أبو القاسم قور - خراب بارفوسيك الافريقية - الجزء الاول

" اذا سالنى احد لماذا او كيف كتبتها ؟
سأجيبه دون تردد :لا أدرى . الحقيقة القاطعة لا أدرى،
لكننى على يقين سنكون آلهة عندما يصير نثرنا شعراً "

الجزء الأول

اساطير النشأة

1- سحيق الأساطير

غابت شمسُ ذلك اليوم العنيد بانسيابٍ لزج ،تاركةً خيوطاً هلاميةً من السحب الفسفورية والمحروقة لترسم اشكالاً من المخلوقات الخرافية فوق السماء ترنو نحو مدينة بارفوسيك الافريقية بغضبٍ فجورٍ...مثل هذه السحب فى الغالب سحب ملعونة...كنت اهتف ايتها الآلهة ارجمى بغضبك بارفوسيك وأهلها ، وصبى عليهم جحيماً من السماء ،واخرجى السنة من النار ترجمهم رجماً ، تلحسهم لحساً ... تتلاشى السحب تدريجياً بقدوم الظلام متسللاً كلص ماهر او شيطان رجيم...ثم تذوب الشمس تماماً كفص الملح فى كوب الماء.تبدل المشهد تماماً فبانت مدينةُ بارفوسيك وسط الظلام قبةً من الضوء المتآمرعلى طبيعة الاشياء..هنا عند بارفوسيك تمادت الطبيعة امعانًا عكس الاشياء .. انها ازمنة خراب بارفوسيك الافريقية.فى ذلك اليوم كانت الجثثُ تطفح فوق الماء كهشيمٍ منقعر....تلتقى الجثة بالجثة لينمو بينهما طحلبٌ مهيب باذخ التكوين، تتسع مساحات القيح وفقاعاته الغنوج لترسم هى الاخرى شكلاَ متماهياً مع حالة بارفوسيك.هنا شكلٌ آخر للحياة ... لقد تعفن هذا الجزء من العالم.لكن تظل بارفوسيك هى بارفوسيك بكل اساطيرها ، وسحرها ، وفسادها نموذجاً للتوارى خلف الحقيقة ..لا يعرف كائنٌ مَن كان كيف بدأت الحياة هنا اوكيف فسدت بهذه الدرجة بالغة التعقيد، لكن كل شيئ يبدو كاملاً ضاجاً بالحياة ،كما ظلت الرمال السافيات يحملها طمى البحر العريض و يغسلها بموجه مشاطئاً بصورةٍ راتبةٍ. النباتات اللينة الرطبة تشتل ذاتها بمكيدة البقاء السرمدى.أما الأشجار والدوح العظام يعزز ذاته بجسارة الخضرة الضاربة فى اصل الغابات الاستوائية البرية.
يرجع تاريخ بارفوسيك الى اللا شيئ ، وُجدت هكذا خارج التاريخ والجغرافية، دهرئذ كانت تقطنها قبائل افريقية أصيلة ، تعيش حياة بدائية ، تعتمد على جمع والتقاط الثمار ...أما الاسم الحقيقى للمدينة هو ( بارفوسيك) ، الذى يّكتب كالآتى بالحروف اللاتينية Bar Fousik .لا يدرى أحدٌ المعنى الحقيقى للكلمة أو أصلها اللغوى ، لكن فى الغالب الأعم قد تكون الكلمة ذات أصل افريقى قديم.اذ تشير المصادر الى مجموعات البارسيك أول المجموعات البشرية التى عاشت هنا منذ سحيق الاساطير ، فاشتقو منه اسم بارفوسيك . أسس الشعب البارفوسيكى مملكته تلك بين نهرين افريقيين عظيمين يصبان فى البحر العريض، حينها لم يعرف من الشقاوة شيئاً، وعاش حياة نعيم ورخاء. مؤسس المملكة البارفوسيكية الاولى هو الملك(تحتنا ثويك) ، ثم خلفه ابنه (بار ثويك) الأول و( بارثويك الثانى) . لعل هذا ما جعل بعض المؤرخين بختلفون مع أقرانهم فيرجعون الجزء الاول من الاسم بارفوسيك الى بار.. وقيل ربما لم تكن بارفوسيك معروفة لقبائل التتار فى غزوها للعالم. تنتنمى مملكة بارفوسيك الى السلطانات الفخارية الافريقية، أى أشتهرت بفن الفخار ونمماته وزخرفة الافريقى .... الرسومات والاشكال التى وجدت على احدى القطع الاثرية توضح اشكال الافيال ، والاسود ، وكذلك الثعابين الافريقية السامة...هذه هى البيئة الاستوائية لمدينة بار فوسيك الحالية قبل ان يسكنها العرب. كذلك تفيد الحفريات الحديثه عن وجود قطعة فخار يرجع تاريخها لعام 2000 قبل الميلاد ،بها رسومات عتيقة فسرها علماء اللغات القديمه انها لغة قديمه أشبه بالهيلوغرافية. ثم جاءت فترة مظلمة غابت على اثرها بارفوسيك عن التاريخ كفترة العصور المظلمة فى أوربا ثم اصبحت أثراً من بعد عين.

