حسن عبيدو - إصحاح الخروج من الجنة.. شعر

ها أنذا يا وطني
من أديم الأرض أخرجتني
وعن جناتك أقصيتني وما همني
…وما وجدت ما أواري به سوأتي
حتى شجر التفاح محرم عليك يا فمي
وقد زرعته بيدي وسقيته بدمي
وها أنذا احصد فيك دموع البصل
وها قد قربت إبليس وأقصيتني
وقد خضع لك بالحب قلبي
وها هي أصابعي تهرب من كفي
وقابيل يخرج من جنبي ليقتلني
ثم التفت يا وطني فلا أجد فيك حتى قبري
تذكر كل الأسماء إلا أنا يا وطني فتنساني
2- إصحاح الطوفان
وأنا نوح نواح يا وطني
أصنع السفينة من عظامي
وأرسل جلدي شراعا
كي تنجو يا وطني
حتى وان غرق أبنائي
والموج العاتي يقلب مركبي
وأنادي
لم حملت الغريب وتركتني
وما في الأفق جبل آوي إليه
إلا تل من شعر أتلو في محرابه أناتي
وما همك يا وطني أن لفظني البحر غريقا
ما همك أن التهم حوتك عيني وألقاني
3 إصحاح الحرق
وأنا إبراهيم يا أبت
وضعت عظامي قواعد للبيت لما بنيت
حفرت بأظافري البئر من الصخر فتفجر الماء
شرب إخوتي والأعادي وأنا ما سقيت
وما في المدى من يسقي لي
والرعاع من فرس وروم تتكالب على البئر
ومن لظى شمسك يا وطني اكتويت
من اجل عيونك يا وطني بأعز أبنائي فديت
وآلامي بحر لجي يتلاطم في قلبي إداريها
ويا طالما داريت
رفعت العين إلى السماء يا أبت
قلت ارزق هذا البلد من كل الثمرات
فكان النخل يا أبت كان التين والزيتون والرمان
وكان النفط يا وطني
يراق على سيقان الغواني
والجوع الجوع قسمة أولادي
فيا أبت ماذا فعلت وهل أذنبت
يوما ارتميت من أجلك مغتسلا بالنار
ولم اقبل يد نمرود
ولم اسجد لأصنام
ارفع القواعد للبيت من عظامي يا وطني
فتغطي الغريب يا بلدي وتعريني
4-إصحاح الغدر
أنا يوسف يا أبت
ها قد توسدت قبري
وإخوة لي فتحوا بسكين الغدر صدري
وأتخنوا بالجراح قلبي
وما ردهم دمعي
ولا نحيب أبنائي حولي
ولما همد من الحراك جسمي
هاهم يتلقفون نعشي
ومن كتف إلى كتف
يتداولون عظامي
ومن محطة إلى محطة يتلون نعيي
وما كان همهم قبل موتي
قتل قوافي الفرحة المكتومة في أشعاري
والضحك ملء الأشداق لما أرسلت إلى السماء براق خيالي
ومصافحة أعدائي على مجرى دمي
واعتقال الأقمار والشموس أن همت بأحلامي
يا أبت
سيأتونك أمام الشاشات باكين
وإذا انقلبوا إلى شياطينهم انقلبوا فاكهين
فلا تثق بقميصهم يا أبت
لا تثق بالبشير
إنما أتاك بالعمى حتى لا ترى
أن ابنك بدمائه ممرغ في الثرى
وان القاتل إخوته والذئب والأفعى
لما بدا لهم أن القتيل بحب الأرض سما وان القمر معه القهوة احتسى
وان الشمس تندي على جبينه قبلة الخلود صبحا ومسا
أنا يوسف يا أبت
أموت كي من الحب شعري يحيا
5 إصحاح الصلب
وأنا عيسى يا أبت
وكل من في الأرض أبنائي
حتى النملة في باطن الأرض اسقيها حبي
لكن إخوتي يا أبت
لم هم المخاض بأمي
اسقطوا من نخلتهم بارودا على راسي
وصادروا الرحم
لكي لا ينفخ فينا حبا جديد
يا أبت لم صلبوني
وما ادعيت أني رب
وهل أذنبت
أن كنت من جراحي أداوي
وأني أعجن من قلبي الرغيف
كي تأكل العصافير
فهل أذنبت يا أبت
أني ارتفعت إلى السماء بأوجاعي
وأن إخوتي وان صلبوني ما قتلوني
ولكني زرعت الحياة في صليبي
6اصحاح الحصار
وأنا أحمد العربي يا أبت
ومن رحم الضاد أعلنت قريش في أشعاري الحصار
وما همها أن علت في الشعاب الأنات
ما همها أن يرضع الأطفال الغبار
رضى الروم دين إخوتي
رضى الفرس رضى التتار
لما صرخنا يا أبت طاردتنا الطائف رجمتنا بالأحجار
أدنت لقيصر أفخاذ صبيانا
أذابت في فمي كسرى الثمار
وفي رفح يا أبت علت الأسوار
لا دواء لمرضانا يا فرعون
لا تغريد للأطيار
ولا ذنب لي
إلا أني في غزة أسكنت الأقمار
ما اتخذت العجل جليسا
ما انتشيت بذا الخوار
وأني رشقت العدى بالأحجار وبالأشعار
ومن نسمات العشق رقصت بين يدي الأشجار
وعانقتني وقد حسبوها جامدة الجبال
وقد كلمتني وما فقهوا لغتها الرياح
أحسدا من عند أنفسهم
أم أن إخوتي رضعوا من ثدي المهانة اللبان
هل أذنبت لما سويت من نبض الضاد الأشعار
خبرني يا أبت
إني طفت بفيافي الصدور فما وجدت إلا مضغا من الأحقاد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...