عادة المسافات التي تتبناها القراءات المختلفة للنصوص تتخذ مسارات مثالية. فالنص لا يتشكل وفق براديغمات paradigme ثابتة او صورية أو شكلانية تتقصى الدلالات وفق مسالك مذهبية وفلسفية القصد منها التجوال السيميائي والبنيوي في تمفصلات وعلامات او ما يُدعى زخما اشاريا فقط . هو اكثر من ذلك . الافاق التي تنتجها النصوص الولاّدة تدعونا لإعادة النظر في انبعاثها وإنبثاقيتها و تكوينها . ربما التأويل أخد منهجا أدبيا وشعريا بعدما غرق في حمى الخطاب الديني ردحا منة الزمن .. ليُعاد انتشاله عبر منهج curriculum عسير
و بنيوي قاسي لا يحتج بالمفارقات الانسانية . قراءة النصوص تتطلب موضوعية وعقلانية صارمة في عرف البنيويين المحدثين. هي متجاوزة للحضور الهووي الانساني بتعبير فتحي المسكيني .الانسان البنية لا يُعتد به في شطرنج بنيوي تتساقط بيادقه تساقطًا حرا في غوغائية الانتصار السانكروني لعالم مُشّبع ومُثقل بإيقاع مادي متشابك ومعقد جدا. الانسانية وهي تخترق النصوص بحمولاتها الهووية تجعل الدلالات ضرب من السير الذاتية وهو ما لا يتفق مع تاريخانية النصوص باختلافها . كان رائد التفكيكية جاكي دريدا يعتبر” الكتابة نوع من الختان الذاتي ” هي ماسوشية مُبطنة ترتقي الى إتيقا تخليص الذات من هواجسها وهوسها .بما يشبه التطهير الذاتي بتعذيبها ا وفق النموذج اليسوعي المسيحي. لأنها اختراق شجاع لعالم انتاج النصوص. الكتابة هي لعنة مؤبدة . الكتابة تشبه آلهة الانتقام “هيرا HERA التي تأبى ان تشترك معها الاناث الاخريات في زوجها الاله “زيوس “، هي تتفنن في صناعة الاحتفائية والاحتفالية في صورة فيوضات واقعية تتمظهر في الحرب والألعاب والرياضة والأدب والسحر الشعري غير مسموح فيها للإغراء والجاذبية .. صولجان هيرا hera يشبه قلم الكاتب. انه رمز صوت الكتابة التي لا تتأتى إلا داخل أسيجة وحياض النص. التشابك الوثيق بين الاضداد هو ما يفرز قلقا تأويليا وتباعدا مفاهيميا. الفكر البشري جُبل على التضاغط والتصادم النصاني. فعل القراءة والكتابة يعلنان ميلادا خفيا للميتافيزيقا المتجاوزة. الميتافيزيقا غير التقليدية . علينا ان نتذكر ان آخر قلاع الميتافيزيقا كانت فلسفة عمانويل كانط وهو يُرافع عن الأنظومات الماقبل طبيعية .شيء ما في هذا النسيج مسكوت عنه وغير واضح .هو براديغم للنص الغامض . هذا الغموض هو اعلان صمت مريب حول تمتع النصوص بقداسة الميتافيزيقا . . هذه القداسة سرعان ما انقلبت عليها إدعائية المتع النصية . بزوغ فجر اللذة النصية . أن تتلذذ بالنص هو أن تحتفظ بحق المتع العقلية وأنت تمارس التجوال في النصوص كحدائق بابل وهي تزهو بنساء كيشيات كواعب جميلات. النص المُمتع جنة العقل. ربما صدمت البنيوية البارثية عالم الفلسفة الحداثي الذي يؤسس للنزعات العقلانية الطهارية وهي تقدم تأويلا شبقيا بالمعنى الايروسي للنصوص. هذه التواطئية لا تعنى الدلالة الغريزية الحسية للجنسانية التافهة .انها علاقة نص بنص او في قدرته على انتاج نص جديد كما يقول فؤاد صفا وحسين سبحان مترجمان وقارئان لرولان بارث..
