إبراهيم سعد الدين - بَلِّغوا عَنّي قَصيدَة.. شعر

بَلِّغوا عَنّي قَصيدَة
وانْثروا باقاتِ رَيْحانٍ على أبوابِ غَزَّة
بارِكوا الأرْضَ التي
كُلَّما حَنَّتْ يَدَيْها بِدِماءِ الأكْرَمينْ
طَرَحَتْ صَبْراً وإصْراراً وعِزَّة
وصموداً عَبْقَريّاً
قَبِّلوا النَّخْلَ الذي يَعْلو شُموخاً
ويَمُدُّ الجِذْرَ في الأرْضِ ثباتاً ورسوخا
قائلاً في كِبْرياءْ:
ما أضاعَ الدَّمُ حَقّاً..
ما أذَلَّ الجوعُ أعْناقَ الرّجالْ..!!
قَبِّلوا عَنّي أيادي الأُمَّهاتْ
اللَّواتي من قَديدِ الخُبْزِ يَصْنَعْنَ المُحالْ
من حليبِ العِزِّ يُرْضِعْنَ البطولَة
ويُلَقِِّنَّ الشَّهادَة
مِنْ نَزيفِ الجُرْحِ يُطْلِقْنَ زغاريدَ الفَرَحْ
بالولاداتِ الجَديدة
عانقوا زَهْوَ الصَّبايا
وحكايا العِشْقِ في الدّورِ الفقيرَة
حينما تولَدُ من أوَّلِ نَظْرة
في العيونِ العَسَلِيَّة
ثُمَّ تَنْسابُ فتوناً وجنوناً وأهازيج تُغَنَّى
وصَباباتٍ سَخِيَّة
عانِقوا وَجْه النَّهارْ
حينما يُشْرِقُ إيماناً ونوراً
في حَنايا كُلِّ قَلْبٍ.. وثنايا كُلِّ دارْ
حينما يُزْهِرُ وَرْداً، ياسَميناً، في أساريرِ الصِّغارْ
ثُمَّ يَسْري عَبَقاً
ذائباً في نَكْهَةِ الزَّيْتونِ، خُبْزِ الشّامِ، طَعْمِ الزَّعْتَرِ البَرِّيِّ
في وجْبَةِ إفْطارٍ شَهِيَّة
وبُخارِ الشّايِ إذْ يَصْعَدُ فَوّاحاً بِطيبِ المَرْيَمِيَّة
عانقوا حُزْنَ اليَتامَى
والأيامَى
وحديث الذّكرياتِ الموجِعَة
في ليالي الانْتظارْ
ووجوه الحاضرينَ ـ الغائبينْ
بَيْن أحضانِِ الثَّرَى
وغياباتِ الزَّنازين البَعيدة
بَلِّغوا عَنّي قَصيدَة
واهْتفوا مِلْءَ الحَناجِرْ:
أبْشِروا أبناء ياسِرْ
أنْتُم الأعْلَوْنَ حَقّا..
أنْتُمُ الأعْلَوْنَ إيماناً.. وصِدْقا
أنْتُمُ الأحْرارُ..
والباغي مُحاصَرْ..!!
أنْتُمُ الحاضِرُ.. والتّاريخُ.. والنَّصْرُ المُبينْ
وهو زَيْفٌ.. مَحْضُ وَهْمٍ.. وأراجيف.. وباطِلْ
أنْتُمُ الباقونَ.. أنْتُمْ..
وهوَ زائلْ.
التفاعلات: مصطفى معروفي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...