أما التاريخ الحديث لبارفوسيك يعود الى القرن الثامن عشر الميلادى . اذ يقول الرواة ، يرجع فضل الاكتشاف الحديث لمدينة (بارفوسيك ) الى البحارة الانجليز والبرتغاليين ، وأهم المعارك التى دارت فى نهاية القرن الثامن عشر بين البرتقاليين والانجليز ، أنتصر فيها الانجليز عام 1815 م تسمى معركة ( طافشبارفوسيكويا) وقعت فى يوم الاثنين 7 أيلول 1815 م ومن يومها صارت بارفوسيك تحت الاستعمار الانجليزى .
يوجد بالجانب الغربى لمدينة بارفوسيك ...غرب البحر مبنى قديم ، به بروج ، ومساند ، وبعض التعليات ... انها قلعة شيدت بالحجر على ربوة تطل على البحر البارفوسيكى مباشرة ، هذا المبنى يقف شاهداً على وحشية المستعمر ، من برتقاليين وأنجليز وعرب ، وهو أشبه بمبنى غرفة العبيد المطلة على المحيط الهندى فى مدينة باكومويا بتنزانيا . داخل تلك الغرفة يحبس تجار العبيد ضحاياهم البارفوسيكيين... داخل القلعة ليقضوا شهوراً قبل ترحيلهم الى اسواق النخاسة فى اوربا واسيا وبلاد العرب. من مرض منهم أو مات يرمى فوق البحر فتأكله الحيتان. منذ ذلك التاريخ السحيق ظلت بارفوسيك محط انظار العالم ورمز من رموز مقدرة الانسان على سحل اخيه الانسان.
الأيادى القذرة والأظفار المتسخة
ما يهمنى فى رواية بارفوسيك هو الكتابة عن هذا الرجل الذى وصفه الصحافيون بالرجل ذى الأظفار المتسخة والايادى القذرة . عبد العظيم هذا شخص نجس لا يقوى على التحكم فى التبول أوالتغوط فصار به سلس لدرجة انه لا يتحرك دون وضع حفاظاً كبيراً من القطن أو البمبارز بين فخذيه ، أحياناً يستبدل ذلك بنوعٍ من القطن طويلة التيلة ، لا يدرى أحدُ لماذ طويل التيلة بالذات. لو ان اقطانه الفاسدة تلك نُسجت لصارت مسافةً تقاس بمئات أميال ... تسيل عفونته تلك فيتبعه الذباب ليس ببارح غردا كفعل الشارب المترنم.عبد العظيم هذا رجل به دعه و له من المال والعيال والبنين والحشم والخدم لا عين رأت ولا أذن سمعت ....وهو أحد أعيان بارفوسيك وبطل روايتنا هذه ، لكل ذلك سنرى تقلب الامور حوله ، وكيف استطاع ان يستولى على تفكيرى بصورة محكمة ...
زيارتى لقصر عبد العظيم :

وقفت فوق تلك الربوة، موليا ظهرى للبحر العريض يهزنى شوق الى اماكن بعيدة ، برارى افريقية ، وغابات تكتنفها براءة الطبيعة، رافعاً ياقة سترتى بازدراء بائن لما حولى .. خلفى طيورٌ افريقية مسنة جارحة تفر أجنحتها للتخلص من العنت والقمل..فى الحقيقة كان القمل يجد مساحات واسعة بين ريش تلك الطيور التى لا تملك حيلة للتخلص منه غير الوقوف تحت الشمس مثل رجال عظام خانهم التاريخ ففقدوا كرامتهم ......لقد اخصاهم التاريخ بعد أن انهارت مشاريعهم الحياتية والايدولوجية ... تلفحنى نسمات شتوية جافة فى بلد أشتهر بأطول صيف حار فى العالم....حدثتنى جدتى (نكجوط) ..بارفوسيك مكان ملعون وسيأتى يوم تصبح فيه بارفوسيك خراباً .. بدأ لى قصر عبد العظيم على الجانب الآخر من النهر اشبه بقلعة سرية مليئة بالألقاذ والعفاريت ، والقصص الخرافية ، والليالى الحمراء ، والتعرى قطعة قطعة ، وحكايات المجون ، والمضارابات التى يحكيها الناس عنه. خاصة قصصه مع رجال كبار السياسة من بارفوسيك وعليتهم من القوم.الذين استأثروا بكل شيئ ، بل منهم من بلغ به الامر ان ادعى تناسل نسبه من الانبياء والآلهة ففسدوا....من المعلوم يفسد القوم من عليتهم كالسمكة تتعفن من راسها الى ذيلها. حدثنى شخص بان هذا فقط قصر واحد من قصور عبد العظيم المنيفة ، التى تم توزيعها على طول النهر ووسط المدينة.