قال فينسنت : بإمكاني إهداؤك أذني . ثم أخذ موسى الحلاقة وقطع ذؤابة أذنه ، أو قطعها كلها – يا للثور المسكين – لابد أن الأمر كان مؤلماً ، و سخرية غوغان ستكون أشد ، لكن ماذا لو كان من قطعها هو غوغان بعد أن طرح فينسنت أرضاً و هزمه كما كان يهزمه في الحصول على عشيقة ، أو ربما بسبب تطرفه قطعها كلها ، قد يكون من لفق كل هذه القصة صديقه الذي ضايقته نوبات الفزع . لف فينسنت فان جوخ أذنه في كيس أو حشرها في علبة أعواد ثقاب – هي الأن شهيدة حب – ثم أرسلها للمبغى للفتاة التي أحبها ، كانت قد أبدت له إعجابها بأذنه الصغيرة من قبل فردت في سذاجة :" شكراً " رفعتها لتطابقها مع أذنها لتعرف هل كانت أذنه اليمنى أم اليسرى ، ثم إبتسمت قائلة – إنها جميلة . ضغطت عليها لتتأكد أنها حقيقية و لتمسح بقع الدم الصغيرة منها ثم همست لها ببعض الكلمات ، التي لم نتأكد منها بعد لأن أبواب المبغى ستغلق و عليها حمل هديتها تلك بهدوء خوفاً أن يبصرها بعض الزبائن فيفسد الأمر عليها . دستها في حمالة الصدر ربما أو في مكان ما أكثر لطف يليق بأذن ستسمع خفقات قلبها ، كان فينسنت قد قطعها بعشوائية ، لكن أتراه تحسس موضعها – فطالما كان صراخ والديه قبل الطلاق يسبب له نوبات ذعر حادة ، كانت حمراء و صغيرة و ربما كان بها جزء من شعر ذقنه الأحمر ، بدت لدنة و محتفظة بمرونة موحية بالقشعريرة ، جعلتها تفكر كم مرة سمع فينسنت كلام معسول بهذا العضو الذي بين يديها ، و كم مرة سمع أنين إمرأة عند ممارسة الجنس ، و كم من القصائد تلا على غيرها ، شعرت بها كانها متصلة برقبة فينسنت و فكه الملئ بشعيرات الذقن الحمراء فيما هي تتخيل كل ذلك أحست بقبلة على شحمة أذنها . كان ذلك حينما جاءهم فينسنت الملحاح كطفل ليقابلها ، و قد حظي بإستقبال العائلة و طلب رؤيتها ، كان ما سمعته و هي في الطابق العلوي صراخهم فقط و والدها يمسك بالشمعه التي كادت أن تنطفئ لأن فينسنت وضع يده عليها حتى فقد وعيه . صوتها و هي تهبط على درجات السلم بحذائها ذو الكعب المسماري العالي و هي رافعة فستانها هو الصوت الوحيد الذي ميزته أذن فينسنت الملقى على البلاط الخشبي البارد . أخفت الفتاة الأذن بحرص تحت معطفها الواقي من المطر ، فقد بدت أكثر دفئاً و كانت تسمع دقات قلبها و ظلت ساكنة تتوسد الليل البهيم الذي طالما أرق فينسنت فان جوخ . إزدادت حدة المطر ، و كان الليل قد داهم كل شئ ، و تبلل شعرها المكشوف ، كان بمقدور الأذن سماع صوت المذياع من سيارة الأجرة معلناً نجاح دول الحلفاء في إحدى الجبهات ، أوربا مريضة جدا هذه الأيام و سماؤها مصابة بالغارات المفاجئة ، تطلعت بنظرها لسماء الساحل الشمالي و بدت كأنها مشتعلة و كأن فينسنت مازال ممسكاً بالنجوم المتقدة ، ثم علمت أن النساء الحوامل و الأشخاص المكتئبين و الأزواج الجدد ينبغي أن يأووا إلى فراشهم مبكرين كل يخلد لطقوسه التافهه ليزيلها ضباب يوم أخر . إبتعدت عن الطريق و الذي مازال به بعض الضجيج خشية أن تؤذي الضوضاء تلك الأذن المحبوبة ، و لكن كيف سيسمع فنسنت خبر تفوق الحلفاء – آه هو لا يكترث – قد يكون مكانها مضمد بالقماش الذي يمسح به لوحاته ، و معقمة بكحول قديم تركه غوغان . عبر الطريق إلى المنزل سمعت شجار عاشقين من أخر الرواق ، كان عتاب العاشق ظريفا فقد أمسك بأذن عشيقته كطفلة معاقبة و ربما هذا يؤذي شعور الهدية ، قالت : يا للملاعين ! بدا الشاب العاشق ذوالذقن الحمراء كأنه فان جوخ و إلتفت ناحيتها و لم تشعر أن خطواتها لم تكن تبتعد بل كانت تقترب لتتفحص ملامحهم و غمغمت و كانت تفكر في الجميع فنانين أو شعراء ، مجانين أو عشاق كل من يكابد و يشقى و كل من