أحب كُرة القدم، ولكنني لا أتخذ من أيقونتها وثناً للعبادة يجعلني أنحدر برأسي لأفكر برِجْلي، التي قد يمضي تفكيرها أبعد من الكرة إلى الناس رَكْلا، فينقلب اللعب إلى ندم..!
أحب كُرة القدم ولكنني أكره أن لا أجد مكاناً في مقهاي الأثيرة، التي أجد في ركنها القصي نفسي؛ فأعجب للسِّحر الذي تبُثُّه هذه الكُرة المنفوخة ببعض الهواء، في أنفُس جماهير بعرض البحر، حتى لتغدو المقهى ملْعَباً آخر ولكن بعشب أسود ليس سوى خصلات رؤوس يجُزُّها الحَلاّق..!
من ينكر على الكُرة سحرها الذي لا يحتاج لرُقْيةٍ أو حجاب، وهي الإيديولوجيا الوحيدة التي تستطيع أن تشل بلداً وتسجن الأفراد طواعية في الكراسي ولو كانت مخصصة للإعدام، دونما أي تدخُّل عسكري..!
أُحبُّ كُرة القدم، ولكن يؤلمني أن تُحاكيها الرؤوس ليس فقط في استدارتها، بل حتّى في طبيعتها التي لا تعرف سوى الطُّفُو في كل السطوح ماءً كانت أو برّاً وجوّاً، دون أن ننسى سطح الرؤوس التي مهما كانت صمَّاء كالحجارة وسدَّدت في الشِّباك إصابة، فإن إصابتها في ما تحمله من أفكار رعناء وطائشة، تبقى بليغة بجراح وكسور التَّخلُّف التي تُصيبنا جميعاً؛ أليس يوم تَلْعبُ الكُرة بالعقول، نخسر أَمْنَنا الإنساني في الشوارع، فلا نعرف إلا الرَّكْض مع الراكضين بقوائم لا ينقصها إلا صفائح نضبط إيقاعها ببعض الصهيل ما لم يختلط مع الخيل بَغْلٌ، لتكتمل في حظيرة هذه الثقافة التي لا أعرف من نفخ هواءها في الناس حتى طارت بالعقول، سلوكا بَهيميّاً لم تعرف الإنسانية منذ أزل التاريخ، مثيلا لِعُنْفِه في أعتى الألعاب أولمبياداً..!
أحب كرة القدم حين تُراوغني من مسافة الفُرجة، بحركات فنية ذكية يُوَقِّعُها اللاعب مثلما يوقع كاتب بضربة قلم على ورقة بيضاء، فكرة لا تخطُر على خيال، تهزني من مكاني وأنا لا أبرح مكاني، دون أن تَمَسَّني بجنون تنقل هيسْترياه لغيري، الذي لا ينطق إلا بعبارات يُسَمِّمُ نَابُها أذني، أو ينبري بعد أن أفقدته الكُرة الوعي بطيش يقذفني بيد من هنا ورِجْلٍ من هناك كما لو قَصَفَتْهُ مِدْفعيةٌ، مما يجعلني أعيد التفكير باستعمال الطباشير، في حدود حُرِّيتي، وأراجع ما تبقّى صحيحاً في جسدي حتى لا أعود للبيت ناقصاً من أحد الأطراف..!
أُحبُّ كرة القدم، ولكنَّني أرفض أن ينحدر رأسي ليصنع دِماغاً آخر في قدمي، التي لن تنطق في أحسن التفكير رَكْلاً إلا بذلك الأنكر الذي لا نحتاج إلى فقهاء في الفيفا كي نُفسِّرهُ نهيقاً..!
* افتتاحية ملحق "العلم الثقافي" ليومه الخميس 21 ماي 2015)
أحب كُرة القدم ولكنني أكره أن لا أجد مكاناً في مقهاي الأثيرة، التي أجد في ركنها القصي نفسي؛ فأعجب للسِّحر الذي تبُثُّه هذه الكُرة المنفوخة ببعض الهواء، في أنفُس جماهير بعرض البحر، حتى لتغدو المقهى ملْعَباً آخر ولكن بعشب أسود ليس سوى خصلات رؤوس يجُزُّها الحَلاّق..!
من ينكر على الكُرة سحرها الذي لا يحتاج لرُقْيةٍ أو حجاب، وهي الإيديولوجيا الوحيدة التي تستطيع أن تشل بلداً وتسجن الأفراد طواعية في الكراسي ولو كانت مخصصة للإعدام، دونما أي تدخُّل عسكري..!
أُحبُّ كُرة القدم، ولكن يؤلمني أن تُحاكيها الرؤوس ليس فقط في استدارتها، بل حتّى في طبيعتها التي لا تعرف سوى الطُّفُو في كل السطوح ماءً كانت أو برّاً وجوّاً، دون أن ننسى سطح الرؤوس التي مهما كانت صمَّاء كالحجارة وسدَّدت في الشِّباك إصابة، فإن إصابتها في ما تحمله من أفكار رعناء وطائشة، تبقى بليغة بجراح وكسور التَّخلُّف التي تُصيبنا جميعاً؛ أليس يوم تَلْعبُ الكُرة بالعقول، نخسر أَمْنَنا الإنساني في الشوارع، فلا نعرف إلا الرَّكْض مع الراكضين بقوائم لا ينقصها إلا صفائح نضبط إيقاعها ببعض الصهيل ما لم يختلط مع الخيل بَغْلٌ، لتكتمل في حظيرة هذه الثقافة التي لا أعرف من نفخ هواءها في الناس حتى طارت بالعقول، سلوكا بَهيميّاً لم تعرف الإنسانية منذ أزل التاريخ، مثيلا لِعُنْفِه في أعتى الألعاب أولمبياداً..!
أحب كرة القدم حين تُراوغني من مسافة الفُرجة، بحركات فنية ذكية يُوَقِّعُها اللاعب مثلما يوقع كاتب بضربة قلم على ورقة بيضاء، فكرة لا تخطُر على خيال، تهزني من مكاني وأنا لا أبرح مكاني، دون أن تَمَسَّني بجنون تنقل هيسْترياه لغيري، الذي لا ينطق إلا بعبارات يُسَمِّمُ نَابُها أذني، أو ينبري بعد أن أفقدته الكُرة الوعي بطيش يقذفني بيد من هنا ورِجْلٍ من هناك كما لو قَصَفَتْهُ مِدْفعيةٌ، مما يجعلني أعيد التفكير باستعمال الطباشير، في حدود حُرِّيتي، وأراجع ما تبقّى صحيحاً في جسدي حتى لا أعود للبيت ناقصاً من أحد الأطراف..!
أُحبُّ كرة القدم، ولكنَّني أرفض أن ينحدر رأسي ليصنع دِماغاً آخر في قدمي، التي لن تنطق في أحسن التفكير رَكْلاً إلا بذلك الأنكر الذي لا نحتاج إلى فقهاء في الفيفا كي نُفسِّرهُ نهيقاً..!
* افتتاحية ملحق "العلم الثقافي" ليومه الخميس 21 ماي 2015)