بين التسجيل بالقدم ونظيره بالقلم مسافة ليست ببعيدة، موجات تتباعد أحيانا وتتقارب فى أحيان أخري، فيجد الكاتب فكرته وتتوهج مشاعره مع كرة القدم وإثارتها أو قواعدها أو تأثيرها إيجابيا كان أو سلبيا، كما يجدوا بعضا من عناصر كرة القدم من لاعبين ومدربين وغيرهم فى الأدب منفسا للهروب من الضغوط والتعبير عما يختلج فى صدورهم، وربما وسيلة لتكثيف الطاقة الموجهة بالأساس لكرة القدم، أو بديلا عن كرة القدم بعد الاعتزال.
تنوعت أشكال الأدب عند ممارسى كرة القدم، وإن كان الشعر يأتى فى المرتبة الأولى لديهم، ربما للتشابه بين الحالة التى تصاحب التجربة الشعرية والأخرى التى لا تنفصل عن تجارب اللاعبين فى الملاعب، ثم تأتى القصة القصيرة فى المرتبة التالية، ربما لأن اللاعبون لا يقدرون على الاسترسال فى الكتابة، ثم تبدو الفجوة كبيرة بين هذين الشكلين وأى أشكال أخري، وخاصة الرواية التى من النادر أن نجد لاعبا يهوى هذه النوعية من الكتابة، حتى بعد الاعتزال.
قليلون فى الزمن الغابر من جمعوا بين البراعة الأدبية وكرة القدم، ورغم هذا فكان هناك عدد من أشهر الكتاب ممن مارسوا كرة القدم وكتبوا عنها مثل مؤلف رواية »لوليتا» الشهيرة »فلاديمير نابوكوف» والذى كان حارس مرمى فى شبابه، وأيضا مبدع روايات شارلوك هولمز »أرثر كونال دويل» الذى كان مدافعا فى نادى بورتسموث الإنجليزى فى ثمانينيات القرن التاسع عشر، كذلك كان »جيمس جويس» حارس مرمى و »ألبير كامو» لاعب وسط، وكلاهما كتب عن كرة القدم فى أعماله.
بدايتنا مع الرواية التى كما ذكرنا، من النادر وأن نجد لاعبا لكرة القدم يغواها، مثلما شغفت كرة القدم عشرات من كُتَّاب الرواية، ومن هذه النوادر النرويجى »يورجن يوف» (1906 – 1983) الذى لعب لنادى »لين» النرويجى ومثل منتخب بلاده فى الألعاب الأوليمبية عام 1936، ثم اتجه إلى الصحافة بعد اعتزاله، وبالرغم من بدايته كمحرر رياضي، لكنه عمل على رصد القضايا الاجتماعية المختلفة، وهو ما قاده إلى كتابة الروايات فى سنوات عمره الأخيرة التى تجاوزت العشرة أعوام، ومن أعماله »ألت أوم»، »نورساك» و »أولببيك».
وممن شغفتهم كرة القدم فى عالم الرواية؛ الناقد الإنجليزى »أنتونى كلافان» الذى أخذ يدقق فى الروايات التى كان عصبها كرة القدم واختار أفضل عشرة منها، وكانت الغلبة فيها لمخترعى كرة القدم، ورتبها تصاعديا من العاشرة إلى الأولي، ويبدأ برواية »الأمل الذى يقتلنا» للأسكتلندى »أدريان سيرل» (56 عاما) عن غيرة النساء من اهتمام الرجال بكرة القدم الذى تحول رويدا إلى اهتمام أكبر، دفعهم ليس فقط لتشجيعها ولكن لممارستها أيضا، ثم رواية »مصنع كرة القدم» للأمريكى »جون كينج» (54 عاما) الذى تصدى فيها لظاهرة شغب الملاعب، فرواية »كيف حقق ستيبل سيندر فوزا رائعا» للإنجليزى »جوزيف كار» (1912 – 1994) عن مفهوم العدالة الذى ترسيه كرة القدم.
تأتى سابعا رواية »الرجل الذى يكره كرة القدم» للألمانى »ويل باكلي» (73 عاما) وفيها أنقذت كرة القدم رجلا فى منتصف العمر من الانهيار، وتتبعها رواية »لغز ستاد أرسنال» للإنجليزى »ليونارد جريبل» (1908 – 1985) وهى رواية بوليسية تدور أحداثها فى ملعب كرة القدم، ثم رواية »حراس المرمى مختلفون» للأيرلندى »برايان جالنفيل» (86 عاما) عن حكايات كرة القدم التى غيرت من حياته، فرابعا رواية »المباراة» للإنجليزى »ألان سيليتو» (1928 – 2010) والتى تنبأ فيها أن كرة القدم يمكن أن تنشر العنف بين الناس نتيجة التعصب الأعمي، ورواية »التعساء» لمواطنه »برايان جونسون» (1933 – 1973) وتنبأ هو الآخر بأن تدخل المال فى كرة القدم سيفسدها ويقضى على متعتها يوما ما، ثم فى المرتبة الثانية رواية »يونايتد الملعون» للويلزى »ديفيد بيس» (51 عاما) عن الحد الدقيق والفاصل بين التشجيع الحميد والتعصب الذميم، وفى مقدمة الروايات التى اختارها كلافان رواية »المجد للوغد» للإنجليزى »بارى هاينز» (1939 – 2016) وتدور حول أهمية كرة القدم فى حياة الشعوب وأفرادها.
لم يمارس لاعبو كرة القدم الكتابة فحسب، بل برع بعضهم فيها ، وترشحوا لجوائز كبري، مثل جائزة البولتزر، وممن ترشحوا لها لاعب إنجلترا ومانشستر يونايتد الشهير »ديفيد بيكهام» حيث أعد سلسلة من الكتب التى تتناول ما يربط بين كرة القدم والرياضة بشكل عام من جانب والثقافة من جانب آخر، وخاصة الأخلاقيات، وصولا إلى رواية تتناول التأثير الإيجابى لكرة القدم فى الأطفال وتنشئتهم عام 2009 وعنوانها »التجربة»، هناك أيضا الإسبانى »ببى ميل» والذى كان لاعبا وأصبح مدربا، وأصدر روايتين ناجحتين بعنوان »الكاذب» و»الطريق إلى حياة أخري»، والأخيرة أثارت حفيظة الكنيسة الكاثوليكية، ورغم هذا رشحت للبولتزر، ويعكف على كتابة رواية يضع فيها طريقة لإيقاف كريستيانو رونالدو.
وممن ترشحوا للبولتزر أيضا »تيرى تينابلز» لاعب ومدرب منتخب إنجلترا ونادى برشلونة، بدأ منذ السبعينيات بسلسلة روايات اشترك فيها مع المحترف الرياضى »جوردون ويليامز» وكان أولها عام 1971 برواية »اللعب على العشب» التى توقع فيها ما حدث من تطور فى كرة القدم، ثم سلسلة »المخبر هازل» والتى قدمت فى حلقات تليفزيونية، واتبع الإنجليزى »فرانك لامبارد» لاعب تشيلسى السابق خطوات زميله »ثيو والكوت» فى مجال أدب الأطفال وتفوق عليه بسلسلة »فرانكى ماجيك فوتبول» والتى بلغ عدد أجزاؤها 14 ونحو خمسة أجزاء من السلسلة الثانية »الكرة فى الفضاء» إلى جانب عدد آخر من الكتب.
منهم أيضا الإنجليزى »ديفيد إكي» حارس مرمى فريق كوفنترى السابق والذى تخصص فى الكتابة الخيالية، وبدأها بعمود صحفى ثم أسس شركة نشر خاصة وأصدر حتى الآن ستة عشر كتابا تدور حول الزواحف الذين يديرون العالم، واعتقد النقاد فى عدد منهم وبحسب وصفه، أنه يقصد أشخاصا مثل جورج دابليو بوش، الملكة إليزابيث الثانية، كريس كريستوفرسون وغيرهم.
وننتقل إلى القصص القصيرة فى عالم كرة القدم، فبموقع مجتمع الكتابة الإلكترونى الشهير »وات باد» ركن خاص لقصص كرة القدم القصيرة التى يكتبها اللاعبون والتى تضم قصصا للبرازيلى »تياجو سيلفا» لاعب ناديى يوفينتوس وميلان الإيطاليين السابق وباريس سانجيرمان الحالي، ومن قصصه »هذه الرسائل لم ترسل أبدا»، ومواطنه »ديفيد لويس» لاعب تشيلسى الإنجليزى وقصته »بابا يعرف أفضل»، الإسبانى »مارك بارترا» لاعب برشلونة السابق وريال بتيس الحالى ومن أعماله »حذر زملائى فى العمل».
هناك أيضا الإسبانى »تشافى هيرناندز» قائد منتخب إسبانيا عند فوزه بكأس العالم عام 2010 ولاعب برشلونة السابق، وقصته »شعور جيد»، ورائعة مواطنه وزميله فى النادى »سيفيك فابريجاس» بجزأيها »فقد صوابه كليا»، وقصة قائد منتخب المكسيك »أليكسيس سانشيز» المؤثرة »هنا سري»، والألمانى »مسعود أوزيل» وقصته »القيل والقال فى غرفة خلع الملابس»، ومئات أخرى من القصص لعشرات اللاعبين.
وضع الكاتب الإنجيلزى »روس ويليامز» يده على ما اعتبره أعظم عشرة قصص ملهمة من حياة عشرة من لاعبى كرة القدم ونسجها فى ثوب قصص قصيرة ووضعها فى كتيبه »أعظم قصص كرة القدم» وتضمن قصة المكسيكى »ألكيس سانشيز» لاعب الأرسنال السابق الذى بدأ يعيل أسرته وهو فى السادسة من عمره وكان يتقاضى ما يعادل 160 جنيها أسترلينيا فى الأسبوع، الإفوارى »ديديه ديروجبا» الذى يداوم على التبرع من أجل بلاده، وتبرعه أيضا بثلاثة ملايين جنيها أسترلينيا للجمعيات الخيرية فى أفريقيا، وبناء مستشفى فى مسقط رأسه، الأسكتلندى »ستيفن نيسميث» لاعب نيوكاسل الإنجليزى السابق الذى كان يشترى تذاكر مباريات فريقه ويوزعها على الجمهور مجانا، الألمانى »مسعود أوزيل» الذى تبرع بمبلغ 350 جنيها أسترلينيا للجمعيات الخيرية فى البرازيل أثناء مشاركته فى كأس العالم هناك مع منتخب بلاده.
ومعهم أيضا البرتغالى »كريستيانو رونالدو» لاعب ريال مدريد الذى تكفل بعلاج عدد كبير من مرضى السرطان ممن هم دون التسع سنوات فى بلاده، الإنجليزى »ريكى لامبرد» لاعب ليفربول الذى بدأ طفلا فى هذا النادى ولكن تم تسريحه وهو فى العاشرة من عمره ليتنقل بين نحو عشر أندية وصولا إلى أحد أندية الدرجة الثانية الذى قاده للصعود إلى الدرجة الممتازة، وكان هدافا للفريق ثم اختير ليمثل بلاده فى كأس العالم، وأخيرا حقق حلمه بالعودة بعد 15 عاما إلى ناديه الأصلى ليفربول ليختتم حياته به. الجورجى »جابا كانكافا» لاعب فريق »إف سى دنيبرو» الذى أنقذ حياة خصمه من فريق »ديناموكييف» عندما اصطدم به فقام بوضعه على ظهره بسرعة شديدة لمنعه من الاختناق بعد أن ابتلع لسانه. الأرجنتينى »ليونيل ميسي» لاعب برشلونة الذى أخذه ناديه طفلا معيبا وتكفل بعلاجه باستخدام هرمون النمو باهظ التكلفة للتخفيف من حالة نقص النمو لديه، ليصبح واحدا من أعظم من لعبوا كرة القدم.
والنيجيرى »فيكتور موسيس» الذى قُتل والداه صغيرا وسافر إلى إنجلترا لاجئا، وقبل به نادى »كريستيال بالاس» على ضمانة أحد أعضائه ليبرز ويلعب فى عدد من أهم أندية إنجلترا مثل تشيلسى وليفربول ووستهام، ورغم لعبه لصفوف منتخبات إنجلترا ناشئا وشابا تحت 16 و17 و19 و21 عاما، لكنه قرر أن يعود ليمثل منتخب بلاده الأصلى نيجيريا. الإنجليزى »تشارلى أوستن» الذى تم تسريحه من ناديى »ريدنج» و»بورتسموث» صغيرا لضآلة جسده، ليعمل طباخا فى الأخير، ويظل يمارس هوايته كرة القدم مع إحدى فرق الهواة، ليلتحق فيما بعد بفريق »ريديف بورتسموث» ومنه لنحو 12 فريقا من الدرجة الثانية ساهم فى صعودهم إلى الدرجة الأولى وبعضهم إلى الممتاز، وسجل أكثر من 300 هدف، ليعرف الدورى الممتاز لأول مرة فى موسم (2014 / 2015) بعد أن تجاوز عمره 24 عاما مع فريق »كوينز بارك رينجرز» ويتم استدعاؤه لمنتخب بلاده.
