في آخر مرة حاولت أن أموت فيها، توقف النعش على أبواب المقابرفجأة، فقد كان والدي يتقدّم مظاهرة من موتى عائلتنا تحول بين النعش والمقابر قائلاً:
– إنه صغير وما زالت أحلامه محلّقة، من سيحقهها؟
تراجع النعش ودفع حامليه للتراجع مما تسبب في ارتباك وهرج ارتفعت معه الأتربة، وما كاد النعش يستدير عائدًا نحو البيوت حتى اعترضته مظاهرة أخرى يقودها أخي يتبعه أفراد عائلتنا الأحياء، ترفض عودتي، كان أخي يقف ثائرًا وبيده دفاتر وأوراق.
حضر العمدة ومأمور المركز وقيادات الأمن واستعانوا بفرقة أمن مركزي في محاولة لفض إحدى المظاهرتين دون فائدة، اقترب من النعش أحد المعممين لا أعرف صفته، همس لي:
– مت يا بني ، الموت عليك حق.
ليتني كنت أستطيع الكلام لكنت لعنته، أو الحركة لصفعته، الغبي ألا يرى أن الأمر ليس بيدي وأنني ميت بالفعل، الحقيقة أنا نفسي كنت في شدة الحرج والرغبة في حل ونهاية لتلك المهزلة، و لم يكن بيدي غير الصمت والانتظار، مع اقتراب المغيب بدأت وفود السائرين خلف جنازتي تقل تدريجيًا، تسرّب بدايةً واحد خفية ثم اثنان، ومع سقوط الشمس خلف الجبل الذي يحيط بالمقابر لم يتبقّ غير بعض المخلصين من حاملي النعش، وبعض المنافقين الذين يتبعون أخي، وعسكري أمن مركزي اتكأ بكتفه على حائط “لبني” متصدّع، بينما مظاهرة الموتى لم يتغير فيها شيء بل أظنها قد ازدادت عددًا وتماسكًا،بدأت أشعر بالبرد، الوحدة والصمت أصاباني بغضب دفعني أن استجمع قواي وأفض الغطاء المزركش الذي يحيط بالنعش، نهضت نازعًا قماش الكفن عن وجهي، أصابت الرجفة بعض المحيطين فتدافعوا، نظرت نحو أبي بأسف، وتسللت من وراء العسكري مغادرًا المقابر.
مضت أزمنة وأنا أتجوّل بكفني القديم،أحصي الموتى العابرين إلى قبورهم وابحث عن رفيق يساعدني في خطة العبور دون خوف… إلى موت آمن.
– إنه صغير وما زالت أحلامه محلّقة، من سيحقهها؟
تراجع النعش ودفع حامليه للتراجع مما تسبب في ارتباك وهرج ارتفعت معه الأتربة، وما كاد النعش يستدير عائدًا نحو البيوت حتى اعترضته مظاهرة أخرى يقودها أخي يتبعه أفراد عائلتنا الأحياء، ترفض عودتي، كان أخي يقف ثائرًا وبيده دفاتر وأوراق.
حضر العمدة ومأمور المركز وقيادات الأمن واستعانوا بفرقة أمن مركزي في محاولة لفض إحدى المظاهرتين دون فائدة، اقترب من النعش أحد المعممين لا أعرف صفته، همس لي:
– مت يا بني ، الموت عليك حق.
ليتني كنت أستطيع الكلام لكنت لعنته، أو الحركة لصفعته، الغبي ألا يرى أن الأمر ليس بيدي وأنني ميت بالفعل، الحقيقة أنا نفسي كنت في شدة الحرج والرغبة في حل ونهاية لتلك المهزلة، و لم يكن بيدي غير الصمت والانتظار، مع اقتراب المغيب بدأت وفود السائرين خلف جنازتي تقل تدريجيًا، تسرّب بدايةً واحد خفية ثم اثنان، ومع سقوط الشمس خلف الجبل الذي يحيط بالمقابر لم يتبقّ غير بعض المخلصين من حاملي النعش، وبعض المنافقين الذين يتبعون أخي، وعسكري أمن مركزي اتكأ بكتفه على حائط “لبني” متصدّع، بينما مظاهرة الموتى لم يتغير فيها شيء بل أظنها قد ازدادت عددًا وتماسكًا،بدأت أشعر بالبرد، الوحدة والصمت أصاباني بغضب دفعني أن استجمع قواي وأفض الغطاء المزركش الذي يحيط بالنعش، نهضت نازعًا قماش الكفن عن وجهي، أصابت الرجفة بعض المحيطين فتدافعوا، نظرت نحو أبي بأسف، وتسللت من وراء العسكري مغادرًا المقابر.
مضت أزمنة وأنا أتجوّل بكفني القديم،أحصي الموتى العابرين إلى قبورهم وابحث عن رفيق يساعدني في خطة العبور دون خوف… إلى موت آمن.