نقوس المهدي
كاتب
ان القرآن هو دستور أنساني لكل الدنيا، وهو ليس كتاب فلسفي ولا علمي، انما هو جاء كتابا ليهتدي به الناس . ومع ذلك فأنه تناول امورا حياتية لاتعد ولاتحصى ومن تلك الأمور ما يتعلق بنظرة القرآن الى الجسد
..حيث ضم في العديد من آياته مواضيعا عن الجسد وفق المنظور الرباني الذي تجسد لغة على لسان النبي محمد (ص)..
لقد تأطر الجسد في القرآن الكريم (بثقافة) وجهت طبيعته وحددت معالم سلوكه وممارساته البايولوجية والجنسية والاجتماعية.وقد عرفنا ذلك من خلال سرده لعدد من القصص التي جاءت عبر آياته.فمثلا جاء في سورة يوسف في الآية 23 (وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك) وهو نموذج لجسد أمرأة عزيز مصر،ذلك الجسد الذي لم يكتفي بأمتلاك جسده نفسه بل تحول الى لغة وأيقاع يخاطبان في يوسف عليه السلام الجانب الجسدي ويتواصلان معه عبر لغة فتنة الجسد وأغواءه .
وهنا يبدأ القاريء المتفحص للآية اذا كان من ذوي الخيال الخصب ولديه تصور عميق لمعناها يتخيل أن أمرأة العزيز توظف جسدها للأغواء وقد يكون من خلال خلع قميصها وأبراز مفاتن جسدها ذلك لأن ما ماتراه في هذه اللحظة هو أن تحول جسدها الى سلاح يسيطر على يوسف الذي هو جميل أيضا .لكن لغة الجسد المغرية التي استعملتها أمرأة العزيز لم تثير فيه شهوة الجنس، بل أيقظت لغة أخرى مناقضة فرفض الأستجابة أو التوصل مع ايقاعها وخيب في المرأة (الجسد) ظنها المشتعل في الشهوة.
وهناك اشارة اخرى الى (جسد) آخر وردت في القرآن الكريم وهو(جسد) ابنة شعيب تلك الفتاة التي اعجبت (بجسد) موسى القوي حيث اغواها بمفاتنه فراحت تتهيأ أن يكون زوجا لها.ولكن هذه الفتاة لم تقم بأغواء موسى بمثل ما قامت أمرأة عزيز مصر مع يوسف. انما أختارت لغة جسدية أخرى تنتمي الى ثقافة اخرى مغايرة، هي (ثقافة الحياء) والخجل . حتى بدى هذا الأغواء أكثر جمالا وأثارة لموسى من أغواء يوسف. (فجاءته أحداهما تمشي على أستحياء قالت أن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا) ألآية 25 من سورة القصص..وهنا ان لغة الجسد الأغوائية هي المشي على استحياء (جسد انثوي يتهادى). وتلك اللغة لا يتقنها الا من ينتمي الى ثقافة تضع مفاهيم الحشمة والحياء ضمن مقوماتها التربوية والأجتماعية،وعندما عرض شعيب على موسى أن يزوجه أبنته كان جواب نبي الله بالأيجاب لما لمس أن مشية الحياء لغة الجسد الذي يبحث عن العفة، وليس كما لدى جسد أمرأة عزيز مصر الذي يبحث عن ممارسة جنسية رخيصة لأطفاء شهوة مؤقتة.
أما في مجال حركة الجسد ترد في القرآن الكريم أشارات توجيهية الى كيفية التعامل مع حركة الجسد وهو يؤدي حركاته، نرى ذلك في قوله تعالى( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ) النور : 31 . وهذه الآية تتناول موضوع تزيين الجسد لاسيما (جسد المرأة) فلم يطلب من جسد المرأة هنا أن يتخلى عن زينته أمام الملأ، ولكن وجه الى ضبط ايقاع المشي والحركة من خلال توقف الرجلين عن توقيع حركات من شأنها أن تثير السامع أو الرائي الى ما يلف الجسد من زينة فتحصل بوعي او من دون وعي عملية التنبه ثم التأثر المفضي الى شواغل تحرك الجانب الجسدي في السامع أو الرائي.