تحدث الناس عن مصادر مال عبد العظيم ، منهم من زعم مقدرة عبد العظيم على تنظيم واعداد الحفلات الليلية السرية ، التى تجمع بين الساسة والتجار ، والمرابيين من السماسرة ،ومنهم من زعم اتجاره فى الدعارة ، فهو أول من تاجر بالبشر بعد ان صدر النساء من مدينة (بارفوسك) . قال البعض لقد اندلق عليه المال اندلاقاً شُرّعاً جراء اتجاره فى المخدرات بعد ان استطاع تأسيس شبكة قوية من المنتفعين ذوى النفوذ بمدينة بارفوسيك. تجارة الدعارة تاخذ اساليب واشكال عديدة ، وانماط مختلفة.كما قيل أنه تمكن من معرفة اسرار ، ومعلومات ، وفضائح بعض الساسة ، ورجالات الدولة ، لذلك يهبون له المال ، ويغدقون عليه بالنعم خوفا وخشية من أن تتسرب تلك المعلومات والفضائح فيوظفها فى اللحظة المناسب ، عبر اعضاء شبكته من الاعلاميين المنتفعين من مشروعه الفاسد.لكن قبل كل ذلك دعونى أصف لكم الوضع فى بارفوسيك ، أعنى الوضع الاجتماعى والاقتصادى والسياسى قبل مجيئى الى هذه المدينة ...كانت هى حلمى الأول و الأخير ، كنت أعمل فى السكك الحديد. فى وظيفة محولجى ( عامل التلفونات والاشارات ) ، قضيت نحو ربع قرن ، متنقلا بين محطات سكك حديد التى يحظى فيها المحولجى بمكانة اجتماعية طيبة مثل الأستاذ والتمرجى ...تلك مجتمعات ومحطات ريفية لا زلت أحن اليها . كنت دائما أسكن فى تلك البيوت المخصصة للمحولجية ، أو ناظر المحطة ، وعمال الدريزه . فى الغالب ما تكون تلك البيوت مبنية من الطوب الأحمر ، بينما تكون كل القرية عبارة عن قطاطى وعشش وأكواخ من قصب الدخن .اسمى عارف صادق أصلا أنتمى الى شرق السودان ، لكننى لم أعرف عن الشرق شيئا ، أخبرتنى أمى أن أبى كان بيجاويا ، رجل جبلى ، خلوى قوى الشكيمة به فرسنة مات وأنا فى بطنها ، أما والدتى لا أعرف لها جهة فكل ما أعرفه عنها أنها كانت زوجة أبى.
. عند مجيئى الى هذه المدينة كنت وحيدا معزولا مثل طائر حزين مبتل، حيث تخليت عن مهنتى كمحولجى لكنى أكتشفت أن تجربتى فى كتابة اشارات السكة حديد قد أكسبتنى مهارة فائقة فى كتابة الأخبار فعملت محررا بصحيفة تابلويت يومية تسمى ( النصر) . لم يكن صاحب الصحيفة سوى نوع آخر من أنواع وشاكلة الجشعين ، كان بالكاد يمنح بعضنا مبلغ 25 جنيه فى الشهر . تلك فترة تعرفت فيها على عدد من الصحفيين من أمثال صابر سعيد ، وهو صحفى جريئ ، به مقدر عجيبة على اقتحام مكاتب المسؤولين و انتشال المعلومات من براثن أدراجهم. كذلك تعرفت على صحفى آخر شيوعى يعمل بجريدة ذات خط تقدمى أسمه ياسر ، مناهضة لطبقة الجشعين والراسمالية من أمثال السيد النتن عبد العظيم. ثم تعرفت على الصحفية مزدلفه ، التى أشتهرت بفضحها لتجار السوق الأسود.
المؤامرة:
فى يوم من أيام الصيف ، كنت أعلم أن ثمة أعمدة تلفون بعيده على طول خط السكك الحديدية تحط عليها طيور الغربان ، وهو ذات اليوم الذى دعانا فيه الصحفى الشيوعى ياسر لتناول وجبة الغداء على مطعم صغير على ضفاف البحر البارفوسيكى العريض. كان البحر أشبه بشخص جائع ، غار حتى قاع الجرف فبانت ضلوعه. قال لنا الصحفى ياسر ، لابد من هدم قلعة عبد العظيم . ضحكت مزدلفه وهى تقول : ستكون عملية باهظة التكاليف .
ظللت ساهيا ، أستحضر تلك الأعمدة النائية . ورائحة (الفلنكات ) فى بيوت السكك الحديدية أكتملت الخطة وهى ( فضح السيد عبد العظيم) ....هكذا نشأت مجموعتان : مجموعة عبد العظيم ، التى تضم كافة مراكز القوة والجاه ، والعصابات ، ومجموعة الصحفيين .
