انا عندما اخذت انفاسي , قررت الغرق، لم تكن الشمس قد غربت بعد، كانت تحول بيني و بين السماء وسمعت صوت بعيدا يقول لي إيلي ، لا تغرق نحن هنا بجانبك ، و لكني لم اتعرف على مصدر الصوت ، ووجدت يدا تختفي من وسط الماء ، و بعد فترة من الوقت استيقظت على الشاطئ و انا مغطى بالرمال البيضاء و أبنائي دافيد و جاكوب يلعبون بجانبي ، اما عن ميلينيا زوجتي فقد كانت تقرا كعادتها على البحر ، كان لدينا بيت جميل في بورسعيد قد ورثناه عن ذكي به والد ميلينا ، مكون من طابقين و حديقة كبيرة بها أنواع نادرة من الورود و النباتات ، اما ميلينا فقد ملأت المنزل بلوحاتها المفعمة بالألوان المبهجة.
اسمى موسي من مواليد الإسكندرية 1912، تعرفت علي ميلينيا في مرسم محمد باشا، لفتت نظري لألوانها و فساتنيها ، و كنت حينها ابحث عن العمل بعد رجوعي من بعثة فرنسا، وكعادة المصريين كنا منبهرين بتحرر النساء في أوروبا ، فرسمت صورة في مخيلتي عن الفتاة التي اريد ان ارتبط بها ، و تجسدت تلك الاحلام في صورة ميلينيا " الهة الحب" بالنسبة لي.
وبعد ان علمت انها على نفس ديانتي زادني الاشتياق في مصارحتها بإعجابي الشديد بها، و كان اول ميعاد لنا مع اول فيلم في سينما للست ام كلثوم " وداد" اكتشفنا شغفنا بالست معا ، و من حينها و نحن لا نفوت حفلة للست إلا و نكون معا.
تزوجنا بعد ذلك بسنتين 1939 ، و كانت هنا نقطة الفصل و بداية جديدة لخريف مظلم اقتحم حياتي " حلم ارض الميعاد" الذي لم اكن اعرفه، او لم يكن حلمي ، فقد بعدت عن إسكندرية ما يقرب من خمس سنوات و كانت هي ارض الميعاد لي حيث انا و البحر.
اما ما اكتشفته بعد ذلك فكان كابوسا، كانت الهة العشق تلعب بي، عشتار في ثوبها الجديد او ربما الملكة حتشبسوت في جبروتها.
ميلينا كانت الجزء الحلو و الشيطان في نفس الوقت، لم تصارحني ابدا عن احلامها في الهجرة الي الوطن الجديد.
حولت اقناعي كثيرا في العمل معها و مع اخيها جون في تهريب الأموال خارج مصر، خوفا من ان يوم نطرد جميعا و لكني كنت مقتنعا اننا سوف نطرد لغدرنا العشرة و الحب مع وطن لم نعرف فيه معني الدين.
كنت اذهب الى المعبد كثيرا اتكلم مع إسحاق صديقي فقد كان مستمعا جيدا لي ، و لكني بالطبع لم اعترف له عن ميلنينا ، و لكن ذلك كان يزيد الجرح بداخلي اكثر ، و لكن لم استطع فعل شيء ، فانا في اول و الاخر يهودي من اسرة متدينة و عريقة.
****
كان اونو، انليل، اشور مجرد لعبة في يد الهة الحب و الجمال عشتار، كما قالت الأسطورة القديمة ، ان عشتار كانت فائقة الجمال و بحكمتها استطاعت ان تكون العشيقة لكل هؤلاء الآلهة و بذلك كانت تتحكم بمصائر البشر .
و لذلك اعتقدت ان عشتار قد ولدت من جديد في هيئة ملينيا فما كان منها غير ان ترمي لي الطعم المسحوب بالجمال فاقع في غرامها.
*********
انا ايلي جاكوب ايلي أعيش في يافا مع عائلتي و التي ترأسها جدتي ملينيا، ام عن ابي جاكوب فانا اراه دائما لا فائدة منه ، فقد كان مجندا أيام الحرب ، اما الان فهو لا يفعل شيء.