النصوص ليست تاريخا دينيا واجتماعيا للذوات هي انخراط في عالم مزيج بين الميثولوجيا والدين والفلسفة والشعر والجمال . تخليصها من أفق الرقابة الابستيمولوجية والتقعيد اللغوي هو نمط حيوي مفاهيمي. اللغة فقدت بريقها الجينيالوجي وهي تتوشح بالنحو التقليدي .اينما يختفي المفهوم تتجلى الدلالة وتقوى شوكة النص وسلطانه الصوفي والفني والعرفاني.
المفاهيم هي سهام الحقيقة هي تنطلق وفق فوضى الرمي الغريزي لتصيب الواقع.. تقرحات الواقع وعذرية الحقيقة هي من تجعل النصوص تتسكع في التاريخ لذا يغدو عمل الجمهور الهيرميونطيقي نوع من الوهم الميتافيزيقي الذي تفرزه مفهمة مؤقتة. لا يمكن تشييع النصوص الى غرفها الأخيرة او تشميعها وإغلاقها نهائيا وإعدامها تفسيريا، لا يمكن الحديث في عالم يضج بالكتابة والرموز عن النص الاخير والكتابة الاخيرة والقاريء الاخير. العماء النصي والمفاهيمي والتأولي للنزعات الحرفية للحراس المتشبثين بعمودية وتعاقبية النصوص يقمعون الحقيقة وهم يلبسونها ثوب النهايات . النصوص تتوق الى البدايات لكنها لا تستطيع بسط سلطها التاريخية على النهايات . هي تنبض بالحياة . النصوص كائنات تملك فرادة نوعية وتتمتع بحس ومناعة اصيلة. كما انها مكان وفضاء فسيح للإبداع وتجنيد النزعات الداخلية لإنتاج و افراز المعنى وكأنه معطى غريزي جنوني للكتابة وهي تستثمر في اللغة . اعلان بزوغ فجر ثقافي جديد وهي معمدة بسلطة القاريء هي نهاية المؤلف وتنصله من سلطه الفوقية والميتافيزيقية . ليتصدر النص عالم الاشارات. النص البارثي هو مللك مبجل في عالم امبراطوري من العلامات والرموز والإشارات.
بنيوية بارث ونزعته الفنية في الامتاع والاستمتاع النصي لا تخلو من اريحية نتشوية. اللغة اللعوب الاغراء اللفظي الذي مارسه نيتشه وهو يهدم قلاع الحداثة الزائفة كانت استلهاما لأي كتابة جديدة حول احتمالية بزوغ فجر ما بعد الاوثان اي عالم عقلاني بريء من تشوهات الحداثة الصنمية التي تؤمن بالآباء المؤسسين للحقيقة . “ النص الاب” انتهى مع نيتشه .. النصوص ليست اوثانا مسيجة بالأقنعة الارثودوكسية. النص كالجسد عند بارث هو تجلي لرغبات ونزعات وسلط ولذات تتلاطم في بحر لا شواطئ له. في قلب كل كلمة تسكن رغبة، يتوارى غول ديونيزوسي شبقى في كل دلالة ترقد آلهة فاتنة جميلة تملك جسد انثى لعوب احيانا مومس تستدعي اشتهاءا جنسانيا يرتد الى ميثولوجيا الليبيدو التي تُغرق النفس البشرية في سلاسلها الابدية . القراءة بالمفهوم البارثي تخليص وخلاص من الكبت الدفين . هذه الانثى “ الالهة “، نصف جسدها موسوم برموز الفتنة والنصف الثاني ينضح بالدلالات الاختلاجية . المتعة هي ما يجعل القارئ والكاتب متجانسين في بعدهما التحليلي. أن يكون هذا الاخير حاضرا في خيال القراء وقابليتهم للسياحة في عقله وفكره . بل في جغرافيا منطقه وحضوره الغائب كأنها اختراق انطو لوجي مُحمل بسميائية جذابة.
