لما كان المسرح الشعبي يقوم بعملية استخلاص مادة المسرحيات القديمة و إضافة شكلا جديدا عليها ليخلقها في ثوب جديد فلا يمكن اعتبار اعماله إلا سرقة ، ربما لا يمكن وصف هذا الشكل إلا خطا رجعيا يسبغ على الاعمال القديمة صبغة جديدة والذي يتطلب على عمومه تغييرا كبيرا في الشكل المسرحي دون المساس بقيمتها المادية الاصلية ، هكذا يبدأ بريشت طرحه او نضاله ان جاز الحكم ، فكان بريشت يقف ضد هذه السرقة او على الاصوب يدينها ، فأي نظام مسرحي كان يقيم او سيقيم عليه المسرح هيكلته في ظل تلك الطبقة ؟! ، ومن يبدأ هجوما لاذعا كهذا على طبقة ما سيكون بالتأكيد شخصا يعرف جناية هذه الطبقة على المسرح .ان البرجوازية تسيطر على المسرح الشعبي -وبريخت يعرف ذلك و يصفه - كما انه يرى ان فوهته بسبب ذلك ستكون طبعا و دائما موجهة نحو الثورة و المسرح المشاعي الذي يفتح ابوابه على جميع الشعب بمختلف فئاته و الوانه ، وهذا كان يقلق بريشت ، يزعجه ، يخنق نظرته نحو شيوعية المسرح ثم ينحرها للأسف امامه . يقول شيخنا بريخت (أن علاقة المسرح الشعبي بأي مسرح حي لا يتعين اعتبارها مدهشة فالمسرح الشعبي طبعا ضد الفن وضد الثورة ، ولما كانت وسائل الانتاج في يده فسيكون من السهل عليه في وضعه هذا ان يضايق المسرح الحي... أنظر : نظرية المسرح الملحمي - برتولد بريخت ، ترجمة د.جميل نصيف ، ص٢٢) .. هل ستتخيل مثلا مسرحيا يحمل روحا ثورية كبريخت سيسكت! بالتوكيد لا .لقد ناضل بريخت ضد المسرح البرجوازي نضالا لا هوادة فيه وموضحا السبب وراء انحياز الاخير نحو الفن الخالص او ادعائه ذلك فيقول ( انه لأمر مفهوم جدا ان يكون السادة نيفت ونيستريبكة -مديران بارزان للمسرح الشعبي - ضد الثورة غير انهما عندما يحاولان اقناعنا كما لو انهما الى جانب الفن الخالص فان محاولتهما هذه تبدو مضحكة بشكل لا يوصف ..وفي الحالات عندما يحتمل ظهور حالة مثالية كما هو عندنا اليوم حيث تشكو خشبة المسرح من عوز في المواهب وقاعات المشاهدين من عوز في الحماس ، في هذا الحالة يظهر امامنا المسرح التجاري المألوف بدعوته الى الفن الخالص...انظر :المصدر السابق نفسه ، ص٢٠)
ان المسرح الحي الذي يمثله بريخت والذي يتعارض مع التجاري له القدرة في استقطاب المواهب وكذا الجمهور العاشق لكل جديد فمثلا ما حدث في الولايات المتحدة بين عامي (١٩١٥-١٩٢٩) يظهر ثورة على القديم البالي وهذا بلا شك كان سببا في استقطاب جمهور واسع من المعدومين اقتصاديا ولكن سيطرة البرجوازية على المسرح الحي في الولايات الاميريكية حولته الى شكله الشعبي التجاري ، الذي يتحول في معرض تطوره الى مسرح تجريبي فتضيق سعته ليقتصر على الطبقة الخاصة دون غيرها . ( ان المسرح التجاري ذاته لم يلبث امد قصير ان شرع يبدي اهتماما بالاعمال التجريبية.... انظر : دراسات في المسرح العالمي -د.شاكر الحاج مخلف ، ص١٦).ان التجربة الاميريكية توضح شيئا واحدا هو ان سيطرة البرجوازية على وسائل الانتاج تحصر المسرح بفئة قليل عددها الذي انتهى او لابد ان ينتهي الى المسرح التجريبي والذي يكاد يكون مقتصرا على فئة اقل عددا من الاولى يقوم بعرض تجاربه الجديدة على جمهور خاص وفي نظاق ضيق
