المسرح التجاري موجود في جميع بلدان العالم المتقدمة والمتأخرة. ويمكن القول بأن بدايته قد ظهرت في أميركا حيث كان هدف مؤسسيه الربح ولذلك لم يكونوا من المساهمين في تطوير المسرح والدراما مثلما فعل أولئك الذين لم يستهدفوا الربح.
ويذكر (إلمر رايس): “ولكن يجب ألا يغرب عن بالنا أن هذه الجماعات ويُقصد مؤسسو المسرح التجاري،.. أجبرت إما على تصفية أعمالها لحاجتها إلى المال، وأما أن تسلك مسلكاً المسرح التجاري، فالطابع الغالب إذن للمسرح المحترف في اميركا هو طابع المؤسسة التي يموّلها أشخاص هم المستثمرون، والمديرون ممن يراودهم أمل كبيراً في تحقيق الربح. فلا مفر إذن من أن يكون الفيصل في اختيار مسرحيات ينتجها مسرح محترف هو تقدير المنتج لما تستحقه هذه المسرحيات من أرباح”.
وكان للمسرح التجاري في اميركا جمهوره الواسع لأن التسلية والترفيه وسيلته وهدفه. وفي ذات الوقت كان للمسرح الرفيع والدراما الرفيعة جمهورها، وكان من البديهي أن يُرضى المسرح التجاري رغبات أوسع فئة من الناس، في الترفيه عنهم بوسائل التسلية المتاحة والمتنوعة وعدم الاهتمام كثيراً بعناصر الدراما وبناءها وجمالياتها. ولعل أول الرغبات هي الإضحاك ، ولذلك فان الكوميديا أو (الفالس) أي المغرقة بالكوميديا هي المفضلة من قبل منتجي المسرح التجاري إذ كلما زاد عدد الماوقف أو الشخصيات المضحكة في العرض المسرحي كلما كانت أكثر جذباً للجمهور الواسع وبالتالي أكثر ادراراً للأرباح وبغض النظر عن القيم الفكرية والعاطفية والجمالية لهذا العرض أو ذاك.
من الملاحظات التي ذكرها (ألمر رايس) عن المسرح التجاري ما يلي: (1) يستغل المسرح التجاري المسرحيات استغلالاً اقتصادياً او ما نسميه الأتجار بالمسرحيات. وذلك يعني خضوع العرض المسرحي للطلب وكذلك لمبدأ السلعة الرديئة تطرد السلعة الجيدة. (2) يعتمد المسرح التجاري بالدرجة الأولى على تمويل المنتج المستثمر وعلى فرقة مسرحية لا تعتمد على المعونات من الجهات الرسمية كما هو حال المسرح الوطني وفرقه. (3) لا يهتم المسرح التجاري بالمثُل العليا للفن المسرحي ويعتمد بالدرجة الأولى على النجاح التجاري. (4) ليست هناك طريقة يمكن استخدامها لتقرير ما إذا كان انتاج مسرحية ما سيكون ناجحاً من الناحية التجارية أم لا. (5) إن المسرحية التي تدفعنا إلى كتابتها المُثل العليا والنوايا الفنية ليست بالضرورة أحسن من المسرحية التي تُكتب وعين كاتبها على شباك التذاكر، وغالباً ما يكون العكس صحيحاً. (6) غالباً ما تسقط المسرحية الجيدة وتنجح المسرحية الرديئة ويصبح من المستحيل، إذن إقامة أي ارتباط بين التفوق الفني والنجاح التجاري. (7) غالباً ما يقال بشيء من التأكيد إن الاجادة الفنية في المسرح غالباً ما تعوق النجاح التجاري. بعد هذا لا بد أن نقول إن مستوى أعمال المسرح التجاري في أميركا، وفي (برودوي) بالذات أعلى فنياً وحرفياً، من مستوى الأعمال التجارية في مصر وفي العراق وفي الكويت وذلك لأسباب عديدة ومنها ان ذائقة جمهو المسرح التجاري الاميركي أكثر تهذيباً من ذائقة جمهور المسرح التجاري عندنا. ومنها أيضاً توفر الوسائل التكنولوجية التي تجتذب الجمهور وتبهره. في أميركا وعدم توفرها في مسارحنا ولذلك فان التنويع في وسائل التسلية في المسرح التجاري الأميركي أو الأوروبي متحقق أكثر مما هي في مسرحنا التجاري والتي تقتصر في الغالب على ما يلي (1) مشاهد مسطحة لحكاية مبشرة خالية من الصراع الدرامي الحقيقي الذي يقود الأحداث الى التطور والتأزم والتصاعد وصولاً إلى الذروة. (2) مشاركة ممثلين وممثلون ممن يتعمدون الإضحاك سواء بما يسمى القفشات أم بالتشويهات الجسمانية والصوتية. (3) حركات راقصة غير مبررة وغير مهذبة أحياناً . (4) ترديد أغان معروفة بألفاظ وبألحان محّرفة. (5) شخصيات متخلفة حضارياً او سلوكياً.