انتشرت فى الفترة الأخيرة الأندية الشعرية التى أعضاؤها من لاعبى كرة القدم وربما ينضم لهم المدربون، فهناك نواد شعرية بأسماء أندية كرة القدم مثل نادى شعراء مانشستر يونايتد ونادى شعراء ليفربول ونادى شعراء نيوكاسل وغيرها من الأندية الإنجليزية، كما أن هناك روابط بأسماء البلدان مثل رابطة شعراء الكرة الإنجليزية والتى تضم لاعبين سابقين أمثال فرانك لامبرد، أيان راش، جاك هاديسون، جون هويت، وعلى رأسهم السير أليكس فركسون، وهناك أيضا رابطة الشعراء الأسبان والتى تضم تشافى ألونزو، بريز فيريرا، ألان هيريرا، بيب جراديولا، ورابطة شعراء الكرة الهولندية ومن أعضائها فيليب أديسين، مارك أوفرمارس، رونالد باتينجا، سان فاندوج، رالوف فانتير، وهناك أيضا رابطة الكرة البرازيلية ومن نجومها هاندرسون، رونالدينهو، بينتو، كاريكا، وجورنوس، وغيرها من النوادى والروابط الشعرية.
وقد ارتبط الشعر بالرياضة منذ الألعاب الأوليمبية القديمة، حتى أصبح لكل لعبة شعراؤها، من الرماية إلى البيسبول والسلة والتنس وحتى صيد السمك، ولكن تظل لكرة القدم وضعها الخاص حتى فى عالم الشعر، ومن النوادى العامة التى لا ترتبط بعرق أو نادى كرة قدم بعينه، نادى شعراء كرة القدم، وهو ذو طابع خاص حيث يصف فيه اللاعب نفسه، ومن أعضائه لاعب منتخب إنجلترا السابق »جو كول» وهو عضو فيه منذ عام 2003، ومن كتاباته:
اخترقت قلعة أنفيلد
أحرز النصر
لترتفع الأيدي
تأمل القائد رقم 5
وهو يمحو الماضي
ربما للحظة
والجناح الطائر ينطلق
ويركل بقدمه الذهبية
وهناك أيضا زميله السابق فى المنتخب »واين روني» وهو عضو فيه منذ عام 2006، ومن كتاباته:
ربما ربما
مثل إيكاروس
الذباب قريب جدا
من الشمس
ومعهما الفرنسى »باتريك فييرا» وهو عضو بالنادى منذ عام 2006، ومن كتاباته:
صلابة مثل المسامير فى أرض الملعب
جنرال يقود المباراة
ضابط الخطة ورمانة الميزان
قدرة فائقة وشجاعة
أطراف طويلة رائعة
قوام ممشوق ومتناسق
عضلات فولاذية
وقبضة قوية
يبدو كعملاق لا يتملكه اليأس
وتراه يبتسم مع دفء الشمس
خارج المستطيل بعيدا عن الكاميرا
محظوظ بما يكفى فى الاستمتاع بالوهج
ومن النوادى العامة للاعبى كرة القدم »نادى مرحبا بالشعر» والذى يعد رغم قلة المشاركات به من أقدم هذه النوعية من النوادي، ومن أعضائه الأسكتلندى »أليكس راي» وكانت آخر قصائده التى سجلها فى هذا النادى عام 2012 وعنوانها »سنجاب»:
سنجاب
أتى من الماضي
كأنه يراقب ضربات القلب
قوس يغازلني
خلف شجرة
أظن ذلك
كن لطيفا
لتحصل عليها
إنها نعمة كرة القدم
أيها الطائش
هكذا أفكر
والأيرلندى »أوين دويل»، ومن قصائده »مشاكل لا تنتهي» عام 2016:
فقط إذا كنت صغيرا
سأكون لاعب كرة قدم أفضل
والضجيج يملأ رأسى فى الحافلة
وغطاء الرأس لا يكفي
ولا يجب أن يكون كذلك
اللاعب الفنلندى »روج تونر» ومن أعماله »أستطيع أن أكون» عام 2015:
أستطيع أن أكون
عندما أكبر
هناك الكثير يمكن أن أكونه
مليون خيار مختلف
والاختيار فى النهاية لي
يمكن أن أكون رجل إطفاء
وأقود سيارة حمراء
أو أعمل فى مطبخ
وأصنع الطعام للناس
يمكننى أن أكون بحارا
وأذهب من بحر إلى بحر
لدى مليون اختيار
والخيار لى وحدي
يمكننى أن أكون معلما
وأن أعلم الأطفال الكتابة
أو أكون مغنيا
وأغنى على الخشبة كل ليلة
راقص أو طبيب أسنان
رسام أو بهلوان
والخيار متروك لي
ولكنى اخترت كرة القدم
ظهر منذ عدة أعوام موقع أو منتدى يضم سبعة أطلق عليهم رواد الكتابة والإبداع الشعرى من لاعبى كرة القدم الأفذاذ، وهم:
ــ »لويل كينج» أيرلندى لاعبا ومدربا، عبر عن موهبته بإصدار ديوان »90 دقيقة».
ــ»دامين ريتشاردسون» وسجل مذكراته كلاعب ومدرب بالشعر ويبث بعضها بين الحين والآخر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ــ »جون توشاك» عبر عن موهبته الشعرية وهو ما يزال لاعب عام 1976 فى ديوان بعنوان »جوش» وكان بارعا فى وصف المباريات شعرا، ومن قصائده من هذه النوعية واحدة وصف فيها مباراة ويلز ضد يوغسلافيا عام 1976 وفيها:
اليوغسلاف كانوا الأكثر مهارة
ولكن كان علينا إنقاذ شيئمن كبريائنا
كنا فى حاجة ماسة إلى هدف
ولكن صدمنا فى الواقع
بقرار سيى آلمنا
بركلة جزاء سجلها السلاف
وكنا أكثر ارتباكا فى النصف الثاني
ومشجعى ويلز لم يستمتعوا
وأنقذ جلوكنير اثنين من أهدافه
ودعت لنا الحشود »بارك الله أرواحكم»
خمس دقائق استراحة واستعدنا السيطرة
لكن رغم ذلك لم نستطع التسجيل
ــ »إيمون دانفي» وهو لاعب أيرلندى وضع عدة مؤلفات نثرية عن كرة القدم ومنها »لعبة فقط»، ثم كتب سيرته الذاتية شعرا، واعتبره النقاد أفضل من مارس الكتابة من لاعبى كرة القدم المحترفين السابقين.
ــ »ألبير كامو» وهو ليس الكاتب الفرنسى الشهير، ولكنه حارس مرمى أيرلندى تحول للكتابة بعد الاعتزال ثم ذهب يكتب الشعر ويحاول أن ينقل ما يشعر به لاعبو كرة القدم فى كل موقف والتى بدت متباينة لا يشبه فيها أحدهم الآخر على الإطلاق.
ــ »ستيف بروس» كان مهاجما فذا وأصبح شاعرا مميزا، اختص كل مركز من مراكز كرة القدم بكتاب شعري، فمنها »المهاجم»، »المدافع» و »حارس المرمي».
ــ »ثيو والكوت» الذى وضع سلسلة »تى جيه» التى يتعقب فيها طفلا صغيرا يحلم أن يصبح لاعب كرة قدم، بدأها منذ عام 2010 وصدر منها أربعة أجزاء حتى الآن.
خصص منذ بضع سنوات »مشروع مشاهير الشعر والشعراء» جزءا لمن وهبوا أشعارهم لكرة القدم، ومن شعراء هذا الركن: الإيطالى »إدجار بويز» (1924 – 2000)، الإنجليزى »ديفيد بيرمان» (1903 – 1957)، الأسكتلندى »ماريوت إدجار» (1880 – 1951) ومن قصائده »حارس المرمى جيو» وفيها:
كان لاعبا فى النادى لثلاث سنوات
وقد تذمر مرارا وتكرارا
استخدموه لبعض الوقت ولكنهم سيتركوه
وكأن أيامه تتساقط مع المطر
شعر بأنه أهدر موهبته
عندما جعل منها وظيفة
وذهب يحمل الملابس للآخرين
ويشتبك مع الحكام كل حين
مباراة واحدة متبقية وفيها طوق النجاة
المباراة السنوية التى يتوقف عليها كل شيء
أعد نفسه وملابسه للحدث
دماؤه تغلى وعلى وجهه ابتسامة
كان يوم المباراة رائعا
صباح جميل ومشرق
مع بعض الضباب المنجرف من حقول القرميد
ورذاذ مطر خفيف يتطاير فى الهواء
والأمريكى »جيمس رايت» (1927 – 1980)، الكندى »روبرت سيرفيس» (1874 – 1958)، الإنجليزى »تونى هاريسون» (80 عاما)، والإنجليزى »ألفريد هوسمان» (1941 – 2012)، ويقول فى قصيدته »هل يفعلها فريقه»:
الكرة تطير
الفتيان يلعبون بالقلب والروح
لإحراز الهدف، الحارس
يقف فى مرماه ليمنع الأهداف
ابنتى سعيدة لم تعد تبكي
وصديقى المريض لم يعد قلبه يؤلمه
الكل ينتظر الهدف
ويخشى أن يسجل هدفا
من بينهم أيضا الإنجليزى »فيليب لاركين» (1922 – 1985)، ومواطنه »فيرنون سكانيل» (1922 – 2007)، الأسترالى »هنرى لاوسون» (1867 – 1922)، والنيوزيلندى »سبانجو باترسون» (1864 – 1941)، ومن أشهر من كتب الشعر ووجد نفسه بين هذه المجموعة الحاصل على جائزة نوبل عام 2005 »هارولد بنتر» (1930 – 2008)، وقصيدته »كرتنا» وفيها:
لا هوكى ولا راكبي
لا بيسبول ولا بلياردو
إنها كرة القدم
رقم صعب المراس
بعد بيليه، كان سقراط
خينتو، بينتو
لا أستطيع الانتظار
لا وقت للراحة مع الكرة
لكنها كرة القدم مع الهواء البارد
تنهكك وتلهث وراءها
أكثر من متابعة الخيول
فى سباق البريدز
والعيون تحملق
رابطة أخرى تشبه المشروع السابق ولكنها للأسبان الذين تخصصوا فى كتابة الشعر لكرة القدم وبعضهم مارس كرة القدم، ويأتى فى مقدمتهم بحسب احتفاء الموقع الرسمى للرابطة به، والذى يجمع بين رحيقى الكرة والأدب »أوجستين لوكاس»، وهو لاعب محلى من الأورجواى مثل منتخب بلاده فى بعض المباريات ولا يعرفه الكثيرون خارجها، كان شعره الحماسى السبب الأكبر فى استعانة الجهاز الفنى لمنتخب بلاده به، والوحيد من عائلته الذى انحرف عن طريق الكتب والمكتبات، تلك المهنة لعائلتيه الشهيرتين المتحدتين »لوكاس – توكسيرا»، وإن استمتع كثيرا بكتابة القصص القصيرة والشعر صغيرا.
