تنتهي اليوم زيارتي الطويلة الثالثة الى اسطنبول، "المدينة التي اشتهاها العالم"، ولكن بالنسبة لي فقد تحولت شهوتي لها إلى حب عميق تتكون عناصره من روحانية الشرق ومادية الغرب، لم أشعر به إلا تجاه مدينة حمص، ليس لأنها كانت مدينة هادئة وعاقلة وجميلة بين المدن السورية، وإنما لأنني قرأت تلك الصفات قبل...
أتى الصوت قوياً من الطرف الآخر من البيت: "ميخاييل روح اطفي النار تحت القهوة". كان هذا صوت زوجتي آمراًلا يقبل اعتراضاً ككل مستبد، وكنت وراء الكمبيوتر أكتب شتيمة لأحد " الفيسبوكيين" الذي يتفوّق علي بحصد " اللايكات".
ولأنني لا أريد أن أنسى الكلمات التي تعبت بلطشها من هذا البوست وذاك، وأنا أتجول...
بعد مضي ثلاث سنوات على هجرتي، التي كان من أبرز معالمها اتساع دائرة أحلام اليقظة، وتعلم الفرنسية على هوامش تلك الدائرة، قررت أن الوقت قد حان للتقدم خطوة ثانية في “حقل” التأقلم مع المجتمع الجديد، فلغتي الفرنسية أصبحت قادرة على مساعدتي في مغازلة “خلبية” لصبية شقراء، ولكن خلو جيبي من النقود كان يقود...
على عادة التجار المفلسين الذي يعودون لدفاترهم القديمة، للبحث عن “دَين” لم يُسدده أحد المدينين، هكذا أنا هذه الأيام، كلما مرت حادثة أكبر من قدرتي على تحملها نفسيًا وعاطفيًا، عُدت للبحث عن فيلم سينمائي أهدر فيه عواطفي وأحلامي الضائعة، وأعلق عليه آمالي التي تكاد تنطفىء.
عشنا في حياتنا القصيرة...
لم أكن في أي يوم من أيام حياتي ضد الكلاب، ولا ضد أي نوع من أنواع الحيوانات، وخاصة بعد أن استوطن حينا أسد، ولكن أن ترى الحيوانات في الشارع أو حديقة الحيوان وتكون لطيفاً معها شيء، وأن تجد هذا الحيوان في بيتك شيء آخر. فقد عدت أحد الأيام من عملي مساء، لأجد الأسرة مجتمعة حول جرو صغير لم يكن يتجاوز...
ليس المقصود من هذا العنوان الحديث عن أهمية هوامش رسائل الماجستير والدكتوراة في البحوث العلمية، رغم أن المقصود ليس بعيداً عن ذلك بمعناه العام. وليس مقصوداً منه الإشارة الى هوامش الكتب والدفاتر التي تعلمنا منذ صغرنا احترامها، رغم عدم معرفتنا لأهمية وضعها في هذا المكان، مع فراغات البياض في أسفل...
كان عمري خمسة عشر عاما عندما قررت الهجرة الى مدينة أحلامي بيروت. كنت قد عرفت من أصدقائي في الاعدادية أنهم يذهبون مع أهاليهم أو لوحدهم للعمل في موسم الصيف، في لبنان، في المطاعم او الحقول، وكنت أعرف بيروت عن ظهر قلب؛ شوارعها، باراتها، مقاهيها، مواعيد العشاق فيها وأماكن تواجدهم، كانت قصص بيروت...
١-
خريف ١٩٧٦، سجن حماه المدني، في ساحة التنفس. كان الشاب العشريني يجلس القرفصاء وحيدا في الشمس، ساندا ظهره الى الجدار، وكان السجناء يمرون من أمامه دون أن يتوقف أحد منهم ليتحدث معه. كانت جريمته غير مقبولة حتى وهو بين قتلة ولصوص ومغتصبي نساء وأطفال، وما فعله غير مبرر بنظر كل السجناء القضائيين...
لم يكن إقدام سورية لاجئة في المانيا، على قتل طفليها (٢و٤ سنوات) طعنا بالسكين، هو الخبر المفجع الوحيد في حياة اللاجئين السوريين. فهناك رجل سوري لاجىء أيضا، طعن زوجته الشابة بالسكين حتى الموت. كما أن هناك قصصاً شفوية كثيرة عن حالات الطلاق بين السوريين اللاجئين الى لبنان والاردن وتركيا ومصر،...
قبل وصولي إلى كندا عام 1989، كنت أظن أن السفر من مدينة حمص إلى مدينة حماة، مغامرة، تحتاج إلى مشروع وخطة وميزانية وكتابة وصية. فلقطع مسافة خمسين كيلومترًا بين المدينتين قد نحتاج إلى زمن يصل أحيانًا إلى ساعتين، وذلك بحسب عمر السيارة ونوعية السائق وعدد الركاب الذين يتجاوزون ضعف العدد الطبيعي الذي...
في اعتراف، لن يترتب الآن عليه ارتكاب جريمة شرف، في قريتنا على الأقل، قالت لي قريبة من الدرجة الثالثة، حسب شجرة النسب الذكوري: إنها تزوجت قريبها بسبب “بوسة” قبل الزواج، ولولا الخوف من الفضيحة الاجتماعية والحمل، لأن كل بنات جيلها في القرية كن يعتقدن أن القبلة، حتى لو كانت على الخدين، قد تؤدي إلى...
ميخائيل سعد
- كاتب سوري
- ليسانس أدب عربي
- معتقل سياسي سابق
- سكرتير تحرير مجلة "المصباح" البيروتية الثقافية الأسبوعية
- مؤسس ورئيس تحرير مجلة أرابسك الصادرة عن مركز الدراسات العربية في مونتريال
- له العديد من المساهمات في الصحافة العربية.