الثانية قامت الملكة الشريرة "بارتداء ما يخفيها أيضًا ولكن بشكل مختلف تمامًا عما ارتدته سابقًا..."[43]. يظنّ المرء أنّ بياض الثلج ستتعرّفها هذه المرة، ولكن لا! فقد تنكّرت الملكة، في زيارتها الثالثة والأخيرة، "في ثوب زوجة فلاح"[44]. أنذهل غالبًا حين أعمل مع بعض النسوة من كونهن لا يدركن أنّ ما يحدث في حياتهن "ليس صحيحًا". أصبحن يتقبلن اللامقبول. يبدو أنّه ثمة ضرورة لمساعدة الأنا في التعرّف إلى الفعل الخطأ وعلى "النمو" وقَبلَها على "تَقبِّل" الظل. إثارةُ حوار مع الجانب المظلم أساسيةٌ في مهمة التفاوض مع الظل هذه. ويتضمن هذا العمل أيضًا معاينة "الموقف" المأخوذ من الظل. وأجد أنه يمكن استخدام تقنية "وظيفة التجاوز" اليونغية[45] هنا بشكل ممتاز.
المرحلة الرابعة:
يأتي الأمير إلى عالمها فقط حين تكون لاواعية، قبل أن تطالب بحقها كأميرة. أيُّ حظ كان لديها، ممددةً هناك ميتةً حين صادف أن جاء الأمير، أو كما قال يونغ
... أيوجد وسيطٌ عصبي آخر، منفصلٌ عن المخ، يستطيع أن يفكر ويدرك، أم أن العمليات النفسية التي تحدث فينا خلال فقدان الوعي هي ظواهر موازية...[46]
النموذج الشائع الآخر في حكايات الجنيات هو فكرة الاختباء أو حالة السبات عند البطلة والتي تبلغ نوعًا خاصًا من النوم، وتتسبب (في حالتنا هذه) في توقف الملكة الشريرة أيضًا عن تدبير المكائد. لدى الأنا الآن فرصة لتصبح قادرة على التحرر، أي العودة إلى الحياة، وفي ذات الوقت السعي إلى الوحدة مع المذكر (وصول الأمير). موحَّدين في الزواج، يعودان ليعيدا المغتصَبة إلى مكانها الملائم.
المبادئ العامة للعذرية:
يبدو أنّ ثمة ستُّ مظاهر رئيسية في المبادئ العامة للحياة يمكن العثور عليها في أسطورة العذراء[47]. كم من هذه المظاهر توجد في حكايات الجنيات؟ سأستعرضُ مقارنةً موجزة بين ما استنتجَه البروفسوران وما تبين في حكايتنا:
المظهر الأول هو "... أن تكون مطاردة..."[48]. كانت بياض الثلج مطاردة بالتأكيد من قبل زوجة الأب الملكة: "... ومضت في طريقها عبر التلال إلى المكان حيث أقام الأقزام"[49].
المظهر الثاني هو "... أن تكون مسلوبة..."[50]. كان إرث بياض الثلج مسلوبًا؛ إذ كانت الأميرة والوريثة الشرعية للمملكة كلها. وقد سلبتها زوجة الأب حقوقها، ولكانت سلبتها حياتها أيضًا.
المظهر الثالث المتعلق بأسطورة العذراء يتعلق بكونها "... مغتصبة ..."[51]. لا يمكن السماح بكوارث كهذه في قصص الأطفال، لكن بياض الثلج تعرضت لسوء المعاملة جسديًا حين كانت عرضة لزوجة الأب الشريرة التي وضعت رباطًا حريريًا كَمِشَدٍّ حول خصرها و
... شدت الرباط بإحكام، لدرجة أن انقطع نفس ندفة الثلج وسقطت وكأنها ميتة[52].
ثم، كانت الطفلة عرضة لمشط مسموم و
... وقفت أمام المرأة لتسرح لها شعرها، ولكن حالما لامس المشط جذور الشعر حتى أخذ السم مفعوله[53].
أخيرًا، بعد أن أخفقت في شد البشرة البيضاء بإحكام، ونبش الشعر الأسود الأبنوسي، سمّمتها بتفاحة وضعت بين تلك الشفاه الوردية الحمراء. كل هذا لا يرتقي إلى الاغتصاب، ولكنه يصل بالتأكيد إلى سوء معاملة خطير.
