وليد إخلاصي - التقرير


قال الرجل للطلاب الصغار الذين اختفت بطونهم وراء مقاعد الدراسة:‏

ـ درس الكيمياء لهذا اليوم يتعلق بالنقاط الثلاث التالية: التجزئة ـ التحلل ـ الضياع.‏

ثم لوح بأنبوبة زجاجية طويلة تظهر بداخلها سائلاً لا لون له، فاشرأبت الأعناق إليه يحرك الأنبوبة في الهواء وكأنه يلوح لعيونهم المندهشة بمفاجأة مثيرة.‏

قال طالب صغير الحجم يحمل على شفتيه كتلة مخنصرة من الشعر الخشن:‏

ـ لم نفهم شيئاً.‏

فسرت همهمة متماوجة بين صفوف الطلاب، أدت بالمعلم، بعد لحظات، أن يدرك الجهل المطبق الذي خيم على الرؤوس كأعلام الأفراح.‏

"أما من الناحية اللغوية يا أبنائي فالأمر واضح، بقيت الناحية العلمية.. انظروا، انظروا وستجدون تفسيراً لكل شيء".‏

فتحركت العيون إلى أعلى تلتصق بسقف الرأس، فيما كانت طبقة زيتية تطفو لتتجمع على سطح السائل، ثم برجة خفيفة من يد المعلم، جعلت أبخرة بيضاء تتصاعد من فوهة الأنبوبة لتنعقد غمائم داكنة متفرقة في سماء الغرفة.‏

"افتحوا عيونكم جيداً يا أبناني".‏

ولكن أحداً من الطلاب لم يستطع أن يفتح عينيه، فالدخان كان على ما يبدو يحرق العيون.‏

ـ الدنيا عتمة ونحن لا نستطيع أن نرى سوى ظلام أسود رطب.‏

صاح طالب من خلال الضباب الكثيف.‏

"افتحوا عيونكم جيداً يا أبنائي".‏

ومع أن أكثر من واحد من الجالسين قد بذل جهداً مضنياً في تحريك جفنيه، لكن النجاح لم يصب أياً منهم.‏

ـ لقد عميت تماماً.. فأنا لا أميز شيئاً.‏

صرخ طالب نما جسده بفحولة فيما يهب واقفاً كالمسعور.‏

"افتحوا عيونكم جيداً يا أبنائي".‏

ولكن أصوات الاحتجاج هجمت كالغبار على نداء المعلم فلم تعد كلماته تسمع في زحام الآهات المخنوقة. بعد قليل صاح المعلم بصوت كالرعد:‏

"افتحوا عيونكم.. لقد انتهى كل شيء".‏

وكان الضباب الذي خيم على المكان قد انقشع حالماً دوى صوت المعلم، فانفتحت العيون المغلقة ليتحسسها الطلاب بين مكذب ومشكك، فإذا بات المنظر واضحاً، تطلع الجميع إلى الأنبوبة فكانت فارغة.‏

"أين ذهب السائل"
"إذن تبخر السائل"‏
"برجة أو رجتين يطير السائل"‏
"هذا سحر..."‏
"لم نفهم شيئاً"‏
"كنت كالنائم"‏
"لقد نمنا فعلاً"‏


وفيما كانت التعليقات التي أطلقها الطلاب تتشابك مع ابتسامة المعلم العارفة وقف شاب صغير الرأس وتساءل بهدوء بادر:‏

ـ وما علاقة التجزئة وما إليها بما رأيناه؟‏

وقبل أن تتحرك شفتا المعلم بالإجابة، أكمل الشاب الصغير الرأس:‏

ـ هذا عمل سياسي وليس بدرس كيمياء.‏

ـ سياسي! ما هو السياسي؟.‏

كانت ساحة المدرسة تردد أصوات النفير التي تعالت في الجو، لتقطع خيوط التحفز التي بناها عنكبوت القلق النزق. تفرق الطلاب من صفوفهم وبقيت عينا الشاب الصغير توازيان عيني المعلم، وفيما جرفت حركة الطلاب معها توثب الشاب، أحس المعلم بالراحة فأسرع بالخروج.‏

