ولادة بنت المستكفي في فاس.. رواية للدكتور محمد عبد الرحمن يونس

من مقدمة ناديا إبراهيم الخطيب للرواية :

"ولادة بنت المستكفي" صرخة عارية في وجه خطر الطغيان والاستبداد، هذه الحقيقة الماثلة والفعّالة، والقوة المستقلة القادرة على تشكيل وتضاعف بحار من الشرور. هذه الرواية عالم غريب، تغيب العدالة فيه، رأسمالية كومة قوانين عفنة تحوّل العقول والعواطف آلات عمياء، تؤدي في النهاية إلى فقدان الوعي والذاكرة، بحيث تحقق ثنائية التوافق والوجود المكوم بالعدمية.

"ولادة بنت المستكفي" ملحمة أسطورية دوّنها محمد بعد الرحمن يونس، واستطاع من خلالها أن ينفذ إلى أدق المشاعر الإنسانية ويعاين قلقها وهمومها، ويستنزف انفعالات شخوصها لتتناثر عبر عالم رحب، تتصل فيما بينها معلنة ولادة عالم مشوّه تحكمه مملكة الخوف والقهر والظلم الإنساني.

وقد اعتمد الكاتب في روايته على شخصيات تاريخية حقيقية، "ولادة بنت المستكفي"؛ "ابن زيدون"، "عباس بن فرناس"، مستفيداً بذلك من الرمز كمادة مهمة، تتيح له حرية التحليل، وإطلاق الأحكام، موظفاً تلك الشخصيات لمعرفة العالم المعاصر، لتنتظم في سلك الزمن الممتد الذي تنهار فيه صرح الأخلاق، وقد ضمّن شخصياته هذه شروطاً ممتابعة من أفعال وعواطف، محللاً ظواهرها السطحية التي تختفي بين ثناياها دلالات إيجابية إنسانية، وبالتالي فإن شخصيات الرواية، ما هي إلا صورة حقيقية لنماذج معاصرة، ربما تكونها نحن أو يكونها الآخرون، مع الأخذ بعين الاعتبار مَنْ نحنُ ومَنْ الآخرون.
"ولادة بنت المستكفي" عالم غريب، تغيب العدالة فيه، ورأسماله كومة قوانين عفنه تحول العقول والعواطف آلات عمياء، تؤدي في النهاية إلى فقدان الوعي والذاكرة، بحيث تحقق ثنائية التوافق والوجود المحكوم بالعدمية، عالم يكثر فيه البسطاء والضعفاء، وتستباح أعز أشيائهم في وضح النهار وتحت ضوء الشمس، "ولادة بنت المستكفي" ملحمة أسطورية واقعية، تبدد غشاوة العين، وتوغل بعيداً في كشف أسرار النفس البشرية، مضيئة آفاقاً جديدة، مشكلة أخاديد من أحزان وآلام لا تنتهي.




من الرواية

على صفحة المحيط الأطلسي كانت السفينة العملاقة (ليبرتي) تدغدغ أمواجه الهادئة متجهة صوب اليكانت. بدت ولادة حزينة وهي تراقب النوارس الجميلة التي تدور حول نفسها، والسفينة دورانا ساحراً بديعاً... ولعنت فاس والساعة التي فكرت فيها بزيارتها... لماذا صارحتهم بالحقيقة يا ولاّدة... هؤلاء الأغبياء يعتقدون أنني أكذب... وحتى لو أن "قرقوش الاسخريوطي" استطاع أن ينال مني جسدي وروحي هل كنت سأصبح عاهرة؟ دموع غزيرة انسكبت من عينها الجميلتين... وكانت الدار البيضاء الساحرة تبتعد بمينائها وبناياتها الشامخة وسمائها الشاحبة المزروعة بآلاف الغربان والنسور الجارحة، ولم تكن حاقدة على أصدقائها... وخلاياهم المزروعة ببكتيريا الجنس والشهوة والشك..."


* ولادة بنت المستكفي في فاس ـ رواية للدكتور محمد عبد الرحمن يونس
الناشر : دار الكنوز الأديبة ـ بيروت ـ لبنان


تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...