نقوس المهدي
كاتب
وصلت الينا المعلومات الخاصة بهذا الموضوع عن طريق المناظر المختلفة المصورة علي مختلف الآثار المصرية مثل التماثيل الصغيرة و الجداريات ولفائف البردي و الشقافات و كذلك اعطتنا النصوص المكتوبة فكرة معقولة عن الموضوع من خلال قصائد الحب و التعاويذ السحرية و القصص و بعض المواضيع التي ناقشتها البرديات الطبية و كذلك يمكن ان نستقي بعض المعلومات من خلال الأحلام و العادات و التقاليد و التقويم.
هذه المصادر كانت متفرقة علي اكثر من مرحلة من مراحل التاريخ المصري لكن اغلبها يعود إلي عصر الدولة الحديثة و ما بعدها، و لكن اغلب التعاويذ السحرية و التماثيل التي تمثل اوضاع جنسية تعود إلي العصر اليوناني الروماني، و كذلك قد مدنا بعض الكتاب الكلاسيكيين الذي كتبوا عن مصر بمعلومات عن هذا الموضوع من امثال هيرودوت و بلوتارخ و غيرهم.
يتقاطع هذا الموضوع مع موضوع الخصوبة مما يعطي له اهمية خاصة لأن المصريين اهتموا بالخصوبة جدا في حياتهم الدنيا و كذلك في تصورهم الأخروي، لذلك فليس من السهل دائما ان نميز الغرض من بعض التماثيل او الأغراض الأخري التي لها علاقة بالموضوع إذا كانت مخصصة لجلب الخصوبة لصاحبها علي الأرض ام للمساعدة في ولادة صاحبها في العالم الأخر.
ظهرت النزعة الجنسية في الفن المصري بأكثر اشكالها فجاجة في العديد من التماثيل الصغيرة التي تعود إلي العصر المتأخر و العصر اليوناني الروماني، و هذه الأغراض كانت تصنع من الطين او الحجر و فيما بعد بدأت تصنع من الفسيفساء الزرقاء و الخضراء، و كان اهم المواضيع التي تصورها هذه التماثيل هو الأتصال الجنسي و التي كان يصور فيها الذكر عادة بعضو ذكري ضخم جدا و غير واقعي و احيانا كان يتم كسر تمثال المرأة مما يجعل المنظر غير كامل، و كان يتم عادة ادخال الات موسيقية في المناظر الجنسية مثل “القيثارة”، كما اظهرت بعض التماثيل الأكبر مصاحبة بعض العازفين الموسيقيين للعملية الجنسية، و كذلك اظهرت بعض المناظر اشتراك عدة اشخاص في العملية الجنسية ربما كمساعدين للشخصين الممارسين. و كان الغرض من هذه التمائم و التماثيل غرض سحري ديني لزيادة الخصوبة و القوة الجنسية، و ربما كان لها بعض الأغراض الشعائرية لعبادة بعض الألهة و اهمهم أيزيس التي ارتبطت في العصر اليوناني الروماني بعبادة الجنس و الخصوبة.
و لم تخلو حفلات النبلاء و مأدبهم من ممارسات جنسية محتملة، فتظهر لنا مناظر الحفلات التي تعود للدولة الحديثة ارتداء الرجال و النساء لملابس شفافة كما كان يشارك في الرقص و التسلية راقصات عاريات تماما او شبه عاريات و ربما كان بعضهم بغايا، و يوجد احتمال ان وضع هذه المناظر العارية علي جدران المقابر كان لأغراض جنائزية للحفاظ علي القدرة الجنسية و الخصوبة للمتوفي في العالم الأخر.
الحياة الجنسية اليومية للمصريين القدماء و اهم الوثائق الجنسية التي وصلتنا :
تعد مدينة العمال بمنطقة دير المدينة بالبر الغربي للأقصر و المناطق المحيطة بها من اغني الأماكن التي امدتنا بوثائق نعرف من خلالها الكثير عن الحياة الجنسية للمصريين القدماء، و اغلب هذه الوثائق إن لم يكن جميعها تعود إلي عصر الدولة الحديثة و ربما يرجع السبب إلي كثرة الآثار التي تحمل مناظر جنسية من هذا العصر أن مصر اصبحت دولة عالمية و مركز لأمبراطورية شاسعة فأصبح السكان معرضين لأفكار جديدة و غريبة لم يكونوا معتادين عليها.
هذه المدينة كان يسكنها أكثر من مائة شخص مع اسرهم علي الأقل كما يرجح المتخصصين و تعتبر من الأمثلة النادرة للمدن في مصر القديمة و تعود اهميتها لانه ليس لدينا العديد من الأمثلة علي مدن المصريين و مناطقهم الحضارية في هذه الفترة و ايضا لأن عدد ليس بقليل من السكان كانوا ينتمون إلي الطبقة المثقفة المتنورة فمنهم الكتبة و الفنانين الذين كانوا يتولون التزيين و الكتابة في مقابر الفراعنة و معابدهم، لذلك فأن هذه الوثائق تعطينا فكرة عن الحياة الجنسية للمصريين المثقفين و الطبقة العاملة علي حد السواء.
من هذه الوثائق التي تم العثور عليها، شقافة من الحجر الجيري مرسوم عليها بالحبر الأسود منظر جنسي لرجل يمارس الجنس مع إمرأة مستلقية علي ظهرها بينما قدماها فوق كتف الرجل بينما يقوم بالأدخال، و هذا المنظر يعد من اقدم ما تم العثور عليه في الحضارات القديمة لهذا الوضع الجنسي الشائع، و يمكن افتراض أن هذا الوضع من اكثر الأوضاع تفضيلا عند المصريين مع الوضع الخلفي لأنهم تم تصويرهم كثيرا.
كذلك تم العثور علي مخربشة في كهف بمنطقة الدير البحري، تظهر فيه امرأة ارجح الأراء تعتقد انها حتشبسوت منحنية و يمارس معها الجنس من الخلف رجل يعتقد انه سننموت الموظف الأهم لحتشبسوت و مربي ابنتها نفرورع و مهندس معبدها الشهير في الدير البحري، و السبب الذي دفع الخبراء يعتقدون انها حتشبسوت علي الرغم من عدم وضوح المخربشة هو انه يمكن تمييز غطاء الرأس الملكي بسهولة علي رأسها. و تعد هذه المخربشة اقدم منظر جنسي يمثل الجنس الخلفي في العالم، و ربما رسم هذا المنظر احد العمال أو الفنانين العاملين في بناء معبدها أو العاملين في بناء المقابر في وادي الملوك القريب من هذا المكان و قد تم رسمه بغرض السخرية من علاقة جنسية ربما كانت تتم بين الملكة و سننموت، و بالطبع فأن الراسم لهذا المنظر لم يشاهده في الحقيقة و انما عبر عن الفكرة بوضع جنسي من خياله و حياته الشخصية و هذا يثبت أن هذا الوضع كان مألوف و شائع بين المصريين يزيد من احتمال شيوعه في الحياة اليومية للمصريين انه قد تكرر في احد الأوضاع الجنسية الموجودة في بردية تورين.
اكشفت قطعة نادرة من الجلد في منطقة الدير البحري و هي حاليا محفوظة في متحف الميتروبوليتان، و المنظر الموجود علي هذه القطعة يظهر جلسة لها طابع جنسي يشارك فيه اكثر من شخصين. يظهر في هذا المنظر سيدة راكعة تحت كرمة عنب و تعزف علي قيثارة، و الواضح ان صوت القيثارة قد اثار الرجل الموجود بالمنظر و الذي يقوم بالرقص عاريا بينما يشير قضيبه المنتصب إلي المرأة العازفة وواضح انه يحمل في يده حزمة من الأشرطة او شيئا من هذا القبيل، و تظهر قدم و كعب المرأة الأخري علي حافة القطعة.
كذلك تم اكتشاف شقافة في دير المدينة تمثل راقصة عارية الا من قطعة من القماش الرقيق تغطي مؤخرتها و تتخذ وضع اكروباتي عجيب تكرر في اكثر من منظر لراقصات من قبل، و ربما تكون هذه الرقصات متعلقة بطقوس جنسية.
و لكن اهم وثيقة جنسية وصلتنا علي الأطلاق من مصر القديمة هي البردية المعروفة بأسم “بردية تورين” و هي البردية رقم 5501 في متحف المصريات بمدينة تورين الأيطالية، ترجع هذه البردية إلي عصر الرعامسة (1292 – 1075 ق.م تقريبا) و هي البردية الوحيدة التي وصلتنا من مصر القديمة و تحمل مناظر جنسية فاضحة، و من الواضح انه قد تم رسمها بواسطة فنان محترف و ليس من قبل هاوي و هذا بالأضافة إلي كون هذه المناظر مرسومة علي ورقة بردي لا تترك مجال للشك انها قد صنعت تحت رعاية احد افراد الطبقة العليا في المجتمع (لم يكن البردي رخيص الثمن بالتالي لم يكن متاح للفقراء، كما ان الكتاب و الفنانين المحترفين كانت اجورهم عالية تناسبا مع وضعهم الأجتماعي المرموق).
يبلغ طول هذه البردية 257 سم و يشغل ثلثها تقريبا مناظر ساخرة لحيوانات تقوم بأعمال البشر بينما يشغل الباقي مناظر جنسية عددهم 12 منظر يعتبروا حتي بمقاييس عصرنا مناظر فاضحة، و هذه المناظر لا يصاحبهم نص الا بقايا بعض النصوص التي كانت مكتوبة بالخط الهيراطيقي، و من الحقائق الطريفة المتعلقة بتاريخ هذه البردية أن القائمين علي متحف تورين عندما قاموا بعرض البردية وضعوا امامها منضدة حتي لا تجذب انتباه الكثير من الزائرين من فرط اباحية المناظر الموجودة عليها علي الرغم من عدم وضوحها تماما لسوء حالة البردية.
يشترك في هذه الممارسات الجنسية رجال و نساء مختلفون (يمكن تمييز رجلين علي الأقل و ثلاث نساء يمكن تمييزهم من الأشكال المختلفة لشعرهم) و كذلك يمكن تمييز عدد من المساعدين. و يشترك الرجال الموجودين في هذه المناظر انهم كلهم ممثلون بأعضاء ذكرية ضخمة بشكل غير طبيعي (هذه سمة مشتركة في اغلب المناظر الجنسية الشعبية التي وصلتنا من مصر القديمة، و يمكن تفسيرها بأكثر من طريقة منها أن المصريين كانوا يعتقدون أن الصور اي صور ربما تساعد في عودة صاحبها للحياة في العالم الأخر بالشكل الذي ظهر عليه في الصورة و ربما كانوا يمثلوا انفسهم بقضبان ضخمة حتي يبعثوا بهذه الهيئة في العالم الأخر، و ايضا يمكن تفسيرها بشكل نفسي حيث يميل الذكور المصريين المحدثين إلي المبالغة في حجم اعضائهم عند الحديث عنها حتي لو كان هذا غير حقيقي لأعتقادهم أن هذا دليل علي القوة الجنسية، و قد اعتقد المصريين القدماء فعلا بالعلاقة بين حجم العضو و القوة الجنسية و الجسدية و ربما ترسب هذا الأعتقاد في الثقافة الجمعية الشعبية للمصريين حتي الأن) كذلك جميعهم صلع و شعر عانتهم غير محلوق، كما يبدون جميعهم اكبر سنا من الفتيات، و علي النقيض فأن الفتيات يبدون حسنوات و صغيرات السن كما تظهر عليهم علامات الأناقة (علي الحلي و طريقة تصفيف الشعر) ، و جميعهم عرايا تماما إلا من الأساور و العقود و زهرة اللوتس التي تزين شعر كل واحدة منهن و تحيط بخصرهن و يظهر كل مشهد منظر ذو طبيعة جنسية مختلفة و لا يترك النص المصاحب مجالا للشك في طبيعة المناظر حيث يدل النص علي بقايا الحوار القائم بين المشاركين.
