بنية الحدث في قصة : الناسك والجرة
تعدُّ السرودُ القصصيةُ القديمةُ وما تُرجم منها، زخما قيميًّا، وقصة "الناسك والجرة" من قصص "كليلة ودمنة" للمترجم "ابن المقفّع" قيمة فنيّة مكتنزة بالدلالات والجمالية ، حيث تصوّر حالة ناسك فقير يرتزق من ما يقدّمه تاجرٌ إليه من عون مادي يتمثل في السمن والعسل والسويق ، وكيف تتبخر أحلام هذه الشخصية التي لها رغبات تسعى إلى تحقيقها في حلم يبقى تحقيقه عالقا وغير واقعيّ، فيتتابعُ السردُ بتوالي الأفعال والانجازات ( لحظة الحلم ) عبر مسار واحد لينكسرَ هذا المسار في لحظة أخرى هي لحظة التقاء الجرة بالعصا وحدوث المفاجأة التي تقلب توقع المتلقي.
بنية الحدث:
ينبني الحدثُ على فعل " القول " المحدَّد في اللفظة " قالت " الذي يسند إلى " المرأة " كجنس مجهول أي غير معلن بذاته ، وبصفاته ، والذي يعدُّ استهلالاً لإعلان سرد واقع على ذات بعينها (الناسك) وفي إخبار عن حالة هذا الناسك ( الفقر ) بأنّه يتلقّى رزقا متمثلا في سمن وعسل وسَّويق من تاجر، فيبقي بعضَه داخل جَرة للاستنفاع به بعد بيعه وقت الغلاء. تعرضُ القصة في شكل مونولوج داخلي، يصوّر نفسيةَ الذات( الناسك ) التي يقع عليها السرد فيدخل حال حلم تطول في نسج مشاهد متواصلة بطريقة سردية مشوّقة، تحدّدها جملةٌ من المقاطع السرديَّة:
- أنا بائع ما في هذه الجرة بدينار أقلَّ من سعره.
- فأشتري بثمنه عشر أعنز فيحملن و يلدن لخمسة أشهر.
- فأحصل على مائة بقرة و ثور.
- فأزرع على الثيران.
- وأنتفع ببطون الإناث وألبانها.
- أبني لي بيتا فاخراً.
- أشتري عبيدا ورياشا متاعا.
- تزوجت امرأة ذات حسب ونسب ثم تلد لي ابنا سويا مباركا مصلحا فأسميه بما فيه ، وأؤدبه أدبًا حسنًا، فإن رأيته عقوقا مهتبلا، ضربت رأسه بهذه العصا هكذا .
الفعل الانجازي:
يرتكز الفعل الانجازي على مؤشر " البيع " الذي منه تكون ديمومة الأفعال الانجازية الأخرى
مؤشر البيع:
- أحصل
- أزرع
- أنتفع
- أصبت
- أبني
- أشتري
- تزوجت
- أؤدّبُ
- ضربت
تتوالى " أبيع،أشتري، أحصل، أزرع، أنتفع، أصبت، أبني، تلد، أؤدّب، ضربت " لتعطي الأحداث ديمومة وحركيَّة فاعلة.
الجرة والعصا:
يرتكز الفعل الانجازي على أداتين هامتين في بنية الحدث، شكلتا نقطة تحوّل بين حالتي الفقر/ الغنى
فالجرة : وعاء للذخيرة ولتخزينها، وهي مكسبٌ ماديٌّ بما تحتويه من عسل وسمن يجنى استثماره فائدة ورزق كبير وحالة تحوّل الناسك من الفقر إلى الغنى وتحسين وضعه المعيش على عدّة مستويات، حيث يصبح سيدا له عبيدٌ ورياشٌ ومتاعٌ، متزوجا وأبا، ومالكا لثروة ماديّة.
العصا: تعدُّ أداة مقابلة للجرة، وتشكل دورا مانعا لتحقيق رغبة العامل ( الناسك ) ، وهي تلعب دورا هامّا لأنّها تسهم بطريقة مباشرة وواضحة في تكسير الجرة، مما ينتج عن هذا التكسير تبخّر أحلام الناسك، وبالتالي هي عامل ضديد مقابل لعامل مساعد ( الجرة).
البرنامج السردي:
المساعد الذات الضديد
الجرة الناسك العصا
الجرة العسل والسمن العصا
اكتناز وذخيرة الموضوع تكسير وتبخر الأحلام
في قصة " الناسك وجرة السمن " نجد ثلاث شخصيات تشكّلُ بنية سرديّة هامة في القص باختلاف أهميَّة كلّ واحدة منها في هذه البنية ، وفي مستويات الخطاب السردي .
" المرأة " تعدُّ أوّل شخصيّة تُسهم في بنية السرد، وهي شخصية تسرد لغيرها ، ويحدّدها الملفوظ السردي:
"قالت المرأة "، فهذا الملفوظ مكوّنُ من : فعل + فاعل.
