إبراهيم الرحال - سُباتٌ وجودي.. شعر

كم الساعة الآن؟
هل جاء الربيع لأخرج من سُباتي الشتوي؟
هل جاءت الشمس التي تشجع أوصالي لتنبض
لا، لا أكره الشتاء، ولكن اكره العادة الكسولة داخلي
أكره الثبات الوجودي الذي يسكنني كل شتاء
فأغادر ذاتي وأرقد جسداً عصياً في حضن دورة الوقت المتوقفة
أرسم حولي قلعة وسوراً
وأتماهى في مهد الإنتظار أرقب رمل الساعة الميتة
في كافة العدم أنتظر شمساً مكللة بالدفء


***
ثلاثة أشهر تمر وتصقعني ببردها
وأنا هاجدٌ
حبيبتي تستعيض عن مشاكساتي بكتاب الطبخ السمين الذي اشريته لها من المعرض
فصارت بدورها سمينة!
على الأرجح بدت بدينة في آخر اتصال أيغظني من الشرنقة الدافئة التي أتبلد فيها
بدت بدينة في البجامة الحمراء وهي تتقرفص في فوضى من البطانيات والشراشف
بدت سمينة تسد الفراغ بين سماواتي وأرضي الإفتراضيين
بدت كأنها تضيق علي مساحتي الخاصة
بديت وكأنني لا اطيقها بفعل الشتاء
***
انها لعنة البرد
الصقيع الذي يكبل هرموناتي فلا أتذكر حبيبتي
ولا أهاتفها
حتى الشعر صرت لا أكتبه إلا لماماً
أحتاج لنار الصيف لتتفاعل كيميائي الهامدة
فأحب وأشتاق وأكتب
أنا مضمد بالعناصر وبغيرها أصير إلى عدم
أنادي على عناصري حيث لاينادى على أحد
أنادي على ذاتي
وأعرف أنني خليقة الكيمياء والعناصر
بالكيمياء أكون الذي أكونه
وأضحك من قصة الخلق
***
بارد وطويل الطور الذي أمر به
وأظننا سنفترق
وإلا كيف تتعاطين مع سُباتي الوجودي؟
من يعوضك تغزلاتي وتفحشاتي فيما انويه مع أشيائك؟
مع من تقرئين التخرصات؟
ومن غيري يفكك لك هرطقات (النفري) بعدها تصلين لي وأتشهد بك؟
من يبقيك نخلة شاهقة وليبرالية عنيدة
كيف تتجرئين على الخزلان والرفاق يركعون في الأنحاء
والرفيقات يتصلفن على ميثاقنا ويسمينه عري
فيتعرين ويحبلن في الظهيرة
كيف تستعيضين عن تنشق تستستروني والبضونات تنسل من بيت الخلق الذي يسميك قديسة
كيف تعوين وحيدة وشيئك ينخسف في هيئة انسال واجنة نتناصفها
هذا الشتاء قاسٍ ومضجر
***
أفرط كثيراً وأجعل الندم حصيلتي
فليس لي غير الحكمة والكوابيس
لي أن أهمس لك، فأنا الذي يذكرك بإسمك
أنا مفازتك عند الفلسفة
وأنت وقتئذٍ كأسي المقدسة
فيك سيحيى مائي وأصير عامراً بالنسل
هذا الشتاء بارد وموحش
يكبل حيواتي ويهمس لي بتهويدة الموت
فأموت، أخادعه بالهدنة
وفي مهدي أرضع من نهديك قنينة الليل
أحضن النار وأصيرها صراخاً
أصيرها بالحرف مايشبه القرآن
فاتلو الوحشة وأنشج بها
فأصير هامداً تطويني سعفة.. وفي تكوري النار تستصرخك
كيف إنطفيء وأنت حصيلة الوجد
كيف أغفو وانت موجدة وفي وجرمك إشتعال خلائطي
يال الشتاء وأنا صنيع النار!
إبراهيم الرحّال 10/ ديسمبر/ 2018
التفاعلات: سعيدة عفيف

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...