يغرقني في لجّة الحنين
وبالحنين والذكر
أفزع يا صغيرتي إلى الشّريط
ويملأ المكان صوتك الصغير:
(خذوني إلى بيسان
إلى ضيعتي الشّتائيه )
الله يا بيسان !
كانت لنا أرضٌ هناك ،
بيارةٌ ، حقول قمحٍ ترتمي مدّ البصر
تعطي أبي خيراتها
القمح والثّمر
كان أبي يحبّها ، يحبّها ،
كان يقول : لن أبيعها حتى ولو
أعطيت ملأها ذهب
… واغتصبت الأرض التّتر !!
ومات جدّك الحزين يا صغيرتي
مات أبي من حزنه
كانت جذوره تغوص في قرار أرضه
هناك ، في بيسان
ويستمّر يلعب الشريط
يدور كالزّمن
حكايةٌ طفليةٌ هنا
وزقزقات ضحكٍ هناك
ونكتةٌ ذكيةٌ يرسلها عمر
يتعبني الحنين يا عمر
لوجهك القمر
هل ذاكرٌ أيام كنت تطلع الجبل
تحمل لي إضمامةً من زهر الجبل
قرن الغزال ، والشقائق الحمراء والزرقاء
والحبق البريّ والشّمر
هدية الربيع في بلادنا لنا
هديّة المطر
. . . . . . . . . .
وأعبر النّهر
وجسري الخيال يا أحبّتي
وجسري الذكر
لو قدروا لقتلوا حتى الخيال
لسفكوا حتى دماء الحب والحنين –
والذكر
واحضن الطفوله
أبوس غرّة الصّباح في وجوهكم
أبوس أعين العسل
ثم يردّني إلى المكان واقعي المهين
وفي ضلوعي الشوك والصبّار
وفي فمي مرارة اليقين
*********
أحبّني الصغار خلف النهر يا أحبّي
عندي أقاصيص لكم كثيره
غير حكايا سندباد البحر ،
غير قصة الجنيّ والصياد
وقمر الزمان والأميره
عندي أقاصيص هنا جديده
أخاف لو أروي لكم أحداثها
أطفئ في عالمكم ضياءه
أخاف أن أروّع الطفوله
أهزّ في جزيرة البراءه
رواسي الأمان والسكينه
أخشى على دنياكم الصغيره
من قصص السجين والسّجان
من قصص النّازي والنازيّه
في أرضنا ، فإنها رهيبه
يشيب يا أحبّي لهولها الولدان
**************
لا تسألوا متى وكيف تنتهي
حكاية الشتات والضّياع
لن تفهموا اليوم الجواب
وحين تكبرون يا أحبّتي
تنبيكمو الأيام
ويومها ستحملون العبء مثلنا
وتأخذون الدور مثلنا
في قصة الكفاح
طويلة قصّتنا ، طويلةٌ
حكاية الكفاح
ويومها يا كنزنا المنذور
ستعرفون
متى وأين يلتقي المشتّتون
وكيف تنتهي حكاية الشتات
والضياع
. . . ولكن أولئك الكرامين قالوا فيما
بينهم : هذا هو الوارث . هلمّوا نقتله فيكون
لنا الميراث . فأخذوه وقتلوه وأخرجوه من
يا سيد ، يا مجد الاكوان
في عيدك تصلب هذا العام
أفراح القدس
صمتت في عيدك يا سيّد كلّ
الأجراس
من ألفي عام لم تصمت
في عيدك إلا هذا العام
فقباب الأجراس حدادٌ
وسوادٌ ملتفٌ بسواد
*************
القدس على درب الآلام
تجلد تحت صليب المحنة –
تنزف تحت يد الجلاّد
والعالم قلبٌ منغلقٌ
دون المأساه
هذا اللامكترث الجامد يا سيد
انطفأت فيه عين الشمس فضلّ-
وتاه
لم يرفع في المحنة شمعه
لم يذرف حتى دمعه
تغسل في القدس الأحزان
********
قتل الكرّامون الوارث يا سيّد –
واغتصبوا الكرم
وخطاة العالم ريّش فيهم طير –
وانطلق يدنّس طهر القدس
شيطانياً ملعوناً ، يمقته حتى الشيطان
*******
يا سيد يا مجد القدس
من بئر الأحزان ، من الهوّة ، من –
قاع الليل
من قلب الويل
يرتفع اليك أنين القدس
رحماك أجز يا سيد عنها هذي الكأس !
فدوى طوقان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كتبت هذه القصيدة في الشهور الأولى من الاحتلال الصهيوني ، أيام كانت الجسور بين الضفتين ما تزال منسوفة ، والعبور محظوراً . وخلال هذه الأشهر كان يسقط كل يوم برصاص العدو عشرات الضحايا ممن كانوا يحاولون عبور النهر سباحة .
