1_
لقد سقط الرجل، كان يحتضر منذ أن أستفاق صباحاً، لقد ظل يهذي طوال الليل، وبقي يكتب اشياء في رأسه، قد أتعبته تلك الساحة التي بدت و كأنها لا تنتهي، كان يشعر بخفة و جمالية خصوصا لمنظر أشعة الشمس التي تلوح من وراء البناية القديمة لأحدى الوزارات، لكنها الأن تبدو ثقيلة عليه و عند كل شخص يمر بجانبه كان يشعر باللاجدوى، لم يستمتع كعادته بالصباحات الشتائية. في الأمس قد تنبه بأنه لم يحظى بتلك المتعة، أي منذ تخرج من الجامعة، كان يستمتع بالنظر الى الفتيات اللواتي يرتيدن البنطايل الضيقة، كان يشعر بذلك الالتصاق بين أجسادهن و البنطايل، حتى أنه كان يستمتع بالصوت الذي يصدر من تلاصق أقدامهن، في الأمس قد رأى مجموعة فتيات يلبسن تلك البنطايل التي طالما عشق رأيتها، شعر فجأة بالرتابة ألتي كان يعيش فيها.
2_
كان قد أكمل قراءة أحدى الروايات ألتي نبهته ألى شيء كان قد نسيه، نعم، لقد وصل منذ مدة ألى نفس الرأي تقريبا الذي قاله كاتب تلك الرواية، لكنه لم يشعر بأنه من الممكن أن يعيش مع تلك التفاهة، ولم يشعر بالمتعة في رؤية التفاهة ألتي خلف الفعل البشري، أو التفاهة خلف الوجود أو منه. لقد شعر بالخدعة، الخدعة ألتي سيطرت عليه و جعلته يظن أن كل شيء هو خدعة و تكرار لخدع أخرى، و بأن خلف ذلك يقف أله يضحك، يضحك حتى البكاء، أراد أن ينهي ذلك، بأي طريقة.
3_
قد أنهوا تجوالهم الأن، أرادوا أن يتناولوا شيئا، أن مطعم قريباً يفي لأكمال الحديث. كان الحديث يدور على الخلق، و بأن القلق البشري سببه الشك في وجود خالق من عدمه. أراد أن يصمت هذه المرة لكي يستمع لما سيقال، كان يفكر بأنه سيبقى مشككا حتى لتلك الفكرة ألتي أتته، بأن وراء كل شيء خدعة. قال أحد الجالسين على الطاولة ألتي يتوسطها طعام شعبي
_ أن الصدفة و ما فعله الأنفجار الكبير هو سبب للوجود من العدم.
_ أن النواة الاحادية يستحيل تواجدها من العدم، و هذا ما يثبته العلم.
_ لكن أن كنت تؤمن بأن هناك خالق لتلك الذرة، فمن الممكن أن يوجد هناك، خالق للخالق.
_لم يكن بأستطاعتنا أن ندرك بأن هناك خالق لخالق اخر، و أن هذه الفكرة ستنتهي لا محال ألى وجود سلسلة من "الخالقين" لا متناهية.
لقد أحس بأنه مخدوع من الفكرتين، حتى و أن كان قد رجح واحدة بمنطقه.
4_
يقال بأنه قد أنهى دراسته في أميركا في شيكاغو، وفي الثمانينيات قد حاز شهادة الدكتوراه، وقبل ذلك قد شاهد فيلما بأحدى دور السينما في أميركا، قد شاهد و عرف أكثر مما يجب عليه أن يفعل. عند النظر أليه يمكنك أن تشاهد خلف هدوء عينيه شيء يدل بأنه رأى كل شيء و بأنه يقف بتحامل في هذا العالم و ضده، دون أن تكون له القدرة على فعل شيء، هو الذي درس السياسة و الاقتصاد و الذي قرء الكثير عن الفلسفة، كان يشعر بالخدعة؟ و لماذا قال بأننا ذرات في هذا الكوكب و أن هذا الكوكب ذرة لجسد لا متناهي؟ ولماذا أنه أدرك أكثر مما يجب؟.
5_
لقد كانت جميلة بصدق، كانت لها عينين لامعتين و طفوليتين، لقد أحبته، أحبته حتى أصبح كل شيء بالنسبة أليها. كانت تعلم أشياء كثيرة و كانت تتنبئ بالمستقبل بطريقتها المتشاؤمة كما تفعل مع كل شيء. لم يستطع أن يفعل شيء لها، هو الذي أراد الحب و لا شيء آخر. عندما كذب و عندما خدع حبيبته، شعر بالخدعة أيضا، شعر بأن الفتاة الاخرى التي أحبها كانت تخدعه طوال فترة علاقتهما، هل شعر بذلك لانه خدع حبيبته التي أحبته رغم ذلك الحزن الذي يملئ عينيه؟ رغم كل ذلك لم يستطع أن يجد جواب لما قد أصابه حقاً.
6_
لقد سقط أخيرا، وسط الساحة، وسط الساحة التي كان يتمشى مع والده فيها، لقد تذكر كيف أنه أستفاق ذات يوم فوجد أبيه يغصب امه لكي تمارس الحب في ليلة صيفية، أراد أن يعرف كيف كانت والدته يوم حملت به، أراد أن يرى عينيها و بأن يمنع ذلك الفعل. شعر بأن ظله بدء يتلاشى من أسفلت الشارع و بأن المارة قد أصبحوا دخان، وأنه قد ينام في وسط هذه الساحة.