ويمكن أن نعد تلك الوسائط قواسم مشتركة في جميع مسرحياتنا التجارية ويمكن القول بأن رواد المسرح التجاري يعتقدون أن العروض التجارية التي يُقبِلون بحماس لمشاهدتها هو المسرح وليس غيرها وبذلك يتم تشويه الذائقة الفنية .
وأنهي كلماتي هذه بكلمات المخرج الشهير (بيتر بروك) التي أوردها في كتابه (المكان الخالي) حيث يقول “وقد يبدو للوهلة الأولى إن المسرح الميت، كأحدى المسلمات، مسرح رديء، ويبدو أننا نضيّع الوقت إذا ما انتقدنا ذلك النوع من المسرح الذي نراه دائماً والذي يرتبط كثيراً بالمسرح التجاري الذي نحتقره ونذمه كثيراً. لو أحسسنا بأن الموت أمر مقرف قد يظهر في أي مكان فأننا عند ذاك سنقدر حجم المشكلة.
* نقلا عن:
وسائل وأهداف المسرح التجاري / سامي عبد الحميد
ويذكر (إلمر رايس): “ولكن يجب ألا يغرب عن بالنا أن هذه الجماعات ويُقصد مؤسسو المسرح التجاري،.. أجبرت إما على تصفية أعمالها لحاجتها إلى المال، وأما أن تسلك مسلكاً المسرح التجاري، فالطابع الغالب إذن للمسرح المحترف في اميركا هو طابع المؤسسة التي يموّلها أشخاص هم المستثمرون، والمديرون ممن يراودهم أمل كبيراً في تحقيق الربح. فلا مفر إذن من أن يكون الفيصل في اختيار مسرحيات ينتجها مسرح محترف هو تقدير المنتج لما تستحقه هذه المسرحيات من أرباح”.
وكان للمسرح التجاري في اميركا جمهوره الواسع لأن التسلية والترفيه وسيلته وهدفه. وفي ذات الوقت كان للمسرح الرفيع والدراما الرفيعة جمهورها، وكان من البديهي أن يُرضى المسرح التجاري رغبات أوسع فئة من الناس، في الترفيه عنهم بوسائل التسلية المتاحة والمتنوعة وعدم الاهتمام كثيراً بعناصر الدراما وبناءها وجمالياتها. ولعل أول الرغبات هي الإضحاك ، ولذلك فان الكوميديا أو (الفالس) أي المغرقة بالكوميديا هي المفضلة من قبل منتجي المسرح التجاري إذ كلما زاد عدد الماوقف أو الشخصيات المضحكة في العرض المسرحي كلما كانت أكثر جذباً للجمهور الواسع وبالتالي أكثر ادراراً للأرباح وبغض النظر عن القيم الفكرية والعاطفية والجمالية لهذا العرض أو ذاك.