من جملة الأدوات الموجودة في المناظر سرير و كرسي بوسادة و عربة تجرها فتاتان يافعتان و بعض الألات الموسيقية، كذلك يوجد اناء (أمفورا) يستخدم كلعبة جنسية dildo و مرآة و مستحضرات تجميل، كذلك احتوت المناظر علي بعض النباتات مثل زهرة اللوتس و هي ترمز إلي الحب و الجنس كما تظهر نبتة اخري ربما تكون اللبلاب و التي تعد ايضا رمز اخصابي لتدعيم الطابع الجنسي للمناظر و من المثير للذكر في هذه النقطة ان هذه النباتات قد ظهرت في مناظر اخري تتعلق بالولادة و اعادة الولادة في العالم الأخر و هذا ان دل علي شيئ فهو يدل علي قدسية الجنس و اهميته عند المصريين القدماء، و احتوت المناظر ايضا علي منظر لنسناس علي العجلة التي تجرها الفتاتان و منظر لرقبة بطة تزين القيثارة و كلا منهما رموز جنسية أنثوية.
تتميز الأوضاع الجنسية المصورة بالتعدد و منها ثلاثة اوضاع للمضاجعة الخلفية، و في احدي الأوضاع (انظر المنظر رقم 8) يقوم الرجل برفع المرأة و هو واقف بينما تلف قدماها حول عنقه، و تتميز النساء المشاركات في هذه المناظر بالتجاوب و الفعالية و من هذا ما نراه في احدي المناظر (المنظر رقم 7) حيث يظهر أن المرأة تسخر من عشيقها الملقي علي الأرض من فرط التعب و الذي يظهر انه سقط من السرير و يزحف مبتعدا فتقوم بسؤاله “هل فعلت لك اي شيئ خاطئ؟؟؟”، و ايضا احد المناظر (رقم 10) حيث نري الرجل يرفع يده و يشيح بوجه متمنعا بينما تقوم المرأة بأمساك قضيبه و ادخاله. و من اكثر المناظر غرابة في هذه البردية المنظر رقم 9 و الذي يوضح انثي تمتع نفسها بلعبة جنسية هي عبارة عن اناء يعرف بالأمفورا و يساعد في ادخاله في مهبلها ذكر جالس علي الأرض و الغريب انها تبدو غير مهتمة و تنظر في المرأة بينما تضع أحمر شفاه (كان احمر الشفاه معروف في مصر القديمة بالأضافة إلي العديد من ادوات التجميل الأخري و كانوا يصنعوه من اكسيد الحديد و الذي يعطي لون أحمر، و كانوا يصنعون المرايا من النحاس أو البرونز الذي يتم صقله جيدا حتي تنعكس عليه الصورة) كذلك فهي تحدث الرجل في النص و تتهمه بأنه لم يشبعها جنسيا لذلك لجئت إلي هذه الطريقة، أما المنظر رقم 11 فإن العملية الجنسية تتم علي عجلة و هذه رمزية للنبل و الثراء و هذا المنظر مشبع بالرموز الجنسية فنري فيه النسناس و اللوتس و اللبلاب و يمسك الذكر بيده قارورة ربما تكون قاروة جعة، و نلاحظ في جميع المناظر انه توجد زهرة لوتس فوق رأس جميع السيدات و هي رمز للجنس و الأنبعاث كما ذكرنا، و ربما تم رسمها فوق رئوس السيدات حتي تثيرهم رائحتها جنسيا.
و الغرض من هذه البردية غير مؤكد تماما حتي الأن فهل هي تمثل الحياة الجنسية للألهة ؟؟؟ أو هي جزء من طقوس معينة كانت مخصصة لعبادة احد الألهة المتعلقين بالجنس ؟؟؟ لقد اتفقت اراء اغلب الآثاريين علي أنه ليس لبردية تورين أو الشقافات ذات المناظر الجنسية أي اغراض دينية مقدسة و لكن لا يجب ان نستبعد تماما هذا الأحتمال فربما يكون لها فعلا اغراض دينية، و قد تم اقتراح أن بردية تورين ماهي الا نقد فكاهي لتصرفات بعض الرجال اثناء زيارتهم للمواخيرو بناءا عليه تكون مناظر البردية انعكاس ساخر لعادة زيارة المواخير التي ربما تكون انتشرت في ذلك الوقت، و مما يؤيد ذك انها تتطابق في العديد من العناصر مع ما يعرف بأسم البردية الساخرة و الموجودة حاليا في المتحف البريطاني و التي تظهر حيوانات منهمكة في نشاطات بشرية (و هذا كان عنصر مهم من عناصر الفن المصري القديم تكررت كثيرا علي جدران المقابر لكن بشكل اكثر جدية) و بالطبع فكما ذكرنا من قبل ان بردية تورين احتوت علي مناظر مشابهة لحيوانات تقلد تصرفات البشر، و قد اقترح بعض المتخصصين كذلك انها ربما تكون اول مجلة اباحية في التاريخ، او ربما تكون مخصصة لتعليم الاوضاع الجنسية، و ايا يكن الغرض من هذه البردية فلا شك من انها تسجل اوضاع جنسية كان يقوم بها المصريون في ذلك العصر منها تقريبا 7 اوضاع جنسية ذكرتها الكاماسوترا الهندية بعد تاريخ كتابتها بأكثر من 800 عام.
البغاء في مصر القديمة :
عرفت ممارسة البغاء في مصر القديمة و يوجد احتمال بأن بعض الغرف التي اكتشفت في سقارة و التي تعرف بأسم “غرف الأله بس” كانت تستخدم كأماكن لممارسة البغاء أو لممارسة بعض الطقوس الجنسية الدينية. كذلك تدل علي وجود البغاء بعض القصص الأدبية مثل قصة الألهة إيزيس و التي تروي لنا كيف انها اختبأت اثناء هروبها من اخيها الشرير “ست” في بيت مليئ بالنساء الذين يمارسون البغاء، كما جاء ذكر لشيئ مشابه في رواية هيرودوت عن كيف اجبر الملك خوفو ابنته علي العمل في ماخور و ذلك لأمداده بالأموال لبناء هرمه، و بالطبع فأن هذه القصة غير مقبولة تاريخيا إلا انها تدل علي معرفة المصريين ببيوت البغاء. و ربما عرف المصريين القدماء كذلك البغاء المقدس او “بغايا المعبد”، علي الأقل في فترة متأخرة من التاريخ المصري و الدليل الوحيد علي ذلك هو مشاهدات الرحالة و المؤرخ اليوناني “سترابو” و الذي زار مصر عام 25 ق.م و ذكر انه قد رأي بغايا في معبد الأله أمون.
الرمزية في التصوير الجنسي عند المصريين القدماء :جنس 28
كان التصوير الجنسي الصريح في مصر القديمة قليلا بالمقارنة مع الحضارات القديمة المعاصرة لها و لكن كان يتم تناوله بشكل رمزي في الكثير من الأحيان فنلاحظ علي جدران المعابد و المقابر المصرية رموز متعلقة بالجنس ذكرت بعضها عندما تكلمت عن بردية تورين مثل زهرة اللوتس (رمز الجنس و الأنبعاث) و اللبلاب و رأس البطة و النسناس، و الغرض الذي وضعت من اجله هذه الرموز داخل المعابد و المقابر هي للمساعدة في اعادة الولادة في العالم الأخر، و من ابرز الأدوات التي تتجلي فيها الرمزية الجنسية صندوق من كنوز الملك توت عنخ أمون محفوظ حاليا في المتحف المصري و قد صور علي جانب هذا الصندوق الملك جالس علي عرشه ممسكا بقوس في وضع الأستعداد للأطلاق و زوجته الملكة “عنخس-ان-اس-با-أمون” جالسة تحت اقدامه ممسكة بسهم في يدها، و المنظر بأكمله رمزي فكلمة “ساتي” التي تعني قوس هي ايضا تعني “يقذف” و التي تحمل معني جنسي واضح و يساعد في زيادة قوة هذا المعني وجود زهرة اللوتس التي هي رمز جنسي اخر فوق رأس الملك، كما ان وجود الملكة الممسكة بسهم مع الملك الممسك بالقوس يفيد التكامل فالعملية الجنسية لن تصبح كاملة الا بالذكر و الأنثي كما أن القوس لن يصبح كاملا الا بالسهم، ووجود هذا المنظر برمزيته الجنسية الواضحة علي قطعة اساس جنزي بالمقبرة الملكية غرضه الأساسي هو المساعدة في اعادة الولادة بالعالم الاخر. جنس
كذلك تتضمن علامات اللغة المصرية القديمة ايضا رموز جنسية، حيث ان المصريين القدماء قد استوحوا حروف لغتهم من جنس 29البيئة المحيطة بهم، و من هذه الرموز التي دخلت اللغة رمز لعضو ذكري يقطر منه المني، و هذا الرمز له العديد من المعاني كما استعمل كمخصص لفظي لكلمات كالذكورة و العدوانية و الخصوبة و القوة الجنسية.
الألهة المصرية و الجنس :
لم تكن الألهة المصرية بعيدة عن الجنس، بل كان يوجد العديد من الألهة الذكور و الأناث الذين ارتبطو بالجنس و الأعضاء التناسلية مثل الأله “مين” اله الخصوبة و الذي كان يصور بعضو منتصب، و الأله “أمون-كا-موت.إف” الذي كان احدي صور الأله أمون و مرتبط ايضا بالجنس و الخصوبة، و كذلك ارتبطت الألهة “ايزيس” و الألهة “حتحور” بالجنس في العديد من فترات التاريخ المصري و نحن نري في العديد من المعابد مناظر لهذه الالهة تظهر عارية أو بقضيب ضخم منتصب.
و قد عبر لنا الأدب الأسطوري المتعلق بالألهة المصرية عن الجنس بينهم فعلي سبيل المثال تحكي لنا نظرية خلق عين جنس 30شمس “التاسوع” أن الأله الخالق “رع-أتوم” قد خلق العالم عن طريق الاستمناء في يده التي حملت بالألهة الاولي، و قد احيي ذكري هذا الحدث في المعابد بشكل رمزي حيث حملت الكاهنات لقب “يد الأله”.
