جعفر الديري - محمود أمين العالِم: الأحزاب القومية استنفذت دورها

كتب – جعفر الديري

قال المفكر اليساري المصري محمود أمين العالِم إن الأحزاب القومية استنفذت دورها، داعيا الأحزاب التقدمية للامساك بالقضية القومية والمشاركة في إحيائها من جديد.
وأكد العالم في حوار مفتوح مع عدد من مثقفي البحرين، الثلثاء 9 مارس/ آذار 2004، في جمعية المنبر الوطني التقدمي في العاصمة المنامة: ليس هناك من مشكلة بين الماركسية وبين الدين، وأحكي لكم عن الحزب الشيوعي في تلك الفترة من أيام شبابنا الذي كان من قياداته الشيخ صفوان الأزهري الذي كان يتكلم وكأنه أحد الأولياء، هذا الى جانب أنه في الأربعينيات كان أقوى حزب من الأحزاب الماركسية هو حزب المشايخ، وأتذكر أنه في منطقة الواحات كان لنا زملاء يصلون ويصومون، حتى أننا بنينا مسجدا في تلك المنطقة أسميناه مسجد «الشيوعيين» فالماركسية ليست ضد الدين، وماركس عندما قال إن الدين أفيون الشعوب كان يقصد بذلك اللعب بعقول الناس والشباب منهم وخصوصا باسم الدين، فالرسول الكريم (ص) يقول «انما أتيت لأتمم مكارم الأخلاق»، فقيمة الدين إذا في روحانيته وأخلاقيته وليس سلطته، وحوارنا مع الاسلاميين مقبول على ألا يمسوا التقدم والبناء الحداثي.
وفي إجابة على سؤال آخر قال العالم: إن الذي احتلنا وسلب أموالنا أيام الاحتلال العسكري هو الذي يحتلنا ويسرقنا اليوم، فأنا مازلت أتذكر أيام طفولتي وكيف كنت أرى الجندي البريطاني وهو يمسك بالشباب المصري ويضربه ويهينه، فهذا التدخل الخارجي عاد علينا وعلى بلادنا العربية بسلبيات كثيرة لم نزل نعاني منها اليوم تحت اسم العولمة التي هي شكل آخر من أشكال الديمقراطية المعلبة وتحت مظلة مد رأسمالي بشع، ويكفي أن هذا التدخل أوقف العملية الماركسية التي بدأت جذورها على أيدي العلماء والمفكرين العرب أمثال: جابر بن حيان والغزالي وابن سينا، وحتى نضالات الشيخ الطهطاوي. ان مصر اليوم مثلا تنفتح على النظام الرأسمالي العالمي، حيث لا بناء حقيقي للمواطن، وكل ذلك محاولة من هذا النظام للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط التي تعتبر أخطر منطقة في العالم، فمن يسيطر عليها يكون قادرا على أداء دور عظيم في بناء الحضارة العالمية.
وبخصوص المحافظة على الخصوصية مع الانفتاح على الشمولية، قال العالم: ان تقبل الانسان العربي لمفهوم العالمية يتناقض مع مفهوم الخصوصية، وذلك يعبر عن حال اليأس التي تشغل أذهان الكثيرين، فلا توجد في الواقع خصوصية عالمية، فالخصوصية ضد الشمولية. فنحن نعيش اليوم مأساة بسبب ابتعادنا عن تاريخنا القديم والمعاصر، والذي تحاول القوى الكبرى اليوم توسيع الفجوة بيننا وبينه، فتاريخنا اليوم يغلب عليه الربح الرأسمالي، الربح الذاتي الذي هو ضد الحضارة، والواقع أن هناك استقطابا رأسماليا من قبل تجار السلاح، الذين يريدون إلغاء خصوصيتنا، والأمر لا يتعلق بوحش واحد فان جميع الدول الأوروبية بدأت بمنافسة هذا الوحش كي نتخلى نحن أصحاب التراث الانساني العظيم عن مصالحنا الذاتية، فاذا قبلنا بهذا الطرح أو أبدينا رغبتنا في التعامل معه فأين نذهب بتاريخ النهضة العربية؟ وكيف باستطاعتنا التواصل مع فكرتها.


الأربعاء 17 مارس 2004م الموافق 21 ذي الحجة 1440هـ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...