كان عزمي الصفاد يجلس في المقبرة الملاصقة لحارته أكثر مما يجلس في بيته، وواجه الساخرين منه بردّ حاسم خلاصته أنّ كل رأس حرّ في اختيار المخدة التي تريحه، متسائلاً: (أيهما أحسن لي: أن أجلس في مقبرة أم أجلس في خمارة أو ملهى أو نادٍ للقمار).
وأتاح له جلوسه الدائم في المقبرة اكتساب ثقة الموتى المدفونين في تلك المقبرة ومودتهم واحترامهم، ولكنه لم يصادق إلاّ المرموقين لاعتقاده أنّ من يعاشر الفقراء ينتقل إليه قملهم.
صادق حمزة الركبة الذي كان مديرًا لبنك، ومات في السجن بعد أن ثبت أنّه اختلس الملايين، ولم يعثر على الملايين المنهوبة، فنال احترام السجناء والسجانين حتى آخر رمق في حياته.
صادق رشيد نصر الذي يملك بيوتًا ودكاكين وأراضي بعدد شعر رأسه، ولم يكن أصلع بل كان كثيف الشعر. واشتهر بحبه للزواج، يطلق ويتزوج ويطلق ويتزوج، والنساء أكثر من رمال الصحاري، والعمر قصير، والسرعة مطلوبة إذا كانت الغاية الاستيلاء على كل النساء بالحلال.
صادق كريم المقل الذي تبوأ الكثير من المناصب المهمة، وآخر منصب له هو وزير للمالية، فشاع في عهده الزعم بأن الوزير مختلف عن كل الناس قاطبة، فبزته ذات جيوب لا نهاية لها سرية وعلنية، والجيوب السرية مهما امتلأت، فستظل جيوب أخرى فارغة تطالب بإلحاح أن تمتلئ كغيرها من الجيوب المحظوظة. وعندما توفي بالسكتة القلبية المفاجئة، نُكست الأعلام، وعُدَّ شهيدًا من شهداء الوطن ودعامة من دعائمه الاقتصادية انهارت ولا تعوض.
صادق نذير البهلول الذي كان يقتل الناس بسهولة كأن الدم مجرد ماء، ولكنه لاقى مصرعه في مشاجرة تافهة، فقيل آنذاك القول الذي شاع وانتشر، وهو أن الذبابة تدمي مقلة الأسد.
صادق عميد الحلو الذي كان كاتبًا مشهورًا، وزع على الوجهاء والأعيان وذوي النفوذ قائمة بأسعار مدائحه وأهاجيه لا تقبل المناقشة والمفاوضة والمساومة، فكل حرف له ثمن، والقاف ثمنها ليس كثمن الياء. ومات من دون أن يثبت أنه كتب مرة كنوع من الصدقة أو الزكاة. لا يكتب إلاّ إذا قبض سلفًا، أما الوعود بالدفع، فيقابلها بوعود بالكتابة لا أقل ولا أكثر.
صادق جليل العياث الذي كان يحاول اختراع قنبلة من نوع غير مألوف، تبيد الملايين وتجلب له الثروات الطائلة، فانفجر ما كان يحاول اختراعه، وحوّله قطعًا صغيرة من اللحم لا تُرى إلاّ تحت مجهر.
صادق دلال العضاض التي كانت حياتها عواصف متتالية من الفضائح، فقد اتهمت يومًا بإغراء الزوجات الشريفات بتأجير أجسادهن، واتهمت في يوم آخر بإنشاء شبكة دعارة سرية تضم طالبات ما زلن على مقاعد الدراسة، فنجت من كل اتهام، وحافظت على رأسها مرفوعًا وسمعتها عطرة، وظلت سلعها لا تُنافس وتحظى بالرواج والإعجاب والاحترام. وعندما ماتت ذرفت العيون الدموع السخية، وعوملت ذكراها باحترام وخشوع كأنّها رابعة العدوية.
وتطوع هؤلاء الأصدقاء السبعة بأن يعملوا لدى عزمي الصفاد مستشارين بغير راتب، فرحب بتطوعهم. وكانت نصيحتهم الأولى له هي أن زمان جلوسه في المقابر آن له أن ينتهي حتى لا ينظر إليه على أنه غريب الأطوار، ويروّج لشائعات تشكك في سلامة قواه العقلية. وعندما همَّ بالاعتراض والتحدث عن وفائه لأصدقائه، أخبروه أنهم سيرافقونه أينما كان.