عمي دافيد مات وهو صغير ، ودفن في مصر قبل الهجرة.
اتساءل دائما كيف ان تكون جدتي قد عاشت حياة كاملة بالإسكندرية و تتركها لتجيء لهذا البلد .
اما عن جدي فلم اره ، غير الصور التي تعلقها جدتي على الحائط, علمت و انا صغير انه ترك البيت و لم يعد حتى الان , لا نعلم اين هو، او اذا كان حيا او ميتا .
ووجدتني جدتي و انا جالس شارد الذهن
- في ماذا تفكر ايلي؟
- لا شئ
- مازالت هذه الأوهام بداخلك
[SIZE=6]- هذه ليست أوهام يا ملينيا وانت تعلمين ذلك جيدا.[/SIZE]
ساد الصمت لبرهة بيننا
- سوف اذهب لأشرب كوبا من القهوة هل تريد واحدا معي؟
لم اجب عليها ولوحت بيدي في الهواء.. فذهبت بعيدا.
كم أكرهها وهي تمثل انها لا تعلم الحقيقة.
الحقيقة التي اريد ان اتوصل اليها.
لم يكن اشو يستطيع ان يعترض على عشتار و لذلك مرت الأيام علي في مناجه مع "يهوه"، تظاهرت بالاقتناع امام ميلينا و جون.
فقد تستر الخوف على جاكوب و دافيد بداخلي، علمت اننا حتما سوف نطرد خارج الإسكندرية بلا رجعه . كان حبي لميلينيا و شغفها في الهجرة و الوطن الجديد قد اعطوني مسكنا لامل في حياة جديدة بعد ان اشتدت علينا الحياة في مصر.
لم اكن في مخيلتي ان ابعد عن البحر و صوت الست.
اعذرني " يهوه" لم استطع ان ارفض.
لم يكن الموضوع هين علي فقد مرض دافيد ، مرض غريب قبل مغادرتنا للإسكندرية بأسبوع .
مما استدعى ان نؤجل رحلتنا و بعدها بأيام مات دافيد و دفناه مع جده، و لم يمنع ذلك ميلينيا من اقناعي اكثر بالهجرة حتى نوفر لجاكوب مستقبلا احسن.
بالطبع كالمعتاد أظهرت اقتناعي التام لحبي لها الشديد.
وغادرنا الإسكندرية
*********
مجددا انا ايلي جاكوب موسى ابلغ من العمر 25 سنة ابحث عن جدي ايلي و انا مقتنع انه غادرنا ليعيش في الماضي.
تم تجنيدي في الجيش و انا في الواحدة و العشرين ، لم اكن افهم شبئا بعد فقد تربيت على يد جدتي و التي تمثل واحدة من أبناء إسرائيل المخلصين ، كنت في الماضي انظر اليها بكل فخر و أقول اني اريد ان أصبح مثلها، اما عن هانا امي لم تكن سوى السيدة المزعجة زوجة الرجل الذي لا فائدة منه.
دائما ما تقول ميلينيا اني اشبه جدي و اخي دافيد و عندما يسمعها ابي يقول انها كانت تحبه اكثر منه ، و يصرخ في وجهها و يتركنا و يذهب.
اما عن آنا اختي الكبرى قد سافرت منذ 4 سنوات لاستكمال دراستها في أمريكا و قد ساعدها نفوذ جدتي و جون في الحكومة’ لعدم التحاقها بالجيش.
فقد عشت طفولة بطلة حكايتها الهة الحب و الجمال.
كان يروقني فيما مضي اسمي إيلي على أساس انه تسميته علي اسم جدي الغائب
و لكني عرفت بعد ذلك انه كان اسمه موسى و عندما سافر الي إسرائيل اسموه إيلي.
********
الامل في المسكن و الحياة الكريمة ذهب مع اول خطوة داخل الأرض الجديدة , عندما علمت بعد ذلك اننا سوف نسكن للفترة في المخيمات.
هنا صحت في وجه ميلينا و جون
- اهذا ما تركت الإسكندرية من اجله
- موسى هذه فترة و سوف تمر سريعا
- من قال لكم اني اريد ان ابني أي شيء , جعلتموني اترك كل الذكريات خلفي.