ايضا يوجد منظر في احدي مقاصير معبد سيتي الأول بأبيدوس يوضح احدي مشاهد اسطورة ايزيس و أوزوريس، و يظهر في هذا المنظر أوزوريس المحنط ممدد علي سرير و ايزيس في صورة طائر مرتكذة علي قضيبه المنتصب لتأخذ منه منيه الذي ستحمل بواسطته بحورس، و قد كان هذا المعبد مقصد للنساء بشكل خاص الذين يعانون من مشاكل جنسية او مشاكل في الحمل و الخصوبة و الذين كانوا يرجون العون و المساعدة من أوزيريس الذي ارتبط ايضا بالخصب حيث كانوا يلمسون قضيبه الواضح في المنظر السابق شرحه كنوع من التبرك به للمساعدة في حل مشاكلهم.جنس 31
من اهم الألهة التي ارتبطت بالجنس ايضا هو الأله “بس” الذي كان أله للمرح و الخصوبة و الجنس و يعتبر حامي للأطفال كما كان مرتبط بالحظ الحسن و الولادة لذلك فقد كان من اهم الألهة المرتبطة بالحياة اليومية، و كان يصور هذا الأله بشكل قزم ملتحي مشوه الشكل، و من اهم الأماكن اثارة للأهتمام و التي ارتبطت بالأله بس مجموعة غرف تعرف بأسم غرف الأله “بس” في سقارة و التي زينت جدرانها بمناظر تصور الأله و معه نساء عاريات، و الغرض من هذه الغرف غير مؤكد تماما فمن المحتمل انها كانت مخصصة لزائرين يعانون من مشاكل جنسية جائوا طمعا في الشفاء من الأله، أو ليتلقوا النصائح من كهنة الأله، و قد افترض البعض انها كانت بيوت للبغاء. و من اهم الشخصيات المرتبطة بهذا الأله هم راقصات كانوا يضعوا وشم للأله علي افخاذهم، و تظهرهم المناظر يرقصون و يعزفون شبه عاريات ربما تكون هذه الرقصات عبارة عن طقوس خاصة لحماية المنزل و حماية المرأة الحامل اثناء الولادة و حماية جنينها و مما يدعم هذا وجود بقايا قناع جلدي علي شكل الأله بس بمتحف مانشستر بأنجلترا ربما كانت تلبسه الراقصات اثناء قيامهم برقصاتهم الطقسية، و ربما يكون الغرض من رسم وشوم علي افخاذ راقصات “بس” هو للحماية من الأمراض المنقولة جنسيا و هذا يؤدي بنا الي استنتاج ان بعض الطقوس التي كانوا يقومون بها تتضمن اتصال جنسي، و مما يؤكد ان هذه الوشوم لها بعد جنسي هو انها كانت ترسم علي اماكن الأغراء في جسم المرأة، و من اهم الأغراض التي تظهر وشم الأله بس علي فخذ راقصة او موسيقية هو طبق من الفسيفساء الأزرق مصور عليه عازفة موسيقية عارية تماما الا من حزام حول الوسط و يظهر وشم الأله بس علي فخذها كما توجد بالمنظر رموز جنسية اخري مثل اللوتس و النسناس، و هذا يوضح لنا مدي ارتباط الموسيقي بالعملية الجنسية و الخصوبة، فالألهة حتحور و هي احد الربات المعنيين بالجنس (اعتبرها الأغريق احدي صور الألهة افروديت عندما دخلوا مصر) كانت ايضا الهة معنية بالموسيقي و كان من رموزها الة تسمي السستروم، و توجد العديد من المناظر في العديد من المقابر تظهر لنا راقصات شبه عاريات يمسكون بهذه الألة، و قد ظهرت هذه الألة مع مرآة و هي رمز أخر من رموز حتحور في احد مناظر الأوضاع الجنسية ببردية تورين مما يرمز لحضور حتحور الرمزي اثناء ممارسة الأفعال الجنسية المبينة في البردية (انظر الوضع رقم 9)
يمكن ان نذكر ايضا في موضوع الوشوم هذا انه توجد تمائم صغيرة وجدت في بعض مقابر الدولة الحديثة لنساء موشومة علي مؤخرتها و بطنها و حول سرتها و الوشوم عبارة عن نقاط و دوائر و هي رموز لها ابعاد جنسية، و يسمي علماء المصريات هذه التمائم بأسم “عرائس المتوفي” و كانت وظيفتها الأساسية متمثلة في توفير الخصوبة للمتوفي في العالم الأخر، كذلك نلاحظ ان هذه التمامئم صنعت بدون قدم و ربما يكون ذلك حتي لا تهرب من المقبرة و تحرم المتوفي من خصوبته في حياته الأخرة، و قد افترض البعض أن هذه النقاط الموشومة علي البطن ربما كانت ترسمها النساء كنوع من الحماية لأطفالها اثناء الحمل و الولادة و ربما يكون رسم النقاط حول السرة و البطن يكون بغرض انه عندما تنتفخ البطن بسبب الحمل تكبر الدائرة الحامية للجنين معه.
كذلك توجد نصوص من الدولة الحديثة تقول بأن الأله أمون قد مارس الجنس مع بعض ملكات هذه الأسرة و اقصد هنا قصتي الولادة الألهية الأولي المذكورة في معبد الدير البحري و التي تدعي بها الملكة حتشبسوت انها ابنة أمون و القصة الثانية المنسوخة منها في معبد الأقصر و التي تدعي أن الملك أمنحوتب الثالث أبن الأله أمون و يحكي جزء من القصة كيف قام الأله بالفعل الجنسي مع الملكات كالأتي “استيقظت الملكة عندما استنشقت العطر الألهي، و ابتسمت له…كان الأله مشتهي لها و اعطاها قلبه. و سمح لها الأله بأن تراه في هيئته الألهية الحقيقية، و قام بالأقتراب منها فأبتهجت لفحولته و حبها له تدفق في جسدها، عند ذلك قام الأله بما اراده منها، و بعد أن جعلت الأله مبتهج منها قامت بتقبيله و قالت له : كم من الرائع ان اراك وجها لوجه، لقد اجتاحتني قواك الألهية و ماؤك اصبح داخل اعضائي” و علي الرغم من أن النص يبدو عادي الا ان المناظر المصاحبة له علي جدران معبدي الدير البحري و الأقصر تثبت المقصود منه، و هذا النص هو اكثر وصف مفصل للعملية الجنسية في الأدبيات المصرية القديمة و اكثرها رسمية كذلك حيث تم استخدامه لشرعنة حكم ملكين من اهم ملوك مصر القديمة.
الجنس في الأدب المصري القديم :
تناولت النصوص الأدبية المصرية الموضوعات الجنسية بطريقة اكثر مباشرة و صراحة ، فقد وجدت في اللغة المصرية القديمة العديد من التعبيرات الجنسية كما احتوت علي اكثر من خمسة عشر مرادف لكلمة “جماع”، و تعود اغلب هذه النصوص إلي الأسرات ال19 و ال20 و العصر المتأخر، و يبدو انه كانت تقرأ بصوت عالي منغوم و يكون مصاحب لها نغمات موسيقية من الات اهمها المزمار و القيثارة، و ربما كانت هذه القصائد المنغومة احدي اهم وسائل التسلية في حفلات و مآدب النبلاء في ذلك العصر.
تذكر لنا العديد من المقاطع الادبية المتفرقة بعض البيانات عن العلاقات الجنسية، فمثلا تحكي لنا قصة “ساتني و تابوبو” بطريقة درامية عن الطلبات التي طلبتها تابوبو من ساتني ليضاجعها و التي تضمنت قتله لابنه، كذلك تضمنت بعض قصائد الحب اشارات جنسية مستترة فمثلا ذكرت احدي القصائد ان احد الشباب “يلعب بمزلاج الباب المهتاج” و اخري تذكر أن “السماء تاتي اليه وقت العواصف” أو شم رائحة العطر في لحظات اللقاء الجنسي (راجع النص السابق عن لقاء أمون مع الملكة البشرية)، و في بعض المواضع كانت تذكر المشروبات المسكرة مثل الجعة، و احيانا كانت تشبه النصوص تأثير العلاقة مع المحبوبة بتأثير المشروبات المسكرة مثلا تقول احدي النصوص “ابتهج عندما اقبلها علي شفاهها المفتوحة من دون حتي ان احتسي الجعة” أو “لقد جعلته كالثمل و فعلت له كل ما كان يريده…فكان ثوبها تحتي و كانت محبوبتي تتحرك من حولي”، و احيانا اخري كان الغزل صريح و فج بدون تورية فمثلا يغازل احد العشاق محبوبته بالتالي “إن حبيبتي فريدة لا نظير لها..فهي كالزهرة عندما تطلع في بداية العام..ضياؤها فائق و جلدها وضاء..جميلة العينين عندما تصوب سهامها..حلوة الشفتين عندما تنطق..طويلة العنق ناعمة الثدي..شعرها اسود لامع..ذراعها تفوق الذهب طلاوة..عظيمة المؤخرة نحيلة الخصر..ساقاها تنمان عن روعتها..لقد أخذت بلبي في قبلتها..سعيد من يقبلها..لقد انثنت كل اعناق الرجال..لانبهارهم عند رؤيتها”، و تقول اخري مخاطبة حبيبها “إذا احببت أن تلامس فخذي فأن ثديي لك..هل تريد أن تنصرف عني لتكسو نفسك؟؟ لكني أملك ملاءة..هل تريد أن تنصرف لأنك عطشان؟؟ خذ إذا ثديي و ارشف ما يفيض منه..إن حبك تغلغل في جسدي..فعد كالجواد لتري حبيبتك”، و تعطينا هذه النصوص فكرة جيدة عن مدي حيوية الخيال الجنسي لدي المصريين القدماء.
الممارسات الجنسية الغريبة في مصر القديمة (الجنس مع الحيوانات – المثلية الجنسية – الجنس مع الأقارب) :
بما اننا نبحث في الحياة الجنسية للمصريين القدماء فيجب علينا ان لا نهمل قضايا جنسية عرفت في حقب و حضارات مختلفة في أماكن متفرقة في العالم، و هذه القضايا تتمثل في الجنس مع الحيوانات و المثلية الجنسية و ممارسة الجنس مع الأقارب، بالنسبة للجنس مع الحيوانات فقد اشار اليه هيرودوت في معرض حديثه عن مدينة “منديس” في شمال مصر عندما قال انه سمع أن تيس قد اقام علاقة جنسية مع إمرأة، و تجدر الأشارة إلي أن هذا الحيوان كان مقدس في هذه المدينة التي كانت مكرسة لعبادته لذلك فيمكن ان نستنتج ان هذه العلاقة الجنسية كانت طقسة مرتبطة بعبادته، كذلك توجد اشارة مشابهة مرتبطة بالعجل المقدس في مدينة منف، إلا أن اقدم ذكر علي الأطلاق لهذا النوع من الجنس جاء في لعنة سحرية تقول “فليضاجع حمار زوجتك و اطفالك”، و لكن بشكل عام لا يبدو ان هذه العلاقات كانت شائعة في مصر القديمة.
بالنسبة للمثلية الجنسية فلم تكن غريبة عن المصريين، فعلي الرغم من ندرة المصادر التي تتحدث عنها إلا انها تخبرنا بأنها كانت موجودة و من اهم هذه المصادر اسطورة الصراع بين حورس و ست، حيث تخبرنا القصة بأنه في احد مراحل الصراع بينهم خطط ست لأزلال حورس عن طريق معاشرته جنسيا و فضحه امام مجمع الألهة، و عندما اخبر حورس أمه ايزيس بذلك اخبرته بأن يسايره و ان يمسك بمنيه و لا يسمح له بالأنزال داخله، و فعلا تظاهر حورس بالتصالح مع عمه ست و عندما قام ست بدعوته إلي احتفال في منزله قبل حورس و عندما انتهي الأحتفال و جاء الليل امر ست بأعداد سرير و ناموا معا و عندما انتصب قضيبه وضعه بين فخذي حورس فقام حورس بوضع يديه بين فخذاه و استقبل مني ست بين يداه، ثم القاه في النهر، و استمرت الخطة بعد ذلك بأن قامت ايزيس بوضع بعد الأعشاب المحفزة جنسيا علي قضيب حورس و اخبرته أن يستمني في أناء و اخذت المني و رشته علي بعض الخس الذي يحبه ست، و قام ست بأكله، بعد هذا قال ست امام الألهة انه قد ضاجع حورس و ان هذا الفتي الشاذ لا يصلح للحكم، فنادي الألهة علي مني ست فأجاب من النهر ثم نادوا علي مني حورس فأجاب من بطن ست و اصبح ست اضحوكة الألهة.
كذلك اثارت الرمزية في تصوير أخناتون في فن العمارنة التساؤلات حول ميوله الجنسية حيث ظهر بشكل خنثي يجمع بين مظاهر الأنوثة و الذكورة إلا ان العديد من المتخصصين رفضوا هذا الأحتمال و قالوا أن هذا المظهر انما هو انعكاس لطبيعة إله اخناتون الذي يجمع بين الطبيعتين الأنثوية و الذكرية.
و من المشاهدات التي ربما تدل علي المثلية كذلك بعض المناظر في مقبرة بسقارة تعود لعهد الملك “ني-وسر-رع” من الأسرة الخامسة (2400 ق.م تقريبا) و اصحابها “ني-عنخ-خنوم” و “خنوم-حتب” كانوا يشغلون منصب كبار مقلمي اظافر الملك، وقد افترض البعض انهم اول ثنائي مثلي الجنس في التاريخ و كان المجتمع متقبل علاقتهم، و إن صح هذا فهو يدل علي تفتح عقلية المصريين القدماء و تقبلهم للأخر، و الأسباب التي دفعت إلي هذا الظن عبارة عن بعض المناظر في مقبرتهم و التي تصورهم متعانقين بحنان و حب، كذلك مناظر تصورهم و هم علي وشك تقبيل بعضهم كما ان صورة خنوم-حتب صورت بأستخدام عناصر كانت تستخدم في تمثيل الزوجات في فن هذه الفترة و من هذه العناصر شم زهرة اللوتس (و هي رمز للجنس و الحب كما ذكرنا من قبل) و الوقوف علي يسار الذكر، إلا أن الأراء المعارضة لهذه الفكرة تتخذ مناظر الزوجات و الأطفال الذين صوروا بحجم اصغر في المقبرة حجة ضد مثليتهم المحتملة و افترضوا انهم ربما يكونوا اخوين، ووصل بالبعض ان افترضوا انهم كانوا تؤم ملتصق.
