الجنس في الثقافة العربية محمد بن محمد الغزالي أبو حامد - إحياء علوم الدين.. ( القول في شهوة الفرج)

اعلم أن شهوة الوقاع سلطت على الإنسان لفائدتين إحداهما أن يدرك لذته فيقيس به لذات الآخرة. فإن لذة الوقاع لو دامت لكانت أقوى لذات الأجساد كما أن النار وآلامها أعظم آلام الجسد والترغيب والترهيب يسوق الناس إلى سعادتهم وليس ذلك إلا بألم محسوس ولذة محسوسة مدركة فإن ما لا يدرك بالذوق لا يعظم إليه الشوق.
الفائدة الثانية : بقاء النسل ودوام الوجود فهذه فائدتها ولكن فيها من الآفات ما يهلك الدين والدنيا إن لم تضبط ولم تقهر ولم ترد إلى حد الاعتدال وقد قيل في تأويل قوله تعالى ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به معناه شدة الغلمة وعن ابن عباس في قوله تعالى ومن شر غاسق إذا وقب قال هو قيام الذكر وقد أسنده بعض الرواة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا أنه قال في تفسيره الذكر إذا دخل وقد قيل إذا قام ذكر الرجل ذهب ثلثا عقله
// حديث ابن عباس موقوفا مسندا في قوله تعالى ومن شر غاسق إذا وقب قال هو قيام الذكر وقال الذي أسنده الذكر إذا دخل هذا حديث لا أصل له //
وكان صلى الله عليه و سلم يقول في دعائه اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي وبصري وقلبي وهني ومني
// حديث اللهم أني أعوذ بك من شر سمعي وبصري وقلبي وهني ومني تقدم في الدعوات //
وقال صلى الله عليه و سلم النساء حبائل الشيطان ولولا هذه الشهوة لما كان للنساء سلطنة على الرجال
// حديث النساء حبائل الشيطان أخرجه الأصفهاني في الترغيب والترهيب من حديث خالد بن زيد الجهني بإسناد فيه جهالة //
روي أن موسى عليه السلام كان جالسا في بعض مجالسه إذا أقبل إليه إبليس وعليه برنس يتلون فيه ألوانا فلما دنا منه خلع البرنس فوضعه ثم أتاه فقال السلام عليك يا موسى فقال له موسى من أنت فقال أنا إبليس فقال لا حياك الله ما جاء بك قال جئت لأسلم عليك لمنزلتك من الله ومكانتك منه قال فما الذي رأيت عليك قال برنس أختطف به قلوب بني آدم قال فما الذي إذا صنعه الإنسان استحوذت عليه قال إذا أعجبته نفسه واستكثر عمله ونسي ذنوبه وأحذرك ثلاثا لا تخل بامرأة لا تحل لك فإنه ما خلا رجل بامرأة لا تحل له إلا كنت صاحبه دون أصحابي حتى أفتنه بها وأفتنها به ولا تعاهد الله عهدا إلا وفيت به ولا تخرجن صدقة إلا أمضيتها فإنه ما أخرج رجل صدقة فلم يمضها إلا كنت صاحبه دون أصحابي حتى أحول بينه وبين الوفاء بها ثم ولى وهو يقول علم موسى ما يحذر به بني آدم وعن سعيد بن المسيب قال ما بعث الله نبيا فيما خلا إلا لم ييأس إبليس أن يهلكه بالنساء ولا شيء أخوف عندي منهن وما بالمدينة بيت أدخله إلا بيتي وبيت ابنتي أغتسل فيه يوم الجمعة ثم أروح وقال بعضهم إن الشيطان يقول للمرأة أنت نصف جندي وأنت سهمي الذي أرمي به فلا أخطيء وأنت موضع سري وأنت رسولي في حاجتي فنصف جنده الشهوة ونصف جنده الغضب
وأعظم الشهوات شهوة النساء وهذه الشهوة أيضا لها إفراط وتفريط واعتدال فالإفراط ما يقهر العقل حتى يصرف همة الرجال إلى الاستمتاع بالنساء والجواري فيحرم عن سلوك طريق الآخرة أو يقهر الدين حتى يجر إلى اقتحام الفواحش وقد ينتهي إفراطها بطائفة إلى أمرين شنيعين
أحدهما أن يتناولوا ما يقوي شهواتهم على الاستكثار من الوقاع كما قد يتناول بعض الناس أدوية تقوي المعدة لتعظم شهوة الطعام وما مثال ذلك إلا كمن ابتلى بسباع ضارية وحيات عادية فتنام عنه في بعض الأوقات فيحتال لإثارتها وتهييجها ثم يشتغل بإصلاحها وعلاجها فإن شهوة الطعام والوقاع على التحقيق آلام يريد الإنسان الخلاص منها فيدرك لذة بسبب الخلاص
