كان الفتى قادما من بعيد وقد أصابه من طول الطريق شيء من الإرهاق والتعب وبدأ يداعب عيونه الكرى
وعلى مشارف خور عفونه في ذلك المكان المعبأ برائحة الخوف المليء بالخيالات والرؤى المفزعه ذلك المكان الزاخر بتهويمات الجن وهمس العفاريت وقف الفتى بحماره وقد ألجمه الهلع فلطالما سمع عن هذا المكان وما يموج به وفيه من الارواح وكم من قصة سمعها كاد فيها الأبالسة بعض المارة والعابرين وهاهو ذا حماره اليوم لا "يحرن "به إلا فيه ثم لم يلبث أن بدأ الهلع ينجلي شيئا فشيئا حينما بدأت تلوح أمام ناظريه بعض هالات الضوء الخافت تحل محل الظلام فيزول من الظلام بقدر ما ينداح من الضوء ثم ما لبث الفتى أن بدأ يستمريء ما يصل إلى أذنيه من أصوات تأتي من بعيدخافتة هامسه ثم جاهرة حذرة حينا وجاهرة في قوة وعنف أحيانا ما هذا أنائم أنا أم يقظان أحالم أنا أم أنا في قلب الحقيقة أري واسمع
هذه " عساكرنا" في جلبابها الأسود الطويل الفضفاض وقد لفت حول عنقها وكتفيها شالا أبيض بزواق أبيض من حرير ها هي ذي هي نفسها منذ زمان حينما كانت يؤتى بها لإحياء ليالي الأفراح في قريته رآها في عرس " ود ابراهيم" كما رآها في عرس " عبد اللطيف "وهي هي بلحمها وشحمها "عساكرنا " التي شهد "محمد عثمان "يجلب دليبها الضخم على حماره الأسود " المكجول" لإحياء ليلالي عرسه ولقد هرب يومها ممن كان يقيم معهم في القرية القريبه لحضور ذلك الحفل الكبير وإنه ليرآها الآن تضرب على ذلك الدليب الضخم بعصاتين تمسك إحداهما بيدها الشمال وتمسك الأخرى بيدها اليمين وتصيح بصوت إن لم يكن مطربا فقد كان عاليا قويا يسمع النائي والقريب:
" عساكرنا يجو ويجو ويا عساكرنا يجو ويجواا" إنها نفس الأغنية التي طالما سمعها وإنه ليرى في نشوته بترجيع الدليب والموسيقى الصاخبة من صوته وصوت الصفقه في تكرار مطرب رتيب يرى إدريس وقد ركع على ركبتيه يصلح إحدى " الرتاين " وقد خبا ضوؤها وفي ركني المكان الفسيح
أخريان تبعثان ضوءا مشعا قويا ويرى " الطاهر " يعالج اوتار طمبوره ويتقافز مع أغنية قديمه ومن حوله عدد من الصفاقين يثيرون الغبار بضربات أرجلهم . إنها حفله .. حفلة مكتملة الأركان كل شيء فيها على ما كان يعهد ويعرف لقد اندمج في جو الحفلة حتى أوشك أن يغيب عن وعيه تماما كما كان يفعل قبل ذلك في عرس " ود بكري " أو عرس " عبد العاطي"
ولكن شيئا ما كان يبعث الفتى على التساؤل: ألا يمكن أن يكون هذا هو عينه ما حدث لعبد الوهاب ! ألم يقف مرة في هذا المكان ثم انتبه وهو معلق بالبردعة في الهواء وقد ذهب السرج وذهب الحمار؟
أليس هذا هو عينه ما ..وفجأة يحس الفتى بصفعة قوية على خده الأيسر ويفتح عينيه في رعب وذهول ليشهد الدم يتهمر غزيرا على ثيابه إنه الشيطان إذن وإنها الشياطين هي التي صنعت له هذه الحفلة وهي التي صنعت به هذا الصنيع! لقد فقأ الشيطان الليمونه التي كانت تتكور على وجهه
خلع الفتى عمامته ولفها على وجهه فأوقف تدفق الدماء النازفة من الليمونه
الحمد لله لقد نفعه شيطان عفونه فلن يعيره بعد اليوم أقرانه بقولهم " أبو ليمونه"
وأدار حماره إلى الطريق ومضى وهو يتمتم : " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم اعوذ بالله من الشيطان الرجيم"