مع التذكير بأن جزء من تلك الزينة معفو أظهارها لما في الحرص على أخفائها من حرج يدخل حياة المرأة،يقول الأمام ابن عربي، وهو بصدد تحديد مستويات الزينة الخلقية والمصطنعة عند تفسيره للآية الكريمة (ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها) النور: 31، والظاهر من الزينة المصطنعة ما في تركه حرج على المرأة من جانب زوجها وجانب صورتها بين اترابها، ولا تسهل أزالته عند البدو امام الرجال وارجاعه عند الخلو في البيت، وكذلك ماكان محل وضعه غير مأمور بستره كالخواتيم بخلاف القرط والدمالج وأختلف في السوار والخلخال والصحيح انهما من الزينة الظاهرة .
والى جانب أعتبار الزينة انها من مكملات الأغواء لجسد المرأة فأن صوتها أيضا له خصوصية أيقاعية وتأثيرية للجسد. حيث أن الأسلام أكد على أن المرأة يجب أن لا تثير في المتلقي السامع أي أحساس يدفعه الى الأغراء بصوتها .فجاء في الآية 32من سورة الأحزاب : (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) حيث أن اخضاع الصوت ورقته يثير الشهوة.
أما (غض البصر) فهو من أبرز التوجيهات القرآنية الى المسلمين ذكورا وأناثا في الملأ، وأعتبرت العين محور الجمال . وهي قناة التواصل بين لغة الأجساد تحمل اشارات عديدة حتى سميت من قبل الشعراء بـ (لغة العيون) وفي الثقافة الأسلامية بـ (رسول القلب) تنقل اليه العواطف والمشاعر فيتفاعل معها وتتهيج الجوارح . ولا يستقر للنفس قرار الا بعد أن تشبع حاجتها من تلك الأشارات . لتلك الأعتبارات وصف المؤمنون في القرآن الكريم بأنهم يغضون من أبصارهم تجاوزا لتأثيرات التواصل عبر العين (والجسد)..
لقد اعتبرالقرآن الجسد الأنساني (آية) تدل بطبيعتها على وحدانية الله، وأذا كانت الآية علامة فأن (الجسد) بهذا المعنى يتحول الى علامة تندمج في ماديته مع روحه كخليفة لله ليجسد ارقى صور الجمال ليكون كائن وآية
..حيث ضم في العديد من آياته مواضيعا عن الجسد وفق المنظور الرباني الذي تجسد لغة على لسان النبي محمد (ص)..
لقد تأطر الجسد في القرآن الكريم (بثقافة) وجهت طبيعته وحددت معالم سلوكه وممارساته البايولوجية والجنسية والاجتماعية.وقد عرفنا ذلك من خلال سرده لعدد من القصص التي جاءت عبر آياته.فمثلا جاء في سورة يوسف في الآية 23 (وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك) وهو نموذج لجسد أمرأة عزيز مصر،ذلك الجسد الذي لم يكتفي بأمتلاك جسده نفسه بل تحول الى لغة وأيقاع يخاطبان في يوسف عليه السلام الجانب الجسدي ويتواصلان معه عبر لغة فتنة الجسد وأغواءه .
وهنا يبدأ القاريء المتفحص للآية اذا كان من ذوي الخيال الخصب ولديه تصور عميق لمعناها يتخيل أن أمرأة العزيز توظف جسدها للأغواء وقد يكون من خلال خلع قميصها وأبراز مفاتن جسدها ذلك لأن ما ماتراه في هذه اللحظة هو أن تحول جسدها الى سلاح يسيطر على يوسف الذي هو جميل أيضا .لكن لغة الجسد المغرية التي استعملتها أمرأة العزيز لم تثير فيه شهوة الجنس، بل أيقظت لغة أخرى مناقضة فرفض الأستجابة أو التوصل مع ايقاعها وخيب في المرأة (الجسد) ظنها المشتعل في الشهوة.
