م
مختارات
.............................................
شهقتُ. لكنه كان قد انزلق داخلي، بفعل البلل الذي يشبه بحيرة ساخنة غير مرئية. غبتُ في عالم سحري، تلاشى خلاله الزمن والتفاصيل المألوفة. فأين ذهبت الجدران والسقف والشبابيك؟ لماذا انتقلتُ دفعةً واحدة من عالمي إلى عالم آخر، بفعل حركة واحدة منه؟ ليست أية حركة، لكن هذه الحركة بالتحديد؟ نقلةٌ جذرية، تكف فيها الملكات العقلية عن العمل لتحيله إلى الإحساس والغريزة الأولى. أحاسيس لم أكن أدري بوجودها داخلي تنبت وتزدهر كأشجار باسقة، وأحاسيس تصحو مهللة راقصة رقصة بدائية، وأحاسيس تولد من مناطق لا تخطر بالبال، في أية لحظة من لحظات الوعي. غابة من الأحاسيس أتماوج على إيقاعها الحميم، كقارب خشبي صغير على أمواج بحر هائج.
بلا إرادة، أتماوج، أعلو وأهبط، أصعد وأنزل، أتلوى وأنثني ثم أنفرد، أنقبض وأنبسط، وهو يتلاعب بي، يقودني، كأنه قائد الأوركسترا التي ليست سوى أعضائي المنفلتة مني وأحاسيسي المشتعلة. يغوص إلى أعماقي فيشعل روحي ثم ينسحب فيخبو الحريق، يُسرع الإيقاع فيصعد بي إلى حافة الانفجار، ثم يُبطئ فأتراجع عن الحافة، يفلت جسدي من عقاله، من سيطرتي، يصبح مرهونًا به وبضرباته المتلاحقة التي ألهث في إثرها.
يتفتح جسدي وروحي في مناطق سرية، مناطق مجهولة لا أعرفها ولم تخطر لي ببال. تتفتح وتتصاعد آهاتها الشهوانية تريد وتهفو وتستجدي.. كأن أعضاء جديدة تنبت داخلي في ربيع جسدي، ظامئة جائعة منذ قرون. كُلي مفتوح عن آخري، للشموس والأقمار اللاذعة القاضمة الآكلة، للرياح والعواصف التي تتقاذفني فيما بينها كأني لعبتها أو دميتها، تطيح بي وتحنو عليَّ، تبعثرني وتلملمني، تقذفني وتلتقطني، أنا المغيبة في الحلم أو الغيبوبة، يخترقني من كل الجهات والأبواب المفتوحة، مشتعلةً في أنحائي وتضاريسي وكهوفي الغائرة. فمَن يقول لي ما الذي يجري؟ مَن يقرأ لي الأبجدية التي لا أعرف هجاءها، فتقرأني هي كما يحلو لها، أنا المفعولة فيها بلا حول ولا قوة، في استسلام وخضوع شهيين، على سطح غيمة أطفو، ينهال عليَّ رذَاذٌ دافئ لا أدري من أين، أرفرف بأجنحة من قوس قزح، حولي عصافير ملونة تغرد وتزقزق، تنقرني وتهرب، ثم تنقرني، وتحوم، أمد يدي لأمسكها تروغ وتبتعد ثم تنقض، مناقيرها تلذعني، تقضمني، وتحوم بعيدًا، ثم تنقض لتغوص مناقيرها تشرب مائي قطرة قطرة، فأطفو أتقافز من غيمة إلى غيمة، تحملني إلى سماوات أخرى، وأخرى، وأخرى.
على حافة الانفجار، وخلاياي تقرع الطبول، لا أدري، لكن الضربات تنال الأعماق وحواف الروح. أتصاعد تنهال من كل الأبواب؛ كلي أبواب مشرعة عن آخرها، تجرفني سيوله الساخنة وهي تنفجر داخلي، وتتخلل مسامي الدفينة، وقرعات الطبول تعلو، تعلو، فأنفجر في البراح المباح.