.. لربما ستقول ان هناك نقدا سيحاكم اعمالا مسرحية تتسم ببعض الايهام و بكل التنويم و التضليل ؟! سيرد عليك بريخت نفسه فيقول فما ذلك النقد في ظلها -أي البرجوازية- انما يأخذ على عاتقه اذاعة الشهرة والتسلية ، و لما كانت تلك المسارح تشتري التسلية و هي عادة مؤسسات انتاجية خاضعة للتوجيه والسيطرة تعين على النقد الذي تشتريه البرجوازية بأموالها توجيه الجمهور إليها و استدراجه الى المسرح الشعبي وبهذا سيكون النقد في جانبه في حين يتعين عليه ان يكون بجانب الجمهور ، و نقاد مثل هولاء يصفهم بريخت بأنهم (تبعيون الى حد بعيد ويكفي ان يخطوا خطوة واحدة بلا جمهور ليفقدوا قيمتهم في نظر المسارح) وهكذا نقاد فقدت اذواقهم ادوارها لانهما من المتعذر عليهم أن يأخذوا بعين الاعتبار ذوق المشاهد على حد قول بريخت..
ان المسرح الحي الذي يمثله بريخت والذي يتعارض مع التجاري له القدرة في استقطاب المواهب وكذا الجمهور العاشق لكل جديد فمثلا ما حدث في الولايات المتحدة بين عامي (١٩١٥-١٩٢٩) يظهر ثورة على القديم البالي وهذا بلا شك كان سببا في استقطاب جمهور واسع من المعدومين اقتصاديا ولكن سيطرة البرجوازية على المسرح الحي في الولايات الاميريكية حولته الى شكله الشعبي التجاري ، الذي يتحول في معرض تطوره الى مسرح تجريبي فتضيق سعته ليقتصر على الطبقة الخاصة دون غيرها . ( ان المسرح التجاري ذاته لم يلبث امد قصير ان شرع يبدي اهتماما بالاعمال التجريبية.... انظر : دراسات في المسرح العالمي -د.شاكر الحاج مخلف ، ص١٦).ان التجربة الاميريكية توضح شيئا واحدا هو ان سيطرة البرجوازية على وسائل الانتاج تحصر المسرح بفئة قليل عددها الذي انتهى او لابد ان ينتهي الى المسرح التجريبي والذي يكاد يكون مقتصرا على فئة اقل عددا من الاولى يقوم بعرض تجاربه الجديدة على جمهور خاص وفي نظاق ضيق
.. لربما ستقول ان هناك نقدا سيحاكم اعمالا مسرحية تتسم ببعض الايهام و بكل التنويم و التضليل ؟! سيرد عليك بريخت نفسه فيقول فما ذلك النقد في ظلها -أي البرجوازية- انما يأخذ على عاتقه اذاعة الشهرة والتسلية ، و لما كانت تلك المسارح تشتري التسلية و هي عادة مؤسسات انتاجية خاضعة للتوجيه والسيطرة تعين على النقد الذي تشتريه البرجوازية بأموالها توجيه الجمهور إليها و استدراجه الى المسرح الشعبي وبهذا سيكون النقد في جانبه في حين يتعين عليه ان يكون بجانب الجمهور ، و نقاد مثل هولاء يصفهم بريخت بأنهم (تبعيون الى حد بعيد ويكفي ان يخطوا خطوة واحدة بلا جمهور ليفقدوا قيمتهم في نظر المسارح) وهكذا نقاد فقدت اذواقهم ادوارها لانهما من المتعذر عليهم أن يأخذوا بعين الاعتبار ذوق المشاهد على حد قول بريخت..