المظهر الرابع بحسب يونغ هو أن العذراء "... تخفق في الفهم"[54]. فعلت بياض الثلج ذلك مرات كثيرة حتى بدا أنها ما فهمت ولو لمرة. أُمرت "... بألا تفتح الباب مهما كان السبب..."[55]، وهو ما لم تفعله عمليًا، لكنها صرخت، عوضًا عن ذلك، بزوجة الفلاح المتنكرة: "لا أجرؤ أن أدخلك، فقد منعني الأقزام السبعة عن ذلك". "و لكن ما من ضرر فيَّ - قالت زوجة الفلاح- ابقِ وسأريك تفاحاتي"[56]. كيف بإمكان شخص أن يكون أعمى هكذا؟ لكن بياض الثلج ليست بريئة جدًا رغم ذلك، إنها تلعب دورًا في كل هذا برغبتها في الحلو واللذيذ المعروض. أَظهرَ هذا سذاجةً أيضًا، مما يمنحها كلَّ الطقوس اللازمة للعبور لتصبح مؤهَّلة لهذا النموذج البدئي الموجود في الميثيولوجيا. حين أتعامل مع أناس يعانون من هذا الانقسام الداخلي ألعب كثيرًا على قدرات الظل على المعرفة، على كونه ذكيًا، على امتلاكه الحكمة، كأحد الأسباب لضرورة تقبل الظل. على كل حال، تبدو بياض الثلج بريئة في هذه المرحلة لدرجة أن الاقتراب من محاولة تقديم الظل لها سيكون كارثيًا. يجب أن تموت، وبذلك تتحول وتصبح امرأة أولاً.
بعد أن عانت من ألم وحقد كهذين، يتوجب على بطلتنا العذبة أن تمر في وقت ما بالمظهر الخامس "... أن تسخط"[57]. لا يوجد تلميح في قصتنا إلى أن بياض الثلج نفسها تغضب أو تحزن فعليًا، لكن الظل يفعل. ويحدث هذا فقط حين يوطِّد الأمير أو الأنيموس نفسه في النفس الأنثوية.
لأول مرة "تُستدعى" زوجة الأب الشريرة "فعليًا" من قبل الأنا، أي تنضم إلى ما تقوم به بياض الثلج، حيث يتمّ التعرف إلى الظل. هذه آخر عملية حيث تدعو الأنا الظل ليتكيف مع الأنا (وليس العكس). وبفعل هذا، يُسمح للظل أن يعبر عن السخط والأسى.
المبدأ السادس هو أن "... تأسى"[58]، وهو اكتمال التحول.
سأترك المجال للقصة هنا لتحكم وتخبرنا حكايتها.
حدث الآن أن دُعيت زوجة أب بياض الثلج، بين ضيوف آخرين، إلى حفلة العرس. وقبل أن تغادر بيتها وقفت أمام المرآة السحرية بكامل زينتها البهية لتُعجب بمظهرها الخاص، ولكنها لم تستطع أن تمنع نفسها عن قول:
"أيتها المرآة، أيتها المرآة على الجدار
أأنا الأجمل؟"
حينها، ويا لدهشتها، أجابت المرآة:
"أيتها الملكة الجميلة، أنت الأجمل هنا،
ولكن في القصر، الآن،
ستظهر العروس جمالاً
يفوق جمالك بألف مرة.
حينها أطلقت المرأة الشريرة لعنة، وكانت خائفة فزعة لدرجة أنها لم تعرف ماذا تفعل. لذا أعلنت في البداية أنها لن تذهب إلى العرس أبدًا، ولكنها شعرت بأنها لن ترتاح حتى ترى العروس، لذا قررت الذهاب. ولكم كانت دهشتها وغيظها عظيمين حين تعرّفت في العروس الشابة بياض الثلج نفسها، وقد كبرت شابة فاتنة، وقد ارتدت بفخامة أرديةً ملكيةً! كان سخطها ورعبها عظيمين لدرجة أنها وقفت ساكنة وما استطاعت الحراك لدقائق، ثم قصدت أخيرًا صالة الرقص لكن الحذاء الذي احتذته كان كقيد حديدي مليء بجمر من النار، وكان عليها أن ترقص به، وهكذا، بالحذاء الأحمر المتقد، تابعت الرقص حتى سقطت ميتة على الأرض، مثالاً حزينًا للحسد والغيرة[59].