فإن قلت فقد روي في غريب الحديث أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال شكوت إلى جبرائيل ضعف الوقاع فأمرني بأكل الهريسة
// حديث شكوت إلى جبريل ضعف الوقاع فأمرني بأكل الهريسة أخرجه العقيلي في الضعفاء والطبراني في الأوسط من حديث حذيفة وقد تقدم وهو موضوع //
فاعلم أنه صلى الله عليه و سلم كان تحته تسع نسوة ووجب عليه تحصينهن بالإمتاع وحرم على غيره نكاحهن وإن طلقهن فكان طلبه القوة لهذا لا للتمتع
والأمر الثاني أنه قد تنتهي هذه الشهوة ببعض الضلال إلى العشق وهو غاية الجهل بما وضع له الوقاع وهو مجاوزة في البهيمية لحد البهائم لأن المتعشق ليس يقنع بإراقة شهوة الوقاع وهي أقبح الشهوات وأجدرها أن يستحي منه حتى اعتقد أن الشهوة لا تنقضي إلا من محل واحد والبهيمة تقضي الشهوة أين اتفق فتكتفي به وهذا لا يكتفي إلا بشخص واحد معين حتى يزداد به ذلا إلى ذل وعبودية إلى عبودية وحتى يستسخر العقل لخدمة الشهوة وقد خلق ليكون مطاعا لا ليكون خادما للشهوة ومحتالا لأجلها وما العشق إلا سعة إفراط الشهوة وهو مرض قلب فارغ لا هم له وإنما يجب الاحتراز من أوائله بترك معاودة النظر والفكر وإلا فإذا استحكم عسر دفعه فكذلك عشق المال والجاه والعقار والأولاد حتى حب اللعب بالطيور والنرد والشطرنج فإن هذه الأمور قد تستولي على طائفة بحيث تنغص عليهم الدين والدنيا ولا يصبرون عنها ألبتة
ومثال من يكثر سورة العشق في أول انباعثه مثال من يصرف عنان الدابة عند توجهها إلى باب لتدخله وما أهون منعها بصرف عنانها ومثال من يعالجها بعد استحكامها مثل من يترك الدابة حتى تدخل وتجاوز الباب ثم يأخذ بذنبها ويجرها إلي ورائها وما أعظم التفاوت بين الأمرين في اليسر والعسر فليكن الاحتياط في بدايات الأمور فأما في آواخرها فلا تقبل العلاج إلا بجهد جهيد يكاد يؤدي إلى نزع الروح
فإذن إفراط الشهوة أن يغلب العقل إلى هذا الحد وهو مذموم جدا وتفريطها بالعنة أو بالضعف عن إمتاع المنكوحة وهو أيضا مذموم وإنما المحمود أن تكون معتدلة ومطيعة للعقل والشرع في انقباضها وانبساطها ومهما أفرطت فكسرها بالجوع والنكاح قال صلى الله عليه و سلم معاشر الشباب عليكم بالباءة فمن لم يستطع فعليه بالصوم فالصوم له وجاء
// حديث معاشر الشباب من استطاع منكم النكاح فليتزوج الحديث تقدم في النكاح//

بيان ما على المريد في ترك التزويج وفعله
اعلم أن المريد في ابتداء أمره ينبغي أن لا يشغل نفسه بالتزويج فإن ذلك شغل شاغل يمنعه من السلوك ويستجره إلى الأنس بالزوجة ومن أنس بغير الله تعالى شغل عن الله ولا يغرنه كثرة نكاح رسول الله صلى الله عليه و سلم فإنه كان لا يشغل قلبه جميع ما في الدنيا عن الله تعالى
// حديث كان لا يشغل قلبه عن الله تعالى جميع ما في الدنيا تقدم //
فلا تقاس الملائكة بالحدادين ولذلك قال أبو سليمان الداراني من تزوج فقد ركن إلى الدنيا وقال ما رأيت مريدا تزوج فثبت على حاله الأول وقيل له مرة ما أحوجك إلى امرأة تأنس بها فقال لا آنسني الله بها أي أن الأنس بها يمنع الأنس بالله تعالى وقال أيضا كل ما شغلك عن الله من أهل ومال وولد فهو عليك مشئوم فكيف يقاس غير رسول الله صلى الله عليه و سلم به وقد كان استغراقه بحب الله تعالى بحيث كان يجد احتراقه فيه إلى حد كان يخشى منه في بعض الأحوال أن يسري ذلك إلى قالبه فيهدمه فلذلك كان يضرب بيده على فخذ عائشة أحيانا ويقول كلميني يا عائشة لتشغله بكلامها عن عظيم ما هو فيه لقصور طاقة قالبه عنه
// حديث كان يضرب يده على فخذ عائشة أحيانا ويقول كلميني يا عائشة لم أجد له أصلا //
فقد كان طبعه الأنس بالله عز و جل وكان أنسه بالخلق عارضا رفقا ببدنه ثم إنه كان لا يطيق الصبر مع الخلق إذا جالسهم فإذا ضاق صدره قال أرحنا بها يا بلال