بعد رحلة احترافية داخلية انتقل فيها لوكاس بين الفرق منذ عام 2004، وفى عام 2013 وأثناء توقف مباراة فى نصف نهائى كأس الأورجواى لسوء الأحوال الجوية اقترح أوجستين على زملائه أن يتباروا فى الشعر، فاستحسن الفريقان موهبته، ليبدأ بعدها فى نشر ما يكتب من قصائد فى الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية، ويكتسب شهرة كبيرة فى الدائرة الأدبية للغة الأسبانية، ثم عالميا بعد ترجمة قصائده للفرنسية والألمانية وغيرها، والتى بلغت نحو 300 قصيدة، ومنها قصيدة »لا تتوقف» وفيها:
لا تدعهم يمسكون بك
استعد لتسجيل الهدف
غيّر وجهتك بمهارة
واجعل عرقك يسيل
عيناك مكسورتان من الشمس
وكاحلك يتراقص مع الكرة
ترتد بها عموديا فى الوقت القاتل
وبحركة مفاجئة تتراقص معها الأرجل فى المنطقة
تتصاعد الأبخرة من الأرض
وأنت تصوب مسدسك نحو المرمي
حان وقت تسجيل الهدف
الأرجل والسواعد ترتجف
ثم تصرخ بعد همهمة
وتستعيد كل ما فقد فى حياة أخري
تبحث عن إخوانك والبقية
تشعر أخيرا أنك تعيش
والشاعر الكولومبى »فرناندو اسكوبار» الذى تخصص فى الكتابة عن كرة القدم وعناصرها ولاعبيها، وتميز بالربط بين الأحداث داخل ملاعب كرة القدم وواقع الحياة، واعتاد أولاده وزوجته وعدد من أقاربه إلقاء قصائده فى العلن فى أى مكان يتجمع فيه الناس وخاصة الملاعب والصالات الرياضية، ومن هذه القصائد »روح»:
عندما تموت الروح فى الملعب
فلا شيء له قيمة
لا النجوم ولا الإشارات
لا النقاط ولا الكؤوس
عندما تموت الروح
يموت القميص معها
والرغبة تودع الفريق
والحياة تغادر الملعب
وكانت المرة الوحيدة التى كتب فيها قصيدة بعيدا عن كرة القدم، ولكن بنفس الفكر والوجدان، عن مانديلا وحملت اسمه، وفيها:
شفى الجروح
نسى الماضي
رأى المستقبل
تخلص من القلق
ومن اضطراب الضمير
جاء بالأمل
احتضن العدو
غفر للجلاد
كتب قصيدة حب
بفكر وقلب
كان حرا خلف القضبان
بنى فريقه
فأعاد بناء أمة
وبعث الأمل فى القارة
والوعى فى العالم
ووحد الكون حوله
فمات مبتسما
رصد موقع »باليتيرو» أحد أهم مواقع الشعر الإسبانى مئات القصائد التى كتبها كبار الشعراء حبا فى كرة القدم، ونشرت أفضل عشرة قصائد اختارها الجمهور، من بينها قصيدتى »الحارس» و »المدرب» للبيروفى »كارلوس جيرمان بيلي»، وقصيدة »بلاتكو» للإسبانى »رفائيل ألبرتي» والتى نسجها عن حارس برشلونة »فرانز بلاتكو» عام 1928، والتى جاء فيها:
لا أحد ينسى بلاتكو
لا أحد لا أحد لا أحد
السماء تغير لونها
والرياح تحول اتجاهها
والبحر يعدل من مجراه
والدماء تتجمد فى العروق
ولا أحد لا أحد لا أحد
لا أحد ينسى بلاتكو
والشاعر الإسبانى »لويس جارسيا مونتيرو» (59 عاما) الذى يصف يوم الأحد المرتبط بمشاهدة مباريات كرة القدم من الملعب وسط التلاحم بين عرق اللاعبين والجمهور وغيرهم من عناصر اللعبة، والشاعر الكولومبى »رامون كوتي» الذى أهدى ابنته »أليخاندرا» قصيدة عن مشاهد كرة القدم على الشاطى قبل الغروب، وجاء فيها:
فى وقت متأخر بعد الظهيرة
عشرة من الشباب أمام الفندق
على الشاطى يلعبون كرة القدم
بينما الشمس تغرق أكثر وأكثر
فى البحر، وعلى الشاطى يركضون
بأقصى سرعة يطاردون ويصرخون
يرفعون الكرة عاليا بأقدامهم العارية
ويصبغون الكثير من الغيوم الرملية
وحركة أجلهم تشوه ظلالهم على كثبانها
وأنا وابنتى الصغرى شهود
وخص الشاعر الأرجنتينى »ماركو كوينكا» (42 عاما) أسطورة بلاده »دياجو أرماندو مارادونا» على غرار مواطنه »أوزفالدو بيكاردو» (66 عاما) والذى قال فيها:
يوم الأحد بعد الظهيرة
بين السكون وحسن الخلق
فى مكان ما ووقت ما
يعطى الإذن لقدمه وتبدأ الإثارة
يقفزون فى الهواء ويختفى الصمت
وصوت التصفيق يتجاوز المرتفعات الإنجليزية
إنه مارادونا كالشمس حفظه الرب
وفى الذاكرة ما كتبه الشاعر الأرجوايانى »ماريو بينديتي» (1920 – 1999) عن سحر العشب الأخضر فى قصيدته »يد الرب»، والأرجنتينى »روبرتو خورخى سانتورو» (1939 – 1977) فى قصيدة »كرة القدم العمودية»:
راقص
مع قدم مذهلة
صافرة
من يراها
يلمسها شيئا فشيئا
يداعبها
بحركة باليه
يرفع الكرة
يدفعها
ينزلق
يفسد فرصة الفوز
يلفها بقدم أخري
يركض
فى الهواء
يرفع
من الأرض
لا أحد يراها
تعود
يستقبلها على صدره
أين هي
سقطت
اندلفت
إلى ساقه
بطريقة غريبة
تموت فى القدم
خطوة أخري
يسحبها على الأرض
يلمسها
ويكمل الرحلة
الكرة والباليه
الحارس
ينظر للحذاء
يتحرك
لا يجدها
يقفز
فى الهواء
يومى برأسه
يمد يده
يتبعه آخر
تذهب بعيدا
يتركها
فى انتظار قدم
أخري
وللسير »أليكس فيرجسون» لاعب منتخب إنجلترا السابق والمدير الفنى التاريخى لنادى مانشستر يونايتد قصص تروى عن علاقته بالشعر، فمنذ عشرين عاما فى معسكر بأسكتلندا شعر بالملل يتسلل إلى لاعبيه، فكتب قصيدة لهم يذكرهم بمسئولياتهم وجاء فيها:
ستلاحظون من شيك رواتبكم
أنى غرمتكم ثلاثة جنيهات
لارتداد الكرة من الدور العاشر
إلى أرضية الدور السفلي
أنا أعلم أنكم لا تودون ذلك
وأن هذا ربما يتعبكم
ولكن من فضلكم لا تلوموني
فأنا لست سبب مصيبتكم
والآن ستدركون أنى شديد الوعى
ولست غبيا لأكرر الأمر
لهذا وقبل أن تنالوا المزيد من التغريم
فإنكم فى المرة القادمة صدقا
لن تجدوا شيئا فى الشيك
يتحدث اللاعب الإسبانى ومدرب برشلونة السابق ومانشستر سيتى الحالى »بيب جراديولا» عن تجربته والعلاقة بين الشعر وكرة القدم فى إقليمه »كاتالونيا» وأنهما وجهان لعملة واحدة فى إثارتهما للفكر والوجدان، كما أن هناك الكثير من اللاعبين فى كاتالونيا يقرأون الكتب وخاصة الأدبية، ومنهم زميله »لويس إنريكي» الذى أصبح شاعرا فيما بعد إلى جانب تدريب كرة القدم، وتحدث عن تجربته مع الشاعر الكاتالونى »ميكيل مارتى أى بول» (1929 – 2003) الذى شاركه عام 1997 فى كتابة ديوان »المواقف» وكيف استفاد كل منهم من الآخر ورصد ما تتوافق حوله كرة القدم والشعر من أحاسيس وأفكار.
ولتعزيز اللغة والثقافة أقامت رابطة المحترفين بالدورى الإنجليزى مسابقة »نجوم الدورى الممتاز للكتابة» للأطفال من أعمار 5 إلى 11 عاما، وفى مطلع عام 2017 تجمع عددا كبيرا من لاعبى الدورى الإنجليزي، وعلى هامش افتتاح هذه المسابقة ألقوا قصيدة بعنوان »حاول مرة أخري» لتشجيع الأطفال على المشاركة، وتضم لجنة التحكيم لاعب كرة القدم السابق ومؤلف كتب الأطفال »فرانك لامبارد» إلى جانب عدد من الكُتّاب والشعراء.
فاجأ نادى »سيلكيرك» الأسكتلندى جمهوره والمجتمع الكروى فى الداخل والخارج بتعيين شاعر فى الجهاز الفنى للفريق الأول لكرة القدم بالنادي، ووقع اختيارهم على »توماس كلارك» وهو لاعب سابق بالفريق، وما اعتبره بعض النقاد الصفقة الجديدة والأهم رغم أنه ليس مهاجما أو مدافعا، وأهم ما يميزه هو إتقانه للغة الأسكتلندية التى يرغب الفريق فى تعزيزها، ووراء هذا الاختيار بعض الأسباب التى جاءت فى عدة بيانات أصدرها النادى منها أن الشعر يؤدى وظيفة فكرية وثقافية داخل الفريق وفى اتجاه الجمهور، سيقوم الشاعر بإعداد قصائد لاحتفال النادى بالعيد القومى لولاية »لوولاند» التى ينتمى إليها، كما يعد ويلقى كلارك قصائد وقصصا ستلقى وتنشر أيضا خلال المباريات، كما يعد عددا آخر من القصائد للاحتفال بالمئوية الثانية لملعب كرة اليد الأسكتلندي.
رصد نادى »شعراء كرة القدم» مما وصل إليهم القصائد التى احتفى بها أحد الشعراء أو الجماهير بلاعب كرة قدم وتخيروا أفضل خمس كتبت لهم، وذلك عبر تصويت الجمهور، وكانت المفاجأة فى تفوق المصرى »محمد صلاح» بقصيدة أو أغنية لم يمر على نسجها أكثر من عام، يليه الأرجنتينى »ليونيل ميسي» ثم البرتغالى »كريستيانو رونالدو» فأسطورة كرة القدم البرازيلية »بيليه» رابعا، وقصيدة الفرنسى ذو الأصول الجزائرية »زين الدين زيدان» خامسا.
فكتب الشاعر »رايان هيليرود» (42 عاما) قصيدة لزيدان عام 2008 بعنوان »شرف زيدان» وفيها:
كانت معركة لاعب كرة قدم فى الميدان
عاصفة إيطالية لم يكن للفرنسى أن يتحاشاها ولو
لبعض الوقت
ماتيرازى يتمتم بفم خبيث
زيدان الغيور على شرفه وكرامته، يعاجله بضربة رأس
لتكن أعظم ضربة فى الصدر
يسقط فى الملعب ضحيته الآثم الأشر
وكارت أحمر يصدر ويسدل ستار الختام
فرنسا تخسر وزيدان يحيا بالكرامة
وكتبت الشاعرة »أمبر نايت» (48 عاما) عام 2003 قصيدية لبيليه عنوانها يحمل اسمه:
عاشق الجمهور
محرز الأهداف
الفائز بالكرة
مندفع بجرأة
لاعب كرة قدم
عادل نظيف
مراوغ عظيم
هداف هاتريك
فائز لا يصدق
مسالم سلس
منسق ممتع
هداف الوقت المناسب
وكتب »بارت باهتيا» (31 عاما) قصيدة لكريستيانو رونالدو بعنوان »حياة الأسطورة» عام 2016:
الكمال لا يكفي
قالها رونالدو
لأنه يتطور
بالتدريب كل يوم
لنهاية العالم
كريستيانو الأفضل
لأنه يمر بسهولة
من أصعب الاختبارات
لعب فى مدريد
امتلك مصيره دائما
يمكنه العودة لمانشستر
لم يفت الأوان
فى قائمة أفضل عشرة
ابحث عن كريستيانو
لأنه يسجل هدفا
فى كل مباراة يلعبها
الخوف فى عقول
كل مدافعى الفرق المنافسة
لا يستطيعون إيقافه
وإن قطعوا طريقه
فعندما يسجل كريستيانو
يقف ميسى محدقا بلا حيلة
ميسى لا يضاهيه
عندما يقارن به
فرده »سخومان سيج» (38 عاما) بقصيدة بعنوان »ميسي» عام 2017:
نبض الملايين
عفوا المليارات
اسمه ليونيل أندرياس ميسي
قديس كرة القدم
البشر فى كل مكان يعرفونه
فعصر ميسى لن يولى أبدا
360 يوما لا يهزم
قادر على التحمل غير قابل للسيطرة
كلما وضع قدمه فى الميدان
يستعد المنافسون للاستسلام
فى طفولته لم ينته شغفه بالكرة
عندما يكون فى طريقه للهدف
لا يستطيع أحد أن يوقفه
فاز بالبالون دور أربع مرات
خلّد نفسه فى ملايين العقول
إنه فى أعلى ركن المشاهير
والأفضل فى لعبته
ووضعت رابطة مشجعى ليفربول قصيدة أو أغنية للمصرى محمد صلاح بعدما قاد فريقهم للانتصار فى العديد من المباريات وحطم بأهدافه العديد من الأرقام القياسية الصامدة منذ سنوات، وعنوانها »مو صلاح»:
مو صلاح مو صلاح
اجرى فى الجناح
مو صلاح مو صلاح
أيها الملك المصري
مو صلاح مو صلاح
بطل تسجيل الأهداف
مو صلاح مو صلاح
يسجل أكثر من غيره
مو صلاح مو صلاح
يسجل فى كل مباراة
مو صلاح مو صلاح
هذا هو اسمه
مو صلاح مو صلاح
لاعب ممتع
مو صلاح مو صلاح
إنه أفضل من العمدة (المقصود عمدة بلدية ليفربول)
ويضاف إلى هذه الأغنية مقاطع أخرى أو كما يسميها أهل الغناء فى مصر »طقطوقات»، ومنها:
محمد صلاح
هدية من الله
لقد جاء من روما إلى ليفربول
إنه يسجل أهدافا كثيرة
إنه حمل ثقيل على خصومه
لذا فمن فضلكم لا تأخذوا محمد بعيدا
وطقطوقة أخري:
مو صلاح .. لا لا لا لا
إنه جيدا بما يكفي
وهو يكفيني
لو سجل عددا آخر من الأهداف
فسأصبح مسلما مثله
لو كان جيد بما يكفي
فهو يكفيني
يجلس فى المسجد، حيث أريد أن أكون
مو صلاح .. لا لا لا لا
نقلت الدوائر الأدبية الصراع المحموم بين ثنائى كرة القدم الأسطورى المعاصر الأرجنتينى »ليونيل ميسي» والبرتغالى »كريستيانو رونالدو» من الساحة الخضراء حيث الصراع على إحراز الأهداف والفوز بالبطولات، والظغر بالجوائز الرفيعة مثل جائزة أفضل لاعب فى العالم »البالون دور» التى فاز بها كل منهما خمس مرات، وكذلك جائزة هداف الدوريات الأوروبية »الحذاء الذهبي» الذى يتصارع عليه الثنائى ويحملان الرقم القياسى فيه، ولكن حضورهما هذه المرة كان مختلفا، فبدا كريستيانو قاصا وميسى شاعرا.
