يكثر في قول المسؤولين وغيرهم في التلفاز وغيره: (ومِنْ ثُمّ) بضم الثاء، ومن ذلك: (هذا الموضوع ذو أهمية ومِنْ ثُمّ يحتاج إلى متابعة) فـ(مِن) حرف جر، و(ثُمّ) حرف عطف يفيد التراخي، وجرّ هذا الحرف خطأ شائع في القول، وصحيح القول: (من ثَمَّ) بفتح الثاء، أي: ومن هناك، و(ثَمَّ) بفتح الثاء اسم إشارة للمكان البعيد، إلا أنهم يضمّون الثاء فيقعون في الخطأ، وقد جاء ذكر هذا الظرف في القرآن الكريم في قوله تعالى فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ[البقرة:115] .
قال الرئيس المصري عدلي منصور بمناسبة إقرار الدستور: (مَن تقررون تسليمه راية الوطن سيكون لديه نفسُ العزمِ وذاتُ الإرادة) . يعتقد بعض اللغويين أنّ تقديم لفظ التوكيد على المؤكَّد لا يجوز، والمقصود به هنا تقديم (نفس) على (العزم)، فيكون بناء هذا الكلام غير صحيح، ويكون صحيح القول: سيكون لديه العزمُ نفسُهُ والإرادةُ ذاتُها . والحقّ أنّ كلام الرئيس جائز، فقد حكى سيبويه عن بعض العرب (نزلت بنفس الجبل)، وقال الجاحظ: (لا بدّ للترجمان أن يكون بيانه في نفس الترجمة في وزن علمه في نفس المعرفة)، وهذا كثير في كتب علمائنا، وذاتُ الشيء: عينه وجوهره وحقيقته ونفسه كما جاء في المعاجم، والتركيبان يفيدان التوكيد أي: تقديم (نفس) أو تأخيرها، ويختلفان في الإعراب، فالأول يُعرب بحسب موقعه من الجملة فتكون كلمة (نفسُ): اسم كان مؤخر مضاف، و(العزم): مضافا إليه، والثاني يُعرب توكيدا معنويا، فتكون كلمة (العزم): اسم كان مؤخرا، و(نفسه): توكيدا معنويّا، ومثله (ذات) .
الفعل (أعاد) يتعدّى بـ(إلى)، ويخطئ مَن يعدِّيه بـ(اللام)، وقد ورد في إحدى الصحف: (أعادت الكويت للعراق...)، وصحيح القول: أعادت الكويت إلى العراق كذا وكذا، بمعنى: أرجعتها وردّتها.
نستعمل كثيرا كلمة (البِداية)، وهناك كتاب مشهورٌ اسمه (البداية والنهاية) لابن كثير الدمشقي، والكلمة شائعة الاستعمال في كل ما يكتب، وحقيقة هذه الكلمة هي من الفعل (بدأ) الذي ينتهي بهمزة، فكان صحيح القول: (البِداءَة) بالهمزة أيضا، مثلما قلنا في (قرأ) قِراءَة، أمّا (البداية) بالياء مكان الهمزة فقد قال العلماء إنها عاميّة، وقيل: لحنٌ وغلط، وقال ابن قطاع: هي لغةٌ أنصارية (بدأت بالشيء وبديت به)، وقد درج بعض الفقهاء على استعمال (البداية) بمعنى الابتداء، وهو لحن عند أهل العربية، وقد أقرها مجمع اللغة العربية في القاهرة ؛ لأنهم قالوا في (قرأت، وتوضأت، وأرجأت ...): قريت، وتوضيت، وأرجيت، فضلا عن شيوعها، ولم يذكرها الخليل ولا الجوهري في الصحاح ولا صاحب القاموس، ولم ترد في المعاجم القديمة، وإذا سمحنا لأنفسنا أن نقول البداية في لغتنا الفصيحة، فيجوز لنا أن نقول في أختها الوزن نفسه، فنقول في (قرأ): قِراية، كما نقولها في العامية اليوم، إلا أنّهم اتفقوا على قول قِراءة، وهو الصواب، وقولنا: بدأ يبدأ بَدْءا، وفي أوّل بَدْء، وعودا على بَدْء، وبداءة أقوى من بداية من حيث إنّ الكلمة لا تقاس على (بدأ) بالهمزة، ولا على (بديتُ) ؛ لأن هذا الاستعمال إنما هو خاص بالفعل الماضي، والفعل المضارع من بدأ هو يَبْدأ، ولا يقال: يَبْدي، ومن ثَمّ لا يقاس عليه فيقال: بِداية، وإنما سمي الكتاب بـ (البداية والنهاية) ؛ لأنهم كانوا مشغوفين بـهذه المقابلات، وكلمة النهاية صحيحة لأنّها غير مهموزة .