يتضمن تأويل رقص "العقدة" حتى الموت غيظًا وغضبًا، دون أذى، موت العذراء[60]. هذا مبرر آخر لوجوب موت العذراء في القصة، لتشير إلى لا مزيد من براءتها. لغاية، يقام عرسها في ذات الوقت، مما يدل على توحيد الأنثوي مع الذكوري. هذا رمز العنصر الرابع أو المرحلة الرابعة[6]: الاكتمال.
حاولتُ أن أُظهر أن حكايات الجنيات تحمل الكثير من السمات التي تنسب عادة إلى الأسطورة الكلاسيكية. ولكون الأمر هكذا، أقترح أنها تحتاج إلى أن تؤخذ على محمل الجد كمجسِّدة لنماذج اللاوعي البدئية الأصيلة في النفس.
يطرح روبرت غريفز وجود إشارات قليلة إلى القتل الطقوسي للنساء في الأسطورة الأوروبية[62]. ويعتبر الحكايات الشعبية الألمانية "الحسناء النائمة" و"بياض الثلج" استثناءات. حيث يقول إن دلالتها تتضمن أيضًا أهمية الرقم 13، في حالة الحسناء النائمة ممثلاً الشهرَ الثالث عشر كشهرٍ للموت، بينما يَلعن الضيفُ الثالث عشر الأميرةَ.
يقول غريفز في شرحه لقصة بياض الثلج إنها كانت إلهة خالدة بوضوح، وإنّ "هذه الميتات هي ميتات زائفة فقط". كما يشدّد على "الدراما الفصلية... حين تَقبل عروسه أن تفتح عينيها نصف المغمضتين وتبتسم"[63]. لذا لا يرفض غريفز الارتقاء بالحكاية الشعبية إلى مصاف الأسطورة الكلاسيكية.
فقط لأكمل تشبيهي بين الحكاية الشعبية والأسطورة، قبل أن أجمع استنتاجاتي معًا، يضيف يونغ حينها أن العذراء سوف "... تستعيد كل شيء، وتولد ثانية"[64] لتأخذ مكان الأم، ولتكون قادرة على الارتداد إذ أنها هي نفسها كانت متصورة من قبل أمها، وهكذا، تمتد جيئة وذهابًا في الزمن. رأينا أنه على الرغم من كون الأنثى (أنيما) مفرَدةً في الذكر، إلا أنها تمتلك خصائص ايجابية وسلبية. بشكل مباين، الذكر (أنيموس) في الأنثى متعدد، ممثلاً بالرجال العشرة. لاحظ التطور:
كان الأول والدها الذي لم يفعل شيئًا.
الرجل الثاني لن يؤذي بياض الثلج، ولكن سيقوم بالقليل لمساعدتها أيضًا، ويدعها تمضي في الغابة، إلا أنها تحدثت إليه متوسلة أن يطلقها.
النمط الثالث من الرجال هو السيد - الأغلبية!، الأقزام السبعة الذين كانوا أفضل بكثير: فقد استضافوها، وقدموا لها الملجأ والنصيحة، واعتنوا بها حين هوجمت. وهي ردّت لهم الجميل (لاحظوا أنّ هذا أول فعل تواصل مع الذكر من قبلها) عبر الاعتناء ببيتهم، حيث دخلت في اتفاق وعقد.
لكن الأقزام لم يبقوا ليحموها حين كانت هناك محاولة قتل، بل تركوها لرغباتها الخاصة. ولذا؛ فاعتناء الأقزام بعهدتهم الأنثى لم يكن كاملاً. لم يكن ثمة رجل واحد كامل بينهم.
الأخير، الرابع، كان الأمير. الصورة الذكورية العاشرة التي تمثل رمز كمال الاتحاد مع الأنثوي. بعد كل شيء، بياض الثلج هي حكاية للفتيات أساسًا، للإناث، وهي عن تطور النفس الأنثوية، لكن الحكاية كلها تتعلق بالرجال مثلما بالنساء، كما آمل أني أظهرت.