وهكذا خرج عزمي الصفاد إلى ساحات الحياة اليومية مزودًا بسبعة مستشارين ذوي كفاءة وخبرة ونضج ودهاء، فوثب من نجاح إلى نجاح حتى صار الرجل الأول في بلده مالاً ونفوذًا وجاهًا، يأمر فيطاع. وكان أول أمر من أوامره يحظر الجلوس في المقابر .
وأتاح له جلوسه الدائم في المقبرة اكتساب ثقة الموتى المدفونين في تلك المقبرة ومودتهم واحترامهم، ولكنه لم يصادق إلاّ المرموقين لاعتقاده أنّ من يعاشر الفقراء ينتقل إليه قملهم.
صادق حمزة الركبة الذي كان مديرًا لبنك، ومات في السجن بعد أن ثبت أنّه اختلس الملايين، ولم يعثر على الملايين المنهوبة، فنال احترام السجناء والسجانين حتى آخر رمق في حياته.
صادق رشيد نصر الذي يملك بيوتًا ودكاكين وأراضي بعدد شعر رأسه، ولم يكن أصلع بل كان كثيف الشعر. واشتهر بحبه للزواج، يطلق ويتزوج ويطلق ويتزوج، والنساء أكثر من رمال الصحاري، والعمر قصير، والسرعة مطلوبة إذا كانت الغاية الاستيلاء على كل النساء بالحلال.
صادق كريم المقل الذي تبوأ الكثير من المناصب المهمة، وآخر منصب له هو وزير للمالية، فشاع في عهده الزعم بأن الوزير مختلف عن كل الناس قاطبة، فبزته ذات جيوب لا نهاية لها سرية وعلنية، والجيوب السرية مهما امتلأت، فستظل جيوب أخرى فارغة تطالب بإلحاح أن تمتلئ كغيرها من الجيوب المحظوظة. وعندما توفي بالسكتة القلبية المفاجئة، نُكست الأعلام، وعُدَّ شهيدًا من شهداء الوطن ودعامة من دعائمه الاقتصادية انهارت ولا تعوض.
صادق نذير البهلول الذي كان يقتل الناس بسهولة كأن الدم مجرد ماء، ولكنه لاقى مصرعه في مشاجرة تافهة، فقيل آنذاك القول الذي شاع وانتشر، وهو أن الذبابة تدمي مقلة الأسد.
صادق عميد الحلو الذي كان كاتبًا مشهورًا، وزع على الوجهاء والأعيان وذوي النفوذ قائمة بأسعار مدائحه وأهاجيه لا تقبل المناقشة والمفاوضة والمساومة، فكل حرف له ثمن، والقاف ثمنها ليس كثمن الياء. ومات من دون أن يثبت أنه كتب مرة كنوع من الصدقة أو الزكاة. لا يكتب إلاّ إذا قبض سلفًا، أما الوعود بالدفع، فيقابلها بوعود بالكتابة لا أقل ولا أكثر.
صادق جليل العياث الذي كان يحاول اختراع قنبلة من نوع غير مألوف، تبيد الملايين وتجلب له الثروات الطائلة، فانفجر ما كان يحاول اختراعه، وحوّله قطعًا صغيرة من اللحم لا تُرى إلاّ تحت مجهر.
صادق دلال العضاض التي كانت حياتها عواصف متتالية من الفضائح، فقد اتهمت يومًا بإغراء الزوجات الشريفات بتأجير أجسادهن، واتهمت في يوم آخر بإنشاء شبكة دعارة سرية تضم طالبات ما زلن على مقاعد الدراسة، فنجت من كل اتهام، وحافظت على رأسها مرفوعًا وسمعتها عطرة، وظلت سلعها لا تُنافس وتحظى بالرواج والإعجاب والاحترام. وعندما ماتت ذرفت العيون الدموع السخية، وعوملت ذكراها باحترام وخشوع كأنّها رابعة العدوية.
وتطوع هؤلاء الأصدقاء السبعة بأن يعملوا لدى عزمي الصفاد مستشارين بغير راتب، فرحب بتطوعهم. وكانت نصيحتهم الأولى له هي أن زمان جلوسه في المقابر آن له أن ينتهي حتى لا ينظر إليه على أنه غريب الأطوار، ويروّج لشائعات تشكك في سلامة قواه العقلية. وعندما همَّ بالاعتراض والتحدث عن وفائه لأصدقائه، أخبروه أنهم سيرافقونه أينما كان.
وهكذا خرج عزمي الصفاد إلى ساحات الحياة اليومية مزودًا بسبعة مستشارين ذوي كفاءة وخبرة ونضج ودهاء، فوثب من نجاح إلى نجاح حتى صار الرجل الأول في بلده مالاً ونفوذًا وجاهًا، يأمر فيطاع. وكان أول أمر من أوامره يحظر الجلوس في المقابر .