نقوس المهدي
كاتب
لا اعرف ما الذي كان يفكر فيه عندما فتح الباب في ذلك المساء ورآني وانا احمل في يدي حقيبتي.
قلت له على الفور:
- لا تشغل بالك كثيرا. لن اقيم في بيتك. تعال نذهب لتناول العشاء.
ساعدني في ادخال حقيبتي من دون ان ينبس بكلمة. لم يقل: "لم هذه الحقائب؟" او "كم انا سعيد برؤيتك". امسك ذراعي ببساطة، جذبني اليه وبدأ بتقبيلي وهو يمرر يديه على جسدي ونهديّ وعضوي، كأنه انتظر هذه اللحظة منذ زمن طويل او كأنه يحدس ان هذا اللقاء سيكون الاخير.
جردني من سترتي وثوبي وتركني عارية. وهناك في الردهة، من دون اي مقدمات، والهواء البارد ينساب من شقوق الباب، مارسنا الحب لأول مرة. رأيت ان من الافضل ان نكف عن مواصلة عملنا وان نبحث عن مكان مريح اكثر، لأثبت له ان لدينا متسعا من الوقت لاكتشاف الاسرار التي اودعها القدر والكون في اجسادنا. لم اقل شيئا. اريده فيّ، فهو الرجل الذي لم امتلكه ولن امتلكه ابدا. لذا استطيع ان احبه بكل كياني وان احصل منه - ولو لليلة واحدة - على سعادة لم احلم بها في حياتي ولن يتسنى لي بلوغها مع رجل آخر.
مددني على الارض وولجني من دون ان يكون عضوي رطبا، لكن الالم الذي شعرت به لم يزعجني - على العكس، احببت ان يكون ولوجه مؤلما، جميل ان يدرك انني ملكه وانه لا يحتاج ان يطلب اذنا مني للدخول. لست هنا لأعلّمه شيئا من خبرتي كعاهرة ولا لأظهر انني متفوقة في احساسي على النساء الاخريات. انا هنا فقط لأقول له "نعم" وانني استقبله بكل كياني وانتظره مثلما ينتظرني وإن تجاوز حدود البروتوكول بيننا يبهجني. لكن، فلنترك الآن لغرائزنا ان تقودنا الى حيث تشاء، انا المرأة وهو الرجل. كنا في الوضعية الاكثر تقليدية. انا تحته وساقاي منفرجتان وهو فوق يتمرغ بي - نظرت اليه من دون اي رغبة في التصنع او التأوه او اي شيء. رغبت فقط بأن ابقى مفتوحة العينين لأتذكر كل دقيقة واراقب تقاسيم وجهه وحركات يديه اللتين تعبثان بشعري وفمه ينهال عليّ عضا وتقبيلا من دون اي لمسات تمهيدية او غير مألوفة. فقط هو فيّ وانا في روحه.
كان يتمرغ بي فيثور حينا ثم يهدأ ثم ينظر الى وجهي حينا آخر. ولم يكن ليسألني هل اجد متعة في ما يفعله، لأنه يعرف انها الطريقة الوحيدة لتتواصل روحانا في هذه اللحظة. زاد جموحه في داخلي وعرفت ان الدقائق الاحدى عشرة شارفت على نهايتها. ليت تلك اللحظات تستمر الى ما لا نهاية! ما اجمل ان يمتلكني رجل والا امتلكه! حصل هذا كله وعيناي مفتوحتان تراقبان كل ما يجري الى ان اصبح ادراكنا بما حولنا مشوشا وكأننا دخلنا في بعد آخر حيث كنت الام العظيمة والكون والمرأة المحبوبة والعاهرة المقدسة في الطقوس القديمة التي حدثني عنها وانا احتسي كأس النبيد واتدفأ بنار المدفأة. شعرت بدنو نشوته قبل ان يبلغها! طوقته بذراعي وشددته الى صدري وزاد ولوجه حمأة وسرعة وعندئذ اطلق زعقة عالية - لم يتأوه ولم يعض على شفتيه بل زعق! وزأر مثل حيوان! خطرت لي الفكرة ان الجيران سيستدعون الشرطة لتتعقب الصارخ وتتبين سبب الصراخ. لكن الامر لم يبد له اهمية. تضاعفت لذتي عند سماع صرخاته التي ذكّرتني بغياهب الازمنة حين التقى اول رجل واول امرأة ومارسا الحب.
وما لبثا ان اطلقا معا زعقة واحدة!
ثم تداعى جسده فوقي. لا اعرف كم من الوقت بقينا متعانقين هكذا. داعبت شعره كما فعلت في ذلك المساء حين وضعنا المنديل الاسود، وكانت العتمة كاملة في غرفة الفندق. شعرت ان خفقات قلبه تهدأ وأن يديه تمران برفق على ذراعي فتقشعر لمرورهما كل شعيرات جسدي. ثم تنبه الى ثقل جسده الذي يضغط عليّ فمال ناحية وهو يمسك بيديّ وبقينا معا ننظر الى السقف والثريا.
قلت له:
- ليلة سعيدة.
جذبني ناحيته مسنداً رأسه الى صدري وداعبني طويلا ثم قال لي بدوره:
- ليلة سعيدة.
قلت:
- لا بد ان الجيران سمعوا كل شيء!
لم اشأ ان اقول له "احبك" في هذه اللحظة لأنه لم يكن لذلك معنى كبير. هو يعرف ذلك وأنا ايضاً.
اجابني:
- الهواء المنساب من شقوق الباب بارد جدا.
بدل ان يهتف قائلا: "ما اروع تلك اللحظات".
ثم اضاف:
- لنذهب الى المطبخ.
نهضنا ولاحظت انه لم يخلع سرواله كليا. كان لا يزال مرتديا ثيابه وعضوه ما زال ظاهرا. لبست سترتي ولحقت به الى المطبخ، اعدّ القهوة ودخن سيجارتين فيما دخنت سيجارة واحدة. جلس امام الطاولة وكان يقول لي "شكرا" بعينيه وكنت اجيبه "انا ايضا اريد ان اشكرك" لكن شفاهنا ظلت مطبقة.