إذا فهل تقبل المجتمع المصري المثلية الجنسية بين الرجال ؟؟؟ في الحقيقة و علي الرغم ما توحي به مقبرة خنوم حتب و ني عنخ خنوم من أن الأجابة هي نعم إلا انه توجد قرائن ظهرت في عصور احدث تجيب بالنفي و من هذه القرائن المصطلحات التي عبرت عن المثلية في اللغة المصرية القديمة في عصورها المتأخرة، فمثلا استعمل المصريون كلمة (mỉwḥ) (حميو) و التي تعني (الذين يديرون ظهورهم) و هي كلمة كانت تطلق ايضا علي الخونة و الجبناء، كذلك استعمل المصريون كلمة (nkkw) و التي تعني (الرجال المنكوحين) أو (“متناكين” بلغتنا المصرية الحديثة، و هذه الكلمة بمشتقاتها الكثيرة دخلت العربية الفصحي و كذلك مازالت تستخدم في لغتنا المصرية الحالية بغرض السباب و الأهانة)، و لكن إذا نظرنا إلي هذه المصطلحات بأمعان فسنجد انها تتناول الشريك السلبي في العلاقة الجنسية بين الرجلين و لا تمس الشريك الأيجابي و بناءا عليه فيمكن ان نفترض ان الأحتقار لم يكن موجه لفكرة المثلية بالعموم مثلما هو موجه إلي فكرة السلبية الجنسية للرجل في هذه العلاقة، و يؤيد هذا الرأي ما رأيناه في قصة حورس و ست التي ذكرناها فيما سبق، فإذا تأملنا هذه القصة نجد أن ست لم يكن خجلا من فكرة انه “نكح” حورس، و كذلك حورس لم يهتم بنفي وقوع الممارسة الجنسية بينه و بين عمه و لكنه اهتم بنفي كونه الطرف السالب في هذه العلاقة، و اخيرا رأينا أن ست قد اصبح مثار سخرية الألهة ليس لأنه قد قام بممارسة الجنس مع ذكر و لكن لأن الأدلة اثبتت انه كان الطرف السالب في العلاقة، يؤيد هذه الفكرة ايضا ما نراه حاليا إلي حدا ما في المجتمع المصري المعاصر من عدم تحرج بعض الشباب المصري (خصوصا من العاملين في مجال السياحة و الفنادق) من الأعتراف أنه قد اقام علاقة جنسية مع رجل طالما كان هو الطرف الأيجابي بها و بالتأكيد فأن هذا بسبب الترسبات الثقافية التي ظلت حية في عادات و تقاليد المجتمع المصري منذ الاف السنين، و من الواضح جدا من هذه الدلائل ان المصريين قد احتقروا الطرف السالب في العملية الجنسية المثلية علي الأقل في العصور الحديثة من تاريخ مصر القديمة (ابتداءا من الدولة الحديثة) علي الرغم مما يبدو من تقبلهم لها في عصر الدولة القديمة، و السبب في هذا ربما يكون راجع إلي أن مصر اصبحت مركز لأمبراطورية شاسعة في هذه الفترة و احتكت بالعديد من الحضارات و الثقافات المختلفة التي ربما كانت تحتقر المثلية و بالتالي اثرت علي ثقافة المصريين من هذه الناحية.
كذلك عرف السحاق بين النساء الا ان الأدلة عليه قليلة جدا احدهما هي نسخة من كتاب الموتي لسيدة من العصر المتأخر تدعو “نيست-نب-تاشيرو” (970 ق.م تقريبا) و التي يذكر فيها علي لسان المدعوة “انها لم تمارس ابد الجنس مع امرأة في المعبد” و لكن من الواضح هنا ان هذا خطأ في النسخ لأن الناسخ قام بنسخ البردية من نسخة خاصة بذكر، و ايضا اتي ذكر السحاق في ما يعرف بأسم كتاب الأحلام من العصر المتأخر (بردية كارلسبرج رقم 13) و فيها معاتبة لأمرأة لأنها حلمت بأنها تمارس الجنس مع إمرأة متزوجة، و تري عالمة المصريات “كاسيا سباكوسكا” إن النص قام بتجريم الخيانة الزوجية و لم يقم بتجريم فعل السحاق بشكل عام و ذلك يعطي احتمال أن السحاق كان إلي حد ما متقبل في المجتمع المصري، و كذلك توجد بعض المناظر التي رجح البعض انها تمثل نساء متعانقات و يلعبون برموز جنسية إلا ان هذه المناظر ربما يخضع تفسيرها لوجهة نظر الناظر اليها و ليست مؤكدة، كذلك افترض البعض وجود مشاهد حميمية بين النساء في فن العمارنة إلا أن هذا الفن يصعب فيه التمييز بين الرجال و النساء و ذلك لجمع مظاهر الذكورة و الأنوثة في الشخصيات لأسباب اشرت اليها سابقا.
بالنسبة للجنس بين الأقارب فأنه لم يكن ممارسة شائعة في مصر القديمة بين العوام و لكنه كان موجود في الأساطير بين الألهة و في الطبقة الملكية حيث كان الملك يتزوج في الكثير من الأحيان من اخته او ابنته و لهذا اسباب اختلف عليها المتخصصين فمنهم من قال بأن الدم الملكي كان ينتقل عبر الأناث و ليس الذكور في الفكر المصري القديم و لهذا كانوا يتزوجون من ذوات الدم الملكي للمحافظة علي استمرار الدم الملكي و الرأي الأخر يرجح انه كان تشبها من الملك بالألهة لأن المك كان اله علي الأرض و الألهة المصرية مارست الزواج من الأخت علي نطاق واسع كما وصلنا من الأساطير المصرية مثل زواج شو من اخته تفنوت و زواج جب من اخته نوت و وزاج اوزيريس من اخته ايزيس و زواج ست من اخته نفتيس….إلخ. كذلك عرفت الطبقة المالكة تعدد الزوجات و لكن لم تصلنا مصادر تؤكد او تنفي تعدد الزوجات عند عامة المصريين بشكل اكيد و لكن الشواهد ترجح انها كانت موجودة الا انها لم تكن مستحبة.
طرق علاج الضعف الجنسي و وسائل منع الحمل :
حينما كانت تفتر العلاقات الجنسية بين الأزواج فأنهم كانوا يلجئون إلي الطب و السحر معا و اغالبا ما كانوا يخلطون الأثنين و من هذا القبيل نذكر احدي تعويذات نصوص التوابيت التي ازدهرت في الدولة الوسطي و التي تصف نفسها بأن “أي رجل سيعرفها سيكون قادر علي ممارسة الجنس علي الأرض ليلا و نهارا، و سوف تهوي اليه قلوب النساء في اي وقت يختاره” (التعويذة رقم 426)، كذلك وصف طبيب في الدولة الحديثة علاج للضعف الجنسي عبارة عن كمادات للقضيب تتكون من اوراق شجر الزعرور و صمغ عربي مخلوط بالعسل، و ظهرت في القرن الثالث قبل الميلاد وصفة سحرية لتجعل المرأة تحب زوجها مكونة من جذور السنط منقوعة بالعسل، و نفس البردية تحتوي علي العديد من الوصفات للتلاعب بمشاعر الأنثي سواء للحصول علي حبها او التفرقة بين الأزواج.
من اهم الأدلة علي اهتمام المصريين القدماء بالجنس من اجل المتعة و ليس فقط انجاب الأطفال، هو ابتكارهم لبعض الوسائل الفعالة لمنع الحمل، و كانت احدي هذه الطرق عبارة عن خلط روث التمساح بالصمغ ببذور السنط و العسل و بذور الصوف المبللة يصنع منها لبوس يتم وضعه في المهبل، و ذكرت هذه الطريقة في بردية ايبرس الطبية و ربما كانت ناجحة فعلا حيث أن معدل الحموضة العالية الموجود في روث التمساح ربما يقوم بقتل الحيوانات المنوية مما يمنع الحمل، و تجدر الأشارة إلي مدي رقي الفكر المصري الذي نستشفه من اكتشاف وسائل لمنع الحمل في حين أن الحضارات المجاورة كانت مازالت تتعامل مع ولادة الأطفال علي انها هبة الهية يعطيها او يمنعها الأله و لا يمكن لأحد أن يتدخل في منعها اذا اعطاها الأله أو منحها اذا منعها الأله و مازال هذا سائدا حتي اليوم في الكثير من المجتمعات علي الرغم من التطور الطبي الذي نعيشه حاليا بمقاييس المجتمعات القديمة و هذا ان دل علي شيئ فانه يدل علي ان اسباب التخلف و التحضر ليست بالضرورة متعلقة بالتقدم العلمي مثلما هي متعلقة برقي فكر اصحاب المجتمع حتي ولو افتقروا إلي التقدم العلمي و التكنولوجي.
الخلاصة :
نستخلص من هذا البحث العديد من النقاط اهمها :
علي الرغم من اهتمام المصريين بالدين و العالم الأخر إلا انهم تمتعوا بحياتهم الدنيا علي اكمل وجه فهم عرفوا الجنس و المشروبات الروحية و الموسيقي، و كل هذا ساهم في جعل حياتهم اليومية سهلة و خالية من العقد الأمر الذي كان له اكبر الأثر في بناء حضارتهم العظيمة.
لم يكن عامة المصريين متزمتين تماما كما قد توحي الينا المناظر التي تمثل النبلاء علي جدران مقابرهم و معابدهم بل كانوا علي قدر كبير من التحرر.
تمتع المصريون بالجنس بشكل في غاية الرقي و التقدم يفوق ما نراه اليوم في مجتمعاتنا المعاصرة و منها المجتمع المصري نفسه الذي مازال ينظر الي الجنس علي انه من التابوهات المحرمة و يسعي الي تغطية المرأة من رأسها إلي اخمص اقدامها حتي لا تثيره جنسيا، و من مظاهر هذا التمتع بالجنس انهم ابتكروا العديد من الأوضاع الجنسية المختلفة لزيادة المتعة و كسر الرتابة مثل الأوضاع الخلفية ووضع الفارسة و غيرهم كثيرا.
كانت المرأة لا تتحرج من لعب دور فعال في العملية الجنسية و تطلب اشباعها جنسيا و هذا ما نراه بوضوح في بعض مشاهد بردية تورين، حينما نري رجل يقوم بنفسه بامتاع امرأة باستخدام لعبة جنسية و نري اخري تمسك قضيب رجل لتدخله بنفسها في مهبلها ، و هذا يدل علي ان النساء كانت متساوية من ناحية الحقوق الجنسية مع الرجل علي عكس ماهي عليه حاليا في مجتمعاتنا من كونها مجرد اداة لمتعة الرجل حتي لو علي حساب متعتها هي.
كان المجتمع المصري اكثر تقبلا للأخر كما نري من خلال قضية المثلية الجنسية و خصوصا مقبرة خنوم حتب و ني عنخ خنوم، و للأسف فقد تغير هذا الأمر ابتداءا من عصر الدولة الحديثة.
تمتع المصري القديم بوعي غاية في النضج، حيث سعي الي اكتشاف علاجات ووسائل لمنع الحمل حتي يحقق متعته الجنسية بدون ان يسبب مشاكل اقتصادية لنفسه و اسرته تنتج عن تراكم الأنجاب و زيادة عدد المواليد، و من العجيب اننا مازلنا نعاني من مشاكل الأنفجار السكاني حاليا علي الرغم من امتلاك اجدادنا للوعي الكافي لعدم التسبب في هذه المشكلة منذ الاف السنين.