ذرف الدمع و كل من تاورته نشوة حين سماعه أغنية في الأزقة المظلمة التي لا تصلح لنمو الورد ، ثم أزعجتها حشرة صغيرة أبدت معها إشارة لامبالاة للعشاق و للحشرة . تجنبت الباب الأمامي و دخلت عبر باب القبو الذي تراكم الطين عنده ثم إنسلت للداخل و وضعت حقيبتها على الطاولة و بفزع أخرجت الأذن الدافئة و أضاءت المصباح و خلعت قميصها – تاركة للأذن العارية فرصة تأمل ذلك الجسد المصقول – و سماع حفيف خلع حمالة الصدر – بدا الصوت سماوياً . تعودت الأذن دفء الغرفة و صوت المطر الذي بدأ بالهطول و قالت : - غرفتك جميلة . أجابتها بلامبالاة – لم يسبق لي ممارسة الحب مع أحد في العلية . ثم أمسكت بالأذن و وضعتها في أكثر الأماكن إستحقاقاً للطعن ، فبدت النبضات تآوهات جميلة حتى همدت في نومة أنيقة . في الصباح كانت زهرة الشمس الموضوعه على أصيص كأنها تصلي صلاة شكر و بدأت الفتاة الممدة على السرير في التحرك الشهواني الكسول . راحت تتحسس الأذن التي إلتأمت مكان أذنها – التي ربما ملت منها ليلة أمس – فأرادت أن تسمع الصباح بأذن فنسنت – كما كان يوقع اسمه على لوحاته مخافة أن ينطق الفرنسين إسم عائلته بشكل غير صحيح . تساءلت : ماذا كان سيسمع فنسنت في الصباح ، و عندما كان يلوي رقبته ليطقطقها هل يتحسس أذنه بإهمال أم يمنحها حكة بسبب الوسادة الخشنة . أم كان يتوقع و يمنح أذنه حق توقع إسمها في الصباح – أه ياللقديس المسكين – ثم داعبت خصلات شعرها التي إنسدلت معظمها في جانب الأذن الجميلة الجديدة . المسافة بالأميال من مرسم فنسنت – غرفته القديمة ، لو كان بإمكان الأذن العودة عبر تلك المسافة من الغرفة التي لم يصعد إليها فنسنت لصارت مثل طائر دوري صغيرملون بعنف فنسنت .أسدلت الستارة على نافذتها الزجاجية ثم لاح لها جانبها كأن هنالك أحد أخر في الغرفة ثم زجت النافذة بعنف بسبب خوفها . دخلت الحمام و هي تحمل الشرشف للتجفيف و تضعه على رأسها ، ما إن وضعته على المسمار و إنعكس جسمها على المرأة حتى قالت الأذن : - أوه ياللقدير . لكنها سمعتها بالأذن الأخرى خاصتها ثم قالت لها تأدبي .. ثم رفعت زراعها كاشفة عن إبطها و رشت المياه من الأعلى و غرقت الأذن بين الصابون و المياه . و ما إن بدأت بتجفيف شعرها ، تحسست بيديها باقي جسمها لتنقل صوت الأجزاء الأخرى و عبق بشرتها . ربما ستزور فنسنت لتعيد له هديته الثرثارة أو تشكره أو تمنحه قبلة أو تخبره أن ذراعه أيضاً جميلة ، لكن الضباب كثيف فجذبت الستائر ، نظرت بتثاقل إلى المارة لعلها تشاهد فان جوخ المجنون و هو يضطرب في مشيته أو يتلفت و يلفه الضباب . همست لها الأذن برغبتها بالعودة إلى الفِراش و رقدت مواجهة إياها بعد أن خلعتها مجدداً ، فكرت في تركيب قرط ، ثم بدرت منها ضحكة إغراء و تثاءبت بشكل عالي و فتحت قميصها القطني و ضمت الأذن إلى صدرها في المنتصف تماماً ، كان ثمة نبض رقيق ، ثم أطفأت الإضاءة ، بدا فكها البيضاوي شهياً لقبلة جانبية – ستكونين لي ، لم نعرف من قالها أولاً – الأذن أم العشيقة ، قربتها من شفتيها فقبلت شحمة الأذن حتى سرت رعدة محببة ثم همست لها بأحاديث كثيرة ، تحفزت الشياطين التي راحت ترقص في جسدها ثم تدفق الدم ، و بحنو وضعتها بالقرب من أسفل بطنها ، كانت تتوق لسماع صوت ترديد الوسادة للريح و صوت نزول الماء . و ربما كلام فان جوخ المعسول القادم من عدة أميال . - هنالك ضيف ينتظرك بالأسفل . و قبل أن تكمل والدتها جملتها ، إرتدت فستانها ذو الفتحة عند الصدر ، كانت الأذن تتوق لتسمع صوت ركضهما بين السرير و الباب ثم على أماكن تخصها ، قبلتها كطفل كما لو أن تأوهات فنسنت و هو يمسك بالموس تصلها الآن .