أمجد ناصر - فتاة في مقهى " كوستا"

في مقى " كوستا " بهمرست جاءت وجلست على الطاولة أمامي
مع أن المقهى خال من الرواد في ضحى يجاهد عبثا لانتزاع شعاع من
سماء لندن الطلساء . كنت أفكر في قصيدة فيها فتاة تأتي وتجلس أمام
شاعر يحاول أن يكتب قصيدة عن فتاة تأتي وتجلس أمامه في مقهى
خال من الرواد .
وضعت الفتاة كتبها على الطاولة وحقيبتها على الأرض ونضت
عنها سترة عنابية من الجلد الصناعي فتساقطت قطرات من المطر
واندفع نهداهلاالقاسيان إلى الأمام وارتجا خاف بلوزتها .
مالت على حقيبتها فتهدل شعرها فلمته بحركة سريعة إلى الخلف ،
أشعلت سيجارة و أخذت ترشف قهوتها وهي تنظر بزاوية منحرفة
من عينيها .
أكثر من مرة همت أن تقول شيئا ولم تفعل وأكثر من مرة هممت
أن أتحدث إليها وأتراجع .
ببلوزتها الزرقاء نصف الكم التي تكشف زنديها المبرومين و بكتفيها
اللتين تنط منهما فهود صغيرة وبقدمها التي تتحرك تحت الطاولة
على شكل مروحة
كانت تشبه فتاة القصيدة .
كل الأشارات تدل عليها .
كان وزن الهواء وحركته يتغيران تحت الطاولة .
أوقعت قلمي ، كما لو سقط عرضا ، على الأرض ، لأرى ما الذي يجري
وما إن التقطته ورفعت رأسي حتى اختفت الفتاة .
كان على الحائط أمامي ملصق إعلاني كبير لفتاة تجلس وحيدة
تدخن وتحتسي قهوة وتنظر بزاوية منحرفة من عينيها في مقهى
يشبه هذا المقهى .
*********
دوامة الهواء ماتزال تحت الطاولة
فنجان القهوة الساخن
السيجارة المدخنة على حافة المنفضة
المنديل الورقي المبقع بأحمر الشفاه
قلبي الذي تسمع دقاته من بعيد .
القصيدة التي فكرت بقصيدة أخرى وكتبتها .


...... ........ .............. ......
أمجد ناصر
الأردن - لندن
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...