دائماً هكذا يأتى بخطوات بطئية كئيبة, لم تر على وجهه ابتسامة قط, يتجه الى المقهى فى نفس الزمن من كل يوم ويلقى أشلاء جسمه النحيل فى نفس المقعد وفى نفس الركن الخالى الكئيب مثل صاحبه, يجلس هنالك مرتكناً يطلب فنجان قوة, لايتحدث مع أحد سوى صديقه الذى يأتى ويجلس معه قليلاً ثم ينهض وقد أرتسم على وجهه شىء من الشفقة والحنق.
تتجه نحوه وهى تحمل على رأسها (صينية) رصت أكياس الفول فيها بإنتظام, عندما تقترب منه كانت تبطىء من حركتها كأنها تقترب من شىء مقدس, تضع (الصينية) على المنضدة يأخذ منها كيساً ويعطيها بعض العملات, عندما تبتسم تجده قد رحل … رحل الى عالمه , عالم الشرود … تحمل حملها وتذهب وهكذا دائماً.
فى يوم لم يأتي ، ظل مكانه خالياً وأكثر كآبة , كانت تبحث عنه وهى تتحرك مثل فراشة تبحث عن زهرة , إستمرت تبحث عنه ثلاثة أيام الى أن علمت أنه مريض وطريح الفراش , وفى يوم تبعت صديقه الذى كان يجلس معه دون أن يشعر, حتى عرفت داره , كم حزنت له. حتى أفتقد زبائنها إبتسامتها ورشاقتها وتعليقاتها البريئة , وفى اليوم التالى زارته , طرقت الباب عدة طرقات , دخلت وهى تحمل فى يدها الزهور, إقتحمت عالمه المغلق , وبنفس شعور إقترابها من شىء مقدس , سمعت نحنحة , ثم قال بصوت عميق أعمق من حزنه:
– من هناك؟
قالت بصوتها الطفولى:
– أنا بائعة الفول
ثم دخلت رأت الدهشة على وجهه , قالت مرتبكة
– أسفة على الإزعاج ، ولكنى أردت زيارتك لاتسألنى عن السبب لأنى حقيقة لا أدرى.
قال وقد ظهر الرضا على وجهه
– شكراً لك يا إبنتى
تشجعت وقدمت له الزهور أوما شاكراً , ثم مسحت الغرفة بعينيها ، كانت كئيبة غير مرتبة كأنها قبر كانت تنبعث منها روائح قديمة توحى بالفناء , عناكب تحيك الأركان ببراعة , كتب ذات أغلفة باهتة تصطف على رف قديم , عادت لها غريزتها الفراشية , تحركت تحلق فى الغرفة , نظفتها , ورتبتها , فتحت النوافذ متجاهلة لإعتراضاته , ولأول مرة يدخل الهواء ويخرج بحرية , رأت الإستياء على وجهه , سألته:
– منذ متى لم تفتح هذه النوافذ؟
لم يعطها ردا” لأنه لا يعلم منذ متى.
حدثها أنه مريض بمرض وراثى قاتل , وهو الآن يعد أيامه فى الدنيا , قالت له:
– بدلاً من ان تحصى أيامك فى الدنيا من الأجدى أن تفكر كيف تقضى هذه الأيام , لم لا تقضيها فى إسعاد نفسك والأخرين , ثم أشارت الى الزهور اليانعة قائلة:
– أنظر الى هذه الزهور, كيف هى يانعة تمنحك أجمل ما عندها لتسعد , رغما إنها ستذبل للأبد بعد ساعات قلائل , لم لا تكون مثلها تترك شذاك لإسعاد الآخرين.
لم تجد جواباً , خرجت منه حاملة (صينيتها) فى رأسها وهى لا تعلم أناقم هو عليها أم راض , وفى اليوم الثانى لمحته آتياً من هناك فى خطوات واسعة والإبتسامة تعلو وجهه وأصبح أكثر نضرة وأكثر شباباً , حتى أثار دهشة من ألفوه حزيناً, كان يبحث عنها بعينين تشعان بالحياة , علمت لم يبحث عنها, أسرعت وإستقلت سيارة ورحلت , لمحها فى الدقائق الأخيرة , لوح لها شاكراً , رحلت ولم تظهر منذ ذاك اليوم , كان يبحث عنها بجد وعندما لم يجدها, علم أنها منحته السعادة , قرر أن يمنح السعادة , وأن يموت مبتسماً والناس يبكون.