وهناك اشارة اخرى الى (جسد) آخر وردت في القرآن الكريم وهو(جسد) ابنة شعيب تلك الفتاة التي اعجبت (بجسد) موسى القوي حيث اغواها بمفاتنه فراحت تتهيأ أن يكون زوجا لها.ولكن هذه الفتاة لم تقم بأغواء موسى بمثل ما قامت أمرأة عزيز مصر مع يوسف. انما أختارت لغة جسدية أخرى تنتمي الى ثقافة اخرى مغايرة، هي (ثقافة الحياء) والخجل . حتى بدى هذا الأغواء أكثر جمالا وأثارة لموسى من أغواء يوسف. (فجاءته أحداهما تمشي على أستحياء قالت أن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا) ألآية 25 من سورة القصص..وهنا ان لغة الجسد الأغوائية هي المشي على استحياء (جسد انثوي يتهادى). وتلك اللغة لا يتقنها الا من ينتمي الى ثقافة تضع مفاهيم الحشمة والحياء ضمن مقوماتها التربوية والأجتماعية،وعندما عرض شعيب على موسى أن يزوجه أبنته كان جواب نبي الله بالأيجاب لما لمس أن مشية الحياء لغة الجسد الذي يبحث عن العفة، وليس كما لدى جسد أمرأة عزيز مصر الذي يبحث عن ممارسة جنسية رخيصة لأطفاء شهوة مؤقتة.
أما في مجال حركة الجسد ترد في القرآن الكريم أشارات توجيهية الى كيفية التعامل مع حركة الجسد وهو يؤدي حركاته، نرى ذلك في قوله تعالى( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ) النور : 31 . وهذه الآية تتناول موضوع تزيين الجسد لاسيما (جسد المرأة) فلم يطلب من جسد المرأة هنا أن يتخلى عن زينته أمام الملأ، ولكن وجه الى ضبط ايقاع المشي والحركة من خلال توقف الرجلين عن توقيع حركات من شأنها أن تثير السامع أو الرائي الى ما يلف الجسد من زينة فتحصل بوعي او من دون وعي عملية التنبه ثم التأثر المفضي الى شواغل تحرك الجانب الجسدي في السامع أو الرائي.
مع التذكير بأن جزء من تلك الزينة معفو أظهارها لما في الحرص على أخفائها من حرج يدخل حياة المرأة،يقول الأمام ابن عربي، وهو بصدد تحديد مستويات الزينة الخلقية والمصطنعة عند تفسيره للآية الكريمة (ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها) النور: 31، والظاهر من الزينة المصطنعة ما في تركه حرج على المرأة من جانب زوجها وجانب صورتها بين اترابها، ولا تسهل أزالته عند البدو امام الرجال وارجاعه عند الخلو في البيت، وكذلك ماكان محل وضعه غير مأمور بستره كالخواتيم بخلاف القرط والدمالج وأختلف في السوار والخلخال والصحيح انهما من الزينة الظاهرة .
والى جانب أعتبار الزينة انها من مكملات الأغواء لجسد المرأة فأن صوتها أيضا له خصوصية أيقاعية وتأثيرية للجسد. حيث أن الأسلام أكد على أن المرأة يجب أن لا تثير في المتلقي السامع أي أحساس يدفعه الى الأغراء بصوتها .فجاء في الآية 32من سورة الأحزاب : (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) حيث أن اخضاع الصوت ورقته يثير الشهوة.
أما (غض البصر) فهو من أبرز التوجيهات القرآنية الى المسلمين ذكورا وأناثا في الملأ، وأعتبرت العين محور الجمال . وهي قناة التواصل بين لغة الأجساد تحمل اشارات عديدة حتى سميت من قبل الشعراء بـ (لغة العيون) وفي الثقافة الأسلامية بـ (رسول القلب) تنقل اليه العواطف والمشاعر فيتفاعل معها وتتهيج الجوارح . ولا يستقر للنفس قرار الا بعد أن تشبع حاجتها من تلك الأشارات . لتلك الأعتبارات وصف المؤمنون في القرآن الكريم بأنهم يغضون من أبصارهم تجاوزا لتأثيرات التواصل عبر العين (والجسد)..
لقد اعتبرالقرآن الجسد الأنساني (آية) تدل بطبيعتها على وحدانية الله، وأذا كانت الآية علامة فأن (الجسد) بهذا المعنى يتحول الى علامة تندمج في ماديته مع روحه كخليفة لله ليجسد ارقى صور الجمال ليكون كائن وآية