“إنني أولي اهتمامي للغة لانه تجرحني او تفتنني . ولعل في هذا شبقية طبقية . ولكن اية طبقة ؟اهي البورجوازية ؟انها لاتتذوق اللغة ولا ترى فيها الا عنصرا من عناصر فن العيش “ موت “ الادب الفحل” 1 .
النص هو شبكة من الصور التي تضج بالحياة هو نمط لتنامي غريزة الحياة، شريان تواصل بين الانا والانت .خطاب غامض . تتبدى فيه صراعات اللبيدو وهو يقاوم فكرة الموت.النصوص تتكرر عبر جدلية تأويلية مستمرة . لتبعث مُتعا في جمهور القراء.
هذه الكتابات الشذرية لبارث . و كأنها تجميع لعقد مفقود انفرطت لآلئه في فُسح النص الرغائبي “ النص الجسد”.
بارث وهو يسافر بالكتابة من لهيب الجنسانية والايروسية الى درجة الصقيع والبروردة . النصوص الباردة ليست إلا ركاما لحالة من التناقض اللاواعي في النفس.
بارث فيلسوف العبور البنيوي بين ضفتين حداثيتين . ما اقنع به بارث الفلسفة الغربية الفرنسية بتجاوز غوغائية عالم الرموز وكبوة الغة كأفق للتواصل لم يقدر عليه نيتشه وهو ينشر تعاليمه المجنونة.
الغريب الذي نحتته الاقدار لرولان بارث ان غذاءه الاخير كان بمعية الفيلسوف الذكي ميشال فوكو وزعيم المعارضة اليسارية فرنسوا ميتران الذي تم انتخابه رئيسا فيما بعد . نقلا عن كتاب فيليب ثودي والان كورس “ سيرة بارث” . بعد خروجه صدمته سيارة تنظيف لتقتله امام استغراب الجميع يوم 26 مارس 1980.
موت هذا الفيلسوف الذي كانت كتاباته انتقادات لأطروحات اليمين فضلا عن نشاطه السياسي كان يخفي حياة مزدانة بتناقضات اجتماعية وشخصانية. فقد اصيب بحالة إحباط و كآبة بعد موت والدته. ” هنييريتا.” بارث بعد ان تحول الى عالم الكتابة الفلسفية طلّق الانساق وعاب على الفلاسفة معضلة تشبتهم بالنموذج . وانزوى فكريا في كتابات شذرية.تشبه سيرا ذاتية غامضة لفلاسفة ثاروا على العقود السكونية للحداثة. شيء ما كان سببا في هذا التحول .يدعونا للتساؤل غير البريء :
هل كان رولان بارث مثليا ؟
لم تكن للجنسانية ان تكشف عن مثليتها وميولها الجنسية في الثقافة الغربية إلا في ذلك الحضور الكثيف لثقافة الاستحواذ على الجسد والاستثمار الرغائبي فيه دون وازع او ارادة قهرية. ربما المثلية او الشذوذ بالمفهوم الادبي والاخلاقي المبتذل كما تتناوله الثقافة العربية الاسلامية. المثلية كسلوك هي جحيم لا ديني في كل الثقافات القداسية . يكفي أن تنهي حضور شخص ما باتهامه بالجندرية الجديدة . الجنسانية المثلية هي إنفلات ديونيزوسي وشجاعة و مراس لا مثيل له في الفهم والثقافة المغايرة او نموذج لتحرر قيمي اثيني تقليدي يستمد جذوره من ادب الغلمان الروماني والاغريقي.. قبل ميشال فوكو المثلي الذي انتهى منظرا للجنسانية . كان رولان بارث ايضا مثليا لم يفصح عن مثليته إلا في مقالات قصيرة في كتابه “ الغرفة المضيئة” . لكن الذين يمارسون لعبة الحفر المعرفي الاركيولوجي للنصوص . يكتشفون مبكرا ان كتابه الدائع الصيت “ لذة النص” هو ولوج غرائبي لجنسانية نصية.