ثم تجاسر وسألني:
-ماذا تعني هاتان الحقيبتان؟
- اعود الى البرازيل غدا صباحا.
هل كان يجدر بي ان اقول: "احبك" او "اود لو ابقى هنا معك" او "اطلب مني البقاء"؟
- لا تفعلي.
ما اجمل ان يقول لي ذلك.
- لا استطيع، هذا وعد. هذا قسم.
لو اني لم اقم بهذا الوعد لكنت اعتقدت ان هذا سيدوم الى الابد، وهو ليس كذلك. ليس الا جزءا من حلم فتاة جاءت من بلاد بعيدة جدا لتتعرف الى مدينة كبيرة وتواجه الف مشقة لكنها التقت الرجل الذي تحبه. هذه ايضا نهاية سعيدة لأنني بعد كل المشقات التي واجهتني سترتادني حكاية ذلك الرجل الذي اغرم بي كلما راجعت ايامي التي امضيتها في اوروبا وسيكون معي دائما لأن روحي ستظل تعانق روحه الى الابد.
آه! رالف، لا تعرف مقدار حبي لك. اعتقد ان النساء يقعن دائما في الحب من اول نظرة ولا يستمعن الى نداء العقل مهما قال لهن انهن مخطئات ومهما دعاهن الى محاربة مشاعرهن. ثم تأتي اللحظة، حين يجتاح الانفعال كياننا كله، كما في ذلك المساء عندما مشيتُ حافية القدمين من المتنزه متحملة الالم والبرد لأني اعرف جيدا انك تحبني.
اجل، احبك كما لم احب رجلا من قبل. ولهذا السبب بالضبط ارحل، لو بقيت لصار حلمي واقعاً بليداً وتحوّل حبي رغبة في امتلاك حياتك... اي انني اتخلى عن كل هذه الاشياء التي تحوّل الحب عبودية. ابقاء الحلم هو افضل امنية لدي. يجب أن نعتني بكل لحظة سعادة حصلنا عليها من بلد زرناه او هبة وهبتها الحياة لنا.
اراد رالف ان يغيّر موضوع السفر ويظهر اهتمامه بي. كان حريصا على الا يلزمني شيئا خشية ان يفقدني الى الابد. كان يعتقد ان امامه الليل كله ليحملني على تغيير رأيي فقال:
- لم تبلغي انت النشوة.
- لم ابلغ النشوة لكني شعرت بلذة هائلة.
- كان من الافضل لو انك بلغتها.
-كان في امكاني التظاهر بذلك، فقط لكي تكون مسرورا، لكنك تستحق افضل من هذا. انت رجل حقا رالف هارت بكل ما في هذه الكلمة من جمال وقوة، عرفت كيف تدعمني وتساعدني وقبلت ان ادعمك واساعدك من دون ان يحس اي منا بأي حرج. اجل، كان الامر اجمل لو انني بلغت النشوة لكني لم ابلغها. ومع ذلك، شعرت انني اعبد الارض الباردة وجسدك الحار والعنف الممتع الذي ولجتني به.
اليوم، ذهبت الى المكتبة لأرد الكتب التي كانت لا تزال في حوزتي. سألتني امينة المكتبة عما اذا كنت اتحدث الى شريكي عن علاقتي الجنسية بصراحة. وكنت ارغب في ان اجيبها: "عن اي شريك تتحدثين؟ عن اي علاقة جنسية؟ لكنها لا تستحق مثل هذا الجواب لأنها كانت دائما ملاكا معي.
في الواقع، لم اعاشر الا شريكين منذ قدومي الى جنيف: احدهما ايقظ فيّ اسوأ ما في داخلي وقد سمحت له بذلك - حتى انني رجوته كي يفعل. والآخر انت. بفضلك شعرت من جديد انني استعيد انتمائي الى العالم. اود لو استطيع ان اعلمك اين تلمس جسدي، بأي درجة من الحدة، بأي درجة من الرفق والى كم من الوقت. اعرف انك ستفهم كلامي على انه اتهام او عتاب او لوم. لكن كل ما ابتغيه من ذلك ان يكون ارشادك الى هذا الامر وسيلة تسمح لروحينا بأن تتواصلا بشكل افضل. فن الحب كالرسم: يتطلب تقنية وصبرا وممارسة مشتركة ويفترض جرأة لأنه يجب الذهاب الى ما هو ابعد مما تعارفنا على تسميته "ممارسة الحب".
بدل ان يأخذ رالف كلامي على محمل الجد اشعل سيجارة ثالثة في اقل من نصف ساعة، ثم قال:
- اولا: سنمضي الليلة هنا (لم يكن قوله طلبا بل امرا .(
- ثانيا: سنمارس الحب من جديد لكن بتشنج اقل وبرغبة اكبر.
- ثالثا واخيرا اود ان تكتشفي انت ايضا الرجال بشكل افضل.
ماذا قال: اكتشف الرجال بشكل افضل؟ لكني كنت امضي معهم جميع لياليّ، مع البيض والسود والآسيويين واليهود والمسلمين والبوذيين! الا يعرف هذا!
احسست انني اكثر خفة وطلاقة. كان جيدا ان يتخذ الحوار شكل النقاش. لأنني، للحظة ما، اوشكت ان اطلب المغفرة من الله لأنني مضطرة ان انكث بوعدي له. كان الواقع حاضرا بقوة امام عيني يأمرني بأن احتفظ بحلمي كاملا والا اقع في الافخاخ التي ينصبها لي القدر.
لاحظ رالف السخرية التي علت وجهي فقال:
-اجل، اطلب منك انت ايضا ان تفهمي الرجال بشكل افضل. تحدثيني عن ضرورة ان تعبّر المرأة عن احاسيسها الجنسية وان تكتشف جسدها وتريدين مساعدتي في الابحار على متن جسدك وتطلبين مني ان يكون لديّ الصبر والوقت. انا موافق، لكن هل خطر في بالك اننا مختلفان، على الاقل في ما يتعلق بالوقت؟ لماذا لم تشكي امرك لله وتطلبي منه المساعدة؟
حين التقينا طلبتُ منك ان تعلّميني الجنس لأنني فقدت كل رغبة فيه، هل تعرفين لماذا فقدتها؟ لأن كل علاقاتي الجنسية افضت بي الى الضجر والحرمان، ادركت ان من الصعب جدا ان امنح النساء اللواتي احببتهن اللذة نفسها التي كنّ يمنحنني اياها.