د. محمد نوري جواد
قال الرئيس المصري عدلي منصور بمناسبة إقرار الدستور: (مَن تقررون تسليمه راية الوطن سيكون لديه نفسُ العزمِ وذاتُ الإرادة) . يعتقد بعض اللغويين أنّ تقديم لفظ التوكيد على المؤكَّد لا يجوز، والمقصود به هنا تقديم (نفس) على (العزم)، فيكون بناء هذا الكلام غير صحيح، ويكون صحيح القول: سيكون لديه العزمُ نفسُهُ والإرادةُ ذاتُها . والحقّ أنّ كلام الرئيس جائز، فقد حكى سيبويه عن بعض العرب (نزلت بنفس الجبل)، وقال الجاحظ: (لا بدّ للترجمان أن يكون بيانه في نفس الترجمة في وزن علمه في نفس المعرفة)، وهذا كثير في كتب علمائنا، وذاتُ الشيء: عينه وجوهره وحقيقته ونفسه كما جاء في المعاجم، والتركيبان يفيدان التوكيد أي: تقديم (نفس) أو تأخيرها، ويختلفان في الإعراب، فالأول يُعرب بحسب موقعه من الجملة فتكون كلمة (نفسُ): اسم كان مؤخر مضاف، و(العزم): مضافا إليه، والثاني يُعرب توكيدا معنويا، فتكون كلمة (العزم): اسم كان مؤخرا، و(نفسه): توكيدا معنويّا، ومثله (ذات) .
الفعل (أعاد) يتعدّى بـ(إلى)، ويخطئ مَن يعدِّيه بـ(اللام)، وقد ورد في إحدى الصحف: (أعادت الكويت للعراق...)، وصحيح القول: أعادت الكويت إلى العراق كذا وكذا، بمعنى: أرجعتها وردّتها.
نستعمل كثيرا كلمة (البِداية)، وهناك كتاب مشهورٌ اسمه (البداية والنهاية) لابن كثير الدمشقي، والكلمة شائعة الاستعمال في كل ما يكتب، وحقيقة هذه الكلمة هي من الفعل (بدأ) الذي ينتهي بهمزة، فكان صحيح القول: (البِداءَة) بالهمزة أيضا، مثلما قلنا في (قرأ) قِراءَة، أمّا (البداية) بالياء مكان الهمزة فقد قال العلماء إنها عاميّة، وقيل: لحنٌ وغلط، وقال ابن قطاع: هي لغةٌ أنصارية (بدأت بالشيء وبديت به)، وقد درج بعض الفقهاء على استعمال (البداية) بمعنى الابتداء، وهو لحن عند أهل العربية، وقد أقرها مجمع اللغة العربية في القاهرة ؛ لأنهم قالوا في (قرأت، وتوضأت، وأرجأت ...): قريت، وتوضيت، وأرجيت، فضلا عن شيوعها، ولم يذكرها الخليل ولا الجوهري في الصحاح ولا صاحب القاموس، ولم ترد في المعاجم القديمة، وإذا سمحنا لأنفسنا أن نقول البداية في لغتنا الفصيحة، فيجوز لنا أن نقول في أختها الوزن نفسه، فنقول في (قرأ): قِراية، كما نقولها في العامية اليوم، إلا أنّهم اتفقوا على قول قِراءة، وهو الصواب، وقولنا: بدأ يبدأ بَدْءا، وفي أوّل بَدْء، وعودا على بَدْء، وبداءة أقوى من بداية من حيث إنّ الكلمة لا تقاس على (بدأ) بالهمزة، ولا على (بديتُ) ؛ لأن هذا الاستعمال إنما هو خاص بالفعل الماضي، والفعل المضارع من بدأ هو يَبْدأ، ولا يقال: يَبْدي، ومن ثَمّ لا يقاس عليه فيقال: بِداية، وإنما سمي الكتاب بـ (البداية والنهاية) ؛ لأنهم كانوا مشغوفين بـهذه المقابلات، وكلمة النهاية صحيحة لأنّها غير مهموزة .
د. محمد نوري جواد