مضى أجملُ العُمر
عامٌ يودّعني
أذكرُ الآن مريمَ -كنا التقينا شتاءً- لها بسمةٌ مُهلكهْ
مطرٌ في الزّقاق المحاذي لتفّاح جارتنا
كنتُ مستوحشا في انفرادي
معطلةٌ بئرُ حُلمي، وبي بعضُ ما يجعلُ الرُّوح تبكي
أُسرّحُ عيني بعيدا
أرى من خلال الشَّبابيكِ تُـفّاحةً نصفَ حمراءَ تهمي على حلم جارتنا
مطراً يغسل الآن شُبّاكها
رُوحَها
مطراً يرتوي من يديْها
تُعاودني مريمُ الآن طيفا شريدا
- تضعضعتُ منذ افترقنا
- تضعضعتُ أيضا
- أمَا من سبيل لكي نحتفي بالشتاء
- كأنْ لا سبيل
- أما زلتِ كالماء جذلى، تهيمين بالغيم والأغنياتْ
- كصحراء أصبحتُ مُذْ داست الخيلُ قلبي
- لقد ديس قلبي، وكان انكساري عظيما
سأشكوكِ، مريمُ، ما حلّ بالرّوح منذ افترقنا
سِباخاً من الملح صارت سبيلي
'حماةُ الحِمى' لم يعودُوا حُماةَ الحِمى
صاحبي... نورُ عيني، نديمي، رفيقُ المسرّات والضّيق قد صار منهم
وفي ما مضى كان منّي
يحبُّ النّبيذ المسائيّ في فَيْءِ نخلتنا
كان في سُمرتي، أجعدَ الشعر مثلي، وعيناه في لون عينيَّ
يغشى المُصلَّى الذي كنتُ أغشى
ويتلُو من الذِّكر ما كنتُ أتلُو
وينشدُّ للشِّعرِ، شِعرِ الصعاليك والنّابغهْ
وقد كان تِِرْبي
يُرافقني في الأماسي
نصيدُ الغرانيقَ والبطَّ عند البُحَيْراتِ صيفا
وقد كان مثلي
أبي كان يُدنيه منيّ، ويروي لنا وقعةَ الغُولِ
أمّي تُقاسمُها أمُّه الزّيتَ والتّمرَ والأغنياتِ الحزينهْ
وقد كان منيّ
ولكنّني الآن ألقاه في زُمرة القاتلين
لقد صار يا مريمُ الآن منهم
[ينام مع المارينز... يرتدي سترة واقيةً من الرّصاص... يتجول في 'هانفي' مدرّعة
يأكل الهومبورغر ويشرب 'الكوكاكولا' بشراهة نادرة... لا يتوقف شدقاه عن مضغ شوينغوم هوليود... يهتز لبطولات رعاة البقر... ولا يتردد في محاربة الإرهاب
فكَمْ، آهِ كمْ
آهِ يا غدرَ أهلي
فهلْ آكلُ الآنَ لحمَ الأشقّاء نياَّ
أجيبي، فـ[قد عقروا ناقتي]
واستباحُوا التي واللُّـتَـيَّا
أجيبي، فقد [جاوز الظالمون المدى]
أكلُوا لحم كلّ النّبيّينَ... غالَوا عَلِـيّاَ
سآكلهم ها هنا... الآن
آكلهم حيثُ حلُّوا... وما من جُناحٍ عَلَـيّاَ
وإنّي لَمُعلِـنُها: [لن يمرّوا]
ولن يُسقطوا رايةَ الرّفضِ ما دُمْتِ مريمُ، ما دُمتُ حيّاَ
وإنيّ مُعِدٌّ لهَّم فوق ما قد أعدُّوا... فهيّا
مضى أجملُ العُمر
عامٌ يودّعني، غير أنيّ
أرى من خلال الشّبابيكِ زوجَيْ حمامٍ
أرى من خلال الغماماتِ فجراً ندياَّ
أرى مريمَ الآن في أوج بسمتها، وهي نشوى... فأرتدُّ حيَّا
فيا ثغرَ مريمَ رفقاً بقلبي
ويا قلبَ مريمَ كُنْ بي حَفِيَّا
مضى أجملُ العمر
ودّعني العام
لكنَّ قلبي سيبقى صبياَّ
سيبقى نشيدي أردّدُه مِلْءَ مِلْءِ الحياهْ
[إذا الشّعبُ يوما أراد الحياهْ...]