أتذكر رواية: حين قرر يونغ في حالة مستعصية أن يطلب من مريضته العصابية بيأس أن "تسكت" فقط! لذا عقدت مقارنة: أن قطعة التفاحة في حلق بياض الثلج قامت بفعلها، فقد "أسكتتها". أي إنّ الأنا أوقفت جانبها: الظل من خلق فوضى أكثر. كان يجب إسكات المظهر السلبي من الأنثى قبل أن يستطيع الأمير الوصول. ولكن، ماذا لو قابل الأمير زوجة الأب الشريرة أولاً؟ لكان هذا قاد إلى حكاية جديدة تمامًا، ولكن عبر "الصمت المضبوط" مُنح الأمير فعليًا الحيزَ لأن يفتتن بعروسه المستقبلية، وهكذا استقر.
بالنتيجة:
حاولت أن أؤسس نماذج معينة من الذات في حكايات الجنيات بالتمعن في فكرة أن الحكاية قد تؤول كمظهر للتطور النفسي. كما حاولت أن أحبك العملية التي على بطلتنا اجتيازها في سبيل أن تجد الكمال، كمعونة لفهمنا.
لذا:
في بداية قصتنا، كانت بياض الثلج غير متميزة وفي حالة سبات. يمكن أن يقال أن أناسًا كهؤلاء هم في حالة صدمة، فوضى، غير عارفين إلى أين يمضون، ويبقون مقيمين في نمط حياة من الوحدة والخوف. حين يكون ثمة درجة من التميز، يتهدد الظل. يعمّ خوف حول إمكانية أخذ ما هو بحقّ خاصتهم، حرية أن تتحول، حرية أن تعانق نقيضها الخاص. بدل التفكر في هذه الحرية سيخلق فرد كهذا فوضى، وقد يصل به الأمر أن يتمنى الموت. في هذه المرحلة الأولية، تعيش الأنا لترضي الآخرين. لم تكن بطلتنا قادرة على البحث عما هو مفيد عن اللاوعي، وكانت لديها فكرة ضئيلة عن جانبها المظلم. نستطيع أن نرى من القصة السابقة أن الناس في هذه الحالة يفتقرون إلى القوة. سينسب الشخص، في حالة البراءة، إلى الآخرين كل ما يحدث له، ولن يتحمل المسؤولية بنفسه، لأنه غير قادر على تقبل جانبه المظلم. بعد حوادث عديدة تقع نتيجة سلوكهم المدمر الخاص، لا يزالون غير قادرين على النظر إلى "النصف الغاضب" في باطنهم، بل يختارون أن يبقوا بعيدين عن الحياة. وإنّ تصريحات مثل "لا أستطيع" تشكل جزءًا من لعبة السُّلطة التي يلعبها الظل، مما يمنعهم من رؤية جزئهم الخاص في هذا الدمار. في هذه النقطة، ثمة عملية حوار بين النفس والعقدة، وببطء تستطيع بطلتنا (الأنا) أن تبدأ بتقبل أخطائها الخاصة.
ثمة مخاطر كثيرة في هذه المرحلة، حين تجمع الأنا المعرفة من أعماق اللاوعي. تستمر هذه المرحلة حتى تتبدى المرحلة الأخيرة من الصراع، حيث الأنا في اضطراب خطير. يصبح القلق لا يطاق: الخيارات صارمة، إما أن تصبح سباتية أكثر أو أن تجد طريقًا لتمضي بكليتها صوب الحياة. ولكي تكمل بطلتنا تكيفها عليها أن تَدْعُ الظلَّ إلى المشاركة.
على المرء أن يتعلم "أن يُسكت" التذمر اللانهائي للظل، وأن يشهد سخطه الخاص، ويجد طريقة للتعبير عنه دون أذى، أي أن يراقب غضبه "يرقص، دون أذى، حتى الموت" أفضل من أن يصبح ضحية مرة أخرى. عندها يستطيع الشخص أن يقرر إيقاف الأفعال عديمة الجدوى والمؤذية السابقة ويتعهد حياته الخاصة، أو كما في الحكاية، يحكم مملكته الخاصة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
- هانز كريستيان أندرسون، القصص الكاملة المصورة لهانز كريستيان أندرسون، 1983، كانسيلور للنشر، لندن.