شيئ غريب يدفعنى الى رواية أحداث قصة عبد العظيم. هناك مجموعة ثالثة تشكل النص الخفى فى هذه الحكاية.تتكون المجموعة الثالة من مرتزقة الاقلام ، والصحفيين والكتاب والتشكيليين ، والساسة ...كلهم يعملون تحت امرة السيد عبد العظيم . لكن هذا المشهد مشهد سرى أشبه بروايات جراهام غرين ، لدرجة أن صار اسم السيد عبد العظيم مرعبا ومخيفا
عند اصباح اليوم التالى تلقيت مهاتفة تلفونية من مزدلفة ، علمت أنه قد تم اختفاء الصحفى الشيوعى ياسر . بل كم كانت دهشتى عندما وجدت خبر باحدى الصحف فحواه : دعوة غداء على ضفاف النيل ينظمها السيد الوجيه رجل البر والاحسان عبد العظيم لعدد من الكتاب والصحفين ، وتم ذكر أسماء الصحفيين والكتاب ثم وجدت أسمى ( عارف) ومزدلفة وياسر من بين هؤلاء. تأكدت تماما أنها حكاية ستكون شائكة وبالغة التعقيد. لكننى كنت منزعجا لخبر اختفاء الصحفى ياسر ! ثم طغى على الحنين لتلك الاعمدة وأسلاك التلفون ...عند صباح اليوم التالى علمت قد تم الحكم على الصحفى التقدمى ياسر بست سنوات سجن والتهمة هى وجود (حشيش) فى حقيبته. لم أصدق ذلك ، بل أكدت لى زميلته مزدلفه أنها على يقين أن ما جرى لياسر مؤامرة مدبرة من (مجموعة عبد العظيم ) ... المجموعة الثالثة. بدأت تستبين لى ملامح المدينة تدريجيا ، وطبيعة هذا الصراع الغريب. كان الفساد يستشرى بصورة مرعبة ، وتتكاثر طبقات الأثرياء والطفيليين ، فتظهر الهوة الكبيرة بين الشعب .تزداد الفوارق الاجتماعية بين طبقات المجتمع بين ميسر بزخا ، وجائعا بمسغبة.بمقدور مجموعة عبد العظيم شراء كل شيئ ، حتى الزمم ، والأخلاق . أنتشرت الثقافة ( العبد العظيمية ) كثقافة سرية وسرت فى جسد المدينة التى بدأت مثل تمثال تأكله الأكزيما داخليا ، وينخره السوس نخرا .
عند أول زيارة لى للصحفى التقدمى ياسر فى السجن قال لى بجساره: يا عارف أبعد نفسك ، هاجر ، أوعد الى قريتك . أرجوك لا تظهر هنا على الأطلاق . نحن فى مواجهة مع قوة تفوقنا فى كل شيئ . مواجهة بين الذبابة والفيل. ثم طلب منى أن أخبر كل الزملاء ، والرفاق بعدم الزيارة ، أو الظهور . خرجت محتارا ، حيرة من أضاع ابرة وسط أطنان من القطن. احساس بالغبن ، نوع من الثورة ، وغليان الدم ، أحسست بشيئ يتكور عند فم معدتى ، ثم أندلق ذلك الشئ ، تقيأت غبنا ثم سقطت صريع الملاريا.
كانت ايام عصيبه ، حمى الملاريا ، وهلوستها ...كنت أرى وجه السيد عبد العظيم ...الوجه مضغوط على زجاج نافذة غرفة عنبر المستشفى، ونفس الوجه بخارا حارا لدرجة أن ضبابا كثيفا يطلى الزجاج. يتفلطح الوجه فيبدو عريضا ، ثم تبرز اسنان ، وأنياب عبد العظيم مخترقة الزجاج ، مثل محفار ضخم .... المحفار يتقدم نحوى تدريجيا بموسيقى مخيفة (تنتن تنتن ...تنتن....تنتنز تنتن) ، وأنا أحس بالضيق والرعب ، أحاول الصراخ بلا جدوى ، الوجه المفلطح ، والنفس يلفح الزجاج ونابان مثل المحفار يقتربا منى ، الروح تختنق ، لا نفس ، لا صوت ثم فجأة أصحو مذعورا. تذكرت تلك الأيام الجميله والغربان لا زالت تحط وحيده على أسلاك التلفون بين الأعمده ، ثم طرق خفيف على الباب ، يفتح الباب ، لا شيئ ....لا أحد ، لا يوجد داخل الغرفة غير سرير ، وحامل حديدى تدلى منه درب الجلكوز الذى تدفق بسرعه شرهة داخل وريدى.سبعة أيام حسوما بلياليها ، قضيتها ....ثم خرجت مثل قصبة فى مهب الريح ، حتى التلتوارت تزفنى رهقا. عندما ذهبت الى مكتب الصحيفة وجدت خطاب ينص على فصلى . قلت ، لا شيئ مهم لكن قبل خروجى تلقيت مهاتفة من الزميلة مزدلفة و الرفيق الصحفى صابر ، أخبرونى بفصلهم جميعا. تأكد لنا بعد ذلك أن ما جرى لنا ليس شيئا عاديا أو مجرد صدفة ، هناك أمر مدبر . هو ....هو ...عبد العظيم . معقول ؟