كنت كأني كاتم بركان من الغضب و الحقد.
مرت الخمس شهور و كأنها سنين علي ، حتى جاء جون في يوم و قال اننا سوف ننتقل الي تل ابيب لنسكن هناك .
انتقلنا الي هناك و اوجدوا لي عملا جيدا ، و دخل جاكوب مدرسة قريبة من المنزل و لكن هناك شيء ما يأرقني بخصوص ميلينيا.
لا اعرف اذا كان حبي لها تغير ، ام انها أصبحت واحدة أخرى اعرفها .
بالطبع حاز جون على مركز مهم في الحكومة و ذلك تقديرا لمساعدته و ايمانه الكبير في بناء وطن لليهود موحد.
اما عن زوجتي فقد أصبحت بطلة و رمزا للمجهود الكبير للمجتمع اليهودي و تستطيع ان تحرك الجمهور لما هو في صالح الوطن الجديد و الحلم.
اصبح لا يهمها لا انا و لا جاكوب .
استيقظت في يوم على انباء الحرب الثلاثية علي مصر، اعتراني الذعر بداخلي لدي إحساس قوي اني أصبحت جزءا في ذلك
قالت ميلينيا
- يجب ان تنسى الماضي
و تحلم بارضنا الجديدة ، حلمنا الذي نبنيه
- كيف لي أن افرح و نحن نبني ذلك الوطن بالدم
- أي دم يا ايلي هذه ارضنا و تاريخنا هنا
- لست ايلي و انا موسى و هذه ليست ارضي
دخلت غرفتي لملمت اشيائي و تركت البيت و انا لا اعلم اين ذهب
***************
كنت اعلم ان نفرتيتي لم يكن احد في جمالها و اناقتها و قد وقع امنحوتب الرابع في حبها و انجب منها ست بنات ، و لكنها فجأة اختفت من الصورة و أصبحت ابنتها الكبرى ميريت اتون في مكانها بجانب اخناتون ذلك المهرطق العظيم .
السؤال هنا اين اختفت نفرتيتي؟؟؟
...........................................
اعرف اني ابحث في لاشيء
ابحث عن معرفة اختفت منذ زمن بعيد ، اشعر اني تائه في بحر كبير متمسك بجذع شجرة لا يحيمني من هول الامواج.
اري الدنيا حائرة فيما يفعل الجميع بها ، لكني لم اكن اعلم اني انا هو ذلك الرجل الذي يريد و يرفض في نفس الوقت
اكلايشهات من احلام بائتة عن ايام اليهود في الناصرية و يهودية و سيناء.
اكرر قراءة التاريخ كل يوم لا اجد مخرج و لا حل
- هل حقا يوجد تاريخ !!!!
……………………………………………………….
ميلينا:
كنت انا من صمم علي الرحيل و لكن الحقيقة قلبي لايزال هناك بجانب شادية صديقة العمر التى تركتها رغما عني عندما اقنعني اخي جون بالعمل معه و محاولة جعل موسى زوجي معانا.
كنت اعرف ان موسى لم يقتنع يوما باي شيء و لكني رايت الانهزام في عينه بعد موت دايفيد حبيبي الذي خطف قلبي معه و من حينها لم اعد اشعر بشئ.
اعرف جيدا اني نجحت في اخفاء كل مشاعري بداخلي لم اكن اريد ان اظهر بدور الضحية و الضعيفة امام اخي جون اولا و موسى ثانيا و لذلك وافقت على الهجرة كنت انا ايضا لدي امل
كنت شعر بوميض النور بداخلي يجري في عروقي ، يتحسس جلدي ويهاب الانفجار ، خائف من الخروج , لعله يتذكر ان بداخلى جروحي عليه شفاءها اولا .. ينهال علي بالضرب الشديد فيترنح جسمي من الخارج كالسكران و لكنه يترنح من الالم .... فابتسم لعل النور. يبعث الروح من الجديد .