حين تتحول القراءة والدلالة والرمزية الى متع دفينة في قعر اللاوعي الانساني “ اي النص يحمل متعا خفية شبيهة بنوازع الشبقية الغريزية مع فارق هو المنطق والعقل”. قد يطول التحليل لكن . السؤال المهم ما الذي يجعل الثقافة الغربية عبر مركزيتها العابرة للحضارات تحترم وتبجل مفكرين وتتجاوز عن سقطاتهم الخصوصية ليصبح فكرهم منارا بل رافدا في نزعاتها الثورية؟ في جامعات كالكوليج دي فرانس ادبيات رولان بارث مقاييس ضرورية جامعية وجبرية للحاق بمستويات عليا.. الايروسية التي نبه لها زرادشت وتوسع فيها نيتشه وهو يهشم بمعوله الفلسفي دورة العود الابدي. فضحت الغرب لكن لم تنل من كرامته الحضارية. فكر رولان بارث وفكر فوكو ضروريان لفهم فسيفساء النصوص..بل البنيوية كمنهج علامة فكرية حاضرة ونوعية في الادب والفلسفة كحضور علامة المرسيدس في عالم السيارات .. الغريب ان في ثقافتنا نجهز على المفكر والمثقف فقط وفقط لميوله الايديولوجية والسياسية او حتى اختياره الثقافي؟ اما اذا اعلن عن مثليته فستعلن الثقافة الشاقورية والتأففية والطهارية؟ الطهارة والرعوية هي سلوك انتقائي لا يجعلنا نفهم كيف يفكر غيرنا. هي كسل ونموذج مقزز لظهور ياسوعية جديدة.صباح الربح والمسرات ايها الفلاسفة.
المراجع
رولا بارث لذة النص ترجمة فؤا صفا والحسين سبحان. ص 43 دار توبقال للنشر.
جوناثان كولر “رولان بارث” مقدمة قصيرة جدا .ترجمة سميرسماح فرج مؤسسة هنداوي.
couua.com
و بنيوي قاسي لا يحتج بالمفارقات الانسانية . قراءة النصوص تتطلب موضوعية وعقلانية صارمة في عرف البنيويين المحدثين. هي متجاوزة للحضور الهووي الانساني بتعبير فتحي المسكيني .الانسان البنية لا يُعتد به في شطرنج بنيوي تتساقط بيادقه تساقطًا حرا في غوغائية الانتصار السانكروني لعالم مُشّبع ومُثقل بإيقاع مادي متشابك ومعقد جدا. الانسانية وهي تخترق النصوص بحمولاتها الهووية تجعل الدلالات ضرب من السير الذاتية وهو ما لا يتفق مع تاريخانية النصوص باختلافها . كان رائد التفكيكية جاكي دريدا يعتبر” الكتابة نوع من الختان الذاتي ” هي ماسوشية مُبطنة ترتقي الى إتيقا تخليص الذات من هواجسها وهوسها .بما يشبه التطهير الذاتي بتعذيبها ا وفق النموذج اليسوعي المسيحي. لأنها اختراق شجاع لعالم انتاج النصوص. الكتابة هي لعنة مؤبدة . الكتابة تشبه آلهة الانتقام “هيرا HERA التي تأبى ان تشترك معها الاناث الاخريات في زوجها الاله “زيوس “، هي تتفنن في صناعة الاحتفائية والاحتفالية في صورة فيوضات واقعية تتمظهر في الحرب والألعاب والرياضة والأدب والسحر الشعري غير مسموح فيها للإغراء والجاذبية .. صولجان هيرا hera يشبه قلم الكاتب. انه رمز صوت الكتابة التي لا تتأتى إلا داخل أسيجة وحياض النص. التشابك الوثيق بين الاضداد هو ما يفرز قلقا تأويليا وتباعدا مفاهيميا. الفكر البشري جُبل على التضاغط والتصادم النصاني. فعل القراءة والكتابة يعلنان ميلادا خفيا للميتافيزيقا المتجاوزة. الميتافيزيقا غير التقليدية . علينا ان نتذكر ان آخر قلاع الميتافيزيقا كانت فلسفة عمانويل كانط وهو يُرافع عن الأنظومات الماقبل طبيعية .