ما إن خرجت السيارة من ساحة المطار وراحت توغل في رحاب القاهرة حتى رأيته, ومكث يلقاني بنظرته العميقة الحنون تلك, وكان صوته المتمهل الخارج من أعماق فلسفة الإنسان والوجود يغمرني بموجات تجيء وتمضي, فكنت اتعجل لقاءه.
أشجار البونسيانا في أوج تفتح أزهارها الحمراء النارية الهفهافة صارت ارتباطا شرطيا يذكرني به, لهذا كان معي قبل أن أراه, من طريق المطار وبامتداد كورنيش النيل إلى المعادي.
تلك الأشجار في ازدهارها البهي الوارف تستعيد في روحي ذكرى اللقاء الذي كان يوميا مع هذا الرجل النبيل, إذا كنت أعود معه من عملنا المشترك- في مكتب العربي بالقاهرة- إلى المعادي حيث يقيم وأقيم بقربه, يوميا, وعلى مدى سنة ونصف تقريبا, وظلت عودتي معه متعة روحية حرة, ورحيبة, فهو يقود سيارته وأنا إلى جواره, وتتفتح أزهار الأسئلة كما تتفتح أزهار البونسيانا التي تغمر جوانب كورنيش النيل في هذا الجزء من القاهرة, حمراء برتقالية, متوهجة وأليفة وسط خضرة غامرة توحي بالطمأنينة, فكأنها انعكاس لروح الرجل نفسه, الروائي, والقاص, والناقد, المفكر الكاتب الذي تتوهج أفكاره رغم تمهل الكلمات ومودة مداخلها, ثم إن أمانته الإنسانية والفكرية تجعل من الإبحار معه متعة روحية عالية التحليق بعيدة الآفاق, فمن أسئلة الإنسان إلى أسئلة المجتمع, إلى أسئلة العالم, فالعوالم, فالكون, رجل دفعته أمانته الإنسانية والثقافية لتأسيس عقله كما تعمر البيوت الطيبة المتينة, لبنة لبنة, زاوية زاوية, فإذا دار الروح والعقل راسخة رحيبة, لا بذخ فيها, لكنها مفعمة بأريج النظافة وبهاء الضوء.
علاقة قوية عجيبة تربط في داخلي بين هذا الرجل وتلك الشجرة, شجرة بسيطة تبدو عادية, لكن من يتابعها ببعض التأمل يكتشف علو الحكمة التي تنطوي عليها, فهي في الشتاء تنفض كل أوراقها حتى لا تعيق سقيا الأرض بالمطر الشحيح الذي يتساقط في موسم خاطف, ومع صعود شمس الصيف وتصاعد أوراقها, تنتفض في عطاء سخي عجيب, تتحول فروعها الخشبية إلى مظلة خضراء واسعة ترصعها الأزهار الحمراء, تمنح الظل الذي يهون على البشر عناء الحر وتهدي عيونهم بهجة إزهارها, ورغم تقلبات الدنيا مناخيا, وتلوثا بيئيا, فإن هذه الشجرة تظل على طبعها , لاتخلف موعدا ولا تضن بعطاء.
أليست تلك الصفات, لهذه الشجرة هي طبيعة الرجل ذاته, في بيته وبين الناس, وفي هجير أو صقيع الساحة الثقافية التي تتقلب فصولها وتتراوح بيئتها ما بين تلوث قاتل أو نقاء نادر, وهي كما هي, وهو كما هو.
ومن العجيب أن الفلاحين في ريف مصر يسمون هذه الشجرة لطبيعتها وللتيسير على ألسنتهم من عسرالعجمة (أبوسيان) وهي عندي هذه شجرة (أبوالمعاطي أبوالنجا) الذي يحمل من معنى اسمه الكثيرالكثير في واقع حاله وتفاعلاته.
يمتد طريق أشجاره, وقبل أن ألقاه أناديه: ياشجرة الفيء العطوف وبهجة الأمانة, أشواقنا دائمة لرحمة الظل, وحدب الخضرة, وصدق المواعيد.
أشجار البونسيانا في أوج تفتح أزهارها الحمراء النارية الهفهافة صارت ارتباطا شرطيا يذكرني به, لهذا كان معي قبل أن أراه, من طريق المطار وبامتداد كورنيش النيل إلى المعادي.
تلك الأشجار في ازدهارها البهي الوارف تستعيد في روحي ذكرى اللقاء الذي كان يوميا مع هذا الرجل النبيل, إذا كنت أعود معه من عملنا المشترك- في مكتب العربي بالقاهرة- إلى المعادي حيث يقيم وأقيم بقربه, يوميا, وعلى مدى سنة ونصف تقريبا, وظلت عودتي معه متعة روحية حرة, ورحيبة, فهو يقود سيارته وأنا إلى جواره, وتتفتح أزهار الأسئلة كما تتفتح أزهار البونسيانا التي تغمر جوانب كورنيش النيل في هذا الجزء من القاهرة, حمراء برتقالية, متوهجة وأليفة وسط خضرة غامرة توحي بالطمأنينة, فكأنها انعكاس لروح الرجل نفسه, الروائي, والقاص, والناقد, المفكر الكاتب الذي تتوهج أفكاره رغم تمهل الكلمات ومودة مداخلها, ثم إن أمانته الإنسانية والفكرية تجعل من الإبحار معه متعة روحية عالية التحليق بعيدة الآفاق, فمن أسئلة الإنسان إلى أسئلة المجتمع, إلى أسئلة العالم, فالعوالم, فالكون, رجل دفعته أمانته الإنسانية والثقافية لتأسيس عقله كما تعمر البيوت الطيبة المتينة, لبنة لبنة, زاوية زاوية, فإذا دار الروح والعقل راسخة رحيبة, لا بذخ فيها, لكنها مفعمة بأريج النظافة وبهاء الضوء.
علاقة قوية عجيبة تربط في داخلي بين هذا الرجل وتلك الشجرة, شجرة بسيطة تبدو عادية, لكن من يتابعها ببعض التأمل يكتشف علو الحكمة التي تنطوي عليها, فهي في الشتاء تنفض كل أوراقها حتى لا تعيق سقيا الأرض بالمطر الشحيح الذي يتساقط في موسم خاطف, ومع صعود شمس الصيف وتصاعد أوراقها, تنتفض في عطاء سخي عجيب, تتحول فروعها الخشبية إلى مظلة خضراء واسعة ترصعها الأزهار الحمراء, تمنح الظل الذي يهون على البشر عناء الحر وتهدي عيونهم بهجة إزهارها, ورغم تقلبات الدنيا مناخيا, وتلوثا بيئيا, فإن هذه الشجرة تظل على طبعها , لاتخلف موعدا ولا تضن بعطاء.
أليست تلك الصفات, لهذه الشجرة هي طبيعة الرجل ذاته, في بيته وبين الناس, وفي هجير أو صقيع الساحة الثقافية التي تتقلب فصولها وتتراوح بيئتها ما بين تلوث قاتل أو نقاء نادر, وهي كما هي, وهو كما هو.
ومن العجيب أن الفلاحين في ريف مصر يسمون هذه الشجرة لطبيعتها وللتيسير على ألسنتهم من عسرالعجمة (أبوسيان) وهي عندي هذه شجرة (أبوالمعاطي أبوالنجا) الذي يحمل من معنى اسمه الكثيرالكثير في واقع حاله وتفاعلاته.
يمتد طريق أشجاره, وقبل أن ألقاه أناديه: ياشجرة الفيء العطوف وبهجة الأمانة, أشواقنا دائمة لرحمة الظل, وحدب الخضرة, وصدق المواعيد.