عندما قررت ان اغير الواقع و نسافر الي اسرائيل كان قلبي ينزف دما , كان على تحمل الالم الشديد داخلي . و زاد الالم عندما بدا موسي بالابتعاد عني .
اعلم كم الحب بداخل موسي لي و لم اقتنع يوما انه تركني كل هذه السنين بلا عودة و اقنعت نفسي انه ذهب في رحلة طويلة و سوف يرجع و رسمت حياتي كلها على ذلك.
عندما ولد ايلي ابن جاكوب , اندهشت من مدي تقاربه في الشبه لموسى , كم كنت اتمني وجوده في هذه اللحظة .
لقد تخيلت من قبل انه يحارب في الحرب ضد إسارئيل، كم كان حلم و امل لي و اصبح زائفا .
احاول ان اتحلى بالهدوء و لكني لم عد استطيع التحمل اكثر من ذلك .
علي مراجعة الماضي .
.................................................................................................................
سمع ايلي الصغير نحيب جدته صغيرا و لكنه كان يملؤه الشك من اتجاه تلك المرأة الغريبة التي كانت يوما ما قدوته حتى بدا يكشف الحقيقية و لكن اي حقيقة الوهم الذي تعيشه ام الواقع الذي تخفيه .
.................................
كان من الغريب ان تطلب ميلينيا ان تدفن في مصر في مقابر العائلة لطلاما كانت شخصية معروفة في المجتمع الاسرائيلي
كانت تريد ان تكون اخيرا بجانب ديفيد و موسي !!!!
*********
ايلي الصغير اندهش عندما فتح مذكرات ميلينا بعد ان اوصت ايضا ان يعطيها له جاكوب بعدو وفاتها.
ادرك ايلي ان ميلينيا ذكي لن تكن حبا يوما لاحد كما احبت موسى و ان كل القصص كانت تؤلفها ، ففي صفحة رقم 450 من مذكراتها التي بدات كتابتها منذ قدومها الي المستوطنات تقول: لقد علمت كل شئ منذ قدومي فقد اخذوني الي مكتب انا و جون و تم حبسنا فيه لما يقرب من 5 ساعات ، لم نكن نعلم اين نحن بعد و ماذا فعلوا بموسى و جاكوب ، فقد وضعونا على جهاز حديث لكشف الكذب ... كان كل تركيزي علي جاكوب و خوفا عليهم .
الرعب قد انهكني عندما دخل علينا رجل يلبس لبس عسكري و قال انهم بخير و قد ادخلوهم لمستوطنة قريبة و اننا سوف نذهب اليهم.
و بعد الانتهاء من تعليمات قد تلقينها هناك انا و جون , كان علي الحفاظ علي اسرتي فتركت ورقة لموسى يوما في البريد تخبره ان عليه الذهاب من هنا و تركنا و اني سوف احافظ علي جاكوب مع حبي للابد ميلينا.
و لكنه رفض فصممت علي ما انا عليه من تلك التمثيلية الهزلية التي اخذت عمري كله.
و ذهبنا معا بعد ذلك الي تل ابيب و حاولت بكل الطرق ان اجعله يكرهني و لم استطع ، كان الحب هو لغة العيون بيننا لم استطع الكذب عليه و بعد عام من انتقالنا من المستوطنات بوحت له بالحقيقة كانوا يريدون قتله فقد كشف انه كان يساعد الثوار في فلسطين .
الخوف ملأ قلبي عليه اقنعته بان يهرب بعيدا و لكنه قرر ان يرجع الي اسكندرية و ساعده جون في ذلك .
لم اره من حينها و لكني لم اكف يوما عن حبه و كرهت نفسي كثيرا لبعدي عنه.
و عندما مات وحيدا هناك و عرفت انه اوصى ان يدفن بجانب دافيد لم يتحمل قلبي و سقطت و تهشم ما بقى لي من امل في رؤيته مجددأ.
لن استطيع الكتابة مجددا يا ايلي فبعد رحيل موسى لم يعد هناك نفس بداخلي لاعيش و قد اوصيت ان لا احد يعرف الحقيقة غيرك .
لقد كنت دوما تبحث عنها .