شيء ما في هذا النسيج مسكوت عنه وغير واضح .هو براديغم للنص الغامض . هذا الغموض هو اعلان صمت مريب حول تمتع النصوص بقداسة الميتافيزيقا . . هذه القداسة سرعان ما انقلبت عليها إدعائية المتع النصية . بزوغ فجر اللذة النصية . أن تتلذذ بالنص هو أن تحتفظ بحق المتع العقلية وأنت تمارس التجوال في النصوص كحدائق بابل وهي تزهو بنساء كيشيات كواعب جميلات. النص المُمتع جنة العقل. ربما صدمت البنيوية البارثية عالم الفلسفة الحداثي الذي يؤسس للنزعات العقلانية الطهارية وهي تقدم تأويلا شبقيا بالمعنى الايروسي للنصوص. هذه التواطئية لا تعنى الدلالة الغريزية الحسية للجنسانية التافهة .انها علاقة نص بنص او في قدرته على انتاج نص جديد كما يقول فؤاد صفا وحسين سبحان مترجمان وقارئان لرولان بارث..
النصوص ليست تاريخا دينيا واجتماعيا للذوات هي انخراط في عالم مزيج بين الميثولوجيا والدين والفلسفة والشعر والجمال . تخليصها من أفق الرقابة الابستيمولوجية والتقعيد اللغوي هو نمط حيوي مفاهيمي. اللغة فقدت بريقها الجينيالوجي وهي تتوشح بالنحو التقليدي .اينما يختفي المفهوم تتجلى الدلالة وتقوى شوكة النص وسلطانه الصوفي والفني والعرفاني.
المفاهيم هي سهام الحقيقة هي تنطلق وفق فوضى الرمي الغريزي لتصيب الواقع.. تقرحات الواقع وعذرية الحقيقة هي من تجعل النصوص تتسكع في التاريخ لذا يغدو عمل الجمهور الهيرميونطيقي نوع من الوهم الميتافيزيقي الذي تفرزه مفهمة مؤقتة. لا يمكن تشييع النصوص الى غرفها الأخيرة او تشميعها وإغلاقها نهائيا وإعدامها تفسيريا، لا يمكن الحديث في عالم يضج بالكتابة والرموز عن النص الاخير والكتابة الاخيرة والقاريء الاخير. العماء النصي والمفاهيمي والتأولي للنزعات الحرفية للحراس المتشبثين بعمودية وتعاقبية النصوص يقمعون الحقيقة وهم يلبسونها ثوب النهايات . النصوص تتوق الى البدايات لكنها لا تستطيع بسط سلطها التاريخية على النهايات . هي تنبض بالحياة . النصوص كائنات تملك فرادة نوعية وتتمتع بحس ومناعة اصيلة. كما انها مكان وفضاء فسيح للإبداع وتجنيد النزعات الداخلية لإنتاج و افراز المعنى وكأنه معطى غريزي جنوني للكتابة وهي تستثمر في اللغة . اعلان بزوغ فجر ثقافي جديد وهي معمدة بسلطة القاريء هي نهاية المؤلف وتنصله من سلطه الفوقية والميتافيزيقية . ليتصدر النص عالم الاشارات. النص البارثي هو مللك مبجل في عالم امبراطوري من العلامات والرموز والإشارات.
