حافظ محمد التيجاتى - هجرة السنونو.. قصة قصيرة

كنت وحيدا فى هذه الضفاف لزمن طويل، لا احفل كثيرا بما يدور فى الحياة بعيدا عن حقلى وكوخى الصغير والضفة ، التامل هو متعتى اتامل فى الطير فى البحر فى الكهوف فى الاشجار والعنادل تنسج الحانها واعشاشها فى زاكرتى والغصون ، الان ابتليت بحب حورية لها عينان يوحيان ان الكون اوسع والربيع سيكون اجمل فى الموسم القادم ، عينان واسعتان وصافيتان كماء النبع لم ولن ارتوى منهما، هذه الملاك اخرجتنى من من صمتى حتى تلاشى السكون .

الان اراها تعد حقايبها لترحل –اذا لماذا عودتينى التأمل فى عينيك وعلى عطرك الجميل الذى ضمخ امسيات ضفافنا ؟هل سيسرقك من قطار الفجيعة صباح الغد؟ كأن اعصابى المتوترة هى قضبانه ، اراك تصرين على الرحيل ، لم ترد رشقتنى بنظرة من عينيها الجميلتين حتى تذوقت ملح الفراق، فكرت ان اقتنص اللحظات الباقية قبل الشروق وصرت اتامل عيناها عبر شعاع القمر المتسلل بين اعواد القصب كانت عيناها كالالى فى عمق الخليج ، ترى من هو مخترع السفر سارق البشاشات هاد م الامنيات لماذا لا يكون السفر عبر النظرات حتى اظل مسافرا فى بريق عينيك؟ لماذا لا يكون دافع الشوق اقوى من كل دواعى الرحيل؟ ام هذا منطق العاشقين المعذبين مثلى ، بربك هل ستنسى ايامنا على الضفاف واغنياتنا تحت المطر، اخيرا همس الكمان: اترانى انساك يا هذا وان دحرجنى موج الزمان ضفاف اثر ضفاف لا فنحن من هذا النهر وسنعود اليه مهما تباعدت الصباحات سناتى من خلف الحقول ذات اصيل والشمس ترسم شعاعها الذهبى فى زاكرة النهر ، هدهدنى حديثها فنمت كشهريار، حتى اضحت الشمس غاب قوسين من الاسئ وانتفضت ولم اجد غير صورة لسونونو يشق افق السحب مهاجرا وسط الغيوم وكتب على ظهر الصور(باسم كل الزهور والطيور والحقول على الضفاف و اودع الحنين فيك واغيب وسات ذات شروق من الضفة الاخرى لا تغمض جفن الامل لحظة ولا تترك اليأس يتسلل الى خضرة الحقول فالامل حصاد لا يخيب ، وجدت الباب موأرب للنصف يفتح احتمالات الحضور والغياب والامل واليأس ، وتركت تلك البرونزية الانيقة عطر يتسلل بين اعشاب الكوخ ويمزج ماء النهر بالحنين .

خرجت من الكوخ تدثرنى الكابة رايت قضبان القطار تمتد وتضيق وسط الاشجار حتى تختفى فى افق الغياب ،تغيرت فى ناظرى حياة الضفاف وملامح الناس وسكنتنى كأبات الشتاء ، وطال انتظارى وترقيبى ولم يحمل النهر غير مراكب الصيادين وجذوع الاشجار وصرخات الغرقى فى الضفاف البعيدة ، وحنينى ماازل ينبض بأن تعود.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...