"لم يكن للدرس علاقة بالسياسة، ولن تخيفني تهديدات الشاب المبطنة، ولكن من يدري فقد يقدك تقريراً مزيفاً يحمِّله ما لم أقله. الدرس كان واضحاً: التجزئة ـ التحلل ـ الضياع، وقد أثبت تلك الصفات الكيميائية بالواقعة الملموسة"؟‏

في البيت انفرد بنفسه في الغرفة المستطيلة الضيقة، وبينما استلقت زوجته متعبة في سريرها وقد داخلها اليأس من دعوته إليها، ظل هو يفكر ويقلب في الأمر، فإذا الأمر له مائة وجه، قال لنفسه بعد تعب:‏

ـ ما دام الموضوع قد يصل إلى هذا الحد، فالأفضل لك أن تهيئ نفسك لاستجواب طويل وعريض. قد يسألونك عن الماضي، بل قد يمتد الأمر إلى أدق التفصيلات.‏

"قد تكون غرفة الاستجواب باردة رطبة ولن تتوفر فيها الراحة.‏

أكتب تقريرك هنا ومن خلف مكتبك النظيف، وتستطيع أن تشرب القهوة متى تشاء".‏

ابتسم المعلم فيما يكدس أمامه الأوراق البيضاء، فقد تخيل وجوههم تتطلع إليه فيما يخرج التقرير أمامهم وقد ضم بين سطوره إجابات لكل ما يمكن أن يخطر في بال أي منهم.‏

"اسمك؟".‏

"تجده يا سيدي في رأس الصفحة على اليمين، ووفقاً للبطاقة الشخصية تماماً، وفي السطر الثاني هناك محل الإقامة، وأنا من مواليد عام 1935، ولا أذكر أن أحداً من العظماء أو المفكرين أو العلماء قد ولد في ذلك العام، ووفقاً لمعلوماتي المتواضعة يا سيدي فإن الـ د.د.ت لم يكن قد اكتشف بعد، وإن تكن مركبات الكبريت قد وصلت أوج استعمالها في تلك الحقبة من الزمن، فأنا ما زلت أذكر أن أهلي دهنوا به جسدي من الكعبين وحتى الرقبة للقضاء على الجرب الذي انتشر كالوباء في سني الحرب الكونية الأخيرة، والسبب يا سيدي هو ارتفاع أسعار الصابون آنذاك".‏

توقف المعلم عن الكتابة، قال لنفسه فيما يحاسبها:‏

ـ هذا استطراد لا داعي له.‏

ـ ولكن من يدري فقد تكون تلك التفصيلات ضرورية، فهم عادة يطلبون تقريراً إضافياً وشاملاً مانعاً.‏

ـ قد يسخرون منك.‏

ـ ولكن من يخفي جانباً من الحقيقة كمن يخفي الحقيقة كلها.‏

ـ ما دام التقرير سيجيب على كل الأسئلة، فإنه من المفروض أن تتوقع الإجابة على أي سؤال قد يطرح عليك.‏

"ولأكثر من سبب واحد فقد درست الكيمياء، لأني أحب مهنة التدريس أولاً، ولأن العرب كانوا يطمحون إلى تحويل المعادن الرخيصة إلى معادن ثمينة، ومع أن المنفلوطي الذي أحببته في صباي لم يقترب من سيرة الكيمياء فقد دراستها، وهكذا ترى يا سيدي أن ميولي لم تكن سياسية في يوم من الأيام، كان هناك المنلفوطي كما ذكرت وجبران وأرسين لوبين وأسماء أخرى لا علاقة بها بالسياسية، وتستطيع أن تستوثق من زملائي في المدرسة الثانوية، ففي عام 1948 لم أشترك في المظاهرة الكبرى التي خرجنا، أقصد التي خرج بها الطلاب، إلى الشوارع ينادون بالهجوم على اليهود. قتل طالبات ولم أحزن عليهما لأنهما لم يكونا من رفاقي الخلص. أنا رجل أفكر علمياً، أؤمن بالمعادلات، حمض كلور الماء يعني تفاعل الهيدروجين مع الكلور، وهذا هو كل شيء، لذا فأنا لا أستغل دروسي في المدرسة ولا أتكلم في السياسة، هذا ليس من شأني.‏

