(اللي تلف يشد الارض)
كأنما أفلت من بين فكي كماشة، أو كأنما قذفته آلة ضخمة على عجل، ودون أن يكتمل.
هو نفسه لا يفقه ما يحدث ، مجرد تركيب ممزوج متنافر ومنفر، قطعة من هناك وضلفة من هنا ( رأس ما ترك لرأس العجل أي شيء دقيق إلا وكان فيه).
عيناه جاحظتان كجرادة إفريقية، تقاوم في غنج فاضح، مبيدا فقد مفعوله منذ زمان .
الأنف حكايته ، و لا حكاية الصقر الذي أراد تقبيل النملة فاستنشقها
أذناه كرادارات لامعة ومنتصبة ، كأنها لمخلوق، لم يخرج من المختبر بعد ، أدنى دبيب ترصده وتخبئه إلى حين الاحتياج إليه؛ أما غاره الأدرد، فيشبه منطقة عبثت بها أيادي أركيولوجيين مبتدئين : غار، إن ضحك تحشرج وتمطط ، كبيت هواء كثرت رقعاته، وعمل فيه اللاصق فعلته .
هو، لا يعلم سببا لهذه الحمولة الزائدة؛ التي يتحملها جسده على مضض!! مقتنعا فقط، أن الكيلوغرامات مجرد بشارة لكرامة تنطق الساكت، وتفتت صخورا غير موجودة . فرح بها، ونشوان . أي فرح أن تنساب رجلاه وتنفرجا؟ وتنفلت رأسه كما اتفق؛ بوصلة لا ينقصها إلا المؤشر.
مؤشره ينطلق من الصفر، وإليه يعود، كأنما يرشف تكعيبته قبلا نشوى، أو كأنما يرنو إلى تحقق رعشة كبرى . والرأس دائما منذلقة، منفلتة .
الإنفلاتات التي لا تساعده على التركيز في أمر جسده المشروخ أزعجه ، يتذكر الخوذات الرومانية، والذروع الملتحمة بها.
لعبة الرأس والجسد .
من يحمي من ؟
لم يتردد، قرر أن يحمي رأسه : فكر أن يثبته بخشيبات من قصب وصفار البيض . عدل عن ذلك ، مجرد ذكر البيض، يصيبه بالغثيان والرغبة في القيء؛ فالأحرى أن يضع جبيرة!؟ هراء، مجرد هراء . ضحك ضحكته الممطوطة، والتي سرعان ما تفش ، كأنما زغيبات لحيته، غدت دبابيسا تخترق شدقيه اللاحمين.
لقد أعياه التفكير، وأجهده اللاتوازن .
رغب في أن تسطو على جفنيه نومة، تزيح عنه هذه الكربة، وهذا الأرق . كلما حاول وضع رأسه على الوسادة، إلا وانزلقت. عاود الكرة بكلتا يديه؛ هذه المرة، نجح . ولكن، بقية جسده تترنح كذبيحة، نحرها جزار أعور، بمدية مفرومة .
أصبح دودة إذن، تنساب فوق سرير من حلفاء .
دودة، لا ينقصها إلا القز . تصور نفسه مسخا، أكثر من المخلوق الذي هو عليه الآن !! تابع انسيابه من على السرير إلى الأرض، لسعته البرودة ؛ فكر في التراجع ، لم يستطع كأنما جذبته، قوى خفية من أعماق سحيقة، تمغنط كل جسده ،إلا الرأس، بقيت تميل وتترنح ، تقوت حشرجته وآلمه رجع طنينها، وزادته حرقة وألما . لم يسترح، إلا عند سماع طلقات متتالية ومتقطعة كان مصدرها جهة معروفة من جسده، لو لم يكن يعرفها، لخالها طلقات مدفع عملاق . ولكنها هي ذات الأحناك، مجرد فلتات لا إرادية . لا بأس، كانت مجرد ضرطات، مجرد تحية من نصفه النجس إلى حمولته الزائدة ، لتكسير الصمت وتلطيف الأجواء . تلذذ الرائحة المنبعثة من أسفله واستطابها ، ذكرته بالشواء ! وصنان المرق البائت في طنجرة من نحاس مغشوش ! تذكر أمه الطباخة، كانت تضع قطع اللحم في تكة سروالها؛ وتذكر صهد المجامر .