بنيوية بارث ونزعته الفنية في الامتاع والاستمتاع النصي لا تخلو من اريحية نتشوية. اللغة اللعوب الاغراء اللفظي الذي مارسه نيتشه وهو يهدم قلاع الحداثة الزائفة كانت استلهاما لأي كتابة جديدة حول احتمالية بزوغ فجر ما بعد الاوثان اي عالم عقلاني بريء من تشوهات الحداثة الصنمية التي تؤمن بالآباء المؤسسين للحقيقة . “ النص الاب” انتهى مع نيتشه .. النصوص ليست اوثانا مسيجة بالأقنعة الارثودوكسية. النص كالجسد عند بارث هو تجلي لرغبات ونزعات وسلط ولذات تتلاطم في بحر لا شواطئ له. في قلب كل كلمة تسكن رغبة، يتوارى غول ديونيزوسي شبقى في كل دلالة ترقد آلهة فاتنة جميلة تملك جسد انثى لعوب احيانا مومس تستدعي اشتهاءا جنسانيا يرتد الى ميثولوجيا الليبيدو التي تُغرق النفس البشرية في سلاسلها الابدية . القراءة بالمفهوم البارثي تخليص وخلاص من الكبت الدفين . هذه الانثى “ الالهة “، نصف جسدها موسوم برموز الفتنة والنصف الثاني ينضح بالدلالات الاختلاجية . المتعة هي ما يجعل القارئ والكاتب متجانسين في بعدهما التحليلي. أن يكون هذا الاخير حاضرا في خيال القراء وقابليتهم للسياحة في عقله وفكره . بل في جغرافيا منطقه وحضوره الغائب كأنها اختراق انطو لوجي مُحمل بسميائية جذابة.
“إنني أولي اهتمامي للغة لانه تجرحني او تفتنني . ولعل في هذا شبقية طبقية . ولكن اية طبقة ؟اهي البورجوازية ؟انها لاتتذوق اللغة ولا ترى فيها الا عنصرا من عناصر فن العيش “ موت “ الادب الفحل” 1 .
النص هو شبكة من الصور التي تضج بالحياة هو نمط لتنامي غريزة الحياة، شريان تواصل بين الانا والانت .خطاب غامض . تتبدى فيه صراعات اللبيدو وهو يقاوم فكرة الموت.النصوص تتكرر عبر جدلية تأويلية مستمرة . لتبعث مُتعا في جمهور القراء.
هذه الكتابات الشذرية لبارث . و كأنها تجميع لعقد مفقود انفرطت لآلئه في فُسح النص الرغائبي “ النص الجسد”.
بارث وهو يسافر بالكتابة من لهيب الجنسانية والايروسية الى درجة الصقيع والبروردة . النصوص الباردة ليست إلا ركاما لحالة من التناقض اللاواعي في النفس.
بارث فيلسوف العبور البنيوي بين ضفتين حداثيتين . ما اقنع به بارث الفلسفة الغربية الفرنسية بتجاوز غوغائية عالم الرموز وكبوة الغة كأفق للتواصل لم يقدر عليه نيتشه وهو ينشر تعاليمه المجنونة.
الغريب الذي نحتته الاقدار لرولان بارث ان غذاءه الاخير كان بمعية الفيلسوف الذكي ميشال فوكو وزعيم المعارضة اليسارية فرنسوا ميتران الذي تم انتخابه رئيسا فيما بعد . نقلا عن كتاب فيليب ثودي والان كورس “ سيرة بارث” . بعد خروجه صدمته سيارة تنظيف لتقتله امام استغراب الجميع يوم 26 مارس 1980.
