محسن أخريف - لعبة الحرب..

زَوْجةُ الجُنْدِيِّ القَاسِيَةُ القَلْبِ
تَتَهَيَّأُ لِلْحَرْبِ :
تَكْتُبُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ رِسَالَةً،
وَتَضَعُهَا فِي الدُّرْجِ، احْتِيَاطاً.
وَتُرْسِلُ بِدَايَةَ كُلِّ أُسْبُوعٍ رِسَالَةً.

الزَّوْجَةُ تَخَافُ عَلَى زَوْجِهَا
مِنَ الوَحْدَةِ،
وَمِنْ كَآبَةِ الحَرْبِ،
وَمِنْ هَوَاءٍ يَنْبَعِثُ مِنْ نَوَاعِيرَ
تَتَهَالَكُ أَنْفَاسُهَا،
وَمِنْ أَرْضٍ تَصْعَدُ وَتَهْبِطُ،
وَتَدُورُ حَوْلَ نَفْسِهَا بِسُرْعَةٍ جُنُونِيَةٍ قَاتِلَهْ،
وَمِنْ لَيْلٍ يَلِجُ النَّهَارَ
وَنَهَارٍ يَلِجُ اللَّيْلَ مِنْ غَيْرِ مُنَاسَبَةٍ
وَلاَ سَكِينَةٍ.

الزَّوْجَةُ القَاسِيَةُ القَلْبِ تَعْرِفُ جَيِّداً
أَنَّ الحَرْبَ هِيَ هَكَذَا دَائِماً :
تَأْتِي مِنَ الفَوْقِ،
وَلَهَا أَجْنِحَةٌ تَنْتَظِرُ المَغِيبَ
كَيْ تُحَلِّقَ فَوْقَ خَوْفِنَا (نَحْن)
وَتَجْهَشُ بِمَعْطُوبِينَ بِمُخْتَلَفِ
السَّحَنَاتِ،
- فَمَا مِنْ عَلاَمَاتِ طَرِيقٍ سِوَاهُمْ -
وَبِعِبَادٍ كَثِيرِينَ مُتَّكِئِينَ
عَلَى قُبُورٍ تَضِيقُ بَيْنَهَا المَسَالِكُ،
وَفَوْقَهَا أَزْهَارٌ تَنْبُتُ بِوَهَنٍ
وَبِلاَ رَغْبَةٍ فِي العَيْشِ.

الجُنْدِيُّ القَاسِي القَلْبِ،
أَقْصِدُ زَوْجَهَا وَلَيْسَ أَحَداً غَيْرَهُ،
يَتَهَيَّأُ لِلْحَرْبِ :
يَشْرَبُ حُبُوباً لِمَنْعِ الخَجَلِ مِنْ نَفْسِهِ.
يَتْرُكُ قَلْبَهُ عِنْدَ عَشِيقَتِهِ الثَّخِينَةِ،
وَيُوَدِّعُهَا بِقُبَلٍ حَارَّةٍ عَلَى الشِّفَاهِ.
شِفَاهُهَا فِي الصَّبَاحِ
تَقْرَأُ الرَّسَائِلَ الآتِيَةَ بِالبَرِيدِ الحَرْبِيِّ
وَفِي المَسَاءِ تَتَبَادَلُ القُبَلَ مَعَ أَقْرَبِ جَارٍ
فِي انْتِظَارِ عَوْدَتِهِ.
لَكِنْ، لاَ تُسِيئُوا الظَّنَّ،
هِيَ فَقَطْ تَتَلَهَّى إِلَى حِينِ انْتِهَاءِ الحَرْبِ
وَرُجُوعِهِ بِصَدْرٍ يَلْمَعُ،
وَبِذَاكِرَةٍ مَلِيئَةٍ بِالجُثَثِ.
تَفْعَلُ ذَلِكَ دُونَ حَيَاءٍ
فَالحَيَاةُ هُنَاكَ بَسِيطَةٌ وَتُمَارَسُ دُونَ خَجَلٍ.

المَرْأَةُ هُنَاكَ تُبَدِّلُ طَوَاقِمَ الشِّفَاهِ كُلَّ صَبَاحٍ.
هُنَاكَ كَمَا لِلْحَرْبِ أَجْنِحَةٌ لِلْحُبِّ أَجْنِحَةٌ.
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...