تحرك صوب مرآة الدولاب، تمعن بانخطاف صورة وجهه الباهت ، غمزته دودة الدولاب لم يعبأ ، نفخ في الزجاج ومسحه بكمه ، انزاحت كتل الضباب المتربصة بالمرآة .. أراد أن يجازي الدودة الغمازة . أخرج لسانه، وشرع يلحس الزجاج البارد بعذوبة شهية. رفع يديه قليلا ، كأنما يستعد لتحليق مباغث؛ بدا عملية عد عكسية : 3-2-1-0.... وما انطلق. لكنه، ظل مسمرا في مكانه كتمثال تحرسه شياطين عنيدة. جس شيئه الجامد ، وكأنه زر مهم أغفله لحظة الانطلاق . تأكد أن كل شيء في مكانه وأن نصفه السفلي سليم ؛ الدودة، أيقظت شهوة الذئب الرابض في ذيله المنتصب . إذن هي الرأس المنفلتة التي يجب أن تصلح . خلل أو عطب ما، حدث. وهو عنه، ليس بغافل . لا تنقصه في هذه اللحظة، إلا بعض الأويلات الدقيقة لترميم ما فسد .
الوقت متأخر جدا، والألم يعكر صفو هدوء ليله ، ويعتصر دواخل أحشائه المجللة بحزن قوي .
لا أنيس سوى جرائد كتبت بلغات بدت له غريبة ، فليتسلى بالصور ويستعين بها في دغدغة وحشته القاتلة . بدا له ما في الصور مثيرا للحنق، كل من عليها سليم معافى ، رشيق جذاب ، متزن ومتناسق ! تشفي إذن ! أي هزء هذا ؟ . أراد أن يتسلى بالصور، فسخرت منه، ووسعت مسام الغيظ في غياهب جسده المسوى على عجل؛ طوح بالصور بعيدا، آلمته سخرية الجماد !.
داهمته رغبة في النهيق!.
حاول أن يبكي ، ولا دمعة . حاول اعتصار صدغيه، وإجحاظ مقلتيه، ولا دمعة !!!
بخار أصفر فقط، انطلق من منخريه، لتبتلعه الأجواء . انتبه فجأة إلى تكتكات الساعة الموضوعة في ركن دني من الغرفة ، تمعنها : ميناءها ، عقاربها ، أرقامها الشاحبة ، الدجاجة النقابة، والكتكوت الذي يلتقط الخواء البارد ؛ خطرت له فكرة بدت له مريحة . لم لا يقلدها ، وإن اقتضى الحال يقوقيء نيابة عنها، حتى يأذن الله بالصباح !!.
كأنما أفلت من بين فكي كماشة، أو كأنما قذفته آلة ضخمة على عجل، ودون أن يكتمل.
هو نفسه لا يفقه ما يحدث ، مجرد تركيب ممزوج متنافر ومنفر، قطعة من هناك وضلفة من هنا ( رأس ما ترك لرأس العجل أي شيء دقيق إلا وكان فيه).
عيناه جاحظتان كجرادة إفريقية، تقاوم في غنج فاضح، مبيدا فقد مفعوله منذ زمان .
الأنف حكايته ، و لا حكاية الصقر الذي أراد تقبيل النملة فاستنشقها
أذناه كرادارات لامعة ومنتصبة ، كأنها لمخلوق، لم يخرج من المختبر بعد ، أدنى دبيب ترصده وتخبئه إلى حين الاحتياج إليه؛ أما غاره الأدرد، فيشبه منطقة عبثت بها أيادي أركيولوجيين مبتدئين : غار، إن ضحك تحشرج وتمطط ، كبيت هواء كثرت رقعاته، وعمل فيه اللاصق فعلته .
هو، لا يعلم سببا لهذه الحمولة الزائدة؛ التي يتحملها جسده على مضض!! مقتنعا فقط، أن الكيلوغرامات مجرد بشارة لكرامة تنطق الساكت، وتفتت صخورا غير موجودة . فرح بها، ونشوان . أي فرح أن تنساب رجلاه وتنفرجا؟ وتنفلت رأسه كما اتفق؛ بوصلة لا ينقصها إلا المؤشر.
مؤشره ينطلق من الصفر، وإليه يعود، كأنما يرشف تكعيبته قبلا نشوى، أو كأنما يرنو إلى تحقق رعشة كبرى . والرأس دائما منذلقة، منفلتة .
الإنفلاتات التي لا تساعده على التركيز في أمر جسده المشروخ أزعجه ، يتذكر الخوذات الرومانية، والذروع الملتحمة بها.
لعبة الرأس والجسد .
من يحمي من ؟
لم يتردد، قرر أن يحمي رأسه : فكر أن يثبته بخشيبات من قصب وصفار البيض . عدل عن ذلك ، مجرد ذكر البيض، يصيبه بالغثيان والرغبة في القيء؛ فالأحرى أن يضع جبيرة!؟ هراء، مجرد هراء . ضحك ضحكته الممطوطة، والتي سرعان ما تفش ، كأنما زغيبات لحيته، غدت دبابيسا تخترق شدقيه اللاحمين.
