أَمْضَى جُلَّ خِدْمَتِهِ الْوَظِيفِيَّةِ الْمَدِيدَةِ مُتَمَلِّقًا لِهَذَا الْمَسْؤُولِ أَوْ ذَاكَ، مَاسِحًا الْأَكْتَافَ دُونَ خَجَلٍ أَوْ وَجَلٍ. اِكْتَسَبَ سُمْعَةً سَيِّئَةً بَيْنَ أَقْرَانِهِ مُتَسَلِّقًا السُّلَّمَ الْوَظِيفِيَّ بِسُرْعَةٍ تَبْعَثُ عَلَى الْأَسَى وَالْحَيْرَةِ أَحْيَانًا، فَنَـقِفُ مَشْدُوهِينَ حِيَالَ ظَاهِرَةٍ غَرِيبَةٍ وَمُسْتَهْجَنَةٍ فِي مُجْتَمَعٍ مَزَّقَتْهُ الْحُرُوبُ الطَّاحِنَةُ وَأَنْهَكَتْهُ الْمَحْسُوبِيَّاتُ وَمَافْيَاتُ الْفَسَادِ. أَصْبَحَ بِقُدْرَةِ قَادِرٍ الْآمِرَ النَّاهِي فِيْ اِتِّخَاذِ الْقَرَارَاتِ حَتَّى بِوُجُودِ مَسْؤُولِهِ الْمُبَاشِرِ. بَلَغَتْ بِهِ الْغَطْرَسَةُ مَبْلَغًا فَلَمْ يَعُدْ يُقِيمُ وَزْنًا لِأَحَدٍ. فِي ذُرْوَةِ طُغْيَانِهِ هَذَا أُصِيبَ ذَاتَ لَيْلَةٍ بِنَوْبَةٍ قَلْبِيَّةٍ جَعَلَتْهُ طَرِيحَ الْفِرَاشِ، اِنْتَشَرَ الْخَبَرُ بَيْنَ النَّاسِ كَالنَّارِ فِي الْهَشِيمِ فَاسْتَبْشَرَ الْمَغْدُورُونَ وَالْمُهَمَّشُونَ خَيْرًا وَتَبَادَلُوا فِيْ مَا بَيْنَهُمْ أَطَايِبَ الْحَلْوَى وَالتَّهَانِي، كَأَنَّهُ الْعِيدُ الْأَغَرُّ. بَعْدَ فَتْرَةٍ وَجِيزَةٍ فَارَقَ الْحَيَاةَ غَيْرَ مَأْسُوفٍ عَلَيْهِ، تُلَاحِقُهُ الْلَّعَنَاتُ. لَمْ يَحْضَرْ مَرَاسِيمَ الدَّفْنِ أَيٌّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَوْ أَقَارِبِهِ، فَنَابَ عَنْهُمْ نَفَـرٌ مِنَ الْغُرَبَاءِ!.