محمد علي الرباوي - مكابدات أخرى لسيدي قدور العلمي

اِشْتَدّي أَحْزَانِي...
اِشْتَدّي..
لاَ تَنْفَرِجِي.
لَيْتَ اللَّيْلَ يَظَلُّ بَطِيءَ الأَنْجُمِ
لَيْتَ اللَّيْلَ الْمُتَوَتِّرَ يُرْدِفُ أَعْجَازاً
وَيَنُوءُ بْكَلْكَلِهِ العَلِجِ
لَيْتَ خَمَائِلَهُ الزَّرْقَاءَ بِكُلِّ مُغَارِ الْفَتْلِ
تُشَدُّ بِكُلِّ هِضَابِ الْقَلْبِ الْمُعْتَلِجِ
لَيْتَ اللَّيْلَ الْقَاسِي..
يَتَطَاوَلُ..
لاَ يَأْذَنُ بِالْبَلَجِ
****
دَارِي..يَا دَارِي ضَيَّعْتُكِ لَيْلاً
وَأَنَا أَعْبُرُ بَابَ الْمَنْصُورْ
صَدَّقْتُ كَلامَ النّاسِ حَسِبْتُ الْحُبَّ يُزَيِّنُهُ
وَيَرُشُّ عَلَيْهِ عُطُورْ
كُنْتُ فَرَاشاً يَلْهَثُ خَلْفَ النّورْ
فَاحْتَرَقَتْ أَجْنِحَتِي..
وَغَرِقْتُ..غَرِقْتُ وَحِيداً فِي وَحَلِ الطّينِ
كُنْتُ أَظُنُّ حَبِيبِي سَوَّانِي مِنْ ذَهَبٍ وَهَّاجِ
فَإِذا بِي مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونِ
****
مُرّاكُشُ مَا عَادَتْ تَعْرِفُ أَشْجَارَ ظُنُونِي
مَا عَادَتْ تَذْكُرُ وَجْهِي وَبَرِيقَ عُيُونِي
حَتّى أَغْمَاتُ تَنَكَّرَ لِي مَا فِيهَا مِنْ طَلَلٍ بَالِ
وَأَنَا فِي رَمْلَتِها خَبَّأتُ عِظَامِي
وَنَثَرْتُ عَلَى كُلِّ فَيَافِيهَا مَوّالِي
****
تِلْكَ دِمَشْقُ أَمَدَّتْنِي بِمَرَاكِبَ تَحْمِلُ خَيْلاَ
تَحْتَ حَوَافِرِهَا فَاحَ عَبِيرُ الْجَنَّهْ
حِينَ عَبَرْتُ الْبَحْرَ الأَبْيَضَ لَيْلاَ
قُلْتُ لِلَيْلَى
يَا لَيْلَى الْتَهِمِي
كُلَّ مَرَاكِبِ هَذا الْجَسَدِ الْمَنْخُورِ الْمُلْتَحِمِ
مَرْكَبَتْي..
لاَ تَلْتَهِمِيهَا..
لاَ تَلْتَهِمِي
...................................
كَانَتْ أَزْهَارُ الْفِتْنَه
تَدْعُو قَلْبِي الْمَفْتُونَ إِلَى بَابِ الْمَنْصُورْ
هَلْ يَعْصِمُنِي الْجَبَلُ الدّامِسُ
مِنْ هَوْلِ الْمَوْجِ الْمَخْمُورْ
****
اِشْتَدّي أَحْزَانِي..اِشْتَدّي
لَمْ تَتَسَكَّعْ فِي مَرْكَبَتِي النّارُ الْوَهّاجَةُ
فَاشْتَدّي..لاَ تَنْفَرِجِي
اِشْتَدّي..عَلِّي أَغْسِلُ آثَامِي وَجُروحِي بِلَهيبِكِ
عَلَّ البُشْرَى مَوْكِبُهَا الْفِضِّيُّ إِلَيَّ يَجِي
عَلَّ الرَّحْمَةَ تَأْذَنُ بِالْبَلَجِ
فَأَكُونَ غَداً يَوْمَ الْهَوْلِ نَجِ
آهٍ اِشْتَدّي..
وَاتَّقِِدي..
لاَ تَنْفَرِجِي..


وجدة: 18/2/1996.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...