حبي لك للابد جدتك ميلينيا ذكي .
.............................................................
انا ايلي جاكوب اعيش مع عائلتي الصغيرة في فرنسا و احلم دوما ان تتاح لي الفرصة بزيارة مصر و ذهاب الي قبر ميلينا و موسى حتي اكتب عليه قصتهم . و بدلا عن ذلك وقفت امام القبر ابكي و نثرت الورود حولها و كتبت عليه " مع حبي للابد ايلي الصغير ".
**********
اسمى موسي من مواليد الإسكندرية 1912، تعرفت علي ميلينيا في مرسم محمد باشا، لفتت نظري لألوانها و فساتنيها ، و كنت حينها ابحث عن العمل بعد رجوعي من بعثة فرنسا، وكعادة المصريين كنا منبهرين بتحرر النساء في أوروبا ، فرسمت صورة في مخيلتي عن الفتاة التي اريد ان ارتبط بها ، و تجسدت تلك الاحلام في صورة ميلينيا " الهة الحب" بالنسبة لي.
وبعد ان علمت انها على نفس ديانتي زادني الاشتياق في مصارحتها بإعجابي الشديد بها، و كان اول ميعاد لنا مع اول فيلم في سينما للست ام كلثوم " وداد" اكتشفنا شغفنا بالست معا ، و من حينها و نحن لا نفوت حفلة للست إلا و نكون معا.
تزوجنا بعد ذلك بسنتين 1939 ، و كانت هنا نقطة الفصل و بداية جديدة لخريف مظلم اقتحم حياتي " حلم ارض الميعاد" الذي لم اكن اعرفه، او لم يكن حلمي ، فقد بعدت عن إسكندرية ما يقرب من خمس سنوات و كانت هي ارض الميعاد لي حيث انا و البحر.
اما ما اكتشفته بعد ذلك فكان كابوسا، كانت الهة العشق تلعب بي، عشتار في ثوبها الجديد او ربما الملكة حتشبسوت في جبروتها.
ميلينا كانت الجزء الحلو و الشيطان في نفس الوقت، لم تصارحني ابدا عن احلامها في الهجرة الي الوطن الجديد.
حولت اقناعي كثيرا في العمل معها و مع اخيها جون في تهريب الأموال خارج مصر، خوفا من ان يوم نطرد جميعا و لكني كنت مقتنعا اننا سوف نطرد لغدرنا العشرة و الحب مع وطن لم نعرف فيه معني الدين.
كنت اذهب الى المعبد كثيرا اتكلم مع إسحاق صديقي فقد كان مستمعا جيدا لي ، و لكني بالطبع لم اعترف له عن ميلنينا ، و لكن ذلك كان يزيد الجرح بداخلي اكثر ، و لكن لم استطع فعل شيء ، فانا في اول و الاخر يهودي من اسرة متدينة و عريقة.
****
كان اونو، انليل، اشور مجرد لعبة في يد الهة الحب و الجمال عشتار، كما قالت الأسطورة القديمة ، ان عشتار كانت فائقة الجمال و بحكمتها استطاعت ان تكون العشيقة لكل هؤلاء الآلهة و بذلك كانت تتحكم بمصائر البشر .
و لذلك اعتقدت ان عشتار قد ولدت من جديد في هيئة ملينيا فما كان منها غير ان ترمي لي الطعم المسحوب بالجمال فاقع في غرامها.
*********
انا ايلي جاكوب ايلي أعيش في يافا مع عائلتي و التي ترأسها جدتي ملينيا، ام عن ابي جاكوب فانا اراه دائما لا فائدة منه ، فقد كان مجندا أيام الحرب ، اما الان فهو لا يفعل شيء.
عمي دافيد مات وهو صغير ، ودفن في مصر قبل الهجرة.
اتساءل دائما كيف ان تكون جدتي قد عاشت حياة كاملة بالإسكندرية و تتركها لتجيء لهذا البلد .
اما عن جدي فلم اره ، غير الصور التي تعلقها جدتي على الحائط, علمت و انا صغير انه ترك البيت و لم يعد حتى الان , لا نعلم اين هو، او اذا كان حيا او ميتا .