حياتي مستقيمة، ولكني لا أنكر أني فعلت أشياء صغيرة لا تشير إلى الاستقامة، سأذكر لك حادثة لأدلل على صدقي وشجاعتي الأدبية، غازلت زوجة جارنا العجوز، كانت صبية وأنا فتى، ولا أنكر أني نمت معها. أرأيت.. أرأيت.‏

أريد هنا أن أصحح لك بعض المعلومات التي سردتها من قبل، فأنا اشتركت في مظاهرة 1948 ولكني لم أكن في المقدمة فالصغار كانوا يهللون في المؤخرة فحسب، وقد أجمع جميع الكتاب والمؤرخين على أن تلك التظاهرات لم تكن سياسية، وهذا دليل جديد على شجاعتي الأدبية وانتفاء عملي السياسي المبطن.‏

يقولون إن السياسة مثل الكيمياء، ولكني أقسم لك أن الكيمياء ليست كالسياسية تأكد من ذلك إذا شئت وارجع إلى الكتب أو إلى محاضرات الجامعة..".‏

كانت الساعة تشير إلى أن منتصف الليل قد اقترب، فتأمل المعلم نفسه في زجاج النافذة. اختلطت صورته بانعكاسات أنوار الشارع الهزيلة. تمطى ولكنه أحس برغبة متجددة في معاودة الكتابة.‏

ـ إنها فرصة لقول كل شيء، فالصدق الكامل خير طريق للنجاة.‏

كان يتمتم لنفسه فيما يكتب سطرين، ولكنه سرعان ما مرر قلمه على الكلمات بقسوة. لم يشأ أن يتحدث، ولو بالإشارة، عن علاقته الفاشلة بالصبية الحلوة أخت رئيس الطلاب الذي كان مسؤولاً مباشراً ذات يوم عن التظاهرات التي قامت تطالب بتأميم شركات الكهرباء والمياه والدخان. واضطر من أجل ذلك التخطي أن يعيد كتابة الصفحة بكاملها مجدداً حتى لا تظهر تلك الكلمات السوداء كدليل على التردد.‏

"وكانت الاضطرابات التي سبقت ورافقت الأحداث التي اشتعلت عام 1956، كانت كالجائحة، ولكني تفاديتها بانهماكي الكامل في دروسي الجامعية. أنا لم أكن متوفقاً في الدراسة ولكنني هيأت نفسي للخلاص من الجامعة بأسرع ما يمكن يا سيدي، فالطقس هناك كان ملبداً بالغيوم بشكل لا نظير له، وأنا رجل علمي لا آبه للسياسة فهي مضرة، وكثيراً ما أودت بمستقبل الشباب: طرد من الجامعة أو اعتقال مع تعذيب يعطل أحد الأعضاء. ألا ترى يا سيدي أن تفكيري كان سليماً ولا يمكن له أن يساعد على تصديق تلك الوشاية، فدرسي البارحة كان يتعلق بصلب الكيمياء. ألا تعتقد معي، أن التجزئة تؤدي حتماً إلى الانحلال فالضياع، فما دخل السياسة في كل ذلك؟‏

هنا لابد لي من الإشارة بأمانة إلى أنني اضطررت لأسباب نسائية بحتة إلى حضور مؤتمرين أو أكثر، كان بعض الطلاب قد دعي إليهما لنصرة بعض القضايا الهامة كاستعادة اللواء وشجب العدوان على غزة وقتال السويس وما إليها من مواضيع اجتماعية بحتة لا علاقة لها بالسياسة، وأقسم لك على أن حضوري لم يغير أن يبدل كما أن عدم حضوري لم يكن يثير قضية، كما أنني لم أعلق بكلمة أو نصف كلمة ولم أصفق أو أهلل، كان حضوري موضوعياً ويتسم بما يتناسب وهيبة الكيمياء من هدوء وعدم تحيز.‏

