ألقى الشيخ درسه بعد صلاة العشاء، وسادت حالة من السكون بين الجالسين، وفجأة قطع الشيخ حديثه، وسكت لبعض الوقت، ووضع كفيه على الحائط، ثم حركهما بشكل دائرى من اليسارإلى اليمين، حتى سقطت بضع ذرات من التراب على جلبابه الأبيض، لكنه لم يعبأ بها، وأطبق جفنيه فالتقى رمشاه بعد جفاء دونما عناق، حتى بان لى بياض عينيه الناصع وسوادهما القاتم من بين شعيراتهما، ثم فتح عينيه ورفع حاجبيه إلى أعلى، فرأيت فيهما سعة البحر وغضبه، وشعرت كأن موجًا هادرًا يقبل من بعيد، خفت أن أغوص فيه فرددت عينّى عنه بسرعة، ولم يقطع عنى خوفى سوى كلمات تمتم الشيخ بها، دون أن يحرك شفتيه، حتى اعتقدت أن شخصًا آخر هو الذى يتحدث، ثم انتفض جسدى من فوق الأرض بعدما طرق الشيخ الحائط بعنف، فسقطت قطعة من ملاطه الطينى فوق فخذيه، بعدها وضع كفيه فوق الأخرى فتشابكت أصابعه، ثم رفعها إلى شفتيه، ونفخ فيهما نفخة سمع زفيرها من بالخارج وتمتم بكلمات جديدة حرك فيها شفتيه، وراح يشم يده اليمنى ففاحت رائحة مسك لم أشمه يوما ما، ثم نطق قائلا: ما أجمل هذا المسك الفواح!
هلل الجالسون الله عليك ياشيخ سعيد.. الله ياشيخ الله الله.. والتحموا ككتلة واحدة ألقت بنفسها فوقه، كى يشتموا عطره ويقبلوا يده، حتى سقطتُ تحت أرجلهم، فأشار بيده وكأنه يصنع حولى دائرة، فوجدتهم يتساقطون بعيدا عنى، فزاد خوفى واشتدت حيرتى، رأيته يتفحصنى وقرأ علامات الخوف المرسومة بين جبينى، فتبسم لى ضاحكا، وقتها بدأت أشعر بقدر من الأمان، وجدتنى أذوب فى نشوة العطرالذى لم أسمع عنه إلا عند وصف الجنة، أو الكعبة الشريفة، ثم نظرت إليه نظرة جاهل يطلب المعرفة، وسائل ينتظر الجواب، وكلى رغبة فى معرفة الحقيقة، فرد نظرتى بنظرة العالم الواثق، وأومأ برأسه ففهمت المعنى، وارتاحت نفسى بعض الشىء، وأخذت نفسًا عميقًا من العطر، فنسيت نفسى والشيخ سعيد ولغط الحاضرين.
أوشك عقد الليل أن ينفرط، ولاح فى الأفق شعاع من النور، ظهر خلف الشباك الحديدى المكسو بالبلاستيك، كى يمنع برد الشتاء عن المريدين والأتباع، الذين أيقنوا اقتراب الفجر، فزادت أصوات التثاؤب، واشتدت عندهم رغبة النوم، التى لم يؤخرها إلا نوادر الشيخ التى لا تنتهى، وقفشاته التى لا تخلو من الحكمة دائمًا.
حتى قرر الشيخ أن تنتهى الليلة عند هذا القدر، بعدما تسربل الجمع من بين يديه، مع سماع قرآن الفجر واقتراب رفع الأذان، وكأن عقارب لدغتهم، فناموا كالأموات بين يديه، يتخطفون غطاء الصوف من شدة البرد.