"النساء اللواتي احببتهن"، لم تعجبني العبارة لكني تظاهرت باللامبالاة واشعلت سيجارة.
-لم تكن لديّ الشجاعة لأقول للمرأة: "علميني اسرار جسدك". لكن، حين التقيت بك ورأيت ضوءك، احببتك على الفور. وفكرت انني في هذه المرحلة من حياتي، لن اخسر شيئا اذا كنت صادقا مع نفسي ومع المرأة التي اود ان تكون الى جانبي.
كان طعم السيجارة لذيذا ورغبت في ان يقدّم لي قليلا من الخمر، لكني لم اشأ تغيير الحديث.
- لماذا لا يفكر الرجال الا بالجنس؟ لماذا لا يحاولون ان يفعلوا معي ما فعلته انت، اي ان ترغب في معرفة احاسيسي واحوال جسدي؟
- أيقال اننا لا نفكر الا بالجنس؟ العكس هو الصحيح: نمضي حياتنا ونحن نقنع انفسنا أن الجنس بالغ الاهمية، نتعلم ممارسته مع العاهرات او مع العذارى ونخبر قصصنا لمن يود سماعها. وحين نتقدم في السن، نخرج برفقة الصغيرات لكي نقنع الآخرين او نوهمهم بأننا لا نزال كما تتوقع منا النساء ان نكون. لكن، لا شيء من هذا صحيح. نحن لا نفهم شيئا. نعتقد ان الجنس والقذف امر واحد، وليس الامر كذلك. لا نتعلم لأننا لا نملك الجرأة لنقول لامرأة: "علّميني اسرار جسدك"، ولا نتعلم ان المرأة ايضا لا تملك الجرأة لتقول: "حاول ان تعرفني، وهكذا فاننا نبقى عند مستوى الغريزة البدائية للمحافظة على استمرار النوع، ونقطة على السطر. هل تعرفين بم يهتم الرجل اكثر من الجنس؟ احزري...
فكرت ان ما يهمه اكثر هو المال او السلطة ولكني لم اقل شيئا.
بالرياضة، لأن الرجل حينئذ يفهم جسد الرجل الآخر. في الرياضة نلاحظ حوار الاجساد التي تتفاهم.
- انت مجنون.
- قد اكون مجنونا لكن هذا يتضمن شيئاً من الحقيقة، هل سبق لك ان تساءلت بماذا يشعر الرجال الذين تضاجعينهم؟
- نعم، تنقصهم الثقة بالنفس واشعر انهم خائفون دوما.
- لا بل يعتريهم ما هو اكثر من الخوف، يشعرون بأنهم سريعو العطب. حتى لو لم يكونوا عارفين ماذا يفعلون. كل ما يفعلونه هو ان المجتمع والاصدقاء والنساء انفسهن يدّعون ان الجنس مهم: "الجنس، الجنس، الجنس، انه ملح الارض". هكذا تدّعي ايضا الاعلانات والافلام والكتب ولا احد يعرف عما تتكلم. نعرف فقط انه يجب القيام بذلك - لأن الغريزة اقوى منا جميعا، وهذا كل شيء.
هذا يكفي، حاولت ان اعطيه دروسا لكي يحميني فبادر الى التصرف مثلي. لكن مهما اتسمت كلماتنا بالحكمة - لأن واحدنا كان يحاول التأثير في الآخر - كان كل ما نقوله سخيفا وغير جدير بالتعبير عن حقيقة مشاعرنا! اجتذبته ناحيتي لأن الحياة - بغض النظر عما كان سيقوله او عما فكرت به - علمتني كثيرا. في بداية الازمنة، كان كل شيء حبا خالصا وتضحية بالذات. لكن ما لبثت الافعى ان ظهرت لحواء وقالت لها: "ما اعطيتِه سوف تخسرينه". وهذا ما حصل لي - طُردت من الجنة في المدرسة. ومنذ ذلك الوقت، احاول ان اقول للأفعى انها مخطئة وان التضحية بالثمين الغالي اهم من محاولة الاستئثار به. لكن الافعى هي التي كانت على حق وانا المخطئة.
جثوت على ركبتي وجردته من ثيابه على مهل. رأيت ان عضوه قد استرخى. قبُلت باطن ساقيه بدءا من القدمين. تأثر عضوه بقبلاتي فلامسته واخذته في فمي من دون تسرع ومن دون تلميح كأنني استنهضه الى القيام بمهمة عاجلة! "هيا، حضّر نفسك للتحرك". قبّلته بحنان من لا ينتظر شيئا ولهذا نلت كل شيء. اهتاج وبدأ يداعب نهدي راسما حول حلمتي دوائر كتلك التي رسمها في تلك الليلة حيث كانت القمة شاملة. اشتعلت في احشائي الرغبة ليلجني من جديد، اينما يشاء وبالطريقة التي يحب ان يمتلكني بها، سواء في فمي ام في عضوي. لم يجردني من سترتي. مددني على الطاولة على بطني، وساقاي مسندتان الى الارض، وولجني على مهل، هذه المرة من دون قلق، من دون تشنج ولا خوف من ان يفقدني - لأنه هو ايضا كان يعرف ان ذلك ليس الا حلما وسيبقى حلما على الدوام.
عضوه فيّ ويده تتلمس صدري وردفيّ، تتلمسني كما امرأة وحدها قادرة على ذلك. عندئذ فهمت اننا مخلوقان احدنا للآخر لأنه يستطيع ان يكون امرأة مثلي واستطيع ان اكون رجلا مثله وها ان نصفينا المفقودين يلتقيان لكي يكتمل الكون.