// حديث أرحنا بها يا بلال تقدم في الصلاة // حتى يعود إلى ما هو قرة عين//
حديث أن الصلاة كانت قرة عينه تقدم أيضا فالضعيف إذا لاحظ أحواله في مثل هذه الأمور فهو مغرور لأن الأفهام تقصر عن الوقوف على أسرار أفعاله صلى الله عليه و سلم فشرط المريد العزبة في الابتداء إلى أن يقوى في المعرفة هذا إذا لم تغلبه الشهوة فإن غلبته الشهوة فليكسرها بالجوع الطويل والصوم الدائم فإن لم تنقمع الشهوة بذلك وكان بحيث لا يقدر على حفظ العين مثلا وإن قدر على حفظ الفرج فالنجاح له أولى لتسكن الشهوة وإلا فمهما لم يحفظ عينه لم يحفظ عليه فكره ويتفرق عليه همه وربما وقع في بلية لا يطيقها وزنا العين من كبائر الصغائر وهو يؤدي إلى القرب على الكبيرة الفاحشة وهي زنا الفرج ومن لم يقدر على غض بصره لم يقدر على حفظ فرجه قال عيسى عليه السلام إياكم والنظرة فإنها تزرع في القلب شهوة وكفى بها فتنة وقال سعيد بن جبير إنما جاءت الفتنة لداود عليه السلام من قبل النظرة ولذلك قال لابنه عليه السلام يا بني امش خلف الأسد والأسود ولا تمش خلف المرأة وقيل ليحيى عليه السلام ما بدء الزنا قال النظر والتمني وقال الفضيل يقول إبليس هو قوسي القديمة وسهمي الذي لا أخطيء به يعني النظر وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم النظرة سهم مسموم من سهام إبليس فمن تركها خوفا من الله تعالى أعطاه الله تعالى إيمانا يجد حلاوته في قلبه
// حديث النظرة سهم مسموم من سهام إبليس الحديث تقدم أيضا //
وقال صلى الله عليه و سلم ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء
// حديث ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء متفق عليه من حديث أسامة بن زيد //
وقال صلى الله عليه و سلم اتقوا فتنة الدنيا وفتنة النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت من قبل النساء
// حديث اتقوا فتنة الدنيا وفتنة النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري //
وقال تعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم الآية وقال صلى الله عليه و سلم لكل ابن آدم حظ من الزنا فالعينان تزنيان وزناهما النظر واليدان تزنيان وزناهما البطش والرجلان تزنيان وزناهما المشي والفم يزني وزناه القبلة والقلب يهم أو يتمنى ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه
// حديث لكل ابن آدم حظه من الزنا فالعينان تزنيان الحديث أخرجه مسلم والبيهقي واللفظ له من حديث أبي هريرة واتفق عليه الشيخان من حديث ابن عباس نحوه //
وقالت أم سلمة استأذن ابن أم مكتوم الأعمى على رسول الله وأنا وميمونة جالستان فقال صلى الله عليه و سلم احتجبا فقلنا أو ليس بأعمى لا يبصر فقال وأنتما لا تبصرانه
// حديث أم سلمة استأذن ابن أم مكتوم الأعمى وأنا وميمونة جالستان فقال احتجبا الحديث أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي وقال حسن صحيح //
وهذا يدل على أنه لا يجوز للنساء مجالسة العميان كما جرت به العادة في المآتم والولائم فيحرم على الأعمى الخلوة بالنساء ويحرم على المرأة مجالسة الأعمى وتحديق النظر إليه لغير حاجة وإنما جوز للنساء محادثة الرجال والنظر إليهم لأجل عموم الحاجة وإن قدر على حفظ عينه عن النساء ولم يقدر على حفظها عن الصبيان فالنكاح أولى به فإن الشر في الصبيان أكثر فإنه لو مال قلبه إلى امرأة أمكنه الوصول إلى استباحتها بالنكاح والنظر إلى وجه الصبي بالشهوة حرام بل كل من يتأثر قلبه بجمال صورة الأمرد بحيث يدرك التفرقة بينه وبين الملتحي لم يحل له النظر إليه
