تقافزتُ أمام عينيها، لم تنهني، عبرتُها إلى قلبها، قصدت النطفة السوداء داخلها؛ النفس، وسوست لها، قبلتني، أنا أتحكم في كل ما تفعل، فججتُ شريانها التاجي ليدخل حبيبي الكِبَر، هنا مقام طيب لنا، أنا الغرور، سكنا فيها.
كنت عند شط الروح لما رأيتُني على وجهه، أعجبتُ بملامحي، لكن سمرتي تخفي ألقها، نحن من وشينا لها بأن سمرتها تخفي جمالها.
لتكوني جميلة احصلي على بشرة أكثر بياضاً
(علامة تجارية)
شكوت للروح همّ سمرتي..
المرة الأولى لم تجبني، في الثانية لم تجبني، وفي الثالثة قلت لها اذهبي آتيني بسبع ودعات بيض ومثلهن ملونات، وحبات من الذرة الجديدة ومثلهن من المحلب والكمون. أردت أن أصرفها عن طلبها للبياض الزيف لكنها أتت بما طلبت
قلت اذهبي بما أتيت وتعالي عند الأصيل، ظننتها ستكسل لكنّها أتت.
أمرتها أنْ تعرِّي. تعرت.
ارتمي في أحضاني. ارتمت.
أي فتاة أنت؟
لم ترد.
فتكت بها، فضضت عذريتها، لأنها عار على السمراوات، نسلتها نسالات بيضاء ونسالات سوداء، حِكت البيضاء بأمواجي، ضممتها، لفظتها، خرجت بيضاء بكل السوء، حِكتُ السمراء ماسة سمرية وضاءة، حفظتها داخل صدفة قوية جميلة، أحكمت الحراسة عليها.
إنا سعيدان، أفقدناها سمرتها وعذريتها لأنها لا تستحقهما، أصبحت بفضلنا بيضاء قبيحة مغرورة ومتكبرة.
كنت أتسكع في طرقات المجرة، لما أرسلت التبانة في طلبي، أنا شعاعات هاربة من الشمس الأم، كان الوقت ضحى، استمشطتني، جلست لأمشطها، تجاذبنا أطراف الحديث، هي تأخذه مني وأنا أفتله لها ضفائر في شعرها، وبينما مخرزي ماضٍ بين سبائبها السميكة السوداء، بانت شامة بعد المساير مباشرة إلى الجهة اليمنى من الرأس.
اللهاث يعلو وينخفض، تدفع بي الريح شرقاً بعيداً عنها، تضللها الرمال عن مكان حوافري، يوهمها السراب الذي يسارها بأنه البحر بينما أتوغل أنا جنوباً إلى قلب الصحراء، ما تزال الفرس تطاردني، تريد أن تثنيني عن عزمي، الذي لا يضرها، لا أظن أن تتخلى عن لسانها وتحريكي للساني اليابس ما يغضبها، لن أقف لأناقشها لكني سأعدو حتى تتعب وتيأس حتماً ستتركني، أنا المهاة التي تنظر كل الجهات.
الروح أمامي، لن أستطيع عبورها وإن لحقت بي تخاصمنا، أيتها الريح شقي لسانها عن لساني وساعديني لأسبح بين أمواج الروح، أريد أن أغتسل.
غسلت المهاة، شرّبت لسانها اليابس مياهي العذبة السلسبيل، ابتل وتكلم، نطق بحرف بربري مبين وترك للفرس حرفها العربي الثمين، سكنت السمرة التي في الصدفة تحت هذا اللسان، وأبحرا شمالاً، عند بحر الحدود، توقفا، نظرا يميناً ثم استيسرا، وصلا حيث الشامة في رأس التبانة، أخرجت المهاة السمرة من تحت لسانها، فاستوت فتاة عشرينية باذخة تحت أشعة الشمس الغاربة المتكسرة على صفحة بحر الحدود، صعدت ظهر المهاة، التفَّتا على بعضهما، صارتا تمثالاً نوبياً بجاوياً أو ربما أمازيغياً، صار ضريحاً ومزاراً في ميدان موسى الشعار في بنغازي. نظرناه من محلنا ذاك قبل أن أكمل فتل التحتاني من سبائب التبانة السميكة السوداء.
