كان الأستاذ قد اِنتهى من شرح الفقرة الأولى التي تدور حول الأسباب غير المُباشرة للحرب العالمية الثانية، واستدار نحو السّبُّورة لكي يكتب مُلخص هذه الفقرة، وبِمُجرّْد ما استدار أمسك مصطفى بقلمه، وعلى الورقة التي أمامه بدأ هو كذلك بالكتابة، وكان قد فكّر طيلة جزء من الليل فيما سيكتبه، لذلك اِنساب قلمه على الورقة بكل سهولة، وطيلة الوقت الذي كان الأستاذ يخطّ أسباب الحرب غير المُباشرة، كان مصطفى يَبُث حُبّه إلى سميرة بعبارات اختارها بعناية، وانتهى الأستاذ من الكتابة واستدار نحو التلاميذ ليشرح هذه المرة السبب المباشر للحرب، وتوقف مصطفى بدوره عن الكتابة وتظاهر بالاِنتباه لما يقوله الأستاذ، بينما كان يفَكّر بالطّريقة التي سَيُنْهي بها رِسالته الغرامية. وما إن عاد الأستاذ إلى الكتابة حتى عاد مصطفى كذلك وختم رسالته بعبارات رقيقة رومانسية، وطواها حتّى صغُرَ حجمها، ثم لمس كتف التلميذ الذي أمامه وأعطاه الورقة وهمس له: سميرة، وبدون تردد أمسك التلميذ الورقة ومدّها للتلميذة التي أمامه وهمس بدوره: سميرة، فمدّتها بدورها إلى سميرة التي تجلس أمامها ٠ وبدأ الأستاذ في شرح مسار المعارك فتظاهرت سميرة بالاهتمام بينما هي تسترق النظر مرة مرة إلى الرسالة الغرامية، والسعادة تغمرها، حتّى أتمت قِراءتها، وبنفس الطَّريقة ردّت عليه وبنفس الطريقة تَمّ اِيصال الرَّد إلى مصطفى، وبنفس الطريقة قرأه .
وحين كان الأستاذ يختم الدّرس بالحديث عن الملايين من ضحايا هذه الحرب الكارثية، كان مصطفى وسميرة يتظاهران بالمتابعة، وبين الحين والحين يسترقان النظر إلى بعضهما ويتبادلان الاِبتسامة .
وحين كان الأستاذ يختم الدّرس بالحديث عن الملايين من ضحايا هذه الحرب الكارثية، كان مصطفى وسميرة يتظاهران بالمتابعة، وبين الحين والحين يسترقان النظر إلى بعضهما ويتبادلان الاِبتسامة .