منحت جريدة »تريبيون» البريطانية المساحة لكريستيانو رونالدو ليكتب ما يرغب فى ثوب قصة قصيرة فكتب »مدريد قصتي» والتى اختتمها بتوقيعه وتاريخ (3 أكتوبر 2017):
لدى ذاكرة قوية لأستحضر ما حدث عندما كنت فى السابعة، ويمكننى تصوره بوضوح ويشعرنى بالدفء العائلي.
كنت قد بدأت لعب كرة القدم لتوى فى شوارع ماديرا مع أصدقائي، وعندما أقول الشوارع، لا أقصد طريقا فارغا، ولكن أقصد الشارع، ولم يكن لدينا أى أهداف، وكنا نضطر إلى إيقاف اللعب كلما مرت إحدى السيارات، وكنت أشعر بالسعادة الشديدة كل يوم، ولكن والدى الذى كان مسئولا عن المعدات فى نادى »إف سى أندورينها» شجعنى على الالتحاق بفريق الأشبال بالنادى وكنت أعرف أن هذا سيجعله فخورا به؛ فذهبت.
فى اليوم الأول كان هناك الكثير من القواعد التى لم أفهمها ولكنى أحببتها، لقد أدمنت التنظيم والقيام بالمهام التى أكلف بها والشعور بالفوز، وكان أبى يحضر كل مباراة بذقنه الكبيرة وهو يرتدى ملابس عمله، بينما أمى وأخواتى فلم يكن لهن أى اهتمامات بكرة القدم.
لهذا كان والدى كل ليلة على العشاء يحاول حثهم على الحضور ورؤيتى وأنا ألعب، كان بمثابة وكيلى الأول، وأتذكر ما كان يقوله عند عودتى معه بعد المباريات »لقد سجل كريستيانو هدفا!»، فكن يقلن »يااااه.. عظيم»، لكنهن لم يتحمسن حقا.
وفى المرة التالية قال لهم »كريستيانو سجل هدفين» فكان ردهن بلا إثارة »أوه.. هذا رائع حقا كريس»، ماذا يمكننى أن أفعل إذا؟، كل ما قمت به أن واصلت التهديف، وفى إحدى الليالي؛ عاد والدى إلى المنزل وقال »كريستيانو سجل ثلاثة أهداف! كان أمرا لا يصدق، يجب أن تأتن لرؤيته يلعب!».
لكنى مازلت أتطلع إلى جانبى الملعب فى كل مباراة وأرى والدى يقف هناك وحده، حتى كان اليوم والمشهد الذى لن أنساه أبدا وشعرت معه بالدفء؛ رأيت أمى وأخوتى يجلسن معا فى المدرجات وهن ينظرن.. كيف أقول ذلك؟.. بدين دافئون، كانوا متشبثات ببعضهن البعض ولم يكن يصفقن أو يصرخن، بل كن يلوحن لي، كما لو كنت فى موكب أو شيء من هذا القبيل، لقد بدين بالتأكيد وكأنهن لم يسبق لهن حضور مباراة لكرة القدم من قبل، لكنهن كن هناك، وهذا كل ما يهمني.
كانت لحظة جيدة وتعنى لى الكثير، وكأن شيئا تغير داخلي، كنت فخورا حقا فى ذلك الوقت، لم يكن لدينا الكثير من المال، كانت الحياة صراعا حقيقيا فى ماديرا، كنت ألعب بحذاء قديم أعطانى إياه أحد أبناء عمومتي، ولكنك عندما تكون طفلا؛ لا تهتم بالمال ولكن يؤثر فيك شعور واحد قوي، أنك محبوب وتشعر بالأمان، أو كما يقال بالبرتغالية »فتى الأسرة المدلل».
أنظر إلى ذكرياتى بحنين كبير، فهذه الفترة من حياتى وكرة القدم أعطتنى كل شيء، لكنها أخذتنى أيضا بعيدا عن المنزل قبل الأوان، وكان عمرى 11 عاما، حيث انتقلت من جزيرة ماديرا إلى الأكاديمية الرياضية بلشبونة، وكانت تلك أصعب فترة فى حياتي.
إنه لمن الجنون أن أفكر فى شعورى بأن ابنى كريستيانو الصغير ذو السبع سنوات – أثناء كتابتى هذه السطور – يحمل حقيبته وأرسله أربع سنوات إلى باريس أو لندن، يبدو أمرا مستحيلا، وبالتأكيد كان كذلك بالنسبة لوالدي.
لكنها كانت فرصتى لمتابعة حلمي، لهذا سمح لى بالذهاب، وذهبت وكنت أبكى كل يوم تقريبا، كنت مازلت فى البرتغال ولكن الأمر عندى كما لو أنى انتقلت لبلد آخر، فبدت اللهجة وكأنها لغة مختلفة، والثقافة أيضا مختلفة، كنت وحيدا للغاية، لا أعرف أحدا، ولم يكن بمقدور أسرتى أن تزورنى سوى كل أربعة شهور، وكنت بينهما فى عداد المفقودين، وكل يوم يمر يصاحبه ألم شديد.
جعلتنى كرة القدم أتعلم أشياء كثيرة فى الميدان، بعضها لم يكن يقدر عليها الأطفال الآخرين فى الأكاديمية، وأتذكر أنى سمعت أحدهم يقول للآخر »هل رأيت ما فعله؟.. إنه وحش»، أخذت أسمعها طوال الوقت حتى من المدربين، ولكنى عندئذ كنت أسمع أحدهم يقول »نعم.. ولكن من المؤسف أنه صغير الحجم جدا».
وهذا صحيح، كنت نحيفا ولم يكن لدى أى عضلات فى جسمي، لهذا اتخذت قرارا عندما كنت فى الحادية عشرة، كنت أدرك أن لدى موهبة كبيرة ولكنى قررت أن أجتهد أكثر من الجميع، توقفت عن اللعب أو التصرف كطفل وعملت على التدريب حتى أصبح الأفضل فى العالم.
لا أعرف من أين جاءنى هذا الشعور، كان بداخلى مثل الجوع المستمر، فعندما تخسر تشعر أنك تتضور جوعا، وعندما تفوز فمازلت تتضور جوعا أيضا، وكأنك تناولت فقط بعض الفتات.
بدأت أتسلل من غرفة النوم ليلا لأتدرب، أصبحت أكبر وأقوى وأسرع، وعندما كنت أمشى فى الملعب أرى الذين اعتادوا أن يهمسون »نعم.. لكنه نحيل للغاية»، ينظرون إلى وكأن نهاية العالم حلت بهم.
أتذكر جيدا أنى عندما كنت فى الخامسة عشرة التفت إلى زملائى فى الفريق أثناء التدريب وقلت لهم »سأكون الأفضل فى العالم يوما ما»، كانوا يضحكون نوعا ما، فلم أكن حتى فى الفريق الأول لسبورتنج بعد، ولكنى كنت أعتقد ذلك وأن هذا ما يجب أن يحدث.
وعندما بدأت اللعب احترافيا فى السابعة عشر، كانت أمى بالكاد يمكنها أن تتابعنى بسبب الإجهاد، كانت تحضر إلى الملعب لمشاهدة مبارياتي، وكان ينتابها القلق الشديد خلال المباريات الكبري، حيث أصبحت تأخذ الأمور على محمل الجد، وذهب الأطباء يصفون لها المهدئات لتتناولها أثناء مبارياتها، كنت حينها أود لو أقول لها »أتتذكرين عندما كنتِ لا تهتمين بكرة القدم؟».
بدأ حلمى يكبر أكثر وأكثر، كنت أرغب فى اللعب للمنتخب الوطنى واللعب بنادى مانشستر يونايتد؛ حيث اعتدت أن أتابع الدورى الإنجليزى الممتاز على شاشة التلفاز، وفتنتنى سرعة الحركة وأهازيج الجماهير، وعندما أصبحت لاعبا بمانشستر؛ شعرت بالفخر الشديد، ولكن أسرتى كانت أكثر فخرا.
فى البداية؛ كان الفوز بالبطولات يثير مشاعرى بقوة، فأتذكر عندما فزت بأول كأس لدورى أبطال أوروبا فى مانشستر، كان شعورا لا يوصف، نفس الإحساس مع أول كرة ذهبية لأفضل لاعب فى العالم، لكن أحلامى أصبحت أكبر، وكانت خطوتها الثانية مدريد، بحثا عن تحدٍ جديد والفوز بالمزيد من الألقاب وكسر جميع الأرقام القياسية، وأن أصبح أسطورة النادي.
على مدى السنوات الثمان الماضية؛ حققت أشياء لا تصدق فى مدريد، لكن ولكى نكون صادقين، فإن الفوز بالبطولات فى وقت لاحق من مسيرتى أصبح مصحوبا بنوع آخر مختلف من المشاعر، خاصة فى العامين الأخيرين فى مدريد، فإن لم تفز بكل شيء يعتبره الآخرون فشلا، وأن تحقيق المعجزات هو وظيفتي.
ولكن وعندما تصبح أبا، فهذا شعورا مختلفا تماما، لا أستطيع وصفه، ولهذا كان وقتى وحياتى فى مدريد مميزا، فكنت لاعب كرة قدم حقيقى وأبا أيضا.
وهناك لحظة مع ابنى سأتذكرها بوضوح دائما، فعندما أفكر فيها أشعر بالدفء، كانت هذه هى المرة الأولى فى الملعب بعد فوزنا فى نهائى دورى أبطال أوروبا فى كارديف، لقد صنعنا التاريخ فى تلك الليلة، شعرت مع صفارة النهاية أنى أرسل رسالة هامة إلى العالم، لكنى وجدت ابنى يأتى نحوى ليحتفل معي، ومعه ابن مارسيلو، وكان كإبهام صغير، فتغيرت مشاعرى كليا، حيث أمسكنا الكأس وسرنا معا يدا بيد حول الملعم.
إنها سعادة لم أفهمها حتى أصبحت أبا، الكثير من المشاعر تداخلت معا فى نفس الوقت، ولا يمكننى وصفها بالكلمات، الشيء الوحيد الذى أدركته هو أنى شعرت بنفس دفء ماديرا عندما رأيت أمى وأخوتى مجتمعين فى المدرجات.
عندما عدنا إلى بيرنابيو للاحتفال كان كريستيانو الصغير وماركسيتو يلعبان فى الملعب أمام جميع المشجعين، كان مشهدا مختلفا كثيرا عن الوقت الذى كنت ألعب فيه فى الشوارع عندما كنت فى نفس عمره، ولكنى أأمل أن يكون شعور ابنى كشعورى وقتها أنه كما يقال بالبرتغالية »فتى الأسرة المدلل».
بعد 400 مباراة مع مدريد، الفوز مازال طموحي، أظن أنى ولدت هكذا، ولكن المشاعر بعد الفوز تغيرت بالتأكيد، إنه فصل جديد من حياتي، كانت هناك رسالة خاصة محفورة على حذائى »زئبقي»؛ إنها على حق، فهى تذكرنى بحلم الطفل فى داخلي، ربما الآن فهمت.
فى النهاية؛ مهمتى بالطبع هى ذاتها دائما، أريد الاستمرار فى كسر الأرقام القياسية فى مدريد، أريد الفوز بأكبر عدد ممكن من الألقاب، تلك هى طبيعتي. ولكن ما يهمنى أكثر عن وقتى فى مدريد هو ما سأقوله لأحفادى وأنا فى عمر 95 عاما، وشعورى بالسير فى أرجاء الملعب كبطل يدا بيد مع ابني.
أأمل أن نفعل ذلك مرة أخري.