أما أنا وما رأيت وسمعت فى ليلتى، فكان أكبر من أن يقهره النوم، الذى ولى ولم يداعب جفونى، حتى سبحت أشعة الشمس فى المكان، فاخترقت جدار نومى الرقيق، وأفقت على قدم تركلنى! إنها قدم غليظة والركلة ليست عادية، يبدو أن الأمر جد خطير، استيقظت واقفًا، ومسحت وجهى بكلتا يدى، كى أنفض عنهما أثار النوم الذى لم يكتمل، فرأيت الجميع مجرد خيالات، ودوار رأسى كاد يسقطنى على الأرض، فأسرعت وأخذت نفسا عميقا، من ذلك العطر الذى ما زال فى يدى يزكى أنفى ويملأ المكان، ثم أخذت نفسا أعمق، حتى أفقت تماما، ووجدت الكل واقفا والوجوم يسود المكان، وقطع حالة السكون صوت الشيخ وهو ينادى علىّ أن أفق أيها الصبى، فتيقنت أن هناك أمراً جللا، وبدأ يتفحص الوجوه، وكأنه يقرأ ما تخفيه العقول وتحويه القلوب، ويتمتم كعادته بكلماته غيرالمفهومة، اضطربت بعض الشىء، ثم ارتجف جسدى، وتبادلت أقدامى اللكمات، عندما اقترب منى فبحلق بعمق داخل عينىّ، فكدت أن أسقط بين يديه مغشيا علىّ، ثم قال لى بصوت حاد: كيف تجرؤ؟ قلت له على ماذا؟ أنا لم أفعل شيئا يغضبك، وكيف أجرؤ على ذلك وهذه أول ليلة لى فى حضرتك، قال: أنت لص سارق، سرقت ثلاثة جنيهات من سيالة شيخك وهو نائم، قلت: لا لم أفعل؟ قال: المية تكدب الغطاس أخرج ما فى جيبك، ترددت بعض الشىء، وبدأ الشك يسلبنى الأمان، وتحسست جيبى بيدى اليسرى، فذادت دهشتى، ثم وضعت اليمنى داخل الجيب على مضض، أخرجتها بسرعة بعدما وجدت النقود، وأنا لا أعرف كيف وصلت لجيبى ومن وضعها، فتصبب العرق من وجهى حتى غسله، وسقط شعرى المنكوش مع تساقط العرق، فوضع الشيخ يده فى جيبى وأخرج منها الجنيهات الثلاثة، فصرخت مذعورا: لم أسرق شيئا! لا أعرف ما حدث! فألقى بالجنيهات على الأرض، وكانت الصاعقة بعدما تحولت النقود إلى أفاعى تجرى وسط الجمع الذى تفرق فى لمح البصر، كما اختفت الأفاعى إلى أين؟ وكيف؟ لا أدرى وما عدت أرى لها وللنقود أثرًا.
ضحك الشيخ بصوت عال، ودعانى لجواره، ثم وضع يديه فوق كتفى، وغاص بأصابعه فى لحمى، ولف يده حول رأسى فعصرها، وتمتم بكلمات لم أفهم منها شيئا كالعادة، فأيقنت أن الأمر مر بسلام، وبدأ الجمع يعود فرادى، فقال لهم الشيخ سعيد: هذه إحدى الكرامات والعلامات التى لا تتأتى إلا للقليلين، ردوا: لقد أفزعتنا ياشيخ والآن نحن جوعى ونريد الطعام، وانطلق شخص سمين يقول: يامولانا نريد "لحمة وفتة ومرقة"، وقال آخر نريد سجائر ودخانًا، فقال الشيخ من أراد الطعام فليطلبه، ادعوا معى وقولوا "ياعزيز ارزقنا بالأكل اللذيذ- يارءوف ارزقنا بالرزف والخروف" فدعوا بصوت سمعه سكان القرية بأكملها، ودعوت معهم بصوت مهزوز، وزادت حيرتى وغربتى، وشعرت أنى أحيا حياة غير التى عشتها من قبل، وقلت لنفسى هل تركت الأرض وطرت إلى السماء، وبينما أنا أهذى، إذا بسيدة تدخل وتحمل فوق رأسها صينية كبيرة فوقها خروف محمر، وتقول: هذا نذر ياسيدنا، ادع لبنتى ربنا يكمل حملها على خير.