المصادر :
Donald B. Redford, The Oxford Encyclopedia of Ancient Egypt, Volume.1, Article about “Erotica in Ancient Egypt” By Lise Manniche, Oxford, 2001
Ian Shaw & Paul Nicholson, The British Museum Dictionary of Ancient Egypt, The American University in Cairo Press, Cairo, 2002
Carolyn Graves Brown, Dancing for Hathor Women in Ancient Egypt, Continuum Books, U.K, 2010
Sex in the Ancient World – Egypt, A 2009 Documentary By History Channel
.
هذه المصادر كانت متفرقة علي اكثر من مرحلة من مراحل التاريخ المصري لكن اغلبها يعود إلي عصر الدولة الحديثة و ما بعدها، و لكن اغلب التعاويذ السحرية و التماثيل التي تمثل اوضاع جنسية تعود إلي العصر اليوناني الروماني، و كذلك قد مدنا بعض الكتاب الكلاسيكيين الذي كتبوا عن مصر بمعلومات عن هذا الموضوع من امثال هيرودوت و بلوتارخ و غيرهم.
يتقاطع هذا الموضوع مع موضوع الخصوبة مما يعطي له اهمية خاصة لأن المصريين اهتموا بالخصوبة جدا في حياتهم الدنيا و كذلك في تصورهم الأخروي، لذلك فليس من السهل دائما ان نميز الغرض من بعض التماثيل او الأغراض الأخري التي لها علاقة بالموضوع إذا كانت مخصصة لجلب الخصوبة لصاحبها علي الأرض ام للمساعدة في ولادة صاحبها في العالم الأخر.
ظهرت النزعة الجنسية في الفن المصري بأكثر اشكالها فجاجة في العديد من التماثيل الصغيرة التي تعود إلي العصر المتأخر و العصر اليوناني الروماني، و هذه الأغراض كانت تصنع من الطين او الحجر و فيما بعد بدأت تصنع من الفسيفساء الزرقاء و الخضراء، و كان اهم المواضيع التي تصورها هذه التماثيل هو الأتصال الجنسي و التي كان يصور فيها الذكر عادة بعضو ذكري ضخم جدا و غير واقعي و احيانا كان يتم كسر تمثال المرأة مما يجعل المنظر غير كامل، و كان يتم عادة ادخال الات موسيقية في المناظر الجنسية مثل “القيثارة”، كما اظهرت بعض التماثيل الأكبر مصاحبة بعض العازفين الموسيقيين للعملية الجنسية، و كذلك اظهرت بعض المناظر اشتراك عدة اشخاص في العملية الجنسية ربما كمساعدين للشخصين الممارسين. و كان الغرض من هذه التمائم و التماثيل غرض سحري ديني لزيادة الخصوبة و القوة الجنسية، و ربما كان لها بعض الأغراض الشعائرية لعبادة بعض الألهة و اهمهم أيزيس التي ارتبطت في العصر اليوناني الروماني بعبادة الجنس و الخصوبة.
و لم تخلو حفلات النبلاء و مأدبهم من ممارسات جنسية محتملة، فتظهر لنا مناظر الحفلات التي تعود للدولة الحديثة ارتداء الرجال و النساء لملابس شفافة كما كان يشارك في الرقص و التسلية راقصات عاريات تماما او شبه عاريات و ربما كان بعضهم بغايا، و يوجد احتمال ان وضع هذه المناظر العارية علي جدران المقابر كان لأغراض جنائزية للحفاظ علي القدرة الجنسية و الخصوبة للمتوفي في العالم الأخر.
الحياة الجنسية اليومية للمصريين القدماء و اهم الوثائق الجنسية التي وصلتنا :
تعد مدينة العمال بمنطقة دير المدينة بالبر الغربي للأقصر و المناطق المحيطة بها من اغني الأماكن التي امدتنا بوثائق نعرف من خلالها الكثير عن الحياة الجنسية للمصريين القدماء، و اغلب هذه الوثائق إن لم يكن جميعها تعود إلي عصر الدولة الحديثة و ربما يرجع السبب إلي كثرة الآثار التي تحمل مناظر جنسية من هذا العصر أن مصر اصبحت دولة عالمية و مركز لأمبراطورية شاسعة فأصبح السكان معرضين لأفكار جديدة و غريبة لم يكونوا معتادين عليها.
هذه المدينة كان يسكنها أكثر من مائة شخص مع اسرهم علي الأقل كما يرجح المتخصصين و تعتبر من الأمثلة النادرة للمدن في مصر القديمة و تعود اهميتها لانه ليس لدينا العديد من الأمثلة علي مدن المصريين و مناطقهم الحضارية في هذه الفترة و ايضا لأن عدد ليس بقليل من السكان كانوا ينتمون إلي الطبقة المثقفة المتنورة فمنهم الكتبة و الفنانين الذين كانوا يتولون التزيين و الكتابة في مقابر الفراعنة و معابدهم، لذلك فأن هذه الوثائق تعطينا فكرة عن الحياة الجنسية للمصريين المثقفين و الطبقة العاملة علي حد السواء.
من هذه الوثائق التي تم العثور عليها، شقافة من الحجر الجيري مرسوم عليها بالحبر الأسود منظر جنسي لرجل يمارس الجنس مع إمرأة مستلقية علي ظهرها بينما قدماها فوق كتف الرجل بينما يقوم بالأدخال، و هذا المنظر يعد من اقدم ما تم العثور عليه في الحضارات القديمة لهذا الوضع الجنسي الشائع، و يمكن افتراض أن هذا الوضع من اكثر الأوضاع تفضيلا عند المصريين مع الوضع الخلفي لأنهم تم تصويرهم كثيرا.
كذلك تم العثور علي مخربشة في كهف بمنطقة الدير البحري، تظهر فيه امرأة ارجح الأراء تعتقد انها حتشبسوت منحنية و يمارس معها الجنس من الخلف رجل يعتقد انه سننموت الموظف الأهم لحتشبسوت و مربي ابنتها نفرورع و مهندس معبدها الشهير في الدير البحري، و السبب الذي دفع الخبراء يعتقدون انها حتشبسوت علي الرغم من عدم وضوح المخربشة هو انه يمكن تمييز غطاء الرأس الملكي بسهولة علي رأسها. و تعد هذه المخربشة اقدم منظر جنسي يمثل الجنس الخلفي في العالم، و ربما رسم هذا المنظر احد العمال أو الفنانين العاملين في بناء معبدها أو العاملين في بناء المقابر في وادي الملوك القريب من هذا المكان و قد تم رسمه بغرض السخرية من علاقة جنسية ربما كانت تتم بين الملكة و سننموت، و بالطبع فأن الراسم لهذا المنظر لم يشاهده في الحقيقة و انما عبر عن الفكرة بوضع جنسي من خياله و حياته الشخصية و هذا يثبت أن هذا الوضع كان مألوف و شائع بين المصريين يزيد من احتمال شيوعه في الحياة اليومية للمصريين انه قد تكرر في احد الأوضاع الجنسية الموجودة في بردية تورين.
اكشفت قطعة نادرة من الجلد في منطقة الدير البحري و هي حاليا محفوظة في متحف الميتروبوليتان، و المنظر الموجود علي هذه القطعة يظهر جلسة لها طابع جنسي يشارك فيه اكثر من شخصين. يظهر في هذا المنظر سيدة راكعة تحت كرمة عنب و تعزف علي قيثارة، و الواضح ان صوت القيثارة قد اثار الرجل الموجود بالمنظر و الذي يقوم بالرقص عاريا بينما يشير قضيبه المنتصب إلي المرأة العازفة وواضح انه يحمل في يده حزمة من الأشرطة او شيئا من هذا القبيل، و تظهر قدم و كعب المرأة الأخري علي حافة القطعة.
كذلك تم اكتشاف شقافة في دير المدينة تمثل راقصة عارية الا من قطعة من القماش الرقيق تغطي مؤخرتها و تتخذ وضع اكروباتي عجيب تكرر في اكثر من منظر لراقصات من قبل، و ربما تكون هذه الرقصات متعلقة بطقوس جنسية.
و لكن اهم وثيقة جنسية وصلتنا علي الأطلاق من مصر القديمة هي البردية المعروفة بأسم “بردية تورين” و هي البردية رقم 5501 في متحف المصريات بمدينة تورين الأيطالية، ترجع هذه البردية إلي عصر الرعامسة (1292 – 1075 ق.م تقريبا) و هي البردية الوحيدة التي وصلتنا من مصر القديمة و تحمل مناظر جنسية فاضحة، و من الواضح انه قد تم رسمها بواسطة فنان محترف و ليس من قبل هاوي و هذا بالأضافة إلي كون هذه المناظر مرسومة علي ورقة بردي لا تترك مجال للشك انها قد صنعت تحت رعاية احد افراد الطبقة العليا في المجتمع (لم يكن البردي رخيص الثمن بالتالي لم يكن متاح للفقراء، كما ان الكتاب و الفنانين المحترفين كانت اجورهم عالية تناسبا مع وضعهم الأجتماعي المرموق).
يبلغ طول هذه البردية 257 سم و يشغل ثلثها تقريبا مناظر ساخرة لحيوانات تقوم بأعمال البشر بينما يشغل الباقي مناظر جنسية عددهم 12 منظر يعتبروا حتي بمقاييس عصرنا مناظر فاضحة، و هذه المناظر لا يصاحبهم نص الا بقايا بعض النصوص التي كانت مكتوبة بالخط الهيراطيقي، و من الحقائق الطريفة المتعلقة بتاريخ هذه البردية أن القائمين علي متحف تورين عندما قاموا بعرض البردية وضعوا امامها منضدة حتي لا تجذب انتباه الكثير من الزائرين من فرط اباحية المناظر الموجودة عليها علي الرغم من عدم وضوحها تماما لسوء حالة البردية.
يشترك في هذه الممارسات الجنسية رجال و نساء مختلفون (يمكن تمييز رجلين علي الأقل و ثلاث نساء يمكن تمييزهم من الأشكال المختلفة لشعرهم) و كذلك يمكن تمييز عدد من المساعدين. و يشترك الرجال الموجودين في هذه المناظر انهم كلهم ممثلون بأعضاء ذكرية ضخمة بشكل غير طبيعي (هذه سمة مشتركة في اغلب المناظر الجنسية الشعبية التي وصلتنا من مصر القديمة، و يمكن تفسيرها بأكثر من طريقة منها أن المصريين كانوا يعتقدون أن الصور اي صور ربما تساعد في عودة صاحبها للحياة في العالم الأخر بالشكل الذي ظهر عليه في الصورة و ربما كانوا يمثلوا انفسهم بقضبان ضخمة حتي يبعثوا بهذه الهيئة في العالم الأخر، و ايضا يمكن تفسيرها بشكل نفسي حيث يميل الذكور المصريين المحدثين إلي المبالغة في حجم اعضائهم عند الحديث عنها حتي لو كان هذا غير حقيقي لأعتقادهم أن هذا دليل علي القوة الجنسية، و قد اعتقد المصريين القدماء فعلا بالعلاقة بين حجم العضو و القوة الجنسية و الجسدية و ربما ترسب هذا الأعتقاد في الثقافة الجمعية الشعبية للمصريين حتي الأن) كذلك جميعهم صلع و شعر عانتهم غير محلوق، كما يبدون جميعهم اكبر سنا من الفتيات، و علي النقيض فأن الفتيات يبدون حسنوات و صغيرات السن كما تظهر عليهم علامات الأناقة (علي الحلي و طريقة تصفيف الشعر) ، و جميعهم عرايا تماما إلا من الأساور و العقود و زهرة اللوتس التي تزين شعر كل واحدة منهن و تحيط بخصرهن و يظهر كل مشهد منظر ذو طبيعة جنسية مختلفة و لا يترك النص المصاحب مجالا للشك في طبيعة المناظر حيث يدل النص علي بقايا الحوار القائم بين المشاركين.