احتفظ ليونيل ميسى بشذرة أدبية صغيرة ولكنها ترتبط بذكرى قابعة فى قلبه ولا يمكن أن تنتزع، حيث تفتحت عينيه عندما كان فى الخامسة على ابنة جيرانه ذات الأربعة أعوام، حتى بدأ الفتى يكبر وأخذت مشاعره تتجه إليها بقوة مبكرا، حيث كان وقتها فى الثالثة عشرة، والتقى بها بعد فراق عند زيارته لمسقط رأسه بمدينة »روزاريو» فدعاها لزيارة برشلونة فى إسبانيا بالاتفاق مع ناديه الذى يراعاه، وأعطاها هدية وقصاصة عليها خمسة أبيات، وبعد نحو سبع سنوات تزوج ميسى من »أنتونيلا روكوزو» فتاته الصغيرة التى كتب لها تلك الأبيات وقال فيها:
أشعر بالزهو بجوارك
رؤيتك تسعدنى وتشجعنى
أعدو أعدو لأراكِ
أحزن عندما تغيبى عنى
انتظرك لأعيش من جديد
* جريدة أخبار الأدب المصرية
تنوعت أشكال الأدب عند ممارسى كرة القدم، وإن كان الشعر يأتى فى المرتبة الأولى لديهم، ربما للتشابه بين الحالة التى تصاحب التجربة الشعرية والأخرى التى لا تنفصل عن تجارب اللاعبين فى الملاعب، ثم تأتى القصة القصيرة فى المرتبة التالية، ربما لأن اللاعبون لا يقدرون على الاسترسال فى الكتابة، ثم تبدو الفجوة كبيرة بين هذين الشكلين وأى أشكال أخري، وخاصة الرواية التى من النادر أن نجد لاعبا يهوى هذه النوعية من الكتابة، حتى بعد الاعتزال.
قليلون فى الزمن الغابر من جمعوا بين البراعة الأدبية وكرة القدم، ورغم هذا فكان هناك عدد من أشهر الكتاب ممن مارسوا كرة القدم وكتبوا عنها مثل مؤلف رواية »لوليتا» الشهيرة »فلاديمير نابوكوف» والذى كان حارس مرمى فى شبابه، وأيضا مبدع روايات شارلوك هولمز »أرثر كونال دويل» الذى كان مدافعا فى نادى بورتسموث الإنجليزى فى ثمانينيات القرن التاسع عشر، كذلك كان »جيمس جويس» حارس مرمى و »ألبير كامو» لاعب وسط، وكلاهما كتب عن كرة القدم فى أعماله.
بدايتنا مع الرواية التى كما ذكرنا، من النادر وأن نجد لاعبا لكرة القدم يغواها، مثلما شغفت كرة القدم عشرات من كُتَّاب الرواية، ومن هذه النوادر النرويجى »يورجن يوف» (1906 – 1983) الذى لعب لنادى »لين» النرويجى ومثل منتخب بلاده فى الألعاب الأوليمبية عام 1936، ثم اتجه إلى الصحافة بعد اعتزاله، وبالرغم من بدايته كمحرر رياضي، لكنه عمل على رصد القضايا الاجتماعية المختلفة، وهو ما قاده إلى كتابة الروايات فى سنوات عمره الأخيرة التى تجاوزت العشرة أعوام، ومن أعماله »ألت أوم»، »نورساك» و »أولببيك».
وممن شغفتهم كرة القدم فى عالم الرواية؛ الناقد الإنجليزى »أنتونى كلافان» الذى أخذ يدقق فى الروايات التى كان عصبها كرة القدم واختار أفضل عشرة منها، وكانت الغلبة فيها لمخترعى كرة القدم، ورتبها تصاعديا من العاشرة إلى الأولي، ويبدأ برواية »الأمل الذى يقتلنا» للأسكتلندى »أدريان سيرل» (56 عاما) عن غيرة النساء من اهتمام الرجال بكرة القدم الذى تحول رويدا إلى اهتمام أكبر، دفعهم ليس فقط لتشجيعها ولكن لممارستها أيضا، ثم رواية »مصنع كرة القدم» للأمريكى »جون كينج» (54 عاما) الذى تصدى فيها لظاهرة شغب الملاعب، فرواية »كيف حقق ستيبل سيندر فوزا رائعا» للإنجليزى »جوزيف كار» (1912 – 1994) عن مفهوم العدالة الذى ترسيه كرة القدم.
تأتى سابعا رواية »الرجل الذى يكره كرة القدم» للألمانى »ويل باكلي» (73 عاما) وفيها أنقذت كرة القدم رجلا فى منتصف العمر من الانهيار، وتتبعها رواية »لغز ستاد أرسنال» للإنجليزى »ليونارد جريبل» (1908 – 1985) وهى رواية بوليسية تدور أحداثها فى ملعب كرة القدم، ثم رواية »حراس المرمى مختلفون» للأيرلندى »برايان جالنفيل» (86 عاما) عن حكايات كرة القدم التى غيرت من حياته، فرابعا رواية »المباراة» للإنجليزى »ألان سيليتو» (1928 – 2010) والتى تنبأ فيها أن كرة القدم يمكن أن تنشر العنف بين الناس نتيجة التعصب الأعمي، ورواية »التعساء» لمواطنه »برايان جونسون» (1933 – 1973) وتنبأ هو الآخر بأن تدخل المال فى كرة القدم سيفسدها ويقضى على متعتها يوما ما، ثم فى المرتبة الثانية رواية »يونايتد الملعون» للويلزى »ديفيد بيس» (51 عاما) عن الحد الدقيق والفاصل بين التشجيع الحميد والتعصب الذميم، وفى مقدمة الروايات التى اختارها كلافان رواية »المجد للوغد» للإنجليزى »بارى هاينز» (1939 – 2016) وتدور حول أهمية كرة القدم فى حياة الشعوب وأفرادها.
لم يمارس لاعبو كرة القدم الكتابة فحسب، بل برع بعضهم فيها ، وترشحوا لجوائز كبري، مثل جائزة البولتزر، وممن ترشحوا لها لاعب إنجلترا ومانشستر يونايتد الشهير »ديفيد بيكهام» حيث أعد سلسلة من الكتب التى تتناول ما يربط بين كرة القدم والرياضة بشكل عام من جانب والثقافة من جانب آخر، وخاصة الأخلاقيات، وصولا إلى رواية تتناول التأثير الإيجابى لكرة القدم فى الأطفال وتنشئتهم عام 2009 وعنوانها »التجربة»، هناك أيضا الإسبانى »ببى ميل» والذى كان لاعبا وأصبح مدربا، وأصدر روايتين ناجحتين بعنوان »الكاذب» و»الطريق إلى حياة أخري»، والأخيرة أثارت حفيظة الكنيسة الكاثوليكية، ورغم هذا رشحت للبولتزر، ويعكف على كتابة رواية يضع فيها طريقة لإيقاف كريستيانو رونالدو.
وممن ترشحوا للبولتزر أيضا »تيرى تينابلز» لاعب ومدرب منتخب إنجلترا ونادى برشلونة، بدأ منذ السبعينيات بسلسلة روايات اشترك فيها مع المحترف الرياضى »جوردون ويليامز» وكان أولها عام 1971 برواية »اللعب على العشب» التى توقع فيها ما حدث من تطور فى كرة القدم، ثم سلسلة »المخبر هازل» والتى قدمت فى حلقات تليفزيونية، واتبع الإنجليزى »فرانك لامبارد» لاعب تشيلسى السابق خطوات زميله »ثيو والكوت» فى مجال أدب الأطفال وتفوق عليه بسلسلة »فرانكى ماجيك فوتبول» والتى بلغ عدد أجزاؤها 14 ونحو خمسة أجزاء من السلسلة الثانية »الكرة فى الفضاء» إلى جانب عدد آخر من الكتب.
منهم أيضا الإنجليزى »ديفيد إكي» حارس مرمى فريق كوفنترى السابق والذى تخصص فى الكتابة الخيالية، وبدأها بعمود صحفى ثم أسس شركة نشر خاصة وأصدر حتى الآن ستة عشر كتابا تدور حول الزواحف الذين يديرون العالم، واعتقد النقاد فى عدد منهم وبحسب وصفه، أنه يقصد أشخاصا مثل جورج دابليو بوش، الملكة إليزابيث الثانية، كريس كريستوفرسون وغيرهم.
وننتقل إلى القصص القصيرة فى عالم كرة القدم، فبموقع مجتمع الكتابة الإلكترونى الشهير »وات باد» ركن خاص لقصص كرة القدم القصيرة التى يكتبها اللاعبون والتى تضم قصصا للبرازيلى »تياجو سيلفا» لاعب ناديى يوفينتوس وميلان الإيطاليين السابق وباريس سانجيرمان الحالي، ومن قصصه »هذه الرسائل لم ترسل أبدا»، ومواطنه »ديفيد لويس» لاعب تشيلسى الإنجليزى وقصته »بابا يعرف أفضل»، الإسبانى »مارك بارترا» لاعب برشلونة السابق وريال بتيس الحالى ومن أعماله »حذر زملائى فى العمل».
هناك أيضا الإسبانى »تشافى هيرناندز» قائد منتخب إسبانيا عند فوزه بكأس العالم عام 2010 ولاعب برشلونة السابق، وقصته »شعور جيد»، ورائعة مواطنه وزميله فى النادى »سيفيك فابريجاس» بجزأيها »فقد صوابه كليا»، وقصة قائد منتخب المكسيك »أليكسيس سانشيز» المؤثرة »هنا سري»، والألمانى »مسعود أوزيل» وقصته »القيل والقال فى غرفة خلع الملابس»، ومئات أخرى من القصص لعشرات اللاعبين.
وضع الكاتب الإنجيلزى »روس ويليامز» يده على ما اعتبره أعظم عشرة قصص ملهمة من حياة عشرة من لاعبى كرة القدم ونسجها فى ثوب قصص قصيرة ووضعها فى كتيبه »أعظم قصص كرة القدم» وتضمن قصة المكسيكى »ألكيس سانشيز» لاعب الأرسنال السابق الذى بدأ يعيل أسرته وهو فى السادسة من عمره وكان يتقاضى ما يعادل 160 جنيها أسترلينيا فى الأسبوع، الإفوارى »ديديه ديروجبا» الذى يداوم على التبرع من أجل بلاده، وتبرعه أيضا بثلاثة ملايين جنيها أسترلينيا للجمعيات الخيرية فى أفريقيا، وبناء مستشفى فى مسقط رأسه، الأسكتلندى »ستيفن نيسميث» لاعب نيوكاسل الإنجليزى السابق الذى كان يشترى تذاكر مباريات فريقه ويوزعها على الجمهور مجانا، الألمانى »مسعود أوزيل» الذى تبرع بمبلغ 350 جنيها أسترلينيا للجمعيات الخيرية فى البرازيل أثناء مشاركته فى كأس العالم هناك مع منتخب بلاده.
ومعهم أيضا البرتغالى »كريستيانو رونالدو» لاعب ريال مدريد الذى تكفل بعلاج عدد كبير من مرضى السرطان ممن هم دون التسع سنوات فى بلاده، الإنجليزى »ريكى لامبرد» لاعب ليفربول الذى بدأ طفلا فى هذا النادى ولكن تم تسريحه وهو فى العاشرة من عمره ليتنقل بين نحو عشر أندية وصولا إلى أحد أندية الدرجة الثانية الذى قاده للصعود إلى الدرجة الممتازة، وكان هدافا للفريق ثم اختير ليمثل بلاده فى كأس العالم، وأخيرا حقق حلمه بالعودة بعد 15 عاما إلى ناديه الأصلى ليفربول ليختتم حياته به. الجورجى »جابا كانكافا» لاعب فريق »إف سى دنيبرو» الذى أنقذ حياة خصمه من فريق »ديناموكييف» عندما اصطدم به فقام بوضعه على ظهره بسرعة شديدة لمنعه من الاختناق بعد أن ابتلع لسانه. الأرجنتينى »ليونيل ميسي» لاعب برشلونة الذى أخذه ناديه طفلا معيبا وتكفل بعلاجه باستخدام هرمون النمو باهظ التكلفة للتخفيف من حالة نقص النمو لديه، ليصبح واحدا من أعظم من لعبوا كرة القدم.
والنيجيرى »فيكتور موسيس» الذى قُتل والداه صغيرا وسافر إلى إنجلترا لاجئا، وقبل به نادى »كريستيال بالاس» على ضمانة أحد أعضائه ليبرز ويلعب فى عدد من أهم أندية إنجلترا مثل تشيلسى وليفربول ووستهام، ورغم لعبه لصفوف منتخبات إنجلترا ناشئا وشابا تحت 16 و17 و19 و21 عاما، لكنه قرر أن يعود ليمثل منتخب بلاده الأصلى نيجيريا. الإنجليزى »تشارلى أوستن» الذى تم تسريحه من ناديى »ريدنج» و»بورتسموث» صغيرا لضآلة جسده، ليعمل طباخا فى الأخير، ويظل يمارس هوايته كرة القدم مع إحدى فرق الهواة، ليلتحق فيما بعد بفريق »ريديف بورتسموث» ومنه لنحو 12 فريقا من الدرجة الثانية ساهم فى صعودهم إلى الدرجة الأولى وبعضهم إلى الممتاز، وسجل أكثر من 300 هدف، ليعرف الدورى الممتاز لأول مرة فى موسم (2014 / 2015) بعد أن تجاوز عمره 24 عاما مع فريق »كوينز بارك رينجرز» ويتم استدعاؤه لمنتخب بلاده.