كلما ولجني وداعبني بلمساته، احسست انه لا يلجني انا فقط بل يلج الكون كله. لدينا الوقت كله والحنان كله لنعرف بعضنا اكثر. اجل، كان رائعا ان اصل بحقيبتين وبي رغبة لا تقهر في الرحيل وان يرميني حالا على الارض ويلجني في العنف والرغبة. كان جميلا ايضا ان اعرف ان الليل لن ينتهي ابدا. وان النشوة التي بلغتها على طاولة المطبخ لم تكن غاية في ذاتها ولكن بداية لقاء.
جمد عضوه فيّ فيما كانت اصابعه تنتقل بسرعة من نقطة حساسة الى اخرى وبلغت نشوتي الاولى والثانية والثالثة. كانت لديّ رغبة في ابعاده لأن الم اللذة كان قويا جدا، كانت اللذة حين تعذّب اللذة الممزوجة بالالم لكني تحملت بعزم وتقبّلت برضا ان يكون الامر كذلك. استطيع ان اتحمل نشوة اخرى بعد أو نشوتين او اكثر...
وفجأة تفجر ضوء في داخلي. لم اعد انا نفسي بل صرت كائنا متفوقا على كل ما عداني. عندما اوصلتني يده الى النشوة الرابعة رأيتني ادخل مكانا حيث السلام الكامل. وفي النشوة الخامسة عرفعت الله، عندئذ احسست ان عضوه يعيد التوغل فيّ من جديد ويترافق جموحه مع حركة يده. قلت: يا الهي، انا متروكة ولا اعرف إن كانت هذه سماء ام جحيما.
لكنها كانت الجنة. كنت الارض والجبال والنمور والانهار الجارية حتى البحيرات والبحيرات الجارية حتى البحر. كان يذهب فيّ بسرعة متزايدة والالم يمتزج باللذة. اردت ان اقول: "لم اعد احتمل لكن هذا ظلم، لأننا في هذه المرحلة من تداخلنا كنا انا وهو واحدا".
تركته يلجني طوال الوقت اللازم. كانت اظافره مغروزة في ردفي وانا ممددة على بطني فوق طاولة المطبخ. فكرت انه ما من مكان في العالم اروع من ذلك المكان لممارسة الحب. من جديد سارع الى غرز اظافره فيّ بشكل مؤلم وعضوه يجلد بقوة بين ردفيّ، كان جسده ملاصقا لجسدي واوشكت ان ابلغ النشوة وهو ايضا، لكن لا شيء من هذا - لا شيء من هذا كذب!!
- تعالي.
كان يعرف عما يتكلم وكنت اعرف انه آن الاوان. استرخى كل جسدي، لم اعد نفسي. لم اعد اسمع ولا ارى ولا اشعر بطعم شيء تحولت محض جسد يحسّ.
- تعالي!
وأمنيته لم تكن احدى عشرة دقيقة بل ابدية. كنا وكأننا خرجنا كلينا من جسدينا ودخلنا جنّة الخلد حيث الحب الحقيقي والتفاهم التام والسعادة المطلقة. كنا امرأة ورجلا، رجلا وامرأة، ولم اعرف كم من الوقت دام هذا، لكن كل شيء بدا صامتا يصلي وكأن الكون والحياة صارا في حال من الخشوع لا ادري ما اسمّيها خارجة على المكان والزمان.
ثم ما لبث ان رجع الكون الى مستقره والزمن الى دورانه. سمعت صرخاته وصرخت معه كانت قوائم الطاولة تضرب الارض بعنف ولم يزعجنا الضجيج ولم نسأل ماذا ستكون ردة فعل سائر الناس.
اخرج عضوه مني من دون ان يعلمني. اخذت اضحك. التفتّ نحوه وضحك هو ايضا. تعانقنا ملتصقين احدنا بالآخر كأننا نمارس الحب لأول مرة في حياتنا.
قال لي:
- باركيني.
باركته من دون ان اعرف ماذا افعل وتوسلت اليه ان يفعل الشيء نفسه قال: "مباركة هذه المرأة التي احببتها كثيرا". كانت كلماته جميلة فتعانقنا من جديد وبقينا على هذه الحال من دون ان نعرف كيف ان احدى عشرة دقيقة يمكنها ان تقود رجلا وامرأة الى الجنة.
لم تظهر على اي منا علامات الارهاق. توجهنا الى الصالون، وضع اسطوانة ثم فعل بالضبط ما كنت اتوقع منه ان يفعل: اشعل النار في المدفأة وقدم لي خمراً ثم فتح كتابا وقرأ ما يأتي:
زمن الولادة وزمن الموت
زمن الزرع وزمن الحصاد
زمن القتل وزمن الشفاء
زمن الهدم وزمن البناء
زمن البكاء وزمن الضحك
زمن النحيب وزمن الرقص
زمن رمي الحجارة وزمن جمعها
زمن المعانقة وزمن الفراق
زمن الاحتفاظ وزمن التخلي
زمن التمزيق وزمن الرتق
زمن الصمت وزمن الكلام
زمن الحب وزمن الكراهية
زمن الحرب وزمن السلم
كان هذا النص يتلاءم مع اللحظة التي اعيشها ويبدو كأنه قصيدة وداع. الا انه كان من اجمل النصوص التي قرأتها في حياتي.
ضممته الى ذراعيّ وضمني الى ذراعيه. تمددنا على السجادة امام المدفأة. كان الشعور بالاكتمال لا يزال حاضرا فيّ وكأنني كنت على الدوام امرأة حكيمة، سعيدة متفتحة.
- كيف امكنك ان تقع في غرام عاهرة؟
- لم افهم السبب حينذاك. لكن الآن، اعتقد بعدما امعنت في التفكير ان السبب انني اعرف ان جسدك ليس ملكي لي وحدي لذا استطيع ان احصر اهتمامي كله بامتلاك روحك.
- والغيرة؟ ماذا تفعل بالغيرة؟
-لا نستطيع ان نقول للربيع: "تعال شرط الا تتأخر وتدوم اطول وقت ممكن"، ولكن فقط: "تعال وباركنا بالامل الذي تشيعه بيننا وابق قدر ما يحلو لك".
كلمات في الهواء. لكني كنت في حاجة الى سماعها وكان هو ايضا محتاجا ليقولها. نمت وحلمت بعطر يغمر كل شيء.
