كم مرة ارتدتها ، وانا طفل ، رغم بعدها عن مقر سكنى العائلة بحي المصلى القريب من باب العقلة. كانت رحلتي إليها ذهابا سهلة قصيرة ، ينسيني بعد الطريق الى حي الباريو البعيد ، تلهفي وشوقي إلى الفيلم الذي سأشاهده ، و غالباً ما كان يكون فيلم مغامرات للممثل الوسيم الشهير إيروفلين ، أو فيلم كوبوي لكاري كوبر أو فيلم من أفلام طرزان .. أما في العودة بعد مشاهدة الفيلم ، فكم كانت الرحلة طويلة ومملة وشاقة على طفل واهن القوى ، زاد من وهنها سغب البطن الذي لم يكن ليحس به صاحبه وهو منغمر في أحداث الفيلم المشوقة . ولا تنقضي انعطافات حي الباريو من " فيكتوريا " إلى مدرسة سيدي علي بركة حتى يغفر الله الذنوب. ثم يبقى شوط شارع محمد الخامس ، فالفدان ثم الملاح حيث يشتري الطفل المنهك جوعا ، 10 فرنكات المتبقية له من الحمص المقلي المملح، يملأ به جيبه ، ويستعين به على متابعة السير ، مرورا بدروب السويقة ، نزولا من أدراج باب العقلة الحجرية ، مهرولا في مشيته عند الطريق المنحدر قليلا ، ابتداء من جدار المدرسة الأهلية يمينا مرورا بحذاء ( قشلة العسكر )، إلى سكة الحديد ، حيث ينعطف الطفل يمينا ليقصد البيت في ممر فوق السكة التي يمر بها القطار إلى مدينة سبتة. وغالبا ما يصل الطفل وقد حل الظلام ، وبدأت الأشباح الغريبة تخرج من بين شقوق القصب ، ومن المخابىء المظلمة تحته ، فيستمد بعض الشجاعة ورباطة الجأش من أبطال الأفلام التي شاهدها، و يسرع الخطو رافعا رأسه متحديا أعتى جن يمكن أن يصادفه. والحقيقة أنه لا يحمد الله على سلامته إلا بعد اجتياز صراط الجن الذي كثيرا ما تحدث عنه أطفال الجيران، بل حتى الفتيان الأشداء منهم. و مع ذلك فقد كانت تلك الرحلة إلى سينما " فيكتوريا " العتيدة بالباريو ، تتكرر كلما تيسرت الفرنكات ووقت الفراغ من الدراسة.
ذكرى سينما مسرح إسبانيول :
شكرا صديق العمر الجميل الشاعر عبدالسلام مصباح على إضافتك المفيدة بخصوص ذكرياتنا المشتركة في فضاء مدينة تطوان في ذلك الزمن الغابر . فعلا شاهدنا في قاعة السينما فيكتوريا أفلام كبار الممثلين ممن ذكرتهم : Clark Gable و Gary Cooper وغيرهما . أما ممثلة الإغراء الفرنسية فلعلها بريجيت باردو . هذه الأخيرة شاهدت بعض أفلامها في قاعات أخرى ، ولكن لم تكن أفلامها من نوعية الأفلام التي تعجبني في تلك السن . نوعية الأفلام التي كانت تسلب لب المرء هي أفلام مثل " أوليسيس " المأخوذ عن ملحمة الأوديسة لهوميروس الذي قام بدور البطولة فيه الممثل القدير كريك دوغلاس . أنا لا يمكن أن أنسى هذا الفيلم الذي كان أول عرض له بالمدينة في مسرح سينما إسبانيول. كم أبهرنا مجسم العملاق ذي العين الواحدة وهو يحمل بيديه القويتين صخرة كبيرة ، يحتل وسط سلم الأدراج الرخامية البيضاء الصاعدة إلى بوابة السينما الكبيرة ، فيزداد لهيب شوقنا إلى مشاهدة الفيلم والمشهد المثير الذي يصوره المجسم المبهر الذي أتقن رسام الأفيشات رسمه. وحين ندخل لمشاهدة الفيلم نترقب المشهد الذي أثار تشويقنا بلهفة ، وهو المشهد الرائع الذي يلاحق فيه العملاق أوليس ورفاقه بعد أن فقأوا عينه الوحيدة حين أسكروه بخمر عنب جزيرته التي عصورها له في الكهف. ولما فطن إلى أنهم استطاعوا الفرار و العودة إلى سفينتهم التي كانت راسية في البحر بحذاء الجزيرة ، رفع صخرة كالجبل وألقاها من مكان عال بكل قوته وجنونه على السفينة ، فكادت تغرفهم . مثل هذه الأفلام وغيرها من أفلام المغامرات لBurt Lancaster مثلا هي التي كانت تبهر طفلا أو صبيا مثلي آنذاك . ثمة ذكريات عزيزة عصية على النسيان تهم عشقنا للسينما في مدينة عرفت بدور عرض عديدة أنيقة ، يتطلب عرضها وسردها تسويد العديد من الصفحات.
ذكرى سينما مسرح إسبانيول :
شكرا صديق العمر الجميل الشاعر عبدالسلام مصباح على إضافتك المفيدة بخصوص ذكرياتنا المشتركة في فضاء مدينة تطوان في ذلك الزمن الغابر . فعلا شاهدنا في قاعة السينما فيكتوريا أفلام كبار الممثلين ممن ذكرتهم : Clark Gable و Gary Cooper وغيرهما . أما ممثلة الإغراء الفرنسية فلعلها بريجيت باردو . هذه الأخيرة شاهدت بعض أفلامها في قاعات أخرى ، ولكن لم تكن أفلامها من نوعية الأفلام التي تعجبني في تلك السن . نوعية الأفلام التي كانت تسلب لب المرء هي أفلام مثل " أوليسيس " المأخوذ عن ملحمة الأوديسة لهوميروس الذي قام بدور البطولة فيه الممثل القدير كريك دوغلاس . أنا لا يمكن أن أنسى هذا الفيلم الذي كان أول عرض له بالمدينة في مسرح سينما إسبانيول. كم أبهرنا مجسم العملاق ذي العين الواحدة وهو يحمل بيديه القويتين صخرة كبيرة ، يحتل وسط سلم الأدراج الرخامية البيضاء الصاعدة إلى بوابة السينما الكبيرة ، فيزداد لهيب شوقنا إلى مشاهدة الفيلم والمشهد المثير الذي يصوره المجسم المبهر الذي أتقن رسام الأفيشات رسمه. وحين ندخل لمشاهدة الفيلم نترقب المشهد الذي أثار تشويقنا بلهفة ، وهو المشهد الرائع الذي يلاحق فيه العملاق أوليس ورفاقه بعد أن فقأوا عينه الوحيدة حين أسكروه بخمر عنب جزيرته التي عصورها له في الكهف. ولما فطن إلى أنهم استطاعوا الفرار و العودة إلى سفينتهم التي كانت راسية في البحر بحذاء الجزيرة ، رفع صخرة كالجبل وألقاها من مكان عال بكل قوته وجنونه على السفينة ، فكادت تغرفهم . مثل هذه الأفلام وغيرها من أفلام المغامرات لBurt Lancaster مثلا هي التي كانت تبهر طفلا أو صبيا مثلي آنذاك . ثمة ذكريات عزيزة عصية على النسيان تهم عشقنا للسينما في مدينة عرفت بدور عرض عديدة أنيقة ، يتطلب عرضها وسردها تسويد العديد من الصفحات.