المواقف المستقلة لها أثمانها الباهظة في الأوطان، التي لا تحب المثقف إلا تابعا متملقا أو تابعا صامتا. كان طه حسين يعلم تلك الحقيقة جيدا، ومع ذلك لم يبال بغضب حاكم مصر الملك فؤاد عليه، لأنه جاهر بالمطالبة بالدستور والحياة الديمقراطية، وهو ما جعل موقف الملك منه يتغير، ليقول لمدير المتحف المصري...
"متى جاء تحريم الهوى عن محمد = وهل مَنعُهُ فى مُحكمِ الذِّكر ثابتُ
إذا لم أواقِع محرمًا أتّقي بهِ = مجيئي يوم البعثِ والوجهُ باهت
فلست أبالي في الهوى قول لائمٍ = سواء لعَمري جاهر ومخافت
وهل يلزم الإنسان إلا اختيارهُ = وهل بخبايا اللفظ يؤخذ ساكت"
لم يكتب العلامة علي بن حزم الأندلسي هذه...
قال لي إنه يعمل في الأوبرا، وإنه واحد من الكورال الذي اشترك في غناء أوبرا عايدة، أكثر من مرة، وأنه سيحال على المعاش في العام المقبل، ومن دون أن أسأل، قال لي بحرقة إنه يعمل على التاكسي، ليس لأنه مضطر مادياً، بل لأنه يحب اللف في الشوارع جداً، كما أنه، من حين إلى آخر، يتدرب على الزبائن كسميعة...