فإن قلت كل ذي حس يدرك التفرقة بين الجميل والقبيح لا محالة ولم تزل وجوه الصبيان مكشوفة فأقول لست أعني تفرقة العين فقط بل ينبغي أن يكون إدراكه التفرقة كإدراكه التفرقة بين شجرة خضراء وأخرى يابسة وبين ماء صاف وماء كدر وبين شجرة عليها أزهارها وأنوارها وشجرة تساقطت أوراقها فإنه يميل إلى إحداهما بعينه وطبعه ولكن ميلا خاليا عن الشهوة ولأجل ذلك لا يشتهي ملامسة الأزهار والأنوار وتقبيلها ولا تقبيل الماء الصافي وكذلك الشيبة الحسنة قد تميل العين إليها وتدرك التفرقة بينها وبين الوجه القبيح ولكنها تفرقة لا شهوة فيها ويعرف ذلك بميل النفس إلى القرب والملامسة فمهما وجد ذلك الميل في قلبه وأدرك تفرقة بين الوجه الجميل وبين النبات الحسن والأثواب المنقشة والسقوف المذهبة فنظره نظر شهوة فهو حرام وهذا مما يتهاون به الناس ويجرهم ذلك إلى المعاطب وهم لا يشعرون
قال بعض التابعين ما أنا بأخوف من السبع الضاري على الشاب الناسك من غلام أمرد يجلس إليه وقال سفيان لو أن رجلا عبث بغلام بين أصبعين من أصابع رجله يريد الشهوة لكان لواطا وعن بعض السلف قال سيكون في هذه الأمة ثلاث أصناف لوطيون صنف ينظرون وصنف يصافحون وصنف يعملون
فإذن آفة النظر إلى الأحداث عظيمة فمهما عجز المريض عن غظ بصره وضبط فكره فالصواب له أن يكسر شهوته بالنكاح فرب نفس لا يسكن توقانها بالجوع
وقال بعضهم غلبت على شهوتي في بدء إرادتي بما لم أطق فأكثرت الضجيج إلى الله تعالى فرأيت شخصا في المنام فقال مالك فشكوت إليه فقال تقدم إلي فتقدمت إليه فوضع يده على صدري فوجدت بردها في فؤادي وجميع جسدي فأصبحت وقد زال ما بي فبقيت معافى سنة ثم عاودني ذلك فأكثرت الاستغاثة فأتاني شخص في المنام فقال لي أتحب أن يذهب ما تجده وأضرب عنقك قلت نعم فقال مد رقبتك فمددتها فجرد سيفا من نور فضرب به عنقي فأصبحت وقد زال ما بي فبقيت معافى سنة ثم عاودني ذلك أو أشد منه فرأيت كأن شخصا فيما بين جنبي وصدري يخاطبني ويقول ويحك كم تسأل الله تعالى ما لا يحب رفعه قال فتزوجت فانقطع ذلك عني وولد لي
ومهما احتاج المريد إلى النكاح فلا ينبغي أن يترك شرط الإرادة في ابتداء النكاح ودوامه أما في ابتدائه فبالنية الحسنة وفي داومه بحسن الخلق وسداد السيرة والقيام بالحقوق الواجبة كما فصلنا جميع ذلك في كتاب آداب النكاح فلا نطول بإعادته وعلامة صدق إرادته أن ينكح فقيرة متدينة ولا يطلب الغنية قال بعضهم من تزوج غنية كان له منها خمس خصال مغالاة الصداق وتسويف الزفاف وفوت الخدمة وكثرة النفقة وإذا أراد طلاقها لم يقدر خوفا على ذهاب مالها والفقيرة بخلاف ذلك وقال بعضهم ينبغي أن تكون المرأة دون الرجل بأربع وإلا استحقرته بالسن والطول والمال والحسب وأن تكون فوقه بأربع بالجمال والأدب والورع والخلق وعلامة صدق الإرادة في دوام النكاح الخلق
تزوج بعض المريدين بامرأة فلم يزل يخدمها حتى استحيت المرأة وشكت ذلك إلى أبيها وقالت قد تحيرت في هذا الرجل أنا في منزله منذ سنين ما ذهبت إلى الخلاء قط إلا وحمل الماء قبلي إليه وتزوج بعضهم امرأة ذات جمال فلما قرب زفافها أصابها الجدري فاشتد حزن أهلها لذلك خوفا من أن يستقبحها فأراهم الرجل أنه قد أصابه رمد ثم أراهم أن بصره قد ذهب حتى زفت إليه فزال عنهم الحزن فبقيت عنده عشرين سنة ثم توفيت ففتح عينيه حين ذلك فقيل له في ذلك فقال تعمدته لأجل أهلها حتى لا يحزنوا فقيل له قد سبقت إخوانك بهذا الخلق وتزوج بعض الصوفية امرأة سيئة الخلق فكان يصبر عليها فقيل له لم لا تطلقها فقال أخشى أن يتزوجها من لا يصبر عليها فيتأذى بها فإن تزوج المريد فهكذا ينبغي أن يكون وإن قدر على الترك فهو أولى له إذا لم يمكنه الجمع بين فضل النكاح وسلوك الطريق وعلم أن