شهقتُ. لكنه كان قد انزلق داخلي، بفعل البلل الذي يشبه بحيرة ساخنة غير مرئية. غبتُ في عالم سحري، تلاشى خلاله الزمن والتفاصيل المألوفة. فأين ذهبت الجدران والسقف والشبابيك؟ لماذا انتقلتُ دفعةً واحدة من عالمي إلى عالم آخر، بفعل حركة واحدة منه؟ ليست أية حركة، لكن هذه الحركة بالتحديد؟ نقلةٌ جذرية، تكف فيها الملكات العقلية عن العمل لتحيله إلى الإحساس والغريزة الأولى. أحاسيس لم أكن أدري بوجودها داخلي تنبت وتزدهر كأشجار باسقة، وأحاسيس تصحو مهللة راقصة رقصة بدائية، وأحاسيس تولد من مناطق لا تخطر بالبال، في أية لحظة من لحظات الوعي. غابة من الأحاسيس أتماوج على إيقاعها الحميم، كقارب خشبي صغير على أمواج بحر هائج.
بلا إرادة، أتماوج، أعلو وأهبط، أصعد وأنزل، أتلوى وأنثني ثم أنفرد، أنقبض وأنبسط، وهو يتلاعب بي، يقودني، كأنه قائد الأوركسترا التي ليست سوى أعضائي المنفلتة مني وأحاسيسي المشتعلة. يغوص إلى أعماقي فيشعل روحي ثم ينسحب فيخبو الحريق، يُسرع الإيقاع فيصعد بي إلى حافة الانفجار، ثم يُبطئ فأتراجع عن الحافة، يفلت جسدي من عقاله، من سيطرتي، يصبح مرهونًا به وبضرباته المتلاحقة التي ألهث في إثرها.
يتفتح جسدي وروحي في مناطق سرية، مناطق مجهولة لا أعرفها ولم تخطر لي ببال. تتفتح وتتصاعد آهاتها الشهوانية تريد وتهفو وتستجدي.. كأن أعضاء جديدة تنبت داخلي في ربيع جسدي، ظامئة جائعة منذ قرون. كُلي مفتوح عن آخري، للشموس والأقمار اللاذعة القاضمة الآكلة، للرياح والعواصف التي تتقاذفني فيما بينها كأني لعبتها أو دميتها، تطيح بي وتحنو عليَّ، تبعثرني وتلملمني، تقذفني وتلتقطني، أنا المغيبة في الحلم أو الغيبوبة، يخترقني من كل الجهات والأبواب المفتوحة، مشتعلةً في أنحائي وتضاريسي وكهوفي الغائرة. فمَن يقول لي ما الذي يجري؟ مَن يقرأ لي الأبجدية التي لا أعرف هجاءها، فتقرأني هي كما يحلو لها، أنا المفعولة فيها بلا حول ولا قوة، في استسلام وخضوع شهيين، على سطح غيمة أطفو، ينهال عليَّ رذَاذٌ دافئ لا أدري من أين، أرفرف بأجنحة من قوس قزح، حولي عصافير ملونة تغرد وتزقزق، تنقرني وتهرب، ثم تنقرني، وتحوم، أمد يدي لأمسكها تروغ وتبتعد ثم تنقض، مناقيرها تلذعني، تقضمني، وتحوم بعيدًا، ثم تنقض لتغوص مناقيرها تشرب مائي قطرة قطرة، فأطفو أتقافز من غيمة إلى غيمة، تحملني إلى سماوات أخرى، وأخرى، وأخرى.
على حافة الانفجار، وخلاياي تقرع الطبول، لا أدري، لكن الضربات تنال الأعماق وحواف الروح. أتصاعد تنهال من كل الأبواب؛ كلي أبواب مشرعة عن آخرها، تجرفني سيوله الساخنة وهي تنفجر داخلي، وتتخلل مسامي الدفينة، وقرعات الطبول تعلو، تعلو، فأنفجر في البراح المباح.
التعديل الأخير: