ذات صباح استيقظت مدينة (بندر) التي اشتهر أهلها بالشغف، لتشهد هبوط جسمين ضخمين غريبين مصمتين؛ لونهما فضي كأنهما قطعتان حجريتان من القمر ينطلي عليهما انطلاء خدعة نوره علينا. شكلهما بيضاوي باستطالة، كما بالونة، إلى شكل واحدة الخيار أقرب، مع انتفاخ في منتصف كل حجر، إن كان هناك خيار كوني فضيّ بمثل هذا الحجم. كان جسماهما كبيرين، كأنهما حوتان فضيان وبحجم يفوق في ضخامته الحوت نفسه.هبط الجسمان وهبطا بهدوء غريب بدا للناظرين الشغوفين حذراً ، كأنهما سفينتان تقتربان من مرفأ مجهول خطر.وأصبحا معلقين على ارتفاع ربما يصل إلى ألف متر فوق سماء المدينة. ولم يكن سكان المدينة مذهولين لهبوط هذين الجسمين فحسب، بل للعلاقة الآخرى. فالجسمان يرتطمان يبعضهما ثم يبتعدان وفي كل لحظة ارتطام يصدر عنهما صوت خافت لا يشبه حجم وقوة الارتطام، كما أن الاصطدام لا ينبثق عنه ضوء ولا انكسار ولا غبار. في البداية بدا الأمر كما لو أن قطتين دخلتا غرفة نومك وهما تتعاركان. لكن فيما بعد اتضح أن الأمر أكبر من ذلك بكثير.
يرتطم الجسمان مرة وهما متواجهان من قطب؛ ثم ينتطحان في المرة التالية من القطب الآخر. وكانا يتبادلان المراكز. هذه الحركة المتنوعة على محدوديتها كانت مثار إعجاب سكان المدينة. لكن الصوت كان هو نفسه حين يتم الارتطام من القطب الأعلى وهو نفسه مع زيادة طفيفة في الزمن، حين يتم الارتطام من الأسفل. وبعد مئات الآلاف من هذه المناجزة الثنائية ينتقل الجسمان لممارسة هذا النشاط المستمر من منظور أفقي. يستمر الوضع الأفقي فترة زمنية تشابه الوضع العمودي .لكن الصوت في الوضع الأفقي تتغيّر نغمته.
وسرعان ما أصبح الجسمان مصدرا لمرح وتجدد أبتسام أهل المدينة ومصدراً لحب استطلاعهم، هم الشغوفون بطبعهم.وبعد أقل من أسبوع من الثرثرة في المجالس جربوا خلالها كافة النظريات حول مصدر هذين الجسمين دخلت القنوات الفضائية في الصورة فنقلت الحركة البندولية الأفقية والرأسية لهذين الجسمين في استداراتهما البديعة إثر كل ارتطام يقومان به .وجرّت الفضائيات معها الشبكة الدولية- عين العولمة اليقظى- بكل أبراجها وحراكها و سكباجها. العولمة جاءت برتل من العلماء من كافة أرجاء المعمورة فوجدوا أن أحد أكثر شباب المدينة القروية اهتماماً بالظاهرة قد أجرى قياساته قبلهم فأحرز أن عدد الارتطامات الرأسية مساو لعددها الأفقي وأن الانتقال من الوضع الرأسي إلى الوضع الأفقي أو العكس يتم بعد تسعة ألاف وسبعمائة وأربع وخمسين مقابلة رأسية أو أفقية بين رأسي هذين الحجرين المصمتين.
أمّن علماء الرياضيات على كلام الشاب بيد أنهم قالوا إن النتيجة لا تقودهم إلى شيء بخلاف العدد.وشرع علماء الكونيات وعلماء الفيزياء والرياضيات والكيمياء والأحياء في العمل.ومن عجب أن كل هؤلاء لم يستطيعوا أن يستبينوا إن كان هذان الجسمان كائنين حيين أم جمادين. لدى الاقتراب منهما لم يشعر العلماء بأنفاس ولا خفقان ولا حرارة ولا برودة تنبعث منهما. وكانوا قد تأكدوا قبلاً بمناظيرهم وأدواتهم الحساسة أن الكائنين مصمتين كبيضتين أمهما أنثى رخ، إذ طالما أنهما ظهرا فلابد أن يكون الرخ كائناً حقيقياً.ولا بد أن يكون بيض الرخ مصمتاً لأنه ليس من الضرورة أن تلد فراخ الرّخ من البيض بل هي تلد أساساً وكما نعلم من الأسطورة.
لدى اقتراب العلماء أكثر ارتفع الجسمان قليلاً إلى أعلى. وبعد محاولات عديدة اكتشفوا أن الجسمين يحتفظان بمسافة معلومة بينهما وبين من يقترب منهما إذ ما أن تجري محاولة لاختراق هذه المسافة والاقتراب من الكائنين أو الشيئين حتى يرتفعا إلى أعلى.
بعد شهر جاء ت مراكز البحوث وعلماء الكونيات بأفكار جديدة إذ قرروا حبس الجسمين في شبك وجرهما نحو المدن الكبرى وفصلهما عن بعضهما البعض .لكن جميع محاولات حبسهما في شبك أو أقفاص فشلت إذ أن كل محاولة اقتراب من المنطقة المعلومة تجابه بارتفاع من الجسمين إلى أعلي وما أن تكف المحاولات حتى يهبط الجسمان مرة أخرى إلى نفس المسافة فوق سماء بندر.
وقرّ رأى بعض العسكريين على إطلاق قنبلة على أحد الجسمين.وبعد مداولات عديدة أدركوا خطر الفكرة إذ ربما يكون بداخل الجسمين طاقة تدمر الكرة الأرضية ومع ذلك تمت المحاولة الأولى للاعتداء على الجسمين المسالمين بواسطة أشعة الليزر فاتضح أن الجسمين أكثر صلابة من الماس إذ لم يوثر الليزر عليهما بل توقف شعاعه قرب المسافة المعلومة ثم تحول إلى شعاع ضوء عادي مسالم هو الوجود المادي الوحيد المسموح له بالاقتراب والملامسة لأنه يضيء ولا يتجسس ولا شأن له بالأعماق.الضوء طاقة سطحية والإنسان هو الذي يدخلها في الدهاليز لتتلصص وأطلق العلماء على هذه المسافة النقطة اكس.وهي نقطة لا تتخطاها أي قدرات بشرية حتى لو كانت قنبلة ذرية.
علماء الفيزياء قالوا إن هذا مخالف لكل قوانين الفيزياء.أما علماء الأحياء فقد قفلوا عائدين لمعاملهم مقتنعين بأن هذه الظاهرة الكونية الغريبة ليست من الكائنات الحية.وهكذا ظلت هذه الحركة البندولية مستمرة أبداً . وفشل أي تناصح شعبي أو نخبوي في كشف غموض هذا التناطح. شبئاً فشيئاً اعتبر الناس في كل مكان هذه الظاهرة جزءاً من الناموس. لكنها أغنت أهالي قرية بندر المدينية؛ فأصبحت قبلة للسياح من كل أرجاء المعمورة.الأهالي تعلموا فن التصوير وتصميم بطاقات المعايدة.والبلد بأسرها صارت غنية بفعل هذه الحركة المستمرة أبداً.وجرب أهالي بندر الرقي والسحر والكجور لكن الحجرين المصمتين الصامتين إلا من صوت التناطح لم يفصحا عن أي جديد بخلاف الوصفة التي صاغها علماء الكونيات (ربما هما مقدمة لغزو كوني غامض لكوكب الأرض من صنو له مجهول)، وهي وصفة قابلة كما قالوا للنقض متى ما تطور العلم. أما رجال الدين فقد تركوا العلم بها لله وهي مقولة تخفي وراءها كسل ذهني مقيم . هم يدرون أن الله يأمرهم بالتفكّر.
الكونيون رأوا عدم تأثير الطبيعة على الجسمين فذهلوا .الضوء لا ينحرف عندما يصل لمجالهما؛ هو وحده ربما المسوح له بالإقتراب أما أشعة الليزر فلا يسمح لها باختراقهما كما لا يسمح للمطر بالانزلاق على سطحهما فهو ينحرف بعيداً عنهما.ليس في مدينة بندر ضباب أو جليد بما يتيح للعلماء فحص الصلة بين الجسمين ومتغيرات الطبيعة.
تبدو العلاقة بين الجسمين متكافئة تكافؤاً تاماً فيفتي فيفتي.لا كما هي العلاقة بين الذكر والأنثى لدى البشر؛ أو سائر الكائنات ولا حتى العلاقة التكاملية بين (الإين واليان).
ولو أن الحجرين كائنان لقلنا أن بينهما علاقة حب أبدية طالماً هما يتلامسان بمثل هذه الحميمية؛ فلا شجار ولا انفعال ولا يحزنون. علاقة حب لا تتناقص ولا تطرح أسئلة وليس من غاياتها التناسل؛ وإلا لامتلأ كوكب الأرض بمثل هذه الحجارة الجميلة الصماء غير المنشغلة بالآخرين التي هي في حالة حوار أبدي بينها وبين صنوها المطابق لها حد التماثل التام بحيث أنه يمكننا القول أن حجراً واحداً كان هناك فانقسم على بعضه إلى قسمين وصار يرتطم النصف زد (أ) بالنصف زد (ب) .
الزمن يعمل عمله في البشر فهم الذين يضجرون من الرتابة لكن الحجرين لا يفصحان عن أي مشاعر. هما حجران.
الحسابات والتنويعات في صوت وموسيقى التناطح والتحول من أفقي إلى رأسي كل ذلك لم يفض إلى معرفة كنه الحجرين، مما حدا بالبعض أن يتساءل عن الغاية من وجودهما بينما نسي هو نفسه الغاية من خلقه. فلو كان يرد الأمر للعبادة فمن يدريه أنهما يسبحان للخالق؟ وإن كان يرد المسألة للتلذذ والاستمتاع بالحياة فمن يدريه لعل الحجرين يستمتعان بارتطامهما طالما لم نكتشف إن كانا كائنين حيين أم جمادين .
بما أن الحجرين متطابقان فربما كانا كائناً أو جماداً واحداً يشغل حيزين وتجمع بينهما علاقة الاصطدام هذه.ولو أنهما كانا كائنين حيين فربما أن حركتهما الدؤوبة هذه مع التلاقي هي مما تشير إلى علاقة حب أو بغض والأرجح الحب لان البغض كان سيقود لعلاقة مدمرة ، لكن من ناحية أخرى فهنالك حب مدمّر فيما يعرف البشر وهنالك بغض صامت.
ولو أن هذين الكائنين حجران في حالة مصمتة لما أعارهما أحد التفاتاً فالحجر الساكن كئيب ولم يتخلى عن كآبته إلا على أيدي النحاتين والبنائين وقد كشفت أعتى الحجارة كالماس عن مكنوناتها مهما سعت لأن تكون عصية على التفتيت . لقد اخترق البشر مكنون كل حجر وسبروا أغوار أعتي الصخور الصماء وإن تخفت في جوف الجبال أو أعماق المحيطات.لكن هذين الحجرين لديهما محاذيرهما كأنهما يعلمان بمؤامرات البشر ودهائهم .هذه المسافة التي ظلت هاتان المصيبتان الكونيتان تحافظان عليها هو ما حدا ببعض العلماء لأن يعتبرونهما كائنين حيين من حضارة كونية نائية ما أأنزل الله بها على الأرض من سلطان.
مرّ عامان ولم تزل الحيرة مستبدة بسكان بندر وما جاورها والسياح والعلماء والصحفيون.اغتنى سكان بندر بالظاهرة فتركوا الحرث والتجارة وتخلوا للدولة المركزية عن عائدات البترول .وفي مطلع العام الثاني زاد عدد السياح بصورة مذهلة حتى أن الدولة نفسها أصبحت تفكر في التخلي عن التصنيع والتصدير كي تصبح تلك مهمة الأجيال المقبلة إذ ربما تختفي هذه النعمة السماوية التي توشك أن تبطل سعي الناس للعمل من أجل الكسب في هذه البقعة من العالم، فيما عدا الجباية الجديدة ، جباية السياحة التي لا يتضرر منها مواطنو البلد المحظوظ الذي فيه مدينة كمدينة (بندر) التي هي محظوظة أيضاً إلى حد التخمة. أصبحت المنطقة حول بندر هي شيمة الجذب السياحي الأول في المعمورة.نبهاء السياحة قاموا بتغيير أسم مدينة بندر ليصبح (وندر) كي يسهل نطقه وفهم معناه لقطاعات وساعة من دول العالم.
الرأي الأخير استقر على إنهما كائنان مجهولان مصمتان لا يتبادلان العناصر مع طبيعتنا جاءا من حضارة غريبة من كوكب ناءٍ وربما يقومان حالياً بدراسة الأرض وربما تمتد مثل هذه الدراسة لقرن أو قرنين.هكذا وجد العلماء أخيراً مخرجاً لحيرتهم.لكن قراء هذه الحذلقة لن يستكينوا إلى رأي العلماء.
الحجران جاءا من أقرب ثقب اسود من مجموعتنا الشمسية.هكذا قال أحد متصفحي الشبكة الدولية المهووسين بالكونيات.وأضاف لا يعقل أن يكونا موجودين في مجرتنا منذ الانفجار الكبير.لابد أنهما فلتا فجأة من دوامة الثقب الأسود القريب وانبثقا خارجه وهما يحتفظان بحكمة ملايين السنوات لذا فهما جمادان شكلاً لكن لهما ذاكرة وهذا ما يجمعهما بالبشر كما تجمعهما بالإنسان والحاسوب البرمجة .والدليل على برمجتهما هو التفاعل مع البشر فكل اقتراب يقابله ابتعاد من هذين الشيئين أو الكائنين.
بندر الجديدة أو وندر صارت بها طرقات مسفلتة وسكك حديدية مرتبطة بشبكة الطرق العتيقة في البلاد . وكلما زاد وارد عائدات السياحة المفاجئة تحسنت شبكة الطرق القديمة العجيبة .وندر لم تتغير فحسب بل غيرت بانزياح متسارع كل المنطقة المجاورة وامتد تأثيرها للبلدان المجاورة. ونشأ في بندر مطار حديث، هو صغير لكنه أجود عمرانا من مطار البلد الكبير. ونشأت فيها فنادق بمختلف الدرجات وأسواق تضج بالعاديات والإيقونات . وتم ربط وندر بمدن العالم الرئيسية فصار الانتقال إليها يتم مباشرة لذا صارت فيها مكاتب جمارك ومكاتب سياحة ومستشفيات ووكالات من كل شكل ولون.
قبل بضع سنوات كانت بندر مدينة جرداء ، شجرها أجرد ، وعشبها أغبش ،ومياهها ملوثة وطعامها شرحه وحظها اسود ومن لا يتجنبها أشقى .
أما اليوم فقد زحف نحو أربعين مليوناً هم كل سكان البلاد ليسكنوا فيها بعد أن أصبح اسمها وندر حيث لا يعملون إلا بالسياحة.جاءوا من الشمال والجنوب ومن الشرق والغرب وأصبحت البلد كلها مركزا ًبلا هوامش. لكن أهل وندر في قرارة أنفسهم يعتقدون أنهم هم المركز وكل ما عداهم هامش حتى لو كان من سكان القصر الكبير.أصبحت وندر جنة أرضية فلا يتجنبها إلا الأشقى .أما الحجران فسادران في لعبهما الكوني العجيب.حيث يسمع صوت ارتطامهما الرأسي الداوي من غير عنف:
- بُمْمْ
وصوت ارتطامهما من القطب الآخر:
- بِمْمْمْ
أما صوت ارتطامهما وهما في الحالة الأفقية فهو:
-تَتَمْ
وصوت ارتطامهما الأفقي من القطب الآخر فهو
- تِتِمْمْ
غير الصوت لغة أهل بندر في بعض صوتيماتها كما غير نغماتها الموسيقية . وهكذا أصبحت وندرعاصمة لدولة اسمها الجديد هو (وندرلاند) .وأصبحت وندر منطقة تغيير كبير ليس لسكانها وثقافتهم وحضارتهم فحسب بل لثقافة البلد كلها.العولمة أضافت إليها ما لم يكن في الحسبان حيث تغيرت أزياء النساء والرجال وحدث تداخل بحيث لم تعد تنتسب ثقافة وندر لبلد بعينه.
العقد في زمن الشبكة الدولية لم يعد عشر سنوات بل سنتان لا غير.وكلما تسارعت انجازات العصر كلما أصبحت هناك حاجة لتقصير العقد والإحساس به أكثر.
المعلومات التي تنقلها الشبكة الدولية للمعلومات أصبحت فيها ظاهرة أطلق عليها مختار الجانبي أحد سكان وندر مسمى (الودك) إذ أن تراكمها يجعلها تتلبك فلو مر عامان عليها تصبح في أذهان مستخدمي الشبكة ذكرى غامضة عنها لذا تذهب هذه المعلومات والكتابات والأفكار إلى قاع الشبكة الدولية . لكن حجري وندر لم تتبلك الأفكار عنهما فسيرتهما دائماً طازجة ذلك أنه لم يستطع أي شخص ولو كان بقدرات اينشتاين فك مغاليقهما.أصبحا حيرة العالم بيد أنهما حجرا الحظ لبلاد وندر لاند الشاحبة سابقاً رغم جعجعة ساستها وطحن عسكرييها الذي لا يفرق بين الحنطة والعظم.
بعد قرابة العقد (بالقديم) تخلى سكان وندر لاند عن الزراعة وبدايات التصنيع والتعدين كما أغلقت المدارس أبوابها فالعائد من السياحة كبير لدرجة تفقد هذه المجالات جميعها توازنها كما إن التعليم جاءته الطامة الكبرى من باب الاستهلاك فسيدات وندر لاند وسادتها يستهلكون خيرات العالم دون مشقة بينما أصبحت عملة وندرلاند في خبر كان؛ فالعولمة في وندر لاند عالمية والمطاعم أصبحت فخيمة والمتاجر الضخمة تحولت أولاً إلى مراكز تسوق ثم تحولت قرب نهاية العقد بالقديم إلى مراكز مراكز وهوامش مراكز تسوق .وهكذا فالهامش عنصر دائم يستصحب المركز حتى عندما يتحول هو نفسه إلى مركز بالنظر إلى هوامش المعمورة الأخرى غير المعمورة .
ذلك والحجران سادران في غيهما.وانطلقت شائعة دبّت في أطراف مدينة وندر التي أصبحت أطراف تضرب إليها أكباد مترو الأنفاق ساعات وساعات.الشائعة تقول إن هذه إحدى علامات الساعة!
الجسمان الغريبان غيرا وندر لاند وفي طريقهما لتغيير أفريقيا وآسيا أولاً وربما العالم بعد حين، لكنهما لم يتغيرا.الإيقاع هو نفسه والبم بم والتم تم هو نفسه . بقايا المثقفين المنقرضين في وندر لاند فكروا فقالوا إن الذي تغير هو الإنسان في هذه المنطقة من العالم إذ أن الحجرين لم يتفاعلا مع شخص أو مجموعة أشخاص بأي شكل كان .
بعد نهاية عشرة عقود بالجديد استيقظ سكان وندر لاند الذين أصبحوا أميين إلا من الخبرات السياحية الهائلة ويجهلون خبرة الأجداد في الزرع والضرع وخيرة القرن في الصناعة والتعليم فلم يجدوا للحجرين في سمائهم أثراً . لقد اختفيا كما جاءا من المجهول وإلى المجهول. (الضحك شرط) مدينة وندر ومن بعدها بلاد وندرلاند .أما أطراف العولمة التي أصبحت تلملم أطرافها عن هذه البلاد فقد غرقت في ضحك من نوع آخر كأنها لم تذهب إلى هناك أصلاً.
وخلال اقل من عقد بالجديد استعادت القرية المدينية اسمها القديم (بندر) ولم تعد تتشرف بإلحاق اسمها بالبلاد .أصبح اسمها بندر فحسب.وشيئاً فشيئاً تحولت مبانيها الشاهقة إلى خرائب ينعق فيها البوم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القاص السوداني د. بشرى الفاضل - جسمان كونيان فوق سماء بندر
هذه القصة ضمن المجموعة الخاصة بـالقاص والشاعر السوداني د/ بشرى الفاضل الفائزة بجائزة الطيب صالح العالمية للابداع الكتابي - زين الدورة الثانية
يرتطم الجسمان مرة وهما متواجهان من قطب؛ ثم ينتطحان في المرة التالية من القطب الآخر. وكانا يتبادلان المراكز. هذه الحركة المتنوعة على محدوديتها كانت مثار إعجاب سكان المدينة. لكن الصوت كان هو نفسه حين يتم الارتطام من القطب الأعلى وهو نفسه مع زيادة طفيفة في الزمن، حين يتم الارتطام من الأسفل. وبعد مئات الآلاف من هذه المناجزة الثنائية ينتقل الجسمان لممارسة هذا النشاط المستمر من منظور أفقي. يستمر الوضع الأفقي فترة زمنية تشابه الوضع العمودي .لكن الصوت في الوضع الأفقي تتغيّر نغمته.
وسرعان ما أصبح الجسمان مصدرا لمرح وتجدد أبتسام أهل المدينة ومصدراً لحب استطلاعهم، هم الشغوفون بطبعهم.وبعد أقل من أسبوع من الثرثرة في المجالس جربوا خلالها كافة النظريات حول مصدر هذين الجسمين دخلت القنوات الفضائية في الصورة فنقلت الحركة البندولية الأفقية والرأسية لهذين الجسمين في استداراتهما البديعة إثر كل ارتطام يقومان به .وجرّت الفضائيات معها الشبكة الدولية- عين العولمة اليقظى- بكل أبراجها وحراكها و سكباجها. العولمة جاءت برتل من العلماء من كافة أرجاء المعمورة فوجدوا أن أحد أكثر شباب المدينة القروية اهتماماً بالظاهرة قد أجرى قياساته قبلهم فأحرز أن عدد الارتطامات الرأسية مساو لعددها الأفقي وأن الانتقال من الوضع الرأسي إلى الوضع الأفقي أو العكس يتم بعد تسعة ألاف وسبعمائة وأربع وخمسين مقابلة رأسية أو أفقية بين رأسي هذين الحجرين المصمتين.
أمّن علماء الرياضيات على كلام الشاب بيد أنهم قالوا إن النتيجة لا تقودهم إلى شيء بخلاف العدد.وشرع علماء الكونيات وعلماء الفيزياء والرياضيات والكيمياء والأحياء في العمل.ومن عجب أن كل هؤلاء لم يستطيعوا أن يستبينوا إن كان هذان الجسمان كائنين حيين أم جمادين. لدى الاقتراب منهما لم يشعر العلماء بأنفاس ولا خفقان ولا حرارة ولا برودة تنبعث منهما. وكانوا قد تأكدوا قبلاً بمناظيرهم وأدواتهم الحساسة أن الكائنين مصمتين كبيضتين أمهما أنثى رخ، إذ طالما أنهما ظهرا فلابد أن يكون الرخ كائناً حقيقياً.ولا بد أن يكون بيض الرخ مصمتاً لأنه ليس من الضرورة أن تلد فراخ الرّخ من البيض بل هي تلد أساساً وكما نعلم من الأسطورة.
لدى اقتراب العلماء أكثر ارتفع الجسمان قليلاً إلى أعلى. وبعد محاولات عديدة اكتشفوا أن الجسمين يحتفظان بمسافة معلومة بينهما وبين من يقترب منهما إذ ما أن تجري محاولة لاختراق هذه المسافة والاقتراب من الكائنين أو الشيئين حتى يرتفعا إلى أعلى.
بعد شهر جاء ت مراكز البحوث وعلماء الكونيات بأفكار جديدة إذ قرروا حبس الجسمين في شبك وجرهما نحو المدن الكبرى وفصلهما عن بعضهما البعض .لكن جميع محاولات حبسهما في شبك أو أقفاص فشلت إذ أن كل محاولة اقتراب من المنطقة المعلومة تجابه بارتفاع من الجسمين إلى أعلي وما أن تكف المحاولات حتى يهبط الجسمان مرة أخرى إلى نفس المسافة فوق سماء بندر.
وقرّ رأى بعض العسكريين على إطلاق قنبلة على أحد الجسمين.وبعد مداولات عديدة أدركوا خطر الفكرة إذ ربما يكون بداخل الجسمين طاقة تدمر الكرة الأرضية ومع ذلك تمت المحاولة الأولى للاعتداء على الجسمين المسالمين بواسطة أشعة الليزر فاتضح أن الجسمين أكثر صلابة من الماس إذ لم يوثر الليزر عليهما بل توقف شعاعه قرب المسافة المعلومة ثم تحول إلى شعاع ضوء عادي مسالم هو الوجود المادي الوحيد المسموح له بالاقتراب والملامسة لأنه يضيء ولا يتجسس ولا شأن له بالأعماق.الضوء طاقة سطحية والإنسان هو الذي يدخلها في الدهاليز لتتلصص وأطلق العلماء على هذه المسافة النقطة اكس.وهي نقطة لا تتخطاها أي قدرات بشرية حتى لو كانت قنبلة ذرية.
علماء الفيزياء قالوا إن هذا مخالف لكل قوانين الفيزياء.أما علماء الأحياء فقد قفلوا عائدين لمعاملهم مقتنعين بأن هذه الظاهرة الكونية الغريبة ليست من الكائنات الحية.وهكذا ظلت هذه الحركة البندولية مستمرة أبداً . وفشل أي تناصح شعبي أو نخبوي في كشف غموض هذا التناطح. شبئاً فشيئاً اعتبر الناس في كل مكان هذه الظاهرة جزءاً من الناموس. لكنها أغنت أهالي قرية بندر المدينية؛ فأصبحت قبلة للسياح من كل أرجاء المعمورة.الأهالي تعلموا فن التصوير وتصميم بطاقات المعايدة.والبلد بأسرها صارت غنية بفعل هذه الحركة المستمرة أبداً.وجرب أهالي بندر الرقي والسحر والكجور لكن الحجرين المصمتين الصامتين إلا من صوت التناطح لم يفصحا عن أي جديد بخلاف الوصفة التي صاغها علماء الكونيات (ربما هما مقدمة لغزو كوني غامض لكوكب الأرض من صنو له مجهول)، وهي وصفة قابلة كما قالوا للنقض متى ما تطور العلم. أما رجال الدين فقد تركوا العلم بها لله وهي مقولة تخفي وراءها كسل ذهني مقيم . هم يدرون أن الله يأمرهم بالتفكّر.
الكونيون رأوا عدم تأثير الطبيعة على الجسمين فذهلوا .الضوء لا ينحرف عندما يصل لمجالهما؛ هو وحده ربما المسوح له بالإقتراب أما أشعة الليزر فلا يسمح لها باختراقهما كما لا يسمح للمطر بالانزلاق على سطحهما فهو ينحرف بعيداً عنهما.ليس في مدينة بندر ضباب أو جليد بما يتيح للعلماء فحص الصلة بين الجسمين ومتغيرات الطبيعة.
تبدو العلاقة بين الجسمين متكافئة تكافؤاً تاماً فيفتي فيفتي.لا كما هي العلاقة بين الذكر والأنثى لدى البشر؛ أو سائر الكائنات ولا حتى العلاقة التكاملية بين (الإين واليان).
ولو أن الحجرين كائنان لقلنا أن بينهما علاقة حب أبدية طالماً هما يتلامسان بمثل هذه الحميمية؛ فلا شجار ولا انفعال ولا يحزنون. علاقة حب لا تتناقص ولا تطرح أسئلة وليس من غاياتها التناسل؛ وإلا لامتلأ كوكب الأرض بمثل هذه الحجارة الجميلة الصماء غير المنشغلة بالآخرين التي هي في حالة حوار أبدي بينها وبين صنوها المطابق لها حد التماثل التام بحيث أنه يمكننا القول أن حجراً واحداً كان هناك فانقسم على بعضه إلى قسمين وصار يرتطم النصف زد (أ) بالنصف زد (ب) .
الزمن يعمل عمله في البشر فهم الذين يضجرون من الرتابة لكن الحجرين لا يفصحان عن أي مشاعر. هما حجران.
الحسابات والتنويعات في صوت وموسيقى التناطح والتحول من أفقي إلى رأسي كل ذلك لم يفض إلى معرفة كنه الحجرين، مما حدا بالبعض أن يتساءل عن الغاية من وجودهما بينما نسي هو نفسه الغاية من خلقه. فلو كان يرد الأمر للعبادة فمن يدريه أنهما يسبحان للخالق؟ وإن كان يرد المسألة للتلذذ والاستمتاع بالحياة فمن يدريه لعل الحجرين يستمتعان بارتطامهما طالما لم نكتشف إن كانا كائنين حيين أم جمادين .
بما أن الحجرين متطابقان فربما كانا كائناً أو جماداً واحداً يشغل حيزين وتجمع بينهما علاقة الاصطدام هذه.ولو أنهما كانا كائنين حيين فربما أن حركتهما الدؤوبة هذه مع التلاقي هي مما تشير إلى علاقة حب أو بغض والأرجح الحب لان البغض كان سيقود لعلاقة مدمرة ، لكن من ناحية أخرى فهنالك حب مدمّر فيما يعرف البشر وهنالك بغض صامت.
ولو أن هذين الكائنين حجران في حالة مصمتة لما أعارهما أحد التفاتاً فالحجر الساكن كئيب ولم يتخلى عن كآبته إلا على أيدي النحاتين والبنائين وقد كشفت أعتى الحجارة كالماس عن مكنوناتها مهما سعت لأن تكون عصية على التفتيت . لقد اخترق البشر مكنون كل حجر وسبروا أغوار أعتي الصخور الصماء وإن تخفت في جوف الجبال أو أعماق المحيطات.لكن هذين الحجرين لديهما محاذيرهما كأنهما يعلمان بمؤامرات البشر ودهائهم .هذه المسافة التي ظلت هاتان المصيبتان الكونيتان تحافظان عليها هو ما حدا ببعض العلماء لأن يعتبرونهما كائنين حيين من حضارة كونية نائية ما أأنزل الله بها على الأرض من سلطان.
مرّ عامان ولم تزل الحيرة مستبدة بسكان بندر وما جاورها والسياح والعلماء والصحفيون.اغتنى سكان بندر بالظاهرة فتركوا الحرث والتجارة وتخلوا للدولة المركزية عن عائدات البترول .وفي مطلع العام الثاني زاد عدد السياح بصورة مذهلة حتى أن الدولة نفسها أصبحت تفكر في التخلي عن التصنيع والتصدير كي تصبح تلك مهمة الأجيال المقبلة إذ ربما تختفي هذه النعمة السماوية التي توشك أن تبطل سعي الناس للعمل من أجل الكسب في هذه البقعة من العالم، فيما عدا الجباية الجديدة ، جباية السياحة التي لا يتضرر منها مواطنو البلد المحظوظ الذي فيه مدينة كمدينة (بندر) التي هي محظوظة أيضاً إلى حد التخمة. أصبحت المنطقة حول بندر هي شيمة الجذب السياحي الأول في المعمورة.نبهاء السياحة قاموا بتغيير أسم مدينة بندر ليصبح (وندر) كي يسهل نطقه وفهم معناه لقطاعات وساعة من دول العالم.
الرأي الأخير استقر على إنهما كائنان مجهولان مصمتان لا يتبادلان العناصر مع طبيعتنا جاءا من حضارة غريبة من كوكب ناءٍ وربما يقومان حالياً بدراسة الأرض وربما تمتد مثل هذه الدراسة لقرن أو قرنين.هكذا وجد العلماء أخيراً مخرجاً لحيرتهم.لكن قراء هذه الحذلقة لن يستكينوا إلى رأي العلماء.
الحجران جاءا من أقرب ثقب اسود من مجموعتنا الشمسية.هكذا قال أحد متصفحي الشبكة الدولية المهووسين بالكونيات.وأضاف لا يعقل أن يكونا موجودين في مجرتنا منذ الانفجار الكبير.لابد أنهما فلتا فجأة من دوامة الثقب الأسود القريب وانبثقا خارجه وهما يحتفظان بحكمة ملايين السنوات لذا فهما جمادان شكلاً لكن لهما ذاكرة وهذا ما يجمعهما بالبشر كما تجمعهما بالإنسان والحاسوب البرمجة .والدليل على برمجتهما هو التفاعل مع البشر فكل اقتراب يقابله ابتعاد من هذين الشيئين أو الكائنين.
بندر الجديدة أو وندر صارت بها طرقات مسفلتة وسكك حديدية مرتبطة بشبكة الطرق العتيقة في البلاد . وكلما زاد وارد عائدات السياحة المفاجئة تحسنت شبكة الطرق القديمة العجيبة .وندر لم تتغير فحسب بل غيرت بانزياح متسارع كل المنطقة المجاورة وامتد تأثيرها للبلدان المجاورة. ونشأ في بندر مطار حديث، هو صغير لكنه أجود عمرانا من مطار البلد الكبير. ونشأت فيها فنادق بمختلف الدرجات وأسواق تضج بالعاديات والإيقونات . وتم ربط وندر بمدن العالم الرئيسية فصار الانتقال إليها يتم مباشرة لذا صارت فيها مكاتب جمارك ومكاتب سياحة ومستشفيات ووكالات من كل شكل ولون.
قبل بضع سنوات كانت بندر مدينة جرداء ، شجرها أجرد ، وعشبها أغبش ،ومياهها ملوثة وطعامها شرحه وحظها اسود ومن لا يتجنبها أشقى .