فالفعل/قال
والفاعل/ المرأة.
الفعل مبني للمجهول ، محدَّدٌ في زمن ماض يعكسُ سردا قائما ومثبتاً، أضيفت إليه تاء التأنيث الساكنة ليحدَّد في الفاعل " المرأة " ، أي صفة الجنس/ أنثى، لكن غير محدّدة بعينها ،ومنه ندرك أن الساردَ الذي يبني الحدثَ ويحدّد مسارَ السرد هو امرأة " ، وهي تلعب وظيفة الإبلاغ ونقل الخبر .
الناسك : الشخصية الثانية التي يقوم عليها السرد، وإن كانت روح السرد كلّه
يصوّر كما يلي:
- رجلٌ تقيٌّ متعبّدٌ وخاشعٌ
- رجلٌ فقيرٌ معوزٌ تقع عليه كلُّ الأحداث والوظائف وتسند إليه.
تبدأ حالته بالفقر ، وهذا ما يحدّده الملفوظ السردي:
"كان يجري عليه من بيت رجل من التجار، رزق من السمن والعسل والسَّويق ".
فهذا الناسك الفقير كان يرتزق من عون رجل تاجر يمدُّه بما يسُدُّ حاجته ويفرج ضيقه وعوزه.
ثمّ يتحوّل هذا الناسك إلى غنيّ مالك للخيرات وسيد كريم له العبيد والرياش والمتاع وغيرها من الخيرات، لكن هذا التحوّل من الفقر إلى الغنى ما هو سوى حال ظرفي محقّق في المخيال الفردي، أي مجرّد حلم يقيم أفعالا وينسج أمنيات كبيرة تقع في الخيال .
التاجر: الشخصية الثالثة التي تسهم في البناء القصصي باعتبارها عنصرا لا يقلّ أهمية عن العناصر الأخرى ، فمساعدته للناسك وتزويده بما يرفع عنه العوز الحاجة تجعل اللعبة السردية تنطلق منه باسناد الفعل يجري أي يأتي( يجري عليه من بيت رجل من التجار، رزقٌ من السمن والعسل والسَّويق ) ، وهو بهذا الفعل يعدُّ شخصية كريمة معطاءة تعين المحتاج وترفع عنه الفاقة .
من هذه القصة نستخلص أن من يبني آماله على وهم تكون عاقبته الوهم بعينه والفشل الذريع
.
تعدُّ السرودُ القصصيةُ القديمةُ وما تُرجم منها، زخما قيميًّا، وقصة "الناسك والجرة" من قصص "كليلة ودمنة" للمترجم "ابن المقفّع" قيمة فنيّة مكتنزة بالدلالات والجمالية ، حيث تصوّر حالة ناسك فقير يرتزق من ما يقدّمه تاجرٌ إليه من عون مادي يتمثل في السمن والعسل والسويق ، وكيف تتبخر أحلام هذه الشخصية التي لها رغبات تسعى إلى تحقيقها في حلم يبقى تحقيقه عالقا وغير واقعيّ، فيتتابعُ السردُ بتوالي الأفعال والانجازات ( لحظة الحلم ) عبر مسار واحد لينكسرَ هذا المسار في لحظة أخرى هي لحظة التقاء الجرة بالعصا وحدوث المفاجأة التي تقلب توقع المتلقي.
بنية الحدث:
ينبني الحدثُ على فعل " القول " المحدَّد في اللفظة " قالت " الذي يسند إلى " المرأة " كجنس مجهول أي غير معلن بذاته ، وبصفاته ، والذي يعدُّ استهلالاً لإعلان سرد واقع على ذات بعينها (الناسك) وفي إخبار عن حالة هذا الناسك ( الفقر ) بأنّه يتلقّى رزقا متمثلا في سمن وعسل وسَّويق من تاجر، فيبقي بعضَه داخل جَرة للاستنفاع به بعد بيعه وقت الغلاء. تعرضُ القصة في شكل مونولوج داخلي، يصوّر نفسيةَ الذات( الناسك ) التي يقع عليها السرد فيدخل حال حلم تطول في نسج مشاهد متواصلة بطريقة سردية مشوّقة، تحدّدها جملةٌ من المقاطع السرديَّة:
- أنا بائع ما في هذه الجرة بدينار أقلَّ من سعره.
- فأشتري بثمنه عشر أعنز فيحملن و يلدن لخمسة أشهر.
- فأحصل على مائة بقرة و ثور.
- فأزرع على الثيران.
- وأنتفع ببطون الإناث وألبانها.
- أبني لي بيتا فاخراً.
- أشتري عبيدا ورياشا متاعا.
- تزوجت امرأة ذات حسب ونسب ثم تلد لي ابنا سويا مباركا مصلحا فأسميه بما فيه ، وأؤدبه أدبًا حسنًا، فإن رأيته عقوقا مهتبلا، ضربت رأسه بهذه العصا هكذا .