هجم الجائعون على الخروف، فنهرهم الشيخ، وأكل قطعة ملبسة من اللحم والدهن معا، والكل ينظر إليه وينتظر أمر الهجوم، لكنه نظر إلىّ وحدى ودعانى أن أقبل، فجلست إلى جواره فأطعمنى بيده، وقال لى ُكل ما يسقط منى فهو شفاء لك من أدران دنياك فى الخارج، فاغتاظ الجميع من ذلك الصبى المدلل عند الشيخ، والذى يبدو أنه قد حاز على حبه، وسيكون له شأن معه، انتهى الشيخ وانتهيت معه، وكأنى لم آكل فى حياتى من قبل، وشعرت بطعم آخر كالمسك الذى مازال فى يدى، وحييت فى سعادة غريبة مازلت أحيا معها حتى اليوم، بعد أن منحنى الشيخ عهده، ومن على بخلافته بعدما فارق الدنيا، وفارقت قلبى الفرحة من بعده، ولم يخفف عنى آلامى سوى قدومه فوق رأسى كل ليلة فى المنام، يذكرنى بالعهد، وأسأله فيجيبنى، وأنفذ أمره دون أن أناقش أو أفهم، كما كان يفعل معى فى الدنيا، وما زال مسك أول ليلة رأيته فيها بين يدى، أشمه ويشمه منى كل مريدينى، ولكن هذه الليلة ليست كلكل الليالى التى مضت، فقد أتانى شيخى ليس بهيئته، ولا طلته ولا عادته، وقال لى "عد للوراء خمسين عامًا وابدأ من جديد"، لم أفهم معنى ما يقوله الشيخ لأول مرة، واستيقظت والصداع يكاد يشق رأسى، ثم فركت عينىّ بكلتا يدىّ كعادتى، ومسحت وجهى بكفى كى أزيل عنه آثار النوم، شىء غريب لقد زالت من يدى رائحة المسك ولم أعد أشمها، أدركت أن مفعوله قد انتهى إلى الأبد، وصار كالمسك المغشوش يطير فى الهواء، ففهمت الرسالة وعلمت أن تاجى قد سقط عنى، وعلمت أن عهد الشيخ لى قد انتهى، والولاية قد انتزعت منى، فنفذت أمر الشيخ للمرة الأخيرة، وتركت حياتى وعدت إلى حياة الناس، وبدأت من جديد، وأيقنت أننا فى وسط الطريق لابد أن ننظر خلفنا، فقد نجد أشياء قد سقطت منا دون أن ندرى، ونحتاج إلى التقاطها كى نكمل المسير، وأيقنت أننا فى وسط الطريق نحتاج إلى مراجعة الخرائط كى نصل لبر الأمان، وأيقنت أننا فى وسط الطريق نحتاج بعض الوقت لمراجعة النفس والتقاط الأنفاس.
هلل الجالسون الله عليك ياشيخ سعيد.. الله ياشيخ الله الله.. والتحموا ككتلة واحدة ألقت بنفسها فوقه، كى يشتموا عطره ويقبلوا يده، حتى سقطتُ تحت أرجلهم، فأشار بيده وكأنه يصنع حولى دائرة، فوجدتهم يتساقطون بعيدا عنى، فزاد خوفى واشتدت حيرتى، رأيته يتفحصنى وقرأ علامات الخوف المرسومة بين جبينى، فتبسم لى ضاحكا، وقتها بدأت أشعر بقدر من الأمان، وجدتنى أذوب فى نشوة العطرالذى لم أسمع عنه إلا عند وصف الجنة، أو الكعبة الشريفة، ثم نظرت إليه نظرة جاهل يطلب المعرفة، وسائل ينتظر الجواب، وكلى رغبة فى معرفة الحقيقة، فرد نظرتى بنظرة العالم الواثق، وأومأ برأسه ففهمت المعنى، وارتاحت نفسى بعض الشىء، وأخذت نفسًا عميقًا من العطر، فنسيت نفسى والشيخ سعيد ولغط الحاضرين.