– – –
فدوى طوقان : عبر المدى ، أود لو أطير (ملف القدس/29)
وبالحنين والذكر
أفزع يا صغيرتي إلى الشّريط
ويملأ المكان صوتك الصغير:
(خذوني إلى بيسان
إلى ضيعتي الشّتائيه )
الله يا بيسان !
كانت لنا أرضٌ هناك ،
بيارةٌ ، حقول قمحٍ ترتمي مدّ البصر
تعطي أبي خيراتها
القمح والثّمر
كان أبي يحبّها ، يحبّها ،
كان يقول : لن أبيعها حتى ولو
أعطيت ملأها ذهب
… واغتصبت الأرض التّتر !!
ومات جدّك الحزين يا صغيرتي
مات أبي من حزنه
كانت جذوره تغوص في قرار أرضه
هناك ، في بيسان
ويستمّر يلعب الشريط
يدور كالزّمن
حكايةٌ طفليةٌ هنا
وزقزقات ضحكٍ هناك
ونكتةٌ ذكيةٌ يرسلها عمر
يتعبني الحنين يا عمر
لوجهك القمر
هل ذاكرٌ أيام كنت تطلع الجبل
تحمل لي إضمامةً من زهر الجبل
قرن الغزال ، والشقائق الحمراء والزرقاء
والحبق البريّ والشّمر
هدية الربيع في بلادنا لنا
هديّة المطر
. . . . . . . . . .
وأعبر النّهر
وجسري الخيال يا أحبّتي
وجسري الذكر
لو قدروا لقتلوا حتى الخيال
لسفكوا حتى دماء الحب والحنين –
والذكر
واحضن الطفوله
أبوس غرّة الصّباح في وجوهكم
أبوس أعين العسل
ثم يردّني إلى المكان واقعي المهين
وفي ضلوعي الشوك والصبّار
وفي فمي مرارة اليقين
*********
أحبّني الصغار خلف النهر يا أحبّي
عندي أقاصيص لكم كثيره
غير حكايا سندباد البحر ،
غير قصة الجنيّ والصياد
وقمر الزمان والأميره
عندي أقاصيص هنا جديده
أخاف لو أروي لكم أحداثها
أطفئ في عالمكم ضياءه
أخاف أن أروّع الطفوله
أهزّ في جزيرة البراءه
رواسي الأمان والسكينه
أخشى على دنياكم الصغيره
من قصص السجين والسّجان
من قصص النّازي والنازيّه
في أرضنا ، فإنها رهيبه
يشيب يا أحبّي لهولها الولدان
**************
لا تسألوا متى وكيف تنتهي
حكاية الشتات والضّياع
لن تفهموا اليوم الجواب
وحين تكبرون يا أحبّتي
تنبيكمو الأيام
ويومها ستحملون العبء مثلنا
وتأخذون الدور مثلنا
في قصة الكفاح
طويلة قصّتنا ، طويلةٌ
حكاية الكفاح
ويومها يا كنزنا المنذور
ستعرفون
متى وأين يلتقي المشتّتون
وكيف تنتهي حكاية الشتات
والضياع
. . . ولكن أولئك الكرامين قالوا فيما
بينهم : هذا هو الوارث . هلمّوا نقتله فيكون
لنا الميراث . فأخذوه وقتلوه وأخرجوه من
يا سيد ، يا مجد الاكوان
في عيدك تصلب هذا العام
أفراح القدس
صمتت في عيدك يا سيّد كلّ
الأجراس
من ألفي عام لم تصمت
في عيدك إلا هذا العام
فقباب الأجراس حدادٌ
وسوادٌ ملتفٌ بسواد
*************
القدس على درب الآلام
تجلد تحت صليب المحنة –
تنزف تحت يد الجلاّد
والعالم قلبٌ منغلقٌ
دون المأساه
هذا اللامكترث الجامد يا سيد
انطفأت فيه عين الشمس فضلّ-
وتاه
لم يرفع في المحنة شمعه
لم يذرف حتى دمعه
تغسل في القدس الأحزان
********
قتل الكرّامون الوارث يا سيّد –
واغتصبوا الكرم
وخطاة العالم ريّش فيهم طير –
وانطلق يدنّس طهر القدس
شيطانياً ملعوناً ، يمقته حتى الشيطان
*******
يا سيد يا مجد القدس
من بئر الأحزان ، من الهوّة ، من –
قاع الليل
من قلب الويل
يرتفع اليك أنين القدس
رحماك أجز يا سيد عنها هذي الكأس !
فدوى طوقان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كتبت هذه القصيدة في الشهور الأولى من الاحتلال الصهيوني ، أيام كانت الجسور بين الضفتين ما تزال منسوفة ، والعبور محظوراً . وخلال هذه الأشهر كان يسقط كل يوم برصاص العدو عشرات الضحايا ممن كانوا يحاولون عبور النهر سباحة .
– – –
فدوى طوقان : عبر المدى ، أود لو أطير (ملف القدس/29)