* عن موقع مدن محظورة
قلت له على الفور:
- لا تشغل بالك كثيرا. لن اقيم في بيتك. تعال نذهب لتناول العشاء.
ساعدني في ادخال حقيبتي من دون ان ينبس بكلمة. لم يقل: "لم هذه الحقائب؟" او "كم انا سعيد برؤيتك". امسك ذراعي ببساطة، جذبني اليه وبدأ بتقبيلي وهو يمرر يديه على جسدي ونهديّ وعضوي، كأنه انتظر هذه اللحظة منذ زمن طويل او كأنه يحدس ان هذا اللقاء سيكون الاخير.
جردني من سترتي وثوبي وتركني عارية. وهناك في الردهة، من دون اي مقدمات، والهواء البارد ينساب من شقوق الباب، مارسنا الحب لأول مرة. رأيت ان من الافضل ان نكف عن مواصلة عملنا وان نبحث عن مكان مريح اكثر، لأثبت له ان لدينا متسعا من الوقت لاكتشاف الاسرار التي اودعها القدر والكون في اجسادنا. لم اقل شيئا. اريده فيّ، فهو الرجل الذي لم امتلكه ولن امتلكه ابدا. لذا استطيع ان احبه بكل كياني وان احصل منه - ولو لليلة واحدة - على سعادة لم احلم بها في حياتي ولن يتسنى لي بلوغها مع رجل آخر.
مددني على الارض وولجني من دون ان يكون عضوي رطبا، لكن الالم الذي شعرت به لم يزعجني - على العكس، احببت ان يكون ولوجه مؤلما، جميل ان يدرك انني ملكه وانه لا يحتاج ان يطلب اذنا مني للدخول. لست هنا لأعلّمه شيئا من خبرتي كعاهرة ولا لأظهر انني متفوقة في احساسي على النساء الاخريات. انا هنا فقط لأقول له "نعم" وانني استقبله بكل كياني وانتظره مثلما ينتظرني وإن تجاوز حدود البروتوكول بيننا يبهجني. لكن، فلنترك الآن لغرائزنا ان تقودنا الى حيث تشاء، انا المرأة وهو الرجل. كنا في الوضعية الاكثر تقليدية. انا تحته وساقاي منفرجتان وهو فوق يتمرغ بي - نظرت اليه من دون اي رغبة في التصنع او التأوه او اي شيء. رغبت فقط بأن ابقى مفتوحة العينين لأتذكر كل دقيقة واراقب تقاسيم وجهه وحركات يديه اللتين تعبثان بشعري وفمه ينهال عليّ عضا وتقبيلا من دون اي لمسات تمهيدية او غير مألوفة. فقط هو فيّ وانا في روحه.
كان يتمرغ بي فيثور حينا ثم يهدأ ثم ينظر الى وجهي حينا آخر. ولم يكن ليسألني هل اجد متعة في ما يفعله، لأنه يعرف انها الطريقة الوحيدة لتتواصل روحانا في هذه اللحظة. زاد جموحه في داخلي وعرفت ان الدقائق الاحدى عشرة شارفت على نهايتها. ليت تلك اللحظات تستمر الى ما لا نهاية! ما اجمل ان يمتلكني رجل والا امتلكه! حصل هذا كله وعيناي مفتوحتان تراقبان كل ما يجري الى ان اصبح ادراكنا بما حولنا مشوشا وكأننا دخلنا في بعد آخر حيث كنت الام العظيمة والكون والمرأة المحبوبة والعاهرة المقدسة في الطقوس القديمة التي حدثني عنها وانا احتسي كأس النبيد واتدفأ بنار المدفأة. شعرت بدنو نشوته قبل ان يبلغها! طوقته بذراعي وشددته الى صدري وزاد ولوجه حمأة وسرعة وعندئذ اطلق زعقة عالية - لم يتأوه ولم يعض على شفتيه بل زعق! وزأر مثل حيوان! خطرت لي الفكرة ان الجيران سيستدعون الشرطة لتتعقب الصارخ وتتبين سبب الصراخ. لكن الامر لم يبد له اهمية. تضاعفت لذتي عند سماع صرخاته التي ذكّرتني بغياهب الازمنة حين التقى اول رجل واول امرأة ومارسا الحب.
وما لبثا ان اطلقا معا زعقة واحدة!
ثم تداعى جسده فوقي. لا اعرف كم من الوقت بقينا متعانقين هكذا. داعبت شعره كما فعلت في ذلك المساء حين وضعنا المنديل الاسود، وكانت العتمة كاملة في غرفة الفندق. شعرت ان خفقات قلبه تهدأ وأن يديه تمران برفق على ذراعي فتقشعر لمرورهما كل شعيرات جسدي. ثم تنبه الى ثقل جسده الذي يضغط عليّ فمال ناحية وهو يمسك بيديّ وبقينا معا ننظر الى السقف والثريا.
قلت له:
- ليلة سعيدة.
جذبني ناحيته مسنداً رأسه الى صدري وداعبني طويلا ثم قال لي بدوره:
- ليلة سعيدة.
قلت:
- لا بد ان الجيران سمعوا كل شيء!
لم اشأ ان اقول له "احبك" في هذه اللحظة لأنه لم يكن لذلك معنى كبير. هو يعرف ذلك وأنا ايضاً.
اجابني:
- الهواء المنساب من شقوق الباب بارد جدا.
بدل ان يهتف قائلا: "ما اروع تلك اللحظات".
ثم اضاف:
- لنذهب الى المطبخ.
نهضنا ولاحظت انه لم يخلع سرواله كليا. كان لا يزال مرتديا ثيابه وعضوه ما زال ظاهرا. لبست سترتي ولحقت به الى المطبخ، اعدّ القهوة ودخن سيجارتين فيما دخنت سيجارة واحدة. جلس امام الطاولة وكان يقول لي "شكرا" بعينيه وكنت اجيبه "انا ايضا اريد ان اشكرك" لكن شفاهنا ظلت مطبقة.
ثم تجاسر وسألني:
-ماذا تعني هاتان الحقيبتان؟
- اعود الى البرازيل غدا صباحا.