طلبت من مزدلفة الحضور لى باحدى المطاعم النائية الشعبية بعيدا عن أعين عبد العظيم وأصابعه.كذلك أتصلت بصابر لحضور الاجتماع. فكرت فى وضع خطة تهدف لنقطتين أساسيتين ، الاولى البقاء فى أمان ، خاصة بعد أن تأكد لنا أن ما تم للصحفى التقدمى الشيوعى ياسر كان بتدمير من عبد العظيم حيث قام بعض رجاله بدس الحشيش فى حقيبة ياسر . كذلك عبد العظيم هو الذى دفع مبلغا كبيرا الى تلك الصحيفة لكتابة خبر دعوته لنا على ضفاف البحر ...اذا نحن مجموعة مستهدفة من قوة لا نقوى على مجابهتها. الخطورة تكمن فى قاع هذه التجربة الغريبة ، قاع الخطاب الأجتماعى الذى تعفن فى هذه المدينة.انها الثقافة السرية حيث تبين لنا أن كافة الاجهزة المختصة تعمل تحت أمرته ، وهو لا يتوانى فى ارتكاب أبشع الجرائم لتغييب أى شخص يقف أمام مصالحه.أما النقطة الثانية هى البحث فى قصة هذا الرجل الذى لبس المدينة خاتم بمعصمه، لفتح ملفه لعلنا نعثر على نقطة تفيدنا فى اتقاء شره أولا ثم فضحه من بعد ذلك. دخلت مزدلفة ، وصلت قبل صابر ، فشرعت مباشرة فى شرح خطتى. ثم فجأة توقفت عن الشرح.... لأول مرة وقعت عيناى على مزدلفه ...شيئ مزهل ، هذه هى المرة الأولى التى أرى فيها مزدلفة. بطبعى كنت شخص خجول ، لا أدقق النظر فى النساء ، بل حيى وليس لدى أى تجربة مع أنثى. لكن رأيت اليوم عينى مزدلفة . عينان واسعتان ، بهما هدب وخفر يخفى شفق ليس به أعمدة تلفون لكن تظل الطيور تحط وتطير حزينه .... قلت ربما لم أرهما بتدقيق .لكن أعلنت مزدلفة عن تحريض أنثوى فبان جيدها الأثيل ، فاذا بسيل من الحرير الناعم يندلق فوق العنق مخلفا ظلال خلف طرحتها، كل ألوان قوس قزح هناك من دون زمن راتب ....تلعثمت فى الحديث ثم حاولت أن أكون جادا بافتعال مخل فخزلنى صوتى. تأكدت مزدلفة ورطتى هذه فعكفت حريرها المندلق سؤدداً ثم لمته بسيطرة واجراء حداثوى فأطفأت الجيد باحكام الطرحة ...دخل صابر ، كان فى دخوله انقاذ للموقف....قال لى صابر البقاء فى أمان يعنى الخروج من مدينة ( بارفوسك)
كان الامر معقد وصعب وشائك. هدبان يحط فوقهما الحمام ، ثم أعمدة تلفون بعيدة نائية لا زالت تحمل طنين الزمان عبر أسلاكها. تفرقنا. فهطل علينا ليل خميل.وقفت على الربوة وخلفى البحر وطيور أفريقية مسنة ، موليا وجهى شطر قصر عبد العظيم المنيف. تحركت بطريقة ميكانيكية ، هناك شيئ يدفعنى نحو الأضواء ، والبهرج ، والمهرجان الشبق. أى عالم هذا؟. كان هناك سور ، محمى بسلك شائك وكلاب من فصيلة الذئاب. باب واسع يبدأ بهضبة ثم لفه حاده لتختفى السيارات بطريقة مدهشة ما أن تدخل السيارة وتتخطى الباب ، حتى تختفى تماما. قلت لابد من الدخول ، قصص كثيرة تحدث عنها سكان بارفوسك ، ليالى حمراء ، حلقات القمار ، والمضارابات ، ونساء يتعرين قطعة ..قطعة. أقتربت من السور العظيم، الدخول فقط بالسيارات ، كنت راجلاً ، حافياً كنت بائساً حتى الثمالة، أطس الآكام ببوتى المبرقع ، وخلفى هدبان يحط عليهما الحمام ، ثم يطير ....توقفت ، ثم كانت دهشتى عندما توقفت سيارة فخيمة ، بهية ، منيفة ، مظللة ، ثم سمعت صوت : أتفضل يا أستاذ ...تلفت ، يمنى ويسرى ، فوق وتحت ، تأكدت أنا المقصود: نعم تفضل يا أستاذ عارف !! انقطع رأسى ، وجف لسانى صار دقيقا ...نعم هذا أسمى . عندما دلفت داخل السيارة الفخمة ، البهية المخملية الصندلية ، لم أصدق عيناى ...يا ..هل (أنا فى حلم أم فى علم )...مزدلفة ، نعم صدقونى انها مزدلفة هى التى تقود السيارة ،...مستحيل ، هدبان يرك فوقهما الحمام وأعمدة تلفون بعيده ، صدى التاريخ ، كل شيئ أحضر أمامى بلحظة سبوية وأُعطيت منطق الطير مرة.
قالت مزدلفة : لا تندهش ، أصلا الاستاذ اليوم عامل دعوة للاعلاميين . قلت الاستاذ من؟
قالت الاستاذ عبد العظيم .
أنحرفت السيارة بجسارة نحو اليمين بعد دخول الباب مباشرة ، ثم هبطت لتأخذ دورة كاملة حول الدوار الذى يلف القصر المنيف حيث الجراج . ترجلت مزدلفه ، ترجلت خلفها وما أنا براجل اتبع هدبها وما انا بتابع. خطرت داخل البهو بصلف ارستقراطى عاتب وعنيد ، فخطرت خلفها بذهول زمانى بريتارى ....معقول ، هل تكون مزدلفة من مجموعة عبد العظيم ...اذا هى التى أوشت بالصحفى الشيوعى ياسر.. قررت التراجع ، أحدثت مزدلفة فسلجة أنثوية بعجيزتها المترامية أمامى ، ولكأنا أحست احساسى ، رأت التردد بعيناى ، وأنا أرفع يدى لأمسح رأسى أشبه بفرس لجوج مطهم أوشك على الفرار صافنات. أمسكت بيدى وهى تهمس ،
ثم قالت : هذا هو المنهج الوحيد الذى يفيدنا فى تطبيق النقطتين الاستراتيجيتين اللتين ذكرتهما ، ( البقاء بأمان ثم العمل على فضح هوسسسسس) ! ثم أدركت أنى مخلوع بحالها البذخة
قالت : يا أستاذ السيارة ايجار ليوم واحد ، وشوية صرف على الأناقة ، فقط أتبعنى ولن أسألك لماذا قررت انت الحضور ولم تحدثنا ...