تتجه نحوه وهى تحمل على رأسها (صينية) رصت أكياس الفول فيها بإنتظام, عندما تقترب منه كانت تبطىء من حركتها كأنها تقترب من شىء مقدس, تضع (الصينية) على المنضدة يأخذ منها كيساً ويعطيها بعض العملات, عندما تبتسم تجده قد رحل … رحل الى عالمه , عالم الشرود … تحمل حملها وتذهب وهكذا دائماً.
فى يوم لم يأتي ، ظل مكانه خالياً وأكثر كآبة , كانت تبحث عنه وهى تتحرك مثل فراشة تبحث عن زهرة , إستمرت تبحث عنه ثلاثة أيام الى أن علمت أنه مريض وطريح الفراش , وفى يوم تبعت صديقه الذى كان يجلس معه دون أن يشعر, حتى عرفت داره , كم حزنت له. حتى أفتقد زبائنها إبتسامتها ورشاقتها وتعليقاتها البريئة , وفى اليوم التالى زارته , طرقت الباب عدة طرقات , دخلت وهى تحمل فى يدها الزهور, إقتحمت عالمه المغلق , وبنفس شعور إقترابها من شىء مقدس , سمعت نحنحة , ثم قال بصوت عميق أعمق من حزنه:
– من هناك؟
قالت بصوتها الطفولى:
– أنا بائعة الفول
ثم دخلت رأت الدهشة على وجهه , قالت مرتبكة
– أسفة على الإزعاج ، ولكنى أردت زيارتك لاتسألنى عن السبب لأنى حقيقة لا أدرى.
قال وقد ظهر الرضا على وجهه
– شكراً لك يا إبنتى
تشجعت وقدمت له الزهور أوما شاكراً , ثم مسحت الغرفة بعينيها ، كانت كئيبة غير مرتبة كأنها قبر كانت تنبعث منها روائح قديمة توحى بالفناء , عناكب تحيك الأركان ببراعة , كتب ذات أغلفة باهتة تصطف على رف قديم , عادت لها غريزتها الفراشية , تحركت تحلق فى الغرفة , نظفتها , ورتبتها , فتحت النوافذ متجاهلة لإعتراضاته , ولأول مرة يدخل الهواء ويخرج بحرية , رأت الإستياء على وجهه , سألته:
– منذ متى لم تفتح هذه النوافذ؟
لم يعطها ردا” لأنه لا يعلم منذ متى.
حدثها أنه مريض بمرض وراثى قاتل , وهو الآن يعد أيامه فى الدنيا , قالت له:
– بدلاً من ان تحصى أيامك فى الدنيا من الأجدى أن تفكر كيف تقضى هذه الأيام , لم لا تقضيها فى إسعاد نفسك والأخرين , ثم أشارت الى الزهور اليانعة قائلة:
– أنظر الى هذه الزهور, كيف هى يانعة تمنحك أجمل ما عندها لتسعد , رغما إنها ستذبل للأبد بعد ساعات قلائل , لم لا تكون مثلها تترك شذاك لإسعاد الآخرين.
لم تجد جواباً , خرجت منه حاملة (صينيتها) فى رأسها وهى لا تعلم أناقم هو عليها أم راض , وفى اليوم الثانى لمحته آتياً من هناك فى خطوات واسعة والإبتسامة تعلو وجهه وأصبح أكثر نضرة وأكثر شباباً , حتى أثار دهشة من ألفوه حزيناً, كان يبحث عنها بعينين تشعان بالحياة , علمت لم يبحث عنها, أسرعت وإستقلت سيارة ورحلت , لمحها فى الدقائق الأخيرة , لوح لها شاكراً , رحلت ولم تظهر منذ ذاك اليوم , كان يبحث عنها بجد وعندما لم يجدها, علم أنها منحته السعادة , قرر أن يمنح السعادة , وأن يموت مبتسماً والناس يبكون.