أما اليوم فقد زحف نحو أربعين مليوناً هم كل سكان البلاد ليسكنوا فيها بعد أن أصبح اسمها وندر حيث لا يعملون إلا بالسياحة.جاءوا من الشمال والجنوب ومن الشرق والغرب وأصبحت البلد كلها مركزا ًبلا هوامش. لكن أهل وندر في قرارة أنفسهم يعتقدون أنهم هم المركز وكل ما عداهم هامش حتى لو كان من سكان القصر الكبير.أصبحت وندر جنة أرضية فلا يتجنبها إلا الأشقى .أما الحجران فسادران في لعبهما الكوني العجيب.حيث يسمع صوت ارتطامهما الرأسي الداوي من غير عنف:
- بُمْمْ
وصوت ارتطامهما من القطب الآخر:
- بِمْمْمْ
أما صوت ارتطامهما وهما في الحالة الأفقية فهو:
-تَتَمْ
وصوت ارتطامهما الأفقي من القطب الآخر فهو
- تِتِمْمْ
غير الصوت لغة أهل بندر في بعض صوتيماتها كما غير نغماتها الموسيقية . وهكذا أصبحت وندرعاصمة لدولة اسمها الجديد هو (وندرلاند) .وأصبحت وندر منطقة تغيير كبير ليس لسكانها وثقافتهم وحضارتهم فحسب بل لثقافة البلد كلها.العولمة أضافت إليها ما لم يكن في الحسبان حيث تغيرت أزياء النساء والرجال وحدث تداخل بحيث لم تعد تنتسب ثقافة وندر لبلد بعينه.
العقد في زمن الشبكة الدولية لم يعد عشر سنوات بل سنتان لا غير.وكلما تسارعت انجازات العصر كلما أصبحت هناك حاجة لتقصير العقد والإحساس به أكثر.
المعلومات التي تنقلها الشبكة الدولية للمعلومات أصبحت فيها ظاهرة أطلق عليها مختار الجانبي أحد سكان وندر مسمى (الودك) إذ أن تراكمها يجعلها تتلبك فلو مر عامان عليها تصبح في أذهان مستخدمي الشبكة ذكرى غامضة عنها لذا تذهب هذه المعلومات والكتابات والأفكار إلى قاع الشبكة الدولية . لكن حجري وندر لم تتبلك الأفكار عنهما فسيرتهما دائماً طازجة ذلك أنه لم يستطع أي شخص ولو كان بقدرات اينشتاين فك مغاليقهما.أصبحا حيرة العالم بيد أنهما حجرا الحظ لبلاد وندر لاند الشاحبة سابقاً رغم جعجعة ساستها وطحن عسكرييها الذي لا يفرق بين الحنطة والعظم.
بعد قرابة العقد (بالقديم) تخلى سكان وندر لاند عن الزراعة وبدايات التصنيع والتعدين كما أغلقت المدارس أبوابها فالعائد من السياحة كبير لدرجة تفقد هذه المجالات جميعها توازنها كما إن التعليم جاءته الطامة الكبرى من باب الاستهلاك فسيدات وندر لاند وسادتها يستهلكون خيرات العالم دون مشقة بينما أصبحت عملة وندرلاند في خبر كان؛ فالعولمة في وندر لاند عالمية والمطاعم أصبحت فخيمة والمتاجر الضخمة تحولت أولاً إلى مراكز تسوق ثم تحولت قرب نهاية العقد بالقديم إلى مراكز مراكز وهوامش مراكز تسوق .وهكذا فالهامش عنصر دائم يستصحب المركز حتى عندما يتحول هو نفسه إلى مركز بالنظر إلى هوامش المعمورة الأخرى غير المعمورة .
ذلك والحجران سادران في غيهما.وانطلقت شائعة دبّت في أطراف مدينة وندر التي أصبحت أطراف تضرب إليها أكباد مترو الأنفاق ساعات وساعات.الشائعة تقول إن هذه إحدى علامات الساعة!
الجسمان الغريبان غيرا وندر لاند وفي طريقهما لتغيير أفريقيا وآسيا أولاً وربما العالم بعد حين، لكنهما لم يتغيرا.الإيقاع هو نفسه والبم بم والتم تم هو نفسه . بقايا المثقفين المنقرضين في وندر لاند فكروا فقالوا إن الذي تغير هو الإنسان في هذه المنطقة من العالم إذ أن الحجرين لم يتفاعلا مع شخص أو مجموعة أشخاص بأي شكل كان .
بعد نهاية عشرة عقود بالجديد استيقظ سكان وندر لاند الذين أصبحوا أميين إلا من الخبرات السياحية الهائلة ويجهلون خبرة الأجداد في الزرع والضرع وخيرة القرن في الصناعة والتعليم فلم يجدوا للحجرين في سمائهم أثراً . لقد اختفيا كما جاءا من المجهول وإلى المجهول. (الضحك شرط) مدينة وندر ومن بعدها بلاد وندرلاند .أما أطراف العولمة التي أصبحت تلملم أطرافها عن هذه البلاد فقد غرقت في ضحك من نوع آخر كأنها لم تذهب إلى هناك أصلاً.
وخلال اقل من عقد بالجديد استعادت القرية المدينية اسمها القديم (بندر) ولم تعد تتشرف بإلحاق اسمها بالبلاد .أصبح اسمها بندر فحسب.وشيئاً فشيئاً تحولت مبانيها الشاهقة إلى خرائب ينعق فيها البوم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القاص السوداني د. بشرى الفاضل - جسمان كونيان فوق سماء بندر
هذه القصة ضمن المجموعة الخاصة بـالقاص والشاعر السوداني د/ بشرى الفاضل الفائزة بجائزة الطيب صالح العالمية للابداع الكتابي - زين الدورة الثانية