ووجدتني جدتي و انا جالس شارد الذهن
- في ماذا تفكر ايلي؟
- لا شئ
- مازالت هذه الأوهام بداخلك
[SIZE=6]- هذه ليست أوهام يا ملينيا وانت تعلمين ذلك جيدا.[/SIZE]
ساد الصمت لبرهة بيننا
- سوف اذهب لأشرب كوبا من القهوة هل تريد واحدا معي؟
لم اجب عليها ولوحت بيدي في الهواء.. فذهبت بعيدا.
كم أكرهها وهي تمثل انها لا تعلم الحقيقة.
الحقيقة التي اريد ان اتوصل اليها.
لم يكن اشو يستطيع ان يعترض على عشتار و لذلك مرت الأيام علي في مناجه مع "يهوه"، تظاهرت بالاقتناع امام ميلينا و جون.
فقد تستر الخوف على جاكوب و دافيد بداخلي، علمت اننا حتما سوف نطرد خارج الإسكندرية بلا رجعه . كان حبي لميلينيا و شغفها في الهجرة و الوطن الجديد قد اعطوني مسكنا لامل في حياة جديدة بعد ان اشتدت علينا الحياة في مصر.
لم اكن في مخيلتي ان ابعد عن البحر و صوت الست.
اعذرني " يهوه" لم استطع ان ارفض.
لم يكن الموضوع هين علي فقد مرض دافيد ، مرض غريب قبل مغادرتنا للإسكندرية بأسبوع .
مما استدعى ان نؤجل رحلتنا و بعدها بأيام مات دافيد و دفناه مع جده، و لم يمنع ذلك ميلينيا من اقناعي اكثر بالهجرة حتى نوفر لجاكوب مستقبلا احسن.
بالطبع كالمعتاد أظهرت اقتناعي التام لحبي لها الشديد.
وغادرنا الإسكندرية
*********
مجددا انا ايلي جاكوب موسى ابلغ من العمر 25 سنة ابحث عن جدي ايلي و انا مقتنع انه غادرنا ليعيش في الماضي.
تم تجنيدي في الجيش و انا في الواحدة و العشرين ، لم اكن افهم شبئا بعد فقد تربيت على يد جدتي و التي تمثل واحدة من أبناء إسرائيل المخلصين ، كنت في الماضي انظر اليها بكل فخر و أقول اني اريد ان أصبح مثلها، اما عن هانا امي لم تكن سوى السيدة المزعجة زوجة الرجل الذي لا فائدة منه.
دائما ما تقول ميلينيا اني اشبه جدي و اخي دافيد و عندما يسمعها ابي يقول انها كانت تحبه اكثر منه ، و يصرخ في وجهها و يتركنا و يذهب.
اما عن آنا اختي الكبرى قد سافرت منذ 4 سنوات لاستكمال دراستها في أمريكا و قد ساعدها نفوذ جدتي و جون في الحكومة’ لعدم التحاقها بالجيش.
فقد عشت طفولة بطلة حكايتها الهة الحب و الجمال.
كان يروقني فيما مضي اسمي إيلي على أساس انه تسميته علي اسم جدي الغائب
و لكني عرفت بعد ذلك انه كان اسمه موسى و عندما سافر الي إسرائيل اسموه إيلي.
********
الامل في المسكن و الحياة الكريمة ذهب مع اول خطوة داخل الأرض الجديدة , عندما علمت بعد ذلك اننا سوف نسكن للفترة في المخيمات.
هنا صحت في وجه ميلينا و جون
- اهذا ما تركت الإسكندرية من اجله
- موسى هذه فترة و سوف تمر سريعا
- من قال لكم اني اريد ان ابني أي شيء , جعلتموني اترك كل الذكريات خلفي.
كنت كأني كاتم بركان من الغضب و الحقد.
مرت الخمس شهور و كأنها سنين علي ، حتى جاء جون في يوم و قال اننا سوف ننتقل الي تل ابيب لنسكن هناك .
انتقلنا الي هناك و اوجدوا لي عملا جيدا ، و دخل جاكوب مدرسة قريبة من المنزل و لكن هناك شيء ما يأرقني بخصوص ميلينيا.