ذلك يشغله عن حاله كما روي أن محمد بن سليمان الهاشمي كان يملك من غلة الدنيا ثمانين ألف درهم في كل يوم فكتب إلى أهل البصرة وعلمائها في امرأة يتزوجها فأجمعوا كلهم على رابعة العدوية رحمها الله تعالى فكتب إليها بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإن الله تعالى قد ملكني من غلة الدنيا ثمانين ألف درهم في كل يوم وليس تمضي الأيام والليالي حتى أتمها مائة ألف وأنا أصير لك مثلها ومثلها فأجيبيني فكتبت إليه بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإن الزهد في الدنيا راحة القلب والبدن والرغبة فيها تورث الهم والحزن فإذا أتاك كتابي هذا فهيء زادك وقدم لمعادك وكن وصي نفسك ولا تجعل الرجال أوصياءك فيقتسموا تراثك فصم الدهر وليكن فطرك الموت وأما أنا فلو أن الله تعالى خولني أمثال الذي خولك وأضعافه ما سرني أن أشتغل عن الله طرفة عين
وهذه إشارة إلى أن كل ما يشغل عن الله تعالى فهو نقصان فلينظر المريد إلى حاله وقلبه فإن وجده في العزوبة فهو الأقرب وإن عجز عن ذلك فالنكاح أولى به ودواء هذه العلة ثلاثة أمور الجوع وغض البصر والاشتغال بشغل يستولي على القلب فإن لم تنفع هذه الثلاثة فالنكاح هو الذي يستأصل مادتها فقط ولهذا كان السلف يبادرون إلى النكاح وإلى تزويج البنات قال سعيد بن المسيب ما أيس إبليس من أحد إلا وأتاه من قبل النساء وقال سعيد أيضا وهو ابن أربع وثمانين سنة وقد ذهبت إحدى عينيه وهو يعشو بالأخرى ما شيء أخوف عندي من النساء وعن عبد الله بن أبي وداعة قال كنت أجالس سعيد بن المسيب فتفقدني أياما فلما أتيته قال أين كنت قلت توفيت أهلي فاشتغلت بها فقال هلا أخبرتنا فشهدناها قال ثم أردت أن أقوم فقال هل استحدثت امرأة فقلت يرحمك الله تعالى ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة فقال أنا فقلت وتفعل قال نعم فحمد الله تعالى وصلى على النبي صلى الله عليه و سلم وزوجني على درهمين أو قال ثلاثة قال فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح فصرت إلى منزلي وجعلت أفكر ممن آخذ وممن أستدين فصليت المغرب وانصرفت إلى منزلي فأسرجت وكنت صائما فقدمت عشائي لأفطر وكان خبزا وزيتا وإذا بابي يقرع فقلت من هذا قال سعيد قال فأفكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب وذلك أنه لم ير أربعين سنة إلا بين داره والمسجد قال فخرجت إليه فإذا به سعيد بن المسيب فظننت أنه قد بدا له فقلت يا أبا محمد لو أرسلت إلي لأتيتك فقال لا أنت أحق أن تؤتى قلت فما تأمر قال إنك كنت رجلا عزبا فتزوجت فكرهت أن أبيتك الليلة وحدك وهذه امرأتك وإذا هي قائمة خلفه في طوله ثم أخذ بيدها فدفعها في الباب ورده فسقطت المرأة من الحياء فاستوثقت من الباب ثم تقدمت إلى القصعة التي فيها الخبز والزيت فوضعتها في ظل السراج لكيلا تراه ثم صعدت السطح فرميت الجيران فجاءوني وقالوا ما شأنك قلت ويحكم زوجني سعيد بن المسيب ابنته اليوم وقد جاء بها الليلة على غفلة فقالوا أو سعيد زوجك قلت نعم قالوا وهي في الدار قلت نعم فنزلوا إليها وبلغ ذلك أمي فجاءت وقالت وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام قال فأقمت ثلاثا ثم دخلت بها فإذا هي من أجمل النساء وأحفظ الناس لكتاب الله تعالى وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم وأعرفهم بحق الزوج قال فمكثت شهرا لا يأتيني سعيد ولا آتيه فلما كان بعد الشهر أتيته وهو في حلقته فسلمت عليه فرد علي السلام ولم يكلمني حتى تفرق الناس من المجلس فقال ما حال ذلك الإنسان فقلت بخير يا أبا محمد على ما يحب الصديق ويكره العدو قال إن رابك منه أمر فدونك والعصا فانصرفت إلى منزلي فوجه إلي بعشرين ألف درهم قال عبد الله بن سليمان وكانت بنت سعيد بن المسيب هذه قد خطبها منه عبد الملك بن مروان لابنه الوليد حين ولاه العهد فأبى سعيد أن يزوجه فلم يزل عبد الملك يحتال على سعيد حتى ضربه مائة سوط في يوم بارد وصب عليه جرة ماء وألبسه جبة صوف فاستعجال سعيد في الزفاف تلك الليلة يعرفك غائلة الشهوة ووجوب المبادرة في الدين إلى تطفئة نارها بالنكاح رضي الله تعالى عنه ورحمه