هل كان يجدر بي ان اقول: "احبك" او "اود لو ابقى هنا معك" او "اطلب مني البقاء"؟
- لا تفعلي.
ما اجمل ان يقول لي ذلك.
- لا استطيع، هذا وعد. هذا قسم.
لو اني لم اقم بهذا الوعد لكنت اعتقدت ان هذا سيدوم الى الابد، وهو ليس كذلك. ليس الا جزءا من حلم فتاة جاءت من بلاد بعيدة جدا لتتعرف الى مدينة كبيرة وتواجه الف مشقة لكنها التقت الرجل الذي تحبه. هذه ايضا نهاية سعيدة لأنني بعد كل المشقات التي واجهتني سترتادني حكاية ذلك الرجل الذي اغرم بي كلما راجعت ايامي التي امضيتها في اوروبا وسيكون معي دائما لأن روحي ستظل تعانق روحه الى الابد.
آه! رالف، لا تعرف مقدار حبي لك. اعتقد ان النساء يقعن دائما في الحب من اول نظرة ولا يستمعن الى نداء العقل مهما قال لهن انهن مخطئات ومهما دعاهن الى محاربة مشاعرهن. ثم تأتي اللحظة، حين يجتاح الانفعال كياننا كله، كما في ذلك المساء عندما مشيتُ حافية القدمين من المتنزه متحملة الالم والبرد لأني اعرف جيدا انك تحبني.
اجل، احبك كما لم احب رجلا من قبل. ولهذا السبب بالضبط ارحل، لو بقيت لصار حلمي واقعاً بليداً وتحوّل حبي رغبة في امتلاك حياتك... اي انني اتخلى عن كل هذه الاشياء التي تحوّل الحب عبودية. ابقاء الحلم هو افضل امنية لدي. يجب أن نعتني بكل لحظة سعادة حصلنا عليها من بلد زرناه او هبة وهبتها الحياة لنا.
اراد رالف ان يغيّر موضوع السفر ويظهر اهتمامه بي. كان حريصا على الا يلزمني شيئا خشية ان يفقدني الى الابد. كان يعتقد ان امامه الليل كله ليحملني على تغيير رأيي فقال:
- لم تبلغي انت النشوة.
- لم ابلغ النشوة لكني شعرت بلذة هائلة.
- كان من الافضل لو انك بلغتها.
-كان في امكاني التظاهر بذلك، فقط لكي تكون مسرورا، لكنك تستحق افضل من هذا. انت رجل حقا رالف هارت بكل ما في هذه الكلمة من جمال وقوة، عرفت كيف تدعمني وتساعدني وقبلت ان ادعمك واساعدك من دون ان يحس اي منا بأي حرج. اجل، كان الامر اجمل لو انني بلغت النشوة لكني لم ابلغها. ومع ذلك، شعرت انني اعبد الارض الباردة وجسدك الحار والعنف الممتع الذي ولجتني به.
اليوم، ذهبت الى المكتبة لأرد الكتب التي كانت لا تزال في حوزتي. سألتني امينة المكتبة عما اذا كنت اتحدث الى شريكي عن علاقتي الجنسية بصراحة. وكنت ارغب في ان اجيبها: "عن اي شريك تتحدثين؟ عن اي علاقة جنسية؟ لكنها لا تستحق مثل هذا الجواب لأنها كانت دائما ملاكا معي.
في الواقع، لم اعاشر الا شريكين منذ قدومي الى جنيف: احدهما ايقظ فيّ اسوأ ما في داخلي وقد سمحت له بذلك - حتى انني رجوته كي يفعل. والآخر انت. بفضلك شعرت من جديد انني استعيد انتمائي الى العالم. اود لو استطيع ان اعلمك اين تلمس جسدي، بأي درجة من الحدة، بأي درجة من الرفق والى كم من الوقت. اعرف انك ستفهم كلامي على انه اتهام او عتاب او لوم. لكن كل ما ابتغيه من ذلك ان يكون ارشادك الى هذا الامر وسيلة تسمح لروحينا بأن تتواصلا بشكل افضل. فن الحب كالرسم: يتطلب تقنية وصبرا وممارسة مشتركة ويفترض جرأة لأنه يجب الذهاب الى ما هو ابعد مما تعارفنا على تسميته "ممارسة الحب".
بدل ان يأخذ رالف كلامي على محمل الجد اشعل سيجارة ثالثة في اقل من نصف ساعة، ثم قال:
- اولا: سنمضي الليلة هنا (لم يكن قوله طلبا بل امرا .(
- ثانيا: سنمارس الحب من جديد لكن بتشنج اقل وبرغبة اكبر.
- ثالثا واخيرا اود ان تكتشفي انت ايضا الرجال بشكل افضل.
ماذا قال: اكتشف الرجال بشكل افضل؟ لكني كنت امضي معهم جميع لياليّ، مع البيض والسود والآسيويين واليهود والمسلمين والبوذيين! الا يعرف هذا!
احسست انني اكثر خفة وطلاقة. كان جيدا ان يتخذ الحوار شكل النقاش. لأنني، للحظة ما، اوشكت ان اطلب المغفرة من الله لأنني مضطرة ان انكث بوعدي له. كان الواقع حاضرا بقوة امام عيني يأمرني بأن احتفظ بحلمي كاملا والا اقع في الافخاخ التي ينصبها لي القدر.
لاحظ رالف السخرية التي علت وجهي فقال:
-اجل، اطلب منك انت ايضا ان تفهمي الرجال بشكل افضل. تحدثيني عن ضرورة ان تعبّر المرأة عن احاسيسها الجنسية وان تكتشف جسدها وتريدين مساعدتي في الابحار على متن جسدك وتطلبين مني ان يكون لديّ الصبر والوقت. انا موافق، لكن هل خطر في بالك اننا مختلفان، على الاقل في ما يتعلق بالوقت؟ لماذا لم تشكي امرك لله وتطلبي منه المساعدة؟
حين التقينا طلبتُ منك ان تعلّميني الجنس لأنني فقدت كل رغبة فيه، هل تعرفين لماذا فقدتها؟ لأن كل علاقاتي الجنسية افضت بي الى الضجر والحرمان، ادركت ان من الصعب جدا ان امنح النساء اللواتي احببتهن اللذة نفسها التي كنّ يمنحنني اياها.