موت هذا الفيلسوف الذي كانت كتاباته انتقادات لأطروحات اليمين فضلا عن نشاطه السياسي كان يخفي حياة مزدانة بتناقضات اجتماعية وشخصانية. فقد اصيب بحالة إحباط و كآبة بعد موت والدته. ” هنييريتا.” بارث بعد ان تحول الى عالم الكتابة الفلسفية طلّق الانساق وعاب على الفلاسفة معضلة تشبتهم بالنموذج . وانزوى فكريا في كتابات شذرية.تشبه سيرا ذاتية غامضة لفلاسفة ثاروا على العقود السكونية للحداثة. شيء ما كان سببا في هذا التحول .يدعونا للتساؤل غير البريء :
هل كان رولان بارث مثليا ؟
لم تكن للجنسانية ان تكشف عن مثليتها وميولها الجنسية في الثقافة الغربية إلا في ذلك الحضور الكثيف لثقافة الاستحواذ على الجسد والاستثمار الرغائبي فيه دون وازع او ارادة قهرية. ربما المثلية او الشذوذ بالمفهوم الادبي والاخلاقي المبتذل كما تتناوله الثقافة العربية الاسلامية. المثلية كسلوك هي جحيم لا ديني في كل الثقافات القداسية . يكفي أن تنهي حضور شخص ما باتهامه بالجندرية الجديدة . الجنسانية المثلية هي إنفلات ديونيزوسي وشجاعة و مراس لا مثيل له في الفهم والثقافة المغايرة او نموذج لتحرر قيمي اثيني تقليدي يستمد جذوره من ادب الغلمان الروماني والاغريقي.. قبل ميشال فوكو المثلي الذي انتهى منظرا للجنسانية . كان رولان بارث ايضا مثليا لم يفصح عن مثليته إلا في مقالات قصيرة في كتابه “ الغرفة المضيئة” . لكن الذين يمارسون لعبة الحفر المعرفي الاركيولوجي للنصوص . يكتشفون مبكرا ان كتابه الدائع الصيت “ لذة النص” هو ولوج غرائبي لجنسانية نصية.حين تتحول القراءة والدلالة والرمزية الى متع دفينة في قعر اللاوعي الانساني “ اي النص يحمل متعا خفية شبيهة بنوازع الشبقية الغريزية مع فارق هو المنطق والعقل”. قد يطول التحليل لكن . السؤال المهم ما الذي يجعل الثقافة الغربية عبر مركزيتها العابرة للحضارات تحترم وتبجل مفكرين وتتجاوز عن سقطاتهم الخصوصية ليصبح فكرهم منارا بل رافدا في نزعاتها الثورية؟ في جامعات كالكوليج دي فرانس ادبيات رولان بارث مقاييس ضرورية جامعية وجبرية للحاق بمستويات عليا.. الايروسية التي نبه لها زرادشت وتوسع فيها نيتشه وهو يهشم بمعوله الفلسفي دورة العود الابدي. فضحت الغرب لكن لم تنل من كرامته الحضارية. فكر رولان بارث وفكر فوكو ضروريان لفهم فسيفساء النصوص..بل البنيوية كمنهج علامة فكرية حاضرة ونوعية في الادب والفلسفة كحضور علامة المرسيدس في عالم السيارات .. الغريب ان في ثقافتنا نجهز على المفكر والمثقف فقط وفقط لميوله الايديولوجية والسياسية او حتى اختياره الثقافي؟ اما اذا اعلن عن مثليته فستعلن الثقافة الشاقورية والتأففية والطهارية؟ الطهارة والرعوية هي سلوك انتقائي لا يجعلنا نفهم كيف يفكر غيرنا. هي كسل ونموذج مقزز لظهور ياسوعية جديدة.صباح الربح والمسرات ايها الفلاسفة.
المراجع
رولا بارث لذة النص ترجمة فؤا صفا والحسين سبحان. ص 43 دار توبقال للنشر.
جوناثان كولر “رولان بارث” مقدمة قصيرة جدا .ترجمة سميرسماح فرج مؤسسة هنداوي.
غرائبية النص الايروسي: المتعة الجنسانية في القراءات النصية ميلاد النص الايروسي – رولان بارث نموذجا - كوة - couua
محمد بصري القنادسة بشار الجزائر عادة المسافات التي تتبناها القراءات المختلفة للنصوص تتخذ مسار