لا اعرف اذا كان حبي لها تغير ، ام انها أصبحت واحدة أخرى اعرفها .
بالطبع حاز جون على مركز مهم في الحكومة و ذلك تقديرا لمساعدته و ايمانه الكبير في بناء وطن لليهود موحد.
اما عن زوجتي فقد أصبحت بطلة و رمزا للمجهود الكبير للمجتمع اليهودي و تستطيع ان تحرك الجمهور لما هو في صالح الوطن الجديد و الحلم.
اصبح لا يهمها لا انا و لا جاكوب .
استيقظت في يوم على انباء الحرب الثلاثية علي مصر، اعتراني الذعر بداخلي لدي إحساس قوي اني أصبحت جزءا في ذلك
قالت ميلينيا
- يجب ان تنسى الماضي
و تحلم بارضنا الجديدة ، حلمنا الذي نبنيه
- كيف لي أن افرح و نحن نبني ذلك الوطن بالدم
- أي دم يا ايلي هذه ارضنا و تاريخنا هنا
- لست ايلي و انا موسى و هذه ليست ارضي
دخلت غرفتي لملمت اشيائي و تركت البيت و انا لا اعلم اين ذهب
***************
كنت اعلم ان نفرتيتي لم يكن احد في جمالها و اناقتها و قد وقع امنحوتب الرابع في حبها و انجب منها ست بنات ، و لكنها فجأة اختفت من الصورة و أصبحت ابنتها الكبرى ميريت اتون في مكانها بجانب اخناتون ذلك المهرطق العظيم .
السؤال هنا اين اختفت نفرتيتي؟؟؟
...........................................
اعرف اني ابحث في لاشيء
ابحث عن معرفة اختفت منذ زمن بعيد ، اشعر اني تائه في بحر كبير متمسك بجذع شجرة لا يحيمني من هول الامواج.
اري الدنيا حائرة فيما يفعل الجميع بها ، لكني لم اكن اعلم اني انا هو ذلك الرجل الذي يريد و يرفض في نفس الوقت
اكلايشهات من احلام بائتة عن ايام اليهود في الناصرية و يهودية و سيناء.
اكرر قراءة التاريخ كل يوم لا اجد مخرج و لا حل
- هل حقا يوجد تاريخ !!!!
……………………………………………………….
ميلينا:
كنت انا من صمم علي الرحيل و لكن الحقيقة قلبي لايزال هناك بجانب شادية صديقة العمر التى تركتها رغما عني عندما اقنعني اخي جون بالعمل معه و محاولة جعل موسى زوجي معانا.
كنت اعرف ان موسى لم يقتنع يوما باي شيء و لكني رايت الانهزام في عينه بعد موت دايفيد حبيبي الذي خطف قلبي معه و من حينها لم اعد اشعر بشئ.
اعرف جيدا اني نجحت في اخفاء كل مشاعري بداخلي لم اكن اريد ان اظهر بدور الضحية و الضعيفة امام اخي جون اولا و موسى ثانيا و لذلك وافقت على الهجرة كنت انا ايضا لدي امل
كنت شعر بوميض النور بداخلي يجري في عروقي ، يتحسس جلدي ويهاب الانفجار ، خائف من الخروج , لعله يتذكر ان بداخلى جروحي عليه شفاءها اولا .. ينهال علي بالضرب الشديد فيترنح جسمي من الخارج كالسكران و لكنه يترنح من الالم .... فابتسم لعل النور. يبعث الروح من الجديد .
عندما قررت ان اغير الواقع و نسافر الي اسرائيل كان قلبي ينزف دما , كان على تحمل الالم الشديد داخلي . و زاد الالم عندما بدا موسي بالابتعاد عني .
اعلم كم الحب بداخل موسي لي و لم اقتنع يوما انه تركني كل هذه السنين بلا عودة و اقنعت نفسي انه ذهب في رحلة طويلة و سوف يرجع و رسمت حياتي كلها على ذلك.