من جملة الأدوات الموجودة في المناظر سرير و كرسي بوسادة و عربة تجرها فتاتان يافعتان و بعض الألات الموسيقية، كذلك يوجد اناء (أمفورا) يستخدم كلعبة جنسية dildo و مرآة و مستحضرات تجميل، كذلك احتوت المناظر علي بعض النباتات مثل زهرة اللوتس و هي ترمز إلي الحب و الجنس كما تظهر نبتة اخري ربما تكون اللبلاب و التي تعد ايضا رمز اخصابي لتدعيم الطابع الجنسي للمناظر و من المثير للذكر في هذه النقطة ان هذه النباتات قد ظهرت في مناظر اخري تتعلق بالولادة و اعادة الولادة في العالم الأخر و هذا ان دل علي شيئ فهو يدل علي قدسية الجنس و اهميته عند المصريين القدماء، و احتوت المناظر ايضا علي منظر لنسناس علي العجلة التي تجرها الفتاتان و منظر لرقبة بطة تزين القيثارة و كلا منهما رموز جنسية أنثوية.
تتميز الأوضاع الجنسية المصورة بالتعدد و منها ثلاثة اوضاع للمضاجعة الخلفية، و في احدي الأوضاع (انظر المنظر رقم 8) يقوم الرجل برفع المرأة و هو واقف بينما تلف قدماها حول عنقه، و تتميز النساء المشاركات في هذه المناظر بالتجاوب و الفعالية و من هذا ما نراه في احدي المناظر (المنظر رقم 7) حيث يظهر أن المرأة تسخر من عشيقها الملقي علي الأرض من فرط التعب و الذي يظهر انه سقط من السرير و يزحف مبتعدا فتقوم بسؤاله “هل فعلت لك اي شيئ خاطئ؟؟؟”، و ايضا احد المناظر (رقم 10) حيث نري الرجل يرفع يده و يشيح بوجه متمنعا بينما تقوم المرأة بأمساك قضيبه و ادخاله. و من اكثر المناظر غرابة في هذه البردية المنظر رقم 9 و الذي يوضح انثي تمتع نفسها بلعبة جنسية هي عبارة عن اناء يعرف بالأمفورا و يساعد في ادخاله في مهبلها ذكر جالس علي الأرض و الغريب انها تبدو غير مهتمة و تنظر في المرأة بينما تضع أحمر شفاه (كان احمر الشفاه معروف في مصر القديمة بالأضافة إلي العديد من ادوات التجميل الأخري و كانوا يصنعوه من اكسيد الحديد و الذي يعطي لون أحمر، و كانوا يصنعون المرايا من النحاس أو البرونز الذي يتم صقله جيدا حتي تنعكس عليه الصورة) كذلك فهي تحدث الرجل في النص و تتهمه بأنه لم يشبعها جنسيا لذلك لجئت إلي هذه الطريقة، أما المنظر رقم 11 فإن العملية الجنسية تتم علي عجلة و هذه رمزية للنبل و الثراء و هذا المنظر مشبع بالرموز الجنسية فنري فيه النسناس و اللوتس و اللبلاب و يمسك الذكر بيده قارورة ربما تكون قاروة جعة، و نلاحظ في جميع المناظر انه توجد زهرة لوتس فوق رأس جميع السيدات و هي رمز للجنس و الأنبعاث كما ذكرنا، و ربما تم رسمها فوق رئوس السيدات حتي تثيرهم رائحتها جنسيا.
و الغرض من هذه البردية غير مؤكد تماما حتي الأن فهل هي تمثل الحياة الجنسية للألهة ؟؟؟ أو هي جزء من طقوس معينة كانت مخصصة لعبادة احد الألهة المتعلقين بالجنس ؟؟؟ لقد اتفقت اراء اغلب الآثاريين علي أنه ليس لبردية تورين أو الشقافات ذات المناظر الجنسية أي اغراض دينية مقدسة و لكن لا يجب ان نستبعد تماما هذا الأحتمال فربما يكون لها فعلا اغراض دينية، و قد تم اقتراح أن بردية تورين ماهي الا نقد فكاهي لتصرفات بعض الرجال اثناء زيارتهم للمواخيرو بناءا عليه تكون مناظر البردية انعكاس ساخر لعادة زيارة المواخير التي ربما تكون انتشرت في ذلك الوقت، و مما يؤيد ذك انها تتطابق في العديد من العناصر مع ما يعرف بأسم البردية الساخرة و الموجودة حاليا في المتحف البريطاني و التي تظهر حيوانات منهمكة في نشاطات بشرية (و هذا كان عنصر مهم من عناصر الفن المصري القديم تكررت كثيرا علي جدران المقابر لكن بشكل اكثر جدية) و بالطبع فكما ذكرنا من قبل ان بردية تورين احتوت علي مناظر مشابهة لحيوانات تقلد تصرفات البشر، و قد اقترح بعض المتخصصين كذلك انها ربما تكون اول مجلة اباحية في التاريخ، او ربما تكون مخصصة لتعليم الاوضاع الجنسية، و ايا يكن الغرض من هذه البردية فلا شك من انها تسجل اوضاع جنسية كان يقوم بها المصريون في ذلك العصر منها تقريبا 7 اوضاع جنسية ذكرتها الكاماسوترا الهندية بعد تاريخ كتابتها بأكثر من 800 عام.
البغاء في مصر القديمة :
عرفت ممارسة البغاء في مصر القديمة و يوجد احتمال بأن بعض الغرف التي اكتشفت في سقارة و التي تعرف بأسم “غرف الأله بس” كانت تستخدم كأماكن لممارسة البغاء أو لممارسة بعض الطقوس الجنسية الدينية. كذلك تدل علي وجود البغاء بعض القصص الأدبية مثل قصة الألهة إيزيس و التي تروي لنا كيف انها اختبأت اثناء هروبها من اخيها الشرير “ست” في بيت مليئ بالنساء الذين يمارسون البغاء، كما جاء ذكر لشيئ مشابه في رواية هيرودوت عن كيف اجبر الملك خوفو ابنته علي العمل في ماخور و ذلك لأمداده بالأموال لبناء هرمه، و بالطبع فأن هذه القصة غير مقبولة تاريخيا إلا انها تدل علي معرفة المصريين ببيوت البغاء. و ربما عرف المصريين القدماء كذلك البغاء المقدس او “بغايا المعبد”، علي الأقل في فترة متأخرة من التاريخ المصري و الدليل الوحيد علي ذلك هو مشاهدات الرحالة و المؤرخ اليوناني “سترابو” و الذي زار مصر عام 25 ق.م و ذكر انه قد رأي بغايا في معبد الأله أمون.
الرمزية في التصوير الجنسي عند المصريين القدماء :جنس 28
كان التصوير الجنسي الصريح في مصر القديمة قليلا بالمقارنة مع الحضارات القديمة المعاصرة لها و لكن كان يتم تناوله بشكل رمزي في الكثير من الأحيان فنلاحظ علي جدران المعابد و المقابر المصرية رموز متعلقة بالجنس ذكرت بعضها عندما تكلمت عن بردية تورين مثل زهرة اللوتس (رمز الجنس و الأنبعاث) و اللبلاب و رأس البطة و النسناس، و الغرض الذي وضعت من اجله هذه الرموز داخل المعابد و المقابر هي للمساعدة في اعادة الولادة في العالم الأخر، و من ابرز الأدوات التي تتجلي فيها الرمزية الجنسية صندوق من كنوز الملك توت عنخ أمون محفوظ حاليا في المتحف المصري و قد صور علي جانب هذا الصندوق الملك جالس علي عرشه ممسكا بقوس في وضع الأستعداد للأطلاق و زوجته الملكة “عنخس-ان-اس-با-أمون” جالسة تحت اقدامه ممسكة بسهم في يدها، و المنظر بأكمله رمزي فكلمة “ساتي” التي تعني قوس هي ايضا تعني “يقذف” و التي تحمل معني جنسي واضح و يساعد في زيادة قوة هذا المعني وجود زهرة اللوتس التي هي رمز جنسي اخر فوق رأس الملك، كما ان وجود الملكة الممسكة بسهم مع الملك الممسك بالقوس يفيد التكامل فالعملية الجنسية لن تصبح كاملة الا بالذكر و الأنثي كما أن القوس لن يصبح كاملا الا بالسهم، ووجود هذا المنظر برمزيته الجنسية الواضحة علي قطعة اساس جنزي بالمقبرة الملكية غرضه الأساسي هو المساعدة في اعادة الولادة بالعالم الاخر. جنس
كذلك تتضمن علامات اللغة المصرية القديمة ايضا رموز جنسية، حيث ان المصريين القدماء قد استوحوا حروف لغتهم من جنس 29البيئة المحيطة بهم، و من هذه الرموز التي دخلت اللغة رمز لعضو ذكري يقطر منه المني، و هذا الرمز له العديد من المعاني كما استعمل كمخصص لفظي لكلمات كالذكورة و العدوانية و الخصوبة و القوة الجنسية.
الألهة المصرية و الجنس :
لم تكن الألهة المصرية بعيدة عن الجنس، بل كان يوجد العديد من الألهة الذكور و الأناث الذين ارتبطو بالجنس و الأعضاء التناسلية مثل الأله “مين” اله الخصوبة و الذي كان يصور بعضو منتصب، و الأله “أمون-كا-موت.إف” الذي كان احدي صور الأله أمون و مرتبط ايضا بالجنس و الخصوبة، و كذلك ارتبطت الألهة “ايزيس” و الألهة “حتحور” بالجنس في العديد من فترات التاريخ المصري و نحن نري في العديد من المعابد مناظر لهذه الالهة تظهر عارية أو بقضيب ضخم منتصب.
و قد عبر لنا الأدب الأسطوري المتعلق بالألهة المصرية عن الجنس بينهم فعلي سبيل المثال تحكي لنا نظرية خلق عين جنس 30شمس “التاسوع” أن الأله الخالق “رع-أتوم” قد خلق العالم عن طريق الاستمناء في يده التي حملت بالألهة الاولي، و قد احيي ذكري هذا الحدث في المعابد بشكل رمزي حيث حملت الكاهنات لقب “يد الأله”.
