نقوس المهدي
كاتب
أظن أننى كتبتُ هذا المشهد من قبل، لكننى سأكتبه مرة أخرى. فى قارب، فى منتصف بحيرة، جلس رجل وامرأة. وعاليا فوق فى السماء المظلمة يُطِلّ القمر. الليل ساكن ودافئ، مناسب تماما لمغامرة هذا الحب الحالم. هل الرجل الذى فى القارب خاطِف؟ هل تكون المرأة الضحية السعيدة المفتونة؟ هذا لا نعرفه؛ نحن نرى فقط كيف يقبِّل كل منهما الآخر. يرقد الجبل المظلم أشبه بعملاق على الماء المتلألئ. وعلى الشاطئ تقع قلعة أو بيت ريفىّ بنافذة مُضاءة. لا ضوضاء، لا صوت. وكل شيء يَلُفُّه صمت أسود، حلو. تُومض النجوم عاليا فوق فى السماء وقريبا أيضا من بعيد فى الأسفل من السماء التى ترقد على سطح الماء. والماء صديق القمر، وقد جذبه إلى نفسه فى الأسفل، والآن يقبِّلان بعضهما، الماء والقمر، مثل حبيب وحبيبة. غاص القمر الجميل فى الماء مثل أمير شاب جسور فى طوفان من الخطر. إنه منعكس فى الماء مثل روح مُحِبٍّ جميل منعكس فى روح آخر متعطش إلى الحب. ورائع كيف يُشبه القمر الحبيب الغارق فى السعادة، وكيف يُشبه الماء الحبيبَة السعيدة التى تحضُن وتُعانق حبيبها الملكىّ. فى القارب، الرجل والمرأة ساكنان تماما. تأسرهما قبلة طويلة. المجذافان يستلقيان فى كسل على الماء. هل هما سعيدان، هل سيكونان سعيدين، الاثنان اللذان هنا فى القارب، الاثنان اللذان يقبِّل أحدهما الآخر، الاثنان اللذان يسطع القمر فوقهما، الاثنان الواقعان فى الحبّ؟