انتشرت فى الفترة الأخيرة الأندية الشعرية التى أعضاؤها من لاعبى كرة القدم وربما ينضم لهم المدربون، فهناك نواد شعرية بأسماء أندية كرة القدم مثل نادى شعراء مانشستر يونايتد ونادى شعراء ليفربول ونادى شعراء نيوكاسل وغيرها من الأندية الإنجليزية، كما أن هناك روابط بأسماء البلدان مثل رابطة شعراء الكرة الإنجليزية والتى تضم لاعبين سابقين أمثال فرانك لامبرد، أيان راش، جاك هاديسون، جون هويت، وعلى رأسهم السير أليكس فركسون، وهناك أيضا رابطة الشعراء الأسبان والتى تضم تشافى ألونزو، بريز فيريرا، ألان هيريرا، بيب جراديولا، ورابطة شعراء الكرة الهولندية ومن أعضائها فيليب أديسين، مارك أوفرمارس، رونالد باتينجا، سان فاندوج، رالوف فانتير، وهناك أيضا رابطة الكرة البرازيلية ومن نجومها هاندرسون، رونالدينهو، بينتو، كاريكا، وجورنوس، وغيرها من النوادى والروابط الشعرية.
وقد ارتبط الشعر بالرياضة منذ الألعاب الأوليمبية القديمة، حتى أصبح لكل لعبة شعراؤها، من الرماية إلى البيسبول والسلة والتنس وحتى صيد السمك، ولكن تظل لكرة القدم وضعها الخاص حتى فى عالم الشعر، ومن النوادى العامة التى لا ترتبط بعرق أو نادى كرة قدم بعينه، نادى شعراء كرة القدم، وهو ذو طابع خاص حيث يصف فيه اللاعب نفسه، ومن أعضائه لاعب منتخب إنجلترا السابق »جو كول» وهو عضو فيه منذ عام 2003، ومن كتاباته:
اخترقت قلعة أنفيلد
أحرز النصر
لترتفع الأيدي
تأمل القائد رقم 5
وهو يمحو الماضي
ربما للحظة
والجناح الطائر ينطلق
ويركل بقدمه الذهبية
وهناك أيضا زميله السابق فى المنتخب »واين روني» وهو عضو فيه منذ عام 2006، ومن كتاباته:
ربما ربما
مثل إيكاروس
الذباب قريب جدا
من الشمس
ومعهما الفرنسى »باتريك فييرا» وهو عضو بالنادى منذ عام 2006، ومن كتاباته:
صلابة مثل المسامير فى أرض الملعب
جنرال يقود المباراة
ضابط الخطة ورمانة الميزان
قدرة فائقة وشجاعة
أطراف طويلة رائعة
قوام ممشوق ومتناسق
عضلات فولاذية
وقبضة قوية
يبدو كعملاق لا يتملكه اليأس
وتراه يبتسم مع دفء الشمس
خارج المستطيل بعيدا عن الكاميرا
محظوظ بما يكفى فى الاستمتاع بالوهج
ومن النوادى العامة للاعبى كرة القدم »نادى مرحبا بالشعر» والذى يعد رغم قلة المشاركات به من أقدم هذه النوعية من النوادي، ومن أعضائه الأسكتلندى »أليكس راي» وكانت آخر قصائده التى سجلها فى هذا النادى عام 2012 وعنوانها »سنجاب»:
سنجاب
أتى من الماضي
كأنه يراقب ضربات القلب
قوس يغازلني
خلف شجرة
أظن ذلك
كن لطيفا
لتحصل عليها
إنها نعمة كرة القدم
أيها الطائش
هكذا أفكر
والأيرلندى »أوين دويل»، ومن قصائده »مشاكل لا تنتهي» عام 2016:
فقط إذا كنت صغيرا
سأكون لاعب كرة قدم أفضل
والضجيج يملأ رأسى فى الحافلة
وغطاء الرأس لا يكفي
ولا يجب أن يكون كذلك
اللاعب الفنلندى »روج تونر» ومن أعماله »أستطيع أن أكون» عام 2015:
أستطيع أن أكون
عندما أكبر
هناك الكثير يمكن أن أكونه
مليون خيار مختلف
والاختيار فى النهاية لي
يمكن أن أكون رجل إطفاء
وأقود سيارة حمراء
أو أعمل فى مطبخ
وأصنع الطعام للناس
يمكننى أن أكون بحارا
وأذهب من بحر إلى بحر
لدى مليون اختيار
والخيار لى وحدي
يمكننى أن أكون معلما
وأن أعلم الأطفال الكتابة
أو أكون مغنيا
وأغنى على الخشبة كل ليلة
راقص أو طبيب أسنان
رسام أو بهلوان
والخيار متروك لي
ولكنى اخترت كرة القدم
ظهر منذ عدة أعوام موقع أو منتدى يضم سبعة أطلق عليهم رواد الكتابة والإبداع الشعرى من لاعبى كرة القدم الأفذاذ، وهم:
ــ »لويل كينج» أيرلندى لاعبا ومدربا، عبر عن موهبته بإصدار ديوان »90 دقيقة».
ــ»دامين ريتشاردسون» وسجل مذكراته كلاعب ومدرب بالشعر ويبث بعضها بين الحين والآخر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ــ »جون توشاك» عبر عن موهبته الشعرية وهو ما يزال لاعب عام 1976 فى ديوان بعنوان »جوش» وكان بارعا فى وصف المباريات شعرا، ومن قصائده من هذه النوعية واحدة وصف فيها مباراة ويلز ضد يوغسلافيا عام 1976 وفيها:
اليوغسلاف كانوا الأكثر مهارة
ولكن كان علينا إنقاذ شيئمن كبريائنا
كنا فى حاجة ماسة إلى هدف
ولكن صدمنا فى الواقع
بقرار سيى آلمنا
بركلة جزاء سجلها السلاف
وكنا أكثر ارتباكا فى النصف الثاني
ومشجعى ويلز لم يستمتعوا
وأنقذ جلوكنير اثنين من أهدافه
ودعت لنا الحشود »بارك الله أرواحكم»
خمس دقائق استراحة واستعدنا السيطرة
لكن رغم ذلك لم نستطع التسجيل
ــ »إيمون دانفي» وهو لاعب أيرلندى وضع عدة مؤلفات نثرية عن كرة القدم ومنها »لعبة فقط»، ثم كتب سيرته الذاتية شعرا، واعتبره النقاد أفضل من مارس الكتابة من لاعبى كرة القدم المحترفين السابقين.
ــ »ألبير كامو» وهو ليس الكاتب الفرنسى الشهير، ولكنه حارس مرمى أيرلندى تحول للكتابة بعد الاعتزال ثم ذهب يكتب الشعر ويحاول أن ينقل ما يشعر به لاعبو كرة القدم فى كل موقف والتى بدت متباينة لا يشبه فيها أحدهم الآخر على الإطلاق.
ــ »ستيف بروس» كان مهاجما فذا وأصبح شاعرا مميزا، اختص كل مركز من مراكز كرة القدم بكتاب شعري، فمنها »المهاجم»، »المدافع» و »حارس المرمي».
ــ »ثيو والكوت» الذى وضع سلسلة »تى جيه» التى يتعقب فيها طفلا صغيرا يحلم أن يصبح لاعب كرة قدم، بدأها منذ عام 2010 وصدر منها أربعة أجزاء حتى الآن.
خصص منذ بضع سنوات »مشروع مشاهير الشعر والشعراء» جزءا لمن وهبوا أشعارهم لكرة القدم، ومن شعراء هذا الركن: الإيطالى »إدجار بويز» (1924 – 2000)، الإنجليزى »ديفيد بيرمان» (1903 – 1957)، الأسكتلندى »ماريوت إدجار» (1880 – 1951) ومن قصائده »حارس المرمى جيو» وفيها:
كان لاعبا فى النادى لثلاث سنوات
وقد تذمر مرارا وتكرارا
استخدموه لبعض الوقت ولكنهم سيتركوه
وكأن أيامه تتساقط مع المطر
شعر بأنه أهدر موهبته
عندما جعل منها وظيفة
وذهب يحمل الملابس للآخرين
ويشتبك مع الحكام كل حين
مباراة واحدة متبقية وفيها طوق النجاة
المباراة السنوية التى يتوقف عليها كل شيء
أعد نفسه وملابسه للحدث
دماؤه تغلى وعلى وجهه ابتسامة
كان يوم المباراة رائعا
صباح جميل ومشرق
مع بعض الضباب المنجرف من حقول القرميد
ورذاذ مطر خفيف يتطاير فى الهواء
والأمريكى »جيمس رايت» (1927 – 1980)، الكندى »روبرت سيرفيس» (1874 – 1958)، الإنجليزى »تونى هاريسون» (80 عاما)، والإنجليزى »ألفريد هوسمان» (1941 – 2012)، ويقول فى قصيدته »هل يفعلها فريقه»:
الكرة تطير
الفتيان يلعبون بالقلب والروح
لإحراز الهدف، الحارس
يقف فى مرماه ليمنع الأهداف
ابنتى سعيدة لم تعد تبكي
وصديقى المريض لم يعد قلبه يؤلمه
الكل ينتظر الهدف
ويخشى أن يسجل هدفا
من بينهم أيضا الإنجليزى »فيليب لاركين» (1922 – 1985)، ومواطنه »فيرنون سكانيل» (1922 – 2007)، الأسترالى »هنرى لاوسون» (1867 – 1922)، والنيوزيلندى »سبانجو باترسون» (1864 – 1941)، ومن أشهر من كتب الشعر ووجد نفسه بين هذه المجموعة الحاصل على جائزة نوبل عام 2005 »هارولد بنتر» (1930 – 2008)، وقصيدته »كرتنا» وفيها:
لا هوكى ولا راكبي
لا بيسبول ولا بلياردو
إنها كرة القدم
رقم صعب المراس
بعد بيليه، كان سقراط
خينتو، بينتو
لا أستطيع الانتظار
لا وقت للراحة مع الكرة
لكنها كرة القدم مع الهواء البارد
تنهكك وتلهث وراءها
أكثر من متابعة الخيول
فى سباق البريدز
والعيون تحملق
رابطة أخرى تشبه المشروع السابق ولكنها للأسبان الذين تخصصوا فى كتابة الشعر لكرة القدم وبعضهم مارس كرة القدم، ويأتى فى مقدمتهم بحسب احتفاء الموقع الرسمى للرابطة به، والذى يجمع بين رحيقى الكرة والأدب »أوجستين لوكاس»، وهو لاعب محلى من الأورجواى مثل منتخب بلاده فى بعض المباريات ولا يعرفه الكثيرون خارجها، كان شعره الحماسى السبب الأكبر فى استعانة الجهاز الفنى لمنتخب بلاده به، والوحيد من عائلته الذى انحرف عن طريق الكتب والمكتبات، تلك المهنة لعائلتيه الشهيرتين المتحدتين »لوكاس – توكسيرا»، وإن استمتع كثيرا بكتابة القصص القصيرة والشعر صغيرا.