أنا أعلم أن الذي تقدم بالتقرير المتعسف ضدي، سبق وأن نال علامات متدنية في فحوص السنة، لذا فإن إجراءه هذا يعتبر ضغينة غير موضوعية، وأنا هنا لا أدافع عن نفسي بقدر ما أدافع عن الأمانة العلمية في تقييم الأحداث والأقوال. صحيح أن كلمة التجزئة قد استعملت في القاموس اليومي للسياسة، ولكن ما ذنب الكيمياء إذا اضطرت أحياناً إلى استخدام كلمات مشابهة لتلك التي تستعمل في الحياة اليومية. خذ الضياع مثلاً، إنها كلمة تستخدم في القاموس النفسي والاجتماعي أكثر مما تستخدم في القاموس السياسي، فما ذنبي أنا عندما أستخدم تلك الكلمة للتعبير عن تلاشي المواد؟‏

لقد غرقت آذاننا بعد حرب 1967 في بحر الكلمات، خسارة.. هزيمة.. نكسة.. ضياع، وفي الكيمياء أيضاً هناك خسارة وهناك هزيمة، خذ مثلاً بعض المواد عندما تخسر ذرة من ذرات تكوينها الأساسية، فإنها تصاب بهزيمة تؤدي بها إلى التحول أو إلى الضياع. إنها أمور عجيبة يا سيدي تلك العمليات الكيميائية! ارتفاع في الحرارة يؤدي إلى تفسخ المواد العضوية، تغيُّر في الظروف الموضوعية يتسبب في خمول مادة ما، والخمول كثيرا ما يؤدي إلى الشلل أو الموت.‏

هناك دليلاً جديداً على حيادي وعدم استغلالي لصحة الدرس في استخدام السياسة:‏

أنا يا سيدي لم أشكك في الوضع القائم بعد معركة حزيران، إلا أنني لا أنكر حزني آنذاك. صحيح أني دخلت إلى درسي ممتقع الوجه منهوك القوى أحس كمن فجع بعزيز لديه، ولكن حزني هذا لم يؤثر في مجريات الأمور، فلم أشعر الطلاب بما يدور في داخلي خوف التأويل أو التفسير بأني حولت الكيمياء إلى تثبيط أو إحباط، ولكن طالباً ذكياً سألني آنذاك.‏

ـ ما هو الحل عندما يخسر الإنسان معركة؟‏

فأجبته متمالكاً أعصابي:‏

ـ الخسارة ظاهرة زمنية يا بني، وكل ما هو زمني يمكن أن يتحول.‏

فقال بأسى لن أنساه مدى عمري:‏

ـ هل يمكن للخسارة أن تتحول إلى خسارة والخسارة إلى هزيمة والهزيمة هل يمكن أن تبقى مقيمة؟‏

فأجبته بمرح مصطنع:‏

ـ إنك تخالف قوانين الطبيعية، فالأشياء لا يمكن أن تبقى على ما هي عليه ما دام هناك تقلب في الظروف المحيطة بها.‏

بعد يومين قال نفس الطالب:‏

ـ هل يمكن للإنسان أن يكره وطنه؟‏

ـ ولماذا؟‏

فلم أستمع إلى تعليقه لأني بدأت آنذاك في تسطير معادلاتي العضوية على السبورة السوداء، وساد سكون. ولا أنكر يا سيدي أني تساءلت في سري، دون أن يعلم أحد بما يدور في أعماقي، هل يمكن للإنسان ألا يحب وطنه. هل يمكن للإنسان أن يتنكر لحب الوطن؟ إنها مشكلة، أليس كذلك يا سيدي؟‏

لا أريد أن أكون واشياً فالوشاية أمر ينافي طبيعة الكيمياء، ولكنني يا سيدي سمعت أكثر من شخص يتغنى بقوة الأعداء، بل تعدى الأمر ذلك، فهناك من قال لو أن الأعداء حكموا هذه الأرض إذن لاستتب الأمن وراجت التجارة وتحسنت الأحوال.‏

إنني رغم كل شيء لا أعني في حياتي سوى بالعلم والمعادلات ولكن أعترف بأنني شجعت ذات مرة لجنة لجمع التبرعات. دخلت حصتي فلم أعترض، وكان سكوني تشجيعاً لهم، وتكلم رئيس اللجنة يحث الطلاب على دفع ما يملكون من أجل الفدائيين فهل كان الأمر سياسية، لا أعتقد يا سيدي، وإذا كان الأمر كذلك فإنني أعترف بخطأي، وأعد بألا يتكرر تشجيعي لجمع التبرعات حتى لا يقال إنني خرجت عن موضوعيتي.‏

إنني رب أسرة كبيرة، ثلاثة أطفال وزوجة وعمة عجوز، لذا فأنا لا أحب المغامرة، ولهذا السبب فقدت طموحي، فأنا لا أحب أن أكون مديراً للمدرسة أو للتربية، ومع أن عدداً لا يستهان به من زملائي قد أصاب من طموحه فنال مراكز ذات قيمة، إلا أنني لا أحب المغامرة، أفلا يؤكد انضباطي هذا عدم تدخلي في السياسية؟‏

إن علماً كالكيمياء لا يمكن له أن يفسح المجال أمام التكهنات أو التوريات، إنه كالرياضيات والفيزياء، علوم موضوعية وحيادية، ولكنني لا أنكر أنه بالإمكان استغلال بعض طرائقها للخوض في مواضيع مختلفة، فأنا شخصياً أستخدم أحياناً بعض المعادلات مع أهلي وأصدقائي لمجرد التسلية يا سيدي، وإذا أردت ضربت لك مثلاً، خذ هذه المعادلات:‏

بيت + حب سعادة‏

وعود + كذب خيبة أمل‏

وطن – حب أرض بلا قيمة‏

أرض بلا قيمة + لا مبالاة احتلال‏

وهكذا يمكن للكيمياء أن تكون مجالاً للتسلية. صحيح أن هناك بعض الاصطلاحات كالوطن والاحتلال تمت بصلة وثيقة إلى قاموس السياسية ولكن اللغة واسعة، وغيب اللغة العربية يا سيدي أنها حمالة أوجه، فما ذنبي أنا. وإذا كنا سنحاسب على مرونة لغتنا فالأجدر بالقوانين أن تحدد أنواع الاستعمالات لهذه اللغة الواسعة الأرجاء. وهنا يمكن القول أن حسن النية هو الذي يفصل بين المعاني المتعددة للكلمة الواحدة، وأنا حسن النية كما يسهد لي الجميع، لذا أطالب برد جمع أقوال الطالب الذي ادعى أني أستغل درس الكيمياء للتحدث في السياسة. وبناء على كل ما تقدم فإنني أطالب ببراءتي من التهمة المنسوبة إليّ وللبيان حرر".‏

ولما كان الفجر قد لاح بنوره فقد قرر المعلم ألا يستسلم للنوم العادي الذي يلجأ إليه الإنسان في كل ليلة بصورة آلية. طوى التقرير من منتصفه ووضعه في الظرف في كتاب مبادئ الكيمياء، وبعد القهوة المنشطة ارتدى ثيابه وتوجه إلى ذاك المبنى القديم الذي يقع عند مفترق شارعين مزدحمين. وعندما أطل عليه موظف الاستعلامات بتثاؤب طويل قال المعلم بتأدب:‏

ـ أنا فلان الفلاني، هل المدير موجود؟‏

وما أن استمع الموظف إلى اسم المعلم حتى استوى في قفصه الزجاجي واقفاً وقال بخبث واضح:‏

ـ أعتقد أنهم ينتظرونك فوق..‏

فشكره المعلم، وتوجه بثقة كبيرة إلى الطابق الأعلى، وقد تردد في ذهنه تساؤل لم يجد له جواباً.‏

ـ كيف عرفوا أني سأحضر!‏

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...