دخلنا صالة كبيرة ، تدلت منها عناقيد النجف ، وفصوص الأضاءة ، نحو الفين شخص ، يتحدثون بعضهم بعضا ، محدثين ، صدى وطنين بلاطى، قبة الصاله بها قطيفة خضراء تعكس الاضاءة ، فينكسر الضوء على أزياء الحضورليكتسبوا بهاء وأناقة من زمن الكونتيسات، صحفيون ، اعلاميون ، رجالات سياسة ، ودولة ، كميرات التلفزيون ، عدد من من الحسناوات كالدر المكنون يقدمن المشروب ، مطايب ، قلت هذا منظر مهيب ، تعرفت من بين الساسة على رئيس حزب التحولات الكبرى ، كذلك رأيت وزير مشهور مزواج داعر. كانت مزدلفة تجرنى مرة بعد الأخرى كلما تسمرت عند حسناء ، ثم شلعنى قلبى تعرياً، أحيانا تضغط على قدمى عندما ترى بحلقتى ذات الخصائص المحولجية التلفونية. ثم تدريجيا ، هدأ الصوت ، وأنقطع صدى الصالة ، فبانت فتاة جميلة ، تكلمت بأداء تلفازى فاسد : سيداتى سادتى أرجو الانتباه ، بعد قليل سوف يخاطبكم السيد عبد العظيم. تخيلت الرجل ذى البمبرص ، النجس ، وأظافره المتسخة ، أياديه القذرة التى أوقعت بالصحفى الشيوعى ياسر. ثم ضجت الصالة بالتصفيق ، فظهر على أثرها شخص ببسمه هوليودية ، رافعا يده اليمنى ، خفيف ، أنيق ، بظرف ثم قال : أيها الاعلاميون ، أرجو أن تسمتعوا بوقتكم . لقد قررنا بناء قاعة ثقافية كبرى ، بها كل الوسائل الاعلامية . مباشرة بحرفية عاليه ، ظهر عرض توضيحى ببروجكتر استمر لدقيقتين فقط يظهر القاعه المقترحه بكل امكانيتها السبرنية.قلت لمزدلفة من هذا الرجل؟ . قالت بهمس: عبد العظيم
. قلت : لكن أين العفونه . جذبتنى وهى تقول :هسس
الهروب من بارفوسيك
حدثتنى الايام أن الأشياء التى حدثت ذات يوم ستحدث مرة أخرى ، وأخبرتنى التجارب بأن الكائن البشرى والهيدرا سيان فى نمط التعلم والمعرفة عن طريق التجارب ان كانت خطأ أم صواب....لا لن أصدق ما أراه ...لكن ماذا تفيد كل هذه التجارب والأيام ، لم يعد هناك عبد العظيم ، نتن ، نجس ، يخفى سلسه بين فخذيه بالقطن .. بل هناك شاب ، أنيق ، هوليودى البسمة بهى الطلعة ، ينتقى مفرداته فى الحديث بطريقة أرستقراطية باذخة كأنه يخرج من لدن كونتيسات القرن السادس عشر.لقد خدعتنى المدينة ، وخبأتنى بعد أن فرت من قدماى الفيافى ...
يا أيتها الأمكنة البعيدة ،
اليك النشيد خلف النجم ،
والشمس وقرصها العسجدى ،
ليخفى ذاته وراء أشجار ( الدروت) الضخمة .
أركضى أيتها الخيول المنكوبة بلا برازع ،
وألعنى بصهيلك كل هدبين جميلين.
ليست مكان للحمام و لا بك لجام تمضغيه عند الوغى .
أيتها المدينة اللعون،
منعول أبوك الأسمنتى .
بارفوسك مدينة مصنوعة ، مسحورة ، الناس كذابون ، يكذبون فى المساجد ، فى المعابد ، فى الكنائس ، رأيت الكذب على رفوف البقالات ، على الطرقات الواسعة بطول وعرض غربتى الذكية....تطاردنى المدينة وتحاصرنى بالتلتلوارات المتآكله وتجارة الدعارة. بارفوسك مدينة طيبة الأغريقية ، عما قريب سيصيبها الطاعون ، فيعجز أوديبها فى حل السؤال ، وهناك مئة تريزياس ،الف كريون.....
يا تريزياس ذو الأثداء الطويلتان ، من أنا ؟، من قتل لا يوس؟ ....