عندما ولد ايلي ابن جاكوب , اندهشت من مدي تقاربه في الشبه لموسى , كم كنت اتمني وجوده في هذه اللحظة .
لقد تخيلت من قبل انه يحارب في الحرب ضد إسارئيل، كم كان حلم و امل لي و اصبح زائفا .
احاول ان اتحلى بالهدوء و لكني لم عد استطيع التحمل اكثر من ذلك .
علي مراجعة الماضي .
.................................................................................................................
سمع ايلي الصغير نحيب جدته صغيرا و لكنه كان يملؤه الشك من اتجاه تلك المرأة الغريبة التي كانت يوما ما قدوته حتى بدا يكشف الحقيقية و لكن اي حقيقة الوهم الذي تعيشه ام الواقع الذي تخفيه .
.................................
كان من الغريب ان تطلب ميلينيا ان تدفن في مصر في مقابر العائلة لطلاما كانت شخصية معروفة في المجتمع الاسرائيلي
كانت تريد ان تكون اخيرا بجانب ديفيد و موسي !!!!
*********
ايلي الصغير اندهش عندما فتح مذكرات ميلينا بعد ان اوصت ايضا ان يعطيها له جاكوب بعدو وفاتها.
ادرك ايلي ان ميلينيا ذكي لن تكن حبا يوما لاحد كما احبت موسى و ان كل القصص كانت تؤلفها ، ففي صفحة رقم 450 من مذكراتها التي بدات كتابتها منذ قدومها الي المستوطنات تقول: لقد علمت كل شئ منذ قدومي فقد اخذوني الي مكتب انا و جون و تم حبسنا فيه لما يقرب من 5 ساعات ، لم نكن نعلم اين نحن بعد و ماذا فعلوا بموسى و جاكوب ، فقد وضعونا على جهاز حديث لكشف الكذب ... كان كل تركيزي علي جاكوب و خوفا عليهم .
الرعب قد انهكني عندما دخل علينا رجل يلبس لبس عسكري و قال انهم بخير و قد ادخلوهم لمستوطنة قريبة و اننا سوف نذهب اليهم.
و بعد الانتهاء من تعليمات قد تلقينها هناك انا و جون , كان علي الحفاظ علي اسرتي فتركت ورقة لموسى يوما في البريد تخبره ان عليه الذهاب من هنا و تركنا و اني سوف احافظ علي جاكوب مع حبي للابد ميلينا.
و لكنه رفض فصممت علي ما انا عليه من تلك التمثيلية الهزلية التي اخذت عمري كله.
و ذهبنا معا بعد ذلك الي تل ابيب و حاولت بكل الطرق ان اجعله يكرهني و لم استطع ، كان الحب هو لغة العيون بيننا لم استطع الكذب عليه و بعد عام من انتقالنا من المستوطنات بوحت له بالحقيقة كانوا يريدون قتله فقد كشف انه كان يساعد الثوار في فلسطين .
الخوف ملأ قلبي عليه اقنعته بان يهرب بعيدا و لكنه قرر ان يرجع الي اسكندرية و ساعده جون في ذلك .
لم اره من حينها و لكني لم اكف يوما عن حبه و كرهت نفسي كثيرا لبعدي عنه.
و عندما مات وحيدا هناك و عرفت انه اوصى ان يدفن بجانب دافيد لم يتحمل قلبي و سقطت و تهشم ما بقى لي من امل في رؤيته مجددأ.
لن استطيع الكتابة مجددا يا ايلي فبعد رحيل موسى لم يعد هناك نفس بداخلي لاعيش و قد اوصيت ان لا احد يعرف الحقيقة غيرك .
لقد كنت دوما تبحث عنها .
حبي لك للابد جدتك ميلينيا ذكي .
.............................................................
انا ايلي جاكوب اعيش مع عائلتي الصغيرة في فرنسا و احلم دوما ان تتاح لي الفرصة بزيارة مصر و ذهاب الي قبر ميلينا و موسى حتي اكتب عليه قصتهم . و بدلا عن ذلك وقفت امام القبر ابكي و نثرت الورود حولها و كتبت عليه " مع حبي للابد ايلي الصغير ".
**********