أوشك عقد الليل أن ينفرط، ولاح فى الأفق شعاع من النور، ظهر خلف الشباك الحديدى المكسو بالبلاستيك، كى يمنع برد الشتاء عن المريدين والأتباع، الذين أيقنوا اقتراب الفجر، فزادت أصوات التثاؤب، واشتدت عندهم رغبة النوم، التى لم يؤخرها إلا نوادر الشيخ التى لا تنتهى، وقفشاته التى لا تخلو من الحكمة دائمًا.
حتى قرر الشيخ أن تنتهى الليلة عند هذا القدر، بعدما تسربل الجمع من بين يديه، مع سماع قرآن الفجر واقتراب رفع الأذان، وكأن عقارب لدغتهم، فناموا كالأموات بين يديه، يتخطفون غطاء الصوف من شدة البرد.
أما أنا وما رأيت وسمعت فى ليلتى، فكان أكبر من أن يقهره النوم، الذى ولى ولم يداعب جفونى، حتى سبحت أشعة الشمس فى المكان، فاخترقت جدار نومى الرقيق، وأفقت على قدم تركلنى! إنها قدم غليظة والركلة ليست عادية، يبدو أن الأمر جد خطير، استيقظت واقفًا، ومسحت وجهى بكلتا يدى، كى أنفض عنهما أثار النوم الذى لم يكتمل، فرأيت الجميع مجرد خيالات، ودوار رأسى كاد يسقطنى على الأرض، فأسرعت وأخذت نفسا عميقا، من ذلك العطر الذى ما زال فى يدى يزكى أنفى ويملأ المكان، ثم أخذت نفسا أعمق، حتى أفقت تماما، ووجدت الكل واقفا والوجوم يسود المكان، وقطع حالة السكون صوت الشيخ وهو ينادى علىّ أن أفق أيها الصبى، فتيقنت أن هناك أمراً جللا، وبدأ يتفحص الوجوه، وكأنه يقرأ ما تخفيه العقول وتحويه القلوب، ويتمتم كعادته بكلماته غيرالمفهومة، اضطربت بعض الشىء، ثم ارتجف جسدى، وتبادلت أقدامى اللكمات، عندما اقترب منى فبحلق بعمق داخل عينىّ، فكدت أن أسقط بين يديه مغشيا علىّ، ثم قال لى بصوت حاد: كيف تجرؤ؟ قلت له على ماذا؟ أنا لم أفعل شيئا يغضبك، وكيف أجرؤ على ذلك وهذه أول ليلة لى فى حضرتك، قال: أنت لص سارق، سرقت ثلاثة جنيهات من سيالة شيخك وهو نائم، قلت: لا لم أفعل؟ قال: المية تكدب الغطاس أخرج ما فى جيبك، ترددت بعض الشىء، وبدأ الشك يسلبنى الأمان، وتحسست جيبى بيدى اليسرى، فذادت دهشتى، ثم وضعت اليمنى داخل الجيب على مضض، أخرجتها بسرعة بعدما وجدت النقود، وأنا لا أعرف كيف وصلت لجيبى ومن وضعها، فتصبب العرق من وجهى حتى غسله، وسقط شعرى المنكوش مع تساقط العرق، فوضع الشيخ يده فى جيبى وأخرج منها الجنيهات الثلاثة، فصرخت مذعورا: لم أسرق شيئا! لا أعرف ما حدث! فألقى بالجنيهات على الأرض، وكانت الصاعقة بعدما تحولت النقود إلى أفاعى تجرى وسط الجمع الذى تفرق فى لمح البصر، كما اختفت الأفاعى إلى أين؟ وكيف؟ لا أدرى وما عدت أرى لها وللنقود أثرًا.