أعلن القطار عن صفارة لها وقع فى قلبى وحنين سرمدى سحيق يبعثرنى مثل صدى ذكريات مهرجان التاريخ الاصيل ، ثم بدأت الأشياء تزحف للخلف بمنطق ميكانيكا المكان والحركة ، الناس يختفون نحو الوراء ، سيارات ، وكذابون ، عهرة وعاهرات وعوالم من الكذب تختفى تدريجيا ، حتى اذا ما أكملت با رفوسيك اختفائها التام دشنته بأكوام من القمامات ، و نفايات الخردة الآكدة ، وحديد تراكم بعضه فوق بعض ... تزداد سرعة القطار . بدأت أعمدة التلفون فى الظهور تدريجيا ، تتسابق بحنية ، يظهر العمود ثم يختفى بعد أن يسلم المسافة للعمود الآخر عبر سلك تحط عليه بعض الطيور ...انها طيور فرحة ، حرة ، طليقة لا مثل طيور بحر بارفوسك الافريقية المسنة ، أنها طيورى أنا. أنا أحب هذه الطيور الريفية الحرة الطليقة ، لقد تعلمت لغتها ، منطقها .... منطق الطير ، كنت هارباً نحو الطيور ، الفرار الى تلك الاعمدة الحزينة ، شخص واحد عشمى أن أجده ، فى قرية ( أم سنين) ، آخر نقطة من نقاط تاريخى المحولجى ، ذلك الشخص هى أمى ، الج الى أمى مثلما فعل أوديب الى جوكستا.عضتنى مدينة بارفوسك وهى تدعى ثورية فى ثياب برجوازية متخثرة.. يومان حسومان قطعهما القطار نحو الغرب ، أنقطع قلب القطار ، وأنقطع قلبى معه ثم رمانى القطار عند محطة (أم سنين) ليلا ، ثم أنطلق بعدها مصنقعاً غرباً، رأيت ناظر المحطة يعود بعد أن سلم القطار تذكرة التحرك على يده فانوس عتيق ، تذكرت عم التجانى آخر ناظر عملت معه فى هذه المحطة..كان يمص العرق مصاً منقطع النظير .أشجار النيم هى ذاتها ...اختلطت ظلالها ليلا تحت قمر خفر فوق سماء أم سنين ، أماالقطاطى فقد أشهرت أهلتها خلف مبان المحطة بصمت وهدوء ، وثمة نباح كلاب متقطع ، كلاب ليست من فصيلة الذئاب ، كنت أشق طريقى ، مثل محرات حنون بين الأعشاب الندية، التى بللها ليل خميلى بعد أن غشاها خفيفا ، لأرتمى على حضن أمى وأغسل بدموعها غبن بارفوسك فيطير الحمام من تلكما الهدبين ، بدأت الأشياء تتغير ، بل أكاد أجزم أننى ربما نزلت خطأ ، حيث ظهر مبنى ضخم ، من الأسمنت ، مبنى مجرم ، حرامى ، جشع ...كنت حنقا على هذا المبنى الذى وقف شاهرا لسانه فوق حارتنا ، مستحيل ، بارفوسك تبعتنى الى أم سنين !! عدت أدراجى ، الى محطة السكك الحديدية ، تفرق كل من فيها ، جلست قرب مكتب المحولجى ، رميت حقيبتى باهمال ثم أغمضت عيناى . عند الصباح ، سلكت ذات الدرب ، بالفعل ليس خيالا ، مبنى ضخم مكتوب عليه ( ديوان الذكاة) يقف فوق حارتنا بفقه استعمار بائن مؤسساً لمركزية ثقافية بائنه ، لكن أين أمى ؟ ربما أخذوها ضريبة أو ذكاة؟ تراجعت قليلا ، أشرقت شمس أم سنين خلف التلال الرملية بهدوء غير مخل، ثم تحرك الناس والكائنات ببرائة ، النساء ، أطفال المدرسة الاولية ، تحركت خلف هذا الديوان ، كل شيئ كما هو ، القطاطى ، قلت لابد من سؤال الجيران ، خرجت بنت بريئه ، ردت سلامى بحياء ، قلت لها أنا (عارف) . لم ترد بل سكتت ثم أحنت رأسها بخجل قروى قبلى، قلت لها أسأل عن جارتنا حاجة عاشه ، جارتنا !! ...عادت الى الحوش القصبى المتماسك دهرا جميلا فخرج من بعد دخولها رجل أشتعل فوديه بياضا ، لكنه لا زال متماسكاً ببنية بلوطية قروية ، وهو يردد :
-ياه عارف مرحب تفضل ...
بدأت أسترجع التاريخ مثل شريط سينمائى تم سحبه بسرعه ، نعم هذا هو سليمان ، سليمان ابن جارتنا عاشه ، ربع قرن كفيله بتغيير كل شيئ ، جلست على كرسى بلاستيكى ، به أناقة وأعتناء قروى غير زائف أو استهبال . قلت له البركة فيكم .
رد : البركة فى أمة محمد .
-يا زول والله فترة طويله .
قلت : نعم يذهب الناس وتبقى الآثار ....
ثم قلت له : أنا حقيقة عدت لزيارة الوالدة لكن لم أجد حوشنا ، لكن هناك مبنى مكتوب عليه ديوان الذكاة يقف حيث كانت حارتنا. رايت شيئا عجيبا بعينى سليمان ، شيئ من الخجل ، والتردد ، والفزع . صمت سليمان ، ثم نادى : يا خديجه الشاى والموية ، عارف يكون ما شرب شاى الصباح .