ايضا يوجد منظر في احدي مقاصير معبد سيتي الأول بأبيدوس يوضح احدي مشاهد اسطورة ايزيس و أوزوريس، و يظهر في هذا المنظر أوزوريس المحنط ممدد علي سرير و ايزيس في صورة طائر مرتكذة علي قضيبه المنتصب لتأخذ منه منيه الذي ستحمل بواسطته بحورس، و قد كان هذا المعبد مقصد للنساء بشكل خاص الذين يعانون من مشاكل جنسية او مشاكل في الحمل و الخصوبة و الذين كانوا يرجون العون و المساعدة من أوزيريس الذي ارتبط ايضا بالخصب حيث كانوا يلمسون قضيبه الواضح في المنظر السابق شرحه كنوع من التبرك به للمساعدة في حل مشاكلهم.جنس 31
من اهم الألهة التي ارتبطت بالجنس ايضا هو الأله “بس” الذي كان أله للمرح و الخصوبة و الجنس و يعتبر حامي للأطفال كما كان مرتبط بالحظ الحسن و الولادة لذلك فقد كان من اهم الألهة المرتبطة بالحياة اليومية، و كان يصور هذا الأله بشكل قزم ملتحي مشوه الشكل، و من اهم الأماكن اثارة للأهتمام و التي ارتبطت بالأله بس مجموعة غرف تعرف بأسم غرف الأله “بس” في سقارة و التي زينت جدرانها بمناظر تصور الأله و معه نساء عاريات، و الغرض من هذه الغرف غير مؤكد تماما فمن المحتمل انها كانت مخصصة لزائرين يعانون من مشاكل جنسية جائوا طمعا في الشفاء من الأله، أو ليتلقوا النصائح من كهنة الأله، و قد افترض البعض انها كانت بيوت للبغاء. و من اهم الشخصيات المرتبطة بهذا الأله هم راقصات كانوا يضعوا وشم للأله علي افخاذهم، و تظهرهم المناظر يرقصون و يعزفون شبه عاريات ربما تكون هذه الرقصات عبارة عن طقوس خاصة لحماية المنزل و حماية المرأة الحامل اثناء الولادة و حماية جنينها و مما يدعم هذا وجود بقايا قناع جلدي علي شكل الأله بس بمتحف مانشستر بأنجلترا ربما كانت تلبسه الراقصات اثناء قيامهم برقصاتهم الطقسية، و ربما يكون الغرض من رسم وشوم علي افخاذ راقصات “بس” هو للحماية من الأمراض المنقولة جنسيا و هذا يؤدي بنا الي استنتاج ان بعض الطقوس التي كانوا يقومون بها تتضمن اتصال جنسي، و مما يؤكد ان هذه الوشوم لها بعد جنسي هو انها كانت ترسم علي اماكن الأغراء في جسم المرأة، و من اهم الأغراض التي تظهر وشم الأله بس علي فخذ راقصة او موسيقية هو طبق من الفسيفساء الأزرق مصور عليه عازفة موسيقية عارية تماما الا من حزام حول الوسط و يظهر وشم الأله بس علي فخذها كما توجد بالمنظر رموز جنسية اخري مثل اللوتس و النسناس، و هذا يوضح لنا مدي ارتباط الموسيقي بالعملية الجنسية و الخصوبة، فالألهة حتحور و هي احد الربات المعنيين بالجنس (اعتبرها الأغريق احدي صور الألهة افروديت عندما دخلوا مصر) كانت ايضا الهة معنية بالموسيقي و كان من رموزها الة تسمي السستروم، و توجد العديد من المناظر في العديد من المقابر تظهر لنا راقصات شبه عاريات يمسكون بهذه الألة، و قد ظهرت هذه الألة مع مرآة و هي رمز أخر من رموز حتحور في احد مناظر الأوضاع الجنسية ببردية تورين مما يرمز لحضور حتحور الرمزي اثناء ممارسة الأفعال الجنسية المبينة في البردية (انظر الوضع رقم 9)
يمكن ان نذكر ايضا في موضوع الوشوم هذا انه توجد تمائم صغيرة وجدت في بعض مقابر الدولة الحديثة لنساء موشومة علي مؤخرتها و بطنها و حول سرتها و الوشوم عبارة عن نقاط و دوائر و هي رموز لها ابعاد جنسية، و يسمي علماء المصريات هذه التمائم بأسم “عرائس المتوفي” و كانت وظيفتها الأساسية متمثلة في توفير الخصوبة للمتوفي في العالم الأخر، كذلك نلاحظ ان هذه التمامئم صنعت بدون قدم و ربما يكون ذلك حتي لا تهرب من المقبرة و تحرم المتوفي من خصوبته في حياته الأخرة، و قد افترض البعض أن هذه النقاط الموشومة علي البطن ربما كانت ترسمها النساء كنوع من الحماية لأطفالها اثناء الحمل و الولادة و ربما يكون رسم النقاط حول السرة و البطن يكون بغرض انه عندما تنتفخ البطن بسبب الحمل تكبر الدائرة الحامية للجنين معه.
كذلك توجد نصوص من الدولة الحديثة تقول بأن الأله أمون قد مارس الجنس مع بعض ملكات هذه الأسرة و اقصد هنا قصتي الولادة الألهية الأولي المذكورة في معبد الدير البحري و التي تدعي بها الملكة حتشبسوت انها ابنة أمون و القصة الثانية المنسوخة منها في معبد الأقصر و التي تدعي أن الملك أمنحوتب الثالث أبن الأله أمون و يحكي جزء من القصة كيف قام الأله بالفعل الجنسي مع الملكات كالأتي “استيقظت الملكة عندما استنشقت العطر الألهي، و ابتسمت له…كان الأله مشتهي لها و اعطاها قلبه. و سمح لها الأله بأن تراه في هيئته الألهية الحقيقية، و قام بالأقتراب منها فأبتهجت لفحولته و حبها له تدفق في جسدها، عند ذلك قام الأله بما اراده منها، و بعد أن جعلت الأله مبتهج منها قامت بتقبيله و قالت له : كم من الرائع ان اراك وجها لوجه، لقد اجتاحتني قواك الألهية و ماؤك اصبح داخل اعضائي” و علي الرغم من أن النص يبدو عادي الا ان المناظر المصاحبة له علي جدران معبدي الدير البحري و الأقصر تثبت المقصود منه، و هذا النص هو اكثر وصف مفصل للعملية الجنسية في الأدبيات المصرية القديمة و اكثرها رسمية كذلك حيث تم استخدامه لشرعنة حكم ملكين من اهم ملوك مصر القديمة.
الجنس في الأدب المصري القديم :
تناولت النصوص الأدبية المصرية الموضوعات الجنسية بطريقة اكثر مباشرة و صراحة ، فقد وجدت في اللغة المصرية القديمة العديد من التعبيرات الجنسية كما احتوت علي اكثر من خمسة عشر مرادف لكلمة “جماع”، و تعود اغلب هذه النصوص إلي الأسرات ال19 و ال20 و العصر المتأخر، و يبدو انه كانت تقرأ بصوت عالي منغوم و يكون مصاحب لها نغمات موسيقية من الات اهمها المزمار و القيثارة، و ربما كانت هذه القصائد المنغومة احدي اهم وسائل التسلية في حفلات و مآدب النبلاء في ذلك العصر.
تذكر لنا العديد من المقاطع الادبية المتفرقة بعض البيانات عن العلاقات الجنسية، فمثلا تحكي لنا قصة “ساتني و تابوبو” بطريقة درامية عن الطلبات التي طلبتها تابوبو من ساتني ليضاجعها و التي تضمنت قتله لابنه، كذلك تضمنت بعض قصائد الحب اشارات جنسية مستترة فمثلا ذكرت احدي القصائد ان احد الشباب “يلعب بمزلاج الباب المهتاج” و اخري تذكر أن “السماء تاتي اليه وقت العواصف” أو شم رائحة العطر في لحظات اللقاء الجنسي (راجع النص السابق عن لقاء أمون مع الملكة البشرية)، و في بعض المواضع كانت تذكر المشروبات المسكرة مثل الجعة، و احيانا كانت تشبه النصوص تأثير العلاقة مع المحبوبة بتأثير المشروبات المسكرة مثلا تقول احدي النصوص “ابتهج عندما اقبلها علي شفاهها المفتوحة من دون حتي ان احتسي الجعة” أو “لقد جعلته كالثمل و فعلت له كل ما كان يريده…فكان ثوبها تحتي و كانت محبوبتي تتحرك من حولي”، و احيانا اخري كان الغزل صريح و فج بدون تورية فمثلا يغازل احد العشاق محبوبته بالتالي “إن حبيبتي فريدة لا نظير لها..فهي كالزهرة عندما تطلع في بداية العام..ضياؤها فائق و جلدها وضاء..جميلة العينين عندما تصوب سهامها..حلوة الشفتين عندما تنطق..طويلة العنق ناعمة الثدي..شعرها اسود لامع..ذراعها تفوق الذهب طلاوة..عظيمة المؤخرة نحيلة الخصر..ساقاها تنمان عن روعتها..لقد أخذت بلبي في قبلتها..سعيد من يقبلها..لقد انثنت كل اعناق الرجال..لانبهارهم عند رؤيتها”، و تقول اخري مخاطبة حبيبها “إذا احببت أن تلامس فخذي فأن ثديي لك..هل تريد أن تنصرف عني لتكسو نفسك؟؟ لكني أملك ملاءة..هل تريد أن تنصرف لأنك عطشان؟؟ خذ إذا ثديي و ارشف ما يفيض منه..إن حبك تغلغل في جسدي..فعد كالجواد لتري حبيبتك”، و تعطينا هذه النصوص فكرة جيدة عن مدي حيوية الخيال الجنسي لدي المصريين القدماء.
الممارسات الجنسية الغريبة في مصر القديمة (الجنس مع الحيوانات – المثلية الجنسية – الجنس مع الأقارب) :
بما اننا نبحث في الحياة الجنسية للمصريين القدماء فيجب علينا ان لا نهمل قضايا جنسية عرفت في حقب و حضارات مختلفة في أماكن متفرقة في العالم، و هذه القضايا تتمثل في الجنس مع الحيوانات و المثلية الجنسية و ممارسة الجنس مع الأقارب، بالنسبة للجنس مع الحيوانات فقد اشار اليه هيرودوت في معرض حديثه عن مدينة “منديس” في شمال مصر عندما قال انه سمع أن تيس قد اقام علاقة جنسية مع إمرأة، و تجدر الأشارة إلي أن هذا الحيوان كان مقدس في هذه المدينة التي كانت مكرسة لعبادته لذلك فيمكن ان نستنتج ان هذه العلاقة الجنسية كانت طقسة مرتبطة بعبادته، كذلك توجد اشارة مشابهة مرتبطة بالعجل المقدس في مدينة منف، إلا أن اقدم ذكر علي الأطلاق لهذا النوع من الجنس جاء في لعنة سحرية تقول “فليضاجع حمار زوجتك و اطفالك”، و لكن بشكل عام لا يبدو ان هذه العلاقات كانت شائعة في مصر القديمة.
بالنسبة للمثلية الجنسية فلم تكن غريبة عن المصريين، فعلي الرغم من ندرة المصادر التي تتحدث عنها إلا انها تخبرنا بأنها كانت موجودة و من اهم هذه المصادر اسطورة الصراع بين حورس و ست، حيث تخبرنا القصة بأنه في احد مراحل الصراع بينهم خطط ست لأزلال حورس عن طريق معاشرته جنسيا و فضحه امام مجمع الألهة، و عندما اخبر حورس أمه ايزيس بذلك اخبرته بأن يسايره و ان يمسك بمنيه و لا يسمح له بالأنزال داخله، و فعلا تظاهر حورس بالتصالح مع عمه ست و عندما قام ست بدعوته إلي احتفال في منزله قبل حورس و عندما انتهي الأحتفال و جاء الليل امر ست بأعداد سرير و ناموا معا و عندما انتصب قضيبه وضعه بين فخذي حورس فقام حورس بوضع يديه بين فخذاه و استقبل مني ست بين يداه، ثم القاه في النهر، و استمرت الخطة بعد ذلك بأن قامت ايزيس بوضع بعد الأعشاب المحفزة جنسيا علي قضيب حورس و اخبرته أن يستمني في أناء و اخذت المني و رشته علي بعض الخس الذي يحبه ست، و قام ست بأكله، بعد هذا قال ست امام الألهة انه قد ضاجع حورس و ان هذا الفتي الشاذ لا يصلح للحكم، فنادي الألهة علي مني ست فأجاب من النهر ثم نادوا علي مني حورس فأجاب من بطن ست و اصبح ست اضحوكة الألهة.
كذلك اثارت الرمزية في تصوير أخناتون في فن العمارنة التساؤلات حول ميوله الجنسية حيث ظهر بشكل خنثي يجمع بين مظاهر الأنوثة و الذكورة إلا ان العديد من المتخصصين رفضوا هذا الأحتمال و قالوا أن هذا المظهر انما هو انعكاس لطبيعة إله اخناتون الذي يجمع بين الطبيعتين الأنثوية و الذكرية.
و من المشاهدات التي ربما تدل علي المثلية كذلك بعض المناظر في مقبرة بسقارة تعود لعهد الملك “ني-وسر-رع” من الأسرة الخامسة (2400 ق.م تقريبا) و اصحابها “ني-عنخ-خنوم” و “خنوم-حتب” كانوا يشغلون منصب كبار مقلمي اظافر الملك، وقد افترض البعض انهم اول ثنائي مثلي الجنس في التاريخ و كان المجتمع متقبل علاقتهم، و إن صح هذا فهو يدل علي تفتح عقلية المصريين القدماء و تقبلهم للأخر، و الأسباب التي دفعت إلي هذا الظن عبارة عن بعض المناظر في مقبرتهم و التي تصورهم متعانقين بحنان و حب، كذلك مناظر تصورهم و هم علي وشك تقبيل بعضهم كما ان صورة خنوم-حتب صورت بأستخدام عناصر كانت تستخدم في تمثيل الزوجات في فن هذه الفترة و من هذه العناصر شم زهرة اللوتس (و هي رمز للجنس و الحب كما ذكرنا من قبل) و الوقوف علي يسار الذكر، إلا أن الأراء المعارضة لهذه الفكرة تتخذ مناظر الزوجات و الأطفال الذين صوروا بحجم اصغر في المقبرة حجة ضد مثليتهم المحتملة و افترضوا انهم ربما يكونوا اخوين، ووصل بالبعض ان افترضوا انهم كانوا تؤم ملتصق.