* نقلا عن:
قصص قصيرة سودانية: سارة الجاك
كنت عند شط الروح لما رأيتُني على وجهه، أعجبتُ بملامحي، لكن سمرتي تخفي ألقها، نحن من وشينا لها بأن سمرتها تخفي جمالها.
لتكوني جميلة احصلي على بشرة أكثر بياضاً
(علامة تجارية)
شكوت للروح همّ سمرتي..
المرة الأولى لم تجبني، في الثانية لم تجبني، وفي الثالثة قلت لها اذهبي آتيني بسبع ودعات بيض ومثلهن ملونات، وحبات من الذرة الجديدة ومثلهن من المحلب والكمون. أردت أن أصرفها عن طلبها للبياض الزيف لكنها أتت بما طلبت
قلت اذهبي بما أتيت وتعالي عند الأصيل، ظننتها ستكسل لكنّها أتت.
أمرتها أنْ تعرِّي. تعرت.
ارتمي في أحضاني. ارتمت.
أي فتاة أنت؟
لم ترد.
فتكت بها، فضضت عذريتها، لأنها عار على السمراوات، نسلتها نسالات بيضاء ونسالات سوداء، حِكت البيضاء بأمواجي، ضممتها، لفظتها، خرجت بيضاء بكل السوء، حِكتُ السمراء ماسة سمرية وضاءة، حفظتها داخل صدفة قوية جميلة، أحكمت الحراسة عليها.
إنا سعيدان، أفقدناها سمرتها وعذريتها لأنها لا تستحقهما، أصبحت بفضلنا بيضاء قبيحة مغرورة ومتكبرة.
كنت أتسكع في طرقات المجرة، لما أرسلت التبانة في طلبي، أنا شعاعات هاربة من الشمس الأم، كان الوقت ضحى، استمشطتني، جلست لأمشطها، تجاذبنا أطراف الحديث، هي تأخذه مني وأنا أفتله لها ضفائر في شعرها، وبينما مخرزي ماضٍ بين سبائبها السميكة السوداء، بانت شامة بعد المساير مباشرة إلى الجهة اليمنى من الرأس.
اللهاث يعلو وينخفض، تدفع بي الريح شرقاً بعيداً عنها، تضللها الرمال عن مكان حوافري، يوهمها السراب الذي يسارها بأنه البحر بينما أتوغل أنا جنوباً إلى قلب الصحراء، ما تزال الفرس تطاردني، تريد أن تثنيني عن عزمي، الذي لا يضرها، لا أظن أن تتخلى عن لسانها وتحريكي للساني اليابس ما يغضبها، لن أقف لأناقشها لكني سأعدو حتى تتعب وتيأس حتماً ستتركني، أنا المهاة التي تنظر كل الجهات.
الروح أمامي، لن أستطيع عبورها وإن لحقت بي تخاصمنا، أيتها الريح شقي لسانها عن لساني وساعديني لأسبح بين أمواج الروح، أريد أن أغتسل.
غسلت المهاة، شرّبت لسانها اليابس مياهي العذبة السلسبيل، ابتل وتكلم، نطق بحرف بربري مبين وترك للفرس حرفها العربي الثمين، سكنت السمرة التي في الصدفة تحت هذا اللسان، وأبحرا شمالاً، عند بحر الحدود، توقفا، نظرا يميناً ثم استيسرا، وصلا حيث الشامة في رأس التبانة، أخرجت المهاة السمرة من تحت لسانها، فاستوت فتاة عشرينية باذخة تحت أشعة الشمس الغاربة المتكسرة على صفحة بحر الحدود، صعدت ظهر المهاة، التفَّتا على بعضهما، صارتا تمثالاً نوبياً بجاوياً أو ربما أمازيغياً، صار ضريحاً ومزاراً في ميدان موسى الشعار في بنغازي. نظرناه من محلنا ذاك قبل أن أكمل فتل التحتاني من سبائب التبانة السميكة السوداء.
* نقلا عن:
قصص قصيرة سودانية: سارة الجاك