_ _ _ _
* هناك قصيدة للشاعر سركون بولص بنفس العنوان.
https://www.facebook.com/josephefranklen/posts/550614271782122
لقد سقط الرجل، كان يحتضر منذ أن أستفاق صباحاً، لقد ظل يهذي طوال الليل، وبقي يكتب اشياء في رأسه، قد أتعبته تلك الساحة التي بدت و كأنها لا تنتهي، كان يشعر بخفة و جمالية خصوصا لمنظر أشعة الشمس التي تلوح من وراء البناية القديمة لأحدى الوزارات، لكنها الأن تبدو ثقيلة عليه و عند كل شخص يمر بجانبه كان يشعر باللاجدوى، لم يستمتع كعادته بالصباحات الشتائية. في الأمس قد تنبه بأنه لم يحظى بتلك المتعة، أي منذ تخرج من الجامعة، كان يستمتع بالنظر الى الفتيات اللواتي يرتيدن البنطايل الضيقة، كان يشعر بذلك الالتصاق بين أجسادهن و البنطايل، حتى أنه كان يستمتع بالصوت الذي يصدر من تلاصق أقدامهن، في الأمس قد رأى مجموعة فتيات يلبسن تلك البنطايل التي طالما عشق رأيتها، شعر فجأة بالرتابة ألتي كان يعيش فيها.
2_
كان قد أكمل قراءة أحدى الروايات ألتي نبهته ألى شيء كان قد نسيه، نعم، لقد وصل منذ مدة ألى نفس الرأي تقريبا الذي قاله كاتب تلك الرواية، لكنه لم يشعر بأنه من الممكن أن يعيش مع تلك التفاهة، ولم يشعر بالمتعة في رؤية التفاهة ألتي خلف الفعل البشري، أو التفاهة خلف الوجود أو منه. لقد شعر بالخدعة، الخدعة ألتي سيطرت عليه و جعلته يظن أن كل شيء هو خدعة و تكرار لخدع أخرى، و بأن خلف ذلك يقف أله يضحك، يضحك حتى البكاء، أراد أن ينهي ذلك، بأي طريقة.
3_
قد أنهوا تجوالهم الأن، أرادوا أن يتناولوا شيئا، أن مطعم قريباً يفي لأكمال الحديث. كان الحديث يدور على الخلق، و بأن القلق البشري سببه الشك في وجود خالق من عدمه. أراد أن يصمت هذه المرة لكي يستمع لما سيقال، كان يفكر بأنه سيبقى مشككا حتى لتلك الفكرة ألتي أتته، بأن وراء كل شيء خدعة. قال أحد الجالسين على الطاولة ألتي يتوسطها طعام شعبي
_ أن الصدفة و ما فعله الأنفجار الكبير هو سبب للوجود من العدم.
_ أن النواة الاحادية يستحيل تواجدها من العدم، و هذا ما يثبته العلم.
_ لكن أن كنت تؤمن بأن هناك خالق لتلك الذرة، فمن الممكن أن يوجد هناك، خالق للخالق.
_لم يكن بأستطاعتنا أن ندرك بأن هناك خالق لخالق اخر، و أن هذه الفكرة ستنتهي لا محال ألى وجود سلسلة من "الخالقين" لا متناهية.
لقد أحس بأنه مخدوع من الفكرتين، حتى و أن كان قد رجح واحدة بمنطقه.
4_
يقال بأنه قد أنهى دراسته في أميركا في شيكاغو، وفي الثمانينيات قد حاز شهادة الدكتوراه، وقبل ذلك قد شاهد فيلما بأحدى دور السينما في أميركا، قد شاهد و عرف أكثر مما يجب عليه أن يفعل. عند النظر أليه يمكنك أن تشاهد خلف هدوء عينيه شيء يدل بأنه رأى كل شيء و بأنه يقف بتحامل في هذا العالم و ضده، دون أن تكون له القدرة على فعل شيء، هو الذي درس السياسة و الاقتصاد و الذي قرء الكثير عن الفلسفة، كان يشعر بالخدعة؟ و لماذا قال بأننا ذرات في هذا الكوكب و أن هذا الكوكب ذرة لجسد لا متناهي؟ ولماذا أنه أدرك أكثر مما يجب؟.
5_
لقد كانت جميلة بصدق، كانت لها عينين لامعتين و طفوليتين، لقد أحبته، أحبته حتى أصبح كل شيء بالنسبة أليها. كانت تعلم أشياء كثيرة و كانت تتنبئ بالمستقبل بطريقتها المتشاؤمة كما تفعل مع كل شيء. لم يستطع أن يفعل شيء لها، هو الذي أراد الحب و لا شيء آخر. عندما كذب و عندما خدع حبيبته، شعر بالخدعة أيضا، شعر بأن الفتاة الاخرى التي أحبها كانت تخدعه طوال فترة علاقتهما، هل شعر بذلك لانه خدع حبيبته التي أحبته رغم ذلك الحزن الذي يملئ عينيه؟ رغم كل ذلك لم يستطع أن يجد جواب لما قد أصابه حقاً.
6_
لقد سقط أخيرا، وسط الساحة، وسط الساحة التي كان يتمشى مع والده فيها، لقد تذكر كيف أنه أستفاق ذات يوم فوجد أبيه يغصب امه لكي تمارس الحب في ليلة صيفية، أراد أن يعرف كيف كانت والدته يوم حملت به، أراد أن يرى عينيها و بأن يمنع ذلك الفعل. شعر بأن ظله بدء يتلاشى من أسفلت الشارع و بأن المارة قد أصبحوا دخان، وأنه قد ينام في وسط هذه الساحة.
_ _ _ _
* هناك قصيدة للشاعر سركون بولص بنفس العنوان.
https://www.facebook.com/josephefranklen/posts/550614271782122