وعلى مشارف خور عفونه في ذلك المكان المعبأ برائحة الخوف المليء بالخيالات والرؤى المفزعه ذلك المكان الزاخر بتهويمات الجن وهمس العفاريت وقف الفتى بحماره وقد ألجمه الهلع فلطالما سمع عن هذا المكان وما يموج به وفيه من الارواح وكم من قصة سمعها كاد فيها الأبالسة بعض المارة والعابرين وهاهو ذا حماره اليوم لا "يحرن "به إلا فيه ثم لم يلبث أن بدأ الهلع ينجلي شيئا فشيئا حينما بدأت تلوح أمام ناظريه بعض هالات الضوء الخافت تحل محل الظلام فيزول من الظلام بقدر ما ينداح من الضوء ثم ما لبث الفتى أن بدأ يستمريء ما يصل إلى أذنيه من أصوات تأتي من بعيدخافتة هامسه ثم جاهرة حذرة حينا وجاهرة في قوة وعنف أحيانا ما هذا أنائم أنا أم يقظان أحالم أنا أم أنا في قلب الحقيقة أري واسمع
هذه " عساكرنا" في جلبابها الأسود الطويل الفضفاض وقد لفت حول عنقها وكتفيها شالا أبيض بزواق أبيض من حرير ها هي ذي هي نفسها منذ زمان حينما كانت يؤتى بها لإحياء ليالي الأفراح في قريته رآها في عرس " ود ابراهيم" كما رآها في عرس " عبد اللطيف "وهي هي بلحمها وشحمها "عساكرنا " التي شهد "محمد عثمان "يجلب دليبها الضخم على حماره الأسود " المكجول" لإحياء ليلالي عرسه ولقد هرب يومها ممن كان يقيم معهم في القرية القريبه لحضور ذلك الحفل الكبير وإنه ليرآها الآن تضرب على ذلك الدليب الضخم بعصاتين تمسك إحداهما بيدها الشمال وتمسك الأخرى بيدها اليمين وتصيح بصوت إن لم يكن مطربا فقد كان عاليا قويا يسمع النائي والقريب:
" عساكرنا يجو ويجو ويا عساكرنا يجو ويجواا" إنها نفس الأغنية التي طالما سمعها وإنه ليرى في نشوته بترجيع الدليب والموسيقى الصاخبة من صوته وصوت الصفقه في تكرار مطرب رتيب يرى إدريس وقد ركع على ركبتيه يصلح إحدى " الرتاين " وقد خبا ضوؤها وفي ركني المكان الفسيح
أخريان تبعثان ضوءا مشعا قويا ويرى " الطاهر " يعالج اوتار طمبوره ويتقافز مع أغنية قديمه ومن حوله عدد من الصفاقين يثيرون الغبار بضربات أرجلهم . إنها حفله .. حفلة مكتملة الأركان كل شيء فيها على ما كان يعهد ويعرف لقد اندمج في جو الحفلة حتى أوشك أن يغيب عن وعيه تماما كما كان يفعل قبل ذلك في عرس " ود بكري " أو عرس " عبد العاطي"
ولكن شيئا ما كان يبعث الفتى على التساؤل: ألا يمكن أن يكون هذا هو عينه ما حدث لعبد الوهاب ! ألم يقف مرة في هذا المكان ثم انتبه وهو معلق بالبردعة في الهواء وقد ذهب السرج وذهب الحمار؟
أليس هذا هو عينه ما ..وفجأة يحس الفتى بصفعة قوية على خده الأيسر ويفتح عينيه في رعب وذهول ليشهد الدم يتهمر غزيرا على ثيابه إنه الشيطان إذن وإنها الشياطين هي التي صنعت له هذه الحفلة وهي التي صنعت به هذا الصنيع! لقد فقأ الشيطان الليمونه التي كانت تتكور على وجهه
خلع الفتى عمامته ولفها على وجهه فأوقف تدفق الدماء النازفة من الليمونه
الحمد لله لقد نفعه شيطان عفونه فلن يعيره بعد اليوم أقرانه بقولهم " أبو ليمونه"
وأدار حماره إلى الطريق ومضى وهو يتمتم : " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم اعوذ بالله من الشيطان الرجيم"