من الملاحظات التي ذكرها (ألمر رايس) عن المسرح التجاري ما يلي: (1) يستغل المسرح التجاري المسرحيات استغلالاً اقتصادياً او ما نسميه الأتجار بالمسرحيات. وذلك يعني خضوع العرض المسرحي للطلب وكذلك لمبدأ السلعة الرديئة تطرد السلعة الجيدة. (2) يعتمد المسرح التجاري بالدرجة الأولى على تمويل المنتج المستثمر وعلى فرقة مسرحية لا تعتمد على المعونات من الجهات الرسمية كما هو حال المسرح الوطني وفرقه. (3) لا يهتم المسرح التجاري بالمثُل العليا للفن المسرحي ويعتمد بالدرجة الأولى على النجاح التجاري. (4) ليست هناك طريقة يمكن استخدامها لتقرير ما إذا كان انتاج مسرحية ما سيكون ناجحاً من الناحية التجارية أم لا. (5) إن المسرحية التي تدفعنا إلى كتابتها المُثل العليا والنوايا الفنية ليست بالضرورة أحسن من المسرحية التي تُكتب وعين كاتبها على شباك التذاكر، وغالباً ما يكون العكس صحيحاً. (6) غالباً ما تسقط المسرحية الجيدة وتنجح المسرحية الرديئة ويصبح من المستحيل، إذن إقامة أي ارتباط بين التفوق الفني والنجاح التجاري. (7) غالباً ما يقال بشيء من التأكيد إن الاجادة الفنية في المسرح غالباً ما تعوق النجاح التجاري. بعد هذا لا بد أن نقول إن مستوى أعمال المسرح التجاري في أميركا، وفي (برودوي) بالذات أعلى فنياً وحرفياً، من مستوى الأعمال التجارية في مصر وفي العراق وفي الكويت وذلك لأسباب عديدة ومنها ان ذائقة جمهو المسرح التجاري الاميركي أكثر تهذيباً من ذائقة جمهور المسرح التجاري عندنا. ومنها أيضاً توفر الوسائل التكنولوجية التي تجتذب الجمهور وتبهره. في أميركا وعدم توفرها في مسارحنا ولذلك فان التنويع في وسائل التسلية في المسرح التجاري الأميركي أو الأوروبي متحقق أكثر مما هي في مسرحنا التجاري والتي تقتصر في الغالب على ما يلي (1) مشاهد مسطحة لحكاية مبشرة خالية من الصراع الدرامي الحقيقي الذي يقود الأحداث الى التطور والتأزم والتصاعد وصولاً إلى الذروة. (2) مشاركة ممثلين وممثلون ممن يتعمدون الإضحاك سواء بما يسمى القفشات أم بالتشويهات الجسمانية والصوتية. (3) حركات راقصة غير مبررة وغير مهذبة أحياناً . (4) ترديد أغان معروفة بألفاظ وبألحان محّرفة. (5) شخصيات متخلفة حضارياً او سلوكياً.
ويمكن أن نعد تلك الوسائط قواسم مشتركة في جميع مسرحياتنا التجارية ويمكن القول بأن رواد المسرح التجاري يعتقدون أن العروض التجارية التي يُقبِلون بحماس لمشاهدتها هو المسرح وليس غيرها وبذلك يتم تشويه الذائقة الفنية .
وأنهي كلماتي هذه بكلمات المخرج الشهير (بيتر بروك) التي أوردها في كتابه (المكان الخالي) حيث يقول “وقد يبدو للوهلة الأولى إن المسرح الميت، كأحدى المسلمات، مسرح رديء، ويبدو أننا نضيّع الوقت إذا ما انتقدنا ذلك النوع من المسرح الذي نراه دائماً والذي يرتبط كثيراً بالمسرح التجاري الذي نحتقره ونذمه كثيراً. لو أحسسنا بأن الموت أمر مقرف قد يظهر في أي مكان فأننا عند ذاك سنقدر حجم المشكلة.
* نقلا عن:
وسائل وأهداف المسرح التجاري / سامي عبد الحميد