"النساء اللواتي احببتهن"، لم تعجبني العبارة لكني تظاهرت باللامبالاة واشعلت سيجارة.
-لم تكن لديّ الشجاعة لأقول للمرأة: "علميني اسرار جسدك". لكن، حين التقيت بك ورأيت ضوءك، احببتك على الفور. وفكرت انني في هذه المرحلة من حياتي، لن اخسر شيئا اذا كنت صادقا مع نفسي ومع المرأة التي اود ان تكون الى جانبي.
كان طعم السيجارة لذيذا ورغبت في ان يقدّم لي قليلا من الخمر، لكني لم اشأ تغيير الحديث.
- لماذا لا يفكر الرجال الا بالجنس؟ لماذا لا يحاولون ان يفعلوا معي ما فعلته انت، اي ان ترغب في معرفة احاسيسي واحوال جسدي؟
- أيقال اننا لا نفكر الا بالجنس؟ العكس هو الصحيح: نمضي حياتنا ونحن نقنع انفسنا أن الجنس بالغ الاهمية، نتعلم ممارسته مع العاهرات او مع العذارى ونخبر قصصنا لمن يود سماعها. وحين نتقدم في السن، نخرج برفقة الصغيرات لكي نقنع الآخرين او نوهمهم بأننا لا نزال كما تتوقع منا النساء ان نكون. لكن، لا شيء من هذا صحيح. نحن لا نفهم شيئا. نعتقد ان الجنس والقذف امر واحد، وليس الامر كذلك. لا نتعلم لأننا لا نملك الجرأة لنقول لامرأة: "علّميني اسرار جسدك"، ولا نتعلم ان المرأة ايضا لا تملك الجرأة لتقول: "حاول ان تعرفني، وهكذا فاننا نبقى عند مستوى الغريزة البدائية للمحافظة على استمرار النوع، ونقطة على السطر. هل تعرفين بم يهتم الرجل اكثر من الجنس؟ احزري...
فكرت ان ما يهمه اكثر هو المال او السلطة ولكني لم اقل شيئا.
بالرياضة، لأن الرجل حينئذ يفهم جسد الرجل الآخر. في الرياضة نلاحظ حوار الاجساد التي تتفاهم.
- انت مجنون.
- قد اكون مجنونا لكن هذا يتضمن شيئاً من الحقيقة، هل سبق لك ان تساءلت بماذا يشعر الرجال الذين تضاجعينهم؟
- نعم، تنقصهم الثقة بالنفس واشعر انهم خائفون دوما.
- لا بل يعتريهم ما هو اكثر من الخوف، يشعرون بأنهم سريعو العطب. حتى لو لم يكونوا عارفين ماذا يفعلون. كل ما يفعلونه هو ان المجتمع والاصدقاء والنساء انفسهن يدّعون ان الجنس مهم: "الجنس، الجنس، الجنس، انه ملح الارض". هكذا تدّعي ايضا الاعلانات والافلام والكتب ولا احد يعرف عما تتكلم. نعرف فقط انه يجب القيام بذلك - لأن الغريزة اقوى منا جميعا، وهذا كل شيء.
هذا يكفي، حاولت ان اعطيه دروسا لكي يحميني فبادر الى التصرف مثلي. لكن مهما اتسمت كلماتنا بالحكمة - لأن واحدنا كان يحاول التأثير في الآخر - كان كل ما نقوله سخيفا وغير جدير بالتعبير عن حقيقة مشاعرنا! اجتذبته ناحيتي لأن الحياة - بغض النظر عما كان سيقوله او عما فكرت به - علمتني كثيرا. في بداية الازمنة، كان كل شيء حبا خالصا وتضحية بالذات. لكن ما لبثت الافعى ان ظهرت لحواء وقالت لها: "ما اعطيتِه سوف تخسرينه". وهذا ما حصل لي - طُردت من الجنة في المدرسة. ومنذ ذلك الوقت، احاول ان اقول للأفعى انها مخطئة وان التضحية بالثمين الغالي اهم من محاولة الاستئثار به. لكن الافعى هي التي كانت على حق وانا المخطئة.
جثوت على ركبتي وجردته من ثيابه على مهل. رأيت ان عضوه قد استرخى. قبُلت باطن ساقيه بدءا من القدمين. تأثر عضوه بقبلاتي فلامسته واخذته في فمي من دون تسرع ومن دون تلميح كأنني استنهضه الى القيام بمهمة عاجلة! "هيا، حضّر نفسك للتحرك". قبّلته بحنان من لا ينتظر شيئا ولهذا نلت كل شيء. اهتاج وبدأ يداعب نهدي راسما حول حلمتي دوائر كتلك التي رسمها في تلك الليلة حيث كانت القمة شاملة. اشتعلت في احشائي الرغبة ليلجني من جديد، اينما يشاء وبالطريقة التي يحب ان يمتلكني بها، سواء في فمي ام في عضوي. لم يجردني من سترتي. مددني على الطاولة على بطني، وساقاي مسندتان الى الارض، وولجني على مهل، هذه المرة من دون قلق، من دون تشنج ولا خوف من ان يفقدني - لأنه هو ايضا كان يعرف ان ذلك ليس الا حلما وسيبقى حلما على الدوام.
عضوه فيّ ويده تتلمس صدري وردفيّ، تتلمسني كما امرأة وحدها قادرة على ذلك. عندئذ فهمت اننا مخلوقان احدنا للآخر لأنه يستطيع ان يكون امرأة مثلي واستطيع ان اكون رجلا مثله وها ان نصفينا المفقودين يلتقيان لكي يكتمل الكون.
كلما ولجني وداعبني بلمساته، احسست انه لا يلجني انا فقط بل يلج الكون كله. لدينا الوقت كله والحنان كله لنعرف بعضنا اكثر. اجل، كان رائعا ان اصل بحقيبتين وبي رغبة لا تقهر في الرحيل وان يرميني حالا على الارض ويلجني في العنف والرغبة. كان جميلا ايضا ان اعرف ان الليل لن ينتهي ابدا. وان النشوة التي بلغتها على طاولة المطبخ لم تكن غاية في ذاتها ولكن بداية لقاء.