بعد رحلة احترافية داخلية انتقل فيها لوكاس بين الفرق منذ عام 2004، وفى عام 2013 وأثناء توقف مباراة فى نصف نهائى كأس الأورجواى لسوء الأحوال الجوية اقترح أوجستين على زملائه أن يتباروا فى الشعر، فاستحسن الفريقان موهبته، ليبدأ بعدها فى نشر ما يكتب من قصائد فى الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية، ويكتسب شهرة كبيرة فى الدائرة الأدبية للغة الأسبانية، ثم عالميا بعد ترجمة قصائده للفرنسية والألمانية وغيرها، والتى بلغت نحو 300 قصيدة، ومنها قصيدة »لا تتوقف» وفيها:
لا تدعهم يمسكون بك
استعد لتسجيل الهدف
غيّر وجهتك بمهارة
واجعل عرقك يسيل
عيناك مكسورتان من الشمس
وكاحلك يتراقص مع الكرة
ترتد بها عموديا فى الوقت القاتل
وبحركة مفاجئة تتراقص معها الأرجل فى المنطقة
تتصاعد الأبخرة من الأرض
وأنت تصوب مسدسك نحو المرمي
حان وقت تسجيل الهدف
الأرجل والسواعد ترتجف
ثم تصرخ بعد همهمة
وتستعيد كل ما فقد فى حياة أخري
تبحث عن إخوانك والبقية
تشعر أخيرا أنك تعيش
والشاعر الكولومبى »فرناندو اسكوبار» الذى تخصص فى الكتابة عن كرة القدم وعناصرها ولاعبيها، وتميز بالربط بين الأحداث داخل ملاعب كرة القدم وواقع الحياة، واعتاد أولاده وزوجته وعدد من أقاربه إلقاء قصائده فى العلن فى أى مكان يتجمع فيه الناس وخاصة الملاعب والصالات الرياضية، ومن هذه القصائد »روح»:
عندما تموت الروح فى الملعب
فلا شيء له قيمة
لا النجوم ولا الإشارات
لا النقاط ولا الكؤوس
عندما تموت الروح
يموت القميص معها
والرغبة تودع الفريق
والحياة تغادر الملعب
وكانت المرة الوحيدة التى كتب فيها قصيدة بعيدا عن كرة القدم، ولكن بنفس الفكر والوجدان، عن مانديلا وحملت اسمه، وفيها:
شفى الجروح
نسى الماضي
رأى المستقبل
تخلص من القلق
ومن اضطراب الضمير
جاء بالأمل
احتضن العدو
غفر للجلاد
كتب قصيدة حب
بفكر وقلب
كان حرا خلف القضبان
بنى فريقه
فأعاد بناء أمة
وبعث الأمل فى القارة
والوعى فى العالم
ووحد الكون حوله
فمات مبتسما
رصد موقع »باليتيرو» أحد أهم مواقع الشعر الإسبانى مئات القصائد التى كتبها كبار الشعراء حبا فى كرة القدم، ونشرت أفضل عشرة قصائد اختارها الجمهور، من بينها قصيدتى »الحارس» و »المدرب» للبيروفى »كارلوس جيرمان بيلي»، وقصيدة »بلاتكو» للإسبانى »رفائيل ألبرتي» والتى نسجها عن حارس برشلونة »فرانز بلاتكو» عام 1928، والتى جاء فيها:
لا أحد ينسى بلاتكو
لا أحد لا أحد لا أحد
السماء تغير لونها
والرياح تحول اتجاهها
والبحر يعدل من مجراه
والدماء تتجمد فى العروق
ولا أحد لا أحد لا أحد
لا أحد ينسى بلاتكو
والشاعر الإسبانى »لويس جارسيا مونتيرو» (59 عاما) الذى يصف يوم الأحد المرتبط بمشاهدة مباريات كرة القدم من الملعب وسط التلاحم بين عرق اللاعبين والجمهور وغيرهم من عناصر اللعبة، والشاعر الكولومبى »رامون كوتي» الذى أهدى ابنته »أليخاندرا» قصيدة عن مشاهد كرة القدم على الشاطى قبل الغروب، وجاء فيها:
فى وقت متأخر بعد الظهيرة
عشرة من الشباب أمام الفندق
على الشاطى يلعبون كرة القدم
بينما الشمس تغرق أكثر وأكثر
فى البحر، وعلى الشاطى يركضون
بأقصى سرعة يطاردون ويصرخون
يرفعون الكرة عاليا بأقدامهم العارية
ويصبغون الكثير من الغيوم الرملية
وحركة أجلهم تشوه ظلالهم على كثبانها
وأنا وابنتى الصغرى شهود
وخص الشاعر الأرجنتينى »ماركو كوينكا» (42 عاما) أسطورة بلاده »دياجو أرماندو مارادونا» على غرار مواطنه »أوزفالدو بيكاردو» (66 عاما) والذى قال فيها:
يوم الأحد بعد الظهيرة
بين السكون وحسن الخلق
فى مكان ما ووقت ما
يعطى الإذن لقدمه وتبدأ الإثارة
يقفزون فى الهواء ويختفى الصمت
وصوت التصفيق يتجاوز المرتفعات الإنجليزية
إنه مارادونا كالشمس حفظه الرب
وفى الذاكرة ما كتبه الشاعر الأرجوايانى »ماريو بينديتي» (1920 – 1999) عن سحر العشب الأخضر فى قصيدته »يد الرب»، والأرجنتينى »روبرتو خورخى سانتورو» (1939 – 1977) فى قصيدة »كرة القدم العمودية»:
راقص
مع قدم مذهلة
صافرة
من يراها
يلمسها شيئا فشيئا
يداعبها
بحركة باليه
يرفع الكرة
يدفعها
ينزلق
يفسد فرصة الفوز
يلفها بقدم أخري
يركض
فى الهواء
يرفع
من الأرض
لا أحد يراها
تعود
يستقبلها على صدره
أين هي
سقطت
اندلفت
إلى ساقه
بطريقة غريبة
تموت فى القدم
خطوة أخري
يسحبها على الأرض
يلمسها
ويكمل الرحلة
الكرة والباليه
الحارس
ينظر للحذاء
يتحرك
لا يجدها
يقفز
فى الهواء
يومى برأسه
يمد يده
يتبعه آخر
تذهب بعيدا
يتركها
فى انتظار قدم
أخري
وللسير »أليكس فيرجسون» لاعب منتخب إنجلترا السابق والمدير الفنى التاريخى لنادى مانشستر يونايتد قصص تروى عن علاقته بالشعر، فمنذ عشرين عاما فى معسكر بأسكتلندا شعر بالملل يتسلل إلى لاعبيه، فكتب قصيدة لهم يذكرهم بمسئولياتهم وجاء فيها:
ستلاحظون من شيك رواتبكم
أنى غرمتكم ثلاثة جنيهات
لارتداد الكرة من الدور العاشر
إلى أرضية الدور السفلي
أنا أعلم أنكم لا تودون ذلك
وأن هذا ربما يتعبكم
ولكن من فضلكم لا تلوموني
فأنا لست سبب مصيبتكم
والآن ستدركون أنى شديد الوعى
ولست غبيا لأكرر الأمر
لهذا وقبل أن تنالوا المزيد من التغريم
فإنكم فى المرة القادمة صدقا
لن تجدوا شيئا فى الشيك
يتحدث اللاعب الإسبانى ومدرب برشلونة السابق ومانشستر سيتى الحالى »بيب جراديولا» عن تجربته والعلاقة بين الشعر وكرة القدم فى إقليمه »كاتالونيا» وأنهما وجهان لعملة واحدة فى إثارتهما للفكر والوجدان، كما أن هناك الكثير من اللاعبين فى كاتالونيا يقرأون الكتب وخاصة الأدبية، ومنهم زميله »لويس إنريكي» الذى أصبح شاعرا فيما بعد إلى جانب تدريب كرة القدم، وتحدث عن تجربته مع الشاعر الكاتالونى »ميكيل مارتى أى بول» (1929 – 2003) الذى شاركه عام 1997 فى كتابة ديوان »المواقف» وكيف استفاد كل منهم من الآخر ورصد ما تتوافق حوله كرة القدم والشعر من أحاسيس وأفكار.
ولتعزيز اللغة والثقافة أقامت رابطة المحترفين بالدورى الإنجليزى مسابقة »نجوم الدورى الممتاز للكتابة» للأطفال من أعمار 5 إلى 11 عاما، وفى مطلع عام 2017 تجمع عددا كبيرا من لاعبى الدورى الإنجليزي، وعلى هامش افتتاح هذه المسابقة ألقوا قصيدة بعنوان »حاول مرة أخري» لتشجيع الأطفال على المشاركة، وتضم لجنة التحكيم لاعب كرة القدم السابق ومؤلف كتب الأطفال »فرانك لامبارد» إلى جانب عدد من الكُتّاب والشعراء.
فاجأ نادى »سيلكيرك» الأسكتلندى جمهوره والمجتمع الكروى فى الداخل والخارج بتعيين شاعر فى الجهاز الفنى للفريق الأول لكرة القدم بالنادي، ووقع اختيارهم على »توماس كلارك» وهو لاعب سابق بالفريق، وما اعتبره بعض النقاد الصفقة الجديدة والأهم رغم أنه ليس مهاجما أو مدافعا، وأهم ما يميزه هو إتقانه للغة الأسكتلندية التى يرغب الفريق فى تعزيزها، ووراء هذا الاختيار بعض الأسباب التى جاءت فى عدة بيانات أصدرها النادى منها أن الشعر يؤدى وظيفة فكرية وثقافية داخل الفريق وفى اتجاه الجمهور، سيقوم الشاعر بإعداد قصائد لاحتفال النادى بالعيد القومى لولاية »لوولاند» التى ينتمى إليها، كما يعد ويلقى كلارك قصائد وقصصا ستلقى وتنشر أيضا خلال المباريات، كما يعد عددا آخر من القصائد للاحتفال بالمئوية الثانية لملعب كرة اليد الأسكتلندي.
رصد نادى »شعراء كرة القدم» مما وصل إليهم القصائد التى احتفى بها أحد الشعراء أو الجماهير بلاعب كرة قدم وتخيروا أفضل خمس كتبت لهم، وذلك عبر تصويت الجمهور، وكانت المفاجأة فى تفوق المصرى »محمد صلاح» بقصيدة أو أغنية لم يمر على نسجها أكثر من عام، يليه الأرجنتينى »ليونيل ميسي» ثم البرتغالى »كريستيانو رونالدو» فأسطورة كرة القدم البرازيلية »بيليه» رابعا، وقصيدة الفرنسى ذو الأصول الجزائرية »زين الدين زيدان» خامسا.
فكتب الشاعر »رايان هيليرود» (42 عاما) قصيدة لزيدان عام 2008 بعنوان »شرف زيدان» وفيها:
كانت معركة لاعب كرة قدم فى الميدان
عاصفة إيطالية لم يكن للفرنسى أن يتحاشاها ولو
لبعض الوقت
ماتيرازى يتمتم بفم خبيث
زيدان الغيور على شرفه وكرامته، يعاجله بضربة رأس
لتكن أعظم ضربة فى الصدر
يسقط فى الملعب ضحيته الآثم الأشر
وكارت أحمر يصدر ويسدل ستار الختام
فرنسا تخسر وزيدان يحيا بالكرامة
وكتبت الشاعرة »أمبر نايت» (48 عاما) عام 2003 قصيدية لبيليه عنوانها يحمل اسمه:
عاشق الجمهور
محرز الأهداف
الفائز بالكرة
مندفع بجرأة
لاعب كرة قدم
عادل نظيف
مراوغ عظيم
هداف هاتريك
فائز لا يصدق
مسالم سلس
منسق ممتع
هداف الوقت المناسب
وكتب »بارت باهتيا» (31 عاما) قصيدة لكريستيانو رونالدو بعنوان »حياة الأسطورة» عام 2016:
الكمال لا يكفي
قالها رونالدو
لأنه يتطور
بالتدريب كل يوم
لنهاية العالم
كريستيانو الأفضل
لأنه يمر بسهولة
من أصعب الاختبارات
لعب فى مدريد
امتلك مصيره دائما
يمكنه العودة لمانشستر
لم يفت الأوان
فى قائمة أفضل عشرة
ابحث عن كريستيانو
لأنه يسجل هدفا
فى كل مباراة يلعبها
الخوف فى عقول
كل مدافعى الفرق المنافسة
لا يستطيعون إيقافه
وإن قطعوا طريقه
فعندما يسجل كريستيانو
يقف ميسى محدقا بلا حيلة
ميسى لا يضاهيه
عندما يقارن به
فرده »سخومان سيج» (38 عاما) بقصيدة بعنوان »ميسي» عام 2017:
نبض الملايين
عفوا المليارات
اسمه ليونيل أندرياس ميسي
قديس كرة القدم
البشر فى كل مكان يعرفونه
فعصر ميسى لن يولى أبدا
360 يوما لا يهزم
قادر على التحمل غير قابل للسيطرة
كلما وضع قدمه فى الميدان
يستعد المنافسون للاستسلام
فى طفولته لم ينته شغفه بالكرة
عندما يكون فى طريقه للهدف
لا يستطيع أحد أن يوقفه
فاز بالبالون دور أربع مرات
خلّد نفسه فى ملايين العقول
إنه فى أعلى ركن المشاهير
والأفضل فى لعبته
ووضعت رابطة مشجعى ليفربول قصيدة أو أغنية للمصرى محمد صلاح بعدما قاد فريقهم للانتصار فى العديد من المباريات وحطم بأهدافه العديد من الأرقام القياسية الصامدة منذ سنوات، وعنوانها »مو صلاح»:
مو صلاح مو صلاح
اجرى فى الجناح
مو صلاح مو صلاح
أيها الملك المصري
مو صلاح مو صلاح
بطل تسجيل الأهداف
مو صلاح مو صلاح
يسجل أكثر من غيره
مو صلاح مو صلاح
يسجل فى كل مباراة
مو صلاح مو صلاح
هذا هو اسمه
مو صلاح مو صلاح
لاعب ممتع
مو صلاح مو صلاح
إنه أفضل من العمدة (المقصود عمدة بلدية ليفربول)
ويضاف إلى هذه الأغنية مقاطع أخرى أو كما يسميها أهل الغناء فى مصر »طقطوقات»، ومنها:
محمد صلاح
هدية من الله
لقد جاء من روما إلى ليفربول
إنه يسجل أهدافا كثيرة
إنه حمل ثقيل على خصومه
لذا فمن فضلكم لا تأخذوا محمد بعيدا
وطقطوقة أخري:
مو صلاح .. لا لا لا لا
إنه جيدا بما يكفي
وهو يكفيني
لو سجل عددا آخر من الأهداف
فسأصبح مسلما مثله
لو كان جيد بما يكفي
فهو يكفيني
يجلس فى المسجد، حيث أريد أن أكون
مو صلاح .. لا لا لا لا
نقلت الدوائر الأدبية الصراع المحموم بين ثنائى كرة القدم الأسطورى المعاصر الأرجنتينى »ليونيل ميسي» والبرتغالى »كريستيانو رونالدو» من الساحة الخضراء حيث الصراع على إحراز الأهداف والفوز بالبطولات، والظغر بالجوائز الرفيعة مثل جائزة أفضل لاعب فى العالم »البالون دور» التى فاز بها كل منهما خمس مرات، وكذلك جائزة هداف الدوريات الأوروبية »الحذاء الذهبي» الذى يتصارع عليه الثنائى ويحملان الرقم القياسى فيه، ولكن حضورهما هذه المرة كان مختلفا، فبدا كريستيانو قاصا وميسى شاعرا.