بيان فضيلة من يخالف شهوة الفرج والعين
اعلم أن هذه الشهوة هي أغلب الشهوات على الإنسان وأعصاها عند الهيجان على العقل إلا أن مقتضاها قبيح يستحيا منه ويخشى من اقتحامه وامتناع أكثر الناس عن مقتضاها إما لعجز أو لخوف أو لحياء أو لمحافظة على جسمه وليس في شيء من ذلك ثواب فإنه إيثار حظ من حظوظ النفس على حظ آخر نعم من العصمة أن لا يقدر ففي هذه العوائق فائدة وهي دفع الإثم فإن من ترك الزنا اندفع عنه إثمه بأي سبب كان تركه وإنما الفضل والثواب الجزيل في تركه خوفا من الله تعالى مع القدرة وارتفاع الموانع وتيسر الأسباب لا سيما عند صدق الشهوة وهذه درجة الصديقين ولذلك قال صلى الله عليه و سلم من عشق فعف فكتم فمات فهو شهيد
// حديث من عشق فعف فكتم فمات فهو شهيد أخرجه الحاكم في التاريخ من حديث ابن عباس وقال أنكر على سويد بن سعيد ثم قال يقال إن يحيى لما ذكر له هذا الحديث قال لو كان لي فرس ورمح غزوت سويدا ورواه الخرائطي من غير طريق سويد بسند فيه نظر //
وقال صلى الله عليه و سلم سبعة يظلهم الله يوم القيامة في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله وعد منهم رجل دعته امرأة ذات جمال وحسب إلى نفسها فقال إني أخاف الله رب العالمين
// حديث سبعة يظلهم الله في ظله الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة وقد تقدم //
وقصة يوسف عليه السلام وامتناعه من زليخا مع القدرة ومع رغبتها معروفة وقد أثنى الله تعالى عليه بذلك في كتابه العزيز وهو إمام لكل من وفق لمجاهدة الشيطان في هذه الشهوة العظيمة
وروي أن سليمان بن يسار كان من أحسن الناس وجها فدخلت عليه امرأة فسألته نفسه فامتنع عليها وخرج هاربا من منزله وتركها فيه قال سليمان فرأيت تلك الليلة في المنام يوسف عليه السلام وكأني أقول له أنت يوسف قال نعم أنا يوسف الذي هممت وأنت سليمان الذي لم تهم أشار إلى قوله تعالى ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه وعنه أيضا ما هو أعجب من هذا وذلك أنه خرج من المدينة حاجا ومعه رفيق له حتى نزلا بالأبواء فقام رفيقه وأخذ السفرة وانطلق إلى السوق ليبتاع شيئا وجلس سليمان في الخيمة وكان من أجمل الناس وجها وأورعهم فبصرت به أعرابية من قلة الجبل وانحدرت إليه حتى وقفت بين يديه وعليها البرقع والقفازان فأسفرت عن وجه لها كأنه فلقة قمر وقالت أهنئني فظن أنها تريد طعاما فقام إلى فضلة السفرة ليعطيها فقالت لست أريد هذا إنما أريد ما يكون من الرجل إلى أهله فقال جهزك إلى إبليس ثم وضع رأسه بين ركبتيه وأخذ في النحيب فلم يزل يبكي فلما رأت منه ذلك سدلت البرقع على وجهها وانصرفت راجعة حتى بلغت أهلها وجاء رفيقه فرآه وقد انتفخت عيناه من البكاء وانقطع حلقه فقال ما يبكيك قال خير ذكرت صبيتي قال لا والله إلا أن لك قصة إنما عهدك بصبيتك منذ ثلاث أو نحوها فلم يزل به حتى أخبره خبر الأعرابية فوضع رفيقه السفرة وجعل يبكي بكاء شديدا فقال سليمان وأنت ما يبكيك قال أنا أحق بالبكاء منك لأني أخشى أن لو كنت مكانك لما صبرت عنها فلم يزالا يبكيان فلما انتهى سليمان إلى مكة فسعى وطاف ثم أتى الحجر فاحتبى بثوبه فأخذته عينه فنام وإذا رجل وسيم طوال له شارة حسنة ورائحة طيبة فقال له سليمان رحمك الله من أنت قال له أنا يوسف قال يوسف الصديق قال نعم قال إن في شأنك وشأن امرأة العزيز لعجبا فقال له يوسف شأنك وشأن صاحبة الأبواء أعجب