جمد عضوه فيّ فيما كانت اصابعه تنتقل بسرعة من نقطة حساسة الى اخرى وبلغت نشوتي الاولى والثانية والثالثة. كانت لديّ رغبة في ابعاده لأن الم اللذة كان قويا جدا، كانت اللذة حين تعذّب اللذة الممزوجة بالالم لكني تحملت بعزم وتقبّلت برضا ان يكون الامر كذلك. استطيع ان اتحمل نشوة اخرى بعد أو نشوتين او اكثر...
وفجأة تفجر ضوء في داخلي. لم اعد انا نفسي بل صرت كائنا متفوقا على كل ما عداني. عندما اوصلتني يده الى النشوة الرابعة رأيتني ادخل مكانا حيث السلام الكامل. وفي النشوة الخامسة عرفعت الله، عندئذ احسست ان عضوه يعيد التوغل فيّ من جديد ويترافق جموحه مع حركة يده. قلت: يا الهي، انا متروكة ولا اعرف إن كانت هذه سماء ام جحيما.
لكنها كانت الجنة. كنت الارض والجبال والنمور والانهار الجارية حتى البحيرات والبحيرات الجارية حتى البحر. كان يذهب فيّ بسرعة متزايدة والالم يمتزج باللذة. اردت ان اقول: "لم اعد احتمل لكن هذا ظلم، لأننا في هذه المرحلة من تداخلنا كنا انا وهو واحدا".
تركته يلجني طوال الوقت اللازم. كانت اظافره مغروزة في ردفي وانا ممددة على بطني فوق طاولة المطبخ. فكرت انه ما من مكان في العالم اروع من ذلك المكان لممارسة الحب. من جديد سارع الى غرز اظافره فيّ بشكل مؤلم وعضوه يجلد بقوة بين ردفيّ، كان جسده ملاصقا لجسدي واوشكت ان ابلغ النشوة وهو ايضا، لكن لا شيء من هذا - لا شيء من هذا كذب!!
- تعالي.
كان يعرف عما يتكلم وكنت اعرف انه آن الاوان. استرخى كل جسدي، لم اعد نفسي. لم اعد اسمع ولا ارى ولا اشعر بطعم شيء تحولت محض جسد يحسّ.
- تعالي!
وأمنيته لم تكن احدى عشرة دقيقة بل ابدية. كنا وكأننا خرجنا كلينا من جسدينا ودخلنا جنّة الخلد حيث الحب الحقيقي والتفاهم التام والسعادة المطلقة. كنا امرأة ورجلا، رجلا وامرأة، ولم اعرف كم من الوقت دام هذا، لكن كل شيء بدا صامتا يصلي وكأن الكون والحياة صارا في حال من الخشوع لا ادري ما اسمّيها خارجة على المكان والزمان.
ثم ما لبث ان رجع الكون الى مستقره والزمن الى دورانه. سمعت صرخاته وصرخت معه كانت قوائم الطاولة تضرب الارض بعنف ولم يزعجنا الضجيج ولم نسأل ماذا ستكون ردة فعل سائر الناس.
اخرج عضوه مني من دون ان يعلمني. اخذت اضحك. التفتّ نحوه وضحك هو ايضا. تعانقنا ملتصقين احدنا بالآخر كأننا نمارس الحب لأول مرة في حياتنا.
قال لي:
- باركيني.
باركته من دون ان اعرف ماذا افعل وتوسلت اليه ان يفعل الشيء نفسه قال: "مباركة هذه المرأة التي احببتها كثيرا". كانت كلماته جميلة فتعانقنا من جديد وبقينا على هذه الحال من دون ان نعرف كيف ان احدى عشرة دقيقة يمكنها ان تقود رجلا وامرأة الى الجنة.
لم تظهر على اي منا علامات الارهاق. توجهنا الى الصالون، وضع اسطوانة ثم فعل بالضبط ما كنت اتوقع منه ان يفعل: اشعل النار في المدفأة وقدم لي خمراً ثم فتح كتابا وقرأ ما يأتي:
زمن الولادة وزمن الموت
زمن الزرع وزمن الحصاد
زمن القتل وزمن الشفاء
زمن الهدم وزمن البناء
زمن البكاء وزمن الضحك
زمن النحيب وزمن الرقص
زمن رمي الحجارة وزمن جمعها
زمن المعانقة وزمن الفراق
زمن الاحتفاظ وزمن التخلي
زمن التمزيق وزمن الرتق
زمن الصمت وزمن الكلام
زمن الحب وزمن الكراهية
زمن الحرب وزمن السلم
كان هذا النص يتلاءم مع اللحظة التي اعيشها ويبدو كأنه قصيدة وداع. الا انه كان من اجمل النصوص التي قرأتها في حياتي.
ضممته الى ذراعيّ وضمني الى ذراعيه. تمددنا على السجادة امام المدفأة. كان الشعور بالاكتمال لا يزال حاضرا فيّ وكأنني كنت على الدوام امرأة حكيمة، سعيدة متفتحة.
- كيف امكنك ان تقع في غرام عاهرة؟
- لم افهم السبب حينذاك. لكن الآن، اعتقد بعدما امعنت في التفكير ان السبب انني اعرف ان جسدك ليس ملكي لي وحدي لذا استطيع ان احصر اهتمامي كله بامتلاك روحك.
- والغيرة؟ ماذا تفعل بالغيرة؟
-لا نستطيع ان نقول للربيع: "تعال شرط الا تتأخر وتدوم اطول وقت ممكن"، ولكن فقط: "تعال وباركنا بالامل الذي تشيعه بيننا وابق قدر ما يحلو لك".
كلمات في الهواء. لكني كنت في حاجة الى سماعها وكان هو ايضا محتاجا ليقولها. نمت وحلمت بعطر يغمر كل شيء.
* عن موقع مدن محظورة
صورة مفقودة