ضحك الشيخ بصوت عال، ودعانى لجواره، ثم وضع يديه فوق كتفى، وغاص بأصابعه فى لحمى، ولف يده حول رأسى فعصرها، وتمتم بكلمات لم أفهم منها شيئا كالعادة، فأيقنت أن الأمر مر بسلام، وبدأ الجمع يعود فرادى، فقال لهم الشيخ سعيد: هذه إحدى الكرامات والعلامات التى لا تتأتى إلا للقليلين، ردوا: لقد أفزعتنا ياشيخ والآن نحن جوعى ونريد الطعام، وانطلق شخص سمين يقول: يامولانا نريد "لحمة وفتة ومرقة"، وقال آخر نريد سجائر ودخانًا، فقال الشيخ من أراد الطعام فليطلبه، ادعوا معى وقولوا "ياعزيز ارزقنا بالأكل اللذيذ- يارءوف ارزقنا بالرزف والخروف" فدعوا بصوت سمعه سكان القرية بأكملها، ودعوت معهم بصوت مهزوز، وزادت حيرتى وغربتى، وشعرت أنى أحيا حياة غير التى عشتها من قبل، وقلت لنفسى هل تركت الأرض وطرت إلى السماء، وبينما أنا أهذى، إذا بسيدة تدخل وتحمل فوق رأسها صينية كبيرة فوقها خروف محمر، وتقول: هذا نذر ياسيدنا، ادع لبنتى ربنا يكمل حملها على خير.
هجم الجائعون على الخروف، فنهرهم الشيخ، وأكل قطعة ملبسة من اللحم والدهن معا، والكل ينظر إليه وينتظر أمر الهجوم، لكنه نظر إلىّ وحدى ودعانى أن أقبل، فجلست إلى جواره فأطعمنى بيده، وقال لى ُكل ما يسقط منى فهو شفاء لك من أدران دنياك فى الخارج، فاغتاظ الجميع من ذلك الصبى المدلل عند الشيخ، والذى يبدو أنه قد حاز على حبه، وسيكون له شأن معه، انتهى الشيخ وانتهيت معه، وكأنى لم آكل فى حياتى من قبل، وشعرت بطعم آخر كالمسك الذى مازال فى يدى، وحييت فى سعادة غريبة مازلت أحيا معها حتى اليوم، بعد أن منحنى الشيخ عهده، ومن على بخلافته بعدما فارق الدنيا، وفارقت قلبى الفرحة من بعده، ولم يخفف عنى آلامى سوى قدومه فوق رأسى كل ليلة فى المنام، يذكرنى بالعهد، وأسأله فيجيبنى، وأنفذ أمره دون أن أناقش أو أفهم، كما كان يفعل معى فى الدنيا، وما زال مسك أول ليلة رأيته فيها بين يدى، أشمه ويشمه منى كل مريدينى، ولكن هذه الليلة ليست كلكل الليالى التى مضت، فقد أتانى شيخى ليس بهيئته، ولا طلته ولا عادته، وقال لى "عد للوراء خمسين عامًا وابدأ من جديد"، لم أفهم معنى ما يقوله الشيخ لأول مرة، واستيقظت والصداع يكاد يشق رأسى، ثم فركت عينىّ بكلتا يدىّ كعادتى، ومسحت وجهى بكفى كى أزيل عنه آثار النوم، شىء غريب لقد زالت من يدى رائحة المسك ولم أعد أشمها، أدركت أن مفعوله قد انتهى إلى الأبد، وصار كالمسك المغشوش يطير فى الهواء، ففهمت الرسالة وعلمت أن تاجى قد سقط عنى، وعلمت أن عهد الشيخ لى قد انتهى، والولاية قد انتزعت منى، فنفذت أمر الشيخ للمرة الأخيرة، وتركت حياتى وعدت إلى حياة الناس، وبدأت من جديد، وأيقنت أننا فى وسط الطريق لابد أن ننظر خلفنا، فقد نجد أشياء قد سقطت منا دون أن ندرى، ونحتاج إلى التقاطها كى نكمل المسير، وأيقنت أننا فى وسط الطريق نحتاج إلى مراجعة الخرائط كى نصل لبر الأمان، وأيقنت أننا فى وسط الطريق نحتاج بعض الوقت لمراجعة النفس والتقاط الأنفاس.