وروي عن عبد الله بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول انطلق ثلاثة نفر مما كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوا فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلى أن تدعوا الله تعالى بصالح أعمالكم فقال رجل منهم اللهم إنك تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا فنأى بي طلب الشجر يوما فلم أرح عليهما حتى ناما فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين فكرهت أن أغبق قبلها أهلا ومالا فلبثت والقدح في يدي انتظر استيقاظهما حتى طلع الفجر والصبية يتضاغون حول قدمي فاستيقظا فشربا غبوقهما اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج منه وقال الآخر اللهم إنك تعلم أنه كان لي ابنة عم من أحب الناس إلي فراودتها عن نفسها فامتنعت مني حتى ألمت بي سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها مائة وعشرين دينارا على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت حتى إذا قدرت عليها قالت اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه فتحرجت من الوقوع عليها فانصرفت عنها وهي من أحب الناس إلي وتركت الذهب الذي أعطيتها اللهم إن كنت فعلته ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة عنهم حتى أنهم لا يستطيعون الخروج منها وقال الثالث اللهم إني استأجرت أجراء وأعطيتهم أجورهم غير رجل واحد فإنه ترك الأجر الذي له وذهب فنميت له أجره حتى كثرت منه الأموال فجاءني بعد حين فقال يا عبد الله أعطني أجري فقلت كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق فقال يا عبد الله أتهزأ بي فقلت لا أستهزئ بك فخذه فاستاقه وأخذه كله ولم يترك منه شيئا اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون
// حديث ابن عمر انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فذكر الحديث بطوله رواه البخاري //
فهذا فضل من تمكن من قضاء هذه الشهوة فعف وقريب منه من تمكن من قضاء شهوة العين فإن العين مبدأ الزنا فحفظها مهم وهو عسر من حيث إنه قد يستهان به ولا يعظم الخوف منه والآفات كلها منه تنشأ والنظرة الأولى إذا لم تقصد لا يؤاخذ بها والمعاودة يؤاخذ بها قال صلى الله عليه و سلم لك الأولى وعليك الثانية // حديث لك الأولى وليست لك الثانية أي النظرة أخرجه أبو داود والترمذي من حديث بريدة قاله لعلي قال الترمذي حديث غريب // أي النظرة وقال العلاء بن زياد لا تتبع بصرك رداء المرأة فإن النظر يزرع في القلب شهوة وقلما يخلو الإنسان في ترداده عن وقوع البصر على النساء والصبيان فمهما تخايل إليه الحسن تقاضى الطبع المعاودة وعنده ينبغي أن يقرر في نفسه أن هذه المعاودة عين الجهل فإنه إن حقق النظر فاستحسن ثارت الشهوة وعجز عن الوصول فلا يحصل له إلا التحسر وإن استقبح لم يلتذ وتألم لأنه قصد الالتذاذ فقد فعل ما آلمه فلا يخلو في كلتا حالتيه عن معصية وعن تألم وعن تحسر ومهما حفظ العين بهذا الطريق اندفع عن قلبه كثير من الآفات فإن أخطأت عينه وحفظ الفرج مع التمكن فذلك يستدعي غاية القوة ونهاية التوفيق فقد روي عن أبي بكر بن عبد الله المزني أن قصابا أولع بجارية لبعض جيرانه فأرسلها أهلها في حاجة لهم إلى قرية أخرى فتبعها وراودها عن نفسها فقالت له لا تفعل لأنا أشد حبا لك منك لي ولكني أخاف الله قال فأنت تخافينه وأنا لا أخافه فرجع تائبا فأصابه العطش حتى كان يهلك فإذا برسول لبعض أنبياء بني إسرائيل فسأله فقال ما لك