إذا فهل تقبل المجتمع المصري المثلية الجنسية بين الرجال ؟؟؟ في الحقيقة و علي الرغم ما توحي به مقبرة خنوم حتب و ني عنخ خنوم من أن الأجابة هي نعم إلا انه توجد قرائن ظهرت في عصور احدث تجيب بالنفي و من هذه القرائن المصطلحات التي عبرت عن المثلية في اللغة المصرية القديمة في عصورها المتأخرة، فمثلا استعمل المصريون كلمة (mỉwḥ) (حميو) و التي تعني (الذين يديرون ظهورهم) و هي كلمة كانت تطلق ايضا علي الخونة و الجبناء، كذلك استعمل المصريون كلمة (nkkw) و التي تعني (الرجال المنكوحين) أو (“متناكين” بلغتنا المصرية الحديثة، و هذه الكلمة بمشتقاتها الكثيرة دخلت العربية الفصحي و كذلك مازالت تستخدم في لغتنا المصرية الحالية بغرض السباب و الأهانة)، و لكن إذا نظرنا إلي هذه المصطلحات بأمعان فسنجد انها تتناول الشريك السلبي في العلاقة الجنسية بين الرجلين و لا تمس الشريك الأيجابي و بناءا عليه فيمكن ان نفترض ان الأحتقار لم يكن موجه لفكرة المثلية بالعموم مثلما هو موجه إلي فكرة السلبية الجنسية للرجل في هذه العلاقة، و يؤيد هذا الرأي ما رأيناه في قصة حورس و ست التي ذكرناها فيما سبق، فإذا تأملنا هذه القصة نجد أن ست لم يكن خجلا من فكرة انه “نكح” حورس، و كذلك حورس لم يهتم بنفي وقوع الممارسة الجنسية بينه و بين عمه و لكنه اهتم بنفي كونه الطرف السالب في هذه العلاقة، و اخيرا رأينا أن ست قد اصبح مثار سخرية الألهة ليس لأنه قد قام بممارسة الجنس مع ذكر و لكن لأن الأدلة اثبتت انه كان الطرف السالب في العلاقة، يؤيد هذه الفكرة ايضا ما نراه حاليا إلي حدا ما في المجتمع المصري المعاصر من عدم تحرج بعض الشباب المصري (خصوصا من العاملين في مجال السياحة و الفنادق) من الأعتراف أنه قد اقام علاقة جنسية مع رجل طالما كان هو الطرف الأيجابي بها و بالتأكيد فأن هذا بسبب الترسبات الثقافية التي ظلت حية في عادات و تقاليد المجتمع المصري منذ الاف السنين، و من الواضح جدا من هذه الدلائل ان المصريين قد احتقروا الطرف السالب في العملية الجنسية المثلية علي الأقل في العصور الحديثة من تاريخ مصر القديمة (ابتداءا من الدولة الحديثة) علي الرغم مما يبدو من تقبلهم لها في عصر الدولة القديمة، و السبب في هذا ربما يكون راجع إلي أن مصر اصبحت مركز لأمبراطورية شاسعة في هذه الفترة و احتكت بالعديد من الحضارات و الثقافات المختلفة التي ربما كانت تحتقر المثلية و بالتالي اثرت علي ثقافة المصريين من هذه الناحية.
كذلك عرف السحاق بين النساء الا ان الأدلة عليه قليلة جدا احدهما هي نسخة من كتاب الموتي لسيدة من العصر المتأخر تدعو “نيست-نب-تاشيرو” (970 ق.م تقريبا) و التي يذكر فيها علي لسان المدعوة “انها لم تمارس ابد الجنس مع امرأة في المعبد” و لكن من الواضح هنا ان هذا خطأ في النسخ لأن الناسخ قام بنسخ البردية من نسخة خاصة بذكر، و ايضا اتي ذكر السحاق في ما يعرف بأسم كتاب الأحلام من العصر المتأخر (بردية كارلسبرج رقم 13) و فيها معاتبة لأمرأة لأنها حلمت بأنها تمارس الجنس مع إمرأة متزوجة، و تري عالمة المصريات “كاسيا سباكوسكا” إن النص قام بتجريم الخيانة الزوجية و لم يقم بتجريم فعل السحاق بشكل عام و ذلك يعطي احتمال أن السحاق كان إلي حد ما متقبل في المجتمع المصري، و كذلك توجد بعض المناظر التي رجح البعض انها تمثل نساء متعانقات و يلعبون برموز جنسية إلا ان هذه المناظر ربما يخضع تفسيرها لوجهة نظر الناظر اليها و ليست مؤكدة، كذلك افترض البعض وجود مشاهد حميمية بين النساء في فن العمارنة إلا أن هذا الفن يصعب فيه التمييز بين الرجال و النساء و ذلك لجمع مظاهر الذكورة و الأنوثة في الشخصيات لأسباب اشرت اليها سابقا.
بالنسبة للجنس بين الأقارب فأنه لم يكن ممارسة شائعة في مصر القديمة بين العوام و لكنه كان موجود في الأساطير بين الألهة و في الطبقة الملكية حيث كان الملك يتزوج في الكثير من الأحيان من اخته او ابنته و لهذا اسباب اختلف عليها المتخصصين فمنهم من قال بأن الدم الملكي كان ينتقل عبر الأناث و ليس الذكور في الفكر المصري القديم و لهذا كانوا يتزوجون من ذوات الدم الملكي للمحافظة علي استمرار الدم الملكي و الرأي الأخر يرجح انه كان تشبها من الملك بالألهة لأن المك كان اله علي الأرض و الألهة المصرية مارست الزواج من الأخت علي نطاق واسع كما وصلنا من الأساطير المصرية مثل زواج شو من اخته تفنوت و زواج جب من اخته نوت و وزاج اوزيريس من اخته ايزيس و زواج ست من اخته نفتيس….إلخ. كذلك عرفت الطبقة المالكة تعدد الزوجات و لكن لم تصلنا مصادر تؤكد او تنفي تعدد الزوجات عند عامة المصريين بشكل اكيد و لكن الشواهد ترجح انها كانت موجودة الا انها لم تكن مستحبة.
طرق علاج الضعف الجنسي و وسائل منع الحمل :
حينما كانت تفتر العلاقات الجنسية بين الأزواج فأنهم كانوا يلجئون إلي الطب و السحر معا و اغالبا ما كانوا يخلطون الأثنين و من هذا القبيل نذكر احدي تعويذات نصوص التوابيت التي ازدهرت في الدولة الوسطي و التي تصف نفسها بأن “أي رجل سيعرفها سيكون قادر علي ممارسة الجنس علي الأرض ليلا و نهارا، و سوف تهوي اليه قلوب النساء في اي وقت يختاره” (التعويذة رقم 426)، كذلك وصف طبيب في الدولة الحديثة علاج للضعف الجنسي عبارة عن كمادات للقضيب تتكون من اوراق شجر الزعرور و صمغ عربي مخلوط بالعسل، و ظهرت في القرن الثالث قبل الميلاد وصفة سحرية لتجعل المرأة تحب زوجها مكونة من جذور السنط منقوعة بالعسل، و نفس البردية تحتوي علي العديد من الوصفات للتلاعب بمشاعر الأنثي سواء للحصول علي حبها او التفرقة بين الأزواج.
من اهم الأدلة علي اهتمام المصريين القدماء بالجنس من اجل المتعة و ليس فقط انجاب الأطفال، هو ابتكارهم لبعض الوسائل الفعالة لمنع الحمل، و كانت احدي هذه الطرق عبارة عن خلط روث التمساح بالصمغ ببذور السنط و العسل و بذور الصوف المبللة يصنع منها لبوس يتم وضعه في المهبل، و ذكرت هذه الطريقة في بردية ايبرس الطبية و ربما كانت ناجحة فعلا حيث أن معدل الحموضة العالية الموجود في روث التمساح ربما يقوم بقتل الحيوانات المنوية مما يمنع الحمل، و تجدر الأشارة إلي مدي رقي الفكر المصري الذي نستشفه من اكتشاف وسائل لمنع الحمل في حين أن الحضارات المجاورة كانت مازالت تتعامل مع ولادة الأطفال علي انها هبة الهية يعطيها او يمنعها الأله و لا يمكن لأحد أن يتدخل في منعها اذا اعطاها الأله أو منحها اذا منعها الأله و مازال هذا سائدا حتي اليوم في الكثير من المجتمعات علي الرغم من التطور الطبي الذي نعيشه حاليا بمقاييس المجتمعات القديمة و هذا ان دل علي شيئ فانه يدل علي ان اسباب التخلف و التحضر ليست بالضرورة متعلقة بالتقدم العلمي مثلما هي متعلقة برقي فكر اصحاب المجتمع حتي ولو افتقروا إلي التقدم العلمي و التكنولوجي.
الخلاصة :
نستخلص من هذا البحث العديد من النقاط اهمها :
علي الرغم من اهتمام المصريين بالدين و العالم الأخر إلا انهم تمتعوا بحياتهم الدنيا علي اكمل وجه فهم عرفوا الجنس و المشروبات الروحية و الموسيقي، و كل هذا ساهم في جعل حياتهم اليومية سهلة و خالية من العقد الأمر الذي كان له اكبر الأثر في بناء حضارتهم العظيمة.
لم يكن عامة المصريين متزمتين تماما كما قد توحي الينا المناظر التي تمثل النبلاء علي جدران مقابرهم و معابدهم بل كانوا علي قدر كبير من التحرر.
تمتع المصريون بالجنس بشكل في غاية الرقي و التقدم يفوق ما نراه اليوم في مجتمعاتنا المعاصرة و منها المجتمع المصري نفسه الذي مازال ينظر الي الجنس علي انه من التابوهات المحرمة و يسعي الي تغطية المرأة من رأسها إلي اخمص اقدامها حتي لا تثيره جنسيا، و من مظاهر هذا التمتع بالجنس انهم ابتكروا العديد من الأوضاع الجنسية المختلفة لزيادة المتعة و كسر الرتابة مثل الأوضاع الخلفية ووضع الفارسة و غيرهم كثيرا.
كانت المرأة لا تتحرج من لعب دور فعال في العملية الجنسية و تطلب اشباعها جنسيا و هذا ما نراه بوضوح في بعض مشاهد بردية تورين، حينما نري رجل يقوم بنفسه بامتاع امرأة باستخدام لعبة جنسية و نري اخري تمسك قضيب رجل لتدخله بنفسها في مهبلها ، و هذا يدل علي ان النساء كانت متساوية من ناحية الحقوق الجنسية مع الرجل علي عكس ماهي عليه حاليا في مجتمعاتنا من كونها مجرد اداة لمتعة الرجل حتي لو علي حساب متعتها هي.
كان المجتمع المصري اكثر تقبلا للأخر كما نري من خلال قضية المثلية الجنسية و خصوصا مقبرة خنوم حتب و ني عنخ خنوم، و للأسف فقد تغير هذا الأمر ابتداءا من عصر الدولة الحديثة.
تمتع المصري القديم بوعي غاية في النضج، حيث سعي الي اكتشاف علاجات ووسائل لمنع الحمل حتي يحقق متعته الجنسية بدون ان يسبب مشاكل اقتصادية لنفسه و اسرته تنتج عن تراكم الأنجاب و زيادة عدد المواليد، و من العجيب اننا مازلنا نعاني من مشاكل الأنفجار السكاني حاليا علي الرغم من امتلاك اجدادنا للوعي الكافي لعدم التسبب في هذه المشكلة منذ الاف السنين.
المصادر :
Donald B. Redford, The Oxford Encyclopedia of Ancient Egypt, Volume.1, Article about “Erotica in Ancient Egypt” By Lise Manniche, Oxford, 2001
Ian Shaw & Paul Nicholson, The British Museum Dictionary of Ancient Egypt, The American University in Cairo Press, Cairo, 2002
Carolyn Graves Brown, Dancing for Hathor Women in Ancient Egypt, Continuum Books, U.K, 2010
Sex in the Ancient World – Egypt, A 2009 Documentary By History Channel
.