-قلت له : فطين هى أمى ، لكن كل ما أعرفه عنها هى مسكة زوجت أبى من دار صباح.. أبى الذى مات وأنا فى بطنها ....قلت ماذا حدث ؟ ماذا جرى لها ؟ كانت خديجه قد وضعت براد الشاى أمامى على صينية بها أهلة ونجوم ، براد الطلس ، وأكواب الشاى نظيفة لامعة ، صب سليمان الشاى ، ثم سلمنى كوبا وأخذ هو كوبه ، ثم رشف رشفةولا أ أرغب فى أى مفاجآت . قلت : أين حاجةفطين قال: وهو يحنى راسه : حاجة فطينه تزوجت من رجل غنى، ثرى ، جاء هنا وبنى هذا المبنى الذى ظل مهجورا منذ خمسة عشر سنة ، لم نرى فيه ذكاة ، لكن والله العظيم ، جبراكتى ( مزرعه صغيره داخل الحوش ) جمركوها . قلت له متأكدا : هل تزوجت أمى من شخص غنى ؟ قال نعم . قلت : سأقتله . قال سليمان بفحولة قروية : يا زول أنت راسك ما فوقك.هذه سنة الحياة ، أنت يا عارف نسيت نحن ناس ريف ، وعندنا عادتنا ، وأمك كانت أمرأة طيبة السمعة وشابة ، وبعد سفرك يا أخوى يكون خافت الناس يقولوا عنها أى شيئ خاطيئ الدرب فتزوجت من عبد العظيم . قلت : بصوت عال : عبد العظيم ؟ قال : نعم عبد العظيم رجل البر والاحسان . قلت له : سأقتل عبد العظيم ...هنا أيضا يوجد لديكم عبد العظيم . ضحك سليمان وهو يقول يا زول كلامك فيه عوجه كبيره ( صب كوب آخر من الشاى ) ثم نظر الى وهو يقول تدبل ؟ ثم ضحك . تذكر ياعارف أيام كنا بندبل... . قلت يا سليمان : عبد العظيم وين؟ قال : بسم الله الرحمن الرحيم ، عبد العظيم فى بارفوسك




5- تجريدة بارفوسيك : صراخ شق بطن ليل قرية أم سنين . ثم ارتفع صوت الطلق النارى ، كان الضرب مركزا عند الناحية الشرقية من قرية أم سنين حيث يقطن أولاد أم كريم ، وهم بدنة قبلية من تلك المجموعات التى تعانى الغارات القبلية والثارات . بينما كان المواطنين بام سنسن يخبؤوون أنفسهم وأمتعتهم ويفرون بعيدا عن الموت المحدق ، كنت أسأل نفسى عن أمكانية امتلاك نوع هذا السلاح. لى ثأر مع بارفوسك ، تلك المدينة التى أكلتنى ، ثم أكلت أمى ... نعم ، لقد طاردتنى بارفوسك جحر بجحر ، و قيعة بقيعة الى قريتى الصغيرة ، الوادعة ، وأستطاع النتن أن يسلبنى آخر ما تبقى لى من ملاز آمن ( أمى) ...هو ...هو عبد العظيم ، الرجل الثرى الذى تزوج أمى وأشاد مبنى الكاة والضرائب بحارتنا فى قرية أم سنين ، ثم أخذها الى قصره المنيف فى بارفوسك .انها غزوة ا الشرف . لكن كيف لشخص واحد مثلى أن يثأر وينتقم من بارفوسك عبد العظيم . فكرت فى خطة محكمة ، تقوم على تكوين مجموعة من الانتحاريين ، والمنتقمين ، والميليشيات ، والمرتزقة المفخخين، ثم أشكل قياده مدربة وأحرك تجريده أولها فى بارفوسيك وآخرها بأم سنين أطلقت عليها ( غزوة الشرف)، أغزو بها بارفوسك ، حينها سأقوى على تدميرها ، ونسفها ..سأحرق قصور عبد العظيم ، قصرا قصرا . سأشفط بحر بارفوسك حتى لا تعود تلك الطيور الافريقية المسنة وحتى لا تقوى على فر أجنحتها ، سأدمر كل المنافقين والمنافقات ، المتبرجين والمتبرجات ، سأتطرف تطرفا منقطع النظير ، ,اصير أرهابيا .....سأمحو عن خاطرى كل رفة عين على هدبين جميلين يرك عليهما الحمام ، أو يطير منهما الحمام ، سأترك بارفوسيك رمادا ، سأدكها دكا ...، نعم أنا عبد القيوم فى قصة (حملة عبد القيوم الانتقامية ) للكاتب بشرى الفاضل ، انها حملة عارف الانتقامية الارهابية المتطرفة، سابعجهم بعجا مثل الطمام ، سأضرب الشخص فى راسه بفأس ، أوسأطور سنسن أشقه الى نصفين ، فينفلق الشخص الى فلقتين ، سأتركهم مجموعات مفلوقة .....سأمارس كل أنواع التطهير والابادات الجماعية ، ستقوم ميليشياتى باستعمال كل الادوات فى القتل مثل المناجل والفؤووس ، ستكون هناك مجزرة بارفوسك ، تطفح الجثث على البحر العجوز ، الكلاب تنهشهم نهارا جهارا ...وتتخامشهم طيور جارحة ونسور لا تقوى عل الطيران فقد بشمنا وهل تفنى الابادات الجماعية سأسترهب استرهابا منقطع النظير ...وأتطرف تطرفا حتى أسل عرق بار فوسيك

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...