محجوب العياري / تونس
عامٌ يودّعني
أذكرُ الآن مريمَ -كنا التقينا شتاءً- لها بسمةٌ مُهلكهْ
مطرٌ في الزّقاق المحاذي لتفّاح جارتنا
كنتُ مستوحشا في انفرادي
معطلةٌ بئرُ حُلمي، وبي بعضُ ما يجعلُ الرُّوح تبكي
أُسرّحُ عيني بعيدا
أرى من خلال الشَّبابيكِ تُـفّاحةً نصفَ حمراءَ تهمي على حلم جارتنا
مطراً يغسل الآن شُبّاكها
رُوحَها
مطراً يرتوي من يديْها
تُعاودني مريمُ الآن طيفا شريدا
- تضعضعتُ منذ افترقنا
- تضعضعتُ أيضا
- أمَا من سبيل لكي نحتفي بالشتاء
- كأنْ لا سبيل
- أما زلتِ كالماء جذلى، تهيمين بالغيم والأغنياتْ
- كصحراء أصبحتُ مُذْ داست الخيلُ قلبي
- لقد ديس قلبي، وكان انكساري عظيما
سأشكوكِ، مريمُ، ما حلّ بالرّوح منذ افترقنا
سِباخاً من الملح صارت سبيلي
'حماةُ الحِمى' لم يعودُوا حُماةَ الحِمى
صاحبي... نورُ عيني، نديمي، رفيقُ المسرّات والضّيق قد صار منهم
وفي ما مضى كان منّي
يحبُّ النّبيذ المسائيّ في فَيْءِ نخلتنا
كان في سُمرتي، أجعدَ الشعر مثلي، وعيناه في لون عينيَّ
يغشى المُصلَّى الذي كنتُ أغشى
ويتلُو من الذِّكر ما كنتُ أتلُو
وينشدُّ للشِّعرِ، شِعرِ الصعاليك والنّابغهْ
وقد كان تِِرْبي
يُرافقني في الأماسي
نصيدُ الغرانيقَ والبطَّ عند البُحَيْراتِ صيفا
وقد كان مثلي
أبي كان يُدنيه منيّ، ويروي لنا وقعةَ الغُولِ
أمّي تُقاسمُها أمُّه الزّيتَ والتّمرَ والأغنياتِ الحزينهْ
وقد كان منيّ
ولكنّني الآن ألقاه في زُمرة القاتلين
لقد صار يا مريمُ الآن منهم
[ينام مع المارينز... يرتدي سترة واقيةً من الرّصاص... يتجول في 'هانفي' مدرّعة
يأكل الهومبورغر ويشرب 'الكوكاكولا' بشراهة نادرة... لا يتوقف شدقاه عن مضغ شوينغوم هوليود... يهتز لبطولات رعاة البقر... ولا يتردد في محاربة الإرهاب
فكَمْ، آهِ كمْ
آهِ يا غدرَ أهلي
فهلْ آكلُ الآنَ لحمَ الأشقّاء نياَّ
أجيبي، فـ[قد عقروا ناقتي]
واستباحُوا التي واللُّـتَـيَّا
أجيبي، فقد [جاوز الظالمون المدى]
أكلُوا لحم كلّ النّبيّينَ... غالَوا عَلِـيّاَ
سآكلهم ها هنا... الآن
آكلهم حيثُ حلُّوا... وما من جُناحٍ عَلَـيّاَ
وإنّي لَمُعلِـنُها: [لن يمرّوا]
ولن يُسقطوا رايةَ الرّفضِ ما دُمْتِ مريمُ، ما دُمتُ حيّاَ
وإنيّ مُعِدٌّ لهَّم فوق ما قد أعدُّوا... فهيّا
مضى أجملُ العُمر
عامٌ يودّعني، غير أنيّ
أرى من خلال الشّبابيكِ زوجَيْ حمامٍ
أرى من خلال الغماماتِ فجراً ندياَّ
أرى مريمَ الآن في أوج بسمتها، وهي نشوى... فأرتدُّ حيَّا
فيا ثغرَ مريمَ رفقاً بقلبي
ويا قلبَ مريمَ كُنْ بي حَفِيَّا
مضى أجملُ العمر
ودّعني العام
لكنَّ قلبي سيبقى صبياَّ
سيبقى نشيدي أردّدُه مِلْءَ مِلْءِ الحياهْ
[إذا الشّعبُ يوما أراد الحياهْ...]
محجوب العياري / تونس