الفعل الانجازي:
يرتكز الفعل الانجازي على مؤشر " البيع " الذي منه تكون ديمومة الأفعال الانجازية الأخرى
مؤشر البيع:
- أحصل
- أزرع
- أنتفع
- أصبت
- أبني
- أشتري
- تزوجت
- أؤدّبُ
- ضربت
تتوالى " أبيع،أشتري، أحصل، أزرع، أنتفع، أصبت، أبني، تلد، أؤدّب، ضربت " لتعطي الأحداث ديمومة وحركيَّة فاعلة.
الجرة والعصا:
يرتكز الفعل الانجازي على أداتين هامتين في بنية الحدث، شكلتا نقطة تحوّل بين حالتي الفقر/ الغنى
فالجرة : وعاء للذخيرة ولتخزينها، وهي مكسبٌ ماديٌّ بما تحتويه من عسل وسمن يجنى استثماره فائدة ورزق كبير وحالة تحوّل الناسك من الفقر إلى الغنى وتحسين وضعه المعيش على عدّة مستويات، حيث يصبح سيدا له عبيدٌ ورياشٌ ومتاعٌ، متزوجا وأبا، ومالكا لثروة ماديّة.
العصا: تعدُّ أداة مقابلة للجرة، وتشكل دورا مانعا لتحقيق رغبة العامل ( الناسك ) ، وهي تلعب دورا هامّا لأنّها تسهم بطريقة مباشرة وواضحة في تكسير الجرة، مما ينتج عن هذا التكسير تبخّر أحلام الناسك، وبالتالي هي عامل ضديد مقابل لعامل مساعد ( الجرة).
البرنامج السردي:
المساعد الذات الضديد
الجرة الناسك العصا
الجرة العسل والسمن العصا
اكتناز وذخيرة الموضوع تكسير وتبخر الأحلام
في قصة " الناسك وجرة السمن " نجد ثلاث شخصيات تشكّلُ بنية سرديّة هامة في القص باختلاف أهميَّة كلّ واحدة منها في هذه البنية ، وفي مستويات الخطاب السردي .
" المرأة " تعدُّ أوّل شخصيّة تُسهم في بنية السرد، وهي شخصية تسرد لغيرها ، ويحدّدها الملفوظ السردي:
"قالت المرأة "، فهذا الملفوظ مكوّنُ من : فعل + فاعل.
فالفعل/قال
والفاعل/ المرأة.
الفعل مبني للمجهول ، محدَّدٌ في زمن ماض يعكسُ سردا قائما ومثبتاً، أضيفت إليه تاء التأنيث الساكنة ليحدَّد في الفاعل " المرأة " ، أي صفة الجنس/ أنثى، لكن غير محدّدة بعينها ،ومنه ندرك أن الساردَ الذي يبني الحدثَ ويحدّد مسارَ السرد هو امرأة " ، وهي تلعب وظيفة الإبلاغ ونقل الخبر .
الناسك : الشخصية الثانية التي يقوم عليها السرد، وإن كانت روح السرد كلّه
يصوّر كما يلي:
- رجلٌ تقيٌّ متعبّدٌ وخاشعٌ
- رجلٌ فقيرٌ معوزٌ تقع عليه كلُّ الأحداث والوظائف وتسند إليه.
تبدأ حالته بالفقر ، وهذا ما يحدّده الملفوظ السردي:
"كان يجري عليه من بيت رجل من التجار، رزق من السمن والعسل والسَّويق ".
فهذا الناسك الفقير كان يرتزق من عون رجل تاجر يمدُّه بما يسُدُّ حاجته ويفرج ضيقه وعوزه.
ثمّ يتحوّل هذا الناسك إلى غنيّ مالك للخيرات وسيد كريم له العبيد والرياش والمتاع وغيرها من الخيرات، لكن هذا التحوّل من الفقر إلى الغنى ما هو سوى حال ظرفي محقّق في المخيال الفردي، أي مجرّد حلم يقيم أفعالا وينسج أمنيات كبيرة تقع في الخيال .
التاجر: الشخصية الثالثة التي تسهم في البناء القصصي باعتبارها عنصرا لا يقلّ أهمية عن العناصر الأخرى ، فمساعدته للناسك وتزويده بما يرفع عنه العوز الحاجة تجعل اللعبة السردية تنطلق منه باسناد الفعل يجري أي يأتي( يجري عليه من بيت رجل من التجار، رزقٌ من السمن والعسل والسَّويق ) ، وهو بهذا الفعل يعدُّ شخصية كريمة معطاءة تعين المحتاج وترفع عنه الفاقة .
من هذه القصة نستخلص أن من يبني آماله على وهم تكون عاقبته الوهم بعينه والفشل الذريع
.