- كارل غوستاف يونغ، الأعمال المختارة، الجزء الثامن. "بنية وآليات النفس" 1960، روتليدج، لندن.
- كارل غوستاف يونغ، الأعمال المختارة، الجزء السادس، "الأنماط النفسية" 1971. روتليدج، لندن.
- كارل غوستاف يونغ، الأعمال المختارة، الجزء التاسع p+ 11. "آيون" 1981. روتليدج، لندن.
- كارل غوستاف يونغ، الأعمال المختارة، الجزء السادس عشر. "سيكولوجيا التحول" 1983. ارك بيبرباك، لندن.
- كارل غوستاف يونغ، الأعمال المختارة، الجزء الثاني عشر، "السيكولوجيا والخيمياء" 1993، روتليدج، لندن.
- كارل غوستاف يونغ، الأعمال المختارة، الجزء الخامس، "رموز التحول" 1995. روتليدج، لندن.
- كارل غوستاف يونغ وكيريني، مقالات حول علم الأساطير، 1993. منشورات جامعة برنستون، الولايات المتحدة الأمريكية.
- اوبيي. بيتر وايونا، حكايات الجنيات الكلاسيكية، 1980. غرانادا، اوكسفورد.
- روبرت غريفز، الإلهة البيضاء، 1999. فيبر وفيبر. 2005
[1] معالج نفسي.
[2] بيتر وأيونا اوبيي، حكايات الجنيات الكلاسيكية.
[3]اوبيي واوبيي 1980: 227
[]يونغ وكيريني 1989: 162
[5]نفس المصدر: 98.
[6]يونغ 1960: 345
[7]نفس المصدر
[8]اوبيي واوبيي 1974: 230
[9]غريم 1984: 188
[10]يونغ 1960: 171
[11]نفس المصدر: 204
[12]يونغ 1981: 21
[13]يونغ وكبريني 1989: 158
[14]نفس المصدر: 162
[15]نفس المصدر
[16]يونغ وكيريني 1989: 45
[17]يونغ وكيريني 1989: 105
[18]يونغ وكيريني 1989: 147
[19]يونغ وكيريني 1989: 148
[20]الأخوان غريم 1984: 188
[21]يونغ وكيريني 1989: 172
[22]يونغ 1981: 133 ف
[23]يونغ:1960: 323: 36
[24]يونغ 1995: 140
[25]نفس المصدر: 208
[26]يونغ وكيريني 1989: 110
[27]الأخوان غريم 1984: 189
[28]يونغ 1960: 311
[29]الأخوان غريم 1984: 188
[30]يونغ وكيريني 1989: 172- 173
[31]غريم 1984: 189
[32]يونغ 1981: 16 ف
[33]يونغ 1960: 347
[34]يونغ 1995: 140
[35]غريم: 1984: 191
[36]اوبيي واوبيي 1974: 232
[37]يونغ 1995: 175
[38]يونغ 1995: 124
[39]الأخوان غريم 1984: 189
[40]الأخوان غريم 1984: 189
[41]اوبيي واوبيي 1974: 221
[42]اوبيي واوبيي 1974: 232
[43]نفس المصدر: 234
[44]نفس المصدر: 234
[45]يونغ 1960: 67-91
[46]نفس المصدر: 509
[47]يونغ وكيريني 1989: 137
[48]يونغ وكيريني 1989: 137
[49]اوبيي واوبيي 1974 :232
[50]يونغ وكيريني 1989: 137
[51]يونغ وكيريني 1989: 137
[52]الأخوان غريم 1984: 192
[53]الأخوان غريم 1984: 193-194
[54]يونغ وكيريني 1989: 137
[55]الأخوان غريم 1984: 194
[56]نفس المصدر: 194
[57]يونغ وكيريني 1989: 137
[58]نفس المصدر
[59]الأخوان غريم 1984: 198
[60]يونغ 1960: 98 و369
[61]انظر فوق
[62]غريفز 1999: 411
[63]نفس المصدر: 412
[64]نفس المصدر: 137
.