قال العطش قال تعال حتى ندعو الله بأن تظلنا سحابة حتى ندخل القرية قال مالي من عمل صالح فأدعو فادع أنت قال أنا أدعو وأمن أنت على دعائي فدعا الرسول وأمن هو فأظلتهما سحابة حتى انتهيا إلى القرية فأخذ القصاب إلى مكانه فمالت السحابة معه فقال له الرسول صلى الله عليه و سلم زعمت أن ليس لك عمل صالح وأنا الذي دعوت وأنت الذي أمنت فأظلتنا سحابة ثم تبعتك لتخبرني بأمرك فأخبره فقال الرسول إن التائب عند الله تعالى بمكان ليس أحد من الناس بمكانه وعن أحمد بن سعيد العابد عن أبيه قال كان عندنا بالكوفة شاب متعبد لازم المسجد الجامع لا يكاد يفارقه وكان حسن الوجه حسن القامة حسن السمت فنظرت إليه امرأة ذات جمال وعقل فشغفت به وطال عليها ذلك فلما كان ذات يوم وقفت له على الطريق وهو يريد المسجد فقالت له يا فتى اسمع مني كلمات أكلمك بها ثم اعمل ما شئت فمضى ولم يكلمها ثم وقفت له بعد ذلك على طريقه وهو يريد منزله فقالت له يا فتى اسمع مني كلمات أكلمك بها فأطرق مليا وقال لها هذا موقف تهمة وأنا أكره أن أكون للتهمة موضعا فقالت له والله ما وقفت موقفي هذا جهالة مني بأمرك ولكن معاذ الله أن يتشوف العباد إلى مثل هذا مني والذي حملني على أن لقيتك في مثل هذا الأمر بنفسي لمعرفتي أن القليل من هذا عند الناس كثير وأنتم معاشر العباد على مثال القوارير أدنى شيء يعيبها وجملة ما أقول لك إن جوارحي كلها مشغولة بك فالله الله في أمري وأمرك قال فمضى الشباب إلى منزله وأراد أن يصلي فلم يعقل كيف يصلي فأخذ قرطاسا وكتب كتابا ثم خرج من منزله وإذا بالمرأة واقفة في موضعها فألقى الكتاب إليها ورجع إلى منزله وكان فيه بسم الله الرحمن الرحيم أعلمي أيتها المرأة أن الله عز و جل إذا عصاه العبد حلم فإذا عاد إلى المعصية مرة أخرى ستره فإذا لبس لها ملابسها غضب الله تعالى لنفسه غضبة تضق منها السموات والأرض والجبال والشجر والدواب فمن ذا يطيق غضبه فإن كان ما ذكرت باطلا فإني أذكرك يوما تكون السماء فيه كالمهل وتصير الجبال كالعهن وتجثوا الأمم لصولة الجبار العظيم وإني والله قد ضعفت عن إصلاح نفسي فكيف بإصلاح غيري وإن كان ما ذكرت حقا فإني أدلك على طبيب هدى يداوي الكلوم الممرضة والأوجاع المرمضة ذلك الله رب العالمين فاقصديه بصدق المسألة فإني مشغول عنك بقوله تعالى وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور فأين المهرب من هذه الآية ثم جاءت بعد ذلك بأيام فوقفت له على الطريق فلما رآها من بعيد أراد الرجوع إلى منزله كيلا يراها فقالت يا فتى لا ترجع فلا كان الملتقى بعد هذا اليوم أبدا إلا غدا بين يدي الله تعالى ثم بكت بكاء شديدا وقالت أسأل لك الله الذي بيده مفاتيح قلبك أن يسهل ما قد عسر من أمرك ثم إنها تبعته وقالت امنن علي بموعظة أحملها عنك وأوصني بوصية أعمل عليها فقال لها أوصيك بحفظ نفسك من نفسك وأذكرك قوله تعالى وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار قال فأطرقت وبكت بكاء شديدا أشد من بكائها الأول ثم إنها أفاقت ولزمت بيتها وأخذت في العبادة فلم تزل على ذلك حتى ماتت كمدا فكان الفتى يذكرها بعد موتها ثم يبكي فيقال له مم بكاؤك وأنت قد أيأستها من نفسك فيقول إني قد ذبحت طمعها في أول أمرها وجعلت قطيعتها ذخيرة لي عند الله تعالى فأنا أستحي منه أن أسترد ذخيرة ادخرتها عنده تعالى
تم كتاب كسر الشهوتين بحمد الله تعالى وكرمه يتلوه إن شاء الله تعالى كتاب آفات اللسان والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلاته على سيدنا محمد خير خلقه وعلى كل عبد مصطفى من أهل الأرض والسماء وسلم تسليما كثيرا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...