منحت جريدة »تريبيون» البريطانية المساحة لكريستيانو رونالدو ليكتب ما يرغب فى ثوب قصة قصيرة فكتب »مدريد قصتي» والتى اختتمها بتوقيعه وتاريخ (3 أكتوبر 2017):
لدى ذاكرة قوية لأستحضر ما حدث عندما كنت فى السابعة، ويمكننى تصوره بوضوح ويشعرنى بالدفء العائلي.
كنت قد بدأت لعب كرة القدم لتوى فى شوارع ماديرا مع أصدقائي، وعندما أقول الشوارع، لا أقصد طريقا فارغا، ولكن أقصد الشارع، ولم يكن لدينا أى أهداف، وكنا نضطر إلى إيقاف اللعب كلما مرت إحدى السيارات، وكنت أشعر بالسعادة الشديدة كل يوم، ولكن والدى الذى كان مسئولا عن المعدات فى نادى »إف سى أندورينها» شجعنى على الالتحاق بفريق الأشبال بالنادى وكنت أعرف أن هذا سيجعله فخورا به؛ فذهبت.
فى اليوم الأول كان هناك الكثير من القواعد التى لم أفهمها ولكنى أحببتها، لقد أدمنت التنظيم والقيام بالمهام التى أكلف بها والشعور بالفوز، وكان أبى يحضر كل مباراة بذقنه الكبيرة وهو يرتدى ملابس عمله، بينما أمى وأخواتى فلم يكن لهن أى اهتمامات بكرة القدم.
لهذا كان والدى كل ليلة على العشاء يحاول حثهم على الحضور ورؤيتى وأنا ألعب، كان بمثابة وكيلى الأول، وأتذكر ما كان يقوله عند عودتى معه بعد المباريات »لقد سجل كريستيانو هدفا!»، فكن يقلن »يااااه.. عظيم»، لكنهن لم يتحمسن حقا.
وفى المرة التالية قال لهم »كريستيانو سجل هدفين» فكان ردهن بلا إثارة »أوه.. هذا رائع حقا كريس»، ماذا يمكننى أن أفعل إذا؟، كل ما قمت به أن واصلت التهديف، وفى إحدى الليالي؛ عاد والدى إلى المنزل وقال »كريستيانو سجل ثلاثة أهداف! كان أمرا لا يصدق، يجب أن تأتن لرؤيته يلعب!».
لكنى مازلت أتطلع إلى جانبى الملعب فى كل مباراة وأرى والدى يقف هناك وحده، حتى كان اليوم والمشهد الذى لن أنساه أبدا وشعرت معه بالدفء؛ رأيت أمى وأخوتى يجلسن معا فى المدرجات وهن ينظرن.. كيف أقول ذلك؟.. بدين دافئون، كانوا متشبثات ببعضهن البعض ولم يكن يصفقن أو يصرخن، بل كن يلوحن لي، كما لو كنت فى موكب أو شيء من هذا القبيل، لقد بدين بالتأكيد وكأنهن لم يسبق لهن حضور مباراة لكرة القدم من قبل، لكنهن كن هناك، وهذا كل ما يهمني.
كانت لحظة جيدة وتعنى لى الكثير، وكأن شيئا تغير داخلي، كنت فخورا حقا فى ذلك الوقت، لم يكن لدينا الكثير من المال، كانت الحياة صراعا حقيقيا فى ماديرا، كنت ألعب بحذاء قديم أعطانى إياه أحد أبناء عمومتي، ولكنك عندما تكون طفلا؛ لا تهتم بالمال ولكن يؤثر فيك شعور واحد قوي، أنك محبوب وتشعر بالأمان، أو كما يقال بالبرتغالية »فتى الأسرة المدلل».
أنظر إلى ذكرياتى بحنين كبير، فهذه الفترة من حياتى وكرة القدم أعطتنى كل شيء، لكنها أخذتنى أيضا بعيدا عن المنزل قبل الأوان، وكان عمرى 11 عاما، حيث انتقلت من جزيرة ماديرا إلى الأكاديمية الرياضية بلشبونة، وكانت تلك أصعب فترة فى حياتي.
إنه لمن الجنون أن أفكر فى شعورى بأن ابنى كريستيانو الصغير ذو السبع سنوات – أثناء كتابتى هذه السطور – يحمل حقيبته وأرسله أربع سنوات إلى باريس أو لندن، يبدو أمرا مستحيلا، وبالتأكيد كان كذلك بالنسبة لوالدي.
لكنها كانت فرصتى لمتابعة حلمي، لهذا سمح لى بالذهاب، وذهبت وكنت أبكى كل يوم تقريبا، كنت مازلت فى البرتغال ولكن الأمر عندى كما لو أنى انتقلت لبلد آخر، فبدت اللهجة وكأنها لغة مختلفة، والثقافة أيضا مختلفة، كنت وحيدا للغاية، لا أعرف أحدا، ولم يكن بمقدور أسرتى أن تزورنى سوى كل أربعة شهور، وكنت بينهما فى عداد المفقودين، وكل يوم يمر يصاحبه ألم شديد.
جعلتنى كرة القدم أتعلم أشياء كثيرة فى الميدان، بعضها لم يكن يقدر عليها الأطفال الآخرين فى الأكاديمية، وأتذكر أنى سمعت أحدهم يقول للآخر »هل رأيت ما فعله؟.. إنه وحش»، أخذت أسمعها طوال الوقت حتى من المدربين، ولكنى عندئذ كنت أسمع أحدهم يقول »نعم.. ولكن من المؤسف أنه صغير الحجم جدا».
وهذا صحيح، كنت نحيفا ولم يكن لدى أى عضلات فى جسمي، لهذا اتخذت قرارا عندما كنت فى الحادية عشرة، كنت أدرك أن لدى موهبة كبيرة ولكنى قررت أن أجتهد أكثر من الجميع، توقفت عن اللعب أو التصرف كطفل وعملت على التدريب حتى أصبح الأفضل فى العالم.
لا أعرف من أين جاءنى هذا الشعور، كان بداخلى مثل الجوع المستمر، فعندما تخسر تشعر أنك تتضور جوعا، وعندما تفوز فمازلت تتضور جوعا أيضا، وكأنك تناولت فقط بعض الفتات.
بدأت أتسلل من غرفة النوم ليلا لأتدرب، أصبحت أكبر وأقوى وأسرع، وعندما كنت أمشى فى الملعب أرى الذين اعتادوا أن يهمسون »نعم.. لكنه نحيل للغاية»، ينظرون إلى وكأن نهاية العالم حلت بهم.
أتذكر جيدا أنى عندما كنت فى الخامسة عشرة التفت إلى زملائى فى الفريق أثناء التدريب وقلت لهم »سأكون الأفضل فى العالم يوما ما»، كانوا يضحكون نوعا ما، فلم أكن حتى فى الفريق الأول لسبورتنج بعد، ولكنى كنت أعتقد ذلك وأن هذا ما يجب أن يحدث.
وعندما بدأت اللعب احترافيا فى السابعة عشر، كانت أمى بالكاد يمكنها أن تتابعنى بسبب الإجهاد، كانت تحضر إلى الملعب لمشاهدة مبارياتي، وكان ينتابها القلق الشديد خلال المباريات الكبري، حيث أصبحت تأخذ الأمور على محمل الجد، وذهب الأطباء يصفون لها المهدئات لتتناولها أثناء مبارياتها، كنت حينها أود لو أقول لها »أتتذكرين عندما كنتِ لا تهتمين بكرة القدم؟».
بدأ حلمى يكبر أكثر وأكثر، كنت أرغب فى اللعب للمنتخب الوطنى واللعب بنادى مانشستر يونايتد؛ حيث اعتدت أن أتابع الدورى الإنجليزى الممتاز على شاشة التلفاز، وفتنتنى سرعة الحركة وأهازيج الجماهير، وعندما أصبحت لاعبا بمانشستر؛ شعرت بالفخر الشديد، ولكن أسرتى كانت أكثر فخرا.
فى البداية؛ كان الفوز بالبطولات يثير مشاعرى بقوة، فأتذكر عندما فزت بأول كأس لدورى أبطال أوروبا فى مانشستر، كان شعورا لا يوصف، نفس الإحساس مع أول كرة ذهبية لأفضل لاعب فى العالم، لكن أحلامى أصبحت أكبر، وكانت خطوتها الثانية مدريد، بحثا عن تحدٍ جديد والفوز بالمزيد من الألقاب وكسر جميع الأرقام القياسية، وأن أصبح أسطورة النادي.
على مدى السنوات الثمان الماضية؛ حققت أشياء لا تصدق فى مدريد، لكن ولكى نكون صادقين، فإن الفوز بالبطولات فى وقت لاحق من مسيرتى أصبح مصحوبا بنوع آخر مختلف من المشاعر، خاصة فى العامين الأخيرين فى مدريد، فإن لم تفز بكل شيء يعتبره الآخرون فشلا، وأن تحقيق المعجزات هو وظيفتي.
ولكن وعندما تصبح أبا، فهذا شعورا مختلفا تماما، لا أستطيع وصفه، ولهذا كان وقتى وحياتى فى مدريد مميزا، فكنت لاعب كرة قدم حقيقى وأبا أيضا.
وهناك لحظة مع ابنى سأتذكرها بوضوح دائما، فعندما أفكر فيها أشعر بالدفء، كانت هذه هى المرة الأولى فى الملعب بعد فوزنا فى نهائى دورى أبطال أوروبا فى كارديف، لقد صنعنا التاريخ فى تلك الليلة، شعرت مع صفارة النهاية أنى أرسل رسالة هامة إلى العالم، لكنى وجدت ابنى يأتى نحوى ليحتفل معي، ومعه ابن مارسيلو، وكان كإبهام صغير، فتغيرت مشاعرى كليا، حيث أمسكنا الكأس وسرنا معا يدا بيد حول الملعم.
إنها سعادة لم أفهمها حتى أصبحت أبا، الكثير من المشاعر تداخلت معا فى نفس الوقت، ولا يمكننى وصفها بالكلمات، الشيء الوحيد الذى أدركته هو أنى شعرت بنفس دفء ماديرا عندما رأيت أمى وأخوتى مجتمعين فى المدرجات.
عندما عدنا إلى بيرنابيو للاحتفال كان كريستيانو الصغير وماركسيتو يلعبان فى الملعب أمام جميع المشجعين، كان مشهدا مختلفا كثيرا عن الوقت الذى كنت ألعب فيه فى الشوارع عندما كنت فى نفس عمره، ولكنى أأمل أن يكون شعور ابنى كشعورى وقتها أنه كما يقال بالبرتغالية »فتى الأسرة المدلل».
بعد 400 مباراة مع مدريد، الفوز مازال طموحي، أظن أنى ولدت هكذا، ولكن المشاعر بعد الفوز تغيرت بالتأكيد، إنه فصل جديد من حياتي، كانت هناك رسالة خاصة محفورة على حذائى »زئبقي»؛ إنها على حق، فهى تذكرنى بحلم الطفل فى داخلي، ربما الآن فهمت.
فى النهاية؛ مهمتى بالطبع هى ذاتها دائما، أريد الاستمرار فى كسر الأرقام القياسية فى مدريد، أريد الفوز بأكبر عدد ممكن من الألقاب، تلك هى طبيعتي. ولكن ما يهمنى أكثر عن وقتى فى مدريد هو ما سأقوله لأحفادى وأنا فى عمر 95 عاما، وشعورى بالسير فى أرجاء الملعب كبطل يدا بيد مع ابني.
أأمل أن نفعل ذلك مرة أخري.
احتفظ ليونيل ميسى بشذرة أدبية صغيرة ولكنها ترتبط بذكرى قابعة فى قلبه ولا يمكن أن تنتزع، حيث تفتحت عينيه عندما كان فى الخامسة على ابنة جيرانه ذات الأربعة أعوام، حتى بدأ الفتى يكبر وأخذت مشاعره تتجه إليها بقوة مبكرا، حيث كان وقتها فى الثالثة عشرة، والتقى بها بعد فراق عند زيارته لمسقط رأسه بمدينة »روزاريو» فدعاها لزيارة برشلونة فى إسبانيا بالاتفاق مع ناديه الذى يراعاه، وأعطاها هدية وقصاصة عليها خمسة أبيات، وبعد نحو سبع سنوات تزوج ميسى من »أنتونيلا روكوزو» فتاته الصغيرة التى كتب لها تلك الأبيات وقال فيها:
أشعر بالزهو بجوارك
رؤيتك تسعدنى وتشجعنى
أعدو أعدو لأراكِ
أحزن عندما تغيبى عنى
انتظرك لأعيش من جديد
* جريدة أخبار الأدب المصرية