كانت سعاد فرسًا في فلاةٍ بكر، بقدٍّ واقف كشجر الحور، ووجه مستدير كالقمر ، وأنف دقيقٍ جميل وعينين دعجاوين كالفلاة، عندما أحبت سالما، أستاذ الكيمياء الذي درسها سنتها الخامسة في المعهد . لا أحد يعلم على وجه الدقة كيف دارت الكيمياء بينهما حتى وصلا الزواج قبل ان تتم دراستها الثانوية، فسعاد لم تمل لأي من أقرانها بالمعهد ، و كلما حاول شقيّ مكلوم الإقتراب منها ، جابهته بابتسامة صوفية واثقة ، تبعث فيه إحباطا مزمنا فلا يعيدها البتة .
كان حبها و سالم جميلا لدرجة أكثر من ان تُصدق ، فاختطفت يد البوليس العلني سالما في ليلة لم تحضرها الشموع ، ولم تؤثثها سوى الدموع ...
بطفلين دون مرتب ، كان على سعاد أن تواجه الحياة ، فبعد مرور سنتين ، نضبت مساعدات الأهل و المحسنين ، فآلة الرعب ، حاصرتها من كل مكان ، لا تدري كيف تسللوا عبر الأثير، وعلموا بكل من مد لها بمليم أغبر، كانوا ينادونه و بقرصة أذن ، يتعهد بأغلظ الأيمان و بحياة أمه و أبيه ألا يعيد الكرة ...
اهتدت لحيلة ، تنبش بها الخبء في الأرض لتطعم صغارها و تستر عورة الزمن الرديء .
كانت تلف ورشات البناء و تجمع أكياس الإسمنت الفارغة، تعود بها للبيت تنفض عنها بقايا الإسمنت ، و تصنع منها أكياسا ورقية تبيعها للعطارة بملاليم ... كانت تقول لأمها العجوز : هذه الملاليم يا امي سيباركها الله ، و سيتخرج طفلايا بأعلى المراتب ...
عمال حظائر البناء ، في زمن الكبت ، طمعوا فيها ، صحيح أنها حزينة و لكن شحوبها زادها فتنة ، وبنفس الابتسامة الصوفية، تقف لهم، تحدثهم، فيتعاطفون معها ، بل صاروا يجمعون لها الأكياس قبل قدومها، ويرفقون في طريقة فتحها حتى تستطيع الإفادة منها بشكل أفضل .
علمت أخيرا أن ابنة سالم فاطمة تعمل الآن طبيبة وابنه يعمل أستاذا ويعد للدكتوراة..
عندما يجتمع الكل عند سعاد ، تقول لابنها و ابنتها بينما هي تتكيء على سالم : لا تنسيا أكياس الإسمنت .. ففيها كل البركة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* القصة حقيقية والأسماء مستعارة
كان حبها و سالم جميلا لدرجة أكثر من ان تُصدق ، فاختطفت يد البوليس العلني سالما في ليلة لم تحضرها الشموع ، ولم تؤثثها سوى الدموع ...
بطفلين دون مرتب ، كان على سعاد أن تواجه الحياة ، فبعد مرور سنتين ، نضبت مساعدات الأهل و المحسنين ، فآلة الرعب ، حاصرتها من كل مكان ، لا تدري كيف تسللوا عبر الأثير، وعلموا بكل من مد لها بمليم أغبر، كانوا ينادونه و بقرصة أذن ، يتعهد بأغلظ الأيمان و بحياة أمه و أبيه ألا يعيد الكرة ...
اهتدت لحيلة ، تنبش بها الخبء في الأرض لتطعم صغارها و تستر عورة الزمن الرديء .
كانت تلف ورشات البناء و تجمع أكياس الإسمنت الفارغة، تعود بها للبيت تنفض عنها بقايا الإسمنت ، و تصنع منها أكياسا ورقية تبيعها للعطارة بملاليم ... كانت تقول لأمها العجوز : هذه الملاليم يا امي سيباركها الله ، و سيتخرج طفلايا بأعلى المراتب ...
عمال حظائر البناء ، في زمن الكبت ، طمعوا فيها ، صحيح أنها حزينة و لكن شحوبها زادها فتنة ، وبنفس الابتسامة الصوفية، تقف لهم، تحدثهم، فيتعاطفون معها ، بل صاروا يجمعون لها الأكياس قبل قدومها، ويرفقون في طريقة فتحها حتى تستطيع الإفادة منها بشكل أفضل .
علمت أخيرا أن ابنة سالم فاطمة تعمل الآن طبيبة وابنه يعمل أستاذا ويعد للدكتوراة..
عندما يجتمع الكل عند سعاد ، تقول لابنها و ابنتها بينما هي تتكيء على سالم : لا تنسيا أكياس الإسمنت .. ففيها كل البركة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* القصة حقيقية والأسماء مستعارة