لقد أعياه التفكير، وأجهده اللاتوازن .
رغب في أن تسطو على جفنيه نومة، تزيح عنه هذه الكربة، وهذا الأرق . كلما حاول وضع رأسه على الوسادة، إلا وانزلقت. عاود الكرة بكلتا يديه؛ هذه المرة، نجح . ولكن، بقية جسده تترنح كذبيحة، نحرها جزار أعور، بمدية مفرومة .
أصبح دودة إذن، تنساب فوق سرير من حلفاء .
دودة، لا ينقصها إلا القز . تصور نفسه مسخا، أكثر من المخلوق الذي هو عليه الآن !! تابع انسيابه من على السرير إلى الأرض، لسعته البرودة ؛ فكر في التراجع ، لم يستطع كأنما جذبته، قوى خفية من أعماق سحيقة، تمغنط كل جسده ،إلا الرأس، بقيت تميل وتترنح ، تقوت حشرجته وآلمه رجع طنينها، وزادته حرقة وألما . لم يسترح، إلا عند سماع طلقات متتالية ومتقطعة كان مصدرها جهة معروفة من جسده، لو لم يكن يعرفها، لخالها طلقات مدفع عملاق . ولكنها هي ذات الأحناك، مجرد فلتات لا إرادية . لا بأس، كانت مجرد ضرطات، مجرد تحية من نصفه النجس إلى حمولته الزائدة ، لتكسير الصمت وتلطيف الأجواء . تلذذ الرائحة المنبعثة من أسفله واستطابها ، ذكرته بالشواء ! وصنان المرق البائت في طنجرة من نحاس مغشوش ! تذكر أمه الطباخة، كانت تضع قطع اللحم في تكة سروالها؛ وتذكر صهد المجامر .
تحرك صوب مرآة الدولاب، تمعن بانخطاف صورة وجهه الباهت ، غمزته دودة الدولاب لم يعبأ ، نفخ في الزجاج ومسحه بكمه ، انزاحت كتل الضباب المتربصة بالمرآة .. أراد أن يجازي الدودة الغمازة . أخرج لسانه، وشرع يلحس الزجاج البارد بعذوبة شهية. رفع يديه قليلا ، كأنما يستعد لتحليق مباغث؛ بدا عملية عد عكسية : 3-2-1-0.... وما انطلق. لكنه، ظل مسمرا في مكانه كتمثال تحرسه شياطين عنيدة. جس شيئه الجامد ، وكأنه زر مهم أغفله لحظة الانطلاق . تأكد أن كل شيء في مكانه وأن نصفه السفلي سليم ؛ الدودة، أيقظت شهوة الذئب الرابض في ذيله المنتصب . إذن هي الرأس المنفلتة التي يجب أن تصلح . خلل أو عطب ما، حدث. وهو عنه، ليس بغافل . لا تنقصه في هذه اللحظة، إلا بعض الأويلات الدقيقة لترميم ما فسد .
الوقت متأخر جدا، والألم يعكر صفو هدوء ليله ، ويعتصر دواخل أحشائه المجللة بحزن قوي .
لا أنيس سوى جرائد كتبت بلغات بدت له غريبة ، فليتسلى بالصور ويستعين بها في دغدغة وحشته القاتلة . بدا له ما في الصور مثيرا للحنق، كل من عليها سليم معافى ، رشيق جذاب ، متزن ومتناسق ! تشفي إذن ! أي هزء هذا ؟ . أراد أن يتسلى بالصور، فسخرت منه، ووسعت مسام الغيظ في غياهب جسده المسوى على عجل؛ طوح بالصور بعيدا، آلمته سخرية الجماد !.
داهمته رغبة في النهيق!.
حاول أن يبكي ، ولا دمعة . حاول اعتصار صدغيه، وإجحاظ مقلتيه، ولا دمعة !!!
بخار أصفر فقط، انطلق من منخريه، لتبتلعه الأجواء . انتبه فجأة إلى تكتكات الساعة الموضوعة في ركن دني من الغرفة ، تمعنها : ميناءها ، عقاربها ، أرقامها الشاحبة ، الدجاجة النقابة، والكتكوت الذي يلتقط الخواء البارد ؛ خطرت له فكرة بدت له مريحة . لم لا يقلدها ، وإن اقتضى الحال يقوقيء نيابة عنها، حتى يأذن الله بالصباح !!.