عبد الغفار الأخرس - وميض البرق هيج منك وجدا

وميضُ البرق هيَّج منك وجدا
فكدت تظنُّه من ثغرِ سعدى
ألمَّ بنا بجنحِ الليل وهناً
كما جرّدت من سيف فرندا
توقَّد في حشا الظلماء حتَّى
وجَدنَا منه في الأحشاء وقدا
وجدَّ بنا الهوى من بعد هزلٍ
وكم هزل الهوى يوماً فجدَّا
خليليَّ اذكرا في الجزع عَهدي
فإنِّي ذاكر بالجزعِ عهدا
وأيَّاماً عهِدتُ بها التصابي
وكانَ العيش بالأحباب رغدا
زمان كم هصرتُ به قدوداً
لباناتِ النقا وقطفت وردا
ولذَّات لأيامٍ قصار
قَضَت أيَّامها أن لا تردا
بعيشك إن مررت بدارِ ميٍّ
وهاتيكَ الطلول فلا تعدَّى
لنقضي يا هُذَيْمُ بها حقوقاً
عَلينا واجباتٍ أن تؤدَّى
أتذكرُ يوم أقبلنا عليها
على إبلٍ تقدُّ السَّيرَ قدَّا
وعُجنا العيس عن نجدٍ حثيثاً
وخلَّفنا وراء العيس نجدا
فروَّينا منازلَ دارساتٍ
بها صرف النوى أزرى وأودى
بواعث لوعةٍ ودموع عينٍ
أمدَّ العينَ منها ما أمدَّا
لئنْ خُلِقَتْ منازلنا فإنِّي
رأيت الوجدَ فيها مستجدَّا
ملكتُ وقوف جانحةٍ إليها
ولم أملِكْ لهذا الدمع ردَّا
وكانتْ للغرامِ ديارُ ميٍّ
مراحاً كلّ آونةٍ ومغدى
بودّكما رفيقيَّ ارفقا بي
إذا راعَيتُما للصبِّ ودَّا
أعيناني على كلفي لعلِّي
أرى من هذه الزفرات بُدا
ولي كبدٌ إلى الأحبابِ حرَّى
فهل تلقى لها يا سعدُ بَردا
أحبَّتَنا وإنِّي قبلَ هذا
شريت هواكمُ بالرُّوح نقدا
أزيدكُمُ دنوًّا واقتراباً
وقد زدْتُمْ مصارمةً وبعدا
عِديني يا أُميمَة بالتداني
وإنْ لم تنجزي يا ميُّ وعدا
أرى سيفي فأذكر منك لحظاً
وخطَّاري فأذكر منك قدَّا
أمنك الطَّيف واصلني وولَّى
فما بلّ الصَّدا مني وصدَّا
ولو أهديته أخرى لعيني
لأنعمني بل أسدى وأهدى
تهدّى من زرودَ إلى جفوني
وما أدري إذاً أنَّى تهدَّى
ولو أدَّى إليك حديث وجدي
عرفت إليك منِّي ما يؤدَّى
جفتني الغانيات فلا سبيلٌ
إلى سلمى ولا إسعاف سعدى
وخاصمتُ الزمانَ فخاصمتني
حوادثُ لم تزلْ خصماً ألدَّا
فإنْ أظهرتُ للأيَّامِ منِّي
رضًى عنها فقد أضمرت حقدا
سأترك للنياق بكلِّ أرضٍ
ذميلاً من توقُّصِها ووخدا
كما لابن الجميل أبي جميل
نياق مطالب الرَّاجين تحدى
فتبلغ مقصداً وتنال عزًّا
كريم لو يفتني منه قصدا
فكم يولي الجميل أبو جميلٍ
ونوليه به شكراً وحمدا
ويوشك إنْ سقَتْ يده جماداً
بجدوى أنبتتْ شيحاً ورندا
إذا يمَّمته يَمَّمتُ يمناً
وإنْ طالعته طالعتُ سعدا
لقد نالَ العلاءَ ومدَّ باعاً
إلى ما لا ينال وجازَ حدَّا
هو الجبل الأشمّ من الرَّواسي
تخرُّ له الجبال الشمُّ هدَّا
أدامَ اللهُ في الزوراءِ ظِلاًّ
له منه علينا قد أمدَّا
وآمنَ أهلَها كَيدَ الرزايا
وإن لسائرِ الأرزاء كيدا
فوقرها وقد مارت وقور
إذا حرَّكته حرَّكت طودا
وأيّة أزمةٍ لم يُدعَ فيها
ولم يمدد لها باعاً أشدَّا
ومكرمة وإحسان وفضل
وما فيها سعى ولها تصدَّى
جميل ابنِ الجميل لكلِّ حرٍّ
يؤمل منه إحساناً ورفدا
فقلْ للوفدِ غايته إليه
أَوَفْدَ الأكرمين نعمت وفدا
بجودٍ منه يترك كلَّ حرٍّ
له في ذلك الإحسان عبدا
وفيض يدٍ يكاد البحر منها
على طولِ المدى أن يستمدَّا
مرير السخط نشهد أن ما في
يثيب عفاته ضرباً وشهدا
أبيٌّ لا يضام وَرُبَّ ضيمٍ
سعى لينال جانبه فأكدى
شجاعٌ ما انتضى الصمصام إلاَّ
وصيَّر مفرقَ الأعداء غمدا
قوام الدِّين والدُّنيا جميعاً
وسيف الله والركنَ الأشدَّا
مناقبك التي مثل الدراري
نظمت بها لجِيدِ الدهر عقدا
وجودكَ للوجودِ به حياة
ولولا أنتَ مهجته تردَّى
وبعض الجود منقصةٌ وذمٌّ
وجودكَ لم يزلْ عزًّا ومجدا
بروحي منك أبيضُ مشرفيٌّ
وأمضى من شفير السيف حدَّا
يضيءُ ضياءَ منصلتٍ صقيلٍ
تجرَّد من قرابٍ أو تَبَدا
وإنِّي قد عَرَفتُ الناس طرًّا
ولم أعرف له في الناسِ نِدَّا
فَضَلْتَ العالمين بكلِّ فضلٍ
فلا عجب إذا أصبحتَ فردا
وَفَدَّتْكَ الأماجد والأعالي
ومثلك في الأماجد من يُفدَّى
وما في الماجدين أجلُّ قدراً
ولا أورى وأثقب منكَ زندا
ولا أوفى وأطولُ منك باعاً
ولا أعلنُ إلى العلياءِ جدَّا
فَدُمْ واسلمْ كما نهوى وتهوى
تَسرُّ مُوالياً وتغيظُ ضدَّا
فإنَّكَ إنْ سَلِمْتَ